logo
العربية في الرياض: رمزية الحدث وأبعاد التحول

العربية في الرياض: رمزية الحدث وأبعاد التحول

الوطنمنذ 6 أيام
عندما تتخذ منظومة إعلامية كبرى بحجم «قناة العربية» قرارًا إستراتيجيًا بنقل عملياتها التحريرية والتشغيلية والإدارية بالكامل إلى العاصمة الرياض، فإنها لا تغيّر موقعًا جغرافيًا فحسب، بل تعيد ترسيم خريطة التأثير الإعلامي في المنطقة. فهذه القناة التي أثبتت حضورها على مدى سنوات في تشكيل الرأي العام، لم تكن مجرد ناقل للأحداث، بل كانت في أحيان كثيرة جزءًا من صناعتها. واختيارها اليوم التموضع في قلب العاصمة السعودية، هو تموضع في صميم القرار السياسي والاقتصادي العربي، وإشارة بالغة الدلالة إلى أن الرياض باتت المركز الأهم لصناعة الحدث لا متابعته فقط.
وفي ضوء هذه النقلة، يمكن القول إن المملكة العربية السعودية تواصل تعزيز مكانتها كمركز محوري في المعادلة الإعلامية والسياسية والاقتصادية الإقليمية. وهذا ما عبّر عنه معالي وزير الإعلام الأستاذ سلمان الدوسري حين قال إن الانتقال «ليس مجرد نقل مكان، بل انتقال إلى قلب الحدث السياسي والاقتصادي». فالبنية التحتية المتطورة التي تحتضنها الرياض، إلى جانب البيئة التشريعية الحديثة، جعلتا منها وجهة طبيعية لمؤسسات الإعلام العالمية.
بيئة تشريعية تصنع التحول
من المهم التأكيد أن هذا الحراك الإعلامي لم يأتِ من فراغ، بل تأسّس على بيئة قانونية وتنظيمية شهدت تحولات نوعية خلال العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – حيث أصبحت الأنظمة والتشريعات عامل جذب فاعل، ومحركًا رئيسًا في اتخاذ مثل هذه القرارات.
فنظام الإعلام الجديد الذي أُقر مؤخرًا، وما سبقه من حزمة تشريعات وتعديلات، أسهمت في تنظيم الصناعة وتطويرها، وتحفيز اقتصادها، وتعزيز المحتوى المحلي، مع احترام القيم السعودية، وتكريس مبادئ الشفافية والمساءلة. لقد شكّل هذا النظام إطارًا قانونيًا متكاملًا لتمكين القطاع الإعلامي، وتعزيز قدرته على المنافسة إقليميًا وعالميًا.
كما أن تعديلات الأنظمة ذات الصلة بحرية الاستثمار الأجنبي، والملكية، والمناطق الإعلامية الحرة، لعبت دورًا كبيرًا في جذب الشركات العالمية لنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة، خاصة مع ما صاحب ذلك من تسهيلات كبيرة في إجراءات التراخيص، وتقليل البيروقراطية، وتمكين الكفاءات المحلية.
هذه الخطوة المفصلية ستُحدث بلا شك تحوّلًا في خارطة الإعلام العربي، وستفتح فصلًا جديدًا في مسيرة قناة العربية، بما تمتلكه من مصداقية ومهنية. فمكاتبها الجديدة في الرياض تحتوي على أستوديوهات مجهزة بأحدث التقنيات الإعلامية غير المسبوقة في المنطقة، ما سيمكّنها من إنتاج محتوى إخباري وبرامجي بمواصفات عالمية.
والمكاسب هنا لن تتوقف عند القناة فقط، بل ستطال البيئة الإعلامية السعودية ككل. فمن المتوقع أن تُشجع هذه الخطوة مؤسسات إعلامية إقليمية وعالمية أخرى على اتخاذ قرار مماثل، بما ينعكس على التنافسية، ودعم المحتوى المحلي، وتعزيز التفاعل مع الفعاليات الوطنية والقرارات الحكومية، فضلًا عن تعظيم الدور الترويجي للمملكة باعتبارها من أسرع البيئات الاستثمارية والسياحية نموًا في العالم.
كما أن ارتباط الإعلام بشكل وثيق مع قطاعي الثقافة والترفيه – اللذين يشهدان بدورهما نهضة كبرى – يمنح مزيدًا من الزخم لهذا الانتقال، ويعزز تكامل الأدوار في تشكيل الوعي العام وصناعة الصورة الذهنية عن المملكة.
الانتقال إلى الرياض لا يقتصر على الجغرافيا؛ بل يمثل بداية لمرحلة أكثر حساسية تتطلب تكثيف الجهود الإعلامية في الداخل والخارج، خاصة في ظل حملات التشويه التي تستهدف النجاحات الوطنية. لقد برهنت «العربية» وغيرها من القنوات الوطنية على التزامها الدائم بخدمة الشأن العام، والدفاع عن مكتسبات الوطن، والتصدي لكل حملات التضليل، لكنها اليوم مطالَبة بتطوير أدواتها وخطابها لمخاطبة الآخر بلغة مؤثرة وواقعية.
وهذا يتطلب التوجه نحو مراكز القرار العالمية بخطاب احترافي، بعيدًا عن اللغة الإنشائية، قائم على الأرقام والحقائق والدراسات، وبالشراكة مع مراكز البحوث العالمية المؤثرة. كما أن تعزيز التعاون مع الجهات الوطنية المختلفة سيسهم في نقل الصورة السعودية الحقيقية كما هي:
بلد يحرص على حسن الجوار، ويرسخ الوسطية، ويكافح خطاب الكراهية، وينجح في اجتثاث التطرف، ويقود معركة حقيقية ضد الفساد.
هذه المهمة ليست سهلة، لكنها ضرورية، وأنا على يقين بأن «العربية» وأخواتها في المشهد الإعلامي السعودي قادرون على أدائها بكفاءة، وأن انتقالها إلى الرياض لن يكون مجرد عنوان جغرافي، بل علامة فارقة في تموضع الإعلام العربي من جديد.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا
الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا

سويفت نيوز

timeمنذ 30 دقائق

  • سويفت نيوز

الأمير عبدالعزيز بن سعود يلتقي مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا

باريس – واس : التقى صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، في العاصمة الفرنسية باريس، اليوم، مجموعة من منسوبي الوزارة المبتعثين للدراسة في فرنسا.وأكد سموه خلال اللقاء أن القيادة الرشيدة ـ حفظها الله ـ تضع أبناءها المبتعثين في مقدمة اهتماماتها، وتحرص على توفير كل ما من شأنه الإسهام في تهيئة بيئة تعليمية داعمة لهم.وأعرب الأمير عبدالعزيز بن سعود عن اعتزازه بما يحققه المبتعثون من إنجازات مهنية وعلمية، وحثهم على الاستمرار في الجد والاجتهاد، والتمسك بالقيم الدينية والوطنية، والحرص على تمثيل المملكة بالصورة المشرفة التي تليق بمكانتها، متمنيًا لهم دوام التوفيق والنجاح في مسيرتهم العلمية والعملية. حضر اللقاء معالي مساعد وزير الداخلية الدكتور هشام بن عبدالرحمن الفالح، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى الجمهورية الفرنسية فهد بن معيوف الرويلي، وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الداخلية. مقالات ذات صلة

أكد حرص المملكة على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين.. وزير الداخلية ونظيره الفرنسي يوقعان وثيقة تعاون أمني
أكد حرص المملكة على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين.. وزير الداخلية ونظيره الفرنسي يوقعان وثيقة تعاون أمني

سعورس

timeمنذ 44 دقائق

  • سعورس

أكد حرص المملكة على تبادل الخبرات بين المختصين في البلدين.. وزير الداخلية ونظيره الفرنسي يوقعان وثيقة تعاون أمني

وجرى خلال اللقاء مناقشة عدد من الموضوعات المتعلقة بالشأن الأمني بين وزارتي الداخلية في البلدين الصديقين. وعقب اللقاء، عقد الأمير عبدالعزيز بن سعود، ووزير الداخلية بالجمهورية الفرنسية جلسة مباحثات رسمية. وأكد الأمير عبدالعزيز بن سعود، أن جلسة المباحثات؛ تأتي لتعزيز التعاون الأمني بين البلدين الصديقين، تنفيذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء- حفظهما الله- في ظل العلاقات المتميزة، التي تربط المملكة العربية السعودية والجمهورية الفرنسية. وأشار سموه إلى حرص حكومة المملكة على رفع مستوى التعاون والعمل مع الجمهورية الفرنسية؛ لمكافحة الجريمة بصورها كافة وتعقب مرتكبيها، والتصدي لشبكات تهريب المخدرات الدولية وغسل الأموال، وتبادل الخبرات بين المختصين في البلدين، منوهًا بما حُقق من منجزات في الفترة السابقة في مجالات التعاون الأمني. وقدّم الأمير عبدالعزيز بن سعود خلال كلمته في الاجتماع التهنئة لوزير الداخلية الفرنسي؛ بمناسبة ذكرى اليوم الوطني لجمهورية فرنسا ، متمنيًا سموه لحكومة وشعب جمهورية فرنسا دوام الأمن والأمان والازدهار. وبعد الجلسة وقّع الأمير عبدالعزيز بن سعود، ووزير الداخلية الفرنسي الوثيقة التنفيذية لمسارات التعاون الأمنية المستقبلية بين وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية، ووزارة الداخلية بالجمهورية الفرنسية.

المسكّنات وحدها لا تكفي
المسكّنات وحدها لا تكفي

الشرق الأوسط

timeمنذ 2 ساعات

  • الشرق الأوسط

المسكّنات وحدها لا تكفي

اشتعلت الحروب في أكثر من بلد «شرق أوسطي»، وكانت إسرائيل طرفاً ثابتاً فيها، فقد واجهت «حزب الله» في لبنان وصفَّت معظم قادته، وفكَّكت جانباً كبيراً من قدراته العسكرية من دون أن تقضي عليه بشكل كامل، وما زال الحزب محور النقاش داخل لبنان وخارجه، وما زال المبعوث الأميركي توم برّاك مستمراً في جولاته المكوكية من أجل الوصول إلى اتفاق يتم فيه تسليم سلاح «حزب الله»، وانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس التي تحتلها داخل لبنان والبدء في عملية الإعمار. من الوارد أنَّ يحسم الاتفاق مع «حزب الله» مسألة تسليم معظم سلاحه للدولة اللبنانية، لكنَّه لن يحسم قضية «آيديولوجيا الحزب» ولا طموحاته في العودة للصيغة القديمة التي سبقت الحرب، ولا في مناكفة بيئته الحاضنة مؤسسات «العهد الجديدة»، بخاصة أنَّها اعتادت أن تؤسس كيانات موازية للدولة اللبنانية ومدعومة من الخارج، وسيصبح الاتفاق على تسليم سلاح «حزب الله» بداية طريق طويل وشاق لبناء منظومة سياسية لبنانية قادرة على دمج الجانب الأكبر من أنصار الحزب والمتعاطفين معه في المؤسسات الجديدة. صحيح أنَّ المبعوث الأميركي أعلن أن قضية «حزب الله» قضية داخلية لبنانية، إلا أنه ربط «كل شيء» بتسليم السلاح، فلا دعم اقتصادياً ولا إعادة إعمار ولا تسليم للأسرى ولا انسحاب إسرائيلياً كاملاً من الجنوب قبل تسليم السلاح، وهو أمر ما زال يرفضه الحزب. أما «المسكّن الأكبر» فكان في اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل بعد 12 يوماً من الحرب الدموية التي دمَّرت فيها أميركا وإسرائيل جانباً من منشآت إيران النووية وأضعفت قدراتها على تخصيب اليورانيوم، من دون أن تقضي بالكامل على مشروعها النووي، كما نجحت أميركا في الوقت نفسه في تقليص تهديد الفصائل العراقية التابعة لإيران لقواعدها في المنطقة من دون أن يعني ذلك اختفاء هذه التنظيمات، بل مثَّل إصرار «الحشد الشعبي» على دخول الجيش العراقي تحدياً للموقف الأميركي الرافض لهذه الخطوة ومعه كثير من المكونات العراقية. معضلة «مسكّن» الحرب الإيرانية - الإسرائيلية أنه لم يحل حتى الآن مشكلة البرنامج النووي الإيراني رغم المفاوضات الاستكشافية التي تجريها طهران مع الجانب الأوروبي، وأعلنت عدم تعاونها مع رئيس وكالة الطاقة الذرية، وتمسكت بتخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وهي كلها مواقف تشير إلى أن «مسكّن» إيقاف الحرب ما زال بعيداً عن أن يصبح علاجاً نهائياً يؤدي إلى اتفاق تسوية شاملة يدمج إيران ولو بصورة نقدية في المنظومة العالمية. أمَّا حرب غزة، فرغم أنَّ المعطيات الإقليمية المحيطة تقول إنَّه يجب بدورها أن «تسكن» على الأقل لمدة 60 يوماً، وهو موعد الهدنة المقترحة، فإنَّ عدم رغبة إسرائيل في التوقيع على اتفاق وقف إطلاق نار يفرض عليها استحقاقات جديدة لا تريد أن تدفعها، بجانب عدم فهم «حماس» لطبيعة توازنات القوى عربياً وإقليمياً ودولياً، جعل الهدنة تتعثر أكثر من مرة. إن قبول «حماس» بعدم حكم قطاع غزة في اليوم التالي لنهاية الحرب لا يحل إشكاليات أخرى تتعلق بسلاحها، وهل ستسلم ما تبقى من سلاحها للإدارة الجديدة في القطاع وستخفي ما يمكن إخفاؤه من أسلحة خفيفة؟ وما هو مستقبل من تبقى من عناصرها ودورهم في القطاع؟ إن تحويل هدنة «تسكين الأوضاع» إلى تسوية شاملة لن يكون إلا باستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وإنهاء الاحتلال. سواء عاد وفد التفاوض الإسرائيلي والأميركي لاستكمال المفاوضات في الدوحة أم لا، فإنَّ الهدنة المقترحة تحتاج لكي تصل إلى اتفاق شامل لوقف إطلاق النار والبدء في مسار تسوية سلمية إلى أدوات ضغط جديدة تبدأ في ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وإصلاح السلطة والمنظمة وعدم الاكتفاء بحديث الرئيس الفرنسي عن اعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر (أيلول) المقبل والذي وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه ليس له قيمة، إنما بضرورة إقناع الإدارة الأميركية بالتدخل الفعال لإتمام «صفقة» تسوية سلمية قائمة على حل الدولتين يطالب بها العالم وترفضها إسرائيل. لا يجب رفض تسكين الأوضاع من حيث المبدأ، ولا يجب النظر باستعلاء إلى أي اتفاق ولو مؤقتاً يحقن الدماء في أي منطقة في العالم وعدّه مجرد «مسكن» لا يحل المشكلة، إنما يجب الوعي أن هذه الاتفاقات أو المسكّنات التي شهدتها المنطقة، سواء مع إيران أو لبنان وربما غزة تفتح الباب للوصول إلى حلول دائمة وجذرية لن تحلها المسكنات إنما يمكن أن تكون خطوة على طريق العلاج الشامل الذي قد يكون جراحياً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store