
من يومياتي في أمريكا .. مع عمدة مدينة نيويورك
أحمد سيف حاشد
تلقيت رسالة تلفونية قصيرة من رجل الأعمال عمر السعدي ليخبرني أنه سوف يصطحبني معه أنا والدكتور طارق العامري، ولم يخبرني إلى أين، ولكن آكد أن أكون جاهزا الساعة الخامسة عصرا، وكنا في انتظاره في الموعد المحدد.
انتقلنا من مدينة 'بركلين' إلى مدينة 'يونكرز ' منزل محاميه .. طرقنا الباب واستقبلتنا امرأة رحبت بنا بحفاوة ثم طل علينا زوجها من الداخل.. هنا للمرأة شأن ومكانة لا تعرفها كثير من المجتمعات الشرقية.. أحسست أن الأمر ليس صدفة وإنما بعض من المجاملة والإتكت والتقاليد الشائعة في أمريكا أو هكذا أظن الأمر.
استقبالها لنا أعاد بذاكرتي إلى ثمانيات القرن المنصرم حالما زرت منطقة 'رما' في حضرموت عندما حللنا ضيوفا على بعض بيوت أهلها واستقبلتنا نساءها بحسب تقاليد تلك المنطقة.. الزوجة هناك هي من تتولى الاستقبال والحفاوة، وربما يغادر الزوج ويترك أمر شؤون الضيافة للزوجة والقيام بالواجب نحو المضيف في ظل ضوابط اجتماعية صارمة إن تجاوز الضيف حدودة أو قل أدبه.. نسائهم جميلات وبنفس القدر عفيفات وطاهرات.
***
بدت لي ملامح زوجة المحامي أمريكية فيما أخبروني أن زوجها مسيحي من أصول شامية.. كان منزلهم وملحقاته يبرق جمالا ويجمع بين الفخامة والأناقة واللمسات الآسرة من العام إلى أدق التفاصيل.
أقبلنا على طاولة عليها قلم واستمارة يتم تسجيل اسم المتبرع والمبلغ المتبرع به لصالح إعادة انتخاب عمدة المدينة.. لم أكن أعلم أن في الأمر تبرع.. كان كل ما في حوزتي من نقود هي ورقة واحدة فئة الخمسين دولار لا تقبل التبرع أو القسمة والتبعيض في لحظة مربكة.
أنقذني عمر السعدي وهو يقول: 'سجله ألفين دولار وأنا بادفع بدلا عنه'.. تدخل المحامي وقال لا وخصني بها تحديدا.. ما فهمته من اعتراض المحامي أن القانون الأمريكي يمنع ذلك لأنني لا أحمل الجنسية الأمريكية.. ثم شاهدت السعدي يحرر مبلغا ماليا في شيك عنه وعن الدكتور صادق العامري.. ما شاهدت من المبلغ المسجل في 'الشيك' أن اليمنيين الحاملين الجنسية الأمريكية يتبرعون بسخاء وكرم حاتمي في مناسبات مثل هذه.
***
نزلنا إلى فناء القصر وردهته والمطل على حديقة غناء تعتبر بعض من ملحقاته.. هناك وجدت رجال أعمال يمنيين يحملون الجنسة الأمريكية، وتوجد صالة فيها حلويات وفواكه ووجبات فطور..
وفي الاستراحة القريب من الصالة 'وسكي' أشكال وألون ينافس 'الوسكي' الذي زعموا يوما وجوده في منزل القاضي قطران. وشاهدت من بعيد جوار 'الوسكي' كاسات من الثلج وقناني الماء البارد وحياة لا تسأل من أين أتيت.
كنت عاطش بسبب الحرارة العالية التي نعيشها هنا في أوج الصيف.. لم أجروا الذهاب لأخذ قنينة ماء كون كراتين قنينات الماء في محاذاة قناني الوسكي الفاخر؛ فطلبت من سائق أحد رجال الأعمال اليمنين أن يأخذ لي قنينة ماء حتى لا يفهم اليمنيين الأمر خطاء وهم يهمون بصلاة المغرب.. فذهب وعاد بقنينة ماء ثم سألتوا عن اسمه فأعتذر؛ فأثار غرابتي بهذا الاعتذار ولكن هذا لم يمنعني من ضحكة خفيضة حتى لا ألفت نظر الحاضرين.
وهو نازلا من الدرج نهضت من مقعدتي ووقفت بدهشة حالما سمعت المحامي يخبره أن هنا عضو برلمان يمني.. شاهدت ابتسامته أنيقه تكشف عن روح خفيفة وأسنان ناصعة البياض.. سألت الحاضرين عن هذا الرجل فأجابوني عمدة مدينة نيويورك.. سرني أن يكون عمدتها رجل أسود.
قربت إلى جواره لألتقط صورة سلفي قلما فعلتها مع غيره، فضمني إليه بروح ودودة.. تحدث إلينا بتواضع جم.. ألقى كلمة دون أن أعرف ماذا قال فيها بسبب عدم وجود مترجم، ولكن كان اللقاء ممتعا والعمدة متواضعا واضفت إلى معارفي معارف حية وجديده عن أمريكا وعن الديمقراطية فيها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
البيت الأبيض يخطط لصفقة نووية مع إيران وترامب يخرج عن صمته
نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مساء أمس الجمعة، تقارير إعلامية ذكرت أن إدارته بحثت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. وكتب ترامب في منشور على منصة 'تروث سوشيال' مساء الجمعة: 'من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن الرئيس ترامب يريد أن يعطي إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية. لم أسمع يوما عن هذه الفكرة السخيفة'، واصفا التقارير بأنها 'خدعة'. وكانت شبكة 'سي إن إن' CNN، وشبكة 'إن بي سي نيوز' NBC News قد ذكرتا يومي الخميس والجمعة على التوالي، أن إدارة ترامب ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل وقف حكومتها تخصيب اليورانيوم. ايران ترمب واشنطن شارك على فيسبوك شارك على تويتر تصفّح المقالات السابق بعد التحركات الإيرانية الأخيرة.. قرقاش يوجه تحذيراً واضحاً لطهران


يمن مونيتور
منذ 2 ساعات
- يمن مونيتور
التعليم في مناطق الحوثيين... المدارس تُنهب و أطفال الفقراء يقصون (تقرير خاص)
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ خاص استقبل ملايين الطلاب اليمنيين في مناطق سيطرة جماعة الحوثي المسلحة عاماً دراسياً جديداً، وسط ظروف اقتصادية خانقة، وواقع تعليمي متردٍ، وتخلي الجهات المعنية عن مسؤولياتها، في ظل هيمنة الجماعة على مؤسسات الدولة بما فيها قطاع التعليم. ورغم ما أعلنته وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرة الجماعة عن 'جاهزيتها الكاملة' للعام الدراسي الجديد 1447هـ، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن أزمة مركّبة دفعت أولياء الأمور إلى خيارات قسرية، تتراوح بين رسوم حكومية باهظة لتغطية عجز الجماعة في سداد أجور المعلمين، وبين مدارس خاصة تحوّلت إلى مشاريع استثمارية على حساب التعليم، دون رقابة أو معايير واضحة. حكومة أمر واقع تتخلى عن التعليم تخلت وزارة التربية والتعليم التابعة للحوثيين عن التزاماتها الأساسية، وعلى رأسها طباعة المناهج التعليمية، حيث تُباع الكتب المدرسية في السوق السوداء وعلى الأرصفة، ما دفع البعض إلى السخرية من مشهد التدشين الرسمي للعام الدراسي. وفي هذا الشأن، يقول المواطن عمر القاضي: 'هل يُعقل أن يُفتتح عام دراسي بينما الطلاب يبحثون عن كتبهم في السوق السوداء؟ هذا لم يحدث في تاريخ اليمن. تحوّل التعليم إلى تجارة!'. فيما أشار ناشطون إلى أن الوزارة تروّج لاهتمامات سطحية كتصنيفات الجامعات، بينما التعليم الأساسي ينهار تحت وطأة الإهمال وسوء الإدارة. رسوم جنونية وتعليم متدهور يواجه أولياء الأمور هذا العام قفزات غير مسبوقة في الرسوم الدراسية، وصلت في بعض المدارس الخاصة إلى 150 ألف ريال للصف الأول الأساسي، وأكثر من 280 ألف ريال للثانوي (الدولار = 530 ريالا)، وهي أرقام تفوق متوسط دخل الفرد، في وقت لا تُقدِّم فيه تلك المدارس تعليماً نوعياً أو كادراً مؤهلاً. وفي هذا الشأم، يقول محمد القاسمي إن هذه المبالغ لا تشمل الكتب أو الزي المدرسي أو المواصلات، ما يجعل التعليم عبئاً يفوق طاقة الأسر، في وقت يعاني فيه المعلمون أنفسهم من أجور متدنية لا تتجاوز 75 ألف ريال شهرياً ( ما يعادل 140 دولار أمريكي)، رغم مؤهلات بعضهم العالية. التعليم الحكومي.. خيار غائب أما ضعف التعليم الحكومي، يتجه أولياء الأمور إلى المدارس الخاصة على مضض، رغم استغلالها البالغ، وفي هذا الشأن يقول بشير المهيوب: 'المدارس الخاصة تفرض شراء الزي والحجاب والدفاتر من داخلها بأسعار مضاعفة، وتتعامل مع التعليم كسلعة، وليس كحق'. في المقابل، تفتقر المدارس الحكومية إلى الكادر المؤهل بعد توقف الرواتب، وتكدس الفصول بأعداد تفوق الطاقة الاستيعابية، إلى جانب فرض رسوم تسجيل تصل إلى 1500 ريال شهرياً، ما يناقض مبدأ مجانية التعليم الحكومي. نداءات غاضبة ولا آذان صاغية إلى ذلك، طالب العديد من الناشطين والحقوقيين بضرورة تفعيل الرقابة على المدارس الخاصة، وتنظيم رسومها، ووقف استغلال الأسر. ويؤكد بدر الدين العلفي أن 'الرسوم في المدارس الأهلية تفوق بعض الجامعات الدولية، بينما يتقاضى المعلمون الفتات. أين الرقابة؟ وأين الضمير؟'. من جانبه، شدد محمد مقبل البخيتي على ضرورة تدخل الجهات الرقابية لفرض سقوف منطقية للرسوم، وتحسين جودة التعليم الذي لا يوازي المبالغ المدفوعة. فيما أشار الناشط هشام سنان إلى أن إحدى الأسر دفعت 760 ألف ريال مقابل تسجيل خمسة أطفال في المرحلة الابتدائية في محافظة إب، وهو رقم يستحيل على غالبية المواطنين تحمله. الانهيار يهدد مستقبل ملايين الأطفال يأتي هذا الواقع المتدهور في سياق أزمة تعليمية حادة تشهدها مناطق الحوثيين، حيث أُفرغت المدارس الحكومية من محتواها، وتحوّلت إلى بيئة طاردة للتعليم، في حين تستثمر الجماعة في التعليم الخاص عبر أدوات تابعة لها، ما يجعل العملية التعليمية أداة للربح ووسيلة لبسط النفوذ الأيديولوجي. وتؤكد تقارير رسمية سابقة أن جماعة الحوثي قامت بتحريف المناهج الدراسية بشكل يخدم مشروعها الطائفي، إلى جانب حرمان أكثر من مليوني طفل من التعليم، واعتقال أو قتل الآلاف من العاملين في القطاع. ملايين خارج مقاعد الدراسة وفق بيانات حديثة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، هناك نحو 4 ملايين طفل يمني خارج المدارس، بينهم 1.5 مليون فتاة، نتيجة للنزاع الطويل، وانهيار البنية التعليمية، والنزوح، والضغوط الاقتصادية. أما صندوق الأمم المتحدة للسكان، فأشار إلى أن هذا الغياب يعرّض الفتيات بشكل خاص لمخاطر مثل زواج القاصرات، والحمل المبكر، ويُحرمهن من مستقبل تعليمي ومهني آمن. لقد حوّلت جماعة الحوثي التعليم في اليمن من حق أساسي إلى امتياز طبقي، ووسيلة للابتزاز المالي والفكري، في ظل انهيار مؤسسات الدولة، وتجاهل تام لاحتياجات ملايين الطلاب، الذين يواجهون مستقبلاً غامضاً وتعليما هشا أدى إلى خروج الآلاف من الأبناء عن الدراسة وضياعهم بين البطالة والأشغال الشاقة وبين معسكرات الجماعة ومراكزها الصيفية ذات البعد الطائفي المهدد للأجيال.


26 سبتمبر نيت
منذ 2 ساعات
- 26 سبتمبر نيت
حين تُطعِمُهم الجوعَ وتَسقيهم الذلّ
في غزة.. ما عاد الموتُ مفاجئًا.. أصبح خبزهم..أصبح ماءهم.. وأنفاس أطفالهم.. أصبحت كلها بطعم الموت..وبلون الموت..! هناك… حيث تتسابق الوحوش البشرية لاغتيال أرواحٍ منسية.. حيث العدوّ لا يكتفي بحصار..ولا بمدفعٍ.. ولا بطائرةٍ تنقضّ قبل طلوع الفجر.. بل يبتكر طقوسًا جديدةً في الإبادة..! يجمع الجوعى إلى مراكز العطاء الكاذب.. يلوّح لهم بكيسٍ من الطحين المبتذل.. ثم يمطرهم بوابلٍ من الرصاص من كل اتجاه..!!! أي نذالةٍ وأيُّ إجرامٍ أشدّ من هذا؟ أيُّ خسّةٍ أعظم من هذا الفعل؟ لا تقل لي: الغرب فعلها.. فإن العرب من مهّد لهم الطريق.. في زمانٍ ماتت فيه الرجولة.. وانعدمت فيه الغيرة..! لم تكتفِ أمتُنا بالصمت.. بل تجاوزت الصمت إلى مباركة ودعم الجزار..! لم يعد الحكّام يختبئون خلف الكلمات الباهتة.. بل جاؤوا بما لم يأتِ به الأوّلون: دفعوا ما يزيد على خمسة ترليونات دولار كأجرةٍ معلنةٍ غير مخفيةٍ لتمويل آلات القتل والدمار والحصار..! ما هذا الذل الذي وصلت إليه خير أمةٍ أخرجت للناس..؟؟ وهل هذه هي الأمة التي اختارها الله لنصر دينه والدفاع عن المستضعفين من عباده وإرساء دعائم الحق في أرضه..؟؟؟!!! لم يسأل أحدٌ: لمن تُدفَع؟ ولماذا؟ إنها أموال الشعوب.. أموال اليتامى.. قوت الجوعى.. حصاد الفقراء… تُسلَّم ليد السفّاح ليستكمل مسيرة الذبح. أرأيتم أمةً تُموّل قاتلَها؟ أرأيتم قومًا يُطعِمون السيف الذي يُذبحون به..؟! ما عرَفتِ الأرض خيانةً كهذه منذ أن خان ابن سلول في المدينة..! في غزة يموت الناس جوعًا.. ليس لأن الأرض عقيمة.. بل لأن الصناديق مُقفَلة.. والحكّام يرون في موتهم تجارةً مربحة..! والعدوّ _وقد ألِفَ المشهد _ يقيم مصائدَ بشرية تحت اسم نقاط توزيع المساعدات... يتجمّع المحاصرون الجوعى طلبًا لحفنة دقيق يسدون بها رمق أطفالهم.. فيغدو المكان ساحة ذبح..! كل يوم مشهد..! كل يوم مقبرة..! كل يوم عويل..! ولا أحد من العرب اهتزّ له جفن..! والأدهى من ذلك: أن القنوات العربيّة تبثّ المسلسلات التافهة..والبرامج الساذجة..وحفلات الجوائز العبثية..! وتعجّ شوارع العواصم بالمهرجانات.. وفي طرف الصورة: طفلٌ ملقى.. وأمّ تبحث عن أشلاء رضيعها.. بعد أن ظفرت بحفنة من الدقيق في يوم شديد الأهوال..! وما زال الحكّام يتنافسون في من يجامل العدوّ أكثر..! في من يسوّق روايته بحرفيةٍ أعلى.. في من يبيع القضية بثمنٍ أقل.. أما الشعوب… فالجميع منصرف في شؤونه الخاصة وكأنه لا يعنيه ما يحل بإخوانه في قطاع غزة.. وأصبحت أخبار المجازر مجرّد فواصل بين إعلانٍ وآخر.. حتى المساجد…خفَّ فيها الدعاء.. والمنابر نَسيت السيرة، وامتهنت التبرير.. هل سمعتَ عن أمةٍ تموّل نحرها؟ هل قرأتَ عن قومٍ يدفعون ضريبةَ فقر إخوانهم ليزدادوا همُّ قهرًا وموتًا؟ وغدًا _حين يُباد الجميع _ سيكتب التاريخ سطورًا من عار: أن القاتل لم يكن وحده في الميدان، بل كان له شركاءٌ من بني الجلدة. وأن الذين قالوا "ننتظر الحل السياسي" و"نراهن على المجتمع الدولي" كانوا كمن ينتظر عدل الذئب في قطيع الأغنام.. وسيقال حينها: هنا كانت أمةٌ… ثم بادت. لا لأن العدوّ كان أشدّ بأسًا.. بل لأن التفريط والخيانة أنهكت كل مقاومة.. ولعمري إن من سيحطم جدار هذا الصمت ليس من بين هؤلاء المتخاذلين.. بل من قلب غزة… من قلب الركام… من يد طفلٍ لم يجد لقمةً، فأمسك بحجر.. فكتب الله على يده النصر المبين.. وسيعلم أولئك القابعون في القصور أنهم إن سلّموا واستسلموا اليوم… فلن يجدوا غدًا موضعًا للهروب حين ياتي عليهم الدور..!!!