logo
القصص والأساطير الشعبية في ثقافات الشعوب

القصص والأساطير الشعبية في ثقافات الشعوب

سائحمنذ 3 أيام
منذ أن بدأ الإنسان في سرد الحكايات حول النار وتحت السماء، شكّلت القصص والأساطير الشعبية جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة الشعوب وهويتها الثقافية. لم تكن هذه الحكايات مجرد وسيلة للتسلية أو تمرير الوقت، بل كانت انعكاسًا للقيم، والمخاوف، والتطلعات، والتجارب التي مرّت بها المجتمعات على مر العصور. وفي تنقلها بين الأجيال، أصبحت هذه القصص بمثابة تراث شفهي حيّ، يربط الماضي بالحاضر، ويمنح الشعوب وسيلة لفهم العالم والتعبير عن ذاتها.
الأساطير الشعبية، من تنين الصين إلى الغول في الحكايات العربية، ومن مخلوقات الغابة في أفريقيا إلى أبطال الإغريق، تقدم صورًا رمزية غنية تتعدى الخيال لتُعبّر عن صراعات الإنسان مع الطبيعة، ومع قوى الخير والشر، وحتى مع نفسه. ورغم تنوع البيئات والثقافات، تظل هناك خيوط إنسانية مشتركة تظهر في أغلب الحكايات: الشجاعة، الحب، الخيانة، الحكمة، والمصير، ما يجعل هذه القصص صالحة لكل زمان ومكان.
الحكاية الشعبية كمرآة للهوية
القصص الشعبية هي وسيلة الشعوب للتعريف بنفسها، ونقل خبراتها ومعتقداتها من جيل إلى آخر. في المجتمعات القبلية، كانت الحكاية وسيلة للتعليم، تُروى للأطفال لتعليمهم الشجاعة أو الحذر أو الصبر، دون أن تُلقى عليهم المواعظ بشكل مباشر. في كثير من الثقافات، نرى أن الأبطال في القصص ليسوا بالضرورة ملوكًا أو أقوياء، بل هم فقراء أو أذكياء أو حتى مخلوقات صغيرة تنتصر بالحيلة، كما في حكايات الأرنب في الفولكلور الأفريقي أو شخصية "جُحا" في العالم العربي.
وتُظهر هذه القصص طبيعة المجتمعات التي أنتجتها: ففي المناطق الزراعية تنتشر الحكايات المرتبطة بالأرض والحصاد، بينما في المجتمعات الساحلية تدور الحكايات حول البحر والمخلوقات الأسطورية التي تسكنه. كما تُستخدم الرموز والأساليب المختلفة لتعكس البنية الاجتماعية والقيم الدينية والأعراف الأخلاقية، مما يجعل لكل قصة طابعًا فريدًا، حتى وإن تشابه مضمونها مع حكايات من ثقافات أخرى.
عناصر سحرية ومخلوقات غريبة
غالبًا ما تحتوي الأساطير الشعبية على عناصر خارقة أو كائنات غير مألوفة، مثل العفاريت، والتنين، والجن، والجان، والعمالقة. هذه العناصر لم تكن مجرد زينة قصصية، بل هي تجسيد لمخاوف الإنسان من المجهول، ومحاولته لفهم الظواهر الطبيعية أو تفسير الأحداث الغريبة التي لم تكن له إجابة علمية عنها في الماضي. وهكذا وُلدت أساطير المطر، والحرب، والنار، والخلق، وانتشرت بين الناس بقوة التأثير والشعور الجماعي.
ومع أن الخرافة والأسطورة قد تفقد قيمتها العلمية بمرور الزمن، إلا أنها تظل تحظى بأهمية رمزية وثقافية، إذ تعبّر عن العلاقة الروحية التي ربطت الإنسان بعناصر الطبيعة والقوى الغيبية. كما تتيح هذه القصص للناس التعبير عن المأساة والفرح والحب والفقدان بطرق شعرية غنية، ما يفسر استمرارها حتى اليوم في المسرح والأدب والسينما.
توارث وتحوّل الحكايات عبر الأجيال
ما يُميز القصص والأساطير الشعبية هو قدرتها على التحول والتكيف، فهي ليست نصوصًا جامدة، بل كائنات حية تتغير مع الزمن ومع الرواة. فكل راوٍ يضيف من خياله أو من تجربته شيئًا، وكل جيل يعيد تفسير القصة وفق ظروفه وثقافته. ولهذا، قد نجد القصة نفسها في ثقافات متعددة بأسماء وأشكال مختلفة، ولكن بروح واحدة.
ومع تطور وسائل الإعلام وظهور الإنترنت، عادت القصص الشعبية لتأخذ أشكالًا جديدة، سواء في أفلام الرسوم المتحركة، أو في الروايات المعاصرة، أو حتى على لسان المؤثرين في وسائل التواصل. لقد أصبحت هذه الحكايات جسرًا بين الماضي والحداثة، وتعبيرًا دائمًا عن حاجة الإنسان لسرد القصص من أجل أن يفهم العالم ويفهم نفسه.
في النهاية، تبقى الأساطير والقصص الشعبية جزءًا لا يتجزأ من نسيج الذاكرة الإنسانية. إنها ليست مجرد روايات تُحكى قبل النوم، بل هي كنوز ثقافية حيّة، تحفظ الحكمة القديمة، وتعكس روح الشعوب وتطلعاتها، وتمنح الإنسان، في كل مكان وزمان، فرصة لأن يتأمل، ويتخيل، ويتواصل مع الآخرين من خلال الحكاية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منى الشاذلي تكشف كواليس أزمة مها الصغير واللوحات المسروقة
منى الشاذلي تكشف كواليس أزمة مها الصغير واللوحات المسروقة

رائج

timeمنذ 5 ساعات

  • رائج

منى الشاذلي تكشف كواليس أزمة مها الصغير واللوحات المسروقة

في أول رد رسمي على الجدل الذي أثارته إحدى حلقات برنامج "معكم"، خرجت الإعلامية منى الشاذلي عن صمتها لتوضيح ملابسات واقعة نسب لوحات فنية لفنانين أجانب إلى الإعلامية مها الصغير، مؤكدة أن البرنامج تعامل مع الموقف بمهنية وشفافية منذ اللحظة الأولى. توضيح منى الشاذلي حول الحلقة المثيرة للجدل وخلال حلقة الجمعة على قناة "ON"، أوضحت الشاذلي أن الحلقة تم تصويرها قبل نحو شهر، واستضافت خلالها تسعة ضيوف من خلفيات إعلامية متنوعة، تحدث كل منهم عن اهتماماته الشخصية، وفي إحدى الفقرات قدمت مها الصغير لوحات فنية على أنها من إنجازها الشخصي، قبل أن يتبين لاحقًا أن بعضها يعود لفنانين أجانب. وأكدت الشاذلي أن إدارة البرنامج تحركت فور التأكد من أن إحدى اللوحات تعود للفنانة الدنماركية ليزا لاك نيلسين، حيث تم نشر بيان توضيحي في اليوم نفسه يُنسب العمل لصاحبته الأصلية، كما تم تصحيح نسب باقي اللوحات للفنانة الألمانية كارولين وينديلين والفنان الفرنسي سيتي، احترامًا للحقوق الأدبية والإبداعية. اقرأ أيضاً: أول رد من مها الصغير على اتهامها بسرقة لوحة فنانة دنماركية اعتذارات مباشرة للفنانين وأشارت إلى أن البرنامج لم يكتف بالتصحيح العلني، بل أرسل رسائل تفصيلية إلى الفنانين الثلاثة لشرح ملابسات ما حدث وتقديم الاعتذار المناسب، موضحة أن تأخر الرد على الفنانة ليزا كان نتيجة لتكدّس الرسائل الواردة للبرنامج، وقد تفهمت الأمر وعبّرت عن شكرها مرتين عبر حسابها على "إنستغرام". وأضافت الشاذلي أن البرنامج عرض خلال حلقة الجمعة لوحات الفنانين الحقيقيين وسيرهم الذاتية، ليس استجابة لطلب منهم، بل انطلاقًا من قناعة مهنية بأن فنهم يستحق الظهور، مؤكدة أن البرنامج لم يسعَ لتضخيم الحدث أو استثماره دعائيًا. احترام الخصوصية وتجنب القسوة وفي ردها على الانتقادات، شددت الشاذلي على أن البرنامج اختار الالتزام بالمهنية والإنسانية، قائلة: "كان ممكن نزايد على الضيفة، لكن قلنا هنستفيد إيه لما نطعن في واحدة عمالة تنزف عشان خطأ ارتكبته؟"، مؤكدة أن البرنامج شعر بالغضب والضيق مما حدث، لكنه رفض الانجراف نحو القسوة المفرطة. اقرأ أيضاً: مصر.. الأعلى للإعلام يحقق بواقعة "لوحة مها الصغير المسروقة" واختتمت الشاذلي حديثها بالتأكيد على أن الإعلام يتعامل مع مصادر متنوعة، وأنه لا يُكلف بالتحقق من كل معلومة شخصية يدلي بها ضيف ما لم تكن هناك مغالطات واضحة أو مخالفات قانونية، مشيرة إلى أن البرنامج اتبع الإجراءات المهنية المتعارف عليها عالميًا في التعامل مع الواقعة. ماذا حدث؟ وكانت مها الصغير قد أثارت جدلاً واسعاً بعد ظهورها في إحدى حلقات برنامج "معكم"، حيث عرضت لوحة فنية بعنوان "صنعت لنفسي أجنحة"، وعلّقت عليها باعتبارها من أعمالها الخاصة، دون الإشارة إلى الفنانة الأصلية.لكن سرعان ما خرجت الفنانة التشكيلية الدنماركية ليزا لاخ نيلسن، صاحبة اللوحة الأصلية التي رسمتها عام 2019، بمنشور غاضب على "إنستغرام"، اتهمت فيه مها الصغير بـ"السطو الفني" وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، مؤكدة أن اللوحة نُسبت إليها دون إذن أو ذكر اسمها. ردود فعل واسعة وأثار الموقف موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، دفعت الإعلامية منى الشاذلي إلى نشر توضيح عبر حسابها الرسمي، أكدت فيه أن اللوحة من إبداع الفنانة الدنماركية، مشددة على احترام البرنامج الكامل لحقوق الفنانين والمبدعين. كما أعربت ليزا لاخ نيلسن عن امتنانها لرسائل الدعم التي تلقتها من الجمهور المصري، مؤكدة أنها لا تعتبر تصرف مها الصغير ممثلًا للشعب المصري، لكنها أشارت إلى تلقيها عروضًا من محامين وصحفيين مصريين لبحث اتخاذ إجراءات قانونية. أزمة تعيد قضية الملكية الفكرية إلى الواجهة وأثارت الواقعة جدلًا واسعًا حول احترام حقوق الملكية الفكرية في الوسط الإعلامي، وأعاد إلى الأذهان قضية مشابهة تعرّضت لها مصممة الجرافيك غادة والي عام 2022، بعد استخدامها أعمالًا فنية لفنان روسي دون إذن، وانتهت بإدانتها قضائيًا. اعتذار رسمي من مها الصغير وتحت هذا الضغط والانتقادات الواسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت مها الصغير عن صمتها، وقدّمت اعتذارًا علنيًا عبر حسابها على "فيسبوك"، قالت فيه: "أنا غلطت. غلطت في حق الفنانة الدنماركية ليزا، وفي حق كل الفنانين، وفي حق المنبر اللي اتكلمت منه، والأهم غلطت في حق نفسي. مروري بأصعب ظروف في حياتي لا يبرر ما حدث. أنا آسفة وزعلانة من نفسي". اقرأ أيضاً: فنانة دنماركية تتهم مها الصغير بسرقة لوحتها.. ما القصة؟

غنيّ بين الفقراء
غنيّ بين الفقراء

إيلي عربية

timeمنذ 9 ساعات

  • إيلي عربية

غنيّ بين الفقراء

تعِبتُ كثيرًا للوصول إلى حالة مادّيّة مُستقِرّة بعد أن ولِدتُ وكبرتُ في القلّة، وكنتُ فخورًا بنفسي كثيرًا. وبقيَ عليّ إيجاد نصفيَ الآخَر، حبيبة قلبي، أمّ أولادي، بكلمة المرأة التي ستُشارِكني حياتي حتّى مماتي. لَم يكن الأمر صعبًا كثيرًا، إذ أنّ أفراد مُجتمعي كانوا يعتبروني مثالهم الأعلى، ويُريدون تزويجي مِن بناتهم أو أخواتهم أو أقاربهم لتنعَمنَ بالذي وصلتُ إليه. لا تُسيؤا الفهم، فلَم أكن غنيًّا على الاطلاق، بل كنت موظّفًا في إحدى الشركات، ولدَيّ شقّة بالإيجار وسيّارة عاديّة تمامًا. لكن مُقارنةً بباقي الناس الذين حولي، كنتُ ثريًّا! وجَدوا لي سوسن، صبيّة حسناء ومُتعلِّمة بعض الشيء فأعجِبتُ بها، ليس بسبب جمالها، بل لرقّتها وبسمتها الصريحة التي تبعثُ الدفء في القلب. أحبَّها أهلي وباركَت لي أمّي، فخطَبتُ سوسن جالِبًا معي لها ولأهلها الحلى والحلوى. أُطلِقَت الزغاريد ثمّ عُقِدَ القران بعد أشهر قليلة. تقولون حتمًا إنّني تسرّعتُ في هكذا خطوة مُهِمّة، لكن في ذلك الحين، لَم أرَ حاجة لإطالة فترة الخطوبة، فالكلّ قالَ لي عنها إنّها إنسانة رائعة، فما الحاجة للانتظار؟ تزوّجنا، وكنتُ سعيدًا بعروستي التي أعطَت حياتي رونقًا جديدًا، وأضفَت على شقّتي مظهرًا أنيقًا بعد أن غيّرَت الديكور فيها. فكانت سوسن تتحلّى بذوق رفيع بفضل حبّها للموضة، ومُتابعتها لكلّ جديد إن كان في الماكياج أو اللباس أو الديكور، ومَن يراها لا يشكّ أبدًا أنّها مِن عائلة فقيرة. تحدّثنا عن الانجاب وأرَدتُ أنا إبنة أدلِّعها وهي أرادت ابنًا وسيمًا مثلي، لكن في تلك الفترة، ظهرَت على سوسن أوجاع غريبة في الظهر والأطراف. قلِقتُ عليها، إلّا أنّها ردَّت السبب لكثرة التغييرات التي فعلَتها في الشقّة، فنسينا الموضوع. لكن بعد أشهر قليلة، إعترفَت لي سوسن أنّها قصدَت طبيبًا أجرى لها الفحوصات، وتبيّنَ أنّها تُعاني مِن مرَض خطير وهو التصلّب المُتعدِّد، وهي حالة تصيب الغلاف الواقي للأعصاب، والنظر والعضلات، ولا علاج نهائيًّا له، بل فقط للعوارض. وتلك العلاجات هي مُتعِبة ومُكلِفة جدًّا، لأنّها تمتدّ على سنوات وبشكل مُنتظِم. خفتُ على سوسن وعلى ما ستمرّ به خلال تفاقم مرَضها، وهي بكَت كثيرًا إذ خافَت أن تفقد بصَرَها أو حركَتها، إلّا أنّني وعدتُها بفعل المُستحيل لمواكبتها نحو حالة قريبة مِن الاستقرار، مهما تطلَّبَ الأمر. لَم نُخفِ عن أقاربنا ومُحطينا حالة سوسن، فكانوا سيعرفون مِن تلقاء أنفسهم، بسبب مشيَتها وصداعها المُتكرِّر عندما كنّا نزورُ أحدَهم. ولقَيت زوجتي الدَعم نفسه الذي وجدَته معي، فاطمأنَّ بالها وبال عائلتها التي خافَت أن أتخلّى عنها وأجِد غيرها. ما هذا الكلام؟ فنحن تزوّجنا للسرّاء والضرّاء، وما يحصلُ هو ما كتبَه الله لنا وعلينا القبول به. صارَت المسكينة سوسن تذهب بين الحين والآخَر مع أمّها إلى المشفى، لِتلقّي الحقَن ثمّ تعودُ تعِبة لا تستطيع فعل شيء. وثمَن تلك الجلسات كان باهظًا، فلَم يكن لدَينا تغطية صحّيّة بكلّ ما للكلمة مِن معنى، إذ أنّ الشركة التي أعمَل لدَيها كانت بالكاد تُغطّيني صحّيًّا، ولكن ليس أيًّا مِن أهلي أو زوجتي. إضافة إلى الجلسات، كانت هناك أقراص عليها أخذها يوميًّا، لا توجَد في كلّ مكان وسعرها مرتفِع كثيرًا. دفَعتُ المبالِغ وصلَّيتُ أن تتعافى زوجتي الحبيبة. وسرعان ما لَم أعُد قادِرًا على تغطية المصاريف الطبّيّة والعلاجات وثمَن الأقراص مِن راتبي، فبدأتُ آخذ رواتِب مُسبَقة ومِن ثمّ قروضًا مِن عملاء لنا، بعد أن وجَدتُ عمَلًا ليليًّا لتسديد تلك القروض. فصحّة سوسن كانت تأتي قَبل صحّتي! لكنّ العمَل الليليّ الذي وجدتُه لَم يجلُب لي المبالِغ الكافية لتسديد ديوني ومنَعني مِن رؤية حبيبتي، فشعرتُ بالوحدة والضياع. لماذا يا ربّي أعطَيتَني سوسن لتضربها وتضربني بعد حين؟!؟ ماذا كانت الرسالة مِن ذلك؟ شعرَت سوسن بالذنب حيال ما أمرّ به، وقرَّرَت أنّ رحيلها عن هذه الدنيا كان أفضل حلّ لكلَينا. حاولَت الانتحار لكنّ القدَر شاءَ أن تنقذها حماتي في آخِر لحظة، وتمنَعها مِن قطع شرايين معصمَيها، فبالكاد توصَّلَت لجَرح نفسها جروحًا طفيفة لَم تستلزِم حتّى اللجوء إلى المشفى. أحمدُكَ يا ربّ لأنّكَ لَم تأخُذ جوهرتي منّي! في الفترة نفسها، شُخِّصَ لأمّي خلَل في صمّامات القلب، وكانت تلزمها فحوصات عديدة وصوَر أشِعّة، فجمعَت العائلة ما يكفي لذلك، لكنّ الخبَر وقَعَ: هي كانت بحاجة إلى عمليّة جراحيّة أو ستموت قريبًا! ماذا؟!؟ أمّي، تاج رأسي، في خطر وأنا عاجِز عن إنقاذ حياتها؟!؟ أصابَني اليأس ولَم أعُد أرى منفَذًا لِما يدورُ مِن حولي مِن أمراض، وكأنّ القدَر يستمتِع بتعذيبي! ولكثرة بؤسي، فقدتُ الشهيّة على الأكل ولَم أعُد أرى منفعة مِن الذهاب إلى عمَليّ، على الأقلّ مِن الناحية النفسيّة. إضافة إلى ذلك، عادَت سوسن تُهدِّد بقتل نفسها، لأنّها شعرَت أنّها السبب بعدَم قدرتي على إنقاذ أمّي. إحتَرتُ في أمري، فكان أهمّ شخصَين على قلبي بخطر ولَم تكن في يَدي حيلة! فديوني كانت ستودي بي حتمًا إلى السجن، وعندها، مَن سيهتمّ بمَن؟ لمتُ الله كثيرًا، لكنّني لَم أكن أعلَم أنّه يرى ما يحصل، وقرَّرَ أن يُنهي عذابي أخيرًا. فذات ليلة، بينما كنتُ أقومُ بعمَلي الثاني، وقعتُ أرضًا وأُغمِيَ عليّ، فتمّ نقلي إلى المشفى حيث اعتنوا بي. سألَني الطبيب على الفور إن كنتُ مُرهقًا، فأخبَرتُه عن حالة سوسن وعلاجاتها الباهظة وعمَليّ وديوني ومصيبة أمّي. نظَرَ الرجُل إليّ باندهاش، وأعطاني ورقة وقلَم لأدوِّن أسماء العلاجات التي تتلقّاها زوجتي والأقراص التي تتناولها. فرِحتُ لأنّه كان حتمًا سيُدبِّرَ لي مُساعدات مجّانيّة أو شِبه مجّانيّة، لأنّه أخَذَ هاتفه وخابَرَ القسم الذي يُعنى بعلاج المرضى المُصابين بالتصلّب المُتعدِّد، وقرأ لهم ما كتبتُه على الورقة. وحين أقفَلَ الخطّ، قالَ لي: ـ ألف مبروك يا سيّدي... لا داعٍ للخوف، فزوجتكَ تُعاني فقط مِن مرَضَين شائعَين: الكذِب والاحتيال. ـ ماذا؟ لِما تقول هذا؟ لستُ أفهم! ـ تلك العلاجات ليست موجودة وكذلك الأقراص، على الأقلّ ليس لِمرَضها المزعوم, قُل أي، هل ذهبتَ معها ولو مرّة حين كانت تقصد المشفى لتتعالج؟ ـ للحقيقة لا، تُرافقُها أمّها. ـ أمّا بالنسبة للأقراص التي تتناولها زوجتكَ، فهي ليست باهِظة على الاطلاق، بل مُعظمها مقوّيات أو مضادّة للصداع البسيط. هل رأيتَ على الأقلّ التقارير الطبيّة؟ ـ لا. ـ إذًا إسمَح لي سيّدي بأن أقولَ إنّكَ غبيّ. أمّا في ما يخصّ أمّكَ، التي أظنّ أنّها حقًّا مريضة، فهناك إمكانيّة لإجراء العمليّة عبر وزارة الصحّة أو مؤسّسات خيريّة تُغطّي مُعظم التكاليف، وإليكَ بعض الأسماء والعناوين. نصيحة أخيرة: تخلَّص مِن زوجتكَ وبأسرع وقت، فمَن يقومُ بتلك الأعمال عالِمًا أنّكَ ترزَح تحت الديون وتعمَل ليلًا نهارًا وتُضحّي بحياة أمّكَ، لن يتأخّر عن فعل ما هو أفظَع. عدتُ إلى البيت رجُلًا مكسورًا، وانتظرتُ الصباح لأواجِه سوسن، طالبًا منها أن تريني التقارير الطبّيّة والوصفات للأقراص، فبدأَت بالبكاء لأنّني "أشكّ بمصداقيّتها" وهدَّدَتني بقتل نفسها. إلّا أنّني لَم أُصدِّقها طبعًا بعد كلّ الذي قالَه ذلك الطبيب، وبعد أن أدركتُ أنّ مُحاولتها الانتحار في المرّة السابِقة كانت مُجرّد تمثيل. وأمام رفضها إبراز براهين عن مرَضها، خابَرتُ المُحتالة أمّها وهدّدتُها بالاشتكاء عليها وابنتها، إن لَم تأتِ وتأخذها مِن بيتي على الفور. بعد رحيل زوجتي الكاذِبة، بدأتُ الاتّصالات بالأرقام التي أعطاني إيّاها الطبيب، ووجدتُ مؤسّسة خيريّة تستطيع تغطية عمليّة أمّي بالكامل. الحمد لله! إرتاح قلبي أخيرًا وبدأتُ أعمَل بِكدّ وجهد لتسديد ديوني واسترجاع حياتي كما كانت. تعافَت والدتي وبدأتُ أرى آخِر النفق المُظلِم الذي أدخلَتني فيه سوسن. سمعتُ أنّ طليقتي إشترَت سيّارة جديدة، وذهبَت وأمّها لقضاء عطلة في إحدى البلدان السياحيّة... كلّ ذلك مِن مالي وتعَبي. هل هي أحبَّتني ولو في البدء؟ لا أظنّ ذلك، فهي أرادَت الخروج مِن فقرها وعَيش الحياة التي تراها على مواقع التواصل الاجتماعيّ، حتّى لو عنّى ذلك أن تُسبّبَ لي اليأس والموت لأمّي. يا للإنسانة القبيحة ويا لأمّها الماكِرة والمُجرّدة مِن أيّ إنسانيّة! لا أظنّ أبدًا أنّ الفقر هو ما أوصَل هاتَين المرأتَين للتخطيط لسرقتي، بل قلبهما الأسوَد، وهو قلب لا يشبَع إلّا بعدما يستنزِف فريسته كلّيًّا.

يوتيوب يُعلن الحرب على الفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي
يوتيوب يُعلن الحرب على الفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي

رائج

timeمنذ 11 ساعات

  • رائج

يوتيوب يُعلن الحرب على الفيديوهات المصنوعة بالذكاء الاصطناعي

في خطوة تهدف إلى تعزيز جودة المحتوى وحماية ثقة المستخدمين، أعلنت منصة "يوتيوب" عن تحديث جديد لسياسات تحقيق الأرباح ضمن برنامج الشركاء (YPP)، يدخل حيّز التنفيذ اعتبارًا من 15 يوليو الجاري، ويستهدف الحد من انتشار المحتوى غير الأصلي والمقاطع المنتجة آليًا أو المتكررة، والتي بات إنتاجها أكثر سهولة بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي. ويأتي هذا التحديث في إطار توجه المنصة لتوضيح معايير الأهلية لتحقيق الدخل، حيث تؤكد "يوتيوب" أن المحتوى المؤهل يجب أن يكون "أصليًا" و"أصيلًا"، بينما تُعد المقاطع المعاد تدويرها أو المنتجة تلقائيًا دون إضافة إبداعية واضحة غير مناسبة لتحقيق الأرباح. ورغم أن تفاصيل السياسة الجديدة لم تُعلن بالكامل، إلا أن دليل المساعدة الرسمي للمنصة يشير إلى أن التحديث سيُعرّف بشكل أدق ما يُعتبر محتوى "غير أصلي"، في ظل تصاعد ما يُعرف بـ"مخلفات الذكاء الاصطناعي"، وهو المحتوى منخفض الجودة الناتج عن استخدام تقنيات توليد المحتوى، مثل تركيب صوت آلي على صور ثابتة أو إعادة استخدام لقطات دون تعديل. اقرأ أيضاً: غوغل توسع تقنية الذكاء الاصطناعي "AI Overviews" لتشمل يوتيوب وقد أثار الإعلان مخاوف لدى عدد من صُنّاع المحتوى، خاصة من احتمالية شمول التحديث لمقاطع التفاعل أو الفيديوهات التي تتضمن لقطات معاد استخدامها، إلا أن رينيه ريتشي، رئيس قسم التحرير والعلاقات مع المبدعين في "يوتيوب"، أوضح في تصريح مصور أن التحديث "طفيف" ولا يُغيّر جوهر السياسات، بل يهدف إلى دعم خوارزميات المنصة في كشف المحتوى المكرر والمولد آليًا، مؤكدًا أن هذا النوع من المحتوى لطالما كان غير مؤهل للربح كونه "مزعجًا" من منظور الجمهور. وتأتي هذه الخطوة في ظل تقارير كشفت عن قنوات حصدت ملايين المشاهدات عبر محتوى تم إنشاؤه بالكامل باستخدام الذكاء الاصطناعي، من بينها مقاطع تتناول قضايا حساسة مثل محاكمة مغني الراب الأميركي "ديدي"، وسلاسل وثائقية عن الجرائم الحقيقية، بالإضافة إلى استخدام تقنية "ديب فيك" في حملات تصيّد إلكترونية استُغل فيها وجه الرئيس التنفيذي للمنصة، نيل موهان. وتؤكد "يوتيوب" أن السياسات الجديدة تهدف إلى منع التربح غير المشروع من محتوى رديء، وتعزيز بيئة رقمية أكثر موثوقية، داعيةً صُنّاع المحتوى إلى مراجعة إرشاداتها المحدثة والتأكد من تقديم محتوى يحمل قيمة حقيقية ويعكس جهدًا إبداعيًا ملموسًا. اقرأ أيضاً: يوتيوب تطرح تحديثات جديدة تشمل الدبلجة التلقائية وهدايا البث

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store