logo
بين افتتاح الرئيس الإرياني والقصف الإسرائيلي.. مطار صنعاء الدولي: قصة حلم لم يكتمل

بين افتتاح الرئيس الإرياني والقصف الإسرائيلي.. مطار صنعاء الدولي: قصة حلم لم يكتمل

اليمن الآنمنذ يوم واحد

بعيون ملؤها الحسرة وحنين لا ينطفئ، حدّق الموظف السابق في مطار صنعاء الدولي، لطفي محمد، في صورة متداولة للطائرة اليمنية، وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وسط ألسنة اللهب، بعد أن حولتها غارات جوية إسرائيلية إلى ركام مشتعل، صورة تجسّد لحظة السقوط النهائي لأهم شريان جوي في اليمن.
يقول لطفي، مستعيدا مشاهد من ذاكرة لم تزل حية: "خلف مكتبي في صالة المطار كنت أستقبل سياحاً من مختلف الجنسيات، في إحدى أمسيات عام 2008، حطّت طائرة تابعة للوفتهانزا وعلى متنها مجموعة من السياح من الأرجنتين، قلت لهم ممازحا: أنتم من بلد ميسي؟ فأجاب أحدهم بابتسامة: نحن من بلد مارادونا.د، كان المطار بوابتنا نحو العالم، قبل أن يتحول إلى مساحة مهجورة يلفها الصمت وركام الخيبات".
بين جدران ذلك المبنى، يقول لطفي، كانت الحياة تدب ليلًا ونهارًا، وكانت الوجوه العابرة تمثل لليمن أملاً بالانفتاح والتواصل مع العالم. لكنه اليوم لا يرى فيه سوى أطلال مكان كان يومًا ما أقرب إلى بيته الثاني.
في ظهيرة السادس والعشرين من سبتمبر 1973، وبينما كانت البلاد تحتفل بالذكرى الحادية عشرة لثورة 26 سبتمبر، وقف الرئيس الراحل عبدالرحمن الإرياني على منصة الشرف في مطار صنعاء الدولي، معلنا افتتاح المشروع الذي اعتُبر حينها علامة فارقة في مسيرة التحديث اليمنية.
قال الإرياني: "نفتتح هذا المطار الدولي الحديث كواحد من أهم منجزات ثورتنا المجيدة.. هذا المطار نافذتنا الواسعة على العالم".
ومنذ ذلك اليوم، بدأ مطار صنعاء في استقبال كبريات شركات الطيران العالمية، وأضحى محطة مهمة في خارطة الطيران الدولي، حتى جاء العام 2014 ليقلب الموازين.
مطار تحت سلطة الميليشيا
في سبتمبر 2014، استولت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، وبدأت بعدها مؤسسات الدولة بالتآكل والتلاشي، لم يكن مطار صنعاء استثناءً؛ تحوّل من مركز للحركة والتواصل إلى موقع عسكري تستخدمه الجماعة للتنسيق مع حلفائها، خصوصاً من إيران.
وفي 2015، فرض التحالف العربي بقيادة السعودية قيوداً صارمة على حركة الطيران، بدعوى منع تهريب الأسلحة عبر المطار.
تصاعدت الأحداث بشكل دراماتيكي مع مطلع العام 2024، حين قررت جماعة الحوثيين الاستيلاء على شركة الخطوط الجوية اليمنية فصادرت أكثر من 120 مليون دولار من أرصدتها في بنوك صنعاء، وبعد عملية فصل بين قسمي الشركة في عدن وصنعاء وصادرت أربع طائرات من أصل سبع هو كل أسطول الشركة، ليتصاعد الصراع الذي تسبب في انقسام ادارة الشركة بين صنعاء وعدن.
ثم بدأت إسرائيل تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية على الأراضي اليمنية، بعد مهاجمة الحوثيين للسفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، وهو ما فتح الباب أمام فصل جديد وأكثر خطورة.
في 26 ديسمبر 2024، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية أولى غاراتها على مطار صنعاء، بالتزامن مع قصف ميناء الحديدة ومحطات الكهرباء في حزيز ورأس كثيب، واستهدفت الغارات بنية المطار التحتية، بما في ذلك برج المراقبة، وصالة الركاب، ومدارج الإقلاع والهبوط، إلى جانب طائرات مدنية بينها طائرات تابعة للخطوط الجوية اليمنية.
وفي 6 مايو 2025، شهد المطار الضربة الأعنف، حيث استهدفت الغارات صالة المغادرة، مدارج الطائرات، برج المراقبة، وثلاث طائرات مدنية.
وكان الجيش الإسرائيلي أصدر تحذيرا مسبقا يطالب بإخلاء المنطقة، وهو سلوك غير مسبوق في العمليات العسكرية الإسرائيلية في اليمن، وأكملت الغارات الإسرائيلية ما تبقى من تدمير، ليُعلن فعلاً خروج المطار عن الخدمة.
ولم تتوقف الهجمات عند هذا الحد، ففي 28 مايو، أعلنت جماعة الحوثيين أن إسرائيل شنّت أربع غارات على المطار، دمّرت آخر طائرة يمنية كانت رابضة فيه، لتُغلق بذلك آخر نافذة جوية لشمال اليمن.
عزلة ومعاناة المرضى
بإغلاق مطار صنعاء، بات ملايين اليمنيين القاطنين في محافظات الشمال معزولين عن العالم الخارجي، ويضطرون إلى قطع مئات الكيلومترات للوصول إلى مطارات جنوب وشرق البلاد، في ظل وضع أمني واقتصادي بالغ التعقيد.
وفي ظل الحصار وتدهور المنظومة الصحية، يشكل المرضى النسبة الأكبر من المسافرين، خصوصاً أولئك الذين يسافرون للعلاج في المملكة الأردنية الهاشمية، التي بقيت الوجهة الوحيدة المربوطة بشكل محدود بمطار صنعاء خلال الفترات الهادئة.
قصة مطار صنعاء ليست مجرد قصة منشأة دُمّرت. إنها مرآة لحلم وطني كان يسعى للانفتاح والتطور، وانتهى إلى عزلة مفروضة وساحة لحرب متعددة الأطراف. ما بين لحظة قصّ الشريط الأحمر على يد الرئيس الإرياني، وحرائق القصف الإسرائيلي، اختُزل تاريخ المطار في مفارقة مُرّة: من رمز للسيادة والانفتاح، إلى رمز للعزلة والدمار.
ويبقى السؤال معلقًا: هل سيُكتب لمطار صنعاء أن يعود نافذة لليمن على العالم من جديد، أم سيطول بقاؤه شاهدًا صامتًا على زمن طواه اللهب؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تفجيرات تهز العاصمة صنعاء ليلاً ومصادر تكشف السبب
تفجيرات تهز العاصمة صنعاء ليلاً ومصادر تكشف السبب

اليمن الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليمن الآن

تفجيرات تهز العاصمة صنعاء ليلاً ومصادر تكشف السبب

كشفت مصادر محلية عن أن الانفجارات التي دوّت مساء أمس في العاصمة اليمنية صنعاء، ناتجة عن أعمال حفر تنفذها ميليشيا الحوثي داخل الجبال المحيطة بالمدينة، باستخدام مواد شديدة الانفجار من نوع "تي إن تي". وبحسب ما نقله المحامي والناشط الحقوقي محمد المسوري في تغريدة على منصة "إكس"، فإن الميليشيا تقوم بإنشاء أنفاق ومخازن سرية في تلك المناطق الجبلية، لاستخدامها كمخابئ وملاجئ عسكرية خاصة بها. من مصدر خاص.. الانفجارات التي سمعت في صنعاء في المساء. الحوثي يقوم بحفر انفاق داخل الجبال المحيطة في صنعاء بواسطة تفجير تي أن تي. واتضح.. أنهم يستخدمون مخازن ومخابئ وملاجئ لهم. ولعلمكم.. بأنها في أماكن تهدد حياة الأبرياء. كعادتهم لا يبالون بحياة الشعب اليمني. الحوثي عدو… June 12, 2025 وأكد المصدر، الذي لم تُكشف هويته، أن هذه الأعمال تتم في مواقع قريبة من الأحياء السكنية، مما يشكل تهديداً مباشراً لحياة المدنيين، في ظل تجاهل تام من قبل الميليشيات لسلامة السكان، وهو ما يعكس بحسب المراقبين "الاستهتار المعتاد" من الحوثيين بأرواح المواطنين. وتأتي هذه المعلومات وسط استمرار التوترات الأمنية والعسكرية في العاصمة، في وقت يتزايد فيه القلق الشعبي من تحوّل صنعاء إلى ساحة تحصينات سرية تهدد البنية التحتية والسلم الأهلي.

واشنطن تكشف 'أدلة' على 'دعم صيني' للحوثيين وتحذر من تصاعد التهديدات الإقليمية
واشنطن تكشف 'أدلة' على 'دعم صيني' للحوثيين وتحذر من تصاعد التهديدات الإقليمية

اليمن الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • اليمن الآن

واشنطن تكشف 'أدلة' على 'دعم صيني' للحوثيين وتحذر من تصاعد التهديدات الإقليمية

كشفت الولايات المتحدة الأمريكية عن أدلة تؤكد حصول جماعة الحوثي على مكونات وصور ثنائية الاستخدام من منشأ صيني، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من تنامي علاقات الجماعة مع أطراف إرهابية إقليمية. جاء ذلك في كلمة السفيرة دوروثي شيا، القائمة بأعمال الممثل الأمريكي لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن اليمن، مساء اليوم الخميس، حيث أكدت أن الحوثيين يحصلون على تقنيات ومكونات من شركة "تشانغ غوانغ" لتكنولوجيا الأقمار الصناعية المحدودة، وهي شركة تموّل مباشرة من السلطات الإقليمية والمركزية في الصين، وتستمد غالبية إيراداتها من بيع خدماتها لجيش التحرير الشعبي الصيني، كما تحظى بدعم مباشر من القيادة العليا للحزب الشيوعي الصيني. وأشارت شيا إلى وجود دلائل على تعميق الحوثيين علاقاتهم مع حركة الشباب الصومالية، داعية لجنتي خبراء الأمم المتحدة المعنيتين باليمن وحركة الشباب إلى التحقيق في طبيعة هذه العلاقة ورفع تقارير بشأنها. وفي السياق ذاته، أشادت السفيرة الأمريكية بجهود آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش (UNVIM)، والتي اعترضت مؤخرًا أربع حاويات محملة بمواد غير مشروعة كانت في طريقها إلى موانئ خاضعة لسيطرة الحوثيين. ودعت الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم المالي واللوجستي للآلية، مشيرة إلى أنها تحتاج فقط إلى 11 مليون دولار سنويًا للعمل بكامل طاقتها. كما شددت على أن موافقة آلية UNVIM لا تعفي السفن من العقوبات الأمريكية، مؤكدة أن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية لا يزال ساريًا، وأن أي دعم مادي لهم يعد انتهاكًا للقانون الأمريكي. وفيما يخص أمن الملاحة في البحر الأحمر، أكدت شيا أن وقف إطلاق النار في الممرات المائية لا يزال صامدًا، مشيرة إلى أن ذلك يعكس نجاح الولايات المتحدة في الدفاع عن حرية الملاحة البحرية، في إشارة إلى العمليات التي نفذتها واشنطن مؤخرًا. واتهمت الولايات المتحدة جماعة الحوثي بالاستمرار في تهديد السلام والاستقرار الإقليميين، وبالتسبب في تدهور صحة وسلامة الشعب اليمني، من خلال ممارسات ترهيبية واستغلال المدنيين. وقالت شيا: "يُرهبون أبناء وطنهم، ويُعيقون عمل المنظمات الإنسانية، ويستغلون المدنيين الأبرياء من خلال ممارسات تجارية ومالية جشعة. ويستغلون واردات النفط، ويضايقون أعضاء المجتمع المدني الذين يتجرأون على انتقادهم". وأعادت إلى الأذهان مرور عام على حملة الاعتقالات التي شنتها الجماعة ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بمن فيهم موظفون في البعثة الأمريكية، مؤكدة أن المعتقلين أُجبروا على الاعتراف بتهم تجسس باطلة في سلسلة من مقاطع الفيديو الدعائية التي نُشرت صيف العام الماضي، ولا يزالون يواجهون خطر المحاكمات الزائفة وأحكام الإعدام. وطالبت بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين. ووصفت شيا الممارسات الحوثية بأنها "أعمال إرهابية" تمتد إلى جميع أنحاء المنطقة، مشيرة إلى أن الجماعة شنت مؤخرًا هجمات صاروخية شبه يومية على إسرائيل، بما في ذلك استهداف مطار بن غوريون، وأكدت أن هذه الهجمات لم تكن لتحدث لولا الدعم الإيراني، الذي اعتبرته خرقًا لحظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة. واختتمت شيا كلمتها بالتأكيد على التزام واشنطن بمواصلة فرض العقوبات على الأفراد والكيانات التي تقدم دعماً للحوثيين، بهدف حرمان الجماعة من الموارد التي تموّل شبكتها الإرهابية، مجددة التزام الولايات المتحدة بأمن واستقرار المنطقة.

الحوثيون على خطى إيران والعراق.. يوم 'الغدير' إجازة غير معلنة للسنة الثالثة
الحوثيون على خطى إيران والعراق.. يوم 'الغدير' إجازة غير معلنة للسنة الثالثة

اليمن الآن

timeمنذ 4 ساعات

  • اليمن الآن

الحوثيون على خطى إيران والعراق.. يوم 'الغدير' إجازة غير معلنة للسنة الثالثة

يمن ديلي نيوز: قالت وزارة الخدمة المدنية في حكومة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية (غير المعترف بها) إن استئناف دوام الوحدات الإدارية التابعة لها سيكون يوم الأحد القادم، 15 يونيو/حزيران، أي بعد إحياء الجماعة للمناسبة الشيعية 'الغدير' أو 'الولاية' في 18 ذو الحجة. ورصد 'يمن ديلي نيوز' منذ ثلاثة أعوام تأجيل جماعة الحوثي استئناف الدوام الرسمي للوحدات الإدارية التابعة لها إلى اليوم التاسع بعد عيد الأضحى، في إجراء غير معلن يُظهر اعتماد الجماعة 'يوم الغدير' كإجازة، كما هو الحال في إيران والعراق. وطبقاً لقانون العُطل والإجازات، الذي ما زال ساري المفعول في مناطق سيطرة الحوثيين، فإن إجازة عيد الأضحى تنتهي في اليوم الرابع من العيد، والذي تزامن هذا العام مع يوم الثلاثاء الماضي، 10 يونيو/حزيران. وفي حين يُفترض بدء الدوام رسمياً في مناطق الحوثيين يوم السبت المقبل، باعتباره أول أيام الأسبوع لديهم، إلا أن وزارة الخدمة المدنية التابعة للجماعة قالت في بيانها الخاص بتحديد إجازة عيد الأضحى إن الإجازة 'تنتهي يوم السبت 18 ذو الحجة الموافق 14 يونيو 2025م، فيما يُستأنف الدوام الرسمي في كافة الوحدات يوم الأحد 19 ذو الحجة'. وبررت وزارة الخدمة المدنية في حكومة الحوثيين تأجيل بدء الدوام الرسمي إلى الأحد القادم بتلقيها توجيهات قالت إنها صدرت بهذا الشأن، إضافة إلى القانون رقم (2) لسنة 2000، المادة رقم (3)، الفقرة (2) بشأن الإجازات والعُطل الرسمية. وبالعودة إلى القانون رقم (2) لسنة 2000، تنص الفقرة الثانية من المادة (3) على أن إجازة 'مناسبة عيد الأضحى المبارك تبدأ من 9 ذي الحجة وتنتهي في اليوم الرابع من أيام العيد'، أي قبل أربعة أيام من موعد استئناف الحوثيين للدوام الرسمي. ودأبت جماعة الحوثي، المنضوية تحت المحور الإيراني، على إحياء هذه المناسبة منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء، إذ يقول الحوثيون إن 'يوم الغدير' هو اليوم الذي أوصى فيه 'رسول الله صلى الله عليه وسلم' بالولاية لابن عمه علي بن أبي طالب. ومع وصول المرشد الإيراني 'علي الخميني' إلى سدة الحكم في إيران عام 1979، تم اعتماد 'يوم الغدير' عطلة رسمية في البلاد. وفي مايو/أيار 2024، اعتمدت العراق، التي تسيطر عليها الأذرع الشيعية الإيرانية، 'يوم الغدير' عطلة رسمية في جميع أنحاء البلاد لأول مرة، بعد أن كانت هذه المناسبة مقتصرة على الطوائف الشيعية. وتستعد جماعة الحوثي، السبت القادم 14 يونيو/حزيران، لإحياء ما تسميه 'يوم الولاية'، وهي المناسبة التي شرعت الجماعة في إحيائها بشكل مكثف منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء في عام 2014. وتقول الجماعة إن 'يوم الغدير'، 18 ذو الحجة من العام 11 هجري، في منطقة تُسمى 'غدير خم'، هو اليوم الذي أوصى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه علي بن أبي طالب بالولاية من بعده. مرتبط

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store