logo
مجلة تايم: الذكاء الاصطناعي يغيّر موازين القوة في العالم

مجلة تايم: الذكاء الاصطناعي يغيّر موازين القوة في العالم

الجزيرةمنذ يوم واحد
بينما تتسارع قدرات الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، متجاوزة قوانين التطور التكنولوجي التقليدية، يقترب العالم من لحظة حاسمة ستعيد تشكيل الاقتصاد والسياسة والجغرافيا السياسية على حد سواء.
فمن مختبرات العلوم المتقدمة إلى مكاتب الشركات، ومن الموانئ الأميركية إلى مناجم المعادن النادرة في الصين ، تدور معركة شرسة على الموارد والتقنيات ستحدد من يمتلك مفاتيح القوة في القرن الـ21.
وفي قلب هذه المعركة، تخوض الولايات المتحدة والصين سباقا محموما، بينما يترقب باقي العالم تداعيات ثورة قد تعصف بالوظائف، وتغير طبيعة العمل، وتعيد رسم خرائط النفوذ الدولي.
سرعة غير مسبوقة
ويشير إيان بريمر كاتب العمود في مجلة (تايم) الأميركية إلى أن الذكاء الاصطناعي يتطور الآن بسرعة غير مسبوقة، لكن قلة من القادة السياسيين يدركون ذلك.
فعلى مدى عقود، جرى قياس التقدم التكنولوجي بوتيرة عُرفت بـ"قانون مور"، نسبة إلى غوردون مور، الشريك المؤسس لشركة إنتل، الذي لاحظ أن عدد الترانزستورات على الشريحة الإلكترونية يتضاعف تقريبا كل 18 إلى 24 شهرا.
أما اليوم، فإن العالم يقترب مما يمكن اعتباره "قانون ناديلا"، على اسم الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت ساتيا ناديلا، الذي قال -في مؤتمر الشركة السنوي (إغنايت 2024) في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي بمدينة شيكاغو الأميركية: "كنا نرى -كما هو الحال في قانون مور- تضاعف الأداء كل 18 شهرا في الذكاء الاصطناعي. أما الآن فقد بدأنا نرى هذا التضاعف في قدراته كل 6 أشهر تقريبا".
وبسبب هذه الوتيرة "المربكة" -كما يصفها بريمر في مقاله- فإن ثمة نتيجتان رئيسيتان تلوحان في الأفق القريب:
النتيجة الأولى، أن البشرية على وشك أن تعيش في عالم يستطيع فيه الذكاء الاصطناعي إنتاج اكتشافات علمية بشكل مستقل في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد الذي يستعين بالذكاء الاصطناعي لتصميم مواد جديدة تُستخدم في إنتاج الطاقة والطب، والبناء، والإلكترونيات، والطيران.
وقريبا، قد تتمكن النماذج الذكية من تنفيذ المنهج العلمي كاملا من دون تدخل بشري.
والنتيجة الثانية، بروز ما يُعرف بـ"الذكاء الاصطناعي الوكيل"، وهو نظام ذكاء اصطناعي يعمل باستقلالية، ويتكيف آنيا، ويحل مشكلات متعددة الخطوات بناء على السياق والأهداف. كما أنه قادر على تنفيذ مهام عمل معقدة على نحو متزايد من دون تدخل الإنسان. ويتوقع الخبراء أن هذا التطور قد يتحقق خلال عام واحد تقريبا، ما سيعيد تشكيل بيئة العمل كليا.
وبالذكاء الاصطناعي الوكيل ستقفز الإنتاجية، لكن طبيعة الوظائف المكتبية، وعدد العاملين في هذا القطاع، سيتغيران بشكل كبير.
الذكاء الاصطناعي الوكيل قادر على تنفيذ مهام عمل معقدة على نحو متزايد من دون تدخل الإنسان. ويتوقع الخبراء أن هذا التطور قد يتحقق خلال عام واحد تقريبا، ما سيعيد تشكيل بيئة العمل كليا.
فقدان الوظائف
ويحذر كاتب المقال العاملين في مجالات البحث العلمي، والأعمال القانونية المساعدة، والمحاسبة، والتحليلات، والتصميم الغرافيكي، وأي وظيفة مكتبية مبتدئة، من أن اليوم الذي يقوم فيه الذكاء الاصطناعي بعملهم لا يبعد سوى عامين أو 3 فقط.
وفي المجال السياسي، يتوقع الكاتب موجة صدامات اجتماعية وسياسية بسبب الأتمتة وفقدان الوظائف، على غرار إضراب عمال الموانئ الأميركيين العام الماضي.
ففي البداية، ستقاوم معظم المؤسسات في القطاعين العام والخاص عمليات الإزاحة الشاملة لأعداد كبيرة من العمال، قدر المستطاع. لكن حين تضرب الأزمة الاقتصادية المقبلة، سيجد قادة هذه المؤسسات أنفسهم أمام سلسلة من الخيارات الصعبة أثناء رسمهم لمسار المستقبل، وفق مقال تايم الأميركية.
ميزان القوى العالمي
وعلى الصعيد الجيوسياسي، يرى بريمر أن السباق بين واشنطن وبكين على أشباه الموصلات والمعادن النادرة والطاقة سيحدد ميزان القوى العالمي، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تملك حاليا أفضلية كبيرة بفضل شركات الحوسبة السحابية العملاقة ومنظومتها العلمية والمالية.
لكنه يشير، مستدركا، إلى أن سياسات إدارة الرئيس دونالد ترامب الحالية -خاصة تجاه الجامعات والحلفاء- قد تقوض هذه الميزة على المدى الطويل.
واعتبر أن قرار ترامب الأخير بالسماح للصين بشراء أكثر الرقائق تطورا من شركة إنفيديا سلط الضوء على النفوذ الذي تمنحه هيمنة بكين على إنتاج ومعالجة المعادن النادرة والأساسية، وذلك إلى أن تتمكن الولايات المتحدة من تطوير قدرات تحد من هذه الأفضلية. لكن انعدام الثقة العميق بين البلدين ما يزال قائما ولا يتراجع، وفق الكاتب.
قاعدة الانتشار
وأفاد المقال أن إدارة الرئيس السابق جو بايدن أصدرت في أيامها الأخيرة ما يُعرف باسم "قاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي"، التي صنّفت دول العالم إلى 3 فئات حسب احتمالية قيامها بتحويل التقنيات الحساسة إلى الصين، مع فرض مستويات متفاوتة من القيود، خصوصا على تصدير النماذج المغلقة التي لا تتاح للجمهور.
لكن في مايو/أيار الماضي، تخلت إدارة ترامب عن "قاعدة الانتشار" تلك وتحولت إلى النظام الكمي الذي يستعيض عن القواعد النوعية بآلية كمية تُلزم تصدير 50% على الأقل من البيانات إلى الولايات المتحدة، على ألا يزيد ما يُصدر من بيانات إلى أي دولة أخرى على 7%، والمقصود هنا الصين.
ومع أن هذه القواعد الجديدة تمنح الولايات المتحدة هيمنة أكبر، إلا أنها تفاقم الخلافات مع الصين وتُصعِّب التوصل لاتفاقات تجارية معها، بحسب المقال.
إعلان
ويخلص بريمر إلى أن الذكاء الاصطناعي سيعيد رسم السياسة الداخلية والخارجية عالميا، ويزيد حدة المنافسة بين واشنطن وبكين مما ستنعكس آثاره المباشرة على عشرات الدول الأخرى، وهو ما يجعل الحاجة ملحة للتفكير في تداعياته قبل أن تتسارع التحولات وتصبح خارج نطاق السيطرة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

سام ألتمان يطلق شركة جديدة لمنافسة ماسك في سباق العقول
سام ألتمان يطلق شركة جديدة لمنافسة ماسك في سباق العقول

الجزيرة

timeمنذ 14 دقائق

  • الجزيرة

سام ألتمان يطلق شركة جديدة لمنافسة ماسك في سباق العقول

بدأ مؤسس شركة " أوبن إيه آي" للذكاء الاصطناعي بتأسيس شركته الجديدة التي تدعى "ميرج لابس" (Merge labs) وتعمل في تصميم واجهات التحكم في الحواسيب عبر الأدمغة، وذلك وفق تقرير نشره موقع "تيك كرانش" التقني. ويستثمر فريق الاستثمارات في "أوبن إيه آي" بشكل كبير في الشركة الجديدة، إذ يتوقع أن تصل قيمتها إلى 850 مليون دولار وفق مصادر مقربة من الشركة. ويعمل أليكس بلانيا الذي يدير شركة "تولز فور هيومانيتي" (Tools for humanity) المعروفة سابقا باسم "ورلد" (World) والمملوكة من قبل سام ألتمان أيضا في الشركة الجديدة، وهي المسؤولة عن مشروع الهوية الرقمية عبر مسح قرنية العين. وتسعى الشركة لمنافسة شركة إيلون ماسك"نيورالينك" (Nueralink) المطورة للشرائح العصبية التي تتيح للمستخدمين التحكم في الحواسيب عبر أدمغتهم، ويذكر التقرير أن ماسك أسس الشركة في 2016 وبدأ نشاطها في عام 2017. وما تزال "نيورالينك" في الوقت الحالي تعمل على تطوير الشرائح واختبارها على المستخدمين البشر المصابين بالتحديات الحركية، وجمعت الشركة في يونيو/حزيران الماضي 600 مليون دولار كتمويل ضمن تقييمها بأكثر من 9 مليارات دولار. وتسعى هذه الشركات لتطوير آليات استخدام الحواسيب بشكل جذري، إذ لن يحتاج المستخدم إلى لوحة مفاتيح أو فأرة للتفاعل مع الحواسيب أو حتى الإمساك بالقطع التقنية، فكل ما يحتاجه هو التفكير في ما يرغب به ليقوم الحاسوب بالتنفيذ. ويشير التقرير إلى أن ألتمان تحدث عن الشركة للمرة الأولى في عام 2017، وذلك بعد رؤية الأبحاث التي دعمها إيلون ماسك أثناء وجوده في "أوبن إيه آي" في ذلك الوقت قبل أن يتركها ويبدأ صراعه مع ألتمان في عام 2018. ويبدو أن تأسيس الشركة الجديدة جاء خصيصا لمنافسة "نيورالينك" وإيلون ماسك في قطاع الشرائح العصبية الذي يرى كلا المؤسسين أنه لا يقل أهمية عن الذكاء الاصطناعي الخارق، لذا يتوقع الإعلان رسميا عن الشركة في الأسابيع القادمة.

مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر
مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

مدونة الذكاء الاصطناعي الأوروبية الجديدة تثير جدلا حول الشفافية وحقوق النشر

في ظل التسارع الكبير لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها المتزايد على المجتمعات والاقتصادات، تسعى الحكومات والهيئات التنظيمية حول العالم إلى وضع أطر قانونية وأخلاقية تضمن الاستخدام المسؤول والآمن لهذه التقنيات. وتقول الباحثة إيزابيلا ويلكنسون -في تقرير نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)- إن قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي يعد الإطار القانوني الأكثر شمولا في العالم لتنظيم الذكاء الاصطناعي. وبدأت قواعده المتعلقة بنماذج الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة تدخل حيز التنفيذ هذا الشهر. وتضيف أن هذا القانون يعد معقدا، ويتضمن التزامات صارمة على الشركات التي تقدم أنظمة ذكاء اصطناعي تستخدم داخل الاتحاد الأوروبي ، مثل شركتي "أوبن إيه آي" و"ديب مايند". ولمساعدة هذه الشركات على الامتثال للمتطلبات القانونية، ألزم القانون بوضع مدونة ممارسات خاصة بنماذج "جي بي إيه آي". وتعد هذه المدونة وثيقة توجيهية، فهي عبارة عن مجموعة من الإرشادات غير الملزمة قانونيا، تهدف إلى مساعدة الشركات في إثبات التزامها في مجالات مثل الشفافية وحقوق النشر والسلامة. ومن الجدير بالذكر أن مقدمي نماذج "جي بي إيه آي" الذين يختارون عدم التوقيع على المدونة يظلون ملزمين بالامتثال لمتطلبات قانون الذكاء الاصطناعي، لكن يسمح لهم بالإبلاغ عن كيفية التزامهم بالقانون بطرق أخرى مختلفة. وبعد عملية استغرقت قرابة عام، وشهدت مشاركة علماء وباحثين عالميين بارزين في مجال الذكاء الاصطناعي، نُشرت المدونة أخيرا في أوائل يوليو/تموز. وقد أثارت عملية إعدادها الكثير من الجدل والانتقادات. ورغم ذلك، يمكن أن يكون للمدونة دور محوري في تشكيل وتوجيه منظومة الحوكمة العالمية الفعالة للذكاء الاصطناعي، ولا سيما تلك المتعلقة بنماذج "جي بي إيه آي" التي تنطوي على مخاطر نظامية. جدل الشفافية وحقوق النشر وشابت عملية إعداد قانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي خلافات ونزاعات مستمرة. كما أثارت عملية صياغة المدونة المصاحبة للقانون جدلا واسعا، إذ أعادت إلى الواجهة نقاشات قديمة داخل الاتحاد الأوروبي حول الشفافية وحقوق النشر، وعمّقت في الوقت ذاته قضايا حديثة تتعلق بتأثير شركات التكنولوجيا الكبرى. وتتعلق بعض الخلافات بطريقة إعداد المدونة؛ فقد اتهمت جهات من المجتمع المدني القائمين على صياغة المدونة ومكتب الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي بمنح شركات التكنولوجيا الأميركية امتيازات خاصة في الوصول والتأثير. وفي المقابل، رحّب البعض الآخر بشمولية العملية، لكنه اعتبر أن سرعة الصياغة والمعرفة التقنية المطلوبة لمتابعتها شكّلتا حاجزين يحولان دون مشاركة أوسع. أما محتوى المدونة نفسها فقد أثار أيضا انقسامات. على سبيل المثال، كانت مسألة الشفافية محورا رئيسيا للخلاف؛ إذ طالبت مجموعات من المجتمع المدني وأكاديميون بأن تدفع المدونة نحو قدر أكبر من الشفافية في كيفية عمل نماذج الذكاء الاصطناعي تقنيا، وكذلك في كيفية توصيل هذه المعلومات إلى الجمهور، بينما رأى آخرون أن مسودة المدونة تضعف الحماية الممنوحة للحقوق الأساسية لمستخدمي هذه الأنظمة. وعلى الرغم من وجود بعض الانقسامات داخل القطاع الصناعي الأوروبي، فإن الرسالة العامة كانت واضحة وهي أن قانون الذكاء الاصطناعي ومدونته يتجاوزان الحدود. ففي أوائل يوليو/تموز، دعا رؤساء كبرى الشركات الأوروبية إلى وقف تنفيذ القانون والمدونة لمدة عامين، مشيرين إلى مخاوف بشأن تعقيد القانون وتأثيره السلبي على القدرة التنافسية للاقتصاد الأوروبي. وعبّرت شركات من خارج الاتحاد الأوروبي أيضا عن مجموعة من المخاوف بشأن قواعد الاتحاد الخاصة بالذكاء الاصطناعي، فقد تعهد رئيس الشؤون القانونية في شركة غوغل ، كينت ووكر، بالتوقيع على المدونة، لكنه أشار إلى أنها قد تؤدي إلى "إبطاء تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي في أوروبا". أما شركات كبرى أخرى مثل "أنثروبيك" و"أوبن إيه آي" فقد وقعت على المدونة. في المقابل، لم تكن شركة "ميتا" قد وقعت عليها حتى لحظة إعداد هذا التقرير. وقد صرح مدير الشؤون العالمية في "ميتا"، جويل كابلان، مؤخرا بأن "المبالغة في نصوص المدونة سيخنق تطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة في أوروبا". تعزيز التنافسية وقد تبنى بعض صُناع السياسات المؤثرين هذه الانتقادات، ففي تقرير بارز صدر العام الماضي عن الاتحاد الأوروبي أعده ماريو دراجي، ورد أن العقبات التنظيمية "المرهقة" التي تعوق الابتكار في قطاع التكنولوجيا، ومن بينها قانون الذكاء الاصطناعي، تضعف القدرة التنافسية للاتحاد الأوروبي. ويطالب دراجي وعدد من صناع السياسات الآخرين بتبسيط تلك الأطر التنظيمية، ليس فقط في مجال الذكاء الاصطناعي، باعتباره وسيلة لتعزيز التنافسية الأوروبية. وترتبط النقاشات حول تعزيز التنافسية ارتباطا وثيقا بالحديث عن تعزيز السيادة الأوروبية على البنية التحتية التكنولوجية، وخلق بدائل حقيقية للذكاء الاصطناعي القادم من الولايات المتحدة والصين. وأصبح هذا الموضوع أكثر بروزا في الأشهر الأخيرة، مع اتخاذ دول مثل المملكة المتحدة موقفا رافضا للتسرع في تنظيم الذكاء الاصطناعي، ومع التزام إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجديدة في الولايات المتحدة بخطة عمل تهدف إلى إزالة الحواجز التنظيمية. وفي الواقع، فإن الإدارة الأميركية الحالية تعارض بشدة النهج الذي تتبعه بروكسل، فقد وجّه جيه دي فانس ، نائب الرئيس الأميركي، انتقادات حادة للتنظيمات الأوروبية خلال قمة للذكاء الاصطناعي في باريس في فبراير/شباط الماضي، قائلا: "نحن بحاجة إلى نظام تنظيمي دولي يدعم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بدلا من خنقها". وتقول ويلكنسون إن اتفاق التجارة الأخير بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يبدو أنه زاد من حالة الغموض، بعدما لم يستبعد وزير التجارة الأميركي إجراء مزيد من المحادثات بشأن ما وصفته بـ"هجوم الاتحاد الأوروبي على شركاتنا التكنولوجية". وأثارت "مدونة الممارسات" جدلا واسعا، إذ تأتي في وقت تتجه فيه الحكومات عالميا بعيدا عن التنظيمات الصارمة نحو أطر أكثر مرونة. ورغم الجدل المثار حولها، من المرجّح أن يكون للمدونة تأثير عالمي. فكثيرا ما يحتذى بعناصر من تشريعات وتوجيهات الاتحاد الأوروبي في بلدان أخرى، رغم أن مدى حدوث ذلك في مجال الذكاء الاصطناعي لا يزال موضع نقاش حاد. وقد يكون للمدونة دور حيوي في تشكيل وتوجيه الحوكمة العالمية الفعالة للذكاء الاصطناعي. وحققت المدونة هدفين رئيسيين: أولا: أوضحت الالتزامات الواردة في أكثر تشريعات الذكاء الاصطناعي شمولا في العالم. ثانيا: من خلال ذلك، زوّد واضعو المدونة لصانعي القرار في المستقبل دليلا عمليا لصنع قرارات ديمقراطية بشأن الذكاء الاصطناعي. فالعملية الشفافة والشاملة التي أنتجت المدونة توفر للعالم دروسا مستفادة، سواء في شكل تحذيرات من المزالق أو كنماذج للممارسات المثلى. وتخضع حوكمة التكنولوجيا لتطور دائم، وستشهد المدونة بدورها نسخا مستقبلية جديدة. ويفتح هذا فرصة لبروكسل لتعزيز مصداقيتها وشرعيتها، والاستفادة من الروابط الإستراتيجية مع الأبحاث المتقدمة، وربط جهود الحوكمة الأخرى حول العالم. وتقول ويلكنسون إنه ينبغي على بروكسل، وتحديدا مكتب الذكاء الاصطناعي التابع لها، وكذلك الهيئات التنظيمية الوطنية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، أن تتخذ خطوات ملموسة لترسيخ نفسها كمركز تميز لصناعة حوكمة ذكاء اصطناعي ديمقراطية، قابلة للتطور، وخاضعة للمساءلة. وترى أن توثيق النجاحات والإخفاقات في تصميم المدونة من شأنه أن يضمن كونها وثيقة حية قابلة للتعديل، مما يعزز بدوره قدرات الهيئات التنظيمية في أماكن أخرى من العالم. ولتحقيق ذلك، لا بد أن يضمن مكتب الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي إمكانية استفادة المنظمين في دول أخرى من الدروس المستخلصة من تصميم المدونة، وبناء التماسك عند الحاجة، سواء اختاروا تنظيما صارما وشاملا أو نهجا أكثر مرونة. وتضيف أنه يمكن الاستفادة من نماذج قائمة حاليا، مثل المنتديات المستقلة والدولية القائمة على التنسيق بين الهيئات التنظيمية وتعزيز القدرات في مجال السلامة الرقمية، إذ يمكن أن تقدم هذه النماذج إطارا يحتذى به، إلى جانب تطوير أدوات استشرافية للقضايا القانونية الجديدة والمعقدة التي قد تظهر مستقبلا. كما ينبغي على مكتب الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي أن ينشر نتائج تطوير المدونة بشكل نشط ضمن شبكة المعاهد الدولية المعنية بسلامة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من الهيئات الدولية، مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تتولى حاليا الإشراف على إطار التقارير الطوعية لمزودي نماذج الذكاء الاصطناعي. وقد يُسهم هذا في تعزيز الاتساق حول المبادئ الأساسية الخاصة بالحوكمة الشفافة المبنية على مشاركة أصحاب المصلحة.

السيادة الرقمية.. عندما يرتهن مصير دول بكبسة زر
السيادة الرقمية.. عندما يرتهن مصير دول بكبسة زر

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

السيادة الرقمية.. عندما يرتهن مصير دول بكبسة زر

يشهد العالم تحولات تكنولوجية ورقمية متسارعة تدفع كبرى الدول إلى مواكبة أحدث التطورات في مختلف المجالات، لا سيما تلك المتعلقة ب الأمن السيبراني والدفاع والاقتصاد. وفي ظل الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية، تبرز حاجة الدول الملحة لتطوير قطاعاتها وتحديثها بناء على التقنيات الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة تقنية ابتكرها العقل البشري لاستخدامها في التعليم والبرمجة والطب والإعلام والأفلام وغيرها من المجالات، بل أصبح ركيزة أساسية تعتمد عليها الدول في تبنّي إستراتيجياتها واتخاذ قراراتها السياسية والأمنية والاقتصادية. ويتوقع الخبراء أن ما يعرف بـ"السيادة الرقمية" القائمة على أدوات الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ستكون هي القوة المسيطرة على العالم، خصوصا مع بروز إستراتيجيات تعتمدها الدول للتصدي للمخاطر الأمنية والعسكرية والاقتصادية. في هذا التقرير سنبرز واقع السيادة الرقمية في ظل الحروب الراهنة، وكيف تتحكم الاستخبارات السيبرانية بمصير سياسات الدول واقتصاداتها؟ معركة وجود في النصف الأول من القرن العشرين، شهد العالم حروبا كانت قائمة على قوة الهجمات النارية والمعدات العسكرية الثقيلة، من مدافع ودبابات وطائرات وقنابل استهدفت الأرض وملايين البشر وغيرت مجرى التاريخ. أما اليوم، فنحن أمام نوع جديد من الصراعات غير التقليدية التي تعتمد على التكنولوجيا والرقمنة، حيث باتت الحروب الرقمية والهجمات السيبرانية أدوات رئيسية تستخدمها الدول لتحقيق أهداف إستراتيجية على المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية. يرى المتخصص في الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي المهندس قاسم دنش أن السيادة الرقمية لم تعد ترفا فكريا أو ملفا تقنيا، بل أصبحت خط الدفاع الأول للأمن القومي وقدرة الدول على الصمود في مواجهة الحروب الحديثة التي تتخذ شكلا اقتصاديا بالدرجة الأولى، وتتقاطع مع الفضاء السيبراني بشكل مباشر. وأضاف، خلال حديثه للجزيرة نت، أن "معركة السيادة الرقمية هي معركة وجود، فمن يملك السيطرة على فضائه الرقمي يملك القدرة على حماية اقتصاده وفرض إرادته وتأمين أمنه القومي في زمن الحروب الاقتصادية والميدانية معا، والقوة اليوم باتت تقاس بقدر ما تملك من سيطرة على البيانات والفضاء السيبراني تماما كما كانت تقاس سابقا بما تملكه من أرض وسلاح". من جهتها، نشرت الجمعية الفرنسية للمعلومات سلسلة من المقابلات، من بينها مقابلة مع لودوفيك مي مدير برنامج الأمن السيبراني لدى وكالة البرمجة التابعة للمعهد الوطني الفرنسي للبحث في علوم الحوسبة والرياضيات التطبيقية (INRIA)، طرحت خلالها تأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف القطاعات المهنية، ولا سيما مجال الأمن السيبراني. وقد أبرزت المقابلة الدور المتصاعد للذكاء الاصطناعي في تطوير أدوات وتقنيات الحماية والدفاع، بالإضافة إلى تركيزها الشديد على تداعيات هذه التقنية وأن هذا التطور يتطلب وجود مراكز بيانات ضخمة ذات استهلاك عال للطاقة من أجل جمع البيانات بما يؤثر بشكل مباشر على البيئة والمناخ، بالإضافة إلى التحديات التي يفرضها هذا التطور على أمن الأنظمة الرقمية. الاستخبارات السيبرانية وفي تعليقه على أبزر الإستراتيجيات التي تعتمدها الدول للتصدي لمخاطر السيادة الرقمية على المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية، قال المهندس دنش إن الدول الكبرى اليوم تبني جيوشا سيبرانية موازية للجيوش التقليدية المعتادة ومجهزة بأحدث أدوات الدفاع والهجوم الرقمي مع أنظمة إنذار مبكر لحماية البنى التحتية الحيوية من شبكات كهرباء ومياه ومنظومات اتصال ونقل وصولا إلى الأنظمة العسكرية نفسها. وفي ظل هذه التحديات، يتعين على الدول أن تسنّ تشريعات صارمة لحوكمة البيانات وحمايتها من التسرب أو السيطرة الخارجية مع توطين مراكز البيانات والخدمات داخل الحدود الوطنية، ويؤكد دنش أن "هذا تحدّ كبير أمامها وأن عليها بناء تحالفات رقمية مع الدول الصديقة لخلق شبكات تقنية آمنة". وظهر مصطلح "الاستخبارات السيبرانية" وأصبح عنصرا حاسما في كشف التهديدات قبل وقوعها وتوجيه ضربات استباقية إذا لزم الأمر. كما أكد المهندس دنش أن الاستقلالية التقنية على المستوى الاقتصادي باتت ضرورة وجودية، من خلال تطوير أنظمة دفع رقمية وطنية وحلول مالية داخلية قادرة على العمل حتى في حال قطع الدولة عن المنظومات العالمية، وحماية سلسلة الإمداد التكنولوجية وضمان امتلاك المكونات الحساسة من دون الخضوع لابتزاز أو حصار رقمي. استثمار القوى العظمى في النظم المعلوماتية وأوضحت بيانات رسمية نشرها موقع المنظمة العالمية للملكية الفكرية " ويبو" بتاريخ 2 يونيو/حزيران 2025 أن الإنفاق العالمي على البرمجيات بلغ ما يقارب 700 مليار دولار أميركي سنة 2024. ووفقا لمؤشرات قاعدة البيانات "إس آند بي غلوبال" لعام 2024، فإن إجمالي إنفاق الولايات المتحدة على البرمجيات بلغ 368.52 مليار دولار أميركي، والصين 61.77 مليار دولار، وألمانيا 22.23 مليار دولار. كما بلغ إنفاق المملكة المتحدة على القطاع نحو 20.32 مليار دولار، وفرنسا 19.28، وإيطاليا 14.24، وكندا 14.03، واليابان 13.16، ويقدر إجمالي إنفاق الاتحاد الأوروبي بما يقارب 118 مليار دولار أميركي. وأنفقت روسيا الاتحادية ما يقارب 1.6 تريليون روبل (نحو 20 مليار دولار أميركي) على استبدال أنظمة البرمجيات الأجنبية بالمحلية، وخلال الثلاث سنوات الأخيرة نما سوق البرمجيات لديها بنسبة 40%، وبلغ نحو 5 تريليونات روبل روسي (ما يعادل نحو 62 مليار دولار أميركي)، وفقا لما ذكره موقع "إي تي ورلد" الروسي. كيف سيكون مستقبل الذكاء الاصطناعي عام 2030؟ يتوقع الخبراء أنه في السنوات القادمة، سيشهد مجال الذكاء الاصطناعي نقلة نوعية وتطورا متسارعا، نتيجة التحديثات المستمرة له. وبحلول عام 2030، سيكون تأثيره أقوى بكثير مما هو عليه الآن، وسيصبح جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية. نشرت مجلة "فوربس" الأميركية في 10 مارس/آذار 2024 تقريرا يتحدث عن التنبؤات المستقبلية للذكاء الاصطناعي عام 2030، وفي ما يلي أبزر 5 تنبؤات: من المتوقع أن تنخفض القيمة السوقية لشرائح الذكاء الاصطناعي التي تنتجها شركة "إنفيديا" التي تعتبر واحدة من أكبر الشركات المهيمنة على سوق شرائح الذكاء الاصطناعي وإنتاج معالجات الرسومات وبطاقات العرض المرئي ومجموعات الشرائح للكومبيوتر وأنظمة ألعاب الفيديو. سيكون الذكاء الاصطناعي شريكا مهما للأفراد والمؤسسات لا يمكن الاستغناء عنه، بحيث يعمل الذكاء الاصطناعي كمساعد شخصي، وسيكون شائعا إقامة علاقات عاطفية معه، كما سيصبح عنصرا أساسيا في بيئة العمل ويقوم بمهام التحليل والبرمجة وتوفير المنتجات وخدمة العملاء وحتى اتخاذ القرارات الإستراتيجية. وجود أكثر من 100 ألف روبوت شبيه بالبشر، وستكون الروبوتات قادرة على أداء مهام متنوعة في مختلف القطاعات والمجالات، من مؤسسات تعليمية وطبية وأماكن عامة ومصانع وغيرها، لتسهيل الحياة اليومية وتحسين الإنتاجية. من المتوقع أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر تقدما وتطورا عما هي عليه اليوم، وستُدمج خصائص ما يعرف باسم "الوكيل الذكي" مع الذكاء الاصطناعي العام. فقدان الوظائف التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعوضها ستكون من أكثر القضايا السياسية والاجتماعية التي تأخذ حيزا كبيرا من النقاش ومحاولة إيجاد حلول على المستوى العالمي. ومن بين الوظائف التي سيمسها هذا الاختزال وكلاء خدمة العملاء، والمحاسبون، والمحامون، وبعض الوظائف الإدارية، والصحفيون والموسيقيون، وحراس الأمن، وسائقو سيارات الأجرة وغيرها. هل تسيطر الرقمنة على حروب العصر الحديث؟ أما عن إمكانية الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في الحروب الحديثة، فقد اعتبر المهندس دنش أنه لن يحدث في المدى القريب، لأن الحروب لا تزال تحتاج إلى مزيج بين القدرات التقليدية والذكية. واستدل على ذلك باستمرار الاعتماد على معدات عسكرية ثقيلة، ودمجها، بدلا من الاستغناء عنها، مع أنظمة تحكم ذكية عن بعد، بحيث أصبحت تدار هذه المنظومات بكبسة زر لكن تحت إشراف بشري محكم. وأضاف أن الدول تدرك أن الذكاء الاصطناعي يمنحها سرعة ودقة تفوق قدرات البشر في جمع المعلومات وتحليلها وتنفيذ العمليات، ولكنه يحمل مخاطر عالية إذا تُرك القرار النهائي للآلة من دون رقابة بشرية. لهذا، يتجه العالم اليوم، بحسب المتخصص بالذكاء الاصطناعي، نحو "العسكرة الذكية المراقبة" وهي أنظمة هجينة تمزج بين القوة المادية التقليدية والقدرة الذكية مع بقاء الإنسان في دائرة اتخاذ القرار النهائي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store