logo
الأسوأ لم يأت بعد... هذه الرسوم لم يفصح عنها ترمب حتى الآن

الأسوأ لم يأت بعد... هذه الرسوم لم يفصح عنها ترمب حتى الآن

Independent عربية١٤-٠٤-٢٠٢٥

قد تكون الجولة القادمة من رسوم الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمركية أشد وطأة، بعد انتهاء "يوم التحرير"، وفرض تعريفات جمركية جديدة وواسعة النطاق، مما عصف بالأسواق، وأثار توترات في النظام العالمي، ودفع الشركات والأسر إلى إعادة النظر في إنفاقها، لكن ما زال الأمر بعيداً من النهاية.
هناك عواقب مباشرة، إذ أدت إجراءات ترمب، المستندة إلى حسابات اقتصادية مشكوك فيها، إلى فرض تعريفات جمركية انتقامية، وأججت حروباً تجارية، وزادت من احتمالات الركود. أيضاً، هناك أخطار قريبة ومتوسطة وطويلة الأجل، مع تسرب مزيج خطر من الخوف وعدم القدرة على التنبؤ وخسارة الاستثمارات والارتفاع المفاجئ في الكلف بسرعة إلى الاقتصاد، مسبباً معاناة حقيقية ودائمة للناس.
ومن المرجح فرض مزيد من التعريفات الجمركية قريباً، بعد إعفاء مجموعة من المواد الأساسية من إجراءات التعريفات الجمركية التي فرضت قبل أيام، بما في ذلك النحاس ورقائق الكمبيوتر والأخشاب والأدوية والمعادن الأساسية.
ومع ذلك أشار مسؤولو إدارة ترمب إلى أن هذه المنتجات قد تخضع للتعريفات الجمركية في وقت لاحق، ويبقى أن نرى ما إذا كانت كندا والمكسيك، وهما من أكبر أهداف التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب مراراً، ستظلان بمنأى إلى حد كبير عن هذه الرسوم.
حسابات خاطئة ومشوهة لقيمة الرسوم
في مذكرة بحثية حديثة، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي المشارك في جامعة "سانت توماس" في سانت بول، مينيسوتا، تايلر شيبر، "لا أرى هذه القائمة موقفاً تفاوضياً في الوقت الحالي... نأمل في أن يسقط بعضها، لكنها قائمة كبيرة، وهي شاملة... يبدو أن هذا يوحي بأننا نبني جدراناً، بدلاً من أن نتفاوض على أمل هدمها جميعاً".
شملت حزمة التعريفات الجمركية المزدوجة التي أعلن عنها ترمب في البداية، تعريفة أساسية بنسبة 10 في المئة على جميع السلع المستوردة إلى الولايات المتحدة، تلتها تعريفات "متبادلة" أكثر صرامة على 50 دولة ادعى البيت الأبيض أنها "أسوأ المخالفين" في فرض تعريفات جمركية عالية أو فرض حواجز تجارية غير جمركية.
ومع ذلك كانت الرسوم الجمركية "المتبادلة" أبعد ما تكون عن ذلك، مما زاد من تعقيد العواقب السلبية لتصرفات ترمب، وربما فاقمت آثارها السلبية.
لكن العجز التجاري، بطبيعته، ليس بالضرورة سيئاً في جميع الأحوال، إذ يرى المتخصص الاقتصادي، نائب الرئيس التنفيذي، مدير الدراسات في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، ماركوس نولاند، أنها "نظرية اقتصادية خاطئة تماماً، فمن الطبيعي أن يكون هناك عجز في موازنات بعض الدول وفوائض في موازنات دول أخرى... لذا، فإن محاولة تطبيق سياسة تهدف إلى تحقيق تجارة متوازنة مع جميع الدول تتعارض تماماً مع أي نوع من المزايا النسبية أو التخصص".
علاوة على ذلك، يفترض أن تكون الرسوم الجمركية الناتجة أقل بمقدار الربع مما هو معلن، لأن إدارة ترمب أخطأت في حساباتها بتخفيضها من قيمة تأثير الرسوم الجمركية في أسعار استيراد السلع، وفقاً لمتخصصين اقتصاديين في معهد "أميركان إنتربرايز". هذه الصيغة، التي وصفها اقتصاديون في المعهد بأنها "لا أساس لها في النظرية الاقتصادية أو القانون التجاري"، أخطأت في تضمين مرونة أسعار التجزئة. في الوضع الراهن أدت إجراءات إدارة ترمب الجمركية الصارمة والواسعة النطاق إلى تفجر أزمة في الاقتصاد العالمي، مما دفع توقعات الركود إلى الارتفاع.
على الصعيد المحلي، حذر الرئيس التنفيذي لبنك "جيه بي مورغان"، جيمي ديمون، من أن الرسوم الجمركية قد تسفر عن عواقب سلبية سريعة.
"على المدى القصير، من المرجح أن نشهد نتائج تضخمية، ليس فقط على السلع المستوردة، بل على الأسعار المحلية أيضاً، مع ارتفاع كلف المدخلات وزيادة الطلب على المنتجات المحلية"، كما كتب في رسالته السنوية إلى المساهمين، وأضاف "سيعتمد تأثير ذلك في المنتجات المختلفة جزئياً على إمكان استبدالها ومرونتها السعرية. ولا يزال من غير المؤكد ما إذا كانت قائمة التعريفات الجمركية ستؤدي إلى ركود أم لا، ولكنها ستؤدي إلى تباطؤ النمو".
أخطار على المديين القريب والبعيد
وأشار ديمون إلى وجود عديد من أوجه عدم اليقين، بما في ذلك مدى الإجراءات الانتقامية وتأثيراتها في الثقة والاستثمارات وتدفقات رأس المال وأرباح الشركات والدولار القوي. وكتب "كلما حلت هذه المشكلة بسرعة كان ذلك أفضل، لأن بعض الآثار السلبية تتزايد تراكمياً بمرور الوقت، وسيكون من الصعب عكس مسارها".
وقال كبير الاقتصاديين في شركة "آر أس أم" الأميركية، غو بروسويلاس، إن التراجع الحاد في الأسواق المالية يشير إلى وجود أزمة ثقة تلوح في الأفق في الدولار الأميركي، وأضاف "لا يمكننا الآن تجاهل أو تجنب مناقشة انخفاض قيمة الدولار ووضعه كعملة احتياط".
من جهة التأثير الاقتصادي، حتى أفضل السيناريوهات ينطوي على تسارع التضخم إضافة إلى الضربات التي تلحق بنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي والبطالة، وفقاً لأستاذ المالية والاقتصاد في جامعة "لويولا ماريماونت" ورئيس "أس أس إيكونوميكس" سونغ وون سون.
وبالنسبة إلى السيناريو الأفضل للأشهر الـ12 المقبلة فهو يتمثل في انكماش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.2 نقطة مئوية، وانكماش التوظيف بنسبة 0.1 في المئة، وارتفاع التضخم بنسبة 0.2 نقطة مئوية.
أما السيناريو الأسوأ، فأشار إلى انخفاض النشاط الاقتصادي بنسبة 1.3 نقطة مئوية (مع أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نما بنسبة 2.4 في المئة بنهاية عام 2024)، وخسارة الاقتصاد الأميركي نحو 1.3 مليون وظيفة، وارتفاع التضخم بنسبة 1.3 نقطة مئوية. وأعرب سون، الذي تقع "توقعاته الأساسية" بين هذين السيناريوهين، عن تفاؤله بأن الاقتصاد الأميركي قد يتمتع بالمرونة الكافية لتجنب الركود.
وهناك بعض العوامل التي لعبت دوراً في حساباته، إذ يعتمد الاقتصاد الأميركي بشكل كبير على قطاع الخدمات، لذا من المتوقع أن يوفر التركيب القطاعي حماية، والتعريفات الجمركية هي تعديل سعري لمرة واحدة، ولا ينبغي أن تسرع من ضغوط التضخم الأساسية، ويمكن للسياسات المروج لها، مثل الخفوض الضريبية وتحرير الاقتصاد، أن تحفز الطلب، والآن، وبعد الإعلان عن هذه القرارات، من المتوقع أن تخفف من حال عدم اليقين.
الرسوم الجمركية القطاعية قادمة
من المرجح أن تتصاعد وتيرة الانتقام، اعتماداً على كيفية مضي الإدارة قدماً في خطط الرسوم الجمركية القطاعية، واستمرار ترمب في تطبيق المادة 232 من قانون توسيع التجارة لعام 1962 (وهو بند تجاري نادر الاستخدام سابقاً) الذي يسمح للرئيس بفرض رسوم جمركية في حال وجود تهديدات محتملة للأمن القومي.
جاء إعلان الرسوم الجمركية مصحوباً بعدة استثناءات ملحوظة، الصلب والألمنيوم والسيارات (ثلاثة مجالات تخضع بالفعل لرسومها الجمركية)، والنحاس والأخشاب (التي تخضع لتحقيقات المادة 232 لتأثيراتها المحتملة في الأمن القومي)، والأدوية وأشباه الموصلات والمعادن الأساسية (من المتوقع إجراء تحقيقات بموجب المادة 232).
ودأب ترمب على السخرية من أن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى استيراد سلع مثل الأخشاب والسيارات والنفط، مدعياً أن الموارد الطبيعية وإمكانات التصنيع وفيرة محلياً بما يكفي لتحقيق الاكتفاء الذاتي لأميركا. وكثيراً ما حذر الاقتصاديون والباحثون وغيرهم من أن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ يستغرق بناء مرافق التصنيع، وإنشاء سلاسل التوريد، وتدريب القوى العاملة الماهرة أعواماً، إضافة إلى ذلك من المرجح أن يتطلب بناء هذه المرافق الجديدة استيراد مواد تباع بأسعار أعلى حالياً.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مع ذلك قالت كبيرة الاقتصاديين في شركة "نيشن وايد ميوتشوال"، كاثي بوستجانشيك، إن الرسوم الجمركية المفروضة على القطاع قد تدفع التضخم إلى مستويات أعلى. وعقب إعلان الأسبوع الماضي أشارت نماذج "نيشن وايد" إلى أن مؤشر أسعار المستهلك، الذي تباطأ إلى معدل سنوي قدره 2.8 في المئة في فبراير (شباط) الماضي، قد يرتفع إلى ما بين 3.5 وأربعة في المئة بحلول نهاية العام.
وأضافت أن الرسوم الجمركية المفروضة على القطاع قد تدفع هذا المؤشر إلى نطاق أعلى يراوح ما بين أربعة و4.5 في المئة، فيما لم يتجاوز مؤشر أسعار المستهلك أربعة في المئة منذ ما يقارب عامين، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل.
ماذا تستهدف جولة الرسوم المقبلة؟
إضافة إلى هذه التحديات على المديين القريب والبعيد، قد تشكل الرسوم الجمركية تحديات فريدة لكل قطاع، وبالنسبة إلى النحاس والمعادن الأساسية، لم تعرف بعد المعادن التي يمكن للولايات المتحدة النظر في التحقيق فيها بموجب المادة 232، ومع ذلك يُحقق حالياً في شأن النحاس، وهو عنصر أساس في عملية التحول الكهربائي المستمرة في أميركا وقطاعات مثل الدفاع.
وتستورد الولايات المتحدة نحو 50 في المئة من النحاس الذي تستخدمه، ومن المتوقع أن ينمو الطلب، لا سيما مع ازدهار الصناعات المستهلكة للطاقة مثل الذكاء الاصطناعي وتقنية الـ"بلوك تشين"، وفقاً لما صرح به المتخصص الاقتصادي وباحث السياسات التجارية في شركة "إيكونوميكس للاستشارات"، دان إكينسون.
وقال "يستغرق الحصول على تراخيص المناجم وتصاريح التكرير 16 أو 17 أو 18 عاماً... بما أننا لا نملك هذه الموارد، ونعتمد على العالم في ذلك، فلا ينبغي أن نثير المشكلات ونسعى إلى افتعال معارك تجارية، بل ينبغي أن نعمل على وضع ترتيبات تضمن لنا الوصول الطويل الأمد إلى صادرات كندا وتشيلي وبيرو".
في ما يتعلق بالأخشاب، تستورد الولايات المتحدة 30 في المئة منها، ويحذر بناة المنازل من أن الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم (بما في ذلك احتمال مضاعفة الرسوم الجمركية الحالية على الأخشاب الكندية) على الأخشاب اللينة ومواد أخرى قد تؤدي إلى تفاقم أزمة القدرة على تحمل كلف السكن، وقد يؤثر ارتفاع كلف واردات الأخشاب أيضاً في منتجات أخرى، مثل الأثاث وحتى ورق التواليت.
وتمثل الرسوم الجمركية هنا أهدافاً سياسية متضاربة لترمب، الذي صرح برغبته في خفض أسعار المنتجات الصيدلانية وتعزيز التصنيع الأميركي، وفقاً لما كتبه المتخصص الاقتصادي في قطاع الرعاية الصحية في بنك "آي أن جي" ديدريك ستاديج، في منشور الأسبوع الماضي. وقال "في حين أن بعض إنتاج العلامات التجارية قد ينقل تدريجاً إلى الولايات المتحدة، إلا أنه من غير المرجح حدوث زيادة كبيرة في إنتاج الأدوية الجنسية"، مشيراً إلى أن بناء منشآت جديدة يستغرق نحو 10 أعوام.
تأثير تضخمي
للرسوم الجمركية تأثير تضخمي، مما قد يرفع كلف الرعاية الصحية ويعوق القدرة على تحمل كلف الأدوية، وبخاصة للأشخاص غير المشمولين بالتأمين الصحي، فبموجب رسوم جمركية بنسبة 25 في المئة، قد يرتفع سعر الأدوية الموصوفة عادة من 82 سنتاً للحبة إلى 94 سنتاً للحبة، أي ما يقارب 42 دولاراً سنوياً، كما كتب ديدريك ستاديج، وأضاف أن الوصفات الطبية الأكثر تعقيداً، مثل تلك الخاصة بعلاج السرطان، قد ترتفع أكثر، مقدراً أن الوصفة الطبية التي تصرف لمدة 24 أسبوعاً قد تكلف ما بين 8 و10 آلاف دولار.
أشباه الموصلات
الأجهزة الطبية وأجهزة توجيه الواي فاي وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والهواتف الذكية والسيارات والأجهزة المنزلية ومصابيح ليد ليست سوى أمثلة قليلة على استخدام رقائق أشباه الموصلات، وغالباً ما لا تتطلب هذه المنتجات رقاقة واحدة أو اثنتين فقط.
بعبارة أخرى تعد رقائق أشباه الموصلات بمثابة "النفط الخام للقرن الـ21"، وأصبح جلياً تماماً ما يحدث عند نضوب هذا النفط: كأثر جانبي للجائحة، أدى نقص الرقائق إلى نقص في السيارات وغيرها من المنتجات، وأجج التضخم.
وعلى رغم أن قانون رقائق أشباه الموصلات والعلوم، الذي أقره الحزبان عام 2022، أسهم في تحفيز شركات تصنيع الرقائق، مثل شركة "تي أس أم سي"، على فتح منشآت أميركية، حتى لو حفزت الرسوم الجمركية زيادة إنتاج الرقائق محلياً، فإن أميركا لا تزال تفتقر إلى قدرات تجميع الإلكترونيات، وفقاً لما ذكره أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوبية في جامعة "إلينوي" في أوربانا-شامبين، جون داليساسي.
ولهذا السبب سيظل يتعين شحن أي رقائق تنتج في الولايات المتحدة إلى الخارج إلى دول مثل تايوان وكوريا الجنوبية والصين والمكسيك لتستخدم في الإلكترونيات الجاهزة التي يشتريها الأميركيون، وستخضع هذه الدول للرسوم الجمركية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟
من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟

Independent عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • Independent عربية

من يخرب المحادثات الإيرانية- الأميركية إسرائيل أم إدارة ترمب أم ماضي طهران؟

ظلال من الشك والتصريحات المتبادلة بين طهران وواشنطن تشي بأجواء متوترة تحيط بالجولة الخامسة من المحادثات، وما إذا كان من الممكن الوصول إلى اتفاق نووي أو لا. وهذه التصريحات ترتبط بمطلب أميركي بالتخصيب الصفري، في حين تعتبر إيران ذلك خطاً أحمر وإنجازاً وطنياً لن تتخلى عنه. فهل وصلت المفاوضات إلى حد الخلاف؟ ولا سيما أن إيران أعلنت مرات عدة أنها لن تتنازل عن هذا الخط الأحمر وأنه ما من اتفاق إذا استمر الإصرار الأميركي على التخصيب الصفري. فهل السبب في ذلك الخلاف عدم كفاءة إدارة دونالد ترمب؟ أم خبرة إيرانية من الماضي تؤثر في رؤية طهران للمحادثات؟ أم السبب هو فعل إسرائيلي؟ يمكن القول إن السبب عبارة عن تفاعل العوامل الثلاثة، فإيران لديها تجربة من الماضي تدفعها إلى عدم التنازل عن التخصيب وقبول استيراد اليورانيوم المخصب من الخارج، كما أن تدخل إسرائيل بصورة غير مباشرة دفع إدارة ترمب إلى رفع المطلب الأقصى لدرجة التخصيب الصفري وتغيير مطلبها السابق بخفض التخصيب إلى درجة 3.76 في المئة، وكان حينها أقصى مطالب ترمب منع إيران من تملك السلاح النووي، لكن ذلك تغير الآن. فقبل بدء الجولة الخامسة من المحادثات بين واشنطن وطهران، تتناثر التصريحات من الطرفين وتدور حول مسألة تخصيب اليورانيوم، فتعتبر إيران أن الولايات المتحدة تغير اتفاقاتها معها، وأن المعلن غير ما اتُفق عليه خلال الجولات الماضية، إذ يشير الجانب الأميركي إلى التخصيب الصفري الذي ليست طهران في وارد القبول به. وخرجت التصريحات الإيرانية من المرشد ومجلس الخبراء ونائب وزير الخارجية ومدير وكالة الطاقة الإيرانية لتؤكد أن تخصيب اليورانيوم هو حق للدول كما أنه "إنجاز وطني" و"حق للأجيال المقبلة". ويرفض الإيرانيون الآن تصريحات المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف الذي قال "لدينا خط أحمر واضح للغاية، وهو التخصيب، لا يمكننا أن نقبل حتى بنسبة واحد في المئة من قدرة التخصيب". وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي أن بلاده وافقت على الاقتراح الذي قدمته سلطنة عمان بعقد جولة أخرى من المحادثات الإيرانية- الأميركية في العاصمة الإيطالية روما، كما أكد أن "الفريق التفاوضي عازم على السعي إلى تحقيق الحقوق والمصالح العليا في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية، بما في ذلك التخصيب ورفع العقوبات الجائرة، ولن يدخر أي جهد أو مبادرة في هذا الصدد". وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن "موقف إيران واضح للغاية، التخصيب سيستمر مع أو من دون اتفاق، ولكن إذا كانت الأطراف ترغب في الشفافية في ما يتعلق بالبرنامج السلمي الإيراني، فيتعين عليهم رفع العقوبات"، مضيفاً "إذا كانت لديهم مطالب أكثر من ذلك ويريدون حرماننا من أشياء هي حقنا، فلا مجال للقبول". في البداية كان هناك تياران داخل إدارة ترمب بالنسبة إلى التعامل مع الملف الإيراني، الأول يحبذ التوصل إلى حل سلمي واتفاق مع طهران، بينما يدعم التيار الآخر الخيار العسكري، وبعدما كان ويتكوف يتحدث عن التخصيب بنسبة 3.67 في المئة، صار المطلب الأميركي على لسانه ولسان وزير الخارجية ماركو روبيو التخصيب الصفري. ومطلب التخصيب الصفري جاء بعد حديث إسرائيل عن نموذج الحل الليبي، أي تفكيك الملف النووي الإيراني. وجاء ذلك المطلب بعدما قلل بعضهم في الإعلام الأميركي من شأن الاتفاق الجديد مع إيران، معتبرين أنه لن يختلف عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إدارة باراك أوباما، وهنا بدأ المفاوض الأميركي يتحدث عن التخصيب الصفري على اعتبار أن هذا المطلب سيجعل اتفاق إدارة ترمب مختلفاً عن الاتفاق القديم مع أوباما. ربما لعبت الدوائر الإعلامية المرتبطة بإسرائيل داخل الولايات المتحدة بهذا الأمر للتقليل من الاتفاق الجديد بغية استفزاز ترمب للتفكير في أنه لا بد من أن يأتي بما لم يأتِ به أوباما أو جو بايدن. وما يجعل هذا الأمر مرجحاً ومرتبطاً بإسرائيل، الغائب الحاضر في الملف النووي الإيراني، هو أن أحد الأسباب الرئيسة لإقالة مايك والتز من منصب مستشار الأمن القومي الأميركي هو أن التنسيق بينه ونتنياهو كان أكبر من التنسيق مع ترمب في شأن الملف النووي الإيراني. وربما كان تعقيد سير المحادثات بين طهران وواشنطن إلى حد تخريبها جزءاً من تفاهمات والتز مع نتنياهو. وفي حين اعتبر بعضهم أن ترمب حاول فعلياً إيصال رسالة إلى نتنياهو بأنه لا ينوي منحه شيكاً على بياض وجعل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط تابعة لأولويات إسرائيل، فأقال والتز من منصبه، إلا أن رغبة ترمب في تحقيق إنجازات ضمن ملفات عدة تميزه عن إدراتي أوباما وبايدن جعلته يطالب بفرض "التخصيب الصفري"، لتصبح تلك النقطة الخلافية الأهم في سير المفاوضات للوصول إلى اتفاق مع إيران. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واللافت هو صدور تقرير جديد عبر شبكة "سي أن أن" نقلاً عن مصادر استخباراتية أميركية جاء خلاله أن إسرائيل لديها خطة جاهزة لضرب المنشآت الإيرانية في حال عدم التوصل إلى اتفاق يوقف تخصيب اليورانيوم، في ما يبدو أنه نوع من الحرب النفسية للضغط على إيران. لكن كل ما سبق سواء من التقرير الإخباري لـ"سي ان أن"، أو التردد في الموقف الأميركي، أو الدور الإسرائيلي، تجاهل تماماً عاملاً مهماً عند التعامل مع العقلية الإيرانية وهو خبرات التاريخ، فإيران دولة ذات إطار نفسي يحكمه في جزء كبير ما مرت به في الماضي وتستشهد دائماً بالتاريخ. ودخلت إيران للمرة الأولى ضمن ترتيبات إنتاج الوقود النووي في أوروبا عام 1974، أي قبل عام من توقيع عقد بناء محطة بوشهر للطاقة النووية، مع تأسيس الشركة الفرنسية- الإيرانية لتخصيب اليورانيوم بالانبعاثات الغازية (SOFIDIF)، ثم انضمت إيران إلى اتحاد "يوروديف" وهو المجمع الأوروبي لتخصيب اليورانيوم، ومُنحت 10 في المئة من إجمالي أسهم الاتحاد وكانت بلجيكا وفرنسا وإيران وإيطاليا وإسبانيا من المساهمين فيه لإنتاج الوقود النووي. وقدمت طهران قرضاً بقيمة 1.18 مليار دولار لتطوير "يوروديف". ومع بدء المنشأة بالعمل في فرنسا، كانت الثورة الإيرانية اندلعت، بالتالي لم يُنقل الوقود النووي إليها، وبعد ذلك أكدت فرنسا أن العقد معها انتهى عام 1990 وأن "يوروديف" لم يعُد ملزماً نقل اليورانيوم المخصب إلى إيران. وهنا يتضح سبب رفض إيران التخصيب الصفري واستيراد اليورانيوم من الخارج، وإصرارها على الاحتفاظ بذلك الحق، كما يفسر ذلك سبب اقتراحها تأسيس اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. لو كانت الإدارة الأميركية على درجة عالية من فهم العقلية الإيرانية ومنطلقات تحركها، لما كرر ماركو روبيو خلال جلسة استماع في الكونغرس الأميركي أن "الخيار أمام إيران هو استيراد اليورانيوم المخصب اللازم لمفاعلاتها." وهذا التذبذب في الموقف الأميركي الذي يبدو عائداً للدور الإسرائيلي الهادف إلى تخريب المفاوضات، وضع المحادثات أمام نقطة خلاف رئيسة إذا تراجعت أمامها إدارة ترمب فستضيف إلى كثير من المواقف المتراجعة التي مرت بها منذ مجيئها إلى البيت الأبيض، سواء في ما يخص الصين والتعريفات الجمركية والحرب الأوكرانية وأخيراً ملف إيران. ربما يبدو لنا من زاوية أخرى أن الإدارات الأميركية المتعاقبة حتى هذه اللحظة، وبصورة عامة، ليس لديها تصور لكيفية التعامل مع إيران في الشرق الأوسط، وهو ما تحتاج دول المنطقة إلى أن تكون أكثر دراية بما تريده هي من إيران.

ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران
ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تناقشا حول الاتفاق المحتمل مع إيران، والوضع في غزة، إضافة إلى تقديم التعازي في مقتل اثنين من الموظفين في السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن، مساء الأربعاء. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترمب أوضح في اتصال، اليوم (الخميس)، أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب «وافق على ضرورة ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية». وأوضحت ليفيت أن ترمب أشار إلى أن الأمور تمضي في المسار الصحيح، فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران، حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات بين الجانبين الأميركي والإيراني في العاصمة الإيطالية روما، الجمعة، بواسطة سلطنة عمان. وأعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، أمس، أن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة بشأن برنامج طهران النووي ستُعقد في روما، الجمعة. ترمب برفقة نتنياهو في البيت الأبيض خلال أبريل الماضي (رويترز) وذكر تقرير لشبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تُسمّهم، أن إسرائيل تستعد لاستهداف مواقع نووية إيرانية، رغم استمرار المحادثات الدبلوماسية. وفي أعقاب هذا التقرير حذّرت إيران من أنها ستحمّل الولايات المتحدة مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية. وعبّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الخميس)، عن قلقه إزاء تقارير تفيد بأن إسرائيل تخطط لشنّ هجوم على منشآت نووية إيرانية، مطالباً مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة تلك التقارير فوراً، وبشكل حازم. وقد تعهد الرئيس ترمب مراراً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وشدّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق أقوى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد أوباما عام 2015، الذي انسحب منه ترمب عام 2018 خلال ولايته الأولى. وألمح ترمب خلال زيارته الخليجية أنه يعتقد أن إيران قد قبلت بشروط رئيسية، وأن نهجه الدبلوماسي سيمنع الصراع العسكري، ويغادر الوفد الأميركي، الذي يضم ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي المقرب من الرئيس ترمب، ومسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون، الذي يتولى الجوانب الفنية. ويواجه الجانبان معضلة التوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم الذي أصبح نقطة خلاف رئيسية. فبينما سمح اتفاق عام 2015 بالتخصيب منخفض المستوى للاستخدام المدني حتي درجة نقاء 3.67 في المائة، والحفاظ على مخزون يورانيوم يبلغ 300 كيلوغرام، تُخصّب إيران اليورانيوم الآن إلى 60 في المائة، ولكنه لا يزال أقل من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع الأسلحة. وقدّر آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنحو 830 كيلوغراماً. وتقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن إيران لم تبدأ بعد برنامجاً للأسلحة النووية، لكنها «قامت بأنشطة تُمكّنها من إنتاج سلاح نووي، إذا اختارت ذلك». وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب) وقد صرّح ويتكوف، نهاية الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية تريد وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في شهادته أمام الكونغرس الثلاثاء، تمسك إدارة ترمب بمطلبها وقف إيران تخصيب اليورانيوم تماماً. وقال روبيو: «لا يمكن لإيران امتلاك القدرة على التخصيب، لأن ذلك يجعلها في نهاية المطاف قوة نووية على عتبة النجاح». وعندما سأل أحد المشرعين روبيو، أشار إلى أن الولايات المتحدة ستبقي على العقوبات المفروضة على تطوير إيران للصواريخ الباليستية، وهو موضوع لم يتطرق إليه صراحةً اتفاق عام 2015. وقال روبيو: «هناك عقوبات تتعلق بالإرهاب، وعقوبات تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية، هذه العقوبات، إذا لم تكن جزءاً من الاتفاق، فستبقى سارية». وقال روبيو، الذي كان يتحدث قبل ساعات من صدور تقرير شبكة «سي إن إن» حول استعداد إيران لضرب المواقع النووية الإسرائيلية، إنه «ليس سرّاً أن إسرائيل تدرس الخيارات العسكرية».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store