
صرخة في يوم الطفل الفلسطيني: غزة تستغيث لإنقاذ أطفالها من الإبادة
في الخامس من أبريل، يوم الطفل الفلسطيني، تتواصل فصول المأساة في غزة. فمنذ ثمانية عشر شهرًا، يرزح أطفال القطاع تحت وطأة حرب إبادة جماعية إسرائيلية، محرومين من أبسط حقوقهم. القتل، التهجير، اليُتم، والتجويع… ليست سوى بعض من المآسي الإنسانية التي خلفتها هذه الحرب المدمرة على براءة الطفولة.
ففي الوقت الذي يجهز فيه أطفال العالم حقائبهم صباح كل يوم استعدادا ليوم دراسي حافل، يستيقظ أطفال غزة على دوي انفجارات ضخمة ومشاهد للموت والدمار بينما عاد عشرات الآلاف منهم لتجهيز حقائبهم استعدادا لإنذارات الإخلاء الإسرائيلية.
وبينما يداوي أطفال العالم جراحاتهم بتقربهم من والديهم خلال فتراتهم الحرجة، فإن عشرات الآلاف من أطفال غزة باتوا أيتاما، وفق ما تؤكده تقارير إحصائية وحقوقية.
ومنذ بدء إسرائيل حرب الإبادة على غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواجه أطفال القطاع أوضاعا كارثية، حيث أفادت تقارير حكومية فلسطينية بأن الأطفال والنساء يشكلون ما يزيد على 60 بالمئة من إجمالي ضحايا الإبادة الجماعية المتواصلة.
ويشكل الأطفال دون سن 18 عاماً 43 بالمئة من إجمالي عدد سكان دولة فلسطين الذي بلغ نحو 5.5 ملايين نسمة مع نهاية عام 2024، توزعوا بواقع 3.4 ملايين في الضفة الغربية و2.1 مليون بقطاع غزة، وفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
هذه الإبادة لاحقت الأطفال بمختلف مراحلهم العمرية، بدءا بالأجنة في أرحام أمهاتهم، مرورا بالخدج بعمر أقل من 9 أشهر داخل الحضانات، وحتى السن التي حددتها اتفاقية حقوق الطفل الأممية على ألا يتجاوز '18 عاما'.
وخلال أشهر الإبادة، قتلت إسرائيل بغزة نحو 17 ألفا و954 طفلا بحسب بيان جهاز الإحصاء الفلسطيني في بيان، عشية يوم الطفل الفلسطيني.
فيما قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة 'يونيسف'، في 1 أبريل الجاري، إن 322 طفلا قتلوا وأصيب 609 آخرون منذ استئناف إسرائيل الإبادة الجماعية وخرقها وقف إطلاق النار في 18 مارس/ آذار الماضي.
وأضافت المديرة التنفيذية ليونيسف كاثرين راسل، أن الأطفال بغزة أُجبروا على العودة إلى دائرة مميتة من العنف عقب انهيار وقف إطلاق النار، ودعت جميع الأطراف إلى الوفاء بالتزاماتهم في إطار القانون الإنساني الدولي.
وفي 18 مارس الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/ كانون الثاني الفائت، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة.
** قتل أطفال خدج
في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، اقتحم الجيش الإسرائيلي مستشفى 'النصر' للأطفال غرب مدينة غزة، وأجبر الطواقم الطبية على المغادرة تحت ترهيب النيران، فيما رفض إجلاء الأطفال الخدج، ما تسبب بوفاة 5 منهم، وفق ما أوردته وزارة الصحة بالقطاع آنذاك.
بعد الانسحاب من حي النصر بغزة، تم العثور على جثث هؤلاء الخدج الخمسة متحللة داخل الحضانات وعلى أسرة المستشفى بعدما فرض عليهم الجيش الإسرائيلي الانقطاع عن العلاج اللازم لبقائهم على قيد الحياة.
** قتل أطفال دون عام
وأفاد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيان، بأن الجيش الإسرائيلي قتل من بين إجمالي الضحايا الأطفال نحو 274 رضيعا.
وقال إن هؤلاء الرضع 'ولدوا واستشهدوا تحت القصف الإسرائيلي'.
فيما أوضح أن 876 طفلا دون عام واحد قتلتهم إسرائيل على مدى أشهر الإبادة الجماعية.
** الاستهداف بالحرمان من الحقوق
ومنذ بدء الإبادة، قتلت إسرائيل فلسطينيين بينهم أطفال وذلك بحرمانهم من حقوقهم الأساسية بالسكن والمأكل والمشرب ومنع الإمدادات الرئيسية والمساعدات عنهم.
ورغم التحذيرات الدولية من خطورة هذه الإجراءات التي تسببت بوفاة العشرات بينهم أطفال، تواصل إسرائيل هذه السياسة وتستخدمها سلاحا ضد الفلسطينيين.
الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني قال إن 52 طفلا قضوا بسبب سياسة التجويع الإسرائيلية وسوء التغذية الممنهج.
فيما قال المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عبر بيان في 23 مارس الماضي، إن 3 آلاف و500 طفل معرضون للموت بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء والجوع.
إلى جانب ذلك، فإن حرمان الأطفال من السكن بعدما دمرت إسرائيل معظم منازل القطاع بنسبة بلغت 88 بالمئة من البنى التحتية، ومنعها لاحقا إدخال خيام النزوح والبيوت المتنقلة 'الكرفانات'، أدى إلى مقتل 17 طفلا جراء البرد القارس داخل الخيام المهترئة.
ورغم التحذيرات الدولية من خطورة تعرض الأطفال للبرد القارس والشتاء والمطالبات بإدخال الخيام والكرفانات لتوفير الحد الأدنى من مقومات الحياة للنازحين، تعنتت إسرائيل وأصرت على مواصلة ممارسات الإبادة.
كما يحرم الأطفال من حقهم في التعليم، الذي ما لبثوا أن استعادوه لأقل من شهر خلال فترة وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل سرعان ما فتكت به.
** أطفال مبتورون
قال ملك الأردن عبد الله الثاني، في 2 مارس الماضي، إن في قطاع غزة أكبر عدد من الأطفال مبتوري الأطراف على مستوى العالم مقارنة بعدد السكان.
هذا ما أكده المفوض العام وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' فيليب لازاريني، حينما أعلن في ديسمبر/ كانون الأول 2024، وجود 'جائحة إعاقة' بقطاع غزة.
وقال في منشور على منصة إكس آنذاك، إن 'غزة تضم الآن أعلى معدل في العالم من مبتوري الأطراف من الأطفال نسبة لعدد السكان، كثير منهم فقدوا أطرافهم وخضعوا لعمليات جراحية دون تخدير'.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي بغزة عبر بيانه في 23 مارس، إن 4 آلاف و700 فلسطيني تعرضوا لحالات بتر جراء الإبادة الإسرائيلية، بينهم 18 بالمئة من الأطفال.
** أطفال أيتام
قال الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في بيانه السابق، إن 39 ألفا و384 طفلا بغزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال الإبادة.
وأفاد بأن حوالي 17 ألف طفل من بين هؤلاء حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.
وأضاف: 'يعيش هؤلاء الأطفال في ظروف مأساوية، حيث اضطر الكثير منهم للجوء إلى خيام ممزقة أو منازل مهدمة، في ظل غياب شبه تام للرعاية الاجتماعية والدعم النفسي'.
وبحسب تقارير حقوقية سابقة، فإن سبب ابتعاد الأطفال عن ذويهم هو القتل أو الاعتقال من قبل الجيش الإسرائيلي.
وفي فبراير/ شباط 2024، قال مدير اتصالات اليونيسف في الأراضي الفلسطينية جوناثان كريكس بالخصوص، 'إن لكل طفل من هؤلاء قصة مفجعة'.
كما تسبب انفصال الأطفال عن ذويهم بتحملهم أعباء ومسؤوليات أكبر من أعمارهم فباتوا مسؤولين عن توفير الطعام والشراب لعائلاتهم ومقومات الحياة الأخرى، حيث انخرط مئات منهم في العمالة.
** ضغط نفسي
في 16 مارس الماضي، حذرت منظمة اليونيسف من أن الأطفال في فلسطين يواجهون أوضاعا 'مقلقة للغاية'، حيث يعيشون في 'خوف وقلق شديدين'، ويعانون تداعيات حرمانهم من المساعدة الإنسانية والحماية.
فيما قال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، في 24 يناير الماضي، إن 'مليون طفل بقطاع غزة يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي بسبب الاكتئاب والقلق وأفكار الانتحار' الناجمة عن الإبادة.
وأضاف فليتشر في جلسة لمجلس الأمن الدولي: 'على مدى 15 شهرا في غزة (خلال الإبادة وقبل استئنافها)، قُتل الأطفال، وتُركوا للجوع، وماتوا من البرد'.
وأوضح أن الأطفال في غزة يفقدون مدارسهم وتعليمهم، وأن المصابين منهم بأمراض مزمنة يواجهون صعوبة في الحصول على الرعاية التي يحتاجون إليها.
وأردف: 'وفقا لصندوق الأمم المتحدة للطفولة، يحتاج مليون طفل إلى الدعم النفسي والاجتماعي بسبب الاكتئاب والقلق وأفكار الانتحار. تعرض جيل كامل لصدمة نفسية'.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- القناة الثالثة والعشرون
أزمة تمويل البلديات: فيتو أميركي على بلديات حزب الله؟
تعيش بلديات لبنان نتائج الأزمة الاقتصادية التي أفضت إلى شحّ في التمويل، ما انعكس سلباً على المشاريع الإنمائية في البلديات. في حين تنفرد البلديات في الجنوب، بتحمّل وزر إضافي، وهو نتائج الحرب الإسرائيلية. ومعضلة تجفيف التمويل الآتي من المنظمات الدولية، تزيد الثقل على الكثير من البلديات الجنوبية، إذ من المتوقَّع أن تواجه تلك البلديات "فيتو" تمويلي في وجه البلديات التي يفوز بها حزب الله كلياً أو جزئياً. فما هو واقع التمويل الآتي من المنظّمات الدولية؟ خفض التمويل الدولي فتحت المنظّمات الدولية باب التمويل على مصراعيه مع تفاقم الأزمة السورية وتزايد معدّلات النزوح إلى لبنان منذ العام 2011. وزادت مستويات التمويل وتعدّدت البرامج المنَفَّذة بالتعاون مع تلك المنظّمات، في أعقاب الأزمة الاقتصادية منذ العام 2019، وكانت الكثير من المنظّمات والجهات الدولية المانحة كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF والاتحاد الأوروبي EU والوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وغيرها، قد أغدقت على لبنان تمويلاً لمشاريع تتعلّق بتأمين الخدمات الأساسية، التعليم، حماية الأطفال، المياه (الشرب، الخدمة، الصرف الصحي)، الأمن الغذائي والزراعي، الصحة، سبل العيش، المأوى، حماية الأطفال، الاستقرار الاجتماعي.. وغيرها من الاحتياجات ضمن برامج مستمرة. واستفاد من تلك البرامج لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، فضلاً عن استفادة البلديات من تلك المشاريع، بشكل مباشر أو غير مباشر. لكن مع التغييرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا وما أنتجته من ضغوط اقتصادية على أوروبا والعالم، بدأ التمويل بالتراجع، فأثّرَ ذلك على مشاريع الاستجابة للسوريين والمشاريع الخاصة باللبنانيين، وحكماً تلك التي تستفيد منها البلديات. وتشير مصادر إدارية في أحد البرامج المموَّلة بدأت الـUNHCR في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ التمويل المرتبط ببرامج النازحين السوريين "تراجع بشكل كبير لأنّ الكثير من السوريين عادوا إلى بلادهم". وتكشف المصادر أنّه "وبشكل غير معلَن، تعتبر الـUNHCR أنّ صفة النزوح سقطت عن هؤلاء بعد انتهاء الحرب وسقوط النظام السوري. ويظهر ذلك من خلال عدم تسجيل أنصار النظام الذين هربوا إلى لبنان ولم يُعتَرَف بهم كنازحين، ولذلك لم تشملهم برامج دعم التعليم والصحة والغذاء وغيرها، حتى بالنسبة للبرامج المموّلة من اليونيسف". وتقول المصادر أنّه "منذ أواخر العام 2023 والـUNHCR تحضّر استراتيجية العمل للعام 2024، وكان الحديث يومها عن تخفيض بنسبة 50 بالمئة في تمويل التغطية الطبية ودعم التعليم. وبشكل عام، يمكن تقدير حجم خفض التمويل من خلال مؤشّرات منها خفض عدد الموظفين وإنهاء الكثير من البرامج، فمثلاً أنهت الـUNHCR عقود عمل نحو 400 موظفاً من أصل 600، وخفّضت الـUNDP تمويلها للبرامج بنحو 30 إلى 40 بالمئة". البلديات أمام أزمة حقيقية لاحظت البلديات نتائج خفض التمويل من خلال تقليص البرامج المنفَّذة على الأرض، بعد أن استفادت من مشاريع تأهيل أراضٍ زراعية لإقامة مشاريع يعمل بها سوريون ولبنانيون، بالإضافة إلى مشاريع بنى تحتية، ومنها شبكات الصرف الصحي، في سياق الاستجابة لمتطلّبات النزوح والضغط الذي يسبّبه على البنية التحتية للمجتمعات المضيفة. ولعبت الحرب الإسرائيلية الأخيرة دوراً إضافياً في تقليص التمويل للبلديات "من خلال تحويل جزء من التمويل، من مشاريع للبلديات إلى مشاريع دعم الحاجات الإنسانية"، تقول المصادر. ولا تقف المعضلة عند هذا الحدّ، إذ ترى المصادر أنّ "البلديات ستُحرَم مستقبلاً من المزيد من التمويل، وتحديداً البلديات التابعة لحزب الله أو التي يشارك فيها الحزب. فهناك فيتو أميركي على تمويل تلك البلديات". وبحسب المصادر، فإنّ التأثير السلبي لوقف التمويل وعدم تنفيذ مشاريع البنى التحتية ومعامل فرز ومعالجة النفايات وغيرها، سيتعاظم "بسبب عدم توفّر التمويل الكافي من قِبَل الدولة عبر الصندوق البلدي المستقلّ". تدرك المؤسسات الدولية أنّ البلديات واتحاداتها بحاجة ماسّة إلى التمويل الدولي، فتقول الـUNDP إنّه "تتولّى البلديات واتحاداتها تقديم الخدمات الأساسية وتضطلع بدور هام على صعيد التنمية الاقتصادية المحلية وضمان استقرار المجتمع وسلامته. ومع ذلك، فإنّ ما تملكه من قدرات وموارد يبقى محدوداً للعب تلك الأدوار المهمة من أجل الاستجابة لاحتياجات المجتمعات المحلية". ومع ذلك، فإن صدى القرارات السياسية سيكون أقوى من متطلّبات التنمية المحلية، الأمر الذي يترك البلديات الجنوبية أمام استحقاقات تنموية صعبة للغاية في ظلّ غياب الدعم المالي الكبير الذي كانت توفّره المنظّمات الدولية. وبعيداً من القرار السياسي المرتبط بحزب الله، فإن بلديات أخرى ستتأثّر بخفض التمويل بسبب تقليص برامج دعم النازحين السوريين، لكن بعض الجهات السياسية اللبنانية لا تجد مشكلة في ذلك، لا سيّما حزب القوات اللبنانية، التي تملك مقاربة مختلفة لمشاريع الجهات الدولية، هي مقاربة ترتبط بوجود السوريين في لبنان. وعَبَّرَ النائب بيار بو عاصي عن هذا الموقف، إذ رأى أنّ "وقف الدعم المالي هو الخطوة الأساسية لعودة السوريين المقيمين بشكل غير شرعي إلى لبنان". المصدر: المدن الكاتب: خضر حسان انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

المدن
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- المدن
أزمة تمويل البلديات: فيتو أميركي على بلديات حزب الله؟
تعيش بلديات لبنان نتائج الأزمة الاقتصادية التي أفضت إلى شحّ في التمويل، ما انعكس سلباً على المشاريع الإنمائية في البلديات. في حين تنفرد البلديات في الجنوب، بتحمّل وزر إضافي، وهو نتائج الحرب الإسرائيلية. ومعضلة تجفيف التمويل الآتي من المنظمات الدولية، تزيد الثقل على الكثير من البلديات الجنوبية، إذ من المتوقَّع أن تواجه تلك البلديات "فيتو" تمويلي في وجه البلديات التي يفوز بها حزب الله كلياً أو جزئياً. فما هو واقع التمويل الآتي من المنظّمات الدولية؟ خفض التمويل الدولي فتحت المنظّمات الدولية باب التمويل على مصراعيه مع تفاقم الأزمة السورية وتزايد معدّلات النزوح إلى لبنان منذ العام 2011. وزادت مستويات التمويل وتعدّدت البرامج المنَفَّذة بالتعاون مع تلك المنظّمات، في أعقاب الأزمة الاقتصادية منذ العام 2019، وكانت الكثير من المنظّمات والجهات الدولية المانحة كالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF والاتحاد الأوروبي EU والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP وغيرها، قد أغدقت على لبنان تمويلاً لمشاريع تتعلّق بتأمين الخدمات الأساسية، التعليم، حماية الأطفال، المياه (الشرب، الخدمة، الصرف الصحي)، الأمن الغذائي والزراعي، الصحة، سبل العيش، المأوى، حماية الأطفال، الاستقرار الاجتماعي.. وغيرها من الاحتياجات ضمن برامج مستمرة. واستفاد من تلك البرامج لبنانيون وسوريون وفلسطينيون، فضلاً عن استفادة البلديات من تلك المشاريع، بشكل مباشر أو غير مباشر. لكن مع التغييرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بالإضافة إلى الحرب في أوكرانيا وما أنتجته من ضغوط اقتصادية على أوروبا والعالم، بدأ التمويل بالتراجع، فأثّرَ ذلك على مشاريع الاستجابة للسوريين والمشاريع الخاصة باللبنانيين، وحكماً تلك التي تستفيد منها البلديات. وتشير مصادر إدارية في أحد البرامج المموَّلة بدأت الـUNHCR في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ التمويل المرتبط ببرامج النازحين السوريين "تراجع بشكل كبير لأنّ الكثير من السوريين عادوا إلى بلادهم". وتكشف المصادر أنّه "وبشكل غير معلَن، تعتبر الـUNHCR أنّ صفة النزوح سقطت عن هؤلاء بعد انتهاء الحرب وسقوط النظام السوري. ويظهر ذلك من خلال عدم تسجيل أنصار النظام الذين هربوا إلى لبنان ولم يُعتَرَف بهم كنازحين، ولذلك لم تشملهم برامج دعم التعليم والصحة والغذاء وغيرها، حتى بالنسبة للبرامج المموّلة من اليونيسف". وتقول المصادر أنّه "منذ أواخر العام 2023 والـUNHCR تحضّر استراتيجية العمل للعام 2024، وكان الحديث يومها عن تخفيض بنسبة 50 بالمئة في تمويل التغطية الطبية ودعم التعليم. وبشكل عام، يمكن تقدير حجم خفض التمويل من خلال مؤشّرات منها خفض عدد الموظفين وإنهاء الكثير من البرامج، فمثلاً أنهت الـUNHCR عقود عمل نحو 400 موظفاً من أصل 600، وخفّضت الـUNDP تمويلها للبرامج بنحو 30 إلى 40 بالمئة". البلديات أمام أزمة حقيقية لاحظت البلديات نتائج خفض التمويل من خلال تقليص البرامج المنفَّذة على الأرض، بعد أن استفادت من مشاريع تأهيل أراضٍ زراعية لإقامة مشاريع يعمل بها سوريون ولبنانيون، بالإضافة إلى مشاريع بنى تحتية، ومنها شبكات الصرف الصحي، في سياق الاستجابة لمتطلّبات النزوح والضغط الذي يسبّبه على البنية التحتية للمجتمعات المضيفة. ولعبت الحرب الإسرائيلية الأخيرة دوراً إضافياً في تقليص التمويل للبلديات "من خلال تحويل جزء من التمويل، من مشاريع للبلديات إلى مشاريع دعم الحاجات الإنسانية"، تقول المصادر. ولا تقف المعضلة عند هذا الحدّ، إذ ترى المصادر أنّ "البلديات ستُحرَم مستقبلاً من المزيد من التمويل، وتحديداً البلديات التابعة لحزب الله أو التي يشارك فيها الحزب. فهناك فيتو أميركي على تمويل تلك البلديات". وبحسب المصادر، فإنّ التأثير السلبي لوقف التمويل وعدم تنفيذ مشاريع البنى التحتية ومعامل فرز ومعالجة النفايات وغيرها، سيتعاظم "بسبب عدم توفّر التمويل الكافي من قِبَل الدولة عبر الصندوق البلدي المستقلّ". تدرك المؤسسات الدولية أنّ البلديات واتحاداتها بحاجة ماسّة إلى التمويل الدولي، ومع ذلك، فإن صدى القرارات السياسية سيكون أقوى من متطلّبات التنمية المحلية، الأمر الذي يترك البلديات الجنوبية أمام استحقاقات تنموية صعبة للغاية في ظلّ غياب الدعم المالي الكبير الذي كانت توفّره المنظّمات الدولية. وبعيداً من القرار السياسي المرتبط بحزب الله، فإن بلديات أخرى ستتأثّر بخفض التمويل بسبب تقليص برامج دعم النازحين السوريين، لكن بعض الجهات السياسية اللبنانية لا تجد مشكلة في ذلك، لا سيّما حزب القوات اللبنانية، التي تملك مقاربة مختلفة لمشاريع الجهات الدولية، هي مقاربة ترتبط بوجود السوريين في لبنان. وعَبَّرَ النائب بيار بو عاصي عن هذا الموقف، إذ رأى أنّ "وقف الدعم المالي هو الخطوة الأساسية لعودة السوريين المقيمين بشكل غير شرعي إلى لبنان".


بوابة اللاجئين
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- بوابة اللاجئين
إحصاء: ضحايا حرب الإبادة على غزة يشكلون 34% من شهداء فلسطين منذ النكبة
أصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني تقريراً شاملاً بمناسبة الذكرى السابعة والسبعين لنكبة فلسطين، التي تصادف في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام، موثقاً بالأرقام والبيانات ما مرّ به الشعب الفلسطيني منذ نكبته عام 1948 وحتى منتصف عام 2025. وأكد التقرير أن النكبة لم تكن حدثاً تاريخياً عابراً، بل عملية مستمرة من التهجير القسري والتطهير العرقي في ظل سياسات الاحتلال "الإسرائيلي" المتواصلة، والتي تمثّلت مؤخراً في حرب الإبادة غير المسبوقة التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023. ووثّق التقرير استشهاد أكثر من 154 ألف فلسطيني منذ عام 1948، من بينهم ما يزيد على 52,600 شهيد سقطوا منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000. وأشار إلى أن حرب الإبادة "الإسرائيلية" على قطاع غزة، التي بدأت في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، واستمرت حتى 8 أيار/مايو 2025، أسفرت عن استشهاد أكثر من 64,500 فلسطيني، أي ما يعادل 34% من مجموع الشهداء الفلسطينيين منذ النكبة، من بينهم أكثر من 18 ألف طفل، وأكثر من 12 ألف امرأة، كما استشهدت أكثر من 211 أسرة أُبيدت بالكامل، وأصيب أكثر من 125 ألف فلسطيني خلال الفترة نفسها. تضاعف سكاني رغم النكبة وأظهر التقرير أن عدد الفلسطينيين حول العالم تضاعف أكثر من عشر مرات منذ نكبة عام 1948، حيث ارتفع من نحو 690 ألف نسمة عام 1914 إلى أكثر من 15.2 مليون نسمة حتى منتصف عام 2025، منهم 5.5 ملايين في الضفة الغربية وقطاع غزة، وحوالي 2.1 مليون في الأراضي المحتلة عام 1948، فيما يقيم أكثر من 7.6 ملايين في الشتات. وفي فلسطين التاريخية وحدها، بلغ عدد السكان أكثر من 4.5 ملايين نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 5.5 ملايين بحلول منتصف عام 2025، أي بزيادة قدرها مليون نسمة منذ عام 2023. كارثة إنسانية في قطاع غزة وفيما يتعلق بالأوضاع الكارثية في قطاع غزة في ظل حرب الإبادة، أفاد التقرير بأن نحو مليون فلسطيني نزحوا قسراً من أماكن سكناهم داخل القطاع؛ بسبب الحرب المتواصلة والحصار المحكم. كما أكد أن أكثر من 70% من الوحدات السكنية أصبحت غير صالحة للسكن نتيجة الدمار الهائل. وأشار التقرير إلى تدمير أكثر من 110,500 مبنى، منها 68,900 مبنى دُمر بالكامل، فضلاً عن تضرر آلاف المنشآت الاقتصادية والتعليمية والصحية. كما رُصد تدمير أكثر من 330 ألف وحدة سكنية، ما ترك مئات الآلاف من العائلات في العراء. وتسبب الحصار "الإسرائيلي" الكامل المفروض على القطاع في شلل شبه تام للنظام الصحي، وانقطاع المياه النظيفة، ونقص المواد الغذائية والطبية. وسجّل التقرير وفاة 57 طفلاً على الأقل بسبب الجوع، وأكثر من 65 ألف طفل يعانون من سوء التغذية، و92 طفلاً يعانون من اضطرابات نفسية حادة. كما وثق انهياراً شبه كامل لمنظومة الرعاية الصحية، إذ لم تعد المستشفيات قادرة على استقبال الجرحى أو توفير الخدمات الأساسية. تصاعد الاستيطان ومصادرة الأراضي وسلّط التقرير الضوء على التوسع الاستيطاني المتسارع، حيث بلغ عدد المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية حتى عام 2024 نحو 551 موقعاً، منها 151 مستوطنة معترف بها، و144 بؤرة استيطانية عشوائية. وخلال عام 2024 وحده، صادرت سلطات الاحتلال أكثر من 46 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، وهدمت أو أخطرت بهدم أكثر من 11,000 منشأة. كما شرع الاحتلال في بناء أكثر من 13 ألف وحدة استيطانية جديدة خلال العام نفسه، ما يعكس استمرار سياسة التهجير القسري وإحلال المستوطنين مكان السكان الأصليين، في مخالفة واضحة للقانون الدولي. ووثق التقرير كذلك أكثر من 16,600 اعتداء نفذتها قوات الاحتلال والمستوطنون في الضفة الغربية خلال عام 2024، شملت: 11,330 اعتداءً على الممتلكات، و4,538 اعتداءً جسدياً على الفلسطينيين، و774 اعتداءً على دور العبادة والمؤسسات المدنية، إلى جانب اعتقال أكثر من 900 فلسطيني، بينهم عدد كبير من الأطفال. دعوة للمجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية وفي ختام التقرير، شدّد الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني على أن هذه الأرقام الكارثية تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل استمرار الاحتلال "الإسرائيلي"، مؤكداً أن هذه الممارسات تمثل العقبة الأبرز أمام تحقيق العدالة والسلام. ودعا التقرير المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته القانونية والإنسانية، والتدخل العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين، ووقف جرائم الحرب، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي يستفيد منها الاحتلال. بوابة اللاجئين الفلسطينيين