
خبز من لا خبز له.. الغزيون يبتكرون بدائل قاسية للدقيق
غزة/ مريم الشوبكي
مع استمرار الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها قطاع غزة، ونتيجة الارتفاع غير المسبوق في أسعار دقيق القمح، بدأ المواطنون يبحثون عن بدائل لإنتاج الخبز بعيدًا عن الدقيق التقليدي.
وفي مواجهة الحصار وندرة الموارد، تحوّلت مطابخ الغزيين إلى معامل ابتكار غذائي، حيث بدأت تظهر أنواع جديدة من الخبز المصنوع من دقيق الأرز، والمعكرونة المطحونة، والبطاطا، والشعير، وحتى العدس.
خبز المعكرونة
سماح عليان، أم لأربعة أطفال، لجأت إلى خبز المعكرونة نظرًا لعدم قدرتها على شراء الدقيق بعد ارتفاع أسعاره أكثر من 500%.
تقول عليان من مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة: "يجلب أطفالي المعكرونة من التكية، أقوم بغسلها جيدًا من صلصة البندورة، وأصفّيها من الماء، ثم أضيف عليها ماءً بدرجة حرارة أعلى من الدفء بقليل، وأضيف القليل من السكر، والخميرة، ورشة ملح، ثم أعجنها جيدًا، وأتركها لتختمر، وبعد ذلك أقطعها وأخبزها في مقلاة على نار الحطب".
وتضيف عليان لـ "فلسطين أون لاين": "لا يشبه مذاق هذا الخبز خبز الدقيق العادي، الألذ بالطبع، ولكنه يُعد بديلًا جيدًا يسد جوع أطفالي، حيث بدأت بصنعه عندما اشتدت المجاعة في الشمال قبل نحو عشرة أشهر".
وتتجه النساء في قطاع غزة للبحث عن بدائل لمكونات غذائية قد تُنجح محاولات صنع الخبز، مثل المعكرونة، والعدس، والشعير، والأرز، وهي بدائل متوفرة في الأسواق وبأسعار أرخص من الدقيق.
دقيق الأرز
كما تفعل أماني صبيح، التي تقطن بالقرب من ميناء غزة، إذ اتجهت مؤخرًا إلى طحن ما لديها من أرز ومعكرونة لدى شخص في سوق الزاوية يمتلك مطحنة كهربائية، ثم تحول الخليط المطحون إلى خبز.
وتقنّن صبيح كمية الخبز التي تصنعها يوميًا لأسرتها المكونة من خمسة أفراد، بحيث تكتفي بصنع عشرة أرغفة وتقسيمها على مدار يومين، وتخصص نصف رغيف يوميًا لكل فرد.
تقول صبيح لـ"فلسطين أون لاين": "في الصباح الباكر، أقوم بتسخين الماء على نار الحطب، ثم أضيفه إلى خليط الأرز والمعكرونة، مع قليل من الملح، والسكر، والخميرة، تمامًا كما أفعل عند عجن الدقيق العادي".
وتتابع: "أحيانًا أصنع مناقيش الزعتر والدُّقة، مستبدلة الزيت النباتي بزيت الزيتون مرتفع السعر، من أجل التغطية على المذاق ومنحه طعمًا أطيب".
دقيق الأرز والعدس، الشائع بين العائلات التي لديها أطفال مصابون بحساسية القمح، أصبح الآن خيارًا متاحًا لأن كلفته أقل نسبيًا مقارنة بالدقيق العادي.
خبز العدس
واتّبع الغزيون طريقتين لصنع الخبز من العدس؛ إما بطحنه وهو جاف، أو بعد نقعه بالماء ليلة كاملة، كما تفعل آية أهل، التي لا تقوى على شراء الدقيق الذي ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد منه من 4 شواقل إلى 40 شيقلًا.
تقول أهل من حي الدرج: "في البداية، كنت أنقع العدس بالماء ليلة كاملة، وأغيّر الماء أكثر من مرة للتخلص من المواد التي تُسبب الغازات، ثم أضيف عليه ماءً دافئًا، وبعض الخميرة، والسكر، والملح، وأطحن المزيج بواسطة خلاط كهربائي في نقطة شحن هواتف محمولة تعمل بالطاقة الشمسية".
وتضيف لـ"فلسطين أون لاين": "يكون الخليط سائلًا، فأقوم بسكبه على مقلاة فوق موقد حطب، وأحمّره من الوجهين، وبهذا أحصل على خبز صحي وطعمه مقبول".
وتتابع: "لا بديل يمكن أن يحل محل خبز الدقيق، وكل البدائل التي نجدها هي لسد جوعنا فقط. بعض أطفالي ملّوا من خبز العدس ويطالبونني دائمًا بخبز الدقيق، لكني لا أقدر على تلبية طلبهم؛ فسعره جنوني ويفوق قدرتي المادية".
بعد نسف اتفاق وقف إطلاق النار من قبل الاحتلال الإسرائيلي في 18 مارس الماضي، ارتفعت أسعار كيس الدقيق (25 كغ) بنسبة تجاوزت 500%، ليصل سعره إلى أكثر من 1000 شيقل (الدولار يعادل 3.61 شيقلًا)، وهو ما يفوق قدرة كثير من الأسر.
بالإضافة إلى تقلص الدعم الإغاثي، وتقليص كميات الطحين التي توزعها وكالة "الأونروا" وبعض المؤسسات الإغاثية، زاد العبء على المواطنين. أما الحصار الإسرائيلي المستمر، وإغلاق المعابر، فقد أدّيا إلى ندرة المواد الغذائية، وعلى رأسها الدقيق.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 8 ساعات
- فلسطين أون لاين
هآرتس: الحرب على غزة تفتح فجوة مالية بمليارات الشواكل
متابعة/ فلسطين أون لاين كشفت صحيفة هآرتس العبرية، أن استئناف الحرب في قطاع غزة تسبب في عجز مالي حاد في موازنة إسرائيل يتراوح بين 15 و25 مليار شيكل، وسط تحذيرات من انهيار التقديرات المالية التي بُنيت عليها ميزانية العام الجاري. وأفادت الصحيفة أن جميع الفرضيات الأساسية التي اعتمدتها الحكومة في إعداد الميزانية لم تعد صالحة في ظل استمرار الحرب، ما دفع إلى الحديث عن خيارات قاسية تشمل رفع الضرائب، تقليص الخدمات الاجتماعية، وزيادة العجز المالي. وذكرت الصحيفة أن أسباب العجز تعود إلى النفقات الهائلة الناجمة عن استدعاء قوات الاحتياط، تمديد فترة الخدمة العسكرية الإلزامية، وشراء كميات ضخمة من الذخائر والمعدات العسكرية. وأشارت "هآرتس" إلى أن هذا العجز أثار مخاوف متزايدة في الأوساط السياسية والاقتصادية من فقدان السيطرة على نفقات الدفاع، في ظل غياب خطط واضحة للتعامل مع التدهور المالي المتوقع. وشهد أحد اجتماعات الحكومة تبادلًا حادًا للاتهامات بين وزارتي المالية والدفاع بشأن المسؤولية عن اتساع العجز، حيث هاجم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ضباط الجيش واتهمهم بالتصرف "كما يحلو لهم" دون تنسيق أو مراعاة للوضع الاقتصادي. وأضاف التقرير أن التقديرات تشير إلى أن العجز قد يتفاقم ليصل إلى عشرات المليارات من الشواكل إذا استمرت الحرب لفترة أطول، ما يهدد بحدوث أزمة اقتصادية عميقة. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
أسعار صرف العملات مقابل الشيكل في فلسطين اليوم 24 مايو 2025
تشهد عمليات صرف العملات مقابل الشيكل في فلسطين، اليوم السبت 24 مايو 2025، استقراراً طفيفاً في عمليات البيع والشراء. آخر تحديث لأسعار بيع وشراء العملات مقابل الشيكل، هذا اليوم، جاء على النحو التالي: - الدولار الأزرق مقابل الشيكل: شراء 3.63-3.66 بيع. - الدينار الأردني مقابل الشيكل: شراء 4.85-4.90، بيع. - اليورو مقابل الشيكل: شراء 3.20-3.55، بيع. - الجنيه المصري مقابل الشيكل: شراء 0.10-0.15، بيع. - الدولار مقابل الدينار: شراء 0.75-0.77، بيع. - اليورو مقابل الدولار: شراء 0.85-0.97، بيع.10:34 المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
لهذه الأسباب.. "مخابز غزة" تعلن رفضها العمل بآلية توزيع الخبز
متابعة/ فلسطين أون لاين أعلنت جمعية أصحاب المخابز في قطاع غزة، رفضها العمل بالآلية الجديدة والمفروضة لكونها لا تزال آلية توزيع الخبز يشوبها الكثير من التضارب والارتباك، ولعدم تلبية احتياجات المواطنين. وقالت الجمعية في بيانها، اليوم الجمعة، إن الآلية المفروضة حاليًا "لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات المواطنين"، مشددة على أنها لن تستأنف العمل إلا في حال توفر كميات كافية وشاملة لجميع المخابز من الدقيق والسكر والخميرة والملح والسولار. ودعت الجمعية في بيانها المنظمات والمؤسسات الدولية إلى التدخل العاجل لدى الجانب الإسرائيلي من أجل السماح بدخول الإمدادات الضرورية لإنقاذ الوضع الإنساني. وأوضحت أن استمرار إغلاق المعابر أمام المواد الأساسية يهدد بانهيار سلسلة التوريد الحيوية للمخابز، ما يعني حرمان أكثر من مليوني نسمة من الخبز، أحد أبرز مقومات الحياة في ظل الحصار والحرب. رغم القرار الحازم بالتوقف، أكدت الجمعية جاهزيتها الفورية للعودة إلى العمل بمجرد توفر الكميات الكافية من المواد الأساسية، مطالبة بـ"إدخال كميات عاجلة من الطحين لتوزيعها على المواطنين قبل تشغيل المخابز"، في خطوة استباقية لتفادي الفوضى والازدحام المحتمل. من جهته، أوضح رئيس جمعية أصحاب المخابز، عبد الناصر العجرمي، إنه تم تغيير من آلية العمل من قبل برنامج الغذاء العالمي، حيث طلب من المخابز إنتاج الخبز وترك آلية التوزيع للبرنامج. وشدد "العجرمي"، على أن المخابز رفضت المشاركة في الآلية الجديدة لأنها غير مجدية وتعرضها والمواطنين للخطر. تشهد عملية توزيع الخبز في قطاع غزة حالة من الفوضى، في ظل سوء إدارة آلية التوزيع، ما أدى إلى توقف بعض المخابز العاملة عن العمل، وسط تحفّظ أخرى على المشاركة في الآلية المعتمدة. ويتولى برنامج الغذاء العالمي مهمة التوريد والتوزيع، حيث بدأ تشغيل أربعة مخابز في جنوب القطاع، إلى جانب ثلاثة مخابز طين، تُنتج مجتمعة نحو 20 ألف ربطة خبز يوميًا، تُوزّع على 20 ألف أسرة يتجاوز عدد أفراد كل منها سبعة أشخاص. في المقابل، تشير التقديرات إلى أن الاحتياج الفعلي للسكان يبلغ نحو 4 ملايين رغيف يوميًا، بمعدل رغيفين لكل فرد، في ظل وجود أكثر من 2.4 مليون نسمة في القطاع، ما يعكس فجوة كبيرة بين حجم الإنتاج والطلب. وقد تم التنسيق لدخول 33 شاحنة مساعدات إلى شمال القطاع، يُتوقع السماح بدخولها مطلع الأسبوع القادم، على أن يتم تشغيل أربعة مخابز في تلك المنطقة، مع تخصيص 10 نقاط توزيع لكل مخبز. وأثارت طريقة توزيع الخبز الحالية انتقادات حادة، وسط اتهامات بأن ما يجري يندرج ضمن "إدارة التجويع" بدلًا من إنهائه، في وقت تتفاقم فيه معاناة السكان نتيجة الحصار والعدوان المستمر.