من باريس إلى اليرزة: كيف يُدار سيناريو تمويل الجيش بصمت؟
يعود الكلام في الاساس الى اقتراح دولي ظهر قبل سنوات، في ظل الانهيار الاقتصادي الحاد الذي مر به لبنان، والذي أثر بشكل مباشر على رواتب ومخصصات القوى الأمنية والعسكرية، حيث برزت فكرة تأمين مليار دولار سنويًا كمساعدات خارجية لدعم هذه المؤسسات على مدى عشر سنوات، حيث نوقشت يومها في الأروقة الدبلوماسية والسياسية، كسبيل وحيد للحفاظ على استقرار لبنان الأمني، وتفادي انهيار المؤسسات العسكرية والأمنية التي تُعتبر آخر ركائز الدولة يومها، الا انها اصطدمت بفيتو اميركي مخفي.
مصدر وزاري سابق واكب المرحلة كشف ان الخطة العشرية موضوعة منذ سنوات، بتفاصيلها، وكيفية توزيع المبلغ على الحاجات والمتطلبات، الاساسية التالية:
- رواتب ومخصصات، لضمان رواتب كافية ومحترمة للعسكريين وعناصر الأمن، تُمكنهم من العيش بكرامة، لما لذلك من تاثير على ولائهم وتماسكهم.
- تطوير البنية التحتية، لتحديث الثكنات والمراكز الأمنية، وصيانة المعدات العسكرية والآليات.
- تأمين المعدات والأسلحة، لتجهيز القوى الأمنية بأحدث المعدات والأسلحة اللازمة للحفاظ على الأمن ومكافحة الإرهاب.
- برامج تدريب وتطوير، لرفع مستوى الكفاءة المهنية والقدرات القتالية لدى القوى الأمنية.
وتابع المصدر، إن الدافع الأساسي وراء هذا الاقتراح كان المخاوف من تفاقم الانهيار الاقتصادي والأمني ، بهد ثورة 17 تشرين، مع اتجاه عدد كبير من العسكريين إلى التفكير في ترك الخدمة، أو الانخراط في أعمال أخرى، ما هدد بانهيار المؤسسات الأمنية، وفتح الباب أمام الفوضى، وتفاقم الجرائم، وتزايد نفوذ المجموعات الخارجة عن القانون.
الا انه رغم الأهمية القصوى لهذا الاقتراح، يتابع المصدر، فقد واجه تحديات ومعوقات كبيرة، تبلغها يومها المسؤولون السياسيون والعسكريون، من اكثر من زائر اميركي واوروبي وعربي، معيدين الاسباب الى:
- غياب الإرادة السياسية، حيث لا تزال العديد من القوى السياسية لا تُقدم الدعم الكافي للقوى الأمنية، وتفضل إبقاءها ضعيفة لتُحكم سيطرتها على القرار.
- الشفافية والمساءلة، حيث ثمة تخوفات من أن تؤدي المساعدات المالية الكبيرة إلى زيادة الفساد، خاصة في ظل ضعف الشفافية في المؤسسات اللبنانية.
- ثقة المجتمع الدولي المفقودة بالدولة اللبنانية ومؤسساتها، في أدنى مستوياتها، فلطالما ترددت الدول المانحة في تقديم دعم مالي كبير دون وجود إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية، ومكافحة حقيقية للفساد.
وفي هذا السياق، نظمت فرنسا مؤتمرًا دوليًا في باريس في تشرين الاول 2024، جمع أكثر من 70 دولة ومنظمة دولية، وأسفر عن تعهدات مالية بقيمة مليار دولار، منها 800 مليون دولار للمساعدات الإنسانية و200 مليون دولار لدعم القوات الأمنية اللبنانية، الا ان التنفيذ لم يبصر النور.
- مسألة السيادة، اذ تُعتبر هذه المساعدات تدخلاً في سيادة الدولة اللبنانية، مما قد يُثير حساسيات سياسية، ويُعقد عملية إقرارها وتنفيذها.
- اشكالية توزيع المساعدات، حيث تُثار تساؤلات حول كيفية توزيع هذه المساعدات، ومن هي الجهة التي ستُشرف على صرفها، وسط مخاوف من أن تُستخدم في صفقات فساد.
- المصدر المالي، حيث يُعتبر تأمين مليار دولار سنويًا لمدة عشر سنوات تحديًا كبيرًا للدول المانحة.
من جهتها ترى اوساط دبلوماسية غربية، إن استقرار لبنان لم يعد يُقاس بمؤشراته الاقتصادية أو الانتخابية، بل بقدرة مؤسساته الأمنية على احتواء الانهيار الاجتماعي والسياسي. ولهذا، فإن دعم القوى الأمنية لم يعد فقط مسألة إنسانية أو تقنية، بل ركيزة من ركائز الأمن الإقليمي، من منع تسرب السلاح، الى احتواء اللاجئين، ووقف تمدد التنظيمات المتطرفة.
واشارت الاوساط الى ان هذا الطرح، لم يتحوّل إلى مبادرة رسمية بعد، بل يشكّل انعكاسًا لتحوّل في النظرة الغربية إلى ما تبقى من الدولة اللبنانية. فالمجتمع الدولي، بعد تخلّيه شبه الكامل عن دعم الطبقة السياسية، يرى في المؤسسات الأمنية الورقة الوحيدة القابلة للحماية والاستثمار، انما ضمن اطر تنظيمية جديدة، تحاكي المهام والوظائف، دون ان تشكل تخمة وعبئا على المجتمعين اللبناني والدولي، من خلال اعتماد خطط عشوائية من ضمن هيكليات مترهلة لاستيعاب اعداد خدمة لاهداف سياسية، كما درجت العادة ولا زالت، خاتمة، بانه لا يخفى على أحد أن أي مساعدات بهذا الحجم ستُدار وفق ضوابط سياسية دقيقة، فالدول المانحة لن تموّل جهازًا أمنيًا معزولًا عن الرقابة، بل ستسعى إلى خلق "بيئة إصلاحية"، تتيح لها النفاذ إلى مفاصل القرار الإداري والمالي.
عليه فإن طرح دعم القوى الأمنية بمليار دولار سنويًا ليس تفصيلاً مالياً فقط، بل رهان استراتيجي على مستقبل لبنان كوطن لا يزال يُنظر إليه كمفتاح لاستقرار شرق المتوسط. فهل تنجح الدولة في استثمار الاهتمام الدولي؟ أم تضيّعه كما ضيّعت فرصاً كثيرة من قبله؟
ميشال نصر -الديار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 5 دقائق
- الديار
سوريا وتركيا توقعان 10 اتفاقيات اقتصادية لرفع التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وقعت سوريا وتركيا، اليوم الثلاثاء، أكثر من 10 اتفاقيات ومذكرة تفاهم، إلى جانب بروتوكول لإنشاء لجنة اقتصادية وتجارية مشتركة، بهدف رفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليارات دولار. وقالت وزارة التجارة التركية في بيان لها، إن الاتفاقات تهدف لتسريع التعاون الاقتصادي، وتشمل مجالات التجارة، الجمارك، والتنمية الإدارية.وأضافت أن اللجنة الاقتصادية المقترحة ستعوض اتفاقية التجارة الحرة المجمدة منذ 2011، مشيرا إلى استمرار المشاورات حول النظام الجمركي والنقل، مع اقتراح إنشاء لجنة جمركية مشتركة. وأكدت الوزارة توقيع اتفاقية لتأسيس مجلس الأعمال التركي–السوري غدا في مدينة إسطنبول، وأن المصارف التركية تستعد لبدء العمل في سوريا، فيما يطمح رجال الأعمال الأتراك للإسهام في مشاريع الإعمار والتنمية. ووصل وزير الاقتصاد والصناعة السوري، محمد نضال الشعار، إلى تركيا في زيارة رسمية تستمر حتى الخميس المقبل، على رأس وفد اقتصادي، لبحث سبل تعزيز التعاون الثنائي. وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا متسارعا منذ رحيل حكومة الأسد في ديسمبر/ كانون الأول 2024. وبلغ حجم التبادل التجاري بين تركيا وسوريا 2.6 مليار دولار في 2024، و1.9 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بحسب وزير التجارة التركي، عمر بولات. وفي حزيران الماضي، وقع الجانبان اتفاقية للنقل البري الدولي لتعزيز التعاون الاقتصادي وتوسيع الخدمات اللوجستية.

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
مصرف الإسكان يبحث دعم عناصر القوى الأمنية..حبيب: سقف القروض إلى 100 ألف دولار
قام رئيس مجلس إدارة المدير العام لمصرف الإسكان، أنطوان حبيب، بزيارة وزير الداخلية والبلديات، أحمد الحجار، في مكتبه في الوزارة، يرافقه عضو مجلس الإدارة توفيق ناجي وأمين السر والمستشار القانوني المحامي مالك إرسلان. وقد تم خلال اللقاء استعراض أنشطة المصرف ومشاريعه المستقبلية. وفي بيان صادر بعد اللقاء، صرّح حبيب: 'تشرفنا بزيارة معالي الوزير الحجار لشكره على جهوده المستمرة في الحفاظ على أمن المواطنين اللبنانيين، وسعيه لتأمين الحد الأدنى من مقومات الاستقرار الداخلي، رغم التحديات الأمنية والاجتماعية الصعبة. ومن أبرز إنجازاته تنظيم الانتخابات البلدية والاختيارية بعد سنوات من التمديد، وهو ما شكّل علامة ديمقراطية مشرّفة.' وأضاف: 'بصفتنا مصرف الإسكان، فإننا نعمل للمساهمة في تعزيز الاستقرار الاجتماعي عبر توفير القروض السكنية للبنانيين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط، وذوي الاحتياجات الخاصة، في ظل الظروف المعيشية الضاغطة.' وكشف حبيب أن المصرف يدرس اقتراح الحكومة بتقديم قروض سكنية مدعومة لعناصر القوى المسلحة اللبنانية، بتمويل من الصناديق العربية، دعمًا لدورهم الحيوي في حفظ الأمن والاستقرار في البلاد. كما شدّد حبيب على أن مصرف الإسكان لا يميز بين منطقة وأخرى أو مواطن وآخر، مؤكدًا أن الحصول على القروض يتم على أساس استيفاء الشروط. وقد جرى عرض قرار الحكومة، الذي شارك الوزير الحجار في اتخاذه، برفع سقف القرض من 50 ألف دولار إلى 100 ألف دولار، بهدف مساعدة المواطنين في شراء أو ترميم منازلهم، تعزيزًا لصمودهم في أرضهم. وفي ختام اللقاء، شكر حبيب الوزير الحجار على جهوده في حفظ الأمن الداخلي، مثمنًا دعمه المتواصل لمشاريع المصرف، التي تلتقي في الهدف المشترك: تحقيق الاستقرار الاجتماعي. كما استقبل الوزير الحجار النائب أحمد الخير مع وفد من مخاتير المنية، حيث جرى البحث في عدد من القضايا الإنمائية والإدارية الخاصة بالمنطقة. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


صوت بيروت
منذ ساعة واحدة
- صوت بيروت
السويد والنرويج والدنمارك تقدم 486 مليون دولار لإرسال سلاح أمريكي لأوكرانيا
أفراد من القوات المسلحة الأوكرانية يسيرون بجانب منصة إطلاق لنظام الدفاع الجوي باتريوت في مكان لم يكشف عنه في أوكرانيا. رويترز قالت الحكومة النرويجية في بيان اليوم الثلاثاء إن السويد والنرويج والدنمارك ستساهم معا بنحو خمسة مليارات كرونة نرويجية (486.16 مليون دولار) في مبادرة يقودها حلف شمال الأطلسي لتزويد أوكرانيا بأسلحة أمريكية. ويواصل حلف 'ناتو' تنسيق توريد مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا تشمل ذخائر وقذائف مدفعية، بما في ذلك شحنات من الولايات المتحدة كانت قد توقفت مؤقتا. وذكرت وكالة 'أسوشيتد برس' نقلا عن مسؤول رفيع في حلف 'الناتو' أن كييف ما زالت بانتظار وصول منظومات الدفاع الجوي الأمريكية 'باتريوت'، في وقت يجري فيه 'الناتو' ترتيبات لتسليم مساعدات عسكرية أخرى، بينها الذخائر التي كانت ضمن الدعم الأمريكي المعلق لفترة قصيرة. وكان الجنرال الأمريكي أليكسيس غرينكيفيتش، القائد الجديد للقوات المشتركة للحلف في أوروبا، قد أعلن أن الاستعدادات جارية بالتنسيق مع ألمانيا لتسريع نقل منظومات 'باتريوت' إلى أوكرانيا. يأتي ذلك بعد أن كشفت صحيفة 'بوليتيكو' في وقت سابق عن تعليق مؤقت في شحنات الأسلحة الأمريكية إلى كييف بسبب انخفاض المخزونات. لكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أكد في 7 يوليو التزامه بتقديم مساعدات دفاعية إضافية، مشيرًا إلى أنها تشمل أنظمة تُستخدم لأغراض دفاعية بالدرجة الأولى. وفي هذا السياق، كشف ترامب عن خطة لتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا عبر حلفاء الناتو، تتضمن بيع الولايات المتحدة كميات ضخمة من الأسلحة، بما فيها صواريخ ومنظومات دفاع جوي وذخائر، للدول الأوروبية، على أن تقوم هذه الدول بتسليمها لاحقا إلى أوكرانيا وتعويض مخزونها من خلال شراء جديد من شركات التصنيع الأمريكية. من جانبها، اعتبرت روسيا أن مواصلة تسليح أوكرانيا تعد عرقلة لجهود التسوية السياسية، وتورطا مباشرا من دول الناتو في النزاع.