logo
هاجر أم العرب والمصريون أخوالهم

هاجر أم العرب والمصريون أخوالهم

بوابة الأهراممنذ 5 ساعات

‎معروف تاريخيا أن الحوارات التى جرت حول عروبة مصر، جرت فى لحظات تَـحوّل سياسى كُـبرى. ففى الثلاثينيات من القرن الماضى كانت قضية الاستقلال القانونى والموقِـف من معاهدة 1936، عنصرا طاغِـيا ومثيرا لموضوع التوجّـه السياسى للمملكة المصرية فى ظل ظروف دولية ملتبِـسة. وفى الخمسينيات كان العنصر الحاكم توجهات مصر الناصرية ذات الجذور والأسس القومية العربية. وفى السبعينيات، كان العامل المحفّـز هو دعوة الحياد التى أطلقها الكاتب توفيق الحكيم، فى لحظة عرفت فيها مصر جدلا كبيرا حول التزاماتها العربية، وهذا الجدال استمرّ منذ مطلع القرن الماضى بين طه حسين والمازنى والعقاد ولطفى السيد وهيكل والأهم من كل ما يقال حول عروبة مصر أن أم العرب السيدة هاجر مصرية وزوجها هو أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وهو عراقى، يمر على مصر، ويتزوجها ويهاجر بها إلى مكة والمعنى أن المصريين أخوال العرب بل إن المصريين هم أصل العرب.
ومثل هذا الجدل، وإن لم ولن يغيِّـر من هوية مصر العربية الإسلامية شيئا، ثقافة وسلوكا ومحتوى والتزامات سياسية، فإنه يعكِـس المدى الذى يصل إليه البعض فى إعادة تفسير التاريخ بطريقة غير مُـنصفة وذات مضامِـين غاية فى القسوة والخطورة، كما يعكِـس أيضا حجم القلق على المستقبل أو بعبارة أخرى قدر الأزمة التى يعيشها المجتمع، باحثا عن بَـوْصلة هِـداية، وسط تراكمات شديدة التّـعقيد ‎والجدل الثانى حول وجود الجامعة فى مصر هل يمنحها هوية «العربية»؟ فمنذ أن تأسست الجامعة فى القاهرة عام 1945، كان الموقع مقرًا للرمز، لا لمجرد الجغرافيا. لم تكن مصر هى فقط المؤسِّس، بل كانت القلب السياسى والثقافى للعرب، وكانت الجامعة امتدادًا عضويًا لهذا الدور. لم يكن اختيار القاهرة اعتباطًا، بل لأنه فى الأربعينيات والخمسينيات لم يكن هناك مكان آخر يستطيع أن يحضن العرب جميعًا، لا ماليًا فقط، بل أخلاقيًا ورمزيًا.
من الجزائر إلى اليمن، ومن بغداد إلى الخرطوم، كانت القاهرة هى صوت التحرر، وهى دار الطباعة للأفكار، وهى التى جعلت من العروبة مشروعًا لا مجرد شعار. وعلى الرغم من المحاولات الهائلة التى استهدفت الهوية المصرية وحاولت تغييرها عكس السياق التاريخى لها، فإن الهوية المصرية صمدت أمام كل هذه المحاولات، ولن تجد أى مصرى لا يوجد بداخله انتماء، ولو بدرجات متفاوتة، للحضارة الفرعونية والافتخار بها وسط باقى الشعوب، متأثرًا أيضًا بالحقبة اليونانية - الرومانية، وله انتماء عربى وإفريقى، ومتعايشًا مع الإسلام والمسيحية فى وطن واحد. ومن المستحيل أن ننسبها إلى أى منطقة بعينها، فهى دولة خُلقت لتكون مركزًا حرًا غير تابع لأى قسم، ولكن الأكيد أنها كانت وستظل قلب الأمة العربية، متشابهة مع كثير من شعوب البحر المتوسط، وتعتز بامتدادها الإفريقى الثري.
والمحصلة أن الجغرافيا وحدها هى التى تحدد هوية الإقليم ثم إن القوة لم تكن يومًا مالاً فقط، بل كانت القدرة على إقناع العرب بأن هناك طريقًا آخر للكرامة، وأن القاهرة تعرف هذا الطريق. أما الآن، فتبدو مصر كيانًا مرهقًا، يدور حول ذاته، بينما تُعاد كتابة المعادلات الكبرى من دونها ويمكن القول إن اسم جمهورية مصر العربية جزء من تاريخ سياسى طويل، جاء نتيجة لعدة تحولات كبرى، من إنهاء الحكم الملكى إلى تجربة الوحدة العربية، لكن بالرغم من انتهاء التجارب الوحدوية، بإن الاسم استمر، ليظل شاهدًا على حقبة الحلم القومى العربى.
ببساطة
> إسقاط إيران ليس نهاية القصة، بل بدايتها.
> من لم تصلحه الكرامة أصلحته الإهانة.
> الانبهار بالعدو أول طريق الاستسلام.
> يوماً ما ستزوركم أفعالكم، فلا تفجعوا منها.
> من لايفهم صمتك لن يفهم حكيك.
> انتصرت الصين فى حرب الهند وباكستان.
> العشوائية ليست مكانا لكنها سلوك أيضاً.
> قد تأتيك النعمة لأنك تمنيتها لغيرك.
> لا يموت ظالم حتى يُريَ الله المظلوم حقه.
> بدايات الدورى ليست مهمة ولكن النهايات.
> فى السياسة درء الضرر مقدم على جلب المنفعة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

وزير الأوقاف يعلن إطلاق المنصة الرقمية الجديدة للوزارة: تفاعلية وتسعى إلى بناء الإنسان
وزير الأوقاف يعلن إطلاق المنصة الرقمية الجديدة للوزارة: تفاعلية وتسعى إلى بناء الإنسان

24 القاهرة

timeمنذ 3 ساعات

  • 24 القاهرة

وزير الأوقاف يعلن إطلاق المنصة الرقمية الجديدة للوزارة: تفاعلية وتسعى إلى بناء الإنسان

أعلن الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إطلاق المنصة الرقمية الجديدة لوزارة الأوقاف. إطلاق المنصة الرقمية الجديدة لوزارة الأوقاف وأضاف خلال مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء: تقدم الفكر الديني الرشيد، وهي مشروع وطني حضاري ومعرفي يقدم الإسلام كما ينبغي، والمنصة تفاعلية استباقية وتسعى إلى بناء الإنسان. وفي وقت سابق، قالت وزارة الأوقاف في بيان: في خطوة غير مسبوقة نحو التحول الرقمي وإثراء المحتوى الفكري الديني القويم وتعزيز الخدمات الإلكترونية، تستعد وزارة الأوقاف لإطلاق منصتها الرقمية الجديدة، التي تمثل نقلة نوعية في التواصل مع الجمهور، وتيسير الوصول إلى الخطاب الديني المعتدل، وجميع خدمات الوزارة.

وزير الأوقاف: المنصة الرقمية للوزارة تجسّد خطابًا دينيًا رشيدًا وتفتح آفاقًا جديدة للتواصل
وزير الأوقاف: المنصة الرقمية للوزارة تجسّد خطابًا دينيًا رشيدًا وتفتح آفاقًا جديدة للتواصل

نافذة على العالم

timeمنذ 4 ساعات

  • نافذة على العالم

وزير الأوقاف: المنصة الرقمية للوزارة تجسّد خطابًا دينيًا رشيدًا وتفتح آفاقًا جديدة للتواصل

الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف قال الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، إن إطلاق المنصة الرقمية الجديدة للوزارة يُعد إنجازًا وطنيًا يعكس رؤية الدولة نحو تجديد الخطاب الديني باستخدام أدوات العصر، مؤكدًا أنها منصة تفاعلية ترسّخ لقيم الوسطية وتعكس روح الإسلام الحقيقية. وأضاف الأزهري في تصريحات لقناة إكسترا نيوز، عقب تدشين المنصة بحضور دولة رئيس الوزراء وعدد من القيادات الدينية والإعلامية، أن المشروع جاء ثمرة عمل دؤوب استمر 11 شهرًا متواصلة، شارك فيه فريق متكامل من الوزارة، بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، لصياغة منصة موثوقة تُقدّم محتوى دينيًا يعالج التحديات الفكرية ويواجه خطاب العنف والتطرف بمنهج علمي رصين. وأكد وزير الأوقاف أن المرحلة القادمة ستشهد توسعًا كبيرًا في محتوى المنصة، بالإضافة إلى إدماج تقنيات الذكاء الاصطناعي، مشيرًا إلى أن الوزارة تعمل حاليًا على تطوير شات بوت ذكي مستلهم من نموذج "شات جي بي تي"، يقدم إجابات منضبطة شرعيًا وآمنة معرفيًا، معربًا عن أمله في أن تصبح هذه المنصة الأولى عالميًا في تقديم الخطاب الإسلامي الرشيد، قائلاً: "نحلم أن تكون المنصة منارة فكر ووعي، تحفظ الوطن وتصون مقاصد الشريعة".

هاجر أم العرب والمصريون أخوالهم
هاجر أم العرب والمصريون أخوالهم

بوابة الأهرام

timeمنذ 5 ساعات

  • بوابة الأهرام

هاجر أم العرب والمصريون أخوالهم

‎معروف تاريخيا أن الحوارات التى جرت حول عروبة مصر، جرت فى لحظات تَـحوّل سياسى كُـبرى. ففى الثلاثينيات من القرن الماضى كانت قضية الاستقلال القانونى والموقِـف من معاهدة 1936، عنصرا طاغِـيا ومثيرا لموضوع التوجّـه السياسى للمملكة المصرية فى ظل ظروف دولية ملتبِـسة. وفى الخمسينيات كان العنصر الحاكم توجهات مصر الناصرية ذات الجذور والأسس القومية العربية. وفى السبعينيات، كان العامل المحفّـز هو دعوة الحياد التى أطلقها الكاتب توفيق الحكيم، فى لحظة عرفت فيها مصر جدلا كبيرا حول التزاماتها العربية، وهذا الجدال استمرّ منذ مطلع القرن الماضى بين طه حسين والمازنى والعقاد ولطفى السيد وهيكل والأهم من كل ما يقال حول عروبة مصر أن أم العرب السيدة هاجر مصرية وزوجها هو أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم وهو عراقى، يمر على مصر، ويتزوجها ويهاجر بها إلى مكة والمعنى أن المصريين أخوال العرب بل إن المصريين هم أصل العرب. ومثل هذا الجدل، وإن لم ولن يغيِّـر من هوية مصر العربية الإسلامية شيئا، ثقافة وسلوكا ومحتوى والتزامات سياسية، فإنه يعكِـس المدى الذى يصل إليه البعض فى إعادة تفسير التاريخ بطريقة غير مُـنصفة وذات مضامِـين غاية فى القسوة والخطورة، كما يعكِـس أيضا حجم القلق على المستقبل أو بعبارة أخرى قدر الأزمة التى يعيشها المجتمع، باحثا عن بَـوْصلة هِـداية، وسط تراكمات شديدة التّـعقيد ‎والجدل الثانى حول وجود الجامعة فى مصر هل يمنحها هوية «العربية»؟ فمنذ أن تأسست الجامعة فى القاهرة عام 1945، كان الموقع مقرًا للرمز، لا لمجرد الجغرافيا. لم تكن مصر هى فقط المؤسِّس، بل كانت القلب السياسى والثقافى للعرب، وكانت الجامعة امتدادًا عضويًا لهذا الدور. لم يكن اختيار القاهرة اعتباطًا، بل لأنه فى الأربعينيات والخمسينيات لم يكن هناك مكان آخر يستطيع أن يحضن العرب جميعًا، لا ماليًا فقط، بل أخلاقيًا ورمزيًا. من الجزائر إلى اليمن، ومن بغداد إلى الخرطوم، كانت القاهرة هى صوت التحرر، وهى دار الطباعة للأفكار، وهى التى جعلت من العروبة مشروعًا لا مجرد شعار. وعلى الرغم من المحاولات الهائلة التى استهدفت الهوية المصرية وحاولت تغييرها عكس السياق التاريخى لها، فإن الهوية المصرية صمدت أمام كل هذه المحاولات، ولن تجد أى مصرى لا يوجد بداخله انتماء، ولو بدرجات متفاوتة، للحضارة الفرعونية والافتخار بها وسط باقى الشعوب، متأثرًا أيضًا بالحقبة اليونانية - الرومانية، وله انتماء عربى وإفريقى، ومتعايشًا مع الإسلام والمسيحية فى وطن واحد. ومن المستحيل أن ننسبها إلى أى منطقة بعينها، فهى دولة خُلقت لتكون مركزًا حرًا غير تابع لأى قسم، ولكن الأكيد أنها كانت وستظل قلب الأمة العربية، متشابهة مع كثير من شعوب البحر المتوسط، وتعتز بامتدادها الإفريقى الثري. والمحصلة أن الجغرافيا وحدها هى التى تحدد هوية الإقليم ثم إن القوة لم تكن يومًا مالاً فقط، بل كانت القدرة على إقناع العرب بأن هناك طريقًا آخر للكرامة، وأن القاهرة تعرف هذا الطريق. أما الآن، فتبدو مصر كيانًا مرهقًا، يدور حول ذاته، بينما تُعاد كتابة المعادلات الكبرى من دونها ويمكن القول إن اسم جمهورية مصر العربية جزء من تاريخ سياسى طويل، جاء نتيجة لعدة تحولات كبرى، من إنهاء الحكم الملكى إلى تجربة الوحدة العربية، لكن بالرغم من انتهاء التجارب الوحدوية، بإن الاسم استمر، ليظل شاهدًا على حقبة الحلم القومى العربى. ببساطة > إسقاط إيران ليس نهاية القصة، بل بدايتها. > من لم تصلحه الكرامة أصلحته الإهانة. > الانبهار بالعدو أول طريق الاستسلام. > يوماً ما ستزوركم أفعالكم، فلا تفجعوا منها. > من لايفهم صمتك لن يفهم حكيك. > انتصرت الصين فى حرب الهند وباكستان. > العشوائية ليست مكانا لكنها سلوك أيضاً. > قد تأتيك النعمة لأنك تمنيتها لغيرك. > لا يموت ظالم حتى يُريَ الله المظلوم حقه. > بدايات الدورى ليست مهمة ولكن النهايات. > فى السياسة درء الضرر مقدم على جلب المنفعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store