logo
ماذا قصد ترامب بحديثه عن "إف-55" و "إف-22 سوبر"؟

ماذا قصد ترامب بحديثه عن "إف-55" و "إف-22 سوبر"؟

النهارمنذ 19 ساعات

الكلّ حائر. فهي واحدة من أكثر التّصريحات الحديثة إثارة للتكهّنات. خلال جولته الشّرق أوسطيّة، تحدّث الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب عن طائرات مقاتلة جديدة أو محدّثة. المشكلة أنّها لم تكن تماماً على ألسنة المتحدّثين في البنتاغون خلال الآونة الأخيرة. والمشكلة الأكبر، بشكل محتمل، هي أنّها قد تكون من "نسج خيال" الرئيس.
حين كان في قطر، قال ترامب: "سنصنّع مقاتلة إف-55 – إذا حصلنا على السعر المناسب، علينا أن نحصل على السعر المناسب – ستكون (مقاتلة) بمحرّكين، وتحديثاً فائقاً لـ إف-35".
هل تكون "إف-55" مثل "إف-52"؟
قال وزير القوّات الجوّيّة في عهد الرئيس الأسبق بوش الابن فران كندال إنّه "مرتبك" من كلام ترامب مشيراً إلى أنّ نسخة بمحرّكين من "إف-35" ستكون تقريباً "إعادة تصميم كاملة". وأضاف في حديث إلى " بريكينغ ديفنس": "إنّه خيارٌ لم يُقدَّم لنا قط ولم ندرسه قط، على حدّ معرفتي".
بالفعل، يتطلّب إدخال محرّكين في المقاتلة تصميماً جديداً شاملاً لهيكلها، أي بنتيجة عمليّة، تطوير مقاتلة جديدة، بحسب موقع أميركيّ آخر متخصّص في الشّؤون الدفاعيّة، وهو " ديفنس وان". ونقل الموقع عن مسؤول سابق في القوّات الجوّيّة قوله عن ترامب: "أعتقد أنّه مرتبك. مرتبك للغاية. لا أستطيع حتى تخيّل شعور محاولة (إحاطته) أو إحاطته" بالأمر.
وأوضح الرئيس أنه يحبّ الطائرات ذات المحرّكين، لأنّها بحسب رأيه أكثر أماناً في حال تعطّل أحدهما، وهي ميزة غير موجودة في الطّائرات ذات المحرّك الواحد. ليس كلام الرئيس بعيداً من الواقع، بحسب تقرير " نيوزويك" على الأقل. فإلى جانب ميزة الأمان، يمكّن المحرّكان المقاتلة من التّحليق بشكل أفضل على مرتفعات أعلى مع حمولة أثقل. لكنّ سلبيّة المحرّكين أنّهما يجعلان المقاتلة أثقل وأكبر من النّسخ ذات المحرّك الواحد، مع كونها أكثر كلفة وتعقيداً على مستوى التّصنيع، لكن أيضاً على مستوى الإصلاح والصيانة.
بخصوص "إف-55"، يعتقد محلّل الشّؤون الجو-فضائية في شركة "أينجنسي بارتنرز" نيك كانينغهام إنّ هذه المقاتلة قد تشير بشكل بديل إلى برنامج مقاتلات "إف/أي-أكس أكس" الذي تنوي البحريّة الأميركيّة أن تدخله مكان أسطول إف/أي-18 سوبر هورنيت".
وهذا احتمال يطرحه أيضاً المحرّر الأوّل للشّؤون الدفاعيّة في موقع "1945" ومجلّة "ناشونال سكيوريتي جورنال" الدكتور برنت إيستوود. لم يستبعد إيستوود أن يكون مقصد ترامب الأساسيّ في الحديث عن "إف-55" هو مقاتلات "إف/أي-أكس أكس". لكنّه لفت النظر أيضاً إلى احتمال أن تكون مقاتلة "إف-55" من "نسج خيال" ترامب. فهو أشار إلى خطأ صدر عن الرئيس سنة 2018 حين قال لرئيس الوزراء النرويجيّ إنّ الولايات المتحدة ستسلّمه النّسخ الأولى من مقاتلات "إف-52" ، وهي مقاتلات غير موجودة أصلاً.
حتى حين تحدّثت "لوكهيد مارتن" عن تحديث "إف-35"، أشارت إلى الشّقّ المتعلّق بالمجسّات والإلكترونيّات، ولم تتحدّث عن إدخال محرّكين.
حيرة أخرى... حول الطائرة "الأجمل"
لم يكن الحديث عن "إف-55" هو وحده ما أثار الأسئلة بين المراقبين. "إف-22 سوبر" هو عنوان آخر لتكهّنات شبيهة. وصف ترامب "إف-22 رابتور" بأنها "أجمل مقاتلة في العالم". وأضاف: "سنقوم بتصنيع إف-22 سوبر (وستكون) نسخة عصريّة جدّاً" من المقاتلة الأساسيّة.
تمّ تصنيع مقاتلة "إف-22" من قبل "لوكهيد مارتن" في شراكة مع "بوينغ". كان الهدف من بنائها مواجهة القوّات الجوّيّة المعادية مع قدرتها الشبحيّة ومناوراتها الجذريّة. بحسب " بيزنس إنسايدر"، تتيح المقاتلة للطيّارين ميزة "النظرة الأولى والضربة الأولى والقتل الأول"، بالرّغم من أنّ تصنيع تلك المقاتلات توقّف سنة 2011، بينما تخضع المقاتلات المتبقّية لترقية في إلكترونيّاتها.
يعتقد إيستوود أنّ ثمة احتمالاً في أن يكون ترامب قد قصد مقاتلات "إف-47" التي ستدخل ضمن "الجيل التالي من الهيمنة الجوية". وحصلت "بوينغ" على عقد بقيمة 20 مليار دولار في شهر آذار/مارس الماضي لتطوير "إف-47" التي ستحلّق مدفوعة بمحرّكين. وقال رئيس أركان القوّات الجوّيّة في الجيش الأميركيّ الجنرال ديفيد ألفين إنّ "إف-47" ستحصل على مدى أطول بكثير من "إف-22" وقدرة شبحيّة أفضل بالإضافة إلى إمكانات دعم أوسع. وأطلق ترامب على المقاتلة رقم 47، على الأرجح، لأنّه الرئيس السابع والأربعون للولايات المتحدة.
هل من استنتاج بشأن نوايا ترامب؟
في إجابته على سؤال "النهار"، يميل إيستوود، وهو مؤلّف كتاب"البشر والآلات والبيانات: اتّجاهات مستقبليّة في الحرب"، إلى الاعتقاد بأنّ الرئيس الأميركيّ أساء التعبير في مكان ما. "أعتقد أنّه أخطأ في الكلام أو اختلط عليه أمر الطائرات بطريقة من الطرق".
لكنّه أضاف: "إذا كانت هذه خطّة مشروعة، وثمّة دوماً احتمال لأن تكون كذلك، فالولايات المتحدة لا تحتاج ولا تستطيع تحمّل كلفة مقاتلة إف-55 أو إف-22 سوبر، مهما تكن تنطوي عليه تلك الطائرات الغامضة. يجب على القوّات الجوّيّة الأميركيّة تركيز جميع تمويلها ومواردها على طائرة إف-47 إنغاد (الجيل التالي من الهيمنة الجوّيّة) وقاذفة الشبح بي-21 رايدر".
قاذفة بي-21 رايدر (شركة نورثروب غرومان المصنّعة لها)
بمعنى آخر، سيواصل الخبراء العسكريّون التساؤل حاليّاً عمّا إذا كانت أفكار ترامب قد أتت من المصنّعين أم من البيت الأبيض.
أي بعبارة أخرى، من ترامب نفسه.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين
'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

المنار

timeمنذ 2 ساعات

  • المنار

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

‎مع اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته للمنطقة محملاً بالمليارات دون أن يلزم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ‎انطلقت مباشرةً بعد عودته إلى بلاده ما تُسمى بـ'الخطوات الافتتاحية لعملية عربات جدعون'، وفق ما أعلن جيش الاحتلال، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. ‎صحيفة معاريف الإسرائيلية ربطت بشكل واضح بين زيارة ترامب وبين بدء العملية، مؤكدة أن جيش العدو بدأ الهجمات الموسّعة فور مغادرته، 'مستوليًا على مناطق واسعة من القطاع في المرحلة الأولى من العدوان'. ‎العملية، التي اتخذت اسماً ذا طابع ديني توراتي 'عربات جدعون'، تُغلف مشروع تهجير قسري واسع النطاق بغطاء أيديولوجي. فـ'جدعون' (بحسب الرواية التوراتية) في العهد القديم هو القائد الذي اختاره الله لهزيمة 'أعداء بني 'إسرائيل'' بقوة صغيرة مختارة. ومن هنا، يحاول الاحتلال أن يمنح عدوانه صفة 'المقدّس'، ويشرعن التطهير العرقي كتنفيذ لوصية إلهية مزعومة. ‎الهدف المعلن لعملية 'عربات جدعون' هو إرغام الفلسطينيين على إخلاء شمال ووسط غزة نحو رفح، تمهيدًا لترحيلهم إما إلى مصر أو نحو مطار 'رامون' في أقصى جنوب النقب، في أكبر عملية تهجير جماعي قسري يشهدها العالم المعاصر، تُنفّذ بأحدث ترسانة عسكرية أميركية الصنع، وتحت غطاء صمت دولي مريب وتواطؤ عربي فاضح، تجلى بأبشع صوره أثناء زيارة ترامب التي شهدت موافقة عربية بإحياء 'اتفاقيات أبراهام'. ‎'عربات جدعون' تبدأ مهامها بعد قبض الثمن ‎بعد أن غادر دونالد ترامب المنطقة محمّلاً بالمكاسب والصفقات، و بدأت آلة الحرب الإسرائيلية جولة تصعيد جديدة، متزامنة مع أنباء عن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، مع عدم وجود نية حقيقة لدى سلطات العدو بالتفاوض، وعدم الاكتراث حتى لمصير الأسرى الصهاينة في القطاع. ‎ ومع رفض 'إسرائيل' مناقشة أي إطار لإنهاء الحرب على غزة، بدت المفاوضات وكأنها تُدار في الظل بينما النار تشتعل على الأرض. ‎حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية 'كان 11' أن الفريق الإسرائيلي المفاوض لم يحرز أي تقدم يُذكر، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى جدية تل أبيب في التفاوض، خاصة بعد أن عبّدت زيارة ترامب الطريق لمرحلة جديدة من العدوان، وكأن الصفقة تمت وانتهت، وبقي التنفيذ بيد نتنياهو. ‎ الأمر مُجدول سلفًا ‎رغم هذا الجمود، أوصى الفريق المفاوض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمواصلة المحادثات. لكن مسؤولين حكوميين أقرّوا بأن موقف حماس ما زال متمسكًا بضرورة وقف الحرب، وهو ما ترفضه 'إسرائيل'. ‎وفي خلفية المشهد، أكدت مصادر دبلوماسية لموقع 'واللا' أن الوسطاء القطريين عبّروا عن خيبة أملهم من أداء الوفد الإسرائيلي، واعتبروا هذه الجولة 'الأسوأ' حتى الآن. وفي وقت يحاول الوسطاء دفع الأمور نحو التهدئة، كانت 'عربات جدعون' تمضي قدمًا في تنفيذ مهمتها، وقد تهيأت لها الأجواء السياسية والعسكرية. ‎أما المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي رافق تحركات ما بعد زيارة ترامب، فانسحب من المشهد بعد أن أخفقت محاولاته لفرض 'صفقة جزئية'، وكأنه كان مجرد وسيط لتغطية الفترة الانتقالية بين مغادرة ترامب ‎وبين انطلاق العملية العسكرية. ‎كل هذا التوتر الدبلوماسي تزامن مع تصعيد عسكري دموي، حيث شنّ جيش الاحتلال أكثر من 150 غارة خلال 24 ساعة، أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. وبينما تبرر 'إسرائيل' ذلك بمحاولة إضعاف قدرات حماس، يرى مراقبون أن ما يجري هو استباق مقصود لأي احتمال لوقف القتال، وإطلاق يد الجيش لتوسيع العدوان، كما لو أن النيران هي ملحق مباشر باتفاقيات ترامب في الخليج. وفي هذا السّياق قال المحلل السياسي ميخائيل عوض، في حديث لموقع المنار، إنه 'رغم وجود مؤشرات وعناصر عديدة تشير إلى تباعد بين الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وتباين في المصالح والخطط، إلا أن التنسيق بينهما في مشروع تصفية القضية الفلسطينية لا يزال مستمرًا وعميقًا'. ‎وتابع عوض 'ما يجري من عملية عسكرية عدوانية وسافرة بدأها نتنياهو لتدمير ما تبقى من غزة وتهجير سكانها، جاء فور مغادرة ترمب لمنطقة الخليج على متن قصر طائر محمل بالذهب والشيكات، وهي ثروات لو استُخدم 10% منها فقط لغزة، لأُعيد إعمارها مع الضفة، ولتم تحرير فلسطين كلها'. لعبة نتنياهو و ترامب ‎وأردف موضحًا 'ليس مستبعدًا أن تكون الأجواء التي أُشيعت حول إنهاء الحرب في غزة مجرد لعبة، فالأمريكي، وخاصة ترمب، يعد ولا يفي، يأخذ ولا يعطي، وقد جاء لحلب الخليج ونهب ثرواته، وباع حكامه وعودًا فارغة، دون أن يُلزم نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار، أو ينفذ وعده بتموين غزة بعد الإفراج عن الأسير الأميركي، في تأكيد جديد على أن الكذب والغدر من طبائع السياسة الأميركية'. ‎وأكد عوض أن 'الأمل معقود على صمود غزة، فآخر الليل أشد ظلمة، وما النصر إلا صبر ساعة. نتنياهو يسعى لتنفيذ خطته بتصفية المقاومة، واستيطان غزة، وطرد أهلها، تمهيدًا لطرد الفلسطينيين من الضفة وفلسطين 48'. ‎وختم عوض بالقول 'صمود غزة لتسعة عشر شهرًا يُعد إنجازًا أسطوريًا، وقتال أبنائها بطوليًا، رغم تخلي العرب والمسلمين عنها، بل وبيعها للشيطان، في الوقت الذي قُدّمت فيه ترليونات الدولارات لمن يرعى ذبحها. لكن هذا الصمود في وجه العملية الغادرة الجارية يفتح أفق انتصار تاريخي قد ينقلب على نتنياهو، ويهدد بزوال إسرائيل وتحرير فلسطين كلها'. ‎غزة، التي تقف وحيدة في وجه آلة القتل، تدافع عن أمّة تخذلها على نحو فاضح. وليس اللوم هنا على الشعوب المكبّلة، بل على أنظمة رضخت للخوف والجُبن، وضلّت أولوياتها.

ترامب: روسيا وأوكرانيا تبدآن فورا مفاوضات للتوصل إلى وقف للنار
ترامب: روسيا وأوكرانيا تبدآن فورا مفاوضات للتوصل إلى وقف للنار

صدى البلد

timeمنذ 2 ساعات

  • صدى البلد

ترامب: روسيا وأوكرانيا تبدآن فورا مفاوضات للتوصل إلى وقف للنار

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الاثنين إن مكالمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سارت على ما يرام، وأن موسكو وكييف ستبدآن فورًا مفاوضاتٍ لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب. وبضغطٍ من ترامب، اجتمع مندوبو الدول المتحاربة الأسبوع الماضي في إسطنبول لأول مرة منذ عام ٢٠٢٢، إلا أنهم فشلوا في الاتفاق على هدنة. وتقول كييف إنها مستعدة لوقف إطلاق النار الآن؛ بينما تقول موسكو إنه يجب استيفاء الشروط أولًا. وقال ترامب في منشورٍ على موقع "تروث سوشيال" عقب مكالمته مع بوتين التي استمرت ساعتين: "ستبدأ المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا فورًا". وأضاف ترامب أنه أجرى اتصالًا هاتفيًا مشتركًا مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالإضافة إلى قادة الاتحاد الأوروبي وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وفنلندا عقب مكالمته مع بوتين موضحا أنه أبلغ هؤلاء القادة أن المفاوضات ستبدأ فورًا. طرح ترامب فكرة استضافة البابا ليو المُعيّن حديثًا للمحادثات، قائلاً: "أكد الفاتيكان، ممثلًا بالبابا، اهتمامه الكبير باستضافة المفاوضات". وأضاف ترامب أن "لهجة وروح الحوار مع بوتين كانتا ممتازتين"، وأن روسيا ترغب في إقامة علاقات تجارية "واسعة النطاق" مع الولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب. وأضاف أن أوكرانيا ستستفيد أيضًا من التجارة "في عملية إعادة بناء بلدها".

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين
'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

المنار

timeمنذ 3 ساعات

  • المنار

'عربات جدعون' تحرق غزة… ‎عدوان توراتي بغطاء دولي وعربي مهين

‎مع اختتام الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيارته للمنطقة محملاً بالمليارات دون أن يلزم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ‎انطلقت مباشرةً بعد عودته إلى بلاده ما تُسمى بـ'الخطوات الافتتاحية لعملية عربات جدعون'، وفق ما أعلن جيش الاحتلال، والتي أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. ‎صحيفة معاريف الإسرائيلية ربطت بشكل واضح بين زيارة ترامب وبين بدء العملية، مؤكدة أن جيش العدو بدأ الهجمات الموسّعة فور مغادرته، 'مستوليًا على مناطق واسعة من القطاع في المرحلة الأولى من العدوان'. ‎العملية، التي اتخذت اسماً ذا طابع ديني توراتي 'عربات جدعون'، تُغلف مشروع تهجير قسري واسع النطاق بغطاء أيديولوجي. فـ'جدعون' (بحسب الرواية التوراتية) في العهد القديم هو القائد الذي اختاره الله لهزيمة 'أعداء بني 'إسرائيل'' بقوة صغيرة مختارة. ومن هنا، يحاول الاحتلال أن يمنح عدوانه صفة 'المقدّس'، ويشرعن التطهير العرقي كتنفيذ لوصية إلهية مزعومة. ‎الهدف المعلن لعملية 'عربات جدعون' هو إرغام الفلسطينيين على إخلاء شمال ووسط غزة نحو رفح، تمهيدًا لترحيلهم إما إلى مصر أو نحو مطار 'رامون' في أقصى جنوب النقب، في أكبر عملية تهجير جماعي قسري يشهدها العالم المعاصر، تُنفّذ بأحدث ترسانة عسكرية أميركية الصنع، وتحت غطاء صمت دولي مريب وتواطؤ عربي فاضح، تجلى بأبشع صوره أثناء زيارة ترامب التي شهدت موافقة عربية بإحياء 'اتفاقيات أبراهام'. ‎ 'عربات جدعون' تبدأ مهامها بعد قبض الثمن ‎بعد أن غادر دونالد ترامب المنطقة محمّلاً بالمكاسب والصفقات، و بدأت آلة الحرب الإسرائيلية جولة تصعيد جديدة، متزامنة مع أنباء عن تعثر مفاوضات وقف إطلاق النار، مع عدم وجود نية حقيقة لدى سلطات العدو بالتفاوض، وعدم الاكتراث حتى لمصير الأسرى الصهاينة في القطاع. ‎ ومع رفض 'إسرائيل' مناقشة أي إطار لإنهاء الحرب على غزة، بدت المفاوضات وكأنها تُدار في الظل بينما النار تشتعل على الأرض. ‎حيث ذكرت هيئة البث الإسرائيلية 'كان 11' أن الفريق الإسرائيلي المفاوض لم يحرز أي تقدم يُذكر، وهو ما يثير التساؤلات حول مدى جدية تل أبيب في التفاوض، خاصة بعد أن عبّدت زيارة ترامب الطريق لمرحلة جديدة من العدوان، وكأن الصفقة تمت وانتهت، وبقي التنفيذ بيد نتنياهو. ‎ الأمر مُجدول سلفًا ‎رغم هذا الجمود، أوصى الفريق المفاوض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بمواصلة المحادثات. لكن مسؤولين حكوميين أقرّوا بأن موقف حماس ما زال متمسكًا بضرورة وقف الحرب، وهو ما ترفضه 'إسرائيل'. ‎وفي خلفية المشهد، أكدت مصادر دبلوماسية لموقع 'واللا' أن الوسطاء القطريين عبّروا عن خيبة أملهم من أداء الوفد الإسرائيلي، واعتبروا هذه الجولة 'الأسوأ' حتى الآن. وفي وقت يحاول الوسطاء دفع الأمور نحو التهدئة، كانت 'عربات جدعون' تمضي قدمًا في تنفيذ مهمتها، وقد تهيأت لها الأجواء السياسية والعسكرية. ‎أما المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، الذي رافق تحركات ما بعد زيارة ترامب، فانسحب من المشهد بعد أن أخفقت محاولاته لفرض 'صفقة جزئية'، وكأنه كان مجرد وسيط لتغطية الفترة الانتقالية بين مغادرة ترامب ‎وبين انطلاق العملية العسكرية. ‎كل هذا التوتر الدبلوماسي تزامن مع تصعيد عسكري دموي، حيث شنّ جيش الاحتلال أكثر من 150 غارة خلال 24 ساعة، أسفرت عن استشهاد نحو 250 فلسطينيًا. وبينما تبرر 'إسرائيل' ذلك بمحاولة إضعاف قدرات حماس، يرى مراقبون أن ما يجري هو استباق مقصود لأي احتمال لوقف القتال، وإطلاق يد الجيش لتوسيع العدوان، كما لو أن النيران هي ملحق مباشر باتفاقيات ترامب في الخليج. وفي هذا السّياق قال المحلل السياسي ميخائيل عوض، في حديث لموقع المنار، إنه 'رغم وجود مؤشرات وعناصر عديدة تشير إلى تباعد بين الولايات المتحدة و'إسرائيل'، وتباين في المصالح والخطط، إلا أن التنسيق بينهما في مشروع تصفية القضية الفلسطينية لا يزال مستمرًا وعميقًا'. ‎وتابع عوض 'ما يجري من عملية عسكرية عدوانية وسافرة بدأها نتنياهو لتدمير ما تبقى من غزة وتهجير سكانها، جاء فور مغادرة ترمب لمنطقة الخليج على متن قصر طائر محمل بالذهب والشيكات، وهي ثروات لو استُخدم 10% منها فقط لغزة، لأُعيد إعمارها مع الضفة، ولتم تحرير فلسطين كلها'. لعبة نتنياهو و ترامب ‎وأردف موضحًا 'ليس مستبعدًا أن تكون الأجواء التي أُشيعت حول إنهاء الحرب في غزة مجرد لعبة، فالأمريكي، وخاصة ترمب، يعد ولا يفي، يأخذ ولا يعطي، وقد جاء لحلب الخليج ونهب ثرواته، وباع حكامه وعودًا فارغة، دون أن يُلزم نتنياهو بوقف فوري لإطلاق النار، أو ينفذ وعده بتموين غزة بعد الإفراج عن الأسير الأميركي، في تأكيد جديد على أن الكذب والغدر من طبائع السياسة الأميركية'. ‎وأكد عوض أن 'الأمل معقود على صمود غزة، فآخر الليل أشد ظلمة، وما النصر إلا صبر ساعة. نتنياهو يسعى لتنفيذ خطته بتصفية المقاومة، واستيطان غزة، وطرد أهلها، تمهيدًا لطرد الفلسطينيين من الضفة وفلسطين 48'. ‎وختم عوض بالقول 'صمود غزة لتسعة عشر شهرًا يُعد إنجازًا أسطوريًا، وقتال أبنائها بطوليًا، رغم تخلي العرب والمسلمين عنها، بل وبيعها للشيطان، في الوقت الذي قُدّمت فيه ترليونات الدولارات لمن يرعى ذبحها. لكن هذا الصمود في وجه العملية الغادرة الجارية يفتح أفق انتصار تاريخي قد ينقلب على نتنياهو، ويهدد بزوال إسرائيل وتحرير فلسطين كلها'. ‎غزة، التي تقف وحيدة في وجه آلة القتل، تدافع عن أمّة تخذلها على نحو فاضح. وليس اللوم هنا على الشعوب المكبّلة، بل على أنظمة رضخت للخوف والجُبن، وضلّت أولوياتها. المصدر: موقع المنار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store