
التوطين بعد التسليم؟
ما إن أطل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الطائرة عند الواحدة والربع من بعد ظهر الأربعاء في مطار رفيق الحريري الدولي حاملاً معه ملف تسليم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات اللبنانية، حتى تراءى إلى الأذهان مشهد طبع جامداً في ذاكرة اللبنانيين منذ عشرات السنين، تلك الصورة للفدائي الفلسطيني ببزته الكاكية الذي يحمل الكلاشنكوف في محطات لا تتسع صفحات التاريخ للحديث عنها إبان الحرب الأهلية قبلها وبعدها والمواجهات الدامية وجولات الاقتتال اللبناني – الفلسطيني والفلسطيني – الفلسطيني، مجازر صبرا وشاتيلا وصولاً إلى معارك نهر البارد، عين الحلوة، البداوي وسجن رومية ووو… وما إن تحدث أبو مازن عن رغبة وقرار لدى منظمة التحرير بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان حتى بدت تعابير التعجب على الوجوه وحركات الإيماء بالرأس يميناً ويساراً في إشارة إلى صعوبة الأمر وربما استحالته، والسؤال الفوري الذي طرح: على من 'يمون' أبو مازن؟ وما هي خلفيات الثقة الزائدة بمعالجة الأمر وتغيير الواقع؟
وإذا كانت 'فتح ستنفذ'، ماذا عن 'حماس' و'الجهاد' والتنظيمات والفصائل الفلسطينية الأخرى في خريطة انتشارها المعقد وارتباطها الخارجي المتشعب؟ وما هي نوعية السلاح الذي سيسلم؟ وهل مختلف الحركات والمجموعات التي تعيش أمناً ذاتياً ولو بتنسيق هش مع بعضها البعض ستوافق على تجريدها من دون ضمانات؟ وفي الأساس هل مختلف الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير (الكفاح المسلح، حركة فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديموقراطية، فدا، الصاعقة، شهداء الأقصى…) على قلب واحد وتخضع لأحادية القرار؟
يقول مصدر أمني رفيع لموقع 'لبنان الكبير': ان اللجنة التي انبثقت عن المحادثات التي أجريت مع عباس والوفد الفلسطيني الرفيع المرافق له برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام وعضوية المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد والسفير أشرف دبور وأمين سر حركة 'فتح' فتحي أبو العردات، ستسير في حقل ألغام طويل، فهذا الملف لا يمكن تبسيطه على الاطلاق، وقرار تسليم السلاح داخل المخيمات أخطر وأكبر من أن يتم تناوله في إجتماع من هنا ومباحثات من هناك، ونحن لدينا علامات استفهام كبيرة حول مدى إمكان منظمة التحرير من تنفيذ قرار كهذا داخل المخيمات وما إذا كان باستطاعتها اخضاع فصائلها أولاً له، وخصوصاً في أكبر مخيمات الشتات، عين الحلوة، وماذا عن اللواء منير المقدح واللينو؟
ويؤكد المصدر أن اللواء حسن شقير سيتولى الدور الأبرز في هذه اللجنة ويكون على عاتقه التواصل مع مختلف الفصائل ولا سيما 'حماس' لما يعكسه من مصداقية وارتياح وثقة في التعاطي وباع طويل من العمل معها في مديرية المخابرات، وسبق أن نجح في دوره لجهة التوصل مع حركة 'حماس' الى وجوب تسليم المطلوبين الذين أطلقوا الصواريخ من جنوب لبنان، وتم الاتفاق على عدم القيام بأي عمل عسكري أو أمني يمس بالأمن القومي اللبناني، وقد تجاوبت 'حماس' لجهة تسليم المطلوبين وسلمت ٣ من ٤ والأخير يجري التفاوض حوله، وهو شيخ معمم. والأهم أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تمكنت في وقت سريع من كشف هوية مطلقي الصواريخ، وتم التوافق مع 'حماس' على ضبط الأمور وعدم تعريض الأمن اللبناني لأي مخاطر خصوصاً أن قيادة 'حماس' أكدت أنها لم تكن على علم بالعمليتين.
ويكشف المصدر أنه لم يتم حتى الآن الطلب من 'حماس' و'الجهاد' ولا أي فصيل آخر تسليم السلاح، اما محمود عباس فهو من عرض تسليمه وقال في المحادثات الموسعة ما حرفيته: هذا السلاح لا يحارب اسرائيل والكلاشنكوف 'المصدي' لن يحرر فلسطين واستعمل على مدى سنوات للاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني ولا دور له.
ويعتبر المصدر أن النية الصادقة تبدأ من مبادرات حسن نية في المخيمات التي لـ 'فتح' النفوذ الأكبر فيها كبرج البراجنة والبداوي، والبدء من المخيمات التي تسيطر عليها منظمة التحرير خطوة مهمة جداً، اما بقية الفصائل فلا كلام معها بعد ولا يمكن اختزالها بقرار أبو مازن، لما لها من حيثية كبيرة داخل المخيمات.
'لبنان الكبير' استطلع رأي 'حماس'، التي أكد مصدر بارز فيها أن هناك هيئة عمل فلسطيني مشترك هي التي كانت تتابع الموضوع مع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ووضعت آلية مناسبة جداً لمعالجة كل القضايا الخلافية، وهذه الآلية هي الأمثل من دون محاولات لإلقاء الأمر هنا وهناك، ولطالما انعقدت لقاءات جدية ومهمة. وهذه الهيئة تضم كل القوى الفلسطينية وفيها تمثيل للجميع وتعبّر عن كل المواقف، معتبراً أن لا مبرر للخروج عن عمل الهيئة، ولا داعي للتهويل، ولا لتسطيح للأمور. طالما الآليات موجودة لماذا خلق اشكاليات ومحاولة الإيحاء بأن هناك تعقيدات؟
الجانبان الفلسطيني واللبناني متفقان على أن الاسرائيلي هو العدو وقضية اللاجئين لا تحل إلا عبر العودة، ويرفضان التهجير والتوطين وهناك مساحة لبنانية – فلسطينية واسعة من الاتفاق والتفاهم. وكشف المصدر أن لا تواصل مع 'حماس' في موضوع تسليم السلاح، اما التواصل مع لبنان الرسمي والأجهزة اللبنانية فدائم ويتم بأريحية، وهذه قضية وطنية عامة تحتاج الى آليات مشتركة ولا يمكن لطرف وحيد أن يقرر فيها، وعندما يفتح الموضوع معنا لكل حادث حديث، والأمر الأهم الآن هو كيف نتعامل كلبنانيين وفلسطينيين في إطار أن نبقي قضية اللاجئين قضية سياسية قائمة، وحلها لا يكون إلا بالعودة وليس على حساب إسقاط الحق، ولا على حساب اللبنانيين بالتوطين ولا على حساب الطرفين بإعادة التهجير وهذه هي نقطة الارتكاز التي يجب الانطلاق منها لمعالجة كل القضايا.
ولعل ما قاله مصدر أمني فلسطيني لـ 'لبنان الكبير' يعبّر عن حقيقة الموقف، اذ لفت إلى أن الأمر يبحث في حوار مع من هم داخل المخيم وليس خارجه، وأهل مكة أدرى بشعابها، فهم لا يدخلون المخيمات ولا يعرفون عنها شيئاً وهناك واقع موجود يجب التعاطي معه بحكمة وعقل وروية إذا أردنا الوصول إلى نتيجة.
وأضاف المصدر: لا تقاس الأمور هكذا ومن قال ان الناس 'مهزومة' و'تعا خدلك كفين وسلم'؟ هناك حقوق وواجبات وواقع في المنطقة ليس سهلاً، والسلاح الموجود في المخيمات هو سلاح خفيف وهناك جزء تتحمله الحكومة اللبنانية وجزء آخر يتحمله المجتمع الدولي، ثم ما هي الضمانات التي ستعطى للفلسطينيين في المخيمات مقابل تسليم السلاح؟ لم ننسَ بعد مجازر صبرا وشاتيلا على الرغم من أن المخيمات آنذاك كانت تحت ضمانة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إذاً المسالة ليست على قياس رغبة جهة تطلب 'خدو السلاح واللي حاملينو'.
وتابع المصدر: يجب أن يتم التنسيق في كل الخطوات مع الرئيس نبيه بري لأنه عاقل ويقدر الأمور ويعلم المضمور، والأكثر دراية بواقع المخيمات، وإذا كانت الدولة اللبنانية قد أخذت على عاتقها في خطاب القسم والبيان الوزاري حصرية السلاح، فهناك اقتراحات عديدة يمكن بحثها. فما الذي يمنع الشرطة والقوى الأمنية من الدخول إلى المخيمات بالتنسيق مع الجيش لضبط السلاح والإشكالات عبر صياغة جديدة لقوة مشتركة تبني علاقات ثقة مع سكان المخيمات، وتضع برنامجاً زمنياً لحل المسائل العالقة كافة؟
وكشف المصدر أن المجموعات التي توصف بالأصولية لم تعد موجودة مثل قبل، هناك فقط 'الشباب المسلم' الموجود في الصفصاف وحطين والطوارئ (جماعة هيثم الشعبي والقوى الإسلامية والحركة الإسلامية المجاهدة…) وهناك إمكان للحوار معهم بالحكمة والعقل للوصول إلى نتيجة وهؤلاء كلهم من أبناء المخيمات، وهناك أيضاً قوى التحالف (حماس والجهاد والجبهة الشعبية… حوالي ١٠ تنظيمات) لا تأتمر من أحد ولو أنها تنسق مع القيادة السياسية (١٦ فصيلاً) لتنظيم أمور المخيمات.
واستغرب المصدر الحديث عن روزنامة زمنية تردد أنها منتصف حزيران لإنهاء حالة السلاح، معتبراً أن خطورة الأمر تكمن في أن مطلب التسليم هو مطلب أميركي – اسرائيلي، متسائلاً: ماذا بعد بسط السلطة داخل المخيمات، هل يكون التوطين هو الخطوة التالية؟ ومن قال ان التوطين سيشمل الوجود الفلسطيني في لبنان فقط أي ٣٠٠ ألف فلسطيني؟ فالجهات المعنية تدرك تماماً أن المخطط أكبر وأخطر بكثير، والتوطين سيشمل مليوناً ونصف المليون فلسطيني، هم إلى جانب من في مخيمات لبنان، فلسطينيي الـ ٤٨ الذين سيأتون بهم من الحدود الجنوبية. الموضوع حساس جداً وليس سهلاً ويحتاج إلى موقف لبناني موحد. هذا المشروع قديم جديد، وإسرائيل تعتبر أن الفرصة الآن متاحة بقوة لتنفيذه.
في السابق كانت المقولة السائدة: 'خذوا كارت إعاشة وأعطونا بارودة' فهل أصبحت الآن: 'خذوا بارودة وأعطونا جنسية'؟
وهل يبيع أبو مازن ما لا يملكه؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المنار
منذ ساعة واحدة
- المنار
العدو الاسرائيلي يستهدف من يحمي المساعدات الإنسانية في غزة
أدان 'المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان' في بيان له السبت 'بأشد العبارات هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي، على عناصر أمن ومدنيين كانوا يؤمنون مرور شاحنات مساعدات إنسانية عبر طريق صلاح الدين، بين منطقتي الرمزون ومدرسة المزرعة جنوب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد منهم في وقت غضت فيه الطرف عن اللصوص المسلحين'. وأوضح المركز ان 'الجريمة وقعت حوالي الساعة 22:40 من يوم الخميس 22/5/2025، عندما أقدمت مجموعة من اللصوص المسلحين، يُقدّر عددهم بنحو 15 شخصًا، على نصب كمين للشاحنات التي كانت تقل مساعدات عند المدخل الجنوبي لدير البلح، في المحافظة الوسطى، مستخدمين عربات النفايات لإغلاق الطريق، قبل أن يطلقوا نيرانهم بغزارة في محاولة لسرقة الشاحنات المحملة بالمساعدات'. وأضاف المركز 'عندما حاول عناصر الأمن ولجان الحماية التدخل، تفاجأ الجميع بطائرات مروحية إسرائيلية ومُسيّرات تطلق صواريخها نحو عناصر الأمن ولجان الحماية بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل أو إصابتهم على الفور'، وتابع 'لم تكتف قوات الاحتلال بذلك، بل أطلقت طائرات الكواد كابتر الإسرائيلية النار على كل من اقترب من الجرحى لمحاولة إسعافهم، في جريمة مركّبة تستهدف إتمام القتل ومنع عمليات الإنقاذ'، ولفت الى انه 'بعد نحو ربع ساعة، أطلقت الطائرات صواريخ أخرى على ذات الموقع، مستهدفة مواطنين آخرين تجمهروا قرب المكان في محاولة لإخلاء المصابين'. وأشار المركز إلى 'انتشال جثامين 5 شهداء ونقل 6 مصابين إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح'، وأكد أن 'هذه الجريمة البشعة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تكتفي بالتجويع والحصار، بل تلاحق من يحاول تأمين المساعدات الإنسانية وتصرّ على حماية المجرمين واللصوص، وهو أمر تكرر عشرات المرات سابقًا، ما يدلل على أن إعلانها إدخال مساعدات محدودة'. وشدد المركز على أن 'تكرار استهداف فرق الحماية والإنقاذ، بما في ذلك سيارات الإسعاف والمدنيين الذين يهرعون لإنقاذ المصابين، يمثل سياسة ممنهجة تقوم على إدامة القتل، ومنع وصول المساعدات، وخلق بيئة من الفوضى والانهيار الأمني في المناطق المنكوبة جراء جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهرين على التوالي'، وطالب 'المجتمع الدولي بضرورة التحرك بشكل فوري وعاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية الوحشية الجارية ضد الفلسطينيين، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، واتخاذ إجراءات صارمة من أجل فرض دخول المساعدات الإنسانية بالكامل دون شروط إلى جميع أنحاء قطاع غزة، ورفع الحصار غير القانوني عن غزة فورًا وبشكل دائم، وتوفير الحماية الكاملة للطواقم الإنسانية والإغاثية، وتمكين المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة من الإشراف على عملية توزيع المساعدات وضمان حيادها'.

القناة الثالثة والعشرون
منذ 3 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
متى ستبدأ عملية سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية؟
أفادت مصادر الحدث عن أن سحب السلاح من المخيمات الفلسطينية يبدأ منتصف حزيران المقبل. أضافت المصادر: "المرحلة الأولى من سحب السلاح الفلسطيني ستكون من مخيمات بيروت"، مشيرة إلى أنّ نزع السلاح من مخيمات البقاع والشمال سيكون في تموز المقبل. ولفتت المصادر إلى أنّ نزع السلاح الفلسطيني من مخيمات جنوب الليطاني تلي بيروت والبقاع والشمال. وأشارت إلى أنّه سيتم إبلاغ حماس والجهاد بعد يومين باتفاق نزع السلاح ومواعيد تنفيذه. يأتي ذلك عقب زيارة قام بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى لبنان، تم خلالها بحث سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


المردة
منذ 6 ساعات
- المردة
التوطين بعد التسليم؟
ما إن أطل الرئيس الفلسطيني محمود عباس من الطائرة عند الواحدة والربع من بعد ظهر الأربعاء في مطار رفيق الحريري الدولي حاملاً معه ملف تسليم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات اللبنانية، حتى تراءى إلى الأذهان مشهد طبع جامداً في ذاكرة اللبنانيين منذ عشرات السنين، تلك الصورة للفدائي الفلسطيني ببزته الكاكية الذي يحمل الكلاشنكوف في محطات لا تتسع صفحات التاريخ للحديث عنها إبان الحرب الأهلية قبلها وبعدها والمواجهات الدامية وجولات الاقتتال اللبناني – الفلسطيني والفلسطيني – الفلسطيني، مجازر صبرا وشاتيلا وصولاً إلى معارك نهر البارد، عين الحلوة، البداوي وسجن رومية ووو… وما إن تحدث أبو مازن عن رغبة وقرار لدى منظمة التحرير بإنهاء الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان حتى بدت تعابير التعجب على الوجوه وحركات الإيماء بالرأس يميناً ويساراً في إشارة إلى صعوبة الأمر وربما استحالته، والسؤال الفوري الذي طرح: على من 'يمون' أبو مازن؟ وما هي خلفيات الثقة الزائدة بمعالجة الأمر وتغيير الواقع؟ وإذا كانت 'فتح ستنفذ'، ماذا عن 'حماس' و'الجهاد' والتنظيمات والفصائل الفلسطينية الأخرى في خريطة انتشارها المعقد وارتباطها الخارجي المتشعب؟ وما هي نوعية السلاح الذي سيسلم؟ وهل مختلف الحركات والمجموعات التي تعيش أمناً ذاتياً ولو بتنسيق هش مع بعضها البعض ستوافق على تجريدها من دون ضمانات؟ وفي الأساس هل مختلف الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير (الكفاح المسلح، حركة فتح، الجبهة الشعبية، الجبهة الديموقراطية، فدا، الصاعقة، شهداء الأقصى…) على قلب واحد وتخضع لأحادية القرار؟ يقول مصدر أمني رفيع لموقع 'لبنان الكبير': ان اللجنة التي انبثقت عن المحادثات التي أجريت مع عباس والوفد الفلسطيني الرفيع المرافق له برئاسة رئيس الحكومة نواف سلام وعضوية المدير العام للأمن العام اللواء حسن شقير ومدير المخابرات طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية، وعن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد والسفير أشرف دبور وأمين سر حركة 'فتح' فتحي أبو العردات، ستسير في حقل ألغام طويل، فهذا الملف لا يمكن تبسيطه على الاطلاق، وقرار تسليم السلاح داخل المخيمات أخطر وأكبر من أن يتم تناوله في إجتماع من هنا ومباحثات من هناك، ونحن لدينا علامات استفهام كبيرة حول مدى إمكان منظمة التحرير من تنفيذ قرار كهذا داخل المخيمات وما إذا كان باستطاعتها اخضاع فصائلها أولاً له، وخصوصاً في أكبر مخيمات الشتات، عين الحلوة، وماذا عن اللواء منير المقدح واللينو؟ ويؤكد المصدر أن اللواء حسن شقير سيتولى الدور الأبرز في هذه اللجنة ويكون على عاتقه التواصل مع مختلف الفصائل ولا سيما 'حماس' لما يعكسه من مصداقية وارتياح وثقة في التعاطي وباع طويل من العمل معها في مديرية المخابرات، وسبق أن نجح في دوره لجهة التوصل مع حركة 'حماس' الى وجوب تسليم المطلوبين الذين أطلقوا الصواريخ من جنوب لبنان، وتم الاتفاق على عدم القيام بأي عمل عسكري أو أمني يمس بالأمن القومي اللبناني، وقد تجاوبت 'حماس' لجهة تسليم المطلوبين وسلمت ٣ من ٤ والأخير يجري التفاوض حوله، وهو شيخ معمم. والأهم أن الأجهزة الأمنية اللبنانية تمكنت في وقت سريع من كشف هوية مطلقي الصواريخ، وتم التوافق مع 'حماس' على ضبط الأمور وعدم تعريض الأمن اللبناني لأي مخاطر خصوصاً أن قيادة 'حماس' أكدت أنها لم تكن على علم بالعمليتين. ويكشف المصدر أنه لم يتم حتى الآن الطلب من 'حماس' و'الجهاد' ولا أي فصيل آخر تسليم السلاح، اما محمود عباس فهو من عرض تسليمه وقال في المحادثات الموسعة ما حرفيته: هذا السلاح لا يحارب اسرائيل والكلاشنكوف 'المصدي' لن يحرر فلسطين واستعمل على مدى سنوات للاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني ولا دور له. ويعتبر المصدر أن النية الصادقة تبدأ من مبادرات حسن نية في المخيمات التي لـ 'فتح' النفوذ الأكبر فيها كبرج البراجنة والبداوي، والبدء من المخيمات التي تسيطر عليها منظمة التحرير خطوة مهمة جداً، اما بقية الفصائل فلا كلام معها بعد ولا يمكن اختزالها بقرار أبو مازن، لما لها من حيثية كبيرة داخل المخيمات. 'لبنان الكبير' استطلع رأي 'حماس'، التي أكد مصدر بارز فيها أن هناك هيئة عمل فلسطيني مشترك هي التي كانت تتابع الموضوع مع لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ووضعت آلية مناسبة جداً لمعالجة كل القضايا الخلافية، وهذه الآلية هي الأمثل من دون محاولات لإلقاء الأمر هنا وهناك، ولطالما انعقدت لقاءات جدية ومهمة. وهذه الهيئة تضم كل القوى الفلسطينية وفيها تمثيل للجميع وتعبّر عن كل المواقف، معتبراً أن لا مبرر للخروج عن عمل الهيئة، ولا داعي للتهويل، ولا لتسطيح للأمور. طالما الآليات موجودة لماذا خلق اشكاليات ومحاولة الإيحاء بأن هناك تعقيدات؟ الجانبان الفلسطيني واللبناني متفقان على أن الاسرائيلي هو العدو وقضية اللاجئين لا تحل إلا عبر العودة، ويرفضان التهجير والتوطين وهناك مساحة لبنانية – فلسطينية واسعة من الاتفاق والتفاهم. وكشف المصدر أن لا تواصل مع 'حماس' في موضوع تسليم السلاح، اما التواصل مع لبنان الرسمي والأجهزة اللبنانية فدائم ويتم بأريحية، وهذه قضية وطنية عامة تحتاج الى آليات مشتركة ولا يمكن لطرف وحيد أن يقرر فيها، وعندما يفتح الموضوع معنا لكل حادث حديث، والأمر الأهم الآن هو كيف نتعامل كلبنانيين وفلسطينيين في إطار أن نبقي قضية اللاجئين قضية سياسية قائمة، وحلها لا يكون إلا بالعودة وليس على حساب إسقاط الحق، ولا على حساب اللبنانيين بالتوطين ولا على حساب الطرفين بإعادة التهجير وهذه هي نقطة الارتكاز التي يجب الانطلاق منها لمعالجة كل القضايا. ولعل ما قاله مصدر أمني فلسطيني لـ 'لبنان الكبير' يعبّر عن حقيقة الموقف، اذ لفت إلى أن الأمر يبحث في حوار مع من هم داخل المخيم وليس خارجه، وأهل مكة أدرى بشعابها، فهم لا يدخلون المخيمات ولا يعرفون عنها شيئاً وهناك واقع موجود يجب التعاطي معه بحكمة وعقل وروية إذا أردنا الوصول إلى نتيجة. وأضاف المصدر: لا تقاس الأمور هكذا ومن قال ان الناس 'مهزومة' و'تعا خدلك كفين وسلم'؟ هناك حقوق وواجبات وواقع في المنطقة ليس سهلاً، والسلاح الموجود في المخيمات هو سلاح خفيف وهناك جزء تتحمله الحكومة اللبنانية وجزء آخر يتحمله المجتمع الدولي، ثم ما هي الضمانات التي ستعطى للفلسطينيين في المخيمات مقابل تسليم السلاح؟ لم ننسَ بعد مجازر صبرا وشاتيلا على الرغم من أن المخيمات آنذاك كانت تحت ضمانة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، إذاً المسالة ليست على قياس رغبة جهة تطلب 'خدو السلاح واللي حاملينو'. وتابع المصدر: يجب أن يتم التنسيق في كل الخطوات مع الرئيس نبيه بري لأنه عاقل ويقدر الأمور ويعلم المضمور، والأكثر دراية بواقع المخيمات، وإذا كانت الدولة اللبنانية قد أخذت على عاتقها في خطاب القسم والبيان الوزاري حصرية السلاح، فهناك اقتراحات عديدة يمكن بحثها. فما الذي يمنع الشرطة والقوى الأمنية من الدخول إلى المخيمات بالتنسيق مع الجيش لضبط السلاح والإشكالات عبر صياغة جديدة لقوة مشتركة تبني علاقات ثقة مع سكان المخيمات، وتضع برنامجاً زمنياً لحل المسائل العالقة كافة؟ وكشف المصدر أن المجموعات التي توصف بالأصولية لم تعد موجودة مثل قبل، هناك فقط 'الشباب المسلم' الموجود في الصفصاف وحطين والطوارئ (جماعة هيثم الشعبي والقوى الإسلامية والحركة الإسلامية المجاهدة…) وهناك إمكان للحوار معهم بالحكمة والعقل للوصول إلى نتيجة وهؤلاء كلهم من أبناء المخيمات، وهناك أيضاً قوى التحالف (حماس والجهاد والجبهة الشعبية… حوالي ١٠ تنظيمات) لا تأتمر من أحد ولو أنها تنسق مع القيادة السياسية (١٦ فصيلاً) لتنظيم أمور المخيمات. واستغرب المصدر الحديث عن روزنامة زمنية تردد أنها منتصف حزيران لإنهاء حالة السلاح، معتبراً أن خطورة الأمر تكمن في أن مطلب التسليم هو مطلب أميركي – اسرائيلي، متسائلاً: ماذا بعد بسط السلطة داخل المخيمات، هل يكون التوطين هو الخطوة التالية؟ ومن قال ان التوطين سيشمل الوجود الفلسطيني في لبنان فقط أي ٣٠٠ ألف فلسطيني؟ فالجهات المعنية تدرك تماماً أن المخطط أكبر وأخطر بكثير، والتوطين سيشمل مليوناً ونصف المليون فلسطيني، هم إلى جانب من في مخيمات لبنان، فلسطينيي الـ ٤٨ الذين سيأتون بهم من الحدود الجنوبية. الموضوع حساس جداً وليس سهلاً ويحتاج إلى موقف لبناني موحد. هذا المشروع قديم جديد، وإسرائيل تعتبر أن الفرصة الآن متاحة بقوة لتنفيذه. في السابق كانت المقولة السائدة: 'خذوا كارت إعاشة وأعطونا بارودة' فهل أصبحت الآن: 'خذوا بارودة وأعطونا جنسية'؟ وهل يبيع أبو مازن ما لا يملكه؟