logo
كيف استعادت الدراما العراقية جمهورها بهذه المسلسلات؟

كيف استعادت الدراما العراقية جمهورها بهذه المسلسلات؟

الجزيرةمنذ 7 أيام
شهدت الدراما العراقية السنوات الأخيرة تطورا لافتا، مدفوعة باستقرار الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، إلى جانب الدعم الحكومي المتزايد لقطاع الترفيه. كما أسهمت المنصات الرقمية في توسيع دائرة انتشار المسلسلات العراقية، التي باتت تُعرض بجودة فنية عالية وتلقى اهتماما متزايدا في العالم العربي.
يتزامن هذا التحول مع بروز جيل جديد من الكتّاب والمخرجين العراقيين، الذين يقدّمون أعمالا درامية غنية ومتنوعة، تستلهم قصصها من الواقع اليومي، وتتناول قضايا تهم المواطن العربي وتعبّر عن همومه بأسلوب قريب وبسيط.
في ما يلي، نستعرض مجموعة من أبرز المسلسلات العراقية التي حجزت مكانا لها على الشاشات العربية والمنصات الرقمية:
"هوى بغداد" الرومانسية على الطريقة العراقية
كشف مسلسل "هوى بغداد" عند عرضه عام 2019 عن طفرة في الدراما الرومانسية التي كانت تميل إلى المبالغة من قبل، فجاءت حلقاته الـ15 لتحمل قصص حب منفصلة تكشف في طياتها أحوال الطبقات المجتمعية المختلفة والعادات والتقاليد في المحافظات العراقية، بدءا من العاصمة وصولا إلى الريف، مستخدما أسلوب تصوير مبتكر في استعراض المعالم السياحية والتاريخية في العراق.
والمسلسل من بطولة الممثل التركي ذي الأصول العراقية آسر ويست، والممثلة التونسية العراقية زهرة بن ميم، ومن إخراج وتأليف مهند أبو خمرة، الذي جمع قصصه في ما بعد داخل كتاب نُشر عام 2020 تزامنا مع معرض بغداد للكتاب.
يُذكر أن هناك جزءا ثانيا من المسلسل تم طرحه بعنوان "دجلة والفرات" في رمضان عام 2021، غير أنه لم ينل النجاح نفسه بسبب أزمات إنتاجية عديدة.
"العشرة" دراما عراقية توثق أوجاع الحرب
من أبرز الأعمال التي تناولت مرحلة الحرب من زاوية إنسانية خالصة، جاءت سلسلة "العشرة"، التي عرضت لأول مرة عام 2023، مستعرضة قصص 10 شهداء سقطوا خلال الحرب، ومعاناة ذويهم. وقد تميّز المسلسل بتجنّبه الخطاب السياسي والمشاهد العنيفة، وركز بدلا من ذلك على سرد درامي مؤثر يلامس الوجدان ويضيء على الألم الإنساني الذي خلفته الحرب في حياة العائلات.
وفي رمضان 2025، عادت السلسلة بجزء ثان بعنوان "العشرين"، وحقق هذا العمل نجاحا جماهيريا لافتا فاق الجزء الأول. وقد تميز بأسلوب سرد أكثر عمقا ونضجا، متجاوزا القوالب التقليدية في الدراما الحربية، ليستعرض قصص 20 شهيدا من ضحايا الإرهاب، ويكشف الأثر النفسي والاجتماعي على عائلاتهم بطريقة أقرب إلى التوثيق العاطفي منها إلى العرض السياسي.
جاءت السلسلة من بطولة الفنانة آلاء حسين والممثل خليل فاضل خليل، ومن تأليف ورشة الكاتب مصطفى الركابي، وإخراج علي حديد، الذي أضفى على العمل لمسة فنية مميزة أسهمت في جعله من أبرز إنتاجات الدراما العراقية السنوات الأخيرة.
"ليلة السقوط"
تناول مسلسل "ليلة السقوط"، الذي أُنتج عام 2023، تفاصيل المعاناة التي عاشها أهالي مدينة الموصل خلال فترة سيطرة الجماعات المسلحة، مستعرضا الأحداث القاسية التي امتدت بين عامي 2014 و2017. وقد ركّز العمل، عبر سرد درامي مكثف، على رحلة التحرير التي خاضتها القوات المسلحة العراقية، بالشراكة مع قوات البيشمركة والحشد الشعبي، ناقلا للمشاهدين لحظات استعادة المدينة وما رافقها من أمل بالخلاص بعد سنوات من الألم والمعاناة.
تميّز المسلسل بمشاركة نخبة من نجوم الدراما العربية، مما منحه بعدا جماهيريا واسعا. شارك في بطولته الفنان المصري طارق لطفي، إلى جانب النجمة الأردنية صبا مبارك، و3 من أبرز نجوم الدراما السورية: باسم ياخور، وكندة حنا، وميلاد يوسف. هذا التنوّع العربي أسهم في تعزيز البُعد الإنساني للقصة، وربط المشاهد العربي بتفاصيل الواقع العراقي.
قُدم المسلسل برؤية تأليفية للكاتب المصري مجدي صابر، الذي عمل على المشروع لأكثر من 3 سنوات، التقى خلالها عائلات الشهداء والمصابين وشهود العيان، مما أضفى على النص بعدا واقعيا عميقا. أما الإخراج فكان للمخرج السوري ناجي طعمة، المعروف بميوله إلى الواقعية، إذ استعان بمقاتلين حقيقيين في بعض المشاهد، وحرص على تقديم تفاصيل دقيقة وصادمة، مثل مشهد انفجار لغم حقيقي من مخلفات داعش، تم تصويره باستخدام تقنيات سينمائية خاصة، لكنه أدى إلى تدمير جميع الكاميرات المُستخدمة، مما أظهر حجم التحدي الذي واجهه فريق العمل.
ويُعد "ليلة السقوط" من أضخم الإنتاجات الدرامية في العالم العربي، إذ تخطت ميزانيته 5 ملايين دولار، إضافة إلى دعم لوجستي كبير من الحكومة العراقية تجاوز 10 ملايين دولار، ما مكّن صنّاعه من تقديم تجربة درامية مختلفة، توثق الحرب من زاوية إنسانية وفنية غير تقليدية.
"خان الذهب".. صراع العائلات
في رمضان 2023، عُرض مسلسل "خان الذهب" الذي قدّم تيمة الصراع العائلي بشكل مختلف، عبر دخول عالم الصاغة، في طرح درامي غير مسبوق في الدراما العربية. تميز العمل بحبكة متماسكة وكتابة عميقة للشخصيات من تأليف محمد حنش، مع أداء لافت من سامي قفطان وأميرة جواد وآخرين، وإخراج بهاء خداج.
وفي عام 2024، صدر الجزء الثاني بعنوان "خان الذهب.. البداية"، لكنه لم يلق النجاح نفسه، وتعرض لانتقادات بسبب جرأته وبعده عن واقع المجتمع العراقي. كما قُدمت نسخة سعودية منه بعنوان "بيت العنكبوت" في العام نفسه.
"دار المنسيين".. دراما إنسانية
في ظل غياب واضح لتناول قضايا كبار السن في الدراما العربية، جاء المسلسل العراقي "دار المنسيين" ليكسر هذا الصمت خلال الموسم الرمضاني الماضي، مسلطا الضوء على المعاناة النفسية والصحية للمسنّين داخل دور الرعاية، نتيجة التهميش الأسري وغياب الدعم من الأبناء.
يعالج العمل ظاهرة التفكك الأسري وتأثيرها المتصاعد في بعض المجتمعات العربية، من خلال سرد إنساني عميق ومؤلم.
المسلسل من بطولة ستار خضير، وستار علوان، ومحسن العلي، ومحمد هاشم، ومن تأليف مهند هادي، وإخراج حيدر الشامي.
"قطار الموت"
يحمل مسلسل "قطار الموت" طابعا توثيقيا مكثفا، إذ يعيد في 7 حلقات تسليط الضوء على واحدة من أكثر الفترات حساسية في التاريخ العراقي الحديث، وتحديدا عام 1963، الذي شهد انقلاب البعثيين على عبد الكريم قاسم، أول رئيس وزراء للجمهورية العراقية بعد سقوط النظام الملكي.
يركز العمل على حادثة "قطار الموت" المأساوية، التي أودت بحياة نحو 100 معتقل سياسي، اختنقوا داخل عربة نقل سيئة التهوية في أثناء ترحيلهم إلى أحد السجون.
المسلسل من بطولة باسم الطيب، وخليل إبراهيم، وأحمد الركابي، ومن تأليف علي صبري، وإخراج رعد مشتت.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عمرو دياب.. كلمات مكررة وموسيقى متجددة ونجاح مضمون
عمرو دياب.. كلمات مكررة وموسيقى متجددة ونجاح مضمون

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

عمرو دياب.. كلمات مكررة وموسيقى متجددة ونجاح مضمون

كالعادة في كل صيف، يطلق عمرو دياب ألبومه الجديد، ومع صيف هذا العام 2025 أطلق ألبوم "ابتدينا" عبر قناته الرسمية على يوتيوب، والعديد من منصات الاستماع الموسيقية، ويتعاون فيه مع ابنه عبد الله وابنته جانا، كما يعود من خلاله للتعاون مع الملحن عمرو مصطفى. ويتألف الألبوم من 15 أغنية، من بينها؛ "خطفوني": من ألحان عمرو مصطفى، وكلمات تامر حسين، وابنته جانا، التي تشاركه الغناء في الأغنية، بالإنجليزية والعربية، و"يلا" من ألحان عزيز الشافعي، وكلمات تامر حسين، وابنه عبد الله الذي يشاركه الغناء بالإنجليزية أيضًا. استماعات مليونية وخلال 7 أيام منذ إطلاق الألبوم حقق إجمالي مرات استماع بلغت أكثر من 26 مليون مرة عبر منصته الرسمية على يوتيوب فقط، كان النصيب الأكبر لأغنية "خطفوني" ثم "ما تقلقش" و"ماليش بديل" ثم "ابتدينا" و"بابا" و"ارجعلها"، حيث حققت كل منها مرات استماع مليونية، كما ظلت أغنياته في صدارة قائمة الأكثر رواجا على يوتيوب. أصبح عمرو علامة مميزة لكل صيف منذ ألبوم راجعين الصادر في صيف 1995، ليصبح الصيف هو الموسم الرسمي لأغنيات عمرو دياب الجديدة كل عام، على مدار الـ30 عاما التالية، ويصبح كل ألبوم جديد "للهضبة" إحدى علامات الصيف التي ينتظرها جمهوره. التقاط الموجة الملائمة اعتاد عمرو دياب التجريب، والتحرك مع الموجة الرائجة، ثم مع الوقت اكتسب خبرة تمكنه من التقاط الموجة التي ستحظى بالرواج، ومع مزيد من الوقت والشهرة تمكن من صنع الموجة الرائجة، خلال مسيرة امتدت لأكثر من 42 عاما. يمكن تصنيف مسيرة عمرو دياب إلى 3 مراحل، القواسم المشتركة فيها هي الاستمرارية والتجريب، أما الاختلافات الجوهرية فيما بينها هو الثقة والتنقل من موقع السابح مع التيار إلى صانع التيار وموجهه. المتابع لألبومات عمرو دياب البالغة 36 ألبوما سيدرك هذه التحولات، ففي خلال ألبوماته الأولى منذ ألبومه الأول "يا طريق -1983" كانت الموجة الرائجة في الأغنية حينها معنية بالإنسان وهمومه وأحلامه جنبا إلى جنب مع التحولات المجتمعية التي بلغت ذروتها في تلك الفترة من مطلع الثمانينات. كانت كلمات أغنياته آنذاك أكثر عمقا وتفاعلا مع تلك المرحلة، منها "الزمن" و"المدينة" و"في أحضان الجبل" وفي هذا الألبوم غنى من كلمات شعراء أغنية كبار في تلك الفترة منهم عبد الرحيم منصور وعصام عبد الله، وبالطبع من ألحان أبرز ملحني تلك الفترة هاني شنودة، واستمر في تلك المرحلة من الكلمات الدرامية التي تسرد مشاهد وتحكي قصصا في إطار موسيقي حالم. هلا هلا.. ببساطة وخفة لمدة 6 سنوات و5 ألبومات، هي "يا طريق" و"غني من قلبك-1984″، صدرت هذه الألبومات الثلاثة بالتزامن مع دراسته الأكاديمية بقسم التأليف الموسيقي بالمعهد العالي للموسيقى التابع لأكاديمية الفنون، والتي بالتأكيد أفادته في تكوين نظريته ونظرته للموسيقى، كما أفادته في مشواره الموسيقي فمع تخرجه من المعهد أصدر ألبوم "هلا هلا – 1986". وفي هذا الألبوم حققت الأغنية "هلا هلا"، أول تعاون له مع الشاعر مجدي النجار، نجاحا واضحا، ثم أتبعها بألبوم "خالصين – 1987" وتتالت الألبومات وتنوعت الأغنيات ما بين البساطة والخفة، وتعاون مجددا مع الشاعر مجدي النجار حتى جاءت أغنيتهما "ميّال" الصادرة في ألبوم يحمل نفس الاسم عام 1988. ميّال.. اللحظة الفارقة مع أغنية "ميّال" انتشر صوت عمرو دياب وحانت لحظته الفارقة في مسيرة شهرته، وتحديدًا مع إيقاعها الراقص وكلماتها البسيطة على مستوى الصورة والتشبيهات والدراما. وجد عمرو دياب في تلك الفترة أولى عناصر معادلته للنجاح، البساطة والخفة في الكلمات، والبعد عن الصور الجمالية المركبة، والأفكار المعقدة، والهموم اليومية والإنسانية، مع مزيد من الحركة والانطلاق والإيقاعات الراقصة المنطلقة في التوزيعات، كانت هذه رؤيته التي قدمها وهو بعد في أولى سنوات دراسته الأكاديمية في لقاء قدمه مع الإعلامية فريال صالح عام 1982. شوّقنا.. عنصر جديد في المعادلة مع ألبوم "شوّقنا – 1989" سيتعرّف عمرو دياب على ثاني أهم عناصر معادلة نجاحه، التجديد الموسيقي، ومزج الموسيقى الغربية الجديدة وآلاتها مع الموسيقى الشرقية وإيقاع المقسوم، ليتسع تعاونه مع الموزّع الموسيقي الأشهر حينها حميد الشاعري وموجته الموسيقية التي أثارها. كان حميد يدرك أهمية الرقص وما يضيفه إيقاعاته على الموسيقى العربية، ويدرك إلى أين يتجه ذوق الجمهور العربي ويتبعه، وسيتعاون معه بكثرة في ألبومين هما "شوّقنا" و"ميال" وتولى حميد الشاعري توزيعات ألبوم "متخافيش – 1990" بالكامل، والذي جاء بكلمات خفيفة بسيطة، وأغنيات قصيرة كتبها مجدي النجار ومدحت العدل ولحّن معظمها عمرو دياب بنفسه. من التسعينيات إلى الألفية.. المرحلة الذهبية منذ عام 1990، يعيش عمرو دياب ذروة نجوميته، فخلال عقد التسعينيات حقق العديد من القفزات في مسيرته الفنية، مثلما بدأت معادلته للنجاح تستقر عناصرها، وتضاف إليها عناصر جديدة، ففي عام 1990 اختير عمرو دياب للغناء في بطولة الأمم الأفريقية الخامسة المقامة في القاهرة. إعلان وكان هذا الاختيار أول لقاءاته مع جمهور خارج حدود مصر والناطقين بالعربية، ليتوالى بعدها حضوره العالمي، الذي تكيّف معه بأن أضاف عناصر موسيقية أكثر عالمية إلى أغنياته، ففي العام التالي 1991 استخدم الساكسفون في ألبوم "حبيبي" بتوزيع الموزع الشاب حينها حسام حسني. التجديد والتنوع.. عنصر آخر ينضم للمعادلة وفي تلك الفترة أثبت نجاحه وشعبيته لدى الجمهور، فأصدر ألبوم "أيامنا" في عام 1992، وفي العام نفسه قام ببطولة فيلم "آيس كريم في جليم" من إخراج خيري بشارة، وفيه يظهر ملمح آخر من رؤيته الفنية المتعلقة بالتجديد، مثّل عمرو البالغ من العمر حينها 30 عاما، دورا يشبهه إلى حد ما، لمغنٍ حالم اسمه سيف، يحاول رسم ملامح مشروعه الموسيقي، ويتخبط بين الذوق التجاري الغربي، وذوق الشارع المعاصر. يتحدث سيف في الفيلم إلى أصدقائه الموسيقيين، عن تقنية جديدة في التسجيلات الموسيقية "التراك" وما تتيحه من إمكانيات جديدة للموسيقيين والموزعين، كانت تقنية تسجيل المسارات الصوتية المتعددة (Multi-Tracking Recording) جديدة بحق، تسهل عملية الإنتاج الموسيقي، حيث تتيح تسجيل صوت كل آلة على حدة، ثم معالجته وتوليفه مع بقية المسارات لصناعة أغنية كاملة. ربما كان هذا الملمح جزءا أصيلا من حوار الفيلم، لكنها لمحة أصيلة عن عمرو دياب، الذي يتابع تطورات سوق الموسيقى عالميا ومحليا، ويملك بوصلة تشير إلى أين يتجه ذوق الجمهور، فصاغ معادلته الخاصة الملخصة في الجمع بين الأغنيات مضمونة النجاح في أغنية طربية ذات إيقاع مقسوم تبرز إمكانياته الغنائية، إلى جانب التجريب في تراكات جديدة يدخل فيها التقنيات الجديدة. الأمر الذي ضمن له البقاء على رأس قائمة البوب ميوزك، بل وأهّلته للفوز بجائزة "وورلد ميوزك أوورد" أكثر من مرة، أولها عام 1998، عن ألبوم "نور العين – 1996″ الذي حطّم الأرقام القياسية في المبيعات في الشرق الأوسط، و"أكتر واحد بيحبك 2001″ و"الليلة دي 2007″ و"الليلة 2013". ومع التقنيات الجديدة ظل على نفس حالته من التجريب والمزج، ففي ألبوم "أكتر واحد بيحبك" استعان بموسيقى التكنو ليمزجها مع الموسيقى العربية إلى جانب الراب كذلك. المعادلة نفسها يطبقها مع ألبوماته الثلاثين التالية حتى آخر ألبوماته "ابتدينا" الصادر منذ أيام، تجديدٌ في الإيقاعات ومزجٌ في الموسيقى، وتعاونٌ متجدد مع الشباب، ربما ما يمكن أن يؤخذ على عمرو دياب هو أنه عالق في كلمات بسيطة مكررة لا يتغير قاموسها أبدًا، ربما يكرر الكلمة الواحدة أكثر من مرة؟ ففي أغنيته "شايف قمر" تكررت كلمة "قمر" 40 مرة في دقيقتين ونصف الدقيقة، هي مدة الأغنية، فيما تكررت كل من كلمتي "خطفوني" و"حبيبي" 18 مرة لكل منهما في أغنيته "خطفوني".

الأدب والألم: كيف يولد الجمال من رماد البؤس؟
الأدب والألم: كيف يولد الجمال من رماد البؤس؟

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

الأدب والألم: كيف يولد الجمال من رماد البؤس؟

كتب بول فيرلين في القرن التاسع عشر عنوانًا صار لاحقًا تسميةً لجيلٍ كامل من الحالمين المعذَّبين: "الشعراء الملعونون". بكلماتٍ قليلةٍ منح هؤلاء المبدعين هويتهم الأعمق: غرباء عن المجتمع، عن قواعده الوديعة، عن طمأنينته المزيّفة، عن الأحلام الآمنة التي لا تهزّ شيئًا. كانوا – وما زالوا – يكتبون في هامش الحياة، ويعيشون على الحافة نفسها التي يخشى الناس الاقتراب منها، ثم يتركون وراءهم نصوصًا تلتمع كنيازك صغيرةٍ على عتبة العدم. فيرلين صنّف تريستان كوربيير، وآرثر رامبو، وستيفان مالارميه، ثم عاد في طبعة لاحقة ليضيف اسمه إلى اللائحة، كأنه يعلن انتماءه بنفسه إلى لعنةٍ كان هو أول من سمّاها. ثم امتدّ المصطلح ليضمّ أسماءً أخرى لم يحتملها زمانها: اللورد بايرون، جون كيتس، جيرار دو نيرفال، إدغار آلان بو، شارل بودلير، أنطونين آرتو… قائمة طويلة لنجومٍ سقطوا قبل أن يروا وهجهم يسطع. وإذا كان العالم قد عرف «الشعراء الملعونين» على يد فيرلين وبودلير ورامبو، فإن للثقافة العربية أيضًا تاريخًا حافلًا بمن طرزوا دواوينهم بخيوطٍ من وجعٍ لا يُخفى. أبو الطيب المتنبي مثلًا، الذي لم يُساوم على كرامته، عاش معظم أيامه مشردًا هاربًا من حسد الأمراء وخيانة الرفاق، وكتب أجمل شعره بين أسفارٍ وحروبٍ وخيباتٍ مريرةٍ مع الكبار والصغار معًا. يقول: رماني الدهر بالأرزاء حتى فؤادي في غشاء من نبالِ.. ف حتى القويّ الفخور بأناه الهائلة كان يعرف طعم الخيبة والمرارة والخذلان. ولن ننسى المعري، الذي فقد بصره صغيرًا، ثم فقد حنان أسرته واحدًا بعد آخر، فغرق في عزلته الكبرى، وكتب روائعه كأنما يحاور العالم كله بلسانه وحده، ساخرًا من البشر، عاشقًا للمعنى، متشككًا حتى في بديهيات زمانه. ومع ذلك ترك أبياتًا من أصفى ما خطه شاعر، وأوصى أن يُكتب على قبره: ثم هناك بدر شاكر السياب، الذي أضاء الشعر الحرّ بجسده المريض. تآكل جسده مرضًا وفقْرًا ونفيًا، لكنه في لياليه الطويلة في سريرٍ المرض، كتب ما صار اليوم نبراسًا لجيلٍ بأكمله. قصائده الأخيرة تكاد تشبه آهاته. قال ذات مرة: حتى الظلام هناك أجمل، فهو يحتضن العراق. كأنما الجمال يولد من ظلال الفقر والمنفى. إعلان وإذا تقدّمنا قليلًا وجدنا غسان كنفاني: منفيٌ آخر، صحفي وكاتب وروائي، عاش كل عمره القصير وهو يعرف أن الموت يلاحقه في حقيبة السفر. لم ينعم بدارٍ ولا أرضٍ ثابتة، ومع ذلك صاغ من غربته بيوتًا من قصصٍ ومقالاتٍ بقيت شاهدًا حيًّا على أن فلسطين يمكن أن تُروى حتى من دمٍ لم يجفّ بعد. وحتى في حاضرنا القريب نرى شعراء وكُتّابًا عربًا عاشوا في الظلّ رغم موهبتهم: مات محمود درويش والمنفى في جيبه، وظلّ نزار قباني يرثي من أحبّهم واحدًا تلو الآخر: ابنه توفيق، زوجته بلقيس… وعندنا في موريتانيا أمثلة كثير من فاضل أمين إلى المرحوم الشيخ بلعمش.. إن البيت الذي نكتبه لا يجمّل حياتنا بقدر ما يبررها. والقصيدة الجيدة ليست مخدّةً وثيرَة، بل هي ضمادةٌ على جرحٍ قديم، أو شاهدٌ على جرحٍ لم يندمل بعد. لكن ما معنى أن يكون الشاعر ملعونًا؟ إنه باختصار إنسانٌ رفض الامتثال للشائع والعامّ، إنه غريب الأطوار متقلب الأمزجة. ليس اجتماعيًا حتى مع نفسه، يعاند الحظ ويدمّر نفسه ببطء، أو يحرقها دفعةً واحدة، ليترك وراءه جُملةً أو بيتًا أو ديوانًا لا يشبه غيره. إن البيت الذي نكتبه لا يجمّل حياتنا بقدر ما يبررها. والقصيدة الجيدة ليست مخدّةً وثيرَة، بل هي ضمادةٌ على جرحٍ قديم، أو شاهدٌ على جرحٍ لم يندمل بعد. لكن ما معنى أن يكون الشاعر ملعونًا؟ إنه باختصار إنسانٌ رفض الامتثال للشائع والعامّ، إنه غريب الأطوار متقلب الأمزجة. ليس اجتماعيًا حتى مع نفسه، يعاند الحظ ويدمّر نفسه ببطء، أو يحرقها دفعةً واحدة، ليترك وراءه جُملةً أو بيتًا أو ديوانًا لا يشبه غيره. ربما لا مثال أصدق من شارل بودلير. رجلٌ حمل أزهارًا سماها «أزهار الشر»، فنُعتت قصائده بالمريضة والمنحرفة، حتى إن جريدة "لو فيغارو" كتبت وقتها أن ديوانه ليس سوى مستشفى مفتوح على كل عاهات الروح وتعفّنات القلب. لكن تلك القصائد التي حاكموه من أجلها وغرّموه عليها خمسين ألف فرنك، هي نفسها التي جعلت الأدب الفرنسي – فيما بعد – ينحني أمام اسمه. غادر بودلير إلى بلجيكا ليهرب من عقوبة السجن، ولم يسانده في باريس من الكتّاب إلا صوتٌ بعيدٌ في المنفى: فيكتور هوغو، الذي كتب له في رسالةٍ خالدة: "أزهار شرك تخطف الأبصار… تشع على العالم كالكواكب والنجوم". ما الذي تركه بودلير؟ دواوين شعر، مريض كتب في قلبه خلاصًا من كآبة العالم، لحظات مكثّفة من السعادة حين كانت القصيدة تأتي إليه في قلب نوبةٍ سوداء. عاش منبوذًا، ومات قبل أن تعترف به حتى أمه. لكنه انتصر أخيرًا، فالذين وصفوه بالمريض، عادوا يدرّسون قصائده بعد قرنٍ كاملٍ من موته. لم يكن بودلير وحده، رامبو الذي هرب من الشعر مبكرًا وفيرلين الذي كتب لعنته بيده، ومثلهم جيرار دو نيرفال الذي قضى أيامه الأخيرة يكتب عن الحلم قبل أن يلفّ حبلاً حول عنقه. ولا ننسى إدغار آلان بو الذي مات غريبًا في زقاقٍ باردٍ بعدما ابتكر قصص الرعب والتحقيق قبل زمانها. وحتى نيتشه الذي كتب "هكذا تكلم زرادشت" ثم خذلته دماغه وهو في الأربعين، فكأن للعبقرية ضريبةً لا بدّ منها. لكن التاريخ الأدبي ليس أسودَ كلّه، هناك وجوهٌ أخرى تشبه الضوء، مثل فيكتور هوغو الذي عاش ملكًا بين الكتّاب، ربح المال والحب والشهرة في حياته كلها تقريبًا، لكنه لم ينجُ كليًّا من لعنة الأدب: فقد دفن أبناءه واحدًا تلو الآخر، وجُنّ أخوه، وغرقت ابنته ليوبولدين غرقًا مروّعًا مع زوجها العاشق الذي حاول انتشالها فغرق معها، ليترك هوغو يكتب وهو يبكي عقودًا بعدها. ما الذي يريد الأدب أن يقوله هنا؟ ليس شرطًا أن تكون الحياة مأساوية لتكتب نصًّا عظيمًا، لكنّ الحقيقة أن الجمال الأعلى في الأدب غالبًا ما يُولد في قلب ألمٍ هائل. إن القصيدة أو الرواية ليست لحظة تسليةٍ طريفة، بل حُفرٌ سرّية في جدار العالم. وحين نقرأ بودلير أو رامبو أو المتنبي أو المعري، فإننا لا نقرأ حروفًا مرتّبةً بعناية فقط – بل نقرأ ندوبًا عميقةً في روحٍ متعبةٍ، أصرّت أن تهدي القارئ خلاصها الصغير. لذلك سيظلّ الأدب الكبير أقرب إلى شُرفةٍ مفتوحةٍ على الريح: يأتي إليه من يحتمل البرد كي يرى العالم من زاويةٍ غير مألوفة. سيظلّ الأدب أفضل شاهدٍ على أن الجمال الحقّ ليس رفاهيةً ولا زينةً تُعلّق على الرفوف، بل هبةٌ هشّةٌ يُدفع ثمنها من القلب أولًا. وهكذا، كلّما طويتَ ديوانًا أو روايةً تركها شاعرٌ ملعونٌ أو كاتبٌ مفجوع، تذكّر: هذا النص الجميل كان – يومًا – حريقًا في صدر صاحبه. وهذا هو السرّ البسيط: لا شيء بلا شيء… ولا قصيدة بلا ثمن.

"مملكة الحرير" نسخة مصرية غير أصلية من "حريم السلطان"
"مملكة الحرير" نسخة مصرية غير أصلية من "حريم السلطان"

الجزيرة

timeمنذ 2 أيام

  • الجزيرة

"مملكة الحرير" نسخة مصرية غير أصلية من "حريم السلطان"

الفانتازيا التاريخية واحدة من الأنواع الدرامية غير المنتشرة في المسلسلات العربية بشكل عام، وقد ارتبطت قديما بمسلسلات "ألف ليلة وليلة"، وحديثا بـ"جودر" بجزئيه. لكن المخرج والمؤلف بيتر ميمي يطرق مؤخرا هذا النوع من خلال مسلسله "مملكة الحرير" الذي يُعرض على إحدى المنصات العربية الحديثة. "مملكة الحرير" من إخراج وتأليف بيتر ميمي، وبطولة كريم محمود عبد العزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي وعمرو عبد الجليل، ويتكون من 10 حلقات فقط يتم عرضها تباعا على المنصة. View this post on Instagram A post shared by Yango Play | يانغو بلاي (@yangoplay) مؤامرات وخداع وعشق محرم يبدأ المسلسل براوٍ يقدم لنا مقدمة سابقة لأحداث "مملكة الحرير" تبدأ من جريمة القتل الأولى، وقصص أبناء آدم وقابيل وهابيل، وأننا كبشر أبناء القاتل، ثم نقفز إلى جريمة موازية يقتل فيها الأمير الذهبي (عمرو عبد الجليل) أخاه الملك نور الدين، ويخطط لقتل ابنيه وريثي عرش مملكة الحرير، وهما الأميران شمس الدين وجلال الدين، لكن أحد الخدم يهرّبهما، ويترك خلفه الأميرة جليلة باعتبار أنها فتاة، ولن يهتم عمها بقتلها. تزداد الأمور تعقيدا حين يتعرض الخادم لهجوم من اثنين من قطّاع الطرق، فيخطف كل منهما طفلا بهدف بيعه، يكبر شمس الدين (كريم محمود عبد العزيز) كأحد عبيد جيش المماليك، في حين ينشأ جلال الدين (أحمد غزي) بين اللصوص وقطّاع الطرق ويصبح واحدا منهم، لكن ما يميزه عن أخيه هو أن جبل (وليد فواز) الرجل الذي ربّاه كابنه يعلم بأصله الملكي ويحتفظ بهذا السر. بينما تكبر جليلة (أسماء أبو اليزيد) في القصر الملكي، وتبدأ الأحداث بزفافها على الأمير سليمان ابن الملك الذهبي (يوسف عمر)، وتشتعل كراهيتها تجاه الملك وابنه وأخويها اللذين استطاعا الهرب من القصر وتركاها خلفهما. الفانتازيا التاريخية هي قصص خيالية تدمج بين التاريخ والعناصر الخيالية، فتجمع بين السحر أو المخلوقات الأسطورية مع سمات الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، وتستكشف هذه الأعمال التاريخ عبر الصراعات التقليدية بين الخير والشر. وفي "مملكة الحرير" يصبح الصراع أكثر تعقيدا، لأن الخير أو الورثة الشرعيين للمملكة يتواجهون كأعداء في نقطة من الأحداث. لكن صنّاع المسلسل وضعوا الأحداث في إطار قصص الحب والعشق الممنوع والمؤامرات التي تقوم بها نساء لإسقاط رجال البلاط بشكل مستمر، لتصبح هذه الحبكات هي المحرك الرئيسي للأحداث، خاصة شخصيتي ريحانة (سارة التونسي) والأميرة جليلة اللتين لا تتوانى إحداهما عن استخدام فتنتها والدخول في علاقات محرمة أو قتل أعدائها بعنف طالما ستصل إلى مبتغاها في النهاية. وفي النهاية، يتحول المسلسل إلى نسخة غير أصلية من مسلسل "حريم السلطان" التركي، والذي ينتمي بدوره إلى الدراما التاريخية، وقد دارت أحداثه في قصر السلطان سليمان القانوني الذي يتعرض طوال الوقت للمؤامرات، في حين في الخلفية تتصارع الجواري وسيدات القصر. View this post on Instagram A post shared by كريم محمود عبد العزيز (@karimmahmoudabdelaziz) محاولات لصنع صورة مبهرة تعتمد الفانتازيا التاريخية بشكل كبير على إبهار المتفرجين، بداية من الأزياء والمكياج وحتى الديكورات قديما والمؤثرات البصرية حديثا، وتتنافس في ذلك المسلسلات العالمية قبل المحلية، فنجد في مسلسلات مثل "صراع العروش" (Game of Thrones) تُرصد لكل حلقة من حلقاتها ميزانيات عملاقة من أجل هذه التجربة البصرية والسمعية المذهلة التي تقدمها. يحاكي مسلسل "مملكة الحرير" مسلسلات الفانتازيا التاريخية عالية الميزانية قدر الإمكان أو بقدر الإمكانيات المتاحة لعملية الإنتاج، فنجد اهتماما واضحا بتصميم الأزياء، والقصور التي تدور فيها الأحداث، والمزج بين التصوير في الأماكن الحقيقية واستخدام المؤثرات البصرية، كما اهتم صُنّاع المسلسل إلى جانب الصوت بالموسيقى التصويرية والأغاني التي تضفي طابعا خاصا على المسلسل. لكن مسلسلات الفانتازيا التاريخية لا تسعى فقط خلف الإبهار البصري والسمعي، بل تتمثل نقطة قوتها الأساسية في الحبكة المنطقية ذات التصاعد المحكم والأداء التمثيلي المتقن، وهي عناصر افتقدها مسلسل "مملكة الحرير" إلى حد كبير. يتميز المسلسل بتسارع الأحداث، فعلى سبيل المثال يعلم جلال الدين بحقيقته بشكل مبكر نسبيا لهذا النوع من المسلسلات، وربما يرجع الأمر إلى عدد الحلقات المحدود، ويعكس هذا التسارع في الوقت ذاته عدم استقرار حياة القصور وعنفها غير المتوقع نتيجة للمؤامرات المستمرة. لكن على الجانب الآخر هناك الكثير من الأحداث التي لم يتم التأسيس لها من داخل المسلسل، فبدت مفاجئة بشكل واضح. مثّل الأداء التمثيلي نقطة ضعف كبيرة في "مملكة الحرير"، فبعيدا عن أداء كريم محمود عبد العزيز -الذي كان الأفضل في المسلسل بشكل عام- نجد أداء تمثيليا متفاوتا للغاية. ويغلب الافتعال والمبالغة المسرحية على أداء كل من أسماء أبو اليزيد وأحمد غزي وسارة التونسي، إذ يبدون طوال الوقت وكأنهم واعون بأنهم يقدمون أدوارا معقدة في مسلسل فانتازيا تاريخية، ويحاكون أداءات مشابهة في أعمال أخرى. أما عمرو عبد الجليل فكان اختيارا غير مألوف لدور الملك الذهبي الشرير وقاتل أخيه، فخلط الكوميديا والسخرية بالجدية بشكل غير متوازن. إعلان يعود بيتر ميمي في "مملكة الحرير" إلى الفانتازيا التاريخية التي قدمها من قبل في "الحشاشين" العام الماضي، لكن بينما غلبت على "الحشاشين" التوريات السياسية لا يجمع بين المسلسلين هنا سوى استخدام المؤثرات البصرية بإفراط، فلا يقدم المسلسل قراءة جديدة للتاريخ أو حتى للصراع بين الخير والشر، وقد تم قلب الأحداث إلى صراع ممجوج من "كيد النساء".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store