
لاريجاني يعود لواجهة القرار الأمني بإيران.. هل تبدأ مرحلة الاعتدال؟
يأتي هذا التغيير في سياق داخلي وإقليمي بالغ الحساسية، إذ لا تزال تداعيات الحرب التي استمرت 12 يوما تلقي بظلالها على المزاجين الشعبي والسياسي في إيران، وسط حديث متزايد عن دخول البلاد مرحلة "ما بعد الحرب"، بما تحمله من فرص وتحديات.
ضرورة الاعتدال
يصنَّف علي لاريجاني ضمن أكثر الشخصيات السياسية قدرة على الجمع بين التوجهات المتباينة في الساحة الإيرانية؛ فهو "يساري اليمينيين ويميني اليساريين"، أو كما يُوصف أحيانا "إصلاحي المحافظين الأصوليين، ومحافظ الأصوليين لدى الإصلاحيين".
هذه التركيبة النادرة تمنحه موقعا وسطيا يتيح له التواصل مع التيارين الرئيسيين في البلاد، وهو ما يفسّر قربه من شخصيات معتدلة مثل الرئيس الأسبق حسن روحاني ، ووزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف ، والأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني.
وُلد لاريجاني عام 1957 في مدينة النجف العراقية، حين كان والده أحد كبار مراجع التقليد الشيعي، وينتمي لعائلة سياسية مؤثرة، شهدت في مرحلة ما تولّي شقيقين من العائلة رئاسة اثنتين من السلطات الثلاث في إيران؛ علي لاريجاني للسلطة التشريعية، و صادق لاريجاني للسلطة القضائية، إلى جانب أشقاء آخرين تقلدوا مناصب عليا في الدولة.
لاريجاني، الذي يشغل حاليا منصب مستشار المرشد وعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، سبق أن تولى منصب الأمين العام للأمن القومي ورئاسة البرلمان لثلاث دورات برلمانية متتالية، لكن حضوره في السنوات الأخيرة تميز بدور موازٍ لوزارة الخارجية، فقد تولّى نقل رسائل حساسة وزيارات سياسية مفصلية، كان آخرها إلى موسكو قبل أسبوعين، وسبقها محطات في دمشق وبيروت.
ورغم مكانته، لم تخلُ مسيرته من محطات مثيرة للجدل، أبرزها رفض مجلس صيانة الدستور ترشحه للانتخابات الرئاسية الأخيرة، وذلك ما يجعل عودته اليوم إلى منصب أمني رفيع حدثا لافتا يحمل دلالات عميقة.
تحركات متزامنة
جاء تعيين لاريجاني في وقت حساس، بعد يومين فقط من إعلان تأسيس "مجلس الدفاع الوطني" بموجب المادة 176 من الدستور، وهي هيئة جديدة معنية بدراسة الخطط الدفاعية وتعزيز القدرات العسكرية، برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية قادة الجيش ورؤساء السلطات والوزارات المعنية.
هذا التطور يشير إلى أن إيران بصدد إعادة هيكلة مؤسسات أمنها القومي، ضمن بيئة إقليمية مضطربة، وإستراتيجيات داخلية جديدة.
داخليا، تترافق هذه التحولات مع خطاب سياسي يدعو إلى مراجعة بعض السياسات الاجتماعية والاقتصادية. ففي تدوينة له على منصة "إكس"، أشار مستشار المرشد للشؤون الدولية علي أكبر ولايتي إلى أن الحفاظ على التلاحم الوطني قد يتطلب "تغيير بعض التوجهات الاجتماعية"، و"الاستجابة الفعلية لمطالب الشعب"، مؤكدا أن "الأساليب المستهلكة لم تعد مجدية في تلبية احتياجات مجتمع ما بعد الحرب".
هذا الطرح يعكس إدراكا رسميا لتحولات اجتماعية عميقة، أفرزتها الحرب الأخيرة، حيث بدا التماسك الوطني أولوية على حساب الخلافات الداخلية، مما يفتح الباب أمام القيادة السياسية للاقتراب أكثر من الشارع.
رجل المرحلة
ويرى مراقبون أن اختيار شخصية بوزن لاريجاني، بالتزامن مع إعادة هيكلة دفاعية ومؤسساتية، يعبّر عن استعداد طهران لمرحلة إعادة تموضع إستراتيجي على المستويين الداخلي والخارجي، ربما تتّسم بقدر أكبر من المرونة.
ويجمع كثير من المحللين على أن توقيت التعيين ومضمونه يشي بأن لاريجاني سيكون "رجل المرحلة" في إيران، وأن عودته إلى واجهة القرار ستترك أثرا سياسيا وأمنيا واسع النطاق.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال السياسي الإصلاحي محمد علي أبطحي ونائب مستشار الرئيس الأسبق محمد خاتمي إن عودة لاريجاني إلى دائرة القرار تمثل "عاملا حاسما" في دفع إيران نحو "تغيير هادئ" لمصلحة التيارات المعتدلة، على حساب التيارات المتشددة.
واعتبر أبطحي أن لاريجاني شخصية سياسية معتدلة، وهو ما جعله عرضة لهجمات من الأجنحة المتطرفة، مشيرا إلى أن دعمه من رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان، وموافقة المرشد الأعلى على تعيينه، تعطي التعيين بعدا سياسيا بالغ الأهمية.
وأوضح أبطحي أن هذه المعطيات، إلى جانب التطورات الأخيرة، تشير إلى تراجع نفوذ التيارات المتشددة، وصعود جناح أكثر واقعية وعقلانية، مضيفا أن وجود لاريجاني في موقع أمني سيعزز فرص الحوار، وقد يشكّل جبهة سياسية قوية داعمة لمساعي وقف التصعيد. وختم بالقول "أرى في هذا التعيين فألا حسنا".
إعادة تعريف
من جهته، رأى الباحث السياسي مهدي شكيبائي أن تعيين لاريجاني يحمل دلالتين مركزيتين؛ الأولى أن المرشد الأعلى يوجّه رسالة واضحة بأن الأمن القومي لم يعد حكرا على الجوانب العسكرية، بل يشمل الأمن السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، وهو تحول لافت في مقاربة الدولة لهذا الملف.
وأكد شكيبائي في حديثه للجزيرة نت أن لاريجاني يمثل نهجا تفاعليا ومجتمعيا، وذلك يعني تدخله في ملفات متعددة ظلت طوال عقود خارج نطاق اهتمام المجلس الأعلى للأمن القومي الذي كان يركّز بالأساس على الشؤون العسكرية.
أما الدلالة الثانية، فهي الانتقال من نهج أمني عسكري صرف -كما كان في عهد شخصيات مثل علي شمخاني- إلى مقاربة شاملة تتيح المجال للتفاوض والدبلوماسية، ويرى شكيبائي أن هذا التحول قد يفضي إلى تجديد مسار المفاوضات الإقليمية والنووية، ضمن إطار جديد أكثر انفتاحا.
كما توقّع أن يلعب لاريجاني دورا توفيقيا بين مؤسسات النظام، مستفيدا من علاقاته مع رؤساء سابقين وقيادات عسكرية، وهو ما قد يعزز التنسيق بين الحكومة والبرلمان والحرس الثوري وبقية الأجهزة.
وبحسب شكيبائي، فإن تعيين لاريجاني يبعث برسائل واضحة للخارج؛ إذ قد ترى الولايات المتحدة في هذه الخطوة إشارة إلى انفتاح محتمل على الحوار ضمن أطر محددة، بينما تفسرها أوروبا كفرصة لإعادة بناء الجسور مع طهران.
ويضيف أن الصين وروسيا قد تستقبلان التعيين كرسالة استقرار واستمرار في التحالف، خصوصا أن السفراء الإيرانيين فيهما من المقربين لتيار لاريجاني.
وختم شكيبائي بالقول إن تعيين لاريجاني يعكس عودة العقلانية السياسية إلى موقع القرار، واستعداد طهران لمرحلة جديدة من التفاعل الإقليمي والدولي، مع التركيز على تعزيز الأمن المجتمعي الداخلي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 ساعات
- الجزيرة
كيف علّق الإيرانيون على اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟
طهران- على وقع التطورات المتسارعة في محيط المصالح الإيرانية، انطلاقا من منطقة الشام مرورا ببلاد الرافدين ثم المياه الخليجية، يأتي توقيع أذربيجان وأرمينيا اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض تدشينا لمرحلة جديدة لتعاطي طهران مع ملف ممر زنغزور الذي طالما عارضت إنشاءه على حدودها. وفي توقيت حرج جدا تتقاطع فيه حسابات الأمن والسياسة جنوبي القوقاز، يتراوح تعليق إيران على هذا الحدث بين ترحيب ظاهري بالسلام وتحفظات جيو-إستراتيجية على تغيير موازين القوى. وأصدرت الخارجية الإيرانية بيانا يجسد مفارقة جيوسياسية؛ إذ رحبت بالمبادرة كـ"خطوة مهمة لتحقيق السلام المستدام"، لكنها عبّرت في الوقت نفسه عن "قلقها من الآثار السلبية لأي تدخل خارجي بالقرب من حدودها المشتركة"، معتبرة أن طريق ترامب -دون تسميته- "يهدد استقرار المنطقة" إذا أفضى إلى قطع الاتصال البري المباشر بين طهران وأوروبا عبر أرمينيا. وبعد سلسلة مناورات أجرتها القوات المسلحة الإيرانية شمال غربي البلاد للتدريب على عمليات تهدف لإحباط أي تغييرات جيوسياسية على حدودها المشتركة، ترى طهران فيها تهديدا لأمنها القومي وتمهيدا لجر أطراف خارجية إلى المنطقة، أثار بيان الخارجية علامة استفهام عن كيفية تعاملها مع إقامة ممر يتحدى أحد أهم روافد تأثيرها في القوقاز. ورغم النبرة الدبلوماسية المستخدمة في البيان، لا يمكن للأوساط السياسية في طهران أن تغض البصر عن تداعيات ما يروج له الإعلام الغربي والإقليمي من حديث حول "شق طريق ترامب لربط باكو بإقليم نخجوان الأذربيجاني وباستثمار وإدارة أميركيين"، إذ ترى فيه شريحة من الإيرانيين تحديا قد يفتح الباب أمام تغييرات جيوسياسية تهدد مصالح بلاد فارس. يرى مراقبون إيرانيون أن دخول الولايات المتحدة على خط الوساطة بين باكو ويريفان وإدارة المشاريع الاقتصادية المصاحبة للاتفاق لا يقتصر على شق طريق ترامب، وإنما سيؤدي إلى رفع العلم الأميركي على مرمى البصر وسيجعل إيران متاخمة لقوة عظمى لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي ، ناهيك أن الحضور الأميركي قد يسهّل حضور أطراف أوروبية ومن حلف شمال الأطلسي (الناتو) قرب الحدود الإيرانية. من جانبه، يقرأ الكاتب السياسي صابر كل عنبري طريق ترامب في سياق المحاولات لخنق إيران مما يدفعها إلى أعتاب تحول جيوسياسي جسيم، وقد تكون تبعاته على طهران أشدّ من توسيع اتفاقيات أبراهام جنوب المياه الخليجية. وفي تحليل نشره على حسابه بمنصة تليغرام ، يرى عنبري أن عماد الاتفاقية بين باكو ويريفان هو إنشاء ممرّ بطول 43 كيلومترا على طول الحدود الإيرانية الأرمينية، مع منح الولايات المتحدة حق تطويره والتحكم فيه لمدة 99 عاما. واعتبر إقحام واشنطن للتحكم بالممر الرابط بين باكو ونخجوان "خطوة هادفة وذكية من أذربيجان وتركيا، تهدف لتجاوز العقبات والالتفاف على المعارضات -خاصة الإيرانية- حيث إن أي معارضة عملية مستقبلا لن تكون موجّهة ضد أذربيجان أو أنقرة، بل ضد أميركا مباشرة، ما يجعل مواجهة هذا التحدي الأمني والجيوسياسي الهائل في غاية الصعوبة والمخاطرة". حرب الممرات وعلى وتر تنافس القوى الغربية والشرقية للسيطرة على شبكة الممرات العالمية، يتناول طيف من الإيرانيين ممر ترامب في سياق حرب الممرات، الممتدة من الهند والصين إلى المياه الخليجية ثم القوقاز وآسيا الوسطى، والتي يهدف أحد أبرز محاورها إلى تهميش طهران وبكين وروسيا عن هذه الطرق الدولية. من جانبه، يدق الباحث الإيراني المختص في النزاعات الإقليمية مصطفى نجفي ناقوس الخطر إثر اتفاقية السلام بين أذربيجان وأرمينيا لأنها -وفقا له- تمنح واشنطن سيطرة استثنائية وحقوق تطوير حصرية تقوّض الرقابة الأرمينية. وفي تحليل نشره على حساب "أفق إيران" على منصة إكس ، يعتقد الباحث الإيراني أن الممر الجديد سوف يتحول إلى ممر عابر للحدود ويُعفى من الرقابة الجمركية والأمنية الأرمينية، على غرار نماذج تاريخية كممر برلين الحربي الذي ربط برلين الغربية بألمانيا الغربية أثناء الحرب الباردة، وممر سوالكي الحالي في بولندا الذي يربط ليتوانيا بالناتو. وبرأيه، فإن الممر الجديد سيوفر من ناحية اتصالا ماديا متواصلا للعالم من تركيا إلى آسيا الوسطى دون المرور عبر الأراضي الإيرانية، ويخلق من ناحية أخرى -بدعم أميركي- ممرا إستراتيجيا في عمق القوقاز الجنوبي ليقلل نفوذ موسكو ويضع طهران في موقف أصعب، مما يكمل حلقة الضغط الجيوسياسي شمال إيران. ويخلص نجفي إلى أن تطورات القوقاز تسير تزامنا مع مشاريع موازية في الشرق الأوسط؛ حيث تعيد أميركا وحلفاؤها -في المياه الخليجية وشرق المتوسط ومن آسيا الوسطى إلى أوروبا- تصميم مسارات الطاقة والنقل لتجاوز إيران واستبعادها من خريطة جيو-طاقة المنطقة. ورقة رابحة في المقابل، تعتقد شريحة ثالثة من المراقبين بطهران أن بيان الخارجية الإيرانية يظهر ترحيبها بتوقيع الجانبين الأذربيجاني والأرميني اتفاق سلام يضع حدا لعقود من التوتر والصراع قرب حدودها، وإن ضمّنته نبرة تحذيرية من التدخلات الأجنبية التي جاءت بسبب اعتبارات داخلية وخارجية مراعاة لمصالح حلفائها في منطقة القوقاز ولتفادي انتقادات التيار المحافظ. من ناحيته، يعتقد السفير الإيراني السابق في النرويج وسريلانكا وهنغاريا عبد الرضا فرجي راد أنه ما جرى في القمة الثلاثية الأميركية والأرمينية والأذربيجانية هو توقيع مذكرة تفاهم -وليس اتفاقا ملزما- بهدف صناعة إنجاز لترامب بعد فشله في ملفات أوكرانيا و غزة والملف النووي الإيراني والصراع الهندي الباكستاني. وفي تحليل نشره على قناة "خبرستان" بمنصة تليغرام، يقول فرجي راد إن طريق ترامب يخضع بالفعل للسيادة الأرمينية وإنه يعتقد أن اللوبي الأرميني في أميركا نجح في طرح هذه الخطة لتخفيف الضغوط التركية والأذربيجانية عن يريفان. وبرأيه، فإن الخاسر الأكبر من توقيع اتفاق السلام في القوقاز كانت باكو التي طالما أصرت على ضرورة أن يكون الممر تحت سيادتها وأن يتمكن مواطنوها من السفر عبره دون رقابة أرمينية، في حين يضمن الاتفاق لأرمينيا سيادتها على الممر، ما يسجل ربحا لها، والذي يُعد بدوره ورقة رابحة للجانب الإيراني.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
تعهد إيراني بمنع الممر الأميركي في القوقاز
أكد علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في إيران على خامنئي أن بلاده، ستمنع إنشاء الممر الأميركي في القوقاز، "سواء بالتعاون مع روسيا أو بدونها" معتبرا الممر "تهديدا لأمن المنطقة ويغير خريطتها الجيوسياسية". جاء ذلك ردّا على سؤال حول تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، بشأن الممر المسمّى "زنغزور" وإعلانه استئجار هذا الممر لمدة 99 عاما. وفي مقابلة مع وكالة "تسنيم" الإيرانية اليوم سأل ولايتي مستنكرا "هل جنوب القوقاز منطقة بلا صاحب حتى يقوم ترامب باستئجارها؟ إن القوقاز من أكثر المناطق الجغرافية حساسية في العالم، وهذا الممر لن يتحول إلى ممر يملكه ترامب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته". وأكد ولايتي "الموقف الثابت لإيران في رفض إنشاء ما يسمى بـممر زنغزور"، موضحا أن سبب هذا الرفض يعود إلى أن هذا الممر يغير الخريطة الجيوسياسية للمنطقة، ويبدل الحدود، وقد صمم في الأساس من أجل تقسيم أرمينيا. مناورات ورسائل وأشار مستشار قائد الثورة الإسلامية للشؤون الدولية إلى "الخطوات الحاسمة التي اتخذتها" إيران لإظهار رفضها لإطلاق هذا الممر الذي وصفه بـ" التآمري" قائلا عندما أصرت تركيا و أذربيجان على تنفيذ هذا المشروع " نفذت القوات المسلحة الإيرانية، بقيادة الفريق الشهيد باقري -رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة آنذاك-، سلسلة من المناورات العسكرية في شمال غرب البلاد، في إشارة واضحة إلى استعداد إيران وجديتها لمنع هذا الإجراء". وشدد ولايتي على أن "تأجير الممر لدولة أخرى كلام ساذج، وترامب يتعمد السذاجة، وادعاء استئجار الممر من قبل ترامب في هذه المنطقة من العالم، يشبه أن يأتي شخص من هذا الطرف من العالم ليستأجر قناة بنما! هذا أمر مستحيل ولن يحدث". وأضاف "ترامب، كعادته، يطلق تصريحات براقة لكنها خاوية ويتوهم أنه صاحب مكتب عقاري يريد أن يستأجر أرضا أو منطقة ما". وشدد ولايتي -وزير الخارجية الإيراني الأسبق- على أن مشروع هذا الممر "ينطوي على تقسيم أرمينيا في المستقبل، ويواجه معارضة قوية من الشعب الأرمني، مؤكدا أن أي شعب لا يقبل بتقسيم أرضه، حتى وإن تبنّت حكومته مواقف متذبذبة للأسف". وأشار ولايتي إلى مواقف رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، قائلا "خلال زيارته السابقة إلى طهران ، ومع إدراكه الواضح لطبيعة هذا المشروع التخريبية، أكد أنه يوافق موقف إيران ويعارض إنشاء الممر". وأوضح، معددا التغييرات التي سيحدثها إنشاء ممر زنغزور في حدود إيران وأنه "سيجعل طرق اتصالها في الشمال والشمال الغربي محصورة بتركيا، وسيعرض أمن القوقاز الجنوبي للخطر". وأضاف "ولهذا السبب أكدت إيران أنها، سواء بالتعاون مع روسيا أو بدونها، ستعمل على حماية أمن هذه المنطقة"، مضيفا أنه يعتقد أن روسيا أيضا، من منظور إستراتيجي، تعارض هذا الممر. وحسب تعبير ولايتي فإن "الأميركيين يزعمون أن استئجار هذا الممر يهدف إلى نقل الطاقة من بحر قزوين ، شبه المغلق والذي يخص الدول المشاطئة له، ونقل النفط والغاز عبره يتطلب موافقة جميع تلك الدول". كما أشار إلى أن مناورات مشتركة بين إيران وروسيا أُجريت في بحر قزوين خلال الأسابيع الأخيرة، معتبرا ذلك "رسالة واضحة لأي طرف خارجي يقدم على التحرك في هذا الشأن مفادها أننا سنقف في وجهه". وأكد ولايتي أن هذا الممر ليس مجرد ممر تجاري، بل هو مؤامرة سياسية ضد إيران وبعض الدول المجاورة، مضيفا أن تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ليست وحدها في هذا الأمر، بل تسعى دول الناتو الأخرى أيضا إلى الحضور في هذه المنطقة، وأن الحلف سيقف كأفعى بين إيران وروسيا، لكن إيران لن تسمح بحدوث ذلك. وأضاف "إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كرر مرارا في شأن أوكرانيا أنه إذا انضمت الأخيرة إلى الناتو واقتربت من موسكو فسيتخذ إجراءً؛ ونحن أيضا لن نسمح للناتو بالاقتراب من حدود إيران الشمالية، ونؤمن بأن الوقاية خير من العلاج.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
الحكومة العراقية تحيل 4 وزراء للقضاء بسبب "شبهات"
أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني إحالة 4 وزراء إلى القضاء بسبب "شبهات رافقت أداءهم"، كما أشار إلى أن التعديل الوزاري الذي كان قد وعد به واجه عرقلة سياسية في بعض الأحيان، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء العراقية. وقال السوداني في مؤتمر تقييم الأداء الحكومي في بغداد ، اليوم السبت إنه "تم إنجاز 1135 عملية تقييم نصف سنوية أسفرت عن إعفاء 41 مديرا عاما بالأصالة وإنهاء تكليف 89 كانوا يعملون بالوكالة". وأضاف أنه "تمت إحالة 4 وزراء للقضاء بسبب مؤشرات وشبهات رافقت أداءهم"، من دون تفاصيل عن هذه الشبهات. وفي المجمل، أوضح السوداني أن عملية تقييم الأداء الحكومي أفضت إلى تغييرات بنسبة 21% في المناصب التي شملتها. وذكر رئيس الوزراء أن "الحكومة لم تتلكأ بتنفيذ التعديل الوزاري الموجود في البرنامج الحكومي"، وأن لجنة التقييم أوصت بتغيير 6 وزراء. وأضاف أن "مؤشرات الفساد كانت تعامل بإجراءات فورية، وهي خارج التقييم الذي واجه عرقلة سياسية في بعض الأحيان". وحقق العراق تقدما نسبيا في مكافحة الفساد العام الماضي حيث انتقل من المرتبة 154 إلى المرتبة 140 في مؤشر مدركات الفساد ل منظمة الشفافية الدولية من بين 180 دولة.