
بانتظار "قمة ثلاثية".. اجتماعات واشنطن بين آمال وشكوك الأوكرانيين
وبعد خيبة أمل من قمة ألاسكا أحيت اجتماعات واشنطن أمل الأوكرانيين بنجاعة عملية السلام التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وإمكانية انتهاء الحرب دون خسائر كبيرة مذلة لطالما تخوفوا منها.
وعلى عكس التوقعات جاءت اجتماعات واشنطن -والتي التقى خلالها زيلينسكي بترامب- ثم انضم إليهما قادة أوروبيون وأمين عام حلف الناتو مارك روته في أجواء ونتائج إيجابية دفعت الرئيس الأوكراني إلى القول إنها "الأفضل على الإطلاق".
فبدلا من تكرار مشهد التوتر كما في فبراير/شباط الماضي خيمت على الأجواء ابتسامات ود وعبارات إطراء وتفهّم كانت -بحسب كثيرين- في صالح أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين.
ويقول الكاتب والصحفي ميلان ليليتش للجزيرة نت إن زيلينسكي استعد جيدا للتواصل مع ترامب هذه المرة، فجمع -على سبيل المثال- بين الزي الرسمي وما تعوّد ارتداءه، الأمر الذي أعجب ترامب وأثار مديحه ودفعه إلى المزاح لا السخرية هذه المرة.
كما نقل زيلينسكي رسالة شكر من زوجته إلى السيدة الأميركية الأولى ميلانا، مما أثار تقدير ترامب المغرم بالرسائل الورقية، يضيف الكاتب.
ويرى ليليتش أن طريق التواصل مع ترامب تغير كما يحب الأخير، فقد كرر زيلينسكي عبارات الامتنان والمديح للولايات المتحدة وترامب شخصيا، ومثل هذه التقنيات البسيطة -كما اتضح- فعالة مع ترامب وتخلق جوا إيجابيا.
إعلان
وأشار ليليتش إلى موضوع استعداد أوكرانيا لشراء أسلحة أميركية بقيمة 90 مليار دولار وأخرى على حساب الدعم الأوروبي بقيمة 100 مليار أيضا، الأمر الذي "أغرى" ترامب وأعجبه، كما يقول.
وفي السياق ذاته، أضاف أن "الزعماء الأوروبيين فهموا منذ فترة طويلة كيفية التعامل مع سيد البيت الأبيض، لهذا يمهدون بذكاء لنيل موافقته دون إزعاجه، خاصة إذا عارضوه أو اختلفوا معه في الرأي".
صرامة أوروبية
ويبدو أن حضور قادة أوروبيين كبار والأمين العام لحلف شمال الأطلسي أعجب ترامب، فهذا لم يحدث أبدا في تاريخ البيت الأبيض ، لكنه حمل أيضا رسالة قوية وصارمة إلى واشنطن.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال الخبير بيترو بوركوفسكي عضو مركز "المبادرات الديمقراطية" إن ترامب قبل عموما بعد قمة ألاسكا مفهوم بوتين بشأن تسليم إقليم دونباس وأراض أخرى مقابل التقدم نحو السلام، ثم روج وفريقه لهذا في وسائل الإعلام.
ويرى الخبير ذاته أن الجميع يعتقد أن هذا الموضوع الخلافي سيوتر اللقاء مع ترامب، ولهذا تم تجاهله خلف الأبواب المغلقة، حيث ركز زيلينسكي على أهمية أن تُطرح "القضايا الحساسة والإقليمية" على مستوى القادة في قمة ثلاثية تجمعهما مع بوتين.
وفي سياق متصل، رأى بوركوفسكي أن القادة الأوروبيين جاؤوا دعما لزيلينسكي في هذا التوجه، وللتأكيد على أهمية القضية الأوكرانية بالنسبة لهم، وأهمية أن يكون الغرب مع الولايات المتحدة موحدا إزاءها في مواجهة صارمة مع بوتين، فطرحوا بقوة موضوع الضمانات، وعرضوا مقترحات ونوايا وخطوات جادة في هذا الصدد.
بصيص أمل
ويعتبر كثيرون أن لقاء 18 أغسطس/آب الجاري كان "مهما وحاسما" في مسار الحرب، وجاءت نتائجه في صالح أوكرانيا وأغضب روسيا.
واعتبرت النائبة البرلمانية إيرينا هيراشينكو في حديث مع الجزيرة نت أن يوم اللقاء كان بمثابة مواجهة مع القدر، وتبين لاحقا أنه يوم عظيم شكّل ضوءا في نهاية نفق مظلم، ووضع روسيا أمام نقطة اللاعودة، فإما السلام أو عزلة دولية وعقوبات لم تشهدها من قبل، على حد قولها.
من جانبه، استدل محلل الشأن العسكري إيفان ستوباك بالقول "أعتقد أن لقاءات واشنطن خالفت توقعات بوتين الذي أراد وضع أوكرانيا في زاوية التنازل عن الأراضي لقبول لقائه وتوقيع اتفاق استسلام".
وأوضح أن زيلينسكي قبل نقاش الأمر وجها لوجه مع بوتين، وترامب اعتبر ذلك مقبولا، أما بوتين فعبر عن موقفه بمضاعفة القصف على المدن الأوكرانية خلال اليومين الماضيين كما لم يحدث منذ بداية الشهر الجاري.
وانطلاقا من هذا، يرى الخبير أن الرئيس الروسي لن يوافق سريعا على لقاء القمة الثلاثية، ومن المتوقع أن تخلق بلاده الذرائع لمنع ذلك، وقال "نحن نؤمن بأنه يلوّح بشعارات السلام، لكنه لا يريده ولا ينوي إيقاف الحرب".
ووسط هذا التفاؤل يطلق بعض الأوكرانيين تحذيرات من فخاخ يبرع الروس بنصبها للخصوم وعند التفاوض، والتاريخ شاهد عليها.
ومن وجهة نظر الدبلوماسية السابقة لانا زركال "قميص بوتين الذي حمل رمز الاتحاد السوفياتي يحكي الكثير، الدبلوماسية السوفياتية أتقنت تكتيكات الابتزاز والضغط الوحشي لعقود، لم تتغير مناهج الروس منذ عهد وزير الخارجية السوفياتي أندريه غروميكو الذي قال عنه نظيره الأميركي هنري كيسنجر إن "التفاوض معه دون معرفة كل تفاصيل المشكلة بمثابة انتحار".
وقالت للجزيرة نت إن تكتيك غروميكو سهل، وقد شرحه هو بنفسه:
أولا: اطلب كل شيء إلى أقصى حد ولا تتردد، اطلب ما كان لك وليس لك.
ثانيا: هدد بالحرب وأعط إنذارات نهائية، وكوسيلة للخروج من الموقف اعرض المفاوضات وستجد لدى الغرب أشخاصا يقبلون ذلك.
ثالثا: مع بدء المفاوضات لا تتخل عن أي مطلب، هم أنفسهم سيقدمون لك جزءا مما طلبته، وحتى ذلك الحين لا توافق، واضغط أكثر حتى يأتوا إليك.
وفي ضوء ما سبق، ترى زركال أن ترامب هو ذلك الشخص الغربي الذي يقبل ما يريده الروس، لأنه "يُظهر ضعف البيت الأبيض أمام الكرملين، ولا يستعد للمفاوضات ويحتقر الخبراء في كل القضايا، وبالإضافة إلى ذلك يريد نتائج سريعة، فهو لا يحب المفاوضات الطويلة والمملة".
وتختم الدبلوماسية السابقة بأن الفخ الرئيسي الذي وقع فيه ترامب هو الإطار الذي فرضه بوتين، إذ ربط وقف الأعمال العدائية باتفاق سلام كبير يحقق -من وجهة نظر بوتين- توازنا عادلا بين الأمن الأوروبي والعالمي.
وهذا يعني -وفقا لها- أن نهاية الحرب لن تعتمد الآن على تنازلات أوكرانيا فحسب، بل وأيضا على التنازلات التي يتوقع بوتين الحصول عليها من الغرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
الجنائية الدولية: العقوبات الأميركية هجوم صارخ علينا
نددت المحكمة الجنائية الدولية ، اليوم الأربعاء، بإعلان الولايات المتحدة فرض عقوبات على 4 من قضاتها، معتبرة القرار "هجوما صارخا" على استقلالها، في وقت تواصل واشنطن ضغطها على المحكمة بسبب استهدافها قادة إسرائيليين. وقالت الجنائية الدولية، في بيان، إن "هذه العقوبات هجوم صارخ على استقلال هيئة قضائية محايدة". وشددت على أنها تقف "بحزم إلى جانب قضاتها وإلى جانب ضحايا الفظائع التي لا يمكن تصورها". كما أكدت أنها مستمرة في "تأدية واجباتها بلا تراجع" ودون الخضوع لأي "قيود أو ضغوط أو تهديدات". وتضم قائمة العقوبات القاضي الفرنسي نيكولا غيو الذي نظر في دعوى انتهت إلى إصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كما تشمل القضاة كيمبرلي بروست الكندية ونزهت شميم خان من فيجي ومامي ماندياي نيانغ من السنغال. عقوبات سابقة وجاءت هذه الخطوة بعد أقل من 3 أشهر من اتخاذ الإدارة الأميركية خطوة غير مسبوقة بفرض عقوبات على 4 قاضيات في المحكمة ذاتها، على خلفية قضايا مرتبطة بواشنطن وإسرائيل، منها إصدار مذكرة توقيف بحق نتنياهو. وحظر على القاضيات الأربع دخول الولايات المتحدة، كما سيتم تجميد أي أموال أو أصول لهن في البلاد، وهي تدابير غالبا ما تتخذ ضد صانعي سياسات دول مناهضة للولايات المتحدة وليس ضد مسؤولين قضائيين. وشاركت القاضيات في إجراءات أفضت إلى إصدار مذكرة اعتقال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بحق نتنياهو، لمسؤوليته عن أفعال تشمل جريمة الحرب المتمثلة في التجويع كوسيلة حرب إسرائيلية في الحرب على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وفي فبراير/شباط الماضي، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا لفرض عقوبات على المحكمة، منتقدا إصدارها أوامر اعتقال لنتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
هل تسرّع الحرب برنامج إيران للمفاعلات النووية الصغيرة؟
طهران – بعد مرور نحو شهرين على الهجمات الإسرائيلية والأميركية على المنشآت النووية الإيرانية، كشفت شركة "روساتوم" الروسية عن مفاوضات مع طهران لبناء جيل جديد من المفاعلات النووية الصغيرة، في خطوة قد تُحوّل أنقاض المفاعلات المدمرة إلى فرصة لتعزيز قدرات إيران النووية من جهة، ومعالجة عجزها المتفاقم في قطاع الطاقة من جهة أخرى. وعلى وقع المسارات الدبلوماسية المتبادلة بين طهران والعواصم الأوروبية لثني الأخيرة عن تفعيل آلية الزناد مقابل إعادة الجانب الإيراني إلى طاولة المفاوضات، أعلن أليكسي ليخاتشوف المدير العام لشركة "روساتوم" أن إيران قدمت مقترحا لتوسيع أجندة التعاون الثنائي في الطاقة النووية، بما في ذلك بناء مفاعلات نووية صغيرة. ونقلت وكالة إرنا الرسمية عن ليخاتشوف قوله إن المفاوضات بين الجانبين تمضي على قدم وساق، معربا عن أمله -خلال مقابلة مع القناة الأولى في التلفزيون الروسي يوم الجمعة الماضي- أن يوقع الطرفان اتفاقيات لمباشرة العمل قريبا، كما كشف عن عرض روسي لتوطين التقنيات النووية في إيران. توجيهات المرشد ورغم تفاعل الصحافة الإيرانية مع إثارة ملف إنشاء مفاعلات نووية صغيرة على الأراضي الإيرانية، فإن الموضوع لم يعد جديدا على الأوساط السياسية بطهران، بل يذكرهم بتصريح ليخاتشوف بشأن توجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي يوم 10 يونيو/حزيران 2023، حيث اعتبر أن العمل على إنشاء محطات طاقة صغيرة ومنخفضة السعة ضروري. ولدى استقباله حشدا من العلماء والخبراء ومسؤولي الصناعة النووية في بلاده، خاطبهم خامنئي قائلا "خذوا موضوع إنتاج 20 ألف ميغاواط من الكهرباء النووية الذي أعلناه قبل سنوات على محمل الجد، وتابعوا إنجاز هذا الهدف بشكل ممنهج"، مؤكدا أن بلاده بحاجة إلى محطات الطاقة الصغيرة في شتى القطاعات. ومنذ ذلك الحين تحوّل موضوع إنشاء هذه المفاعلات إلى بيت القصيد في حقل الأبحاث النووية للدولة التي كانت حينها تكابد بدايات الأزمة الكهربائية، لكن اصطدم تنفيذها بعتبة التكنولوجيا التي لم تتمكن من توطينها بعد رغم عقدها تحالفات شراكة إستراتيجية مع كل من الصين وروسيا اللتين، تمتلكان معرفة متقدمة فيها. من جانبه، أعلن السفير الإيراني في موسكو كاظم جلالي عن توصل الجانبين الإيراني والروسي إلى اتفاق لبناء محطات طاقة كبيرة وصغيرة بسعة 5000 ميغاواط، وذلك خلال زيارة الرئيس مسعود بزشكيان إلى موسكو مطلع العام الجاري. يأتي ذلك في وقت استغرق فيه تعاون طهران مع موسكو لبناء مفاعل بوشهر النووي نحو ثلاثة عقود دون أن يتمكن من سد حاجة البلاد من الكهرباء، ناهيك عن كلفته الباهضة، لكن رغم ذلك يرى مراقبون في إيران أن الجانب الروسي لا يزال يمثل الخيار الأنسب لها للتحول من الاعتماد على مفاعلات متمركزة إلى اللامركزية النووية. من ناحيته، يعتقد الأمين العام لحزب "سبز" (الأخضر) المحافظ حسين كنعاني مقدم أنه لابد من مواكبة أحدث التقنيات النووية واستخدامها لتلبية حاجات البلاد في شتى المجالات لاسيما في قطاعات الطاقة والصحة وتحلية المياه، مؤكدا أن المساحة اللازمة لإنشاء بعض نماذج المفاعلات النووية الصغيرة لا تتجاوز 4 أمتار مربع. وفي حديث للجزيرة نت، يوضح كنعاني أن بلاده تأخذ من الغواصات النووية نموذجا مثاليا في مشاريعها لبناء محطات طاقة نووية صغيرة الحجم كونها تمثل حلا مناسبا لتوفير الطاقة للمناطق النائية وبتكاليف استثمارية أقل وفترات زمنية أقصر مقارنة بالمفاعلات الكبيرة، مستدركا أن نماذج الغواصات النووية تمتلك دورة وقود طويلة الأمد دون الحاجة لإعادة تزويدها بالقود بين الفينة والأخرى. ويشير إلى أن مستويات أمان المفاعلات الصغيرة أعلى من النماذج الكبيرة لاسيما أنه يمكن تصميم الصغيرة على أن تكون متحركة، بالإضافة إلى مرونة توزيعها في جغرافيا البلاد تحت الجبال أو في الصحاري وحتى داخل المنازل السكنية، من دون الحاجة إلى الشبكات الكلاسيكية لنقل الطاقة. وعلى الرغم من أن الجمهورية الإسلامية سبق أن خططت لبناء مفاعلات نووية جديدة لتوليد الطاقة مثل منشآتها النووية الكبيرة الأخرى، وفق كنعاني، فإنها قد تلغي تنفيذ هذه المشاريع الضخمة وتستبدلها بنماذج صغيرة موزعة في ربوع البلاد، فضلا عن توطينها هذه التكنولوجيا الجديدة. View this post on Instagram A post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher) تجربة الحرب من جهته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة آزاد الإسلامية ياسر إرشادمنش أن توجيه القيادة الإيرانية العليا بتطوير المفاعلات النووية الصغيرة لم يأت اعتباطا وليس مجرد توصية تقنية، وإنما خطة جيوسياسية لمواجهة التحديات الداخلية -ومنها عجز الطاقة- والخارجية المتمثلة في الهجمات الإسرائيلية والأميركية على أبرز المنشآت النووية وسط البلاد. وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الأكاديمي الإيراني إلى أن مهاجمة منشآت نطنز و فوردو كشفت هشاشة المركزية النووية في البلاد، معتبرا أن اللامركزية وتوزيع المفاعلات في ربوع الجغرافيا الواسعة يمثل الحل الأمثل للتقليل من المخاطر الإستراتيجية وضمان أمن الطاقة مستقبلا. وإن كان العمل بمباشرة بناء مفاعلات نووية صغيرة "قد تأخر كثيرا في إيران"، فإن إرشادمنش يرى أنه سيكون مجديا ومتناسبا مع موقف طهران الرسمي القاضي بضمان حقها في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، ذلك لأن توزيع المئات منها في ربوع البلاد وفي أماكن سرية سيكون كفيلا بمواصلة التخصيب وسيضع حدا للمغامرات الخارجية. وخلص إلى أن الاعتماد على عدد محدود من المفاعلات النووية سيكون خطأ إستراتيجيا بعد تجربة الهجوم الأميركي والإسرائيلي على منشآت إيران النووية، وأن جميع الدول الأخرى ستجد في التشتيت الجغرافي ضرورة وجودية لمصالحها الوطنية. وبينما تسرّع الهجمات العسكرية على منشآت إيران النووية من عزمها استبدال مفاعلاتها الكبيرة بنماذج صغيرة لتقليل مخاطر الاستهداف الأجنبي ومواجهة العمليات التخريبية، يتساءل مراقبون: هل ستشكل حرب يونيو/حزيران الماضي ذريعة ذهبية لتسريع برنامج طهران النووي تحت شعار "أمن الطاقة"؟


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
هل علاقة ترامب وبوتين "سامة وغامضة" فعلا؟
ظل الرئيس الأميركي دونالد ترامب يبدي إعجابا واضحا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لما يقرب من 20 عامًا، في علاقة تعود لما قبل دخوله غمار الانتخابات عام 2016 وتخللتها فترات مد وجزر، وفق صحيفة لوموند الفرنسية. ووصفت الصحيفة العلاقة الطويلة بين ترامب وبوتين بأنها غامضة وسامة وتستند إلى "دوافع غامضة"، في وقت يعرف عن ترامب ميله للقادة ذوي النزعات الاستبدادية، لكنها في حالة بوتين تفتقر للكيمياء الإنسانية التي جمعت الرئيس الأميركي رونالد ريغان و ميخائيل غورباتشوف في أواخر الثمانينيات. وتوقفت الصحيفة عند عام 2013 عندما كان ترامب نجما تلفزيونيا ومليارديرا وسافر إلى موسكو لحضور مسابقة ملكة جمال الكون، التي كان يمتلك حقوق بثها مع شبكة "إن بي سي" وكان يحلم بلقاء بوتين وبمشاركته في فعاليات المسابقة. وحسب الصحيفة، فإن ترامب كان يراوده حلم مشروع عقاري ضخم: بناء برج ترامب في العاصمة الروسية، وهو المشروع الذي كان حاضرا في ذهنه خلال زيارته الأولى للاتحاد السوفيتي عام 1987. وقد عبر عن ذلك الحلم في عام 1986 عندما حضر مأدبة عشاء لنخبة المجتمع في نيويورك، حيث جلس إلى جانب السفير السوفياتي لدى الولايات المتحدة يوري دوبينين، وقال في كتابه "فن الصفقة" (1987) "تتابعت الأحداث، وها أنا أتحدث عن بناء فندق فخم كبير قبالة الكرملين بالشراكة مع الحكومة السوفياتية". ولم تتحدث لوموند عن مآل ذلك الحلم، لكنها تقول إن المؤكد هو أنه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم ضخّ أموال روسية خاصة ضخمة في مشاريع ترامب وممتلكاته، كما أقرّ بذلك أحد أبنائه دون جونيور عام 2008. كما تجسدت العلاقة بين الطرفين من خلال "الانبهار غير المتوازن" الذي أبداه ترامب إزاء بوتين عندما قال عام 2007 إن الرئيس الروسي "يقوم بعمل رائع في إعادة بناء صورة روسيا". وفي عام 2013 ومع اقتراب موعد مسابقة ملكة الجمال في موسكو، تساءل ترامب على "تويتر" (سابقا "إكس" حاليا) "هل تعتقدون أن بوتين سيحضر مسابقة ملكة جمال الكون في موسكو في نوفمبر/تشرين الثاني، وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيصبح صديقي المقرب؟". وفي يوليو/تموز 2015، أي قبل 15 شهرًا من الانتخابات الرئاسية التي خاضها أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، قال ترامب عندما سُئل عن العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم ، إنه سيحظى باحترام بوتين، وأضاف "أعتقد أننا سنتفق تماما". وبعد ذلك بأشهر قليلة، قال ترامب إن بوتين يستحق درجة "امتياز" في القيادة، وهو ما رد عليه الرئيس الروسي لاحقا، في عز الحملة الانتخابية لرئاسيات 2016، بالقول إن المرشح ترامب "بارع جدا" و"موهوب". وطوال حملته الانتخابية، ظل ترامب يتبجح بأنه يحظى بتقدير موسكو، وقال مرارا إنه واثق من قدرته على بناء علاقة مثمرة مع الزعيم الروسي، ونفى وجود أي مصالح مالية له في البلاد. ومع اقتراب موعد الانتخابات، أجرت وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) تحقيقا في التدخل الروسي في الحملة الانتخابية، ولا يزال الجدل قائما حول التورط المحتمل لترامب والمقربين منه في ذلك التدخل، وفق الصحيفة، كما أن تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر، الذي نُشر عام 2019، لم يقدم إجابة قاطعة حول الموضوع. وأمضى الرئيس ترامب ولايته الأولى (2017-2021) والشكوك تحوم حول التورط الروسي في تلك الانتخابات، في وقت قال فيه ترامب إنه "لا يوجد سبب للاعتقاد" بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية. والتقى الرئاسيان للمرة الأولى في هامبورغ (ألمانيا) على هامش قمة مجموعة العشرين في يوليو/تموز 2017 في أجواء اتسمت بالرصانة، وفق توصيف الصحيفة الفرنسية، مقارنة مع لقائهما الثاني في قمة هلسنكي بعد عام. رواية بديلة على صعيد آخر، كشف الصحفي الأميركي الشهير بوب وودود أنه في عام 2020 وخلال ذروة جائحة كوورنا، وافق الرئيس ترامب على نقل أجهزة فحص الفيروس، التي كانت شحيحة آنذاك، إلى نظيره الروسي. وفي مساعيه للعودة إلى السلطة عام 2024، بنى ترامب خطابه على فكرة مؤامرةٍ دبرتها "الدولة العميقة" ضده وعزاها إلى ما ظل يسميه "روسيا روسيا روسيا"، أي شبهات التواطؤ مع موسكو، ونجح في "فرض رواية بديلة ليُنسي الناس الحقائق"، وأصبح يوجه اتهامات التواطؤ مع الروس إلى القادة الديمقراطيين، وهدد بعضهم بالملاحقة القضائية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، أبدى الرئيس ترامب في الأشهر الأخيرة استياءه من الرئيس بوتين بسبب تعنّته في مفاوضات السلام بشأن الحرب في أوكرانيا في ظل الشكوك حول فعالية العقوبات الجديدة على موسكو. في المقابل، تلاحظ الصحفية أن بوتين بارع في التضليل، ويراهن على واشنطن بشأن أوكرانيا، ويعتقد أن كييف تفتقر للاحتياطات اللازمة لمواصلة جهودها العسكرية. ونقلت الصحيفة عن الخبير في مجلس العلاقات الخارجية تشارلز كوبتشان قوله إن "بوتين مُفتتن بترامب لأنه يرى فيه مخرجا من الجمود الدبلوماسي للجلوس إلى طاولة الأقوياء، ورفع العقوبات المفروضة على روسيا". وخصلت إلى أن موسكو سعيدة بوجود ترامب كشريك في واشنطن.