logo
صندوق أوبك يطرق أبواب سوريا من جديد

صندوق أوبك يطرق أبواب سوريا من جديد

سكاي نيوز عربيةمنذ 5 ساعات

في مقابلة خاصة مع "سكاي نيوز عربية"، أعلن الدكتور عبد الحميد الخليفة، المدير العام لصندوق أوبك للتنمية الدولية ، عن محادثات جارية مع الحكومة السورية ، مؤكدًا سعي الصندوق لإعادة نشاطه إلى دمشق ، بعد توقفه عام 2011 على خلفية الأزمة السورية.
تصريحات الخليفة تعكس نقلة نوعية في فلسفة الصندوق، الذي بات يربط التمويل بالتنمية المستدامة، ويراهن على التأثير الاقتصادي طويل الأمد، لا على حجم المبالغ فحسب.
ما بعد الأزمة.. عودة مشروطة وواعية إلى سوريا
تُعد العودة المحتملة لصندوق أوبك إلى سوريا واحدة من أبرز محاور التغيير في استراتيجيته الإقليمية. فبعد سنوات من الغياب، التقى الخليفة مؤخرًا بوزير المالية السوري ورئيس البنك المركزي في واشنطن، حيث جرت محادثات تمهيدية لاستئناف الدعم التنموي والمالي عبر نافذتي القطاعين العام والخاص.
وبحسب الخليفة، فإن نشاط الصندوق في سوريا قبل 2011 شمل دعم مشاريع حكومية، ومبادرات مع شركات محلية، فضلًا عن تقديم مساعدات فنية. ولكن مع تصاعد الأزمة السياسية وتدهور الاستقرار، توقفت هذه العمليات. واليوم، يأمل الخليفة في أن تثمر المباحثات الجارية عن استعادة الصندوق لدوره التنموي، ضمن رؤية جديدة تقوم على الشفافية والمردودية التنموية.
لم تعد معايير صندوق أوبك في تقييم المشاريع تعتمد فقط على الحجم المالي أو عدد المستفيدين، بل على ما يسميه الخليفة "المردود التنموي" لكل دولار يُصرف. فالصندوق، الذي يعمل مع أكثر من 125 دولة حول العالم، أصبح يقيس الأداء من خلال مؤشرات مزدوجة: مالية وتنموية، تشمل الأثر الاجتماعي والبيئي والاستدامة الهيكلية للمشاريع.
"المبلغ ليس هو الهدف، بل مدى الأثر الذي يُحدثه على الأرض، وكيف يمكن لهذا الأثر أن يتحول إلى نمو دائم واستقرار اقتصادي"، بحسب تصريحات الخليفة.
الصندوق بات يعتمد على تقييم مزدوج لأي مشروع: فريق أول يقيّم مدى الجدوى والملاءمة قبل التنفيذ، وفريق آخر يتولى مراجعة ما تحقق بعد الانتهاء، لتحديد مواطن النجاح أو الإخفاق وإعادة رسم الأولويات.
في مواجهة التغيرات العالمية المتسارعة، أطلق صندوق أوبك مبادرتين حديثتين تعكسان وعيًا عميقًا بتحولات البيئة الاقتصادية:
مبادرة دعم الجزر الصغيرة: تستهدف نحو 39 دولة جزيرة تعاني من تقلبات مناخية وجيوسياسية حادة، ما يجعل اقتصاداتها معرضة للانكماش والاضطراب. هذه المبادرة تهدف إلى تعزيز صمود تلك الدول من خلال مشاريع موجهة للطاقة والبنية التحتية والاستثمار الاجتماعي.
مبادرة التجارة العالمية: تهدف إلى تأمين خطوط تمويل ميسّرة للدول النامية، خاصة تلك الأقل نموًا، لتمكينها من التفاعل مع الأسواق الدولية، في ظل اشتداد الحمائية وارتفاع التكاليف الجمركية. يرى الخليفة أن توفير أدوات تمويل مرنة للتجارة، يعني تمكينًا حقيقيًا للاقتصادات الهشة من بناء قاعدة إنتاجية مستدامة.
إفريقيا ومعضلة الطاقة: بين الحاجة والتنظير
في تحليله لواقع الطاقة في الدول النامية ، سلّط الخليفة الضوء على إفريقيا كمثال حي على التحديات المزمنة. ففي القارة السمراء، يعاني ما يقرب من 750 مليون شخص من انعدام الوصول إلى مصادر الطاقة، ما يجعل الحديث عن الطاقة المتجددة ، بحسب الخليفة، "أقرب إلى الخيال" في بعض السياقات.
"لا يمكن فرض نموذج واحد كحل شامل... علينا التفكير بواقعية: أحيانًا تكون محطة شمسية صغيرة هي الخيار الأفضل، وفي أحيان أخرى، لا بد من الاعتماد على الغاز النظيف أو الوقود الأحفوري منخفض الانبعاثات".
هذه المقاربة تعكس تغيرًا في الخطاب التنموي، من التركيز على المثالية البيئية إلى الدمج بين الاستدامة والواقعية، مع التأكيد على أن الهدف النهائي هو خلق أنظمة طاقة مستقرة، ذات أثر بيئي منخفض، وقابلة للاستمرارية.
من النقاط الجوهرية التي أبرزها الخليفة، أهمية تفعيل النافذة الخاصة بالقطاع الخاص ضمن عمليات الصندوق. فبينما كانت الشراكة مع الحكومات هي السائدة لعقود، تتجه المؤسسة اليوم نحو تمكين القطاع الخاص باعتباره أداة فعالة للتنمية المستدامة ، ومصدرًا أساسيًا لخلق فرص العمل.
يشدد الخليفة على أن الصندوق لا يموّل فقط الشركات الكبرى، بل يسعى إلى دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لا سيما في المجتمعات النائية. ومن خلال هذا النهج، يمكن تحقيق نمو اقتصادي حقيقي يُترجم على مستوى الأفراد لا فقط عبر مؤشرات الموازنات الوطنية.
التحدي السوري: كيف يُقاس النجاح؟
في ظل المحادثات مع دمشق، يواجه الصندوق جملة من التحديات، تتعلق بالحوكمة، والاستقرار، والبيئة السياسية والاقتصادية التي ستُنفذ فيها المشاريع. لكن الخليفة يبدو مدركًا لهذه التحديات، ويرى أن التقييم المستقل للمشاريع وآليات الرقابة والمحاسبة هي أدوات أساسية لضمان النجاح.
"نحن نقيّم كل مشروع مرتين، قبل وبعد التنفيذ. وهذا يمنحنا فرصة لتصحيح المسار إذا تطلب الأمر، أو تغيير النهج بالكامل في بعض الأحيان".
في الحالة السورية، قد يكون النجاح الحقيقي لصندوق أوبك مرهونًا بقدرته على تنفيذ مشاريع قابلة للحياة في بيئة معقدة سياسيًا وأمنيًا، ولكنها في الوقت ذاته متعطشة لأي دعم اقتصادي يمكنه إحداث فرق ملموس.
نحو استراتيجية تمويل متقدمة
أعلن صندوق أوبك للتنمية الدولية ضمن خطته التوسعية، التزامًا بقيمة 20 مليار دولار، تُوظف في مشاريع تنموية متنوعة، مع تركيز خاص على الطاقة والبنية التحتية وتمويل المناخ. هذه الاستثمارات، وفق الخليفة، ليست مجرد أرقام، بل ترجمة لاستراتيجية تقوم على تعظيم العائد التنموي لكل دولار.
والأهم أن هذه الأموال لا تُمنح بصورة عشوائية، بل وفق معايير فنية صارمة، تضع في الاعتبار الأثر المجتمعي، والاستدامة، وتوافق المشروع مع أولويات الدولة المعنية.
ما الذي تعنيه عودة صندوق أوبك إلى سوريا؟
عودة صندوق أوبك إلى سوريا، إذا ما تم تنفيذها فعليًا، ستكون أكثر من مجرد استئناف تمويل، بل اختبار حقيقي لجدوى التنمية في بيئة ما بعد الصراع. إنها فرصة لإعادة صياغة العلاقة بين التمويل الدولي والدول الخارجة من الأزمات، وفرصة للصندوق لتأكيد مكانته كمؤسسة تنموية رشيقة تستجيب للحاجة ولا تكتفي بالخطط.
وفي عالم يشهد تصدعًا في دور المؤسسات المالية الكبرى، تبدو مقاربة صندوق أوبك أكثر قربًا للواقع: لا وعود فارغة، بل شراكة حقيقية مشروطة بالفعالية، وقابلة للقياس، ومحكومة بالنتائج.
ومع تواصل المفاوضات، تبقى الأنظار معلقة على ما إذا كان التمويل سيتحول إلى تنمية حقيقية تعيد للمجتمعات السورية شيئًا من استقرارها الاقتصادي، وتضع حجر الأساس لنمو ما بعد الحرب... أو ما إذا كانت هذه العودة ستواجه التحديات نفسها التي أحبطت الكثير من المبادرات الدولية السابقة.
في الحالتين، يمثل انخراط صندوق أوبك في الملف السوري علامة فارقة، وفرصة نادرة لإثبات أن التنمية لا تزال ممكنة، حتى في أصعب البيئات وأكثرها هشاشة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المركزي السوري: نفذنا أول تحويل مصرفي دولي عبر "سويفت"
المركزي السوري: نفذنا أول تحويل مصرفي دولي عبر "سويفت"

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 32 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

المركزي السوري: نفذنا أول تحويل مصرفي دولي عبر "سويفت"

وسيكون استئناف المعاملات بين البنوك السورية والأميركية إنجازا رئيسيا في مساعي مسؤولي سوريا الجدد لإعادة دمج البلاد في النظام المالي العالمي بعد حرب أهلية استمرت 14 عاما. وعقد الحصرية أمس الأربعاء مؤتمرا عبر الإنترنت جمع البنوك السورية وعددا من البنوك الأميركية والمسؤولين الأميركيين، ومن بينهم مبعوث واشنطن إلى سوريا توماس باراك، بهدف تسريع إعادة ربط النظام المصرفي السوري بالنظام المالي العالمي. ويأتي ذلك في أعقاب إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مايو أنه سيتم رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا. وأعقب ذلك صدور أوامر تنفيذية برفع بعض العقوبات رسميا. وستشكل إعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي خطوة كبيرة نحو إتاحة المعاملات المالية الكبيرة اللازمة لبدء إعادة الإعمار والنشاط الاقتصادي، والمساعدة في كبح الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية القائمة على النقد. ووجه الحصرية دعوة رسمية للبنوك الأميركية لإعادة العلاقات المصرفية بعد الإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، الذي أدى قمعه للاحتجاجات عام 2011 إلى فرض الدول الغربية لواحد من أكثر أنظمة العقوبات صرامة في العالم. وقال الحصرية "لدينا هدفان واضحان: أن تنشيء البنوك الأميركية مكاتب تمثلها في سوريا واستئناف المعاملات بين البنوك السورية والأميركية. وأعتقد أن الهدف الثاني يمكن أن يحدث في غضون أسابيع". ومن بين البنوك التي دُعيت إلى مؤتمر أمس الأربعاء بنك جيه.بي مورغان وبنك مورغان ستانلي وسيتي بنك، لكن لم يتضح بعد من شاركوا بالفعل في المؤتمر.

بنك إنجلترا يثبت الفائدة وسط مخاوف تباطؤ نمو الاقتصاد البريطاني
بنك إنجلترا يثبت الفائدة وسط مخاوف تباطؤ نمو الاقتصاد البريطاني

البيان

timeمنذ 35 دقائق

  • البيان

بنك إنجلترا يثبت الفائدة وسط مخاوف تباطؤ نمو الاقتصاد البريطاني

ثبّت بنك إنجلترا سعر الفائدة الرئيس في اجتماع الخميس، كما كان متوقعاً، وسط مخاوف مستمرة بشأن تباطؤ نمو الاقتصاد البريطاني، مع ضعف سوق العمل. صوّت 6 أعضاء من أصل 9 في لجنة السياسة النقدية، لصالح تثبيت سعر الفائدة عند 4.25 %، في حين أيد ثلاثة أعضاء خفض الفائدة 25 نقطة أساس إلى 4 %. وأكدت اللجنة أن السياسة النقدية تُدار بهدف تحقيق معدل تضخم مستهدف يبلغ 2 %، بطريقة تدعم النمو الاقتصادي والتوظيف، عبر نهج استشرافي متوسط الأجل، يوازن بين احتواء الضغوط التضخمية واستقرار التوقعات. وتسجّل معدلات التضخم في بريطانيا حالياً نسبة 3.4 %، أي أعلى من هدف البنك البالغ 2 %، ما يجعل صنّاع السياسة النقدية أكثر حذراً حيال الارتفاع الحاد في أسعار النفط، التي تجاوزت 75 دولاراً للبرميل في الأيام الأخيرة. وكان التوجّه السائد لدى البنك، يتمثل في أن التضخم سيبقى مرتفعاً خلال الأشهر المقبلة، لكنه سيبدأ بالتراجع تدريجياً العام المقبل. غير أن الارتفاع الأخير في أسعار الطاقة، قد يُفسد هذه التوقّعات. ومع ذلك، لا تزال الضبابية تكتنف نتائج سياسة الرسوم الجمركية العالمية التي ينتهجها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في وقتٍ تضيف فيه التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط ضغوطاً تضخمية إضافية. وتزيد هذه الضغوط، إلى جانب الأداء الضعيف للاقتصاد البريطاني، الذي انكمش بنسبة 0.3 % في أبريل/ نيسان، من تعقيد مهمة البنك المركزي في تحديد توقيت اتخاذ قرار بخفض الفائدة. وبحسب استطلاع أجرته وكالة رويترز، يتوقّع معظم الاقتصاديين أن يُقدم بنك إنجلترا على خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في اجتماعه المقبل في أغسطس، يتبعها خفض مماثل في الربع الأخير من العام.

موسكو تحذر واشنطن من أي تدخل عسكري في النزاع بين إيران وإسرائيل
موسكو تحذر واشنطن من أي تدخل عسكري في النزاع بين إيران وإسرائيل

الإمارات اليوم

timeمنذ 36 دقائق

  • الإمارات اليوم

موسكو تحذر واشنطن من أي تدخل عسكري في النزاع بين إيران وإسرائيل

حذّرت روسيا الخميس الولايات المتحدة من التدخل عسكريا ضد إيران وسط تكهنات حول ما إذا كانت واشنطن ستدخل الحرب إلى جانب إسرائيل. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للصحافيين "نود أن نحذّر واشنطن خصوصا من التدخل عسكريا في الوضع والذي سيكون خطوة خطرة للغاية ذات عواقب سلبية لا يمكن توقعها".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store