logo
ذكرى فك الارتباط.. 31 عامًا من النضال في وجه الإقصاء والتهميش

ذكرى فك الارتباط.. 31 عامًا من النضال في وجه الإقصاء والتهميش

الأمناء منذ 2 أيام

في الحادي والعشرين من مايو 1994 أعلن الرئيس الجنوبي علي سالم البيض من مدينة المكلا قرار فك الارتباط بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، وذلك بعد أن شنّ نظام علي عبدالله صالح عدوانًا عسكريًا على الجنوب، ضاربًا عرض الحائط وثيقة العهد والاتفاق التي رعتها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك الحسين بن طلال في عمّان.
ومنذ اللحظة الأولى، صنّف نظام صنعاء هذه الحرب تحت مسمى (حرب الردة والانفصال) وهو توصيف يعكس الخلفية العقائدية التي تم تسويق العدوان بها، ليواجه الجنوب ليس فقط بغزو عسكري، بل بحملة تجريم وتكفير ممنهجة، لم تراعِ قيم الدين ولا حرمة الجوار ولا صلة القربى.
ولم يكن الصراع وليد لحظته، بل امتدادًا لعقود من التوتر بين مشروعين متناقضين: عدن المدنية المتسامحة، في مواجهة نظام تقليدي يتكئ على العصبية الدينية والقبلية. وكان ذلك اليوم محطة فارقة تعرّت فيها الشعارات القومية، التي انساق خلفها الجنوب يومًا بحسن نية وعاطفة، أملاً في وحدة مصير عربي واحتضان قضايا التحرر.
الجنوب، الذي احتضن بعد الاستقلال حركات النضال العربي – اليمنية والفلسطينية والظفارية – دفع ثمنًا باهظًا لمواقفه، لكنه قوبل بالغدر، وخصوصًا من الجار الشمالي. ومع ذلك، استمر في دعمه للفلسطيني، حتى جاءت صدمة الاجتياح في صيف 1994.
حينها، اجتاحت المجنزرات اليمنية أرض الجنوب، مدعومة بعناصر ما سُمّي بـ"الأفغان العرب"، تقصف البيوت وتكفّر السكان. فكان الجنوب أول أرض في العصر الحديث تُطلق ضدها فتوى تكفير جماعي، لتبرير النهب والتوسع، بغطاء ديني ومباركة من جماعات متشددة، وعلى رأسها الإخوان المسلمون.
وكان هدف الغزاة واضحًا: تصفية ما تبقى من مشروع الدولة المدنية، والانتقام من النظام الجنوبي الذي حظر الجماعات المتطرفة. ومع هذا الاجتياح، فُتح الباب أمام التنظيمات الإرهابية، فتحوّل الجنوب إلى ساحة نشاط للقاعدة، ومنطلقًا لهجماتها نحو العمق السعودي.
لكن المخطط لم ينجح كما أُريد له. ففي 1997 اندلعت انتفاضة المكلا، وتبعتها شرارة الحراك السلمي من ردفان في 2007، لتتشكل معالم نضال جنوبي جديد. وبرغم التهميش في المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار، ظل الجنوب متمسكًا بثوابته وحقه في استعادة دولته.
ثم جاءت عاصفة الحزم، لتعيد خلط الأوراق. فعاد الغزاة، عبر الحوثيين وحلفائهم، لغزو الجنوب، لكن هذه المرة كانت المقاومة أكثر تنظيمًا، وكان للأشقاء في الإمارات دور محوري في تحرير عدن وتطهير المحافظات من الإرهاب والميليشيات.
واليوم، في الذكرى الحادية والثلاثين لإعلان فك الارتباط، تفرض اللحظة على الجيل المعاصر أن يدرك أن المعركة لم تكن فقط لاستعادة حدود، بل لاستعادة الروح الجنوبية: المتسامحة، المتنورة، والرافضة للظلام.
الجنوب عبر التاريخ كان منارة فكرية وحضارية، ومهدًا للتعايش والتسامح. وعلى هذا الجيل أن يحمي هذا الإرث، من أفكار التكفير، ومن مشاريع القمع، وأن يواصل مسيرة بناء وطن لا يعرف الطغيان، ولا يساوم على الكرامة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البيض عن فشل الوحدة: مركزية صنعاء وأزمة ثقة وإلحاق قسري
البيض عن فشل الوحدة: مركزية صنعاء وأزمة ثقة وإلحاق قسري

حضرموت نت

timeمنذ 2 أيام

  • حضرموت نت

البيض عن فشل الوحدة: مركزية صنعاء وأزمة ثقة وإلحاق قسري

أكد عمر البيض، الممثل الخاص لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي للشؤون الخارجية، أنه في لحظة مفصلية من تاريخ المنطقة، اختار علي سالم البيض أن يخوض تجربة الوحدة اليمنية في مايو 1990. وأوضح في منشور على حسابه بمنصة إكس اليوم الأربعاء أنه 'لم يكن ذلك القرار مجرد خطوة سياسية، بل كان تعبيرًا عن رؤية قومية عميقة، سعت إلى تجاوز الانقسام العربي السائد، وتطبيق فكرة الوحدة من خلال تجربة ملموسة، لا عبر الخطابات والشعارات'. وأضاف 'كان البيض يحمل مشروعًا يتجاوز اليمن، متطلعًا إلى أن تكون وحدة الشمال والجنوب نواةً لمشروع عربي أكبر، طالما ظل حبيس التنظير في أدبيات القومية العربية منذ منتصف القرن العشرين'. ولفت إلى أنه 'من خلال اليمن، أراد أن يختبر إمكانية تحقيق وحدة عربية تنطلق من الأرض، لا من فوقها'، مشيرا إلى أنه 'في قمة بغداد 1990، وبعد أيام من إعلان الوحدة، قال البيض أمام القادة العرب 'جربنا الاشتراكية في الجنوب، والرأسمالية في الشمال، فلا هذه بنتنا ولا تلك، وبنينا جيوشًا ضد بعضنا، لا ضد العدو، ولو عدنا إلى النفط، لكان سلاحًا يستخدمه كل منا ضد الآخر'. ورأى أنه 'كانت هذه لحظة نادرة من الصراحة السياسية، أعلن فيها خيبة الأمل من النماذج المستوردة، ودعا إلى مشروع عربي منبثق من الواقع، لا مفروض عليه'، مستدركا 'لكن هذه الرؤية اصطدمت سريعًا بتحديات الواقع. فقد ظهرت التصدعات البنيوية في الكيان الموحد، وغابت آليات واضحة لتقاسم السلطة والثروة'. وتابع 'سيطرت النزعة المركزية من صنعاء، مما عمّق أزمة الثقة وأضعف فكرة الشراكة، فتحولت الوحدة من أمل بالاندماج والتكامل، إلى عبء سياسي واقتصادي، انتهى بحرب 1994 وتجدد النزعة الانفصالية'. واعتبر أن 'قيمة هذه التجربة تكمن في أنها لم تكن مجرد محاولة سياسية فاشلة، بل لحظة ديالكتيكية في مسار الوعي القومي العربي'، موضحا 'لقد كشفت أن الفكرة القومية، مهما بدت نبيلة، لا يمكن أن تصمد دون عدالة، وشفافية، وشراكة متوازنة'. وقال إن 'رفع شعار الوحدة لا يغني عن بناء الثقة، ولا يُبرّر تجاوز الخصوصيات الوطنية، ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى هذه التجربة كمجرد فشل، بل هي مختبر تاريخي لفهم تعقيدات الفكرة القومية'. ونبه إلى أن التجربة 'بينت أن الدولة الوطنية ليست خصمًا للوحدة، بل أساسها، وأن المشروع العربي، لكي يُكتب له النجاح، يجب أن يُبنى على احترام الفروقات، لا طمسها، وعلى التكامل الطوعي لا الإلحاق القسري'. واستطرد 'لقد كانت تجربة علي سالم البيض، بما فيها من طموح وألم، آخر المحاولات الجادة لإحياء الفكرة القومية من داخل الواقع العربي لا من خارجه، لكنها، في الوقت ذاته، كشفت أن المشروع القومي العربي بصيغته التقليدية قد بلغ نهايته، ولم يعد ممكنًا تجاهل حقيقة أن هذا الخطاب، الذي وُلد في زمن الاستعمار والانقلابات، لم يعد قادرًا على مواكبة تعقيدات الدولة الوطنية الحديثة ولا طموحات شعوبها'. وقال إن الرهان على القومية العربية كان يجب ألّا يعني تجاوز الدول الوطنية أو إنكار هويتها، بل الانطلاق منها لبناء مشروع عربي أكثر نضجًا، أكثر عدلاً، وأكثر اتصالًا بالشعوب، فكما كشفت التجربة اليمنية حدود الطموح دون مؤسسات حامية، فقد أثبتت أيضًا أن الوحدة لا تُفرض، بل تُبنى'. ورأى أن التفكير في أي مشروع عربي اليوم لا يمكن أن يستند إلى أوهام التوحيد القسري أو النوستالجيا السياسية، بل ينبغي أن يبدأ من القواعد الواقعية: من احترام التنوع، ومن الاعتراف بأن الدولة الوطنية ليست عقبة، بل ركيزة. وتساءل: 'فهل آن الأوان لنعيد تعريف المشروع العربي من خلال ما هو قابل للبناء، لا من خلال ما هو محكوم بالتخييل؟'.

ذكرى فك الارتباط.. 31 عامًا من النضال في وجه الإقصاء والتهميش
ذكرى فك الارتباط.. 31 عامًا من النضال في وجه الإقصاء والتهميش

الأمناء

timeمنذ 2 أيام

  • الأمناء

ذكرى فك الارتباط.. 31 عامًا من النضال في وجه الإقصاء والتهميش

في الحادي والعشرين من مايو 1994 أعلن الرئيس الجنوبي علي سالم البيض من مدينة المكلا قرار فك الارتباط بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية العربية اليمنية، وذلك بعد أن شنّ نظام علي عبدالله صالح عدوانًا عسكريًا على الجنوب، ضاربًا عرض الحائط وثيقة العهد والاتفاق التي رعتها المملكة الأردنية الهاشمية بقيادة الملك الحسين بن طلال في عمّان. ومنذ اللحظة الأولى، صنّف نظام صنعاء هذه الحرب تحت مسمى (حرب الردة والانفصال) وهو توصيف يعكس الخلفية العقائدية التي تم تسويق العدوان بها، ليواجه الجنوب ليس فقط بغزو عسكري، بل بحملة تجريم وتكفير ممنهجة، لم تراعِ قيم الدين ولا حرمة الجوار ولا صلة القربى. ولم يكن الصراع وليد لحظته، بل امتدادًا لعقود من التوتر بين مشروعين متناقضين: عدن المدنية المتسامحة، في مواجهة نظام تقليدي يتكئ على العصبية الدينية والقبلية. وكان ذلك اليوم محطة فارقة تعرّت فيها الشعارات القومية، التي انساق خلفها الجنوب يومًا بحسن نية وعاطفة، أملاً في وحدة مصير عربي واحتضان قضايا التحرر. الجنوب، الذي احتضن بعد الاستقلال حركات النضال العربي – اليمنية والفلسطينية والظفارية – دفع ثمنًا باهظًا لمواقفه، لكنه قوبل بالغدر، وخصوصًا من الجار الشمالي. ومع ذلك، استمر في دعمه للفلسطيني، حتى جاءت صدمة الاجتياح في صيف 1994. حينها، اجتاحت المجنزرات اليمنية أرض الجنوب، مدعومة بعناصر ما سُمّي بـ"الأفغان العرب"، تقصف البيوت وتكفّر السكان. فكان الجنوب أول أرض في العصر الحديث تُطلق ضدها فتوى تكفير جماعي، لتبرير النهب والتوسع، بغطاء ديني ومباركة من جماعات متشددة، وعلى رأسها الإخوان المسلمون. وكان هدف الغزاة واضحًا: تصفية ما تبقى من مشروع الدولة المدنية، والانتقام من النظام الجنوبي الذي حظر الجماعات المتطرفة. ومع هذا الاجتياح، فُتح الباب أمام التنظيمات الإرهابية، فتحوّل الجنوب إلى ساحة نشاط للقاعدة، ومنطلقًا لهجماتها نحو العمق السعودي. لكن المخطط لم ينجح كما أُريد له. ففي 1997 اندلعت انتفاضة المكلا، وتبعتها شرارة الحراك السلمي من ردفان في 2007، لتتشكل معالم نضال جنوبي جديد. وبرغم التهميش في المبادرة الخليجية ومؤتمر الحوار، ظل الجنوب متمسكًا بثوابته وحقه في استعادة دولته. ثم جاءت عاصفة الحزم، لتعيد خلط الأوراق. فعاد الغزاة، عبر الحوثيين وحلفائهم، لغزو الجنوب، لكن هذه المرة كانت المقاومة أكثر تنظيمًا، وكان للأشقاء في الإمارات دور محوري في تحرير عدن وتطهير المحافظات من الإرهاب والميليشيات. واليوم، في الذكرى الحادية والثلاثين لإعلان فك الارتباط، تفرض اللحظة على الجيل المعاصر أن يدرك أن المعركة لم تكن فقط لاستعادة حدود، بل لاستعادة الروح الجنوبية: المتسامحة، المتنورة، والرافضة للظلام. الجنوب عبر التاريخ كان منارة فكرية وحضارية، ومهدًا للتعايش والتسامح. وعلى هذا الجيل أن يحمي هذا الإرث، من أفكار التكفير، ومن مشاريع القمع، وأن يواصل مسيرة بناء وطن لا يعرف الطغيان، ولا يساوم على الكرامة.

فاجعة تهز الضالع: وفاة طفل داخل بئر تثير غضبًا واسعًا
فاجعة تهز الضالع: وفاة طفل داخل بئر تثير غضبًا واسعًا

الأمناء

time٠٥-٠٤-٢٠٢٥

  • الأمناء

فاجعة تهز الضالع: وفاة طفل داخل بئر تثير غضبًا واسعًا

خيمت حالة من الحزن والغضب الشديدين على مديرية الأزارق بمحافظة الضالع، إثر الفاجعة المؤلمة التي أودت بحياة الطفل البريء أمير عبدالله صالح، الذي لقي حتفه داخل بئر في مشهد مأساوي هز قلوب الأهالي. وعبر الكاتب علوي الابحن، في منشورة عبر حسابه منصة فيسبوك ، عن ألمه العميق وحزنه الذي لا يوصف لفقدان الطفل أمير، مؤكدًا أن هذه الحادثة ليست مجرد مأساة فردية، بل هي "صرخة مدوية تكشف عن الإهمال والتهميش الذي يعاني منه أبناء هذه المنطقة، وتضعنا جميعًا أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية لا يمكن تجاهلها". ووصف الابحن حالة العجز التي انتابت المواطنين وهم يشاهدون المشهد المروع ويحاولون بكل ما أوتوا من قوة إنقاذ الروح البريئة، لكن "غياب الإمكانيات والمعدات اللازمة حال دون ذلك". وتساءل بغضب واستنكار: "كيف يمكن أن يُترك أبناء هذه المناطق لمواجهة مثل هذه الكوارث دون دعم أو تدخل من الجهات المسؤولة؟ كيف يمكن أن تستمر هذه المعاناة دون أن تتحرك السلطات المحلية لتوفير ما يلزم لإنقاذ الأرواح؟" وشدد الكاتب على أن "أرواح الأطفال ليست مجرد أرقام تُحصى، بل هي أمانة في أعناقنا جميعًا"، معتبرًا وفاة الطفل أمير "جرس إنذار لكل مسؤول، ودعوة عاجلة للتحرك الفوري". ووجه الابحن نداءً عاجلاً إلى السلطات المحلية في محافظة الضالع وخاصة مديرية الأزرق لتحمل مسؤولياتها تجاه أبناء هذه المناطق والعمل على "توفير المعدات والفرق المتخصصة للتعامل مع مثل هذه الحوادث الطارئة". كما دعا إلى "وضع خطة شاملة لتحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية التي تضمن سلامة المواطنين في جميع المحافظات"، مؤكدًا أن "أرواح الأبرياء لا يجب أن تكون ضحية للإهمال أو التهميش، بل يجب أن تكون أولوية قصوى في كل خطط التنمية والإصلاح". واختتم الابحن في منشوره بتعازيه الحارة لأسرة الفقيد، سائلاً الله أن يلهمهم الصبر والسلوان، ومعربًا عن أمله في أن تكون هذه الحادثة الأليمة "بداية لتحرك جاد يعيد الأمل لأبناء هذه المنطقة، ويضع حدًا للإهمال الذي يهدد حياتهم"، مؤكدًا أن الجميع اليوم أمام "مسؤولية أخلاقية وإنسانية، فلا تتركوا هذه الصرخة تمر دون استجابة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store