logo
عبدالعزيز بوحجي.. رمز الوعي المروري ومربي أجيال السلامة

عبدالعزيز بوحجي.. رمز الوعي المروري ومربي أجيال السلامة

برحيل الأستاذ عبدالعزيز بوحجي خسر الوطن واحدًا من أنبل رجاله الذين وهبوا حياتهم لخدمة المجتمع، ليس بالكلمة فحسب، بل بالفعل والمبادرة. لقد كان الفقيد، رحمه الله، رمزًا من رموز التوعية المرورية في البحرين، وأحد الرواد الذين أسسوا ثقافة السلامة لدى أجيال متعاقبة.
طوال مسيرته المهنية، لم يدخر المرحوم جهدًا في رفع مستوى الوعي المروري عبر برامج إذاعية وتلفزيونية تركت أثرها العميق في المجتمع البحريني. يكفي أن نذكر برنامجه الإذاعي المميز 'طريق الأمان'، والذي قدمه عبر أثير إذاعة البحرين، وبرنامج 'لمحات من تاريخ المرور في البحرين'، إلى جانب إعداد وتقديم برامج تلفزيونية مثل 'مرور مئة عام' الذي وثق فيه تاريخ دخول السيارات إلى المملكة وتطور النقل والمواصلات فيها. ولم تقتصر جهوده على الكبار فقط، بل آمن بأن غرس مبادئ السلامة المرورية يبدأ مع النشء، فقدم برنامج 'المرور والطفل'، ليزرع في قلوب الأطفال قيم احترام الطريق وأهمية الالتزام بقواعد السير بأسلوب مبسط وتثقيفي. فقد عرف الفقيد بين زملائه وفي الأوساط الإعلامية بلقب 'خبير التوعية المرورية'، وكان قدوة في الالتزام بالقيم الوطنية والعمل الدؤوب بلا كلل أو ملل، حتى آخر أيام حياته. لقد آمن برسالة التوعية وظل مخلصًا لها، حتى أصبح اسمه مقترنًا بكل مبادرة تهدف إلى تعزيز ثقافة المرور الآمن في البحرين.
شخصيًّا تعاملت معه عدة مرات من خلال استضافته لإلقاء محاضرات توعوية لموظفي الشركة التي كنت أعمل فيها، ولا أنسى أسلوبه الجميل والممتع والمشوق مع روحه الفكاهية في إيصال المعلومة إلى جمهوره. أتذكر أن أحد العاملين قال لي بالحرف الواحد إن مكان هذا الرجل الجنة بسبب ما يقوم به من عمل إنساني نبيل.
وقد كنت كغيري متابعًا، بل توّاقًا لمتابعة برنامجه الصباحي اليومي وأنا ذاهب إلى مقر عملي، فكان بحق مبدعًا في توصيل رسالته إلى كل المستمعين باللهجة المحرقية الأصيلة.
لا شك أننا اليوم بأمسّ الحاجة إلى وجود أشخاص مثل المرحوم عبدالعزيز وإن تغيرت وتطورت وسائل الإعلام المختلفة، لكن يبقى الأمر أكثر أهمية بسبب الزيادة في الحوادث المرورية وعدم الالتزام بالأنظمة، والمخالفات المرورية للقوانين التي وضعت لسلامتهم.
شخصيًّا كتبت في مقال سابق عن ضرورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها لنشر رسائل توعوية خصوصًا بالهيئات الحكومية الخدمية والتعليمية وذلك لنشر ثقافة راقية في مختلف مناحي الحياة.
الخلاصة.. إن الإرث الإعلامي والوطني الذي تركه عبدالعزيز بوحجي سيبقى خالدًا في ذاكرة الوطن، فهو مصدر فخر للأجيال القادمة، ودليل على أن العمل الصادق لا يضيع أثره مهما طال الزمن، ويصدق في حقه قول الأثر: 'إنما يخلد ذكر الإنسان ما قدّمه من خير، وما غرسه من أثر طيب في النفوس'، فقد غرس عبدالعزيز بوحجي، رحمه الله، الخير والعلم والوعي في نفوس أجيال ستظل تذكره بالدعاء والوفاء.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025
د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025

البلاد البحرينية

time٠٦-٠٥-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

د.محمد الزكري بوحجي ومسار اللؤلؤ 2008-2009 الثلاثاء 06 مايو 2025

من منا لم يستمتع يوماً بالاستماع إلى صوت عبدالعزيز بوحجي، رحمه الله تعالى، بإلقائه الإذاعي الفريد وصوته الدافئ الذي رافقنا عبر أثير الإذاعة في برامج خالدة مثل "مع بوحجي"، و"طريق الأمان"، و"سكة السلامة"؟ لكن ما لا يعرفه كثيرون هو أنني في عام 2008 كنت على موعد مختلف تماماً مع هذه العائلة الكريمة، لقاء جمع بين التراث الحي والعمل الوطني. كنت حينها أحد أفراد الطاقم المشارك في إعداد دوسية ترشيح "مسار اللؤلؤ في المحرق" لتسجيله على قائمة التراث العالمي لدى اليونسكو. المشروع كان بقيادة الخبيرة الألمانية برتا رودلف، وبمساندة الشيخ إبراهيم الخليفة، وإيفا باتيس، وغسان، وألبرتوم، وشخصي المتواضع. كنا نغوص في فرجان المحرق العتيقة، نستقصي حياة تجار اللؤلؤ، نبحث في خرائط الذاكرة والبناء، ونعيد رسم ملامح مدينة بنت مجدها على جوهرة البحر. أحد المشاهد التي لا تزال راسخة في ذاكرتي، كان يوم زرنا مجلس بوحجي العامر في فريج البنعلي العريق الكائن في شرق المحرق. منزل شُيّد عام 1927 فوق أرض مطلة على البحر، وكان يوماً ما ملتقىً لتجار اللؤلؤ وروّاد البحر. لكن المفاجأة لم تكن في جمال المكان فحسب، بل في الشخص الذي استقبلنا وفتح لنا أبواب الذاكرة: عبدالعزيز بن محمد بن يوسف بوحجي، حفيد يوسف بن عيسى بوحجي آل ماضي التميمي (1889 – 1979)، أحد كبار تجار اللؤلؤ في البحرين. دار بيننا حديث طويل ومفعم بالتاريخ، روى لنا فيه عبدالعزيز سيرة جده الذي ترأس لجنة اللؤلؤ في البحرين، والمسؤول عن تصنيف اللؤلؤ الطبيعي بالتعاون مع عائلة دململ الهندية. كان يوسف بوحجي من القلائل الذين تميزوا بقدرتهم الفائقة على تمييز أنواع اللؤلؤ، وقد أسس مع شركائه شركة عرفية جمعت بين المعرفة المحلية والخبرة الخارجية. ومن الذكريات التي رواها لنا عبدالعزيز، أن جده بنى "دكة" إسمنتية خارج المجلس لجلوس الضيوف في ظل غياب المكيفات. وكان لديهم راديو يعمل ببطارية كبيرة، يحملونه حتى في رحلاتهم البحرية ليستمعوا إلى أخبار الحرب العالمية الثانية، في وقت كانت فيه المعلومة أثمن من الذهب. الفقيد عبدالعزيز بن محمد بن يوسف بوحجي، رحمه الله، لم يكن مجرد إعلامي، بل كان مدرسة في التوعية المرورية، وشخصية وطنية كرّست حياتها لخدمة المجتمع، بأسلوب بسيط ومحبب وفعّال. قليلون هم من يتركون بصمة صوتية وإعلامية خالدة في ذاكرة الوطن، والأقل من يواصلون رسالتهم بعد التقاعد بإيمان حقيقي بأهمية ما يقدمونه. ما أود التأكيد عليه في هذه المقالة، أن عبدالعزيز بوحجي كان شاهداً على العصر الجميل، وناقل أخبارٍ من ذاكرة اللؤلؤ. لقد قدّم لنا معلومات توثيقية ثمينة أعانتنا في كتابة التاريخ الاقتصادي للبحرين من خلال سرد شخصي وحيّ. كانت تلك اللحظات من أثمن ما خرجت به من تجربة إعداد الملف، ليس فقط لأننا كنا نؤسس لمسار سيدخل في سجلات التراث العالمي لاحقاً، بل لأننا التقينا بأناس حفظوا ذاكرة البحر ورووا لنا حكاياته بحب ووفاء. إن عملي ضمن مشروع "مسار اللؤلؤ" أتاح لي فرصة لقاء شخصيات وطنية خالدة، وبعد تسجيل الموقع في قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 2012، أصبحت هذه الذاكرة جزءاً من سجل الثقافة العالمية. في ذلك المجلس، لم يكن الحديث عن تجارة فحسب، بل عن هوية بحرية، عن حلمٍ بلون البحر، ولؤلؤة اختصرت حكاية أمة كاملة. نسأل الله أن يتغمّده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، وأن يجعل علمه وعطاءه في ميزان حسناته.

عبدالعزيز بوحجي.. رمز الوعي المروري ومربي أجيال السلامة
عبدالعزيز بوحجي.. رمز الوعي المروري ومربي أجيال السلامة

البلاد البحرينية

time٠٢-٠٥-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

عبدالعزيز بوحجي.. رمز الوعي المروري ومربي أجيال السلامة

برحيل الأستاذ عبدالعزيز بوحجي خسر الوطن واحدًا من أنبل رجاله الذين وهبوا حياتهم لخدمة المجتمع، ليس بالكلمة فحسب، بل بالفعل والمبادرة. لقد كان الفقيد، رحمه الله، رمزًا من رموز التوعية المرورية في البحرين، وأحد الرواد الذين أسسوا ثقافة السلامة لدى أجيال متعاقبة. طوال مسيرته المهنية، لم يدخر المرحوم جهدًا في رفع مستوى الوعي المروري عبر برامج إذاعية وتلفزيونية تركت أثرها العميق في المجتمع البحريني. يكفي أن نذكر برنامجه الإذاعي المميز 'طريق الأمان'، والذي قدمه عبر أثير إذاعة البحرين، وبرنامج 'لمحات من تاريخ المرور في البحرين'، إلى جانب إعداد وتقديم برامج تلفزيونية مثل 'مرور مئة عام' الذي وثق فيه تاريخ دخول السيارات إلى المملكة وتطور النقل والمواصلات فيها. ولم تقتصر جهوده على الكبار فقط، بل آمن بأن غرس مبادئ السلامة المرورية يبدأ مع النشء، فقدم برنامج 'المرور والطفل'، ليزرع في قلوب الأطفال قيم احترام الطريق وأهمية الالتزام بقواعد السير بأسلوب مبسط وتثقيفي. فقد عرف الفقيد بين زملائه وفي الأوساط الإعلامية بلقب 'خبير التوعية المرورية'، وكان قدوة في الالتزام بالقيم الوطنية والعمل الدؤوب بلا كلل أو ملل، حتى آخر أيام حياته. لقد آمن برسالة التوعية وظل مخلصًا لها، حتى أصبح اسمه مقترنًا بكل مبادرة تهدف إلى تعزيز ثقافة المرور الآمن في البحرين. شخصيًّا تعاملت معه عدة مرات من خلال استضافته لإلقاء محاضرات توعوية لموظفي الشركة التي كنت أعمل فيها، ولا أنسى أسلوبه الجميل والممتع والمشوق مع روحه الفكاهية في إيصال المعلومة إلى جمهوره. أتذكر أن أحد العاملين قال لي بالحرف الواحد إن مكان هذا الرجل الجنة بسبب ما يقوم به من عمل إنساني نبيل. وقد كنت كغيري متابعًا، بل توّاقًا لمتابعة برنامجه الصباحي اليومي وأنا ذاهب إلى مقر عملي، فكان بحق مبدعًا في توصيل رسالته إلى كل المستمعين باللهجة المحرقية الأصيلة. لا شك أننا اليوم بأمسّ الحاجة إلى وجود أشخاص مثل المرحوم عبدالعزيز وإن تغيرت وتطورت وسائل الإعلام المختلفة، لكن يبقى الأمر أكثر أهمية بسبب الزيادة في الحوادث المرورية وعدم الالتزام بالأنظمة، والمخالفات المرورية للقوانين التي وضعت لسلامتهم. شخصيًّا كتبت في مقال سابق عن ضرورة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشتى أنواعها لنشر رسائل توعوية خصوصًا بالهيئات الحكومية الخدمية والتعليمية وذلك لنشر ثقافة راقية في مختلف مناحي الحياة. الخلاصة.. إن الإرث الإعلامي والوطني الذي تركه عبدالعزيز بوحجي سيبقى خالدًا في ذاكرة الوطن، فهو مصدر فخر للأجيال القادمة، ودليل على أن العمل الصادق لا يضيع أثره مهما طال الزمن، ويصدق في حقه قول الأثر: 'إنما يخلد ذكر الإنسان ما قدّمه من خير، وما غرسه من أثر طيب في النفوس'، فقد غرس عبدالعزيز بوحجي، رحمه الله، الخير والعلم والوعي في نفوس أجيال ستظل تذكره بالدعاء والوفاء.

عبدالعزيز بوحجي نور المعرفة بين الأجيال
عبدالعزيز بوحجي نور المعرفة بين الأجيال

البلاد البحرينية

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • البلاد البحرينية

عبدالعزيز بوحجي نور المعرفة بين الأجيال

لا يمكن لأحد منا أن ينتهي من سرد ذكرياته مع رائد التوعية المرورية في مملكة البحرين والخليج العم عبدالعزيز محمد يوسف بوحجي الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد مسيرة حافلة بالعطاء والخير والإنجازات في مجال عمله التوعوي الذي سيظل شاهدًا على إخلاصه وتفانيه. عاش طوال عمره في محراب التوعية المرورية يبحث ليعود في تواضع ويتحدث للصغير والكبير، وكان أسلوبه البسيط انعكاسًا لروحه الطيبة الخيرة وفكرته الناعمة وبلاغته العميقة. كان صاحب منهج في الإذاعة والتلفزيون تخرج منه كثير من الإعلاميين والكتّاب، ينطلق على سجيته في المحاضرات التوعوية التي كان يقدمها بسعادة في المدارس الحكومية والأندية وغيرها، قوة وصلابة وثقة ومنطق آخاذ وجدل موضوعي، وأستذكر العم عبدالعزيز بوحجي رحمه الله حينما أهداني 'راديو صغير' على شكل علبة بيبسي كولا بداية الثمانينيات، حيث شاركت في مسابقة الرسم بالمدارس وفازت لوحتي بالمركز الثالث، وهو من طلب مشاركتي في المسابقة عن طريق والدي محمد الماجد رحمه الله الذي تربطه به صداقة عجيبة، كحال أبناء ذلك الجيل وقلوبهم النقية الصافية. كان رحمه الله بمثابة موسوعة إعلامية وإحصائية في حقل الثقافة والسلامة المرورية ودليل ومصدر توثيقي ومرجع لا غنى عنه يبث نور المعرفة بين الأجيال، بل كان هو المنبع الفياض الوحيد الذي اغترف منه المجتمع البحريني بأسره السلامة المرورية والأمن على الطريق في ذلك الوقت، عبر برنامجه الشهير 'طريق الأمان'، ما رسّخ أصول الثقافة المرورية وتغذية العقول وتحديد أفضل الممارسات الكفيلة بحفظ أرواح السائقين. رحم الله العم عبدالعزيز بوحجي وأسكنه فسيح جناته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store