
وزيرة التخطيط: مصر نفذت نهجًا استباقيًا لتعزيز إدارة الديون عبر أدوات التمويل المبتكرة
وأوضحت الدكتورة رانيا المشاط، في كلمتها، أن الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أنفقت 1.4 تريليون دولار على خدمة ديونها في عام 2023، وباستثناء الصين، بلغ هذا العبء قرابة تريليون دولار أمريكي، أي ضعف ما كان عليه قبل عقد من الزمن، مضيفة أنه قد ازدادت تكلفة الاقتراض بشكل متزايد خاصة في عام 2023، حيث واجهت الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط أسعار فائدة مرتفعة تُعد هي الأعلى منذ الأزمة المالية العالمية، فضلا عن أكثر من 60% من الدول منخفضة الدخل تعاني الآن من ضائقة ديون أو معرضة لخطر كبير. وبدون تدخل، من المتوقع أن يتجاوز الدين العام العالمي 100% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030.
وتحدثت عن الاستجابات الوطنية حيث اتخذت مصر نهجاً استباقياً في تعزيز إدارة وإصلاح الديون المستدامة، مستفيدةً من الأدوات المبتكرة والشراكات الاستراتيجية، من بينها تنفيذ برنامجي مبادلة الديون مع ألمانيا وإيطاليا بقيمة تجاوزت 900 مليون دولار، وتوقيع اتفاق يُعد الأول من نوعه مع الصين، وقد نجحت هذه البرامج في إعادة توجيه التزامات السداد نحو القطاعات ذات الأولوية، بما في ذلك الصحة والتعليم والعمل المناخي، مما أدى إلى مواءمة التمويل الخارجي مع أهداف التنمية الوطنية.
وذكرت أنه في إطار استكمال تلك الجهود فقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل (E-INFS)، التي تُمثّل نموذجاً لتعبئة التمويل المستدام لسد الفجوات التنموية وتقليل المخاطر المالية والديون المستقبلية.
كما أشارت إلى الجهود التي بذلتها الدولة لمبادلة الديون بالاستثمارات من خلال الاتفاق التاريخي مع دولة الإمارات العربية المتحدة، بما يحفز جهود جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفي ذات الوقت خفض الأعباء التمويلية، وبالتوازي مع ذلك، عززت مصر ريادتها في مجال التمويل الأخضر من خلال إصدار السندات الخضراء، كما أنها تستكشف المزيد من أدوات التمويل المرتبطة بالاستدامة والتمويل الأزرق لتنويع مصادر تمويلها ودمج الاستدامة البيئية والاجتماعية بشكل أفضل في محفظة ديونها.
وأكدت "المشاط" على ضرورة أن يكون لدينا نظام مالي عالمي أكثر مرونة وتركيزًا على التنمية، ومنح أجندة الإصلاح الشاملة الأولوية لنهج مبتكرة وشفافة وعادلة لإدارة الديون السيادية، فضلاً عن أهمية تعزيز آليات شاملة وجامعة لتسوية الديون السيادية كمحرك رئيسي لتحقيق التنمية المستدامة، وإرساء عمليات عادلة - ترتكز على أطر متعددة الأطراف - تُعالج قيود النهج المُجزأ الحالي لتسويات الديون.
كما أكدت على ضرورة اعتماد مبادئ معتمدة عالميًا للإقراض والاقتراض المسؤول بما في ذلك تجميد السداد التلقائي في أوقات الأزمات، والتركيز على خفض تكلفة ومخاطر الاقتراض بالنسبة للدول النامية، من خلال توسيع نطاق استخدام الأدوات المبتكرة مثل السندات المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة. كما ينبغي تشجيع الدول على استخدام مبادل الدين بالمناخ والديون بالتنمية، شريطة أن تكون مصممة بشكل منصف ومتوافقة مع أولويات التنمية الوطنية.
واتصالاً بالتوصيات الصادرة عن مجموعة خبراء الأمين العام للأمم المتحدة، والتي أشارت إلى أهمية إنشاء منصة لتبادل الخبرات والدعم الفني للاستفادة من آليات التمويل المبتكر وبرامج مبادلة الديون من أجل التنمية؛ سلّطت الدكتورة رانيا المشاط، الضوء على تجربة مصر التي استطاعت ان توازن بين أولوياتها الوطنية والاستفادة من الأدوات المالية المتاحة لدي مؤسسات التمويل الدولية.
ففي عام 2022، أطلقت مصر المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي"، التي تستهدف حشد التمويلات التنموية لتمكين مشاركة القطاع الخاص في المشروعات التنموية لا سيما مشروعات التكيف والتخفيف، من خلال آليات التمويل المبتكر، وكذلك أدوات ضمانات الاستثمار، بالإضافة إلى نجاح مصر في الفترة ما بين عامي 2020 ومايو 2025، في حشد ما يقرب من 15,6 مليار دولار أمريكي لصالح تمويل القطاع الخاص، منها 4 مليار دولار موجهة للمشاركين في مشروعات المنصة الوطنية لبرنامج "نـُوفّي".
وأكدت أن تحديث تحليل استدامة الدين Debt Sustainability Analysis يعد عمليةً حاسمةً لتقييم أكثر إنصافا لقدرات الدول النامية على الوفاء بالتزاماتها المالية الحالية والمستقبلية دون التعرض لأزمة ديون، لما يعكسه من تقييم للوضع الاقتصادي الكلي والوضع المالي للدول وكفاءة ادارتها للديون.
وأضافت أن بنوك التنمية متعددة الأطراف يمكنها تعزيز سيولتها وقدرتها على التمويل من خلال زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة من الدول الأعضاء، من خلال آليات مثل أدوات رأس المال المختلط ووسائل دعم السيولة، وغيرها من الحلول المتكاملة والمبتكرة التي يمكن أن تعزز قدرة تلك المؤسسات على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ.
وفي ختام كلمتها، أكدت أن المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية فرصةً محوريةً لتحفيز إصلاحات هيكل الدين العالمي، والدفع نحو حلولٍ عادلةٍ تُوائِم إدارة الديون السيادية مع أهداف التنمية المستدامة.
*منتدى مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة (أونكتاد)*
من جانب آخر شاركت الدكتورة رانيا المشاط، بالمنتدى الذي نظمه مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، لمناقشة وضع الديون العالمية.
وخلال كلمتها أشادت الدكتورة رانيا المشاط، بتقرير الأونكتاد موضحة أنه لا يكتفي بمجرد تسليط الضوء على أزمة الديون، بل يقدّم خطة تنفيذية واقعية وعملية للتعامل مع الأزمة، بما يمثل تطورًا كبيرًا في طبيعة النقاش حول الدين العام.
وأكدت «المشاط»، أهمية أن تشارك الدول التي خاضت تجارب ناجحة في مجال إعادة هيكلة الديون أو اتفاقيات مبادلة الدين، تجاربها مع المجتمع الدولي، ليس فقط من حيث النتائج، ولكن من حيث الحوكمة الداخلية التي ساعدت على نجاح التجارب، حيث لا تقتصر إدارة ملف الدين العام على وزارة أو جهة واحدة، بل تتطلب تنسيقًا بين أطراف كثيرة داخل الدولة، مما يجعل من الحوكمة عنصرًا حاسمًا في تلك التجارب.
كما شددت على ضرورة أن يتم الإقرار بأن الجهات الدائنة تختلف في طبيعتها، وكذلك تختلف الآليات التي يتم من خلالها التوصل إلى الاتفاقات بما يتطلب من الدول المدينة أن تملك قدرات فنية ومؤسسية قوية، حتى تتمكن من التفاوض بشكل فعّال، ليس فقط على صفقة واحدة بل لبناء سلسلة من الصفقات المرتبطة بمسارات تنموية طويلة الأجل.
وأشارت إلى أهمية الدعم الفني ليس فقط بوصفه تدريبًا أو مشورة، بل كقيمة مالية ملموسة حيث يتطلب تنفيذ تلك المبادرات موارد حقيقية، موضحة أن هناك بالفعل أدوات وآليات قائمة داخل مؤسسات وهيئات متعددة، تُعنى بذلك النوع من القضايا، مضيفة أن جمع تلك الجهود ضمن منصة مشتركة تحدث تكتمل مع ما هو قائم بالفعل، مما يشكل قيمة مضافة حقيقية لجميع الأطراف سواء الدول المدينة أو الجهات الدائنة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أهل مصر
منذ ساعة واحدة
- أهل مصر
ألمانيا تطلب من أمريكا شراء منظومة الباتريوت لإرسالها لأوكرانيا
قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان كورنيليوس، مساء اليوم الجمعة، إن برلين تدرس شراء منظومة الباتريوت الدفاعية الأمريكية من واشنطن باهظة الثمن؛ من أجل إرسالها إلى كييف. وسبق أن علقت الولايات المتحدة الأمريكية، شحنة منظومة الباتريوت للدفاع الجوي، لأوكرانيا؛ بسبب النقص الذي تعانيه أمريكا في مخازنها الاستراتيجية من هذا السلاح، بحسب ما أعلن عنه البنتاجون في وقت سابق. وشنت روسيا هجوما جويا كبيرا، مساء الخميس، أضاء السماء الأوكرانية ليلا من قوته، واستمر حتى 7 صباحا. وتواصل المستشار الألماني فريدريش ميرتز، بالأمس، مع الرئيس الأمريكي ترامب؛ من أجل شراء منظومة الباتريوت للدفاع الجوي التي يبلغ تكلفة الواحدة منها أكثر من مليار دولار. وأنفقت الولايات المتحدة الأمريكية 100 مليار دولار في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن؛ لدعم كييف في حربها ضد روسيا، والتي كانت بمثابة ديون أمريكية على كييف. وفي سياق إرسال السلاح الأمريكي لأوكرانيا؛ قرر ترامب إرسال أسلحة دفاعية جوية أمريكية إلى أوكرانيا، لكن ليس منظومة الباتريوت باهظة الثمن. وبحسب أكسيوس، قد يرسل ترامب منظومة هيمارس للدفاع الجوي منخفضة التكلفة في صورة ديون أمريكية جديدة.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
تعزيز العلاقات بين مصر والبنك الدولى.. والتوسع فى ضمانات الاستثمار
بحثت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعزيز العلاقات المشتركة مع مجموعة البنك الدولى ومؤسساتها التابعة، خاصة على صعيد تمويل القطاع الخاص، والتوسع فى ضمانات الاستثمار، لتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. كما استعرضت الوزيرة التقرير الصادر عن الوزارة الذى يرصد حجم التمويلات الميسرة للقطاع الخاص منذ 2020، التى تجاوزت قيمتها 15.6 مليار دولار، وذلك خلال لقائها أكسل فان تروتسنبرج، نائب رئيس البنك الدولى لسياسات التنمية والشراكات «MIGA»، بالمؤتمر الدولى الرابع لتمويل التنمية، الذى انعقد فى مدينة إشبيلية الإسبانية. وعلى هامش المؤتمر، بحثت الوزيرة تطورات الشراكة الاستراتيجية المصرية - الأوروبية مع جوزيف سيكيلا، المفوض الأوروبى للشراكات الدولية، خاصة على صعيد آلية مساندة الاقتصاد الكلى ودعم الموازنة بـ4 مليارات يورو، وآلية ضمانات الاستثمار بـ1.8 مليار يورو، التى تم تفعيلها خلال العام الجارى. كما التقت الوزيرة أوديل رينو باسو، رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، حيث أكدت عمق العلاقات بين الحكومة المصرية والبنك بمجالات متعددة،. والتقت الوزيرة أيضا وزير الاقتصاد الإسباني، كارلوس كويربو، حيث أكدت أهمية المؤتمر الذى يمثل لحظة فارقة للوفاء بالتزامات المجتمع الدولى حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.


بوابة الأهرام
منذ ساعة واحدة
- بوابة الأهرام
«النقد الدولى» : مصر حققت تقدما كبيرا فى الإصلاحات الاقتصادية دمج المراجعتين الخامسة والسادسة والانتهاء منهما الخريف المقبل
كشفت جولى كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولى، عن أن المباحثات بين مصر وصندوق النقد الدولى لا تزال مستمرة، وتحتاج مزيدا من الوقت، للانتهاء من الخطوط والنقاط الأساسية. وأشارت إلى أن زيارة بعثة صندوق النقد الدولى مصر فى مايو الماضى كانت جيدة، مؤكدة أن مصر حققت تقدما كبيرا فى الإصلاحات الاقتصادية، ونجحت فى خفض معدل التضخم، بالإضافة إلى ارتفاع مستوى الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزى. وقالت كوزاك، فى مؤتمر صحفى عبر الإنترنت، إن مواصلة الإصلاحات الاقتصادية أمر ضرورى لضمان استقرار الاقتصاد، وقدرته على النمو ومواجهة الأزمات والصدمات. وحول المراجعة الخامسة لبرنامج الاتفاق التمويلى بين مصر وصندوق النقد الدولى، أوضحت كوزاك أنه من المقرر ضم المراجعتين الخامسة والسادسة، ودمجهما معا، ليتم الانتهاء منهما الخريف المقبل. وفيما يتعلق بقيمة التمويل الذى سيتم صرفه عقب الانتهاء من المراجعتين المدمجتين، أفادت كوزاك بأن هذا الأمر لا يزال يخضع للمناقشة وفقا لاحتياجات مصر التمويلية، مؤكدة التزام صندوق النقد بدعم مصر فى بناء صلابة الاقتصاد. ولفتت إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى يستهدف الحد من دور الدولة فى الاقتصاد، وتحسين بيئة الأعمال، لتكون أكثر عدالة وتحسين مناخ الاستثمار، وهى أمور تصب فى تحقيق هدف أساسى، وهو تمكين القطاع الخاص لقيادة النمو بشكل أكثر استدامة. وأضافت أن المضى قدما فى تنفيذ سياسة ملكية الدولة وبرنامج الأصول العامة هو أمر مهم لتمكين القطاع الخاص، والحد من دور الدولة فى الأنشطة الاقتصادية. ترتبط مصر باتفاق تمويلى، باسم «تسهيل الصندوق الممدد»، مع صندوق النقد بـ8 مليارات دولار منذ مارس 2024، وسيستمر على مدى 46 شهرا، بالإضافة إلى اتفاق آخر من صندوق الاستدامة والصلابة بـ1.3 مليار دولار، لدعم التحول الأخضر واستخدام الطاقة الجديدة، تمت الموافقة عليه فى مارس الماضى، ليتم صرفه على شرائح وفقا لحجم المشروعات المطلوب تنفيذها. وحتى الآن لم يتم صرف أى شرائح خاصة به. وأكد الدكتور محمد معيط، ممثل مصر والمجموعة العربية بصندوق النقد الدولى، أن المباحثات مع الصندوق تسير بشكل جيد، وأن التمويل الذى تحصل عليه مصر من الصندوق ليس هو الأهم، ولكن شهادة الثقة والاستقرار التى يمنحها، وتثق بها المؤسسات والشركات والدول، لمواصلة نمو الاقتصاد، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز صلابة الاقتصاد.