إنجازات تتخطى التحديات
قوة تنافسية معززة بوفرة سلسلة الخام
تسعى المملكة العربية السعودية لأن تصبح مركزًا إقليميًا لصناعة السيارات، وخاصة السيارات الكهربائية، بحلول عام 2030 و2035 من خلال مشاريع صناعية ضخمة وتعزيز سلاسل التوريد المحلية.
وتأتي صناعة السيارات بالمملكة ضمن أهداف رؤية 2030 الرامية لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
وتسير المملكة بثقة نحو مستقبل صناعي للنقل، ضمن رؤية طويلة الأمد، تشمل إنشاء تشكيلة من الشركات الوطنية والعالمية، وإنشاء بنية تحتية ذكية، وتعزيز بناء القدرات الوطنية.
ورغم التحديات القائمة، إلا أنها قابلة للتجاوز عبر توفر الموارد والتمويل، والشراكات القوية مع كيانات عالمية، والتطوير المستمر الذي يمهد لمنافسة عالمية.
ومن أهم التحديات الاقتصادية والتقنية التي تواجهها صناعة السيارات بالمملكة الموارد الخام وسلسلة التوريد، فبالرغم من التقدم في تحسين استخراج الليثيوم من مياه النفط، إلا أن المملكة لاتزال تعتمد جزئيًا على واردات البطاريات والمواد الخام.
كما أن المنافسة الدولية شديدة حيث تواجه المملكة منافسة شديدة من مراكز تصنيع السيارات في الصين وأوروبا.
كما أن النقص في المواهب والخبرات يشكل تحدياً، فعلى الرغم من إنشاء الأكاديميات والبرامج التدريبيّة، إلا أنه لا تزال هناك حاجة لبناء قوى عاملة متخصصة ومحترفة.
«بداية الانطلاقة»
بدأت صناعة السيارات في المملكة العربية السعودية فعليًا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، رغم أن الاستيراد والتجميع الجزئي بدأ قبل ذلك بسنوات. ولم تكن هناك صناعة فعلية للسيارات، بل عمليات تجميع جزئية أو خدمات ما بعد البيع. فبعض الشركات تولّت استيراد السيارات وتجميع قطع غيار محدودة داخل المملكة.
وفي عام 2012 أُعلن عن أول مشروع وطني ضخم لإنشاء مصنع سيارات في الدمام ، لتجميع الشاحنات الخفيفة والمتوسطة.
وهو أول مصنع سيارات تجارية يُبنى في المملكة، بطاقة 25 ألف شاحنة سنويًا.
وفي عام 2016 عندما انطلقت «رؤية السعودية 2030»، أعطت دفعة قوية لفكرة إنشاء صناعة سيارات وطنية متكاملة، ضمن مساعي تنويع الاقتصاد.
وفي عام 2022 تم تأسيس شركة «سير» (Ceer Motors) بالشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وفوكسكون، وهي أول شركة سيارات كهربائية سعودية، مدعومة من BMW.
وتم توقيع اتفاقيات ضخمة مع شركات عالمية مثل Lucid Motors لبناء مصانع إنتاج كاملة.
وفي عام 2023 تم البدء بالتجميع المحلي لبعض سيارات لوسيد في مصنع جدة كخطوة أولى نحو إنتاج كامل.
وتعتبر شركة «سير» (Ceer Motors) أول علامة سعودية للسيارات الكهربائية، والمستهدف إنتاج نحو170 ألف سيارة سنويًا بحلول منتصف العقد القادم، وتوفير 30 ألف وظيفة، وبناء مصنع متكامل في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
ومجمع الملك سلمان للسيارات يضم «سير»، لوسيد، وشراكات مع مصانع للإطارات يستهدف إنتاج أكثر من 150 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2026، مع جذب استثمارات أجنبية ضخمة تصل إلى 100 مليار دولار سنويًا بحلول 2030.
ومن خلال الشراكات العالمية والتصنيع المحلي فإن لوسيد لوحدها تزيد استثماراتها عن 3.4 مليارات دولار لإنشاء مصنع في جدة بطاقة إنتاجية في حدود 170 ألف سيارة سنوياً، وبدأت عمليات تجميع السيارات منذ 2023.
وهناك شراكة مع شركة كورية بارزة لبناء مصنع ينتج 50 ألف سيارة سنويًا، منها كهربائية ومحركات احتراق داخلي.
«صناعة وطنية»
وتسعى المملكة من خلال شركات محلية في التوسّع في سلسلة البطاريات عبر استثمارات في ليثيوم بالشراكة مع مصانع عالمية بهدف إنتاج بطاريات محلية وموارد لطاقة 110 غيغاواط من الطاقة المتجددة بحلول 2030.
وهناك شراكات مع قطاعات عالمية لتطوير تقنية المركبات الخضراء والكفاءة البيئية.
والهدف إيجاد بنية تحتية للتنقل الذكي وتمكين شبكة شحن كهربائية مخطط لها تضم 5,000 محطة بحلول 2030، علماً أن الآن لا توجد سوى نحو 101 محطة تتركّز في المدن الكبرى ولكن الخطى تتسارع لتحقيق المأمول.
والمملكة توفر إطارًا تنظيميًا لقيادة ذاتية وتهيئة لتجارب سيارات ذاتية القيادة خلال 2025 ضمن برنامج التنقل الذكي تماشيا مع رؤية 2030
والهدف أن تصل حصة السيارات الكهربائية إلى 30 % من مركبات الرياض بحلول 2030، وصافي emissions صفرية بحلول 2060 وتخطط المملكة لإنتاج 500 ألف سيارة كهربائية سنويًا بحلول 2030، والنمو المتوقع في قطاع السيارات بحوالي 12 % سنوياً حتى 2030، ما يدعم الناتج المحلي وتوفير آلاف الوظائف مباشرة وغير مباشرة.
ومن المتوقع أن يصاحب تصنيع السيارات في المملكة إنشاء مصانع مرادفة لصناعة قطع الغيار والمكوّنات، بل ويُعدّ هذا شرطًا أساسيًا لنجاح أي صناعة سيارات وطنية مستدامة.
وكذلك إنشاء مصانع لقطع الغيار وهو أمر مخطط له ضمن المشاريع الكبرى. فالمملكة لا تستهدف فقط «تجميع سيارات» بل بناء منظومة متكاملة للصناعة تشمل أيضاً قطع الغيار والبطاريات والتقنيات الذكية.
والتحدي الحقيقي هو في السرعة، والجودة، وبناء الكفاءات، وهي تسير في الاتجاه الصحيح بإذن الله.
ومن الضروري تصنيع قطع الغيار محليًا، لأن ذلك سيسهم في تقليل التكاليف والتبعية فاستيراد المكوّنات من الخارج يُعطّل الإنتاج ويرفع الكلفة.
ووجود مصانع محلية لقطع الغيار يضمن الاكتفاء الذاتي النسبي وسرعة الإنتاج.
وتعزيز سلاسل الإمداد المحلية علماً أن السيارات الحديثة تحتوي على ما يزيد عن 30,000 قطعة.
ولا يمكن لأي مصنع سيارات سيعتمد طويلًا على الاستيراد الكامل للمكوّنات.
والرؤية تستهدف توطين الصناعات ورفع نسبة المحتوى المحلي في المنتجات الوطنية.
«مقومات نجاح»
وقد نصت رؤية 2030 على أهمية توطين الصناعات الاستراتيجية، ورفع نسبة المحتوى المحلي في القطاعات الحيوية، من بينها صناعة السيارات والطاقة المتجددة، والطائرات، والخدمات اللوجستية."
وهذا يظهر تحديدًا ضمن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب)، الذي يعد أحد البرامج التنفيذية للرؤية، والذي يشمل صراحةً صناعة السيارات الكهربائية والتقليدية كجزء من الصناعات المستهدفة بالتوطين والنمو.
وتجربة المملكة العربية السعودية في صناعة السيارات تُعد طموحة ومبنية على رؤية استراتيجية طويلة المدى، لكنّها تواجه تحديات واقعية تستلزم التعامل معها بذكاء واستمرارية. ويحظى قطاع تصنيع السيارات بالمملكة باستثمارات ضخمة من القطاع الحكومي ومنها: صندوق الاستثمارات العامة والذي يقود الجهد عبر تمويلات بالمليارات.
كما يحظى قطاع تصنيع السيارات بدعم كبير من وزارة الصناعة، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب).
ويساعد ذلك بوجود بنية تحتية قيد التطوير مثل: مشاريع لإنشاء مجمعات صناعية ضخمة مثل مجمع الملك سلمان للسيارات.
وتوجه لبناء شبكات شحن كهربائي ومراكز تطوير وبحث وتدريب.
وقد يتساءل البعض لماذا لدى المملكة العربية السعودية فرصة حقيقية للنجاح؟ والجواب أن لدى المملكة القدرة التمويلية، فالمملكة تملك احتياطات مالية كبيرة تمكنها من تحمل تكاليف بناء الصناعة من الصفر.
إضافة لذلك موقع المملكة الاستراتيجي وقربها من أسواق الخليج، وإفريقيا، وأوروبا الشرقية مايسهل فتح أبواب التصدير.
كما أن التحول للطاقة النظيفة يسهم في ذلك النجاح، فالعالم يتجه للسيارات الكهربائية، والمملكة تستثمر مبكرًا في هذا المجال.
كما أن السوق المحلي جاذب ففي المملكة أكثر من 9 ملايين سيارة، والتوجه لاستبدال نسبة منها بسيارات كهربائية يصنع بالمملكة وسيشهد ذلك طلبًا داخليًا هائلًا.
ودعمت الرؤية صناعة السيارات فعلياً بتقديم حوافز استثمارية ضخمة للمصنعين الدوليين وتأسيس مناطق صناعية مخصصة للسيارات مثل مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات، وإطلاق استراتيجية توطين 30% من السيارات في الرياض كهربائية بحلول 2030.
وتم عقد شراكات مع كبرى الجامعات لإنشاء برامج في هندسة السيارات والبطاريات.
«تحول مستدام»
وتدعم رؤية 2030 التوجه نحو السيارات الكهربائية والتحول نحو النقل المستدام، ويتجلى ذلك في دعم البنية التحتية لمحطات الشحن.
والاستثمار في التعدين المحلي لبطاريات الليثيوم.
وإطلاق برامج تنظيمية وتشريعية تسمح بدخول وتطوير السيارات ذاتية القيادة والكهربائية.
ليصبح توطين صناعة السيارات فعلياً جزء من رؤية المملكة 2030.
والتركيز الأكبر حاليًا على السيارات الكهربائية كقطاع المستقبل.
والجهد يشمل التصنيع، وقطع الغيار، والبطاريات، والبنية التحتية، وسلاسل التوريد.
وبلا شك فإن كل ذلك سيصاحبه العديد من التحديات التي لن تعيق التقدم بإذن الله ومن هذه التحدبات نقص الكفاءات البشرية المتخصصة حيث لا تزال الكوادر السعودية في مجالات هندسة السيارات والتصنيع قليلة نسبيًا.والحاجة ملحة لمراكز تدريب متقدمة، وشراكات أكاديمية قوية لتأهيل المهندسين والتقنيين.
كما أن من التحديات أن الكثير من القطع الحيوية تُستورد من الخارج، مثل البطاريات والمحركات.
ولكن المفرح أن المملكة بدأت الاستثمار في الليثيوم ومعادن البطاريات، ولكن النتائج تحتاج سنوات لتظهر.
ومن التحديات أيضاً التنافسبة العالمية، فدخول شركات سعودية في سوق مشبّع بمنافسة شرسة من الصين ، كوريا، أوروبا، والولايات المتحدة سيكون تحدياً صعباً.
وحتى السيارات الكهربائية تواجه ضغطًا من شركات عملاقة سبقتنا في هذا المجال.
ومن التحديات البيئية والمناخية درجات الحرارة المرتفعة التي تشكل تحديًا تقنيًا لاختبار واعتماد بطاريات السيارات الكهربائية.
كما أن هناك حاجة لتحديث شامل في قوانين النقل، اختبارات السلامة، والقيادة الذاتية لمواكبة الصناعة الحديثة.
ولكن التجربة السعودية واعدة جدًا، وتحظى بدعم سياسي ومالي غير مسبوق.
والنجاح ممكن، لكنه مشروط ببناء سلاسل توريد محلية، تطوير الكوادر، والمنافسة على الجودة عالميًا.
والتحديات حقيقية لكنها قابلة للحل، والمملكة تسير بخطى واثقة لتكون لاعبًا صناعيًا مهمًا في المنطقة والعالم بإذن الله.
«منافسة عالمية»
وسبق أن كشف وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح أن مصنع سيارات «سير» يعادل حجمه ضعف مصنع «لوسد»، إضافة إلى وجود شركات عالمية أخرى تتفاوض مع السعودية لمباشرة أعمالها في المملكة.
وبين الفالح أن مصنع شركة «لوسد» الذي تم افتتاحه في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، يعمل على إنتاج سيارات تعمل بالطاقة الكهربائية بنسبة 100 %، لإنتاج سيارات كهربائية أكثر تقدما، تتمكن من السير لمسافة 800 كيلو دون شحن، مع شحن سريع للسيارات.
وبين أن المملكة كانت تستورد السيارات منذ 100 سنة ماضية، وتعد المملكة من أكبر الأسواق في استيراد السيارات، وكانت المصانع من شرق وغرب وشمال وجنوب العالم تستفيد من التصدير إلى المملكة، واليوم سيتحول هذا التوجه إلى العكس.
وأكد أن نجاح شركة «لوسد» يؤكد نجاح صندوق الاستثمارات الذي يرأس مجلس إدارته ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، بعد أن كانت شركة «لوسد» تعاني سابقا، وأعلن بأن كثيرا من السيارات التي ستصنع في السعودية ستصدّر إلى الخارج، ونوه بأنه لن يقتصر الموضوع مستقبلا على تجميع وصناعة السيارات وامتلاكها والحصول على الملكية الفكرية، بل إلى تصديرها للخارج، ويعد إطلاق هذا المصنع هو إشارة قوية للعالم أن السعودية هي الدولة الأكثر جاذبية للاستثمار من ناحية التنافسية وما تعطيه للمستثمرين العالميين في القطاع الخاص، من بيئة جاذبة بها كل المدخلات الضرورية، وبها دلالات قوية جدا وتأكيد لرؤية المملكة 2030.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
مجموعة السبع تؤيد تسوية مع واشنطن بشأن الضريبة العالمية على الشركات
ووفق بيان صادر عن الرئاسة الكندية للمجموعة عقب قمة عُقدت هذا الشهر، اُتُّفِق على إعفاء الشركات الأمريكية من الحد الأدنى، لتخضع بدلًا من ذلك لنظام ضريبي أمريكي موازٍ، ما يتيح التقدم في مكافحة تحويل الأرباح. ويأتي هذا التوجه ضمن إصلاح ضريبي عالمي شاركت فيه نحو (140) دولة عبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ينص على فرض ضريبة لا تقل عن (15%) على الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها السنوية (750) مليون يورو (نحو 880 مليون دولار)، بغض النظر عن موقع تحقيق الأرباح. ورحّب وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل بالاتفاق، مؤكدًا أنه يمثل خطوة مهمة لمكافحة الملاذات الضريبية والتهرب وسياسات الإغراق الضريبي. وأضاف أن الولايات المتحدة لم تعد تعارض مبدأ الضريبة الدنيا، وتم التخلي عن العقوبات المخطط لها ضد الشركات الأوروبية.


المدينة
منذ 2 ساعات
- المدينة
مجموعة السبع تؤيد تسوية مع واشنطن بشأن الضريبة العالمية على الشركات
أعلنت دول مجموعة السبع دعمها لتسوية مع الولايات المتحدة بشأن الحد الأدنى للضريبة العالمية على الشركات الكبرى.ووفق بيان صادر عن الرئاسة الكندية للمجموعة عقب قمة عُقدت هذا الشهر، اُتُّفِق على إعفاء الشركات الأمريكية من الحد الأدنى، لتخضع بدلًا من ذلك لنظام ضريبي أمريكي موازٍ، ما يتيح التقدم في مكافحة تحويل الأرباح.ويأتي هذا التوجه ضمن إصلاح ضريبي عالمي شاركت فيه نحو (140) دولة عبر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ينص على فرض ضريبة لا تقل عن (15%) على الشركات متعددة الجنسيات التي تتجاوز إيراداتها السنوية (750) مليون يورو (نحو 880 مليون دولار)، بغض النظر عن موقع تحقيق الأرباح.ورحّب وزير المالية الألماني لارس كلينجبايل بالاتفاق، مؤكدًا أنه يمثل خطوة مهمة لمكافحة الملاذات الضريبية والتهرب وسياسات الإغراق الضريبي.وأضاف أن الولايات المتحدة لم تعد تعارض مبدأ الضريبة الدنيا، وتم التخلي عن العقوبات المخطط لها ضد الشركات الأوروبية.


الوئام
منذ 2 ساعات
- الوئام
باحث اقتصادي لـ'الوئام': المشاريع السعودية استقطبت 24% زيادة في الاستثمارات الأجنبية
الوئام – خاص سجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي الداخلة إلى السعودية خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 24 مليار ريال، بزيادة سنوية بلغت 24%. وتسعى المملكة إلى جذب استثمار أجنبي مباشر بقيمة 100 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030، في إطار خططها الطموحة لتعزيز النمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط. تحول نوعي وفي السياق، يرى الباحث الاقتصادي محمود جمال سعيد، أن الزيادة اللافتة في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية خلال الربع الأول من 2025 تمثل تحولًا نوعيًا في شهية رؤوس الأموال الدولية تجاه المملكة، وتؤكد أن المشاريع الاستراتيجية التي أطلقتها الرياض بدأت تُترجم فعليًا إلى تدفقات مالية ملموسة. ويقول 'سعيد'، في حديث خاص لـ'الوئام'، إن قفزة 24% في حجم الاستثمارات الأجنبية، تعكس مزيجًا متناغمًا من السياسات الاقتصادية الجريئة، والتحسينات المتسارعة في البيئة التنظيمية، بالإضافة إلى تكثيف جهود استقطاب الشركات العالمية الكبرى إلى السوق السعودي'، مشددًا على أن هذه العوامل مجتمعة تضع المملكة في موقع أكثر تنافسية مقارنة بأسواق ناشئة أخرى. تمركز طويل الأجل ويضيف الباحث الاقتصادي، أن المسار التصاعدي للتدفقات الأجنبية في بداية العام الجاري يعكس رغبة حقيقية لدى المستثمرين في التمركز طويل الأجل داخل قطاعات مثل البنية التحتية والسياحة والتقنيات الخضراء والطاقة المتجددة، وهي القطاعات التي تمثل العمود الفقري لرؤية 2030. ويوضح 'سعيد'، أن جزءًا من هذا الزخم الاستثماري يعود أيضًا إلى الإجراءات الحازمة التي اتخذتها الحكومة على مستوى تعزيز الشفافية، وحوكمة الأسواق، وتيسير إصدار التراخيص وتقليل العقبات البيروقراطية، وهو ما يُرسل إشارات طمأنة قوية للمستثمرين الأجانب من حيث الثقة والاستقرار التشريعي. استثمارات استراتيجية ويؤكد الباحث الاقتصادي، أن ما يُميّز المشهد الحالي هو أن التدفقات الأجنبية لم تعد قصيرة الأجل، بل هي استثمارات استراتيجية تدعم بناء اقتصاد متنوع وقادر على المنافسة إقليميًا وعالميًا. ويتوقع استمرار الزخم في النصف الثاني من العام، خاصة مع دخول عدد من المشاريع الكبرى حيز التنفيذ، ومن بينها مناطق اقتصادية خاصة ومبادرات لوجستية جديدة تعزز ربط السعودية بالأسواق العالمية. ويختتم 'سعيد'، حديثه بالقول : إن السعودية أمام فرصة تاريخية لترسيخ مكانتها كمركز استثماري إقليمي خلال السنوات الخمس المقبلة.