
الأهداف الاستراتيجية للعدوان على غزة وعلاقتها بمشروع الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة
تعيش القضية الفلسطينية واحدة من أخطر مراحلها منذ الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948، إذ لم تعد المخاطر تقتصر على الاحتلال العسكري أو التهويد الجغرافي، بل اتجه المشروع الصهيوني نحو تصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي، وتحقيق هيمنة شاملة على المنطقة العربية سياسيًا، اقتصاديًا، وأمنيًا.
منذ السابع من أكتوبر دخلت القضية الفلسطينية، بل والمنطقة العربية، أخطر مرحلة في تاريخ الصراع مع العدو الإسرائيلي، الذي يستعجل في تحقيق الأهداف الاستراتيجية لزرعه كعضو سرطاني في البلاد العربية، قبل تحقق 'نبوءات العقد الثامن'، وما يتضمنه من نهاية للكيان، وهي تلك الأهداف التي ترتكز أولا على مسارات التصفية، مرتبطة بمشروع الهيمنة الأوسع على المنطقة.
تصفية القضية الفلسطينية:
قضايا الحل النهائي تمثل لبّ الصراع وجوهره، وأي اتفاق سلام لا يشمل حلولاً عادلة لهذه القضايا سيبقى هشًا ومؤقتًا. وقد فشلت جميع المحاولات السابقة (كامب ديفيد، طابا، أنابوليس، وغيرها) في الوصول إلى تسوية شاملة بسبب هذه القضايا. وعلى رأس تلك القضايا: اللاجئين حق العودة، القدس ، الاستيطان، والمياه. وفي كل هذه العناصر يعمل العدو الإسرائيلي على شطب حق العودة، وفرض السيادة الكاملة على القدس والأقصى، وتوسيع الاستيطان وضم المغتصبات الكبرى، وبناء مغتصبات جديدة.
محاولات شطب قضية اللاجئين:
فيما يخص اللاجئين يسعى الكيان الصهيوني منذ عقود إلى إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر شطب حق العودة من أي تسوية مستقبلية. يتم ذلك من خلال الضغط على الدول المضيفة لقبول التوطين، مثل سوريا والأردن ولبنان، ومن أدوات شطب قضية اللاجئين محاولاتُ تفكيك وكالة الأونروا، وتغييب هذا الملف من الخطاب الدولي.
بعد عملية 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023، كثّفت 'إسرائيل' جهودها لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين، مستهدفة بذلك 'وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين' (الأونروا)، التي تُعَدُّ الشاهد الدولي الرئيس على نكبة عام 1948 وحق العودة.
في أكتوبر 2024، صادق 'الكنيست' الإسرائيلي على قانونين يمنعان الأونروا من ممارسة أي أنشطة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. كما أبلغت 'إسرائيل' الأمم المتحدة رسميًا بإلغاء الاتفاقية الموقعة عام 1967 التي سمحت للوكالة بالعمل في هذه المناطق، ما أدى إلى إنهاء العلاقات الرسمية معها .
وفي السياق زعم الكيان أن عددًا من موظفي الأونروا شاركوا في هجوم 'طوفان الأقصى'، ما دفع بعض الدول المانحة إلى تعليق تمويلها للوكالة. غير أن الأمم المتحدة أجرت تحقيقًا مستقلًا خلص إلى عدم وجود أدلة تدعم هذه الاتهامات، وأكدت حيادية الأونروا .
خلال العدوان المتوحش على غزة، تعرضت منشآت الأونروا -بما في ذلك المدارس ومراكز الإيواء- للقصف الإسرائيلي، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 200 من موظفيها. كما تم تقييد وصول المساعدات الإنسانية التي تقدمها الوكالة، ما زاد من معاناة اللاجئين الفلسطينيين .
من جهتها حذرت حركة حماس من مساعٍ إسرائيلية -بدعم من أطراف دولية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية- لاستبدال هيئات أخرى مكان الأونروا، بهدف تحويل قضية اللاجئين من مسألة سياسية تتعلق بحق العودة إلى قضية إنسانية بحتة، ما يُسهم في تصفية حق العودة من الأجندة الدولية.
هذه الإجراءات الصهيونية تهدف إلى تقويض دور الأونروا كشاهد دولي على نكبة الفلسطينيين، وتجريد اللاجئين من حقوقهم، خاصة حق العودة. كما تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للاجئين الذين يعتمدون بشكل كبير على خدمات الأونروا في مجالات التعليم والصحة والإغاثة.
في ظل هذه التطورات، تُعدّ الأونروا آخر المؤسسات الدولية التي تُعنى بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، ويُعَد استهدافها خطوة خطيرة نحو تصفية القضية الفلسطينية.
تشكل القدس القلب الرمزي والديني والسياسي للقضية الفلسطينية، ولذا يسعى الكيان المجرم إلى فرض واقع جديد في المدينة، وذلك عبر: تكثيف الاستيطان، طرد السكان، تغيير المعالم، وفرض السيادة المطلقة على المسجد الأقصى.
وبعد عملية 'طوفان الأقصى' في 7 أكتوبر 2023، صعّد الكيان الغاصب بشكل ملحوظ من خطوات تهويد القدس، مستغلا الانشغال الدولي بالمأساة الإنسانية في غزة، ومستخدما أدوات استيطانية ودينية لفرض واقع جديد في المدينة المقدسة. حيث شهد المسجد الأقصى تصعيدًا غير مسبوق في اقتحامات المغتصبين، حيث اقتحم أكثر من 2000 مغتصب صهيوني المسجد بحماية أمنية مشددة خلال ذكرى احتلال القدس في مايو 2025. كما ناقش 'الكنيست' ما يسمى مشروع 'حرية العبادة لليهود'، الذي يهدف إلى تقسيم الأقصى مكانيًا بين المسلمين واليهود، وتخصيص 70% من ساحاته لليهود، وهو ما يُعد تمهيدًا لفرض واقع دائم داخل الحرم الشريف.
من جهة أخرى سارعت 'حكومة' العدو في تنفيذ مشاريع 'استيطانية' ضخمة، تضمنت بناء أكثر من 1000 وحدة 'استيطانية' جديدة في مغتصبات مثل 'نوف تسيون' و'هار حوما'، وتوسيع حدود بلدية القدس لضم مغتصبات محيطة مثل 'معاليه أدوميم' و'جفعات زئيف'. تهدف هذه الخطوات إلى تطويق الأحياء الفلسطينية ودمج القدس الشرقية مع الغربية، ما يعيق أي إمكانية لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
كما نشطت جمعيات 'استيطانية' مثل 'عطيرت كوهانيم' و'العاد' في الاستيلاء على عقارات فلسطينية داخل البلدة القديمة ومحيطها، خاصة في أحياء سلوان والشيخ جراح. تستخدم هذه الجمعيات أدوات 'قانونية' ومالية للسيطرة على الممتلكات، وتعمل على تهويد الحي الإسلامي والمسيحي، ما يهدد الطابع العربي والإسلامي للمدينة.
وتحت شعار 'تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية' أطلقت حكومة العدو الإسرائيلي خطة 'القرار 3790' لـ'تطوير القدس الشرقية'، إلا أن هذه الخطة تُستخدم كغطاء لتهويد المدينة، من خلال تغيير المناهج التعليمية، وفرض اللغة العبرية، وتهميش المؤسسات الفلسطينية، بهدف دمج السكان الفلسطينيين قسرًا في المنظومة الإسرائيلية.
ترافقت هذه السياسات مع إجراءات لعزل القدس الشرقية عن باقي الأراضي الفلسطينية، من خلال الحواجز الأمنية، وسحب الهويات، وهدم المنازل، ما يؤدي إلى تهجير قسري للسكان الفلسطينيين، وتقليص وجودهم في المدينة.
فصل غزة عن الضفة الغربية
يعمل الكيان المؤقت على تكريس الانقسام الجغرافي والسياسي بين غزة والضفة، عبر حصار غزة وتحويلها إلى كيان منفصل سياسيًا، تمهيدًا لفرض حل منفصل عليها دون ارتباط بمشروع الدولة الفلسطينية، بعد 'طوفان الأقصى' كثّف العدو الصهيوني جهود فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، مستغلا الحرب على غزة كغطاء لتسريع تنفيذ سياسات تقويض وحدة الأراضي الفلسطينية.
فسارع الكيان الغاصب إلى إغلاق شامل للضفة الغربية، وعزل المدن والقرى بعضها عن بعض، من خلال إقامة حواجز عسكرية وكتل إسمنتية، ما حوّل الضفة إلى كانتونات معزولة. كما أنشأ جدرانًا معدنية تفصل القرى الفلسطينية عن الطرق الرئيسية، مثل الجدار الذي عزل بلدة سنجل عن الطريق رقم 60، بهدف فصل الفلسطينيين عن أراضيهم، وتسهيل توسع المغتصبات.
إلى ذلك استغل العدو الإسرائيلي هذه الحرب لتسريع خطوات ضم الضفة الغربية، من خلال تكثيف البناء الاستيطاني، وشرعنة البؤر الاستيطانية العشوائية، وبناء شبكة طرق تربط المغتصبات بعضها ببعض، ما يعمّق الفصل بين الضفة وغزة، ويقوّض إمكانية إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا.
وبإزاء ذلك شن العدو الإسرائيلي عمليات عدوانية واسعة النطاق في مخيمات اللاجئين بالضفة الغربية، مثل مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بهدف تهجير السكان، ومحو رمزية المخيمات كرمز لحق العودة.
مشروع الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة
ليس خافيا أن 'إسرائيل'، ومن خلفه الولايات المتحدة الأمريكية، تهدف إلى فرض نفسها كقوة مركزية في النظام الإقليمي الجديد، من خلال اختراق أنظمة الحكم العربية، وبناء تحالفات أمنية واستخباراتية تضمن تفوقها وتفكك الجبهة العربية.
وبعد أن كانت فلسطين شرطًا لأي تطبيع عربي، باتت 'إسرائيل' تسعى لتطبيع مجاني عبر اتفاقيات أمنية وتجارية لا تتطلب منها أي تنازل سياسي، ما يُضعف القضية ويعزل الفلسطينيين عن عمقهم العربي.
إلى ذلك تركز 'إسرائيل' على مشاريع الغاز في البحر المتوسط، وربط شبكات الكهرباء والاتصالات والموانئ بالدول المحيطة بفلسطين المحتلة، بما يجعلها مركزًا اقتصاديًا لا يمكن تجاوزه. وتعتمد 'إسرائيل' في كل ذلك على علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والغرب، كما تعمل على توسيع نفوذها مع دول مثل الصين والهند، وذلك بهدف تقوية موقفها، والحصول على الدعم سياسيًا واقتصاديًا بما يمكنها من فرض أجندتها الإقليمية، كلاعبٍ رئيس ومهيمن على قطاعات الطاقة والثروة والتكنولوجيا.
خلاصة:
إن ما نشهده اليوم من أحداث لا يمكن اختزاله في نزاع جغرافي على حدود أو موارد، بل هو صراع وجودي يتجاوز المسائل السياسية التقليدية. إنه صراع على الهوية والكرامة والسيادة، وعلى حق شعب بأكمله في البقاء الحر على أرضه. ما يُراد تمريره تحت عنوان 'تصفية القضية الفلسطينية' ليس مجرد إنهاء لصراع دام عقودًا، بل هو محاولة ممنهجة لإعادة صياغة المنطقة برمّتها وفق رؤية صهيونية تستند إلى منطق التفوق والاستحواذ والإقصاء، وتسعى لتفكيك الهُويات الوطنية والقومية في خدمة مشروع توسعي طويل الأمد.
ولهذا فإن مخاطر ما يسمى التطبيع السياسي، التجويع الاقتصادي، الترويج لخطاب الاستسلام في الإعلام، والتشويه المتعمد لحق الفلسطينيين بالمقاومة والعودة.. تتعدى خطورته فلسطين كبقعة جغرافية، إلى كامل الجغرافيا والعالم العربي والإسلامي.
لذلك، فإن مواجهة هذا المشروع تتطلب وعيًا سياسيًا وشعبيًا عميقًا، يتجاوز ردود الفعل الآنية، ويتجه نحو بناء استراتيجية مقاومة شاملة وطويلة النفس. هذه الاستراتيجية يجب أن تجمع بين البعد الشعبي المقاوم على الأرض، والتحرك السياسي الموحد، والدور الإعلامي الفعّال في فضح الرواية الصهيونية، والضغط الدبلوماسي عبر المحافل الدولية.
إنها معركة تتطلب وحدة الصف الفلسطيني والعربي والإسلامي، وتعزيز الوعي الجماهيري، واستثمار كل أدوات القوة المتاحة، من المقاطعة الاقتصادية إلى التأثير الرقمي، دفاعًا عن قضية لم تعد فقط فلسطينية، بل إنسانية بامتياز.
إن الاستراتيجية التوعوية والعمليات الميدانية، التي يتصدى لها اليمن، وقيادته ممثلة بالسيد القائد عبدالملك الحوثي، نابعة من الوعي الكبير بتلك المخاطر، والتنبه المبكر لطرق المواجهة الناجعة، وترتكز على مفاهيم إيمانية عميقة، وحقائق التاريخ والجغرافيا، وتجمع بين كل ذلك وبين رغبة الشعوب في التحرر من تلك الهيمنة، وبناء القدرات بعيدا عن التدخلات الخارجية الكارثية، فحرية الشعوب تبدأ من نفض غبار الهيمنة الأمريكية، ومواجهة العدو الإسرائيلي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمني برس
منذ 6 ساعات
- يمني برس
صيف اليمن: إعداد علمي وعسكري موحد… ووقفة شعبية صلبة لمساندة غزة
يمني برس | تقارير شهدت أمانة العاصمة وعدد من المحافظات اليمنية فعاليات ختامية متميزة للدورات الصيفية، جمعت بين التعليم القرآني والإعداد العلمي والمهاري، إلى جانب عروض عسكرية ومناورات ميدانية لخريجي دورات التعبئة، في مشهد يعكس التلاحم الشعبي والعسكري ويجسد وحدة الموقف اليمني الداعم للقضية الفلسطينية. حيث نظمت اللجنة التنفيذية للدورات الصيفية بمديرية التحرير في أمانة العاصمة الحفل الختامي لأنشطة الدورات الصيفية للعام 1446هـ، بحضور قيادات محلية وتنفيذية, وقدم الطلاب خلال الفعالية عروضا فنية ورياضية حاملين المصحف الشريف والعلمين اليمني والفلسطيني، في رسالة رمزية تؤكد وحدة المعركة والمصير. وفي محافظة البيضاء، اختتم دار رباط الهدار للعلوم الشرعية فعاليات الدورات الصيفية بمشاركة ثلاثة آلاف طالب وطالبة، ركزت على تنمية الوعي الديني والعلمي, وخلال الإختتام أشار مفتي المحافظة الشيخ حسين الهدار إلى أهمية هذه الدورات في ترسيخ قيم العلم والهوية القرآنية، بجهود رسمية ومجتمعية متضافرة. أما في محافظة الحديدة، حيث شهدت المحافظة وقفات مسلحة ومسيرات راجلة ومناورات ميدانية لخريجي دورات 'طوفان الأقصى'، في مديريات الدريهمي، والزيدية، والمغلاف, المشاركون عبروا عن استعدادهم الكامل للالتحاق بجبهات القتال، مؤكدين أن تدريبهم هو امتداد لمعركة الوعي والتعبئة في مواجهة المشروع الصهيوني. وفي محافظة حجة، نفذ خريجو الدورات العسكرية عرضا مهيبا شارك فيه أكثر من ألف و 500 خريج من خريجي دورات طوفان الأقصى بمديرية وشحة، إضافة إلى مناورة قتالية في مديرية المحابشة جسدت ما تلقاه المشاركون من مهارات عسكرية, كما عبر منتسبو الأجهزة الأمنية في مركز المحافظة خلال تنظيمهم لمسيرا راجلا عن جهوزيتهم الكاملة للدفاع عن الوطن ومناصرة الشعب الفلسطيني. وفي محافظة إب شهدت مديريتا ذي السفال والسبرة فعاليات ختامية لدورات التعبئة العامة، شملت مسيرات ووقفات شارك فيها خريجو المرحلتين الأولى والثانية، حاملين شعارات النصر والجهوزية للالتحاق بأي مواجهة قادمة دفاعا عن الأرض والعقيدة. وإلى محافظة ذمار نظمت قبائل بني سالم، وقمد، وعلو مخلاف بني أسعد، وقبائل مدينة الشرق والموسطة في مديرية جبل الشرق وقفات قبلية موسعة، عبرت فيها عن الموقف الثابت المساند لغزة والمندد بالصمت الدولي تجاه جرائم الاحتلال. المشهد اليمني خلال الإجازة الصيفية لم يكن مجرد موسم للعلم والمعرفة، بل تحول إلى منصة شاملة لصناعة وعي قرآني ومجتمعي، يعانق الإعداد العسكري ويترجم وحدة الصف الوطني في مواجهة العدوان، تأكيدا أن معركة فلسطين تسكن الوجدان اليمني، وأن نصرتها مسؤولية أمة، لا خيار.


بوابة الأهرام
منذ 7 ساعات
- بوابة الأهرام
"عبدالرازق" يهنئ وزيرة البيئة بـ «المنصب الأممى»
هنأ المستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة بمناسبة اختيارها لتولى منصب السكرتير التنفيذى لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، حيث قال خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ أمس: إن هذا التكليف الأممى الرفيع لايعد تتويجا لمسيرتها فحسب، بل هو أيضا شهادة عالمية بمكانة مصر الريادية فى قضايا البيئة والمناخ، واعتراف بدورها الجاد فى تقديم تجربة تنموية مستنيرة تبنى على أرض الواقع. وأضاف «عبدالرازق» ان ذلك يترجم ما بلغته الدولة المصرية من مكانة رفيعة على الساحة الدولية، وما أحرزته الكفاءات الوطنية من تقدير مستحق ، وان المرأة المصرية، بهذا الاختيار باتت، عنوانا لحضور فاعل فى دوائر صنع القرار الدولي، وان الوزيرة لا تمثل وطنها وحده، بل تنطق بضمير الجنوب، وتحمل رسالة الاستدامة، وتعلى صوت الأرض فى زمن تتصاعد فيه التحديات. وقال عبدالرازق إنه من على هذا المنبر البرلماني، أعرب عن فخرنا واعتزازنا بالدكتورة ياسمين فؤاد، ونجدد الثقة فى قدرتها على أن تكون فى موقعها الجديد امتدادا لقيمة مصر، وعنوانا لحكمة إدارتها، وشريكا رئيسيا فى صياغة سياسات دولية عادلة تنصف الإنسان وتحفظ عالمنا، متمنيا للوزيرة التوفيق لما فيه خير مصر والعالم، وان يسدد الله خطى أبناء هذا الوطن فى المحافل كافة. على جانب آخر، وجه المستشار عبدالوهاب عبدالرازق التهنئة الى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى والشعب المصرى بمناسبة حلول عيد الأضحى، وقال عبدالرازق فى كلمته التى ألقاها خلال الجلسة العامة امس: إنه بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى المبارك يطيب لى أن أتقدم باسمى واسمكم جميعا بخالص التهانى والتمنيات القلبية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإلى الشعب المصرى والشعوب الإسلامية والعربية، سائلين الله العلى القدير أن يعيدها علينا وعلى أمتنا العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات، وأن يحفظ وطننا ويصون أمتنا.


بوابة الأهرام
منذ 7 ساعات
- بوابة الأهرام
اتجاهات دموع رياض منصور!
لم يستطع الدبلوماسى المخضرم رياض منصور أن يحبس دموعه وهو يلقى كلمته داخل أروقة الأمم المتحدة حول حرب الإبادة المستمرة فى غزة .. قال مندوب فلسطين بالمنظمة الدولية إن (النار والجوع يلتهمان أطفال فلسطين) .. أضاف وقد اغرورقت عيناه بالدموع وهو يستعرض صور الأمهات يحتضن أجساد أطفالهن الهامدة ويداعبن شعرهم ويتحدثن إليهم ويعتذرن لهم (إن هذا أمر لا يحتمل) وأجهش بالبكاء وتلعثمت الكلمات على لسانه وهو يستطرد قائلاً (أعتذر سيدى فلدى أطفال وأعلم ماذا يعنى الأحفاد لعائلاتهم) ثم ضرب الطاولة التى أمامه بقبضته وهو يصيح (إن أطفال غزة يموتون جوعاً .... وهذا الحال يفوق قدرة البشر على التحمل ... فكيف يمكن لأى إنسان أن يتحمل هذه الفظاعة ؟؟!!). ولم تكن كلمات المسئول الفلسطينى هى وحدها المبكية المؤلمة فى جلسة مجلس الأمن التى تناولت فظائع إسرائيل فى غزة .. فقد تحدث السفير الجزائرى عمار بن جامع وركز على قصة الطبيبة آلاء النجار التى استقبلت جثث أبنائها التسعة الذين لقوا حتفهم حرقا فى غارة جوية فى حى قيزان بمدينة خان يونس، مؤكداً أن (ملاجئ القطاع تحولت إلى أفران مشتعلة) ومذكراً بأن 18 ألف طفل فلسطينى استشهدوا .. وأن هذه ليست مجرد أرقام ولكنها (أرواح وأصوات وأحلام) !. ورغم التعبيرات المؤثرة والكلمات الدامية للسفيرين العربيين إلا أنها لا تقارن بما يجرى من فظائع وأهوال على أرض الواقع وتنال من أشقائنا الفلسطينيين .. فقد اعترفت الأمم المتحدة ,على لسان المتحدث باسمها لتنسيق الشئون الإنسانية يانس لاركيه, أن غزة أصبحت أكثر بقاع الأرض جوعاً، وأن نحو 200 ألف شخص نزحوا منها خلال الأسبوعين الماضيين فقط .. ونحن لا نزال نمصمص الشفاه ونبدى التعاطف والعواطف.. والعالم المنافق من حولنا يكتفى بالتنديد وبعضهم بالتبرير.. وإنه لأمر عظيم وخطير.. لا نظنه سيستمر طويلاً رغم كل المآسى والمجازر ومشاعر الإحباط .. فنصر الله حتماً آت وشعاع الشمس سيخترق ظلمات البطش والظلم والطغيان مهما طال الليل واشتد الظلام!.