
'اسكناس' الإيرانية تكشف ملامح .. أيام صعبة بعد الاتفاق
خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
حاليًا يغلب على كل أجزاء الدولة حالة من التفاؤل بخصوص الوصول إلى اتفاقٍ باعث للأمل بين 'إيران' والدول الغربية بقيادة 'الولايات المتحدة الأميركية'؛ حيث نأمل بعد سنوات من الصراعات الطويلة، وتكلفة باهظة، وسنوات طويلة صعبة، في انفراجه بخصوص رفع العقوبات واتصال 'إيران' بالنظام الاقتصادي والتجاري العالمي. بحسب ما استهل 'مرتضى نوراني'؛ أستاذ مساعد العلوم السياسية، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية.
ويتبلور بين أحاديث الأفراد والجماعات والتيارات السياسية والاجتماعية المختلفة، حلمٌ مشترك بمستقبل أفضل في الأذهان، وهذا الإيمان الإيجابي والتفاؤل قد كبح لحسَّن الحظ جُماح الوضع الاقتصادي الجامح إلى حدٍ كبير، ومنذ فترة ليست بالبعيدة بدأت الأسواق المحلية تُظهر صورة إيجابية وآفاقًا تبعث على الأمل.
بداية الأيام الصعبة..
لكن غُداة الاتفاق وهدوء أجواء العاطفية والنفسية المجتمعية، ستكون البداية أيامًا صعبة ! لكن بخلاف هذا التفاؤل؛ (الذي يُعتبر شرطًا ضروريًا لاستمرار الحكم وإنقاذ اقتصاد البلاد)، سوف تكشف النظرة العابرة على الحالة الثقافية والاجتماعية في البلاد وفي مختلف القطاعات، عن مسّار شاقٍ وتحديات كثيرة.
فالأوضاع الفعلية الداخلية غير المستَّقرة، سوف تُعرقل أي انفراجه، إذ لا بُدّ من العمل سنوات طوال على مسّار الإصلاحات الداخلية، وتغييّر المسّار الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وتحويلها إلى سلوكيات قابلة للاتصال بالنظام الدولي.
وللأسف تعّرض الهيكل الثقافي للمؤسسات المختلفة الحكومية وشبه الحكومية، والخاصة وشبه الخاصة في البلاد، خلال هذه السنوات الطويلة، للإهمال والتفكك، وخلا من الكوادر المتخصصة والغيورة والملتزمة بالمثل العليا، واكتسب على مدى عقود صفات سلبية أخرى.
وفي القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، أصبح الفساد وانعدام المسؤولية كالنمل الأبيض ينخر الأسس الأساسية للمؤسسات، ويقدم مخرجات عديمة القيمة ! فهل نطلب غداة الاتفاق الاتصال بالنظام الدولي بمثل هذه المؤسسات والهياكل ؟
أغلب دول العالم طبقت قبل ثلاثة عقود أنظمة مضادة للفساد؛ بل وتمتع حتى القطاعات الخاصة المختلفة بأنظمة تمتاز بالشفافية.
أمامنا مسار طويل وصعب..
وحاليًا يمكن بسهولة إدراك عمق الكارثة، بمراجعة الوزارة والنواة الأساسية للقطاعات والهياكل الحكومية؛ إذ يفتقر أغلب الموظفين للشغف والدافع اللازم، وغير ملتُزمون، وغير متخصصون، مقيدون بالروتين التنظيمي كالأسرى في القيود، لا يشغلهم سوى انتهاء ساعات العمل ومغادرة المكاتب لمتابعة أعمالهم الثانوية !
وللأسف يفتقرون إلى مراعاة أطر التعامل مع الجمهور أو العملاء. فكيف سنتقدم غداة الاتفاق السياسي بمثل هذه الهياكل الداخلية ؟ وهل تمتلك دوائرنا الاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والجامعية بهياكلها وإمكانياتها الحالية، الفهم والقدرة على الاتصال بالأنظمة الدولية ؟ الإجابة واضحة. أمامنا مسّار طويل وصعب !
هل يُمكننا بموظفين يفتقرون للعلم، والمهارة، والدافع، وهذه الهياكل الداخلية المتهالكة، الاتصال بالنظام العالمي المتطور، ونأمل في التعاون وتنفيذ مشاريع مشتركة ؟
يمكن القول بجرأة، إن الدولة ستواجه غداة الانفراجه السياسية الحيرة والمشاكل في أجزاء مختلفة من البلاد؛ حتى القطاعات الخاصة المحلية في البلاد، التي تواجه جميع الصعوبات والتحديات الكثيرة، عالقة في متاهات المشكلات الهيكلية. وتعقيد أوضاع الأعمال الداخلية واضطراب الوضع الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والذي بلغ حدًا جعل معظم الشركات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في البلاد متورطين في ملفات قضائية وجنائية.
ففي 'طهران' فقط تُرفع سنويًا أكثر من ثلاثة ملايين قضية دعوية ! بمعنى أن ثُلثي سكان 'طهران' كان لديه مشكلة قضائية وقضية قانونية.
وأغلب القطاعات الخاصة التي ترتبط باتفاقيات مع القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، تستمر في النشاط بالحيلة وتحاول التناغم مع الفساد الحالي بكل الوسائل.
لذلك من الضروري وكلنا يأمل حاليًا في انفراجة سياسية والاتصال من جديد بالنظام الدولي، العمل بشكل جاد وشامل على تحديد جميع السياسات والإصلاحات الداخلية المطلوبة، وتهيئة أرضية الاتصال والتواصل الفعّال مع النظم الدولية، خلال فترة زمنية محددة، وبعزيمة قوية، وبجهد مضاعف في جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية. وبدون إعداد البيئة الداخلية، لن يكون الاتفاق السياسي سوى مسكّن مؤقت وضعيف الأثر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 7 ساعات
- موقع كتابات
'جوان' الإيرانية ترصد .. إسرائيل و'الطوفان الأوروبي' !
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: مجموعة المواقف والإجراءات الأوروبية الأخيرة من جانب 'فرنسا، وبريطانيا، وإسبانيا، وكندا، وهولندا' ضد 'إسرائيل' ودعم 'فلسطين' غير مسبّوقة تقريبًا وإن كانت محدودة، ولا نُبالغ إذا اطلقنا عليها اسم (طوفان أوروبا)؛ بداية من إصدار البيانات الثلاثية والسبَّاعية للقادة الأوروبيين التي تُدين بلهجة حادة 'إسرائيل' وتتهمها بإبادة الأطفال، وحتى استدعاء السفير الإسرائيلي في 'بريطانيا'، وتعليق الشراكة مع 'الاتحاد الأوروبي' ومباحثات التجارة الحرة، وفرض عقوبات، والتصديق على منع صادرات السلاح؛ (البرلمان الإسباني)، وتكثيّف الحركات الاحتجاجية الشعبية والسياسية… إلخ. بحسّب تقرير 'صابر ﮔل عنبري'، المنشور بصحيفة (جوان) الإيرانية. في المقابل؛ اتهم 'نتانياهو' والمقربون منه؛ 'أوروبا'، بدعم (حماس) ومعادة السامية. ضغوط عالمية لم تسفر عن شيء.. والمطلب الأوروبي والعالمي الأساس، وقف الإبادة الجماعية في 'غزة'، وإنهاء عمليات التجويع العقابية، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية على المنطقة، التي تتعرض منذ ما يزيد عن (70) يومًا لقصف شديد وتُعاني حصار غذائي ودوائي شامل. والضغوط العالمية لم تسَّفر بالفعل سوى عن دخول مساعدات لا تُذكر ولم تُحقق نتائج خاصة، لكن هذه الضغوط سوف تسَّفر بالنهاية عن نتائج. وقد حدث الأمر نفسه تقريبًا في 'حرب فيتنام'؛ حيث بدأت المظاهرات الشعبية في ربوع العالم وحتى داخل 'الولايات المتحدة' نفسها، تلاها التحركات البرلمانية والحكومية التي أجبرت 'واشنطن' بالنهاية على إنهاء الحرب والخروج من المستَّنقع الفيتامي. مشاهد الإبادة والتجويع تحرك الجميع.. ومواقف 'أوروبا' الحادة؛ (باستثناء ألمانيا)، هي نتاج التطور على مدار الـ (19) شهرًا الماضية التي تبلورت على صعيد الرأي العام العالمي؛ بالتوازي مع استمرار الحرب على 'غزة'. وما ساهم في دخول هذه الموجة مرحلة اتخاذ إجراءات ولو على مستوى محدود، اقتران كارثة ما يحدث من إبادة في 'غزة' بالمجاعة والتجويع متعمد لأهلها وأطفالها، بالإضافة إلى القصف والقتال الجامح؛ حتى أن البعض في الداخل الإسرائيلي مثل؛ 'يائير غولان'، رئيس حزب (الديمقراطيين)، و'موشيه يعلون' وزير الدفاع الأسبق، و'إيهود أولمرت' و'إيهود باراك' وكلاهما رئيس وزراء سابق، انتقد ما يجري بشكلٍ: 'غير مسبوق'. وكان 'غولان' قد صرح قبيل أيام: 'حكومة (نتانياهو) تحولت إلى أكثر الحكومات الإسرائيلية الأكثر نفورًا في العام؛ بعدما تحولت عمليات إبادة أطفال غزة إلى لعبة'. ووصف الحرب الراهنة: بـ'التطهير العرقي'. تطور تاريخي.. ورغم أن رد الفعل العالمي لا يُذكر مقارنة بعمق الكارثة الإنسانية في 'قطاع غزة'، لكن حالة الغليان الحالية بين أوساط الرأي العام والنخبة؛ لا سيّما في الغرب، والتي هي بصدّد الانتقال إلى البرلمانات والحكومات، إنما تؤشر إلى 'تطور تاريخي' حيال 'إسرائيل' و'فلسطين' تزداد تداعياته عمقًا بالتدريج، من مثل المشروعية الأخلاقية، حيث تنهار الرواية الإسرائيلية في العالم لصالح تقوية الرواية الفلسطينية. هذا التحول النموذجي ليس مجرد نتاج لسلوك 'إسرائيل' والإبادة الجماعية الجارية، بل هو أيضًا ثمرة صمود الشعب التاريخي في 'غزة'؛ خلال الـ (19) شهرًا الماضية، فلولا هذا الصمود لما حدث مثل هذا التغيّر بالضرورة. 'نتانياهو' يعادي الجميع.. وبعد حوالي عامين من القتل وتدمير 'قطاع غزة'، لا تزال 'إسرائيل' تُعلن أنها لم تُحقق أهداف الحرب، وتواصل السّعي لتحرير الرهائن وتدمير (حماس). لكن 'نتانياهو' يزداد بُعدًا عن أهدافه كلما زاد من المجازر، زاد من تصاعد التحول العالمي ضد 'إسرائيل'، وعرّض ممتلكاتها الاستراتيجية للمزاد حتى أمام أقرب حلفائها 'أميركا وأوروبا'؛ لدرجة أن 'ترمب' أكبر داعميها، قد نفدّ صبره من سلوك 'نتانياهو'، حسبّما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية وأميركية. وحاليًا يواجه 'نتانياهو'؛ الذي كان يتحدث عن تغييّر الشرق الأوسط نتيجة تطورات 'لبنان وسورية'، عالمًا يتغيّر باعتراف 'إسرائيل'، وقد تحول رد الفعل على هجوم (حماس)؛ في السابع من تشرين أول/أكتوبر إلى أكبر تهديد عالمي لـ'إسرائيل'. هذه الحرب الجامحة لم تؤد إلى تدمير (حماس): كـ'ثأر' للهجوم، بل تسببت في أزمة داخلية عميقة، كما كتبت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، حيث وصلت 'إسرائيل'؛ بعد (592) يومًا من الحرب، إلى أدنى مكانة دولية وتواجه (تسونامي). في الوقت نفسه، توقف مشروع تطبيع العلاقات ودمج 'إسرائيل' في الشرق الأوسط كتمهيد لنظام جديد، وفشل 'ترمب' في زيارته الأخيرة في إدخاله إلى أهم محطة 'السعودية'. في المقابل، أصبح صوت المطالبة بتشكيل 'دولة فلسطينية' والاعتراف بها أعلى من أي وقت مضّى.


موقع كتابات
منذ يوم واحد
- موقع كتابات
'اسكناس' الإيرانية تكشف ملامح .. أيام صعبة بعد الاتفاق
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: حاليًا يغلب على كل أجزاء الدولة حالة من التفاؤل بخصوص الوصول إلى اتفاقٍ باعث للأمل بين 'إيران' والدول الغربية بقيادة 'الولايات المتحدة الأميركية'؛ حيث نأمل بعد سنوات من الصراعات الطويلة، وتكلفة باهظة، وسنوات طويلة صعبة، في انفراجه بخصوص رفع العقوبات واتصال 'إيران' بالنظام الاقتصادي والتجاري العالمي. بحسب ما استهل 'مرتضى نوراني'؛ أستاذ مساعد العلوم السياسية، تحليله المنشور بصحيفة (اسكناس) الإيرانية. ويتبلور بين أحاديث الأفراد والجماعات والتيارات السياسية والاجتماعية المختلفة، حلمٌ مشترك بمستقبل أفضل في الأذهان، وهذا الإيمان الإيجابي والتفاؤل قد كبح لحسَّن الحظ جُماح الوضع الاقتصادي الجامح إلى حدٍ كبير، ومنذ فترة ليست بالبعيدة بدأت الأسواق المحلية تُظهر صورة إيجابية وآفاقًا تبعث على الأمل. بداية الأيام الصعبة.. لكن غُداة الاتفاق وهدوء أجواء العاطفية والنفسية المجتمعية، ستكون البداية أيامًا صعبة ! لكن بخلاف هذا التفاؤل؛ (الذي يُعتبر شرطًا ضروريًا لاستمرار الحكم وإنقاذ اقتصاد البلاد)، سوف تكشف النظرة العابرة على الحالة الثقافية والاجتماعية في البلاد وفي مختلف القطاعات، عن مسّار شاقٍ وتحديات كثيرة. فالأوضاع الفعلية الداخلية غير المستَّقرة، سوف تُعرقل أي انفراجه، إذ لا بُدّ من العمل سنوات طوال على مسّار الإصلاحات الداخلية، وتغييّر المسّار الثقافي والاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وتحويلها إلى سلوكيات قابلة للاتصال بالنظام الدولي. وللأسف تعّرض الهيكل الثقافي للمؤسسات المختلفة الحكومية وشبه الحكومية، والخاصة وشبه الخاصة في البلاد، خلال هذه السنوات الطويلة، للإهمال والتفكك، وخلا من الكوادر المتخصصة والغيورة والملتزمة بالمثل العليا، واكتسب على مدى عقود صفات سلبية أخرى. وفي القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، أصبح الفساد وانعدام المسؤولية كالنمل الأبيض ينخر الأسس الأساسية للمؤسسات، ويقدم مخرجات عديمة القيمة ! فهل نطلب غداة الاتفاق الاتصال بالنظام الدولي بمثل هذه المؤسسات والهياكل ؟ أغلب دول العالم طبقت قبل ثلاثة عقود أنظمة مضادة للفساد؛ بل وتمتع حتى القطاعات الخاصة المختلفة بأنظمة تمتاز بالشفافية. أمامنا مسار طويل وصعب.. وحاليًا يمكن بسهولة إدراك عمق الكارثة، بمراجعة الوزارة والنواة الأساسية للقطاعات والهياكل الحكومية؛ إذ يفتقر أغلب الموظفين للشغف والدافع اللازم، وغير ملتُزمون، وغير متخصصون، مقيدون بالروتين التنظيمي كالأسرى في القيود، لا يشغلهم سوى انتهاء ساعات العمل ومغادرة المكاتب لمتابعة أعمالهم الثانوية ! وللأسف يفتقرون إلى مراعاة أطر التعامل مع الجمهور أو العملاء. فكيف سنتقدم غداة الاتفاق السياسي بمثل هذه الهياكل الداخلية ؟ وهل تمتلك دوائرنا الاقتصادية، والثقافية، والتعليمية، والجامعية بهياكلها وإمكانياتها الحالية، الفهم والقدرة على الاتصال بالأنظمة الدولية ؟ الإجابة واضحة. أمامنا مسّار طويل وصعب ! هل يُمكننا بموظفين يفتقرون للعلم، والمهارة، والدافع، وهذه الهياكل الداخلية المتهالكة، الاتصال بالنظام العالمي المتطور، ونأمل في التعاون وتنفيذ مشاريع مشتركة ؟ يمكن القول بجرأة، إن الدولة ستواجه غداة الانفراجه السياسية الحيرة والمشاكل في أجزاء مختلفة من البلاد؛ حتى القطاعات الخاصة المحلية في البلاد، التي تواجه جميع الصعوبات والتحديات الكثيرة، عالقة في متاهات المشكلات الهيكلية. وتعقيد أوضاع الأعمال الداخلية واضطراب الوضع الثقافي والأخلاقي والاجتماعي والذي بلغ حدًا جعل معظم الشركات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين في البلاد متورطين في ملفات قضائية وجنائية. ففي 'طهران' فقط تُرفع سنويًا أكثر من ثلاثة ملايين قضية دعوية ! بمعنى أن ثُلثي سكان 'طهران' كان لديه مشكلة قضائية وقضية قانونية. وأغلب القطاعات الخاصة التي ترتبط باتفاقيات مع القطاعات الحكومية وشبه الحكومية، تستمر في النشاط بالحيلة وتحاول التناغم مع الفساد الحالي بكل الوسائل. لذلك من الضروري وكلنا يأمل حاليًا في انفراجة سياسية والاتصال من جديد بالنظام الدولي، العمل بشكل جاد وشامل على تحديد جميع السياسات والإصلاحات الداخلية المطلوبة، وتهيئة أرضية الاتصال والتواصل الفعّال مع النظم الدولية، خلال فترة زمنية محددة، وبعزيمة قوية، وبجهد مضاعف في جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية. وبدون إعداد البيئة الداخلية، لن يكون الاتفاق السياسي سوى مسكّن مؤقت وضعيف الأثر.


موقع كتابات
منذ 3 أيام
- موقع كتابات
'الدولي' لدراسات السلام يقرأ .. هندسة 'ترمب' الاستراتيجية في الشرق الأوسط
خاص: ترجمة- د. محمد بناية: سياسة 'دونالد ترمب' في الشرق الأوسط ضد 'إيران'؛ لا سيّما خلال زيارته الأخيرة إلى 'المملكة العربية السعودية'، هي انعكاس للمساعي والجهود المنَّظمة الرامية إلى تغييّر توازن القوة في المنقطة. بحسب ما استهلت 'فاطمة خادم الشيرازي'؛ مقالها التحليلي المنشور على موقع 'المركز الدولي لدراسات السلام' الإيراني. ويستخدم 'ترمب' أدوات من مثل الضغوط الاقتصادية، والحرب النفسية، وإهانة 'إيران' بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، للوصول إلى أهدافه بشأن احتواء القوة الإقليمية الإيرانية. حرب 'ترمب' ضد إيران.. وهذه السياسة تشَّبه إلى حدٍ كبير استراتيجية 'ضغوط الحد الأقصى'؛ التي بدأت مع وصوله إلى الرئاسة الأميركية في الدورة الأولى. والانسحاب من 'الاتفاق النووي'، وإعادة العقوبات ضد 'إيران'، دفع 'ترمب' إلى تصور أن 'واشنطن' سوف تتمكن بالنهاية من إجبار 'إيران' على قبول مطالبها عبر الضغوط الاقتصادية. واستخدم المنابر الدبلوماسية مثلما حدث في زيارة 'الرياض'، والأدوات النفسية كالإعلام، في تضخيم المشاكل الإيرانية الداخلية، وتسّليط الضوء على الضعف الإداري، والاستياء الشعبي لخلق فجوة بين الشعب والحكومة. وهذا يثبَّت أن فكرته عن المجتمع الإيراني، لا تقوم على معرفة كافية بانسجام الإيرانيين. وسّعى 'ترمب' عبر تضخيم المشكلات الداخلية الإيرانية، إلى إلقاء مسؤولية الأوضاع الاقتصادية الصعبة على عاتق الحكومة الإيرانية بشكلٍ مباشر، والحرص في الوقت نفسه، على طرح خياراته الدبلوماسية باعبتارها الحل الوحيد المتاح للحد من الضغوط. وهذا شكل من أشكال الحرب الناعمة تهدف إلى تأكيد أن الاستسلام والرضوخ أمام 'الولايات المتحدة' مقترن برفاهية الشعب الإيراني. لكن التجربة الإيرانية في مواجهة السياسات العدائية الأجنبية، أثبتت أن التهديدات الخارجية إنما تقوي لحمة الاتحاد الوطني. ورُغم العقوبات والضغوط تمكنت 'إيران' من المحافظة على مكانتها الاستراتيجية في المنطقة، والحيلولة دون الانهيار الاقتصادي. وهذا الواقع أثبت أن سياسة 'ترمب'؛ المعروفة باسم: 'ضغوط الحد الأقصى'، في فترته الرئاسية الأولى، فشلت في تركيع 'إيران'. وأدرك الشعب الإيراني أن سياساته إنما تهدف إلى اضعاف 'إيران' وتقوية حلفائها الإقليميين، لا مساعدة الشعب الإيراني. وهذا الوعى أدى إلى فشل مساعي 'ترمب' الرامية إلى خلق فجوة داخلية. وقد سعى بوعى بقدرة 'إيران' العسكرية والإقليمية، إلى تشويه هذه الحقيقة وإجبار 'إيران'؛ عبر العقوبات والحرب النفسية، على الاستسلام. إلا أن 'إيران' أثبتت امتلاك 'إيران' القدرات اللازمة للتعامل مع الضغوط. من ثم فقد أدت سياسات 'ترمب' إلى تقوية التناغم الداخلي الإيراني. سياسة 'ترمب' بالمنطقة.. وتُمثّل سياسات 'ترمب'؛ في فترة رئاسته الثانية، تجاه الشرق الأوسط، مزيجًا من الأهداف الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، والتي صُممت لتقوية حلفاء 'الولايات المتحدة' في المنطقة، وإضعاف 'إيران'، ومواجهة نفوذ المنافسين الآخرين مثل: 'روسيا والصين'. وقد ساعدت صفقات السلاح السعودية الضخمة، 'ترمب'، على تعزيز المصالح الاقتصادية الداخلية لـ'الولايات المتحدة' من جهة، وتوطيد علاقته مع 'السعودية'، التي تُعدّ أحد أبرز حلفائه في المنطقة، من ناحية أخرى. كما ساعدت 'السعودية' على أداء دور رادع ضد 'إيران'. الاتفاقيات الإبراهيمية.. ويُعتبّر 'الاتفاق الإبراهيمي'، وتطبيع علاقات 'إسرائيل' وبعض الدول العربية مثل: 'الإمارات والبحرين'، أحد أبرز إنجازات إدارة 'ترمب' في الشرق الأوسط، والتي تسّعى إلى ضم 'السعودية' إلى هذا الاتفاق أيضًا، بشكلٍ قد يُسهم في تشكيل تحالف أوسع ضد 'إيران' وإضعاف مكانتها في المنطقة، كما يتُيح للكيان الإسرائيلي فرصة تعزيز علاقاتها الاقتصادية والاستراتيجية مع العالم العربي، والعمل جنبًا إلى جنب مع 'الولايات المتحدة' وحلفائها لفرض نظام إقليمي جديد يقوم على التجارة والتعاون الاقتصادي بدلًا من التوتر والصراع. ختامًا، تتمحور أنشطة 'ترمب' في الشرق الأوسط؛ حول تعزيز مكانة 'الولايات المتحدة' وحلفائها في المنطقة، وزعزعة استقرار المنافسين الرئيسيين. ومع ذلك؛ تواجه هذه السياسات تحديات متعدَّدة، بما في ذلك العلاقة المعقدة مع 'تركيا' حول 'سورية' والأكراد، والرد المحتمل من 'إيران' عبر جماعات المقاومة في المنطقة، فضلًا عن ضغوط 'إيران وروسيا' للحفاظ على نفوذهما في 'سورية'، وهو ما قد يُعقّد سياسات 'ترمب' الإقليمية. بشكلٍ عام، يعتمد نجاح سياسات 'ترمب' في الشرق الأوسط بشكلٍ كبير على دعم الدول العربية والحفاظ على التحالفات الاستراتيجية، لكن هذه السياسات قد تؤدي إلى تأجيج فوضى جديد في المنطقة.