logo
أ. د. ليث كمال نصراوين : مرافعة الملك القانونية أمام البرلمان الأوروبي

أ. د. ليث كمال نصراوين : مرافعة الملك القانونية أمام البرلمان الأوروبي

أخبارنامنذ 13 ساعات

أخبارنا :
ألقى جلالة الملك عبد الله الثاني قبل أيام خطابا هاما أمام البرلمان الأوروبي في بروكسل، تناول فيه أهم القضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حيث جاء الخطاب الملكي بمثابة مرافعة قانونية متكاملة الأركان أساسها الدفاع عن حقوق الإنسان، وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني، وضرورة احترام القانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية من أجل تحقيق الأمن والسلم العالمي.
ويظهر الجانب القانوني في خطاب جلالة الملك أمام الأوروبيين من خلال استخدامه مصطلح "القانون" خمس مرات في حديثه، إلى جانب الموضوعات ذات الطبيعة القانونية التي قام بالتركيز عليها، وفي مقدمتها المرجعية القانونية للقضية الفلسطينية. فقد جاءت الدعوات الملكية بوقف إطلاق النار في غزة ورفض تهجير الفلسطينيين والدعوة لحل الدولتين لتنسجم مع المواثيق الدولية، ومن ضمنها اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر النقل القسري للسكان في زمن النزاع، بالإضافة إلى توافقها مع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
كما استند جلالة الملك في حديثه حول أهمية إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني إلى مبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة المنصوص عليه في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر على الدول الأعضاء التهديد باستعمال القوة في علاقاتهم الدولية أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي. كما يستند الحق في تقرير المصير إلى العهدين الدوليين لحقوق الإنسان لعام 1966، والذي يتسع نطاقه ليشمل عدم حرمان أي شعب من أسباب عيشه الخاصة به، وحقه في تقرير مركزه السياسي والتصرف الحر بثروات دولته ومواردها الطبيعية.
ومن الجوانب القانونية الأخرى في المرافعة الملكية التأكيد على أهمية الالتزام بالمواثيق والأعراف الدولية بما تتضمنه من قيم إنسانية وأخلاقية، حيث وصف جلالة الملك ما يحدث في غزة بأنه "نسخة مخزية من إنسانيتنا"، وذلك إشارة منه إلى الانتهاكات الصارخة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وبأن الحرب الإسرائيلية على المدنيين في قطاع غزة واستهداف المنشآت الصحية تشكل انتهاكا صريحا لقواعد حماية المدنيين والمرافق العامة في النزاعات المسلحة، والتي تُعد جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
كما أن صرخات جلالة الملك إلى أعضاء البرلمان الأوروبي ودعواته للجميع بضرورة تحمل مسؤولياتهم الدولية والتحرك الفوري لوقف الانتهاكات المتكررة في قطاع غزة، يشكل استحضارا واضحا لمبدأ ثابت في القانون الدولي هو "المسؤولية عن الحماية" (Responsibility to Protect). فهذا المبدأ الذي جرى إقراره في عام 2005، يقوم على أساس ثبوت مسؤولية كل دولة فرد عن حماية شعوبها من الجرائم الجماعية، وأنه يجب على المجتمع الدولي أن يتدخل ويتحمل مسؤوليته في توفير هذه الحماية إذا ما فشلت أي دولة في تحقيق هذه الرعاية الإنسانية.
ولم ينس جلالة الملك في مرافعته الشفوية الإشارة إلى الوصاية الهاشمية على المقدسات الدينية، حيث أعاد جلالته التذكير بالدور الأردني التاريخي في حماية الأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس، والذي هو حق ثابت وراسخ جرى تكريسه في العديد من القرارات الدولية والاتفاقيات الخطية، التي كان آخرها الاتفاق الموقّع بين جلالة الملك والرئيس الفلسطيني في عام 2013.
كما يتوافق الموقف الأردني من حماية المواقع الدينية مع اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تنص في المادة (27) منها على ضرورة "حماية الأفراد المدنيين وعلى وجه الخصوص احترام معتقداتهم الدينية"، ومع القرارات الدولية التي ترفض تغيير الوضع القانوني القائم في مدينة القدس باعتبارها مدينة محتلة.
ومن خلال إشارة جلالة الملك لممارسات الاحتلال الإسرائيلي "بهدم منازل الفلسطينيين وبساتين الزيتون والبنية التحتية"، فإنه يؤكد على أن هذه السلوكيات تشكل انتهاكا صريحا للقانون الدولي الإنساني، ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص في المادة (53) منها على أنه "يُحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة، منقولة أو ثابتة، تتعلق بأشخاص محميين."
كما أن هدم منازل المدنيين يعتبر عقوبة جماعية محظورة بموجب المادة (33) من اتفاقية جنيف، وممارسة تنطوي على تطهير عرقي وخرق لمبدأ التناسب والضرورة العسكرية، وأن اقتلاع بساتين الزيتون وتدمير الأراضي الزراعية يُعد انتهاكا لحق السكان المحميين في سلامة ممتلكاتهم، التي تقررها المادة (46) من اتفاقية لاهاي 1907 التي تحظر مصادرة الملكية الخاصة والاعتداء عليها.
أما تدمير البنية التحتية من طرق وشبكات كهرباء ومياه ومرافق عامة، فإنها أفعال مجرمة بطبيعتها وتتعارض مع مبدأ حماية السكان المدنيين الذي قررته المادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تعتبر التدمير الواسع غير المبرر للممتلكات المدنية جريمة حرب لغايات ثبوت الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية في الملاحقة الجزائية.
وقد اختتم جلالة الملك مرافعته القانونية بالتحذير من تداعيات غياب القانون وتراجع القيم الإنسانية، حيث أشار إلى أن العالم "يشعر بأنه قد فقد بوصلته الأخلاقية، وبأن القواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران". فهذا التحذير الملكي هو إشارة إلى التآكل الحاصل في نظام العلاقات الدولية الذي يُفترض به أن يقوم على أساس سيادة القانون وتعزيز القيم المشتركة.
إن ما أراد جلالة الملك التعبير عنه في حديثه عن فقدان البوصلة الأخلاقية، هو تنبيه البرلمان الأوروبي إلى المخاطر الوجودية الناجمة عن عدم احترام القانون الدولي، والتي قد تؤدي إلى فوضى واسعة النطاق، فيكون التمسك بأحكام القانون وتطبيقه ليس مجرد واجب أخلاقي بل ضرورة استراتيجية ملحة لحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وقد أبدع جلالته في مرافعته القانونية عندما خاطب الأوروبيين بلسان حالهم، مستحضرا تجربة شعوبهم القديمة عندما "صمموا على ترك الماضي وبناء عصر جديد من السلام، فاختاروا الكرامة الإنسانية عوضا عن الهيمنة، والقيم عوضا عن الانتقام، والقانون عوضا عن القوة، والتعاون عوضا عن الصراع".
ولم يغب الحديث عن الأردن في مرافعة الملك القانونية، فوصفه بأجمل الأوصاف بأنه موطن عُمّاد السيد المسيح عليه السلام. ففي زمن تتعالى فيه الأصوات الداعية إلى الكراهية والانقسام على أسس دينية وطائفية، يبرز الأردن نموذجا مثاليا في ترسيخ قيم الحرية الدينية والمواطنة المتساوية. فهذا النموذج لا يستند فقط إلى الإرث الثقافي والروحي للأردن، بل هو انعكاس مباشر لنصوص دستوره وتشريعاته الوطنية والتزامه بالقانون الدولي لحقوق الإنسان.
إن الوجود المسيحي في الأردن يشكل عنصرا أساسيا لقيامه وركيزة من ركائز العمل والبناء فيه؛ فالمسيحيون مكوّن وطني أصيل وشريك في التاريخ مع أخيه المسلم وفي حمل المسؤولية الوطنية، وهذا ما عبّر عنه جلالة الملك بقوله "بلدنا المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع مواطنينا يتشاركون في بناء وطننا". ــ الراي

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في ذكرى ميلاده.. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين
في ذكرى ميلاده.. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين

هلا اخبار

timeمنذ ساعة واحدة

  • هلا اخبار

في ذكرى ميلاده.. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين

هلا أخبار – بمناسبة عيد ميلاد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، استذكر ضباط في القوات المسلحة الأردنية مواقف ميدانية وإنسانية لسموه، تؤكد على حضوره العسكري المتميز، وتواضعه القيادي، والتزامه بروح الجندية. وفي مقابلة عبر أثير 'جيش أف أم' ضمن برنامج 'هنا الأردن'، تحدث العميد المتقاعد فؤاد العياصرة، الذي خدم قائداً للواء الملك حسين بن طلال المدرع الملكي/40، عن تجربة سمو الأمير خلال خدمته كقائد فصيل مشاة آلي في اللواء. وقال العياصرة إن الأمير الحسين أظهر انضباطاً عالياً واحترافية في أداء الواجبات، سواء خلال التمارين التعبوية، أو الحياة اليومية داخل الوحدة. وأضاف: 'كان يتمتع بصفات قيادية واضحة، أهمها التواضع، والانضباط، وحسن التعامل مع الزملاء والمرؤوسين'، مشيراً إلى أن علاقته بزملائه اتسمت بالمحبة والاحترام المتبادل. وفي سياق متصل، كشف العياصرة عن تفاصيل حفل زفاف سمو ولي العهد الذي أُقيم في اللواء، حيث شارك فيه الضباط والأفراد بأجواء شبابية وعسكرية. وأوضح أن سموه أصر على المشاركة في فقرات الحفل برفقة الأمير هاشم، وتفاعل مع زملائه بروح أخوية. وأردف: 'سموه قطع إجازة الزواج بعد ثلاثة أيام فقط من الزفاف، وعاد إلى اللواء مباشرة، ما كان له أثر كبير في رفع المعنويات'. من جهة أخرى، تحدث المقدم الركن ساهر الزبون، قائد الكتيبة الخاصة 101، عن تجربة سمو ولي العهد منذ التحاقه بالكتيبة في تموز 2024، حيث يشغل منصب مساعد قائد الكتيبة، وهي إحدى وحدات قوات الملك عبدالله الثاني الخاصة. وأكد الزبون أن حضور سموه في الكتيبة ترك أثراً معنوياً واضحاً، مضيفاً: 'كان يؤدي جميع الواجبات كأي ضابط، يشارك في التمارين والرمايات، ويتابع التفاصيل الميدانية والإدارية حتى خارج أوقات الدوام'. وأشار إلى موقف لافت خلال تنفيذ تدريب ميداني، حين أصر سموه على حمل نقالة المصابين لمسافات طويلة مع زملائه في أرض وعرة، ورفض أن يُعفى من أي جهد بدني، كما أصر على تعبئة مخازن الذخيرة بيديه، مؤكداً التزامه الكامل بقيم الجندية. وختم الزبون حديثه بتهنئة لسمو ولي العهد في عيد ميلاده، مؤكداً أنه 'رفيق السلاح وزميل لا يُنسى'، متمنياً له دوام الصحة والتوفيق في خدمة الوطن تحت ظل جلالة الملك عبدالله الثاني. وكان يوم أمس السبت ذكرى العيد الحادي والثلاثون لميلاد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، النجل الأكبر لجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، والسليل الثاني والأربعين لسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم. ولد سمو ولي العهد في مدينة عمان في التاسع عشر من شهر محرم عام 1415 هجريا، الموافق للثامن والعشرين من حزيران عام 1994 ميلاديا. وصدرت الإرادة الملكية السامية باختيار سمو الأمير الحسين وليا للعهد في التاسع من شهر رجب عام 1430 هجريا، الموافق للثاني من شهر تموز عام 2009 ميلاديا، وعُين سموه نائبا لجلالة الملك عدة مرات.

بمناسبة العيد الوطني للفاتيكان: التزام مشترك مع الأردن في خدمة السلام
بمناسبة العيد الوطني للفاتيكان: التزام مشترك مع الأردن في خدمة السلام

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

بمناسبة العيد الوطني للفاتيكان: التزام مشترك مع الأردن في خدمة السلام

تحتفل الكنيسة الكاثوليكية كل عام، في 29 حزيران، بعيد القديسين الرسولين بطرس وبولس. يكتسب هذا العيد أهمية خاصة، ليس فقط لأنه يُكرّم القديسين الرئيسيين لكنيسة روما، بل أيضًا لأنه يُخلّد ذكرى القديس بطرس -أول الرسل والصخرة التي بنى عليها المسيح كنيسته- الذي تستمر رسالته بطريقة مميّزة من خلال خدمة قداسة البابا، خليفته. وبصفته "الذي يرأس جميع الكنائس بمحبة"، يُجسّد البابا الأساس الرسوليّ الراسخ للكنيسة. ويكتسب هذا العيد هذا العام أهميّة خاصة، إذ يُحتفل به بعد أسابيع قليلة من بدء حبرية البابا لاون الرابع عشر. وبجلوسه على كرسي بطرس، أُوكلت إليه مهمة تقوية إخوته في الإيمان ورعاية شعب الله. تُعتبر العلاقات الدبلوماسيّة بين المملكة الأردنيّة الهاشميّة والكرسي الرسولي، التي تأسّست عام 1994، ممتازة بحق. وحتى قبل تأسيسها رسميًّا، وعلى مدى العقود الخمسة الماضية، قام أربعة بابوات -بولس السادس، ويوحنا بولس الثاني، وبندكتس السادس عشر، وفرنسيس- بزيارات حج تاريخيّة إلى الأردن، مما يعكس عمق هذه العلاقة واستمراريتها. وعلى وجه الخصوص، اتسمت العلاقة بين جلالة الملك عبد الله الثاني والبابا فرنسيس الراحل بالاحترام المتبادل. في الواقع، يُعد قرار البابا فرنسيس بتعييني أول سفير بابوي مقيم في الأردن دليلاً على الأهميّة التي يوليها الكرسي الرسولي لعلاقاته مع المملكة، ويعكس نظرة تفاؤلية لاستمرار تعزيزها. ومؤخرًا، في كانون الثاني من هذا العام، ترأس صاحب النيافة الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر حاضرة الفاتيكان، حفل تدشين كنيسة اللاتين في المغطس، في لفتة ذات دلالة رمزية وروحية عميقة. يؤدي السفير البابوي مهمة مزدوجة: فمن جهة، يُجسّد العناية الراعوية التي يوليها الأب الأقدس للكنائس المحليّة؛ ومن جهة أخرى، يُمثّل البابا لدى السلطات المدنيّة. ومن خلال ممثليه البابويين المقيمين في مختلف الدول، يُصبح البابا مُنخرطًا عن كثب في حياة المؤمنين الكاثوليك. وبهذه الطريقة، يُصبح قادرًا -كأنه يتواصل معهم- على إدراك احتياجاتهم وآمالهم على نحو أسرع وأكثر موثوقية (راجع بولس السادس، الرسالة الرسولية "الإرادة الرسولية: الاهتمام الشامل بالكنيسة"). لا يزال المسيحيون في الشرق الأوسط يواجهون تحدّيات كبيرة، على الرغم من مساهماتهم الدائمة والهامة في تاريخ المنطقة وثقافتها. يعيش الكثيرون في ظلّ حالة من عدم اليقين والفقر والخوف -غالبًا نتيجةً لعدم الاستقرار السياسي والصراع والتعصّب الاجتماعي- وهي ظروف تُفضي أحيانًا إلى الاضطهاد والنزوح. ومع ذلك، يُمثل الأردن استثناءً بارزًا. ويعود ذلك بجزء كبير منه إلى الرعاية والاهتمام اللذين توليهما العائلة الهاشميّة لجميع المواطنين، مع إيلاء اهتمام خاص بحياة كريمة يعيشها المسيحيون في المملكة. في الواقع، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني، في خطابه الأخير أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ بتاريخ 17 حزيران 2025، أن المملكة لا تفخر فقط "بموقع عمّاد السيد المسيح - المغطس"، بل شدّد أيضًا على أن "بلدنا المسلم هو موطن لمجتمع مسيحي تاريخي، وجميع مواطنينا يتشاركون في بناء وطننا". وفي ضوء الاهتمام الرعوي والروحي الذي يوليه الكرسي الرسولي لجميع الأماكن المرتبطة بحياة السيد المسيح في الأرض المقدسة، يود الكرسي الرسولي أن يُعرب عن تقديره العميق للعائلة المالكة -وخاصةً لجلالة الملك عبدالله الثاني- وللحكومة الأردنيّة على الرعاية والحماية المتواصلتين لموقع معمودية السيد المسيح - المغطس، منذ أن حدّده الأب ميشيل بيتشيريلو في تسعينيات القرن الماضي. في الخطاب ذاته أمام البرلمان الأوروبي، أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن "إيمان الأردن الراسخ بهذه القيم المشتركة متجذر في تاريخنا وتراثنا، وهو ما يدفع مبادئنا الوطنية المبنية على التسامح والاحترام المتبادل". وبهذه الروح، يُعرب الكرسي الرسولي عن استعداده للتعاون مع حكومة الأردن في بناء عالم متجذّر في السلام، عالم مهتد بالقانون الدولي، ومدعوم بالالتزام المشترك للدول بالسعي لتحقيق الخير العام. يؤمن الكرسي الرسولي إيمانًا راسخًا بأن السلام لا يتحقّق بالقوة أو الأيديولوجيّة أو الصراع، بل يجب أن يرتكز على الاحترام المتبادل والحوار والدبلوماسية. وفي هذا الصدد، يُوفر مفهوم الكرامة الإنسانيّة أرضية مشتركة حيوية، أرضيةً يمكن أن يتّحد عليها الناس من جميع الأديان والثقافات. في الواقع، ينبغي أن تتاح لكل شخص فرصة النمو والدراسة والعمل وتكوين أسرة والعيش بسلام، مع حرية الايمان والعبادة. وتسعى الكنيسة الكاثوليكية، من خلال تراثها الروحي والثقافي، دون أي مصالح سياسية أو اقتصادية، إلى إعلاء شأن الإنسان وكرامته المتأصلة في حياة كل انسان. في عصرنا - الذي وصفه البابا فرنسيس الراحل غالبًا بأنه "حرب عالمية ثالثة تُخاض على دفعات"، مع صراعات تُصيب مناطق عديدة، وخاصةً الشرق الأوسط الحبيب - أُردّد كلمات البابا لاون الرابع عشر: "من واجب جميع الدول دعم قضية السلام، والسعي إلى سبل المصالحة، والبحث عن حلول تضمن الأمن والكرامة للجميع". ويُتابع الكرسي الرسولي، بقلق بالغ، الوضع المأساوي للشعب الفلسطيني، وخاصةً في غزة، حيث لا يقتصر العنف على ذلك، بل يستمر المرض أيضًا في إزهاق أرواح الأبرياء. فقد أدّى انهيار البنية التحتية للرعاية الصحيّة، وما رافقه من نقص في المياه النقية والأدوية، إلى انتشار أمراض خطيرة كالكوليرا والتهابات الجهاز التنفسي الحادة. ويواصل الكرسي الرسولي حثّ كلٍّ من إسرائيل وحماس على استئناف الحوار، بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وعلى جميع الجبهات، وتسهيل إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين، وضمان وصول المساعدات الإنسانيّة إلى المحتاجين، وخاصةً إلى الشعب الفلسطيني. لا ينبغي أن يموت أحد -أو يُقتل- من أجل لقمة عيش. يُقدّر الكرسي الرسولي عاليًا الجهود التي بذلتها المملكة الأردنية الهاشمية في الأشهر الأخيرة لتقديم المساعدة الإنسانيّة للمدنيين في غزة واستقبال اللاجئين من مختلف الخلفيات. وقد ساهمت الكنيسة الكاثوليكيّة، من جانبها، مساهمة فعّالة من خلال عمل جمعيّاتها الخيريّة. يرى الكرسي الرسولي أن الحلّ الأكثر عدلاً واستدامةً للأراضي المقدّسة هو حلّ الدولتين. بهذه الطريقة فقط، يمكن للإسرائيليين والفلسطينيين العيش جنبًا إلى جنب في سلام وأمن، وفقًا للتطلعات المشتركة لغالبية الشعبين. ويشمل ذلك إرساء وضع خاص مضمون دوليًّا لمدينة القدس، يهدف إلى صون التعايش وضمان الحرية الدينية للمؤمنين، المسيحيين واليهود والمسلمين على حد سواء. من خلال علاقاتنا الدبلوماسيّة، فإنّ الكرسي الرسولي والمملكة الأردنيّة الهاشميّة، متّحدين في التزامهما ببناء الجسور، وتعزيز الكرامة الإنسانيّة، وحماية الوجود المسيحيّ في هذه الأراضي العزيزة، ليسهمان معًا في تقديم شهادة مشتركة في خدمة عالمٍ راسخ الجذور في السلام.

في ذكرى ميلاده .. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين
في ذكرى ميلاده .. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين

سرايا الإخبارية

timeمنذ ساعة واحدة

  • سرايا الإخبارية

في ذكرى ميلاده .. ضباط أردنيون يروون تفاصيل ميدانية عن الأمير الحسين

سرايا - بمناسبة عيد ميلاد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، استذكر ضباط في القوات المسلحة الأردنية مواقف ميدانية وإنسانية لسموه، تؤكد على حضوره العسكري المتميز، وتواضعه القيادي، والتزامه بروح الجندية. و تحدث العميد المتقاعد فؤاد العياصرة، الذي خدم قائداً للواء الملك حسين بن طلال المدرع الملكي/40، عن تجربة سمو الأمير خلال خدمته كقائد فصيل مشاة آلي في اللواء. وقال العياصرة إن الأمير الحسين أظهر انضباطاً عالياً واحترافية في أداء الواجبات، سواء خلال التمارين التعبوية، أو الحياة اليومية داخل الوحدة. وأضاف: 'كان يتمتع بصفات قيادية واضحة، أهمها التواضع، والانضباط، وحسن التعامل مع الزملاء والمرؤوسين'، مشيراً إلى أن علاقته بزملائه اتسمت بالمحبة والاحترام المتبادل. وفي سياق متصل، كشف العياصرة عن تفاصيل حفل زفاف سمو ولي العهد الذي أُقيم في اللواء، حيث شارك فيه الضباط والأفراد بأجواء شبابية وعسكرية. وأوضح أن سموه أصر على المشاركة في فقرات الحفل برفقة الأمير هاشم، وتفاعل مع زملائه بروح أخوية. وأردف: 'سموه قطع إجازة الزواج بعد ثلاثة أيام فقط من الزفاف، وعاد إلى اللواء مباشرة، ما كان له أثر كبير في رفع المعنويات'. اقرأ أيضا: ولي العهد.. إرادة ملهمة نحو أردن رقمي مزدهر من جهة أخرى، تحدث المقدم الركن ساهر الزبون، قائد الكتيبة الخاصة 101، عن تجربة سمو ولي العهد منذ التحاقه بالكتيبة في تموز 2024، حيث يشغل منصب مساعد قائد الكتيبة، وهي إحدى وحدات قوات الملك عبدالله الثاني الخاصة. وأكد الزبون أن حضور سموه في الكتيبة ترك أثراً معنوياً واضحاً، مضيفاً: 'كان يؤدي جميع الواجبات كأي ضابط، يشارك في التمارين والرمايات، ويتابع التفاصيل الميدانية والإدارية حتى خارج أوقات الدوام'. وأشار إلى موقف لافت خلال تنفيذ تدريب ميداني، حين أصر سموه على حمل نقالة المصابين لمسافات طويلة مع زملائه في أرض وعرة، ورفض أن يُعفى من أي جهد بدني، كما أصر على تعبئة مخازن الذخيرة بيديه، مؤكداً التزامه الكامل بقيم الجندية. وختم الزبون حديثه بتهنئة لسمو ولي العهد في عيد ميلاده، مؤكداً أنه 'رفيق السلاح وزميل لا يُنسى'، متمنياً له دوام الصحة والتوفيق في خدمة الوطن تحت ظل جلالة الملك عبدالله الثاني. وكان يوم أمس السبت ذكرى العيد الحادي والثلاثون لميلاد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني ولي العهد، النجل الأكبر لجلالة الملك عبدالله الثاني وجلالة الملكة رانيا العبدالله، والسليل الثاني والأربعين لسيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم. ولد سمو ولي العهد في مدينة عمان في التاسع عشر من شهر محرم عام 1415 هجريا، الموافق للثامن والعشرين من حزيران عام 1994 ميلاديا. وصدرت الإرادة الملكية السامية باختيار سمو الأمير الحسين وليا للعهد في التاسع من شهر رجب عام 1430 هجريا، الموافق للثاني من شهر تموز عام 2009 ميلاديا، وعُين سموه نائبا لجلالة الملك عدة مرات. هلا اخبار

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store