logo
السوداني في البصرة وسط أزمة ملوحة وتلوث تضرب المدينة

السوداني في البصرة وسط أزمة ملوحة وتلوث تضرب المدينة

شفق نيوزمنذ يوم واحد
شفق نيوز – البصرة
وصل رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، إلى محافظة البصرة على رأس وفد يضم عدداً من الوزراء والمستشارين.
ذكر ذلك المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان مقتضب، دون ذكر مزيد من التفاصيل بشأن جدول الأعمال.
وتقول مصادر في البصرة لوكالة شفق نيوز، إن تحرك السوداني إلى البصرة يأتي في إطار متابعة أزمة الملوحة وتلوث المياه التي تشهدها المحافظة، وسط تصاعد الشكاوى المحلية من تدهور نوعية مياه الشرب وتضرر الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية في عدد من الأقضية والنواحي.
وبحسب المصادر، تهدف الزيارة إلى الوقوف ميدانياً على واقع الأزمة، واتخاذ قرارات عاجلة لتحسين الإمدادات المائية، وتفعيل مشاريع التحلية، وتوفير المعالجات الفورية للمناطق الأشد تضرراً.
وكان مجلس الوزراء قد قرر أمس الثلاثاء، تخصيص 18 مليار دينار لمعالجة أزمة المياه في البصرة، تشمل صيانة مشاريع الري ومحطات الضخ.
ةفي 29 حزيران الماضي ، أخبر محافظ البصرة أسعد العيداني، وكالة شفق نيوز، بقرب تنفيذ مشروع "تحلية مياه البحر" كحل استراتيجي لأزمة ملوحة المياه في المحافظة، مشيراً إلى أن قلة إمدادات نهر دجلة وانعدام مياه نهر الفرات، بالإضافة إلى صعود اللسان الملحي، تسببت بتفاقم المشكلة

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز
في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

ساحة التحرير

timeمنذ 31 دقائق

  • ساحة التحرير

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025!الطّاهر المُعِز

في ذكرى استقلال الجائز 05 تموز/يوليو 1962 – 2025! الطّاهر المُعِز فرانتز فانون وزوجته ماري جوزيف، والقضية الفلسطينية وُلد فرانز فانون (1925-1961) في مارتينيك المستعمرة الفرنسية في بحر الكاريبي، وتدرب كطبيب نفسي في ليون قبل توليه منصبًا في الجزائر الاستعمارية. وقد سبق له أن عانى من العنصرية كمتطوع في الجيش الفرنسي الحر، الذي شهد القتال في نهاية الحرب العالمية الثانية. في الجزائر، تَوَاصَلَ فانون مع جبهة التحرير الوطني، التي قوبل نضالها الشرس من أجل الاستقلال بعنف استثنائي من القوات الفرنسية، وانتمى إلى حركة التحرير، واضطر إلى مغادرة البلاد، حيث أصبح حينها داعية وسفيرًا لجبهة التحرير الوطني، بالإضافة إلى كونه منظّرًا بارزًا مناهضًا للاستعمار، وبعد وفاته المُبكّرة عن 36 سنة، استمرّت زوجته ماري جوزيف (جوزي) في السّيْر على نَهْجِه واستقرّت بالجزائر حتى وفاتها، وساهمت بالتعريف بالقضية الفلسطينية في العالم ماري جوزيف دوبليه، المعروفة باسم 'جوزي' ( 1931 – 1989)، امرأة بيضاء ولدت في فرنسا، كانت زوجة فرانز فانون، الرجل الأسود (المولود في مارتينيك). تزوجا سنة 1953، سنة صدور كتابه 'بشرة سوداء، أقنعة بيضاء'، الذي ساعدته على إعداده، وظَلّت جوزي فانون طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية، تُركز اهتمامها على فلسطين، ووضعت 'جوزي' حدًّا لحياتها بشكل مأساوي في الجزائر العاصمة وانتحرت يوم الثالث عشر من تموز/يوليو 1989، بعد الإعتداء عليها خلال هجوم مُرَوّع من قبل شباب من فصائل الإسلام السياسي الإرهابي… أما بشأن فلسطين فقد أرسلت جوزي فانون، خلال العدوان الصهيوني ( بداية من الخامس من حزيران 1967) برقية عاجلة من منزلها في الجزائر إلى مكتب فرانسوا ماسبيرو في باريس، الناشر الفرنسي لكتاب فرانز فانون 'معذبو الأرض'، وطلبت من ماسبيرو: 'الرجاء حذف مقدمة جان بول سارتر لكتاب فرانز فانون (معذبو الأرض) فورًا من جميع الطبعات القادمة، نظرًا لموقفه ( موقف جان بول سارتر) المؤيد للصهيونية والإمبريالية وتعاطفه العلني مع العدوان الصهيوني على الشعوب العربية'، وكان جان بول سارتر قد وَقَّعَ قبل ذلك بأسابيع قليلة، بيانًا لمثقفين فرنسيين مؤيدين 'لأمن إسرائيل وسيادتها'، بينما كان الجيش الصهيوني يعتدي على الأراضي والبلدان والشعوب العربية، وبالنسبة لجوزي فانون، فإن 'كل من قرأ كتاب معذبو الأرض ولم يُبدِ تضامنًا راسخًا مع القضية الفلسطينية، لم يفهم كُنْهَ النص' لا بُدّ من نَزْع هالة القُدُسية عن سارتر وأمثاله، ولنعد لقراءة خاتمة 'مُعذبو الأرض'، وإذا أردنا 'تلبية طموحات شعوبنا، فعلينا البحث في مكان آخر غير أوروبا'، واعتبرت جوزي إن رفض مقدمة جان بول سارتر 'تحية أخيرة لذكرى فانون ورؤيته السياسية'، غير إن دار النّشر 'ماسبيرو' تجاهلت ملاحظات وتعليمات جوزي أرملة فرانتز فانون، بل أُزيلت المقدمة من المُجلّد للطبعة المُعادة، وأُدْرِجت بنهاية الكتاب كملحق. كانت جوزي فانون تعتبر سارتر غير منتمي إلى اليسار، وهي عبّرت عن عدم ثقتها بـ'اليسار الفرنسي' وأعلنت ' لم أعد أشعر بوجود أي شيء مشترك بيني وبين هذا اليسار ' وكتبت ( بخصوص سارتر الذي كان من الأدبار الفرنسيين القلائل الذين دعموا استقلال الجزائر) 'التقى فرانز فانون وجان بول سارتر مرة واحدة فقط، في روما صيف العام 1961، وأعلن سارتر إن فانتز فانون هو الرجل الأسود الوحيد الذي أنسى أمامه أنه أسود، وشكّل هذا اللقاء الوحيد عقودًا من البحث العلمي…' لا يتجاهل كُتّاب السّيرة والباحثون في الإرث الأدبي والثقافي لفانون عادةً طَلَبَ جوزي بإزالة المقدمة، ولكن يُستخدم هذا الطّلب لمناقشة العلاقة بين فرانز وسارتر أو تُسْتَغل المقدّمة في نقاشات حول صهيونية سارتر، دون التطرق إلى جوزي نفسها، وبعد قُرابة ستة عُقُود من عُدْوان 1967، لا يزال الكيان الصّهيوني مُستمرًّا في قصف وتهجير وتجويع الفلسطينيين ومُصادرة أراضيهم وتدمير مبانيهم، ولذا فإن الظّرْف مُناسب لوضع طلب حَذْف مُقدّمة جان بول سارتر في سياقه التّاريخي، وضمن إخلاص جوزي فانون والتزامها الممتد لعقود بتحرير فلسطين. عند التفكير في نشأتها في فرنسا، اعتقدت جوزي أن 'كل أوروبي يولد عنصريًا' ولكن يمكن تسهيل الوصول إلى 'أخوة الإنسان' من خلال 'تدريب أو تأهيل شاق وطويل' ولكنها تُضيف 'إن الظروف أو المناخ السياسي يُساعدان على تسريع أو تقصير عملية التّأهيل والجُهد المَبْذُول من قِبل الأوروبيين، وكان الإستعمار الفرنسي للجزائر مُحَفِّزًا هامّا لتنمية الوَعْي لدَيَّ '. أصبحت جوزي فانون أرملة وأُمًّا في الثانية والثلاثين من عمرها، وعادت إلى الجزائر مع ابنها ( أُولِيفييه) سنة 1962، بعد بضعة أشهر فقط من الاستقلال، ولاحظ الإبن، خلال مُقابلة معه سنة 2018، 'تَعَلُّقَ والدته القَوِيّ والفَوْرِي بالجزائر'، لأن فرانتز فانون كان جزءًا لا يتجزأ من هياكل جبهة التحرير الوطني التي تقاتل ضد الاستعمار الإستيطاني الفرنسي. بدأت جوزي فانون الكتابة في صحيفة المُجاهد بعد عودتها بفترة وجيزة، وأشرفت على ملف حركات المقاومة ومناهضة الإستعمار، وشَدّدت على 'العلاقة الوثيقة بين الثورة الجزائرية والثورة الفلسطينية' وأشارت في العديد من مقالاتها إلى 'التّكامل بين الثّوْرَتَيْن'، وظلت جوزي تُركّز على فلسطين طوال مسيرتها المهنية التي امتدت قرابة ثلاثين عامًا كصحفية ومحللة سياسية،. وشكّلت حُرِّيّة الشّعب الفلسطيني محور اهتمامها السياسي في العالم الثالث، حيث جمعت كتاباتها على الرّبْط بين الصهيونية والاستعمار والإمبريالية. كانت جوزي فانون في بداية مسيرتها مُراسلة إخبارية لصحيفة المجاهد، وكانت تُركِّزُ على أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وانضمّت بهذه الصفة، إلى 'إيلين مختفي' في هافانا كمبعوثة صحفية رسمية لجبهة التحرير الوطني في المؤتمر الأول لمنظمة التضامن مع أمريكا الجنوبية (OLAS) سنة 1967، وكان المؤتمر بمثابة أكبر تجمع لجبهات حرب العصابات النشطة في أمريكا الجنوبية، بمشاركة أكثر من 157 صحفي أجنبي، وكان المؤتمر يهدف مواصلة الزّخم الذي وَلَّدَهُ المؤتمر الأول للقارات الثّلاث ( كانون الثاني/يناير 1966) لتوسيع نطاق التضامن الثوري والنّضال ضدّ الإمبريالية الأمريكية، وركّزت البيانات الصادرة عن المؤتمر ومعظم مقالات المُراسلين الصّحُفِيِّين على إدانة العدوان الأمريكي على فيتنام وإدانة حصار كوبا، وتميّزت مُراسلات جوزي فانون بحرصها على تسليط الضوء على العلاقة بين الإمبريالية الأمريكية والقضية الفلسطينية، فبالنسبة لها، لا يُمكن فصل 'وجود القوات الأمريكية في فيتنام ومحاولة غزو كوبا وتدخل المرتزقة في الكونغو، عن العدوان الصهيوني الجبان والإمبريالي على الشعوب العربية (…) ولا يُمكن اختزال قضية فلسطين في الدين أو العرق فحسب، بل هي جزء من عدوان امبريالي صهيوني'. بعد أقل من شهر من استسلام انفصالِيِّي إقليم بيافرا الغني بالنفط ( بقيادة الجنرال الإنفصالي أوجوكيو) للحكومة الإتحادية النيجيرية بقيادة الجنرال يعقوب غوون ( آذار/مارس 1970)، سافرت جوزي فانون إلى الإقليم الانفصالي السابق كمراسلة رسمية لصحيفة 'المجاهد'، وركزت تقاريرها على كشف النقاب عَمَّا كان يتم تقديمه على أنه صراع أهلي إقليمي، وأزاحت جوزي السّتار عن الأطراف الدّولية العديدة في هذه الحرب، ومن ضمنها الكيان الصهيوني ونظام جنوب إفريقيا العنصري والإستعمار البرتغالي والإمبريالية الأوروبية والأمريكية، وكانت جميع هذه الأطراف متحالفة من أجل الإطاحة بحكومة يعقوب غُوون ومن أجل انفصال إقليم بيافرا الغني بالنفط، منذ استقلال نيجيريا عن بريطانيا سنة 1960، ويعود الفض إلى جوزي التي عملت على إبراز دور الكيان الصهيوني في إفريقيا، وفي نيجيريا المُطلّة على المحيط الأطلسي ( أكثر الدّول الإفريقية كثافة سكّانية وأكثرها إنتاجًا للنفط والغاز وتقطنها أغلبية سُكّانية مُسلمة) حيث حرصت دولة الإحتلال الصهيوني على إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية مع الدّول الإفريقية حال استقلالها، ومن بينها نيجيريا، منذ استقلالها سنة 1960 وركّز الكيان الصهيوني على نيجيريا بحكم موقعها وثرواتها فأصبحت الوجهة الرئيسية لأنشطة الشركات المملوكة للصّهاينة في أفريقيا، ولعب مُمثّلو هذه الشركات – إلى جانب البعثات الدّبلوماسية الصهيونية والإمبريالية – دورًا حاسما في اندلاع الحُرُوب الدّاخلية منذ سنة الإستقلال ( 1960 ) وأظهرت جوزي فانون بوضوح وببساطة 'إن الصراع ليس صراعًل قَبَلِيًّا أو أَهْلِيًّا أو بين سكان مختلف أقاليم أو مناطق البلاد الواحدة، بل هو صراع أطْلَقَتْهُ أطراف خارجية دَوْلِيّة وفي مقدّمتها إسرائيل للسيطرة على موارد نيجيرها…'، وأدّى الكيان الصّهيوني بإتقان دَوْرًا مُزدوجًا حيث زَوَّدَ ( سنة 1967، سنة العدوان على الدّول العربية) طَرَفَيْ النِّزاع بالأسلحة والعتاد والمُستشارين والمُدرّبين، وتم الكَشْف عن عشرات الآلاف من صفحات البرقيات الموجودة في أرشيف وزارة الخارجية الصهيونية التي دعمت ما كتبته جوزي فانون قبل عُقُود، حيث عبّرت مقالاتها التي كتبتها من نيجيريا سنة 1970 عن دهشتها من العدد الكبير للأسلحة المهجورة التي لا تزال قيد التجميع، وعند زيارتها المَيْدانية لأماكن تجميع هذه الأسلحة لاحظت وجود 'أسلحة غربية وقنابل يدوية وأخبرني أحد الجنود إن إسرائيل كانت تزوّد الجميع ( طَرَفَيْ الحرب ) بأسلحة أمريكية '… كُتِبَ الكثير عن فرنتز فانون – وهو مُفكّر ثوري استثنائي – ولكن أرملته بقيت في الظّل حيث ظلَمها النّقّاد والمؤرخون وكذلك قيادات جبهة التحرير الوطني في الجزائر، لأن الجبهة بطبيعتها غير متجانسة… تمكّنت جوزي فانون من الرّبط – من خلال مقالاتها – بين الكيان الصّهيوني ونظام المَيْز والفَصْل العنصري في جنوب إفريقيا ( التي لم تتمكّن من زيارتها سوى خلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين)، ونشرت العديد من المقالات الدّاعِمَة للمقاومة التي يقودها المؤتمر الوطني الأفريقي، وشهدت الروائية والنّاقدة الفرنسية ماريز كونديه، سنة 2023، عن بداية صداقتها مع جوزي فانون : ' لم أكن أُولِي اهتمامًا كبيرًا لبعض القضايا العالمية ، ومن بينها الإستعمار الإستيطاني في جنوب إفريقيا، ويعود الفضل إلى جوزي التي أطْلَعَتْنِي على على هذه القضايا وعلى الفصل العنصري في جنوب أفريقيا'، وهي مشاكل لم أكن أُوليها اهتمامًا كبيرًا'. كتبت جوزي فانون، سنة 1979، مقالاً بعنوان 'الصهيونية عنصرية'، وبرهنت على 'العلاقة الإيديولوجية والمصالح الإقتصادية والسياسية والإسترتيجية المُشتَرَكَة والقوية المُسْتَمِرّة منذ عقود بين إسرائيل والنظام العنصري في جنوب إفريقيا ضد مصالح الدول الأفريقية والعربية'، وجادلت بأن وسائل الإعلام في ذلك الوقت قللت من شأن هذا التعاون، لكن جوزي فانون أصرت على أن هذه العلاقة 'تتجاوز مجال الزيارات الدبلوماسية وتوافقهما في الأمم المتحدة، رغم إسقاط الجيش المصري، خلال حرب تشرين الأول/اكتوبر 1973، طائرة ميراج جنوب أفريقية على جبهة السويس، ورغم الدّلائل العديدة على مُشاركة الجيش الإسرائلي في غزو أنغولا سنة 1976، من خلال مدربين إسرائيليين في الجيش الجنوب أفريقي، وليست هذه الأحداث العديدة والمُتكرّرة عَرَضِيّة بل تعكس التعاون العسكري الوثيق والتّحالف واسع النّطاق، كما تعاونت أجهزة المخابرات الإسرائيلية والجنوب أفريقية بشكل وثيق في قمع القوميين السود والمقاتلين الفلسطينيين…' وكتبت جوزي فانون عن محاكمة أفراد الكومندوس الصهيوني ( سنة 1974) المُتّهمين باغتيال أحمد بوشيخي في النرويج بمشاركة عملاء جنوب أفريقيين، وتكتم الصحف الأوروبية عن 'هذا التعاون في الإرهاب الدولي' بين الكيان الصهيوني ونظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا… كما انتقدت الدّور السّلبي، بل التّخريبي أحيانا للأمم المتحدة بشأن فلسطين، بسبب الدور المهيمن للولايات المتحدة، ونَشَرت سنة 1979 ملفًا مخصصًا لأندرو يونغ، السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة، الذي أُجْبِرَ على الاستقالة عقب اجتماعه مع مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية… خاتمة أصبحت جوزي فانون مُحاورة ماهرة وموثوقة، معروفة في محيط الصحافيين والمراسلين الدّوليين، وسمحت لها سُمْعَتُها الطّيّبة لمحاورة أكثر الشخصيات المناهضة للإستعمار والإمبريالية، مثل تشي جيفارا وإلدريدج كليفر وجوليوس نيريري وجورج سيلونديكا وارتبطت بصداقة مع أنجيلا ديفيس التي شاركتها وجهة نظرها بأن فلسطين 'اختبار أخلاقي حاسم'، وحاولت جوزي اغتنام أي فرصةً لتُكرّر الدّعوة إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني، وكان مَقالها بعنوان 'كلنا فلسطينيون' أحد آخر المقالات التي نشرتها جوزي فانون التي عادت إلى أطروحتها التي نشرتها قبل أكثر من عقد، بشأن التّضليلات الصهيونية وتبرير الإحتلال الإستيطاني الصهيوني والعدوان على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإفريقية بما حصل لليهود الأوروبيين على يد أنظمة الحُكم الأوروبية كالنازية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا ونظام فيشي العمل للنازية في فرنسا، واستنكرت التبني واسع النطاق لتعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست (IHRA) ل'معاداة السامية'، واستيعاب معاييره، وهو تعريف مُزَيِّف للحقائق والوقائع التّاريخية، ويُظْهِرُ دعمًا للإحتلال الإستيطاني لأوطان الشعوب التي تمت إبادتها وتهجير من أفلت من الإبادة. هل يَعْرِفُ من اعتدوا على جوزي فانون، من عناصر الإرهاب باسم الإسلام قيمة هذه المرأة ويُدركون تضحياتها ومشاركتها في حركة التحرير الوطني ودعمها لقضايا الشُعُوب المُضطَهَدَة ومُساندتها الشعب الفلسطيني، واعتدوا عليها لأنها مناضلة تقدّمية ومناهضة للإستعمار، أم اعتدوا عليها لأن مَظْهَرها يوحي بأنها 'أوروبية'؟ لقد اغتال الظّلاميون حسين مروّة ومهدي عامل في لبنان واعتدوا على التقدّميين والمفكرين المُتنوّرين من المُسلمين، وفي الجزائر انطلقت حملة اغتيالات المُثقفين والفنانين والنساء التّقدّميات قبل 'العَشْرِية السّوداء' وقبل قرار قيادة الجيش الجزائري إيقاف الإنتخابات، وكانت جوزي فانون من ضحاياهم وافتقدنا بذلك نَصِيرَةً للشعب الفلسطيني والشّعوب العربية وجميع شعوب 'العالم الثالث'، ورمزًا من رُموز الكفاح الوطني الجزائري والكفاح الأُمَمِي، ولتكُنْ هذه الفقرات مُساهمة في تكريمها في الذّكرى السادسة والثلاثين لوفاتها… ‎2025-‎07-‎03

العلمانيّة بين التاريخ والتاريخانيّة..!عدنان عويّد
العلمانيّة بين التاريخ والتاريخانيّة..!عدنان عويّد

ساحة التحرير

timeمنذ 31 دقائق

  • ساحة التحرير

العلمانيّة بين التاريخ والتاريخانيّة..!عدنان عويّد

العلمانيّة بين التاريخ والتاريخانيّة..! د. عدنان عويّد. كثرت بعد قيام الثورة في سورية وسقوط النظام الأسدي, مسألة الحديث عن العلمانيّة والعلمانيين, كما كثر التساؤل حول هل العلمانيّة كفر وزندقة والحاد؟. أم هي حركة تاريخ اجتماعي وسياسي واقتصادي وثقافي, يصنعها الإنسان بإرادته يعد تسخير عقله وجوارحه من أجل بناء حياة تسودها الحريّة والعدلة والمساواة. دعونا بداية نميز بين التاريخ والتاريخانيّة. فالتاريخ أو التأريخ أو التوريخ, هو سجل الحوادث والعلاقات التي يصنعها الإنسان بنفسه (بإرادته هو) وفقاً لحاجاته المستدامة, وذلك من خلال تفاعله مع الطبيعة ومع غيره من بني الإنسان, وهذه العلاقات التفاعليّة لها سيرورتها وصيرورتها التاريخيتين. أي لها حركتها وإعادة إنتاجها بحالات متطورة في بنيتها وفقاً لمصالح الإنسان. أو بتعبير آخر: إن هذه السيرورة والصيرورة لبنية المجتمع بكل مكوناتها (الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة), القائمة على الحركة المستمرة نحو الأمام دائماً, تتولد بـ (الضرورة) من صلبها علاقات جديدة بكل مكوناتها قابلة للتطور باستمرار بفعل الإنسان داخل بنية المجتمع. فالناس يصنعون تاريخهم بأيديهم شاء من شاء وأبا من أبا, وأهل مكة أدرى بشعابها… وأمور دنياهم هم أدرى بها أيضاً. أما التاريخانيّة: فهي منهج فلسفي عقلاني في التفكير والممارسة, ينظر في سيرورة وصيرورة العلاقات الإنسانيّة داخل التاريخ. فالعلاقات الإنسانيّة التي أقامها الإنسان بإرادته كما بينا أعلاه, تأخذ دائما حالة التوسع والتعقيد والتشابك في بنيتها. فالاقتصاد يتداخل في البنية الاجتماعيّة والسياسيّة والثقافيّة, وكذا حال كل مستوى من هذه المستويات في علاقته مع المستويات الأخرى. فحالة التداخل والتشابك هذه, وخاصة عندما يتطور الوعي وتصبح له أنساقه المعرفيّة, وفي مقدمتها النسق الديني والسياسي, وترابطهما مع الممارسة اليوميّة المباشرة, تبدأ مسألة تجهيل الناس من قبل السلطات الحاكمة, وإبعادهم عن أسباب تشكل الفوارق الطبقيّة, وما تولده هذه الفوارق من ظلم وقهر واستلاب وآلام للمنتج من قبل المالك, ويبدأ هنا تجار الدين تبرير فقر الناس وكل ما يتبعه من ظلم تبريراً غيبيّاً, وأن ما يصيب الناس هو أمر مقدر عليهم, إما بسب جهلهم وكسلهم وقلة الحيلة عندهم كما تقر بعض فلسفات الفكر الوضعي, أو بسبب موقف جبري ديني يقر بأن الإنسان مجبر على أفعاله وليس مخيراً. ومع تغيب الوعي بهذه الطريقة تبدأ مسألة نشر الخرافة والأساطير والغيبيات والسحر والشعوذة وكل ما ينتمي إلى اللامعقول. أمام هذه اللوحة المعقدة والمتشابكة من العلاقات التي بدأت تسودها الخرافة واللامعقول, يأتي دور (التاريخانيّة) أو المنهج التاريخاني, من أجل إخراج التاريخ (المشوه) في علاقاته وأسباب قيام هذه العلاقات, من عقول الناس الجهلة, وإعادة (إدخال عقولهم) في هذا التاريخ ذاته, بحثا واستقصاءً واستقراء واستنتاجاً عن الحقيقة المغيبة داخل هذا التاريخ ذاته. ففي القرن الثالث للهجرة, عندما سيطر المماليك على الخلافة وحولوا الخليفة منذ عهد 'المتوكل' إلى (ببغاء في قفص), وراحوا يستغلون العباد ونهب ثرواتهم, قامت ثورات الزنج والقرامطة والخرميّة والبابكية, من أجل محاربة المستغلين وعودة الحقوق إلى أهلها. فوضعت ثورة الزنج على سبيل المثال شعاراً لها الآية القرآنية: (نريد أن نمنّ على المستضعفين في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين), أمام من كان يؤكد فقر الناس بنص الآية (أهم يقسمون رحمة ربك, نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات..). هكذا قامت أقلام السلطة من الذين أرخوا لهذه الثورات باتهام من قام بهذه الثورات بأنهم ملاحدة وكفار وزنادقة ومارقين على الخلافة المقدرة من قبل الله عليهم. إن القرامطة, استطاعوا لأول مرّة أن يفكروا في بناء دولة خارج فهم الخلافة و(النص الديني), بقيادة شعبيّة, ممثلة بمجلس عقدانيّة منتخب, وبذلك أخرجوا التاريخ من عقولهم وأدخلوا عقولهم في فيه ليتم تداول السلطة ووضع خطط لتسيير البلاد وفقا لما يقررونه هم, وعلى هذا التوجه امتدت دولتهم (300) عاماً. لقد حققوا العدالة والمساواة لأبناء المجتمع, وبذلك كانوا يمارسون فعلاً علمانيّاً. وإن ما تقوم به اليوم حكومة السيد 'الشرع' من أعمال على مستوى الداخل والخارج, هي تصب بالضرورة في المضمار العلماني, فليس للدين أي دور في طريقة التفكير الاقتصادي والسياسي التي تنتهجها الدولة اليوم, إلا الاعتماد على مقاصد الدين التي تدعوا إلى الخير والمحبة والعدالة والتنمية للجميع. فعقد مشروع إعادة الكهرباء يدخل في مجال التفكير العقلاني الذي تقره مقاصد الدين, وكذا العقد الأخير الموقع من أجل بناء مدينة إعلاميّة في ريف دمشق… وقس على ذلك. هكذا تشتغل التاريخانيّة على التراث, إنها تعيد إدخال عقل المهتم بالتاريخ في هذا التاريخ للوصول إلى الحقيقة. العلمانيّة جوهر التفكير التاريخاني: لننظر الآن إلى العلمانيّة من وجهة نظر المنهج التاريخانيّ, كي نعرف هل هي كفر وزنقة ومروق عن الدين كما يصفها التاريخيون السلفيون النقليون.؟1. أم هي مشروع حياة تمنح الإنسان حريته في تسخير عقله لصنع حياته وتحقيق مصيره في هذه الحياة, من منطلق الناس أدرى بشؤون دنياهم؟. نعم العلمانيّة مشروع حياة, تهدف إلى بناء الفرد والمجتمع والدولة, كي تتحقق في هذا المشروع الحريّة والعدالة والمساواة والتقدم, أو الرقي في فكر الإنسان وسلوكياته وحياته العمليّة. والعلمانيّة إن اشتقت من العلم أو من العالم, فهي تستند في رؤيتها ومنطلقاتها على قوانين أو سنن موضوعيّة خارج إرادة الإنسان. فإذا كانت العلمانيّة قد اشتقت من الْعَلْمِ,ِ فالعلم له قوانينه التي لا تتحكم بها عواطف الإنسان ورغباته.. ولكن الإنسان يستطيع أن يكتشف هذه القوانين الموجودة في الطبيعة ويسخرها لمصلحته, وهذا ما جرى عبر تاريخ علاقة الإنسان مع الطبيعة ومحيطه الاجتماعي. فمع اكتشاف قانون الاحتكاك مثلاً استخدم النار.. ومع اكتشاف أن النار تصهر المعادن, استخدم المعدن في صنع أدوات قتاله وإنتاجه, وهكذا دواليك ففي كل مرة يكتشف فيها هذا الإنسان قانوناً من قوانين الطبيعة يسخر هذا القانون لمصحته.. وهذا ما جرى مع دافعة أرخميدس.. وقانون الجاذبية.. واكتشاف الذرة وتقسيمها.. الخ. إذن في هكذا سياق من عمليّة التفاعيل بين الإنسان والطبيعة وقوانينها, تطورت حياة الإنسان بعمله وإرادته هو.. فعندما اكتشف الإنسان البارود وسخره في القتال مع اكتشاف أول بارودة قتال أيضا, تغيرت كل الطرق العسكريّة في العالم… وهكذا يؤثر العلم على حياة الإنسان ومسيرته التاريخيّة. أما إذا كانت العلمانيّة مشتقة من اَلْعًاَلمْ, والعالم نقصد به هنا حياة الناس الاجتماعيّة وتفاعلها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي, فلهذا العالم أيضاً قوانينه التي تتشكل من خلال تلك العلاقات الاجتماعيّة بالضرورة. فالإنسان البدائي الأول كانت علاقته مع الطبيعة ومحيطه الاجتماعي علاقة بدائية مباشرة تفتقد إلى أي قانون يحكمها سوى قوانين الطبيعة العمياء.. فمن معطيات الطبيعة المباشرة, كان يحصل على غذائه وشرابه, وعندما يجوع ولا يجد في الطبيعة ما يأكله, قد يأكله أخاه الإنسان, وعندما يتعرض لخطر الوحوش, يدافع عن نفسه بقواه العضليّة.. وحياته الجنسيّة مشاعة.. ولقمة العيش مشاعة.. ولكن عندما بدأ الإنسان يستخدم أو وسيلة إنتاج بوعيه, إن كان من أجل تأمين الغذاء أو للدفاع عن نفسه, هنا بدأ يفكر ويتحول شيئاً فشيئاً إلى إنسان عاقل يختلف عن الحيوان في علاقاته الاجتماعية. بعد تشكل الوعي من خلال العمل والانتاج, بدأت إمكانيّة استخدامه في علاقات الناس مع بعضهم, وبالتفكير والعمل بأخذت تتطور حياة الإنسان. وفي كل مرة تتطور فيها وسائل إنتاجه وتكتشف قوانين جديد في الطبيعة من قبل الإنسان ذاته, يزداد الإنتاج ويكتسب الإنسان خبرات جديدة تنعكس على حياته العمليّة والفكريّة معاً. ومع زيادة الإنتاج يستقر الإنسان, ومع استقراه يبدأ ينظم حياته ويعيد إنتاج ما يساهم في استقرار هذه الحياة.. ومع الاستقرار يزداد عدد السكان, ومع زيادتهم تزداد حاجات الإنسان, ويصبح هناك تخصص في العمل. ففي البدء ظهر التخصص في العمل والمهام بين المرأة والرجل, ثم تلاها التخصص على مستوى المجتمع من خلال مزاولة الحرف, فمنهم من راح يعمل في الزراعة, ومنهم في الرعي, ومنهم في الحرفة, ومنهم في مجال الفكر كالكهنة أو رجال الدين. ومع هذا التقسيم الكبير للعمل, بدأت تتعقّد العلاقات الاجتماعيّة والانتاجيّة والفكريّة معاً, ومع هذا التعقيد بدأ ينتج وعي آخر أكثر تطوراً, وبدأ اكتشاف الحرف والكتابة والحساب للتفاهم وتدبير أمور العلاقات الاقتصاديّة والاجتماعيّة, ثم مع تعقّد الحياة المستمر بدأ الإنسان يفكر في خلق الكون وطبيعة العلاقات الاجتماعية القائمة, وهنا ظهر الفن الذي راح الإنسان يعبر فيه عن مخاوفه وهواجسه من المجهول كالفيضانات والزلازل والموت وغير ذلك, من خلال الرسوم على جدران الكهوف.. فبدأت تظهر الرموز الدينيّة الأوليّة ممثلة في الجد الأكبر أو في شجرة أو حيوان (التوتم).. ثم راحت تظهر الآلهة المجردة المذكرة منها والمؤنثة في تفكير الإنسان, فوضع لكل علاقة اجتماعيّة إلاهاً أو إلاهة.. تلك عشتار ألهه الخصب.. وتلك فينوس ألهه الجمال.. و تلك ديانا آلهة الصيد.. وذاك بعل إله المطر.. وذاك باخوس إله الحرب… وذاك تموز إله الربيع وتجدد الحياة.. إلخ.. ومع تقدم الانتاج وما رافقه من تقدم في العلاقات الاجتماعيّة والفكريّة وتعقّدها, بدأت تظهر السلطة وتسخير الفكر الديني والفني لمصلحتها.. فالحكام أصبحوا آلهة أو يمثلونها على الأرض… وهكذا بدأت تظهر فكرة الدين وأهميته وخاصة في استغلاله من قبل الحكام لمصالحهم الأنانيّة الضيقة. هذه هي معطيات العلمانيّة في حياة الإنسان, فالعمانيّة وفق هذه المعطيات هي قدره الحتمي المرتبط بإرادته وبعلاقته الاجتماعيّة والانتاجيّة .. أي هي كل فعل يقوم به الإنسان بإرادته من أجل التأثير في الطبيعة والمجتمع بغية تحقيق مصالح ماديّة أو معنويّة. أما مسألة الدين وعلاقته بالعلمانيّة, فمن خلال عرضنا السابق لمسنا كيف ظهر الدين وكيف استغل من قبل الحاكم لمصلحته, إن كان في الديانات الوضعيّة البدائيّة أو حتى الديانات السماويّة.. فهذه اليهوديّة تستثمر من قبل الصهاينة من أجل تحقيق نهب فلسطين وتشريد أهلها تحت ذريعة العودة إلى أرض الأجداد وشعب الله المختار. وهذه المسيحيّة مورست في حروب أهليّة طاحنة, ولم نسلم منها نحن في الشرق, عندما قامت الحروب الصليبيّة, إضافة إلا ما حققته الكنيسة من مكاسب في تحالفها مع الملك من أجل استغلال شعوب أوربا, بل مرت فترات في العصور الوسطى سيطرت فيها الكنيسة على الملك والدولة سيطرة تامة. أما في الإسلام فباسمه قامت الحروب الطائفيّة بين السنة والشيعة, وقسمت الأمّة إلى (73) فرقة كل واحدة تقول بأنها هي الناجية, وتكفير المختلف عنها, وكم استغل الدين في تاريخنا المعاصر لمصلحة الحاكم, كما جرى في سورية زمن النظام المخلوع, حيث استغل حافظ وابنه بشار هذا الدين, وتاجروا به, لقد بنوا في سورية بعهدهما (23) ألف جامع و(54) مدرسة شرعيّة, وعشرات المعاهد والجامعات الدينيّة, ومئات دور تحفيظ القرآن, ووجد حراس لهذا الدين من القبيسيات وشباب الرحم, في الوقت الذي كانت فيه تصرفات آل الأسد تدل على انها أكثر بعداً عن الدين.. فسجونهم وتجارة المخدرات وقمعهم للمختلف والقتل والتشريد والظلم الذي مارسوه بحق الشعب, هو أبعد عن أي دين وضعي او سماوي. من خلال هذا التاريخ الطويل جاءت قضية فصل الدين عن السياسة أو حكم الدولة, حتى لا يستغل هذا الدين لمصلحة الحاكم والفرقة الناجية. ولكن يظل الدين يحمل في طياته القيم والأخلاق النبيلة, وهو الشرطي الداخلي الذي يخيف الناس من ممارسة الغلط والعودة عنه خوفا من العقاب الإلهي.. وعل هذا الأساس قال أحد الفلاسفة أو القساوسة: (حتى لو لم يكن هناك إله, علينا أن نوجده). كاتب وباحث من سوريا. ‎2025-‎07-‎03

الترويكا الأوروبيّة قلقة من خطوة طهران التالية!سعيد محمد
الترويكا الأوروبيّة قلقة من خطوة طهران التالية!سعيد محمد

ساحة التحرير

timeمنذ 33 دقائق

  • ساحة التحرير

الترويكا الأوروبيّة قلقة من خطوة طهران التالية!سعيد محمد

الترويكا الأوروبيّة قلقة من خطوة طهران التالية! سعيد محمد* في لحظة دقيقة وحاسمة من تاريخ الشرق الأوسط، يجد العالم نفسه مجدداً أمام معضلة نووية تشبه – إلى حدّ بعيد تلك التي عاشها في صيف عام 1967. عندما قررت الدولة العبريّة، الدولة القلقة أبداً من محيط معادٍ – أقله حينها -، أن تعبر بوابة إنتاج القنبلة النووية. واليوم، وبعد نحو ستة عقود، تقف إيران أمام خيار مشابه – وربما أكثر تعقيداً – إثر انهيار نظام الرقابة الأممي بحكم العدوان الإسرائيلي والأميركي، وانحياز الأوروبيين السافر إلى إسرائيل، والاتهامات المتبادلة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذريّة حول نوايا الطرفين. وكانت إيران قد أعلنت، مؤخراً، عن إزالة كاميرات الرقابة التابعة للوكالة من منشآتها النووية، متهمة إسرائيل بالحصول على بيانات حساسة منها، ما دفعها أيضاً إلى منع مديرها المتصهين، رافائيل غروسي، من دخول البلاد. وبرغم محاولات التهدئة الأوروبية، السرية منها والعلنية، فقد أعرب وزراء خارجية كل من فرنسا، وألمانيا، والمملكة المتحدة، في بيان مشترك لهم، عن 'القلق البالغ' من هذا القرار، داعين إيران إلى استئناف التعاون الكامل مع الوكالة، وضمان سلامة مفتشيها. لكن المخاوف الأوروبية لا تتوقف عند حدود وقف التعاون التقني. فطهران لوّحت علناً بتغيير عقيدتها النووية، وتابعت لندن وباريس وبرلين بتوجس تصريح كمال خرازي، مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، بأن إيران 'لا تسعى لإنتاج أسلحة نووية'، لكنها ستضطر لتغيير هذا الموقف إذا واجهت تحدياً وجودياً. ومع تهديدات إسرائيل بتصعيد ضرباتها لخنق القدرات النووية الإيرانية، واستمرار إدارة ترامب في دعمها سعياً إلى حرمان الجمهوريّة من تكنولوجيا الطاقة النووية، يرى عدد متزايد من المحللين الغربيون أن المسافة بين طهران والقنبلة النووية قد أصبحت بالفعل أقصر من أي وقت مضى. وكأنه مكر التاريخ يعيد نفسه. ففي عام 1967، ومع تصاعد التوترات عشيّة حرب الأيام الستة، سارعت إسرائيل إلى تجميع أول سلاح نووي بدائي، جاهز للتفجير إذا شعرت الدولة بأنها على وشك الفناء لكن لم يتم استخدامه بعدما انتصرت إسرائيل في الحرب، لتغدو منذ ذلك الحين قوة نووية غير معلنة، بحماية ضمنية من الولايات المتحدة والغرب، وتفاهم غير مكتوب يُعرف بـ'عقيدة بيغن'، ينص على تدمير أي برنامج نووي عدو لإسرائيل قبل أن يتحول إلى خطر فعلي، الأمر الذي اتبعته إسرائيل والولايات المتحدة بشكل متتابع لتفكيك مشاريع مصر وسوريا والعراق وليبيا بوسائل متنوعة. واليوم، يرى مراقبون كثر أن إيران تحاكي في سلوكها النووي مراحل إسرائيل الأولى: برنامج مفتوح جزئياً، وسري جزئياً، وقدرات تكنولوجية متقدمة، بانتظار إرادة سياسية حاسمة. إلا أن الفرق الأساسي يكمن في البيئة الدولية المعادية بشدة لإيران، مقارنة بتواطؤ الغرب الكليّ مع برنامج إسرائيل. الترويكا الأوروبيّة التي سمسرت الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع الولايات المتحدة – في عهد إدارة باراك أوباما – حاولت مراراً إنقاذ الاتفاق بعد انسحاب واشنطن منه عام 2018 – في ولاية دونالد ترامب الأولى -، غير أن الضربات الأخيرة التي استهدفت منشآت نطنز وفوردو وأصفهان، ونفذتها واشنطن بنفسها جاءت على خلفية إدانة غير مسبوقة لسلوك طهران من قبل الوكالة الدولية هندستها الترويكا ذاتها التي شاركت تالياً الولايات المتحدة في مسرحية استئناف الحوار النووي في جنيف كتغطية على التحضيرات الأمريكية لقصف المواقع النووية الرئيسة في إيران، ناهيك عن التصريحات الرسمية السافرة في انحيازها لإسرائيل تأييداً للعدوان، ما أحرق كل جسور الثقة بين الأوروبيين وطهران، ووجه ضربة قاضية للمسار الدبلوماسي الذي اعتمد طوال العقد الأخير. ويجد ثلاثي لندن-باريس-برلين نفسه في وضع بالغ الحساسية. فهي كما الولايات المتحدة وإسرائيل لا تريد رؤية إيران تنضم إلى نادي الدول النووية، لكنها في الوقت ذاته عاجزة عن ردع إسرائيل أو إلزام الولايات المتحدة بضبط النفس. وزادت تصريحات غروسي عن 'غموض مصير 400 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%' الطين بلّة. إذ أن ذلك يفترض أن هذا المخزون، الذي يقترب من درجة التخصيب اللازمة للسلاح النووي (90%)، قد اختفى تحت الأنقاض أو تم تهريبه قبل الضربات – وفقًا لتقارير استخباراتية متقاطعة -. ومع وقف التعاون مع الوكالة الدولية فإن التحقق غير ممكن، وحتى لو تم وصل ما انقطع من الجسور مع طهران، فإن البحث عنها بعد دروس التجربة الأخيرة بالنسبة للإيرانيين وفقدان الثقة المتبادل مع الأوربيين، قد لا يصل إلى نتائج حاسمة، ما يذكر بحكاية أسلحة الدمار الشامل التي مهدت للغزو الأميركي للعراق عام 2003. طهران لا شك تجد نفسها اليوم في مفترق طرق وجودي بين 'عقيدة الصبر الاستراتيجي' و'الخيار الإسرائيلي'. فلعقود، اعتمدت على استخدام برنامجها النووي كورقة تفاوض للحصول على رفع العقوبات والتطبيع الجزئي مع الغرب. لكن العدوان الإسرائيلي/ الأمريكي، وسقوط الخيار الدبلوماسي، غيّرت موازين اللعبة، ومن المؤكد – وفق الخبراء الغربيين على الأقل – أن أوراق الأصوات الداعية إلى حسم الموقف والانطلاق نحو تصنيع القنبلة أصبحت أقوى. هذا وفي حال أعلنت إيران رسمياً حيازتها لسلاح نووي، فإن أثر ذلك لن يتوقف على تل أبيب أو واشنطن أو أوروبا، بل وقد تُدفع دول أخرى مثل السعودية، وتركيا، وربما مصر، إلى المطالبة بالحق في امتلاك القنبلة لتنهار منظومة عدم الانتشار النووي في المنطقة تماماً. في ظل هذه التطورات، يبدو أن باريس وبرلين ولندن المفتقدة فعلياً لأدوات التأثير كليهما عسكرياً أو دبلوماسياً ترزح الآن تحت ضغوط من الأمريكيين لإعادة إحياء الخيار الدبلوماسي بأي طريقة تجنباً لما يرونه الأسوأ، فيما تتراكم الإشارات إلى النظام الإيراني قد عبر خطر اهتزاز ممكن بفعل العدوان، واستعاد الثقة بقدرته على إدارة الصراع، ولن يقبل بشرب نقيع الخداع الأوروبي مجدداً. في هذا المفصل، فإن طهران ليست مضطرة بعد لاتخاذ قرار القنبلة، لكن استمرار القصف، وسقوط دور الوكالة الدولية، وغياب عروض جادة من الغرب، قد يجعل الكفة تميل ولو تدريجياً لصالح التصعيد وهذا سيناريو يؤرق تل أبيب وواشنطن والعواصم العربية الحليفة في الإقليم. ولذا سيجد الأوروبيون أنفسهم – إن هم إن رغبوا في لعب دور الوسيط استجابة للضغوط الأمريكية – مضطرين لإراقة ماء الوجه مع الإيرانيين عبر تقديم عرض حاسم لا يمكن رفضه يعيد إيران إلى طاولة التعاون – مثل إزالة العقوبات بشكل شبه كلي مقابل التخلي عن التكنولوجيا النووية -، فيما كل شيء أقل من ذلك سيرجح كفة (الخيار الإسرائيلي)، ليتحقق مجدداً في الإقليم بعد ستين عاماً من أجواء حرب 1967، غير بعيد عن تل أبيب، لكن هذه المرة في طهران. – لندن ‎2025-‎07-‎03

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store