
في ليلة الوفاء بمسرح محمد الخامس… تكريم تاريخي لبديعة الراضي اعترافًا بمسيرتها النضالية والثقافية
في أمسية استثنائية احتضنها مسرح محمد الخامس بالعاصمة الرباط، تم تكريم الأستاذة بديعة الراضي، الكاتبة والصحفية المغربية ورئيسة رابطة كاتبات المغرب ورابطة كاتبات إفريقيا، في أجواء بهيجة اختلط فيها دفء الكلمات بصدق الاعتراف بعطاء امرأة كرّست حياتها لخدمة الوطن والثقافة والإعلام.
وجاء هذا التكريم الراقي من طرف السيد محمد العنصر، الأمين العام السابق لحزب الحركة الشعبية، وبحضور وازن لنخبة من الشخصيات الوطنية، من بينهم وزراء ومسؤولون حكوميون سابقون، وصحفيون ومثقفون، احتفاءً بسيدة آمنت بالكلمة الحرة، وساهمت بقوة في المشهد الثقافي والإعلامي الوطني والإفريقي.
وقد تميزت الأستاذة بديعة الراضي بمسار مهني غني، حيث سبق أن عُيّنت من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، رئيسة للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري (الهاكا)، في محطة بارزة من مسارها، وهو تعيين يكرّس ثقة ملكية سامية بكفاءتها، وتجربتها، والتزامها المهني والأخلاقي.
كما وصفها المتدخلون في الحفل بـ'سفيرة المحبة بين الشعوب العربية والإفريقية'، نظرًا لجهودها المتواصلة في بناء جسور الحوار جنوب-جنوب، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية بين المغرب وعمقه الإفريقي.
الحفل الذي حمل عنوان 'ليلة الوفاء'، لم يكن مجرد لحظة تكريم، بل مناسبة وطنية للاعتراف بقيمة امرأة ساهمت في ترسيخ الصحافة الهادفة، والدفاع عن القضايا الكبرى للوطن، وعن صورة المرأة في الإعلام والمجتمع.
ليلة الوفاء بمسرح محمد الخامس، كانت لحظة حب واعتراف، واحتفاء بسيدة جعلت من الصحافة رسالة، ومن الثقافة مشروعًا وطنيًا وإنسانيًا، ومن الكلمة وعدًا دائمًا بالتنوير والتغيير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم 24
منذ 2 ساعات
- اليوم 24
الرباط تحتضن "ليلة العيطة" بمشاركة حجيب والزرهوني
تستعد العاصمة الرباط لاحتضان فعاليات الدورة الثالثة من تظاهرة 'ليلة العيطة'، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بشراكة مع الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ومسرح محمد الخامس. وتحمل هذه النسخة شعار « العيطة امتداد واستمرارية »، في تكريس جديد لأهمية هذا اللون الغنائي المغربي الأصيل ودوره في صون الذاكرة الثقافية الشعبية. ويشارك في هذه الليلة التي سيحتضنها مسرح محمد الخامس، السبت المقبل 19 من يوليوز الجاري، شيوخ هذا الفن المغربي العريق، الذين يمثلون مدن وجهات المغرب، ويأتي في طليعة المشاركين نجم الرباط 'حجيب'، والفنان 'جمال الزرهوني'، 'عبدو جغالف'، إلى جانب مجموعة المخاليف، في حين تنشط الحفل الإعلامية 'مريم القصيري ». وتعد 'ليلة العيطة' التي تحتضنها العاصمة الرباط، ثمرة تعاون بين الفنان 'حجيب' والإعلامي 'محمد السعودي'، اللذين عملا على تحويل الفكرة إلى موعد سنوي يحتفي بهذا التراث الغنائي المغربي الأصيل. وفي تصريح صحفي، أكد الإعلامي 'محمد السعودي' أن نسخة هذه السنة تُشكل امتدادًا طبيعياً للنسختين السابقتين اللتين حققتا نجاحاً لافتاً، مبرزاً أن الرهان المشترك بينه وبين حجيب هو ترسيخ العيطة في وجدان الأجيال الصاعدة، لما تحمله من قيم ثقافية وفنية وتاريخية. من جهته، أشاد الفنان 'حجيب' بالدعم الذي يقدمه وزير الشباب والثقافة والتواصل لإنجاح هذا الحدث، مبرزاً أن 'ليلة العيطة' أصبحت تقليدًا فنياً سنويًا يلتقي فيه عشاق هذا اللون الغنائي بمدينة الرباط، مع طموحات مستقبلية لتوسيع التجربة نحو مدن أخرى كالدّار البيضاء، سطات، خريبكة وغيرها، بما يضمن إشعاعاً وطنياً لهذا الفن التراثي العريق.


24 طنجة
منذ 4 ساعات
- 24 طنجة
تأهيل فضاءات طنجة يصطدم بتحدي الممارسات غير المدنية وسط دعوات لزجر المخربين والملوثين
بقدر ما شكّلت إعادة افتتاح ساحة 'سور المعكازين' مكسبا نوعيا في مسار تأهيل الفضاءات العمومية بمدينة طنجة، فإن تثبيت هذا الإنجاز وتحقيق استدامته يظلان رهينين بتكامل الأدوار بين السلطات الترابية والمجالس المنتخبة والمجتمع المدني، في مواجهة التحديات السوسيو-حضرية المتنامية. يوم السبت الماضي، أشرف والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، على افتتاح ساحة 'فارو'، الواقعة في الامتداد العلوي لشارع محمد الخامس والمُطِلّة على أسوار المدينة العتيقة، وذلك عقب انتهاء أشغال التهيئة التي استغرقت قرابة شهر ونصف، وشملت بالأساس الشطر العلوي من الفضاء. وتأتي هذه العملية ضمن مقاربة ترابية تروم تحسين جودة العيش وتعزيز جاذبية المجال الحضري، في سياق الاستعدادات الجارية لاستقبال مواعيد رياضية قارية ودولية، على رأسها كأس الأمم الإفريقية 2025 وكأس العالم لكرة القدم 2030. وقد لقيت إعادة فتح الساحة ترحيبا واسعا من طرف فئات من ساكنة المدينة وزوارها، بالنظر إلى التحول الجمالي الذي طال الفضاء، انطلاقا من اعتماد هندسة شبكية دقيقة وتنسيق بصري بسيط يزاوج بين التبليط المعاصر والبصمة الزخرفية المغربية، وصولا إلى تثبيت مسارات المشاة، أعمدة الإنارة، والأحواض النباتية وفق منطق يتسم بالوظيفية والانفتاح على المحيط. غير أن هذا الإنجاز، الذي يندرج ضمن استراتيجية التدخل في الفضاءات الحضرية المركزية، يواجه رهانات مُركّبة على مستوى الصيانة اليومية وحسن استعمال المرفق، في ظل استمرار بعض السلوكات غير المدنية التي تؤثر سلبا على المشهد العام وتُضعف فعالية الاستثمار الترابي. وفي هذا السياق، عبّر والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، يونس التازي، صراحة عن انزعاجه من مظاهر 'فوضى السير'، 'احتلال الملك العمومي'، و'سوء استعمال الفضاءات العامة'، معتبرا أن هذه الممارسات تسيء إلى الصورة العامة للمدينة وتُفرغ الجهود المؤسساتية من محتواها. وشدد المسؤول الترابي خلال خلال انعقاد الدورة العادية لشهر يوليوز بمجلس الجهة، على أن 'السلطات عازمة على تطبيق القانون إلى أبعد مدى'، لكنه استدرك بأن المقاربة الزجرية يجب أن تتكامل مع مقاربة تحسيسية قوامها ترسيخ الوعي الجماعي بمسؤولية الحفاظ على المرافق العمومية كجزء من الحقوق المشتركة. وأشار التازي إلى أن طنجة 'تدفع ثمن نجاحها'، موضحا أن المدينة شهدت نموا ديمغرافيا غير مسبوق تجاوز 400 ألف نسمة في ظرف عشر سنوات، وهو ما يعادل تقريبا ساكنة مدينة تطوان، ما يفرض ضغطا متزايدا على الخدمات الجماعية والبنيات التحتية ويطرح تحديات هيكلية في مجال التخطيط الترابي والتدبير الحضري. وفي تصريح لجريدة 'طنجة 24' الالكترونية، اعتبر زكرياء أبوالنجا، رئيس حركة الشباب الأخضر، أن حماية الفضاءات العمومية 'ليست مجرد مسألة تقنية أو أمنية، بل معركة يومية من أجل العدالة المجالية وكرامة المواطن'، مبرزا أن أي عملية تأهيل عمراني 'تفتقر إلى وعي مؤسساتي بحجم الرهانات البيئية والاجتماعية، تظل منقوصة وقابلة للانهيار'. وشدد ابو النجا الذي تعنى مؤسسته بالترافع عن قضايا البيئة، على ضرورة تفعيل المساطر الزجرية ضد المخالفين دون الإضرار بالحقوق الأساسية للفئات الهشة، مؤكدا أن الحق في فضاء عمومي نظيف وآمن 'يُعد امتدادا للحق في المدينة والحق في بيئة سليمة، وهي حقوق مضمونة دستوريا وتؤكدها الالتزامات الدولية للمغرب'. وأضاف المتحدث المدني أن استمرار مظاهر التخريب والتلويث 'لا يمكن مواجهته فقط بمنطق الردع، بل يستلزم مقاربة شمولية تقوم على التحسيس والتربية البيئية'، داعيا إلى تعزيز ثقافة مواطنة تكرّس احترام المجال العمومي باعتباره ملكا جماعيا لا يُستباح. وختم تصريحه بالتأكيد على أهمية إشراك المجتمع المدني كفاعل اقتراحي ورقابي في تدبير الشأن البيئي، داعيا إلى 'استحضار البعد الرمزي والوجداني لبعض الفضاءات الحضرية، وفي مقدمتها سور المعكازين، كمعلمة شعبية تستحق حماية خاصة باعتبارها جزءا من الذاكرة الجماعية وقيم الإنصاف الترابي'. وتبدو الساحة في حلتها الجديدة منظمة وفق تصور معماري مندمج، يعتمد على تبليط رمادي غامق تتقاطع داخله خطوط بيضاء على شكل مربعات متساوية، تتوسطها بلاطات زخرفية مغربية التصميم، في تناغم بصري يتكامل مع أعمدة إنارة مزدوجة، وأحواض نباتية دائرية القاعدة مزروعة بشجيرات وزهور بيضاء. ويكتسي الفضاء المعروف باسم سور المعكازين مكانة خاصة في الذاكرة الطنجاوية، كأحد أبرز المعالم اليومية المفتوحة على البحر والتأمل، والتي لا تحدها بوابات أو ترتبط بأنشطة تنشيطية، بل ظلت على مدى عقود امتدادا عفويا للجلوس والمراقبة والصمت الحضري. ومن خلال إعادة فتحه، تستعيد المدينة جزءا من نسغها الرمزي الهادئ، في انتظار أن يتم استكمال أشغال التهيئة في مرحلتها الثانية التي تهم الشطر السفلي من الساحة، ضمن رؤية ترابية تستحضر البعد الوظيفي والجمالي والإنساني للفضاء العمومي.


الأيام
منذ 18 ساعات
- الأيام
مهرجان مغرب الحكايات 2025… صوت التراث في وجه النسيان الرقمي
في مساء دافئ من ليالي الرباط، انفتحت ساحة باب الحد على مصراعيها لاستقبال عشاق الحكاية، أولئك الذين جاؤوا من مدن المغرب وقراه، ومن بلدان بعيدة تحمل أسماء أنهار وغابات وسهول لا تنام. في قلب العاصمة وباقي مدن الجهة، تحولت الساحة إلى فضاء أسطوري، حيث تختلط أصوات 'الحلايقية' بنغمات الطبول والدفوف، وتتناثر الكلمات في الهواء كأنها خيوط ضوء تحيك ذاكرة الشعوب. منذ اليوم الأول، حملت منصات المهرجان روحا مغايرة. لم تكن دروسا أكاديمية جافة، بل لقاءات حميمية بين الحكماء والرواة الشباب. في زاوية من الخزانة العلمية بجامعة محمد الخامس، جلس عشرات الطلبة في حلقة دائرية، يحدّقون في وجه حكاء من بنما وهو يعيد سرد أسطورة الممر البحري كما رواها أجداده بلغة شعبية ممزوجة بالإيماء والإيقاع. وإلى جانبه، كانت أمازيغية مغربية تسرد حكاية 'تيسليت وإيسلي' بصوت مبلل بالحزن، كأنها تقطر من جبل. الورشات لم تكن فقط عن تقنيات السرد، بل كانت مساحة لتفكيك العلاقة بين الحكاية والماء. كيف يتحول نبع صغير إلى أسطورة؟ كيف تروي الحكاية نضال الإنسان من أجل البقاء، أو مقاومته للجفاف والقهر؟ أطر الورشات متخصصون في الأنثروبولوجيا، وكتاب، ومسرحيون، جميعهم اتفقوا على شيء واحد: 'الحكاية ماء يروي الذاكرة، ويحملها من جيل إلى جيل'. وفي باحة المسرح الوطني محمد الخامس، انطلقت الأمسيات الحكائية الكبرى لمهرجان مغرب الحكايات. أضواء خافتة، موسيقى حية، وراو يقف وحيدا في المركز، يحيط به جمهور من كل الأعمار. من بنغلاديش إلى البرازيل، ومن أطلس المغرب إلى نيبال، تناوب الرواة على المنصة كأنهم سفراء لعالم قديم، جاءوا يهمسون بأسرار الزمان. هناك من روى قصة 'إله المطر' في الغانج، وآخر تحدث عن امرأة حولت دموعها إلى نهر، وثالث سرد ملحمة صياد يغامر بحياته لاستعادة قطرة ماء مقدسة. المائدة المستديرة الدولية لم تكن أقل شاعرية. 'الماء في المتخيل الإنساني' كان عنوانها، لكن ما قُدِّم خلالها تجاوز التحليل النظري. تحدث فيها أكاديميون ومفكرون من إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا عن رمزية الماء في الديانات والأساطير، وعن كيف استُخدم كوسيلة للهيمنة أو للتحرر. وجاء تدخل السوسيولوجية المغربية الشابة ليضيء جانبا خفيا: كيف غابت الحكايات عن المدارس، وكيف يمكن إعادتها كمصدر تربوي. في إحدى الورشات المسائية، اجتمع أطفال من أحياء الرباط مع رسامين وموسيقيين، لابتكار 'حكاية مرسومة'. كل طفل رسم جزءا من القصة، فيما تحولت الورقة إلى نهر صغير يعبر مدنا من الورق، تسكنها شخصيات من الخيال الشعبي. ضحكاتهم ملأت المكان، وكأن الحكاية لم تعد حكرا على الكبار. التكريمات أيضا كانت فريدة. 'الكراب'، الرجل الذي ظل لعقود يوزع الماء في الأزقة الشعبية، أصبح هذا العام رمزا للحكاية المنسية. كُرّم بزيه التقليدي، وعلّق جرّته النحاسية إلى جانبه، بينما كان يقف فخورا تحت التصفيق. كما تم الاحتفاء بالراوي الأسطوري 'ولد هنيا'، الذي قال في كلمته: 'أنا لا أحكي الحكاية، أنا أتنفسها، أعيشها، وأموت فيها كل ليلة.' لم يكن مهرجان مغرب الحكايات مجرد برنامج ثقافي، بل رحلة بين ضفتين: ضفة الواقع وضفة الخيال. وبينهما، كان الماء، كما الحكاية، عنصرا للتأمل، للتذكر، وللسؤال: من نحن دون ذاكرة؟ وماذا تبقى منا إن لم نروِ الحكايات؟