"الحزب" يستمرّ في خنق الدولة
يقوم رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون بسلسلة زيارات للعواصم العربية ومراكز القرار الدولية وهو بذلك يعيد حضور الدولة المفقود منذ عقود، ولا شكّ أنّ لقاءه مع قيادات فرنسا والسعودية والكويت والإمارات ومصر، واجتماعه مع شيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب، له وقعٌ طيب ويمكن البناء عليه، ولكنّ واقع الحال في البلد ما زال جامداً، مما يجعل الجولات الرئاسية تأسيسية وضرورية، لكنّ تحوّلها إلى مسار عملي يحتاج إلى حسم مسألة الحوار مع "حزب الله"، وفق منهجية تضمن اليد العليا للدولة وتفسح المجال للطائفة الشيعية بالدخول في كنفها، من دون الحاجة للحديث عن ضمانات خاصة، سوى ما تؤمِّنه الدولة لجميع اللبنانيين.
بدأت التسريبات عن قرب ظهور نتائج إيجابية للحوار الذي يجريه الرئيس عون مع "حزب الله"، وعن قرب لقاء هام سيجمع قيادة "الحزب" بالرئيس جوزاف عون، وهذا تقدّم جيد من حيث الشكل، لكنّ حركة "الحزب" يجب أن تترافق مع تقديم حسن النوايا، وأهم عناصره الامتناع عن تحويل الجنوب ساحة للرسائل السلبية، كما حصل في الاعتداء على دورية "اليونيفيل" في بلدة الجميجمة بذريعة دخولها أراضٍ خارج الطرقات العامة.
جاء الاعتداء العنيف على دورية القوات الدولية في بلدة الجميجمة قبل أيام، ليثير الأسئلة عن مدى مصداقية "حزب الله" في تسليم كلّ أسلحته جنوب الليطاني، وهل كانت الدورية قد وصلت إلى مكان يوجد فيه أسلحة لا يريد "الحزب" تسليمها؟
يعيد هذا الاعتداء على "اليونيفيل" طرح الأسئلة حول حقيقة ما يجري في الجنوب، خاصة أنّ هناك مراقبين يرون أنّ السلاح الذي خزّنه "الحزب" بين المنازل وتحتها وفي الأنفاق الصغيرة المرفقة بآلاف البيوت، يجعل من الصعوبة التسليم بأنّ الجيش اللبناني تمكّن من استلام 80 % من مخازن "الحزب".
لكنّ اللافت للانتباه هو خفوت صوت الدولة اللبنانية في إدانة الاعتداء على القوات الدولية، خاصة أنّ التعرّض لها تحوّل إلى عمليات منظمة يشنها "الحزب" باسم "الأهالي"، وقد بلغت منذ شهر ونيف أكثر من سبع اعتداءات، أي بمعدل اعتداء كل أسبوع، بالإضافة إلى تحديد المراقبين لقرى عديدة أصبحت مغلقة بشكل كامل ودائم أمام القوات الدولية، فهل هذا التطور مقبول؟
في هذا الوقت، لا تزال الضاحية خارج السيطرة وما زالت القوة الغاشمة لـ "الحزب" هي المسيطرة، من دون أن تتغلغل الأجهزة الأمنية في شوارعها، مع الإبقاء على مرجعية "الحزب" أمنياً وسياسياً، في حالة تشبه حالة المخيمات الفلسطينية، وهذا مؤشِّرٌ سلبي لا يبشِّر بالخير لأنّ جزءاً أساسياً من العاصمة بقي خارج سلطة الدولة.
ما زال "حزب الله" يواظب على التصرف خارج الدولة، فخطاب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم ونوابه يتمسكون بما يسمونه استمرار مشروع "المقاومة"، وهذا يعني منع الانتشار الكامل لقواها العسكرية والأمنية في الضاحية، منها نصب الحواجز على مداخلها، ومنع الجيش من الوصول إلى بعض النقاط والمخازن، واستمرار هيمنة "الحزب" الأمنية على الأهالي والتحكّم بتفاصيل الحياة اليومية للناس وفرض الأمر الواقع عليهم، كما هو الحال في المساحات المحيطة بمكان اغيتال الأمين العام السابق لـ "الحزب" حسن نصرالله لتحويله إلى مزار وموقعٍ للدعاية الحزبية والعقائدية، ولهذه الغاية صادر "الحزب" العقارات المجاورة لمكان الاستهداف وكأنّه هو الدولة الآمرة الناهية.
لا يمنع الحوار مع "حزب الله" بسط سلطة الدولة على جميع أراضيها، بغضّ النظر عن موضوع السلاح، فلا يجوز إبقاء شريحة واسعة من اللبنانيين تحت هيمنة حزب لا تصحّ مسايرته، وعدم الأخذ بعين الاعتبار أنّ أغلبية الشعب اللبنانية أصيبت بارتكاباته مباشرة أو بشكل غير مباشر، وهؤلاء هم في الحقيقة من يحتاجون إلى الوقوف على خواطرهم، فهم الضحية التي سكتت الدولة (سابقاً) عن عذاباتها، وتنتظر من العهد الجديد أن ينصفها ويأخذ لها حقها..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 3 ساعات
- الشرق الأوسط
إلى أين تتجه الأمور في ليبيا؟
السؤال في العنوان أعلاه يطرح نفسه بقوة على الساحة الليبية عقب الأحداث الدموية التي شهدتها طرابلس خلال الأسبوع الماضي. تأكيدات الأجهزة الأمنية بأنَّ الهدوء قد خيّم على المدينة مجدداً، والمطالبة بعودة المواطنين لممارسة أعمالهم لا تجد آذاناً مصغية. صدمة الحرب الأخيرة كانت شديدة وغير عادية. ثمة خوف يتزايد من عودة سطوة المسلحين وسلبهم ونهبهم لخزينة الدولة وإيقاعهم بالمواطنين بلا رحمة. ثمة قلق من تصاعد حالة التوتر وانعدام الثقة بين الحكومة من جهة والجماعات المسلحة من جهة أخرى. الشوارع الخالية من ازدحام حركة المرور دليل يؤكد أن الطمأنينة غادرت القلوب. وأنَّها ربما صارت جزءاً من ماضٍ. ورئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة يدور في مربع مغلق، ضيّق المساحة، وكأنه يشعر بأن العد التنازلي للرحيل قد بدأ، وهو يرى قادة جماعات مسلحة لا يجمعهم شيء سوى رغبة التخلص منه يتناسون خلافاتهم، ويشحذون السيوف استعداداً لذلك. مراقبات مكاتب التعليم مرتبكة في أعمالها، ولا تعرف ماذا تفعل هذه الأيام. يسهر الأهالي في بيوتهم في انتظار ما ستصدره من بيانات بخصوص استئناف امتحانات المرحلتين الإعدادية والثانوية أو تأجيلها. والمصارف مقفلة الأبواب، بدعوى الحرص على سلامة الموظفين والعاملين. والإشاعات تغوّلت واستحوذت على المشهد. تنفلت من كل الاتجاهات وفي كل الاتجاهات، وكلها تزيد في إرباك الوضع وتأزيمه. آخر الأخبار تقول إن الحكومة الأميركية طالبت بتفريغ المدينة من الآليات العسكرية الثقيلة. وفي السياق نفسه، نقلت وسائل الإعلام الدولية خبر وصول مستشار الرئيس الأميركي مسعد بولس إلى مصر والتقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في القاهرة، للتباحث حول الأزمة الليبية. السؤال حول الجماعات المسلحة في بقية المدن في غرب البلاد، لا يحظى بالاهتمام المتوجب من قبل الحكومة. والجماعات المسلحة في طرابلس تؤكد دوماً أنها لن تغادر المشهد ما لم تحلّ كل الجماعات الأخرى، وبخاصة في مدينة مصراتة، التي ينتمي إليها رئيس الحكومة. وفي سياق آخر، خرج مؤخراً رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة من صمته، وألقى خطاباً تلفزيونياً مسجّلاً وقصيراً، ليلة السبت الماضي، لتوضيح ملابسات الأحداث الأخيرة. الخطاب القصير لم يأتِ بجديد. وما ذكره للمواطنين حول ما كان يفعله رئيس جهاز دعم الاستقرار الراحل عبد الغني الككلي من انتهاكات وجرائم لم يكن سرّاً مخفياً على الناس. والأهمّ أن ما كان يقوم به الأخير من أعمال إجرامية لم يكن مقتصراً عليه أو على جماعته، بل هي أعمال تقوم بها كافة الجماعات المسلحة، سواء تلك التي تعسكر في المدينة، أو تلك التي تتخندق في مدن أخرى. عقب سماع المرء لكلمة رئيس حكومة الوحدة الوطنية ليلة السبت الماضي، لا شك أنه سيتذوق طعم الإحباط، ويتمنّى لو أنّه واصل الصمت والاختباء. فقد بدا في الخطاب المسجّل، ضعيفاً، غير قادر على التعبير عما يجري. وغير قادر على إقناع أحد. هناك حكمة قديمة تقول بما معناه إن الصمت أولى وأفضل للمرء إن لم يكن لديه ما يضيفه للسامعين أو المشاهدين. طرابلس إلى أين بل ليبيا بأسرها إلى أين؟ سؤال لا يمكن تجاهله. والأحداث الأخيرة أبانت أن الإجابة عنه ضرورية لمعرفة المآلات المختلفة التي من الممكن أن تؤول إليها الأمور في العاصمة. إذ إنه ما دامت الأوضاع في العاصمة على نحو غير مرض، فإن ذلك ينعكس سلباً على أحوال كل البلاد. ومظاهرات الاحتجاج التي شهدتها ميادين وشوارع طرابلس لمدة يومين، رغم أهميتها، فإنها كانت عشوائية، تفتقد للقيادة، وتنادي بمطالب جهوية ومناطقية متعددة. ولذلك السبب كان من السهل سرقتها بفعل فاعلين، وتوجيهها إلى مقر رئاسة الحكومة، حيث تحوّلت إلى شغب وعنف، قوبل بإطلاق النار من الأجهزة الأمنية. تنصُّلُ رئيس حكومة طرابلس من جرائم رئيس جهاز الدعم والاستقرار وأفراد في عائلته، لا ينفي حقيقة أن الككلي كان يوفر الدعم والحماية للحكومة مقابل سكوتها عن جرائمه. فالحكومة كانت على علم بما يرتكب من قبل هذا الجهاز من انتهاكات ونهب وسلب وقتل، طيلة السنوات الماضية. وهذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها. الوضعية الحالية لا تفيد أحداً، وتضرّ بالجميع. فهي ليست في صالح الحكومة، ولا في صالح الجماعات المسلحة، ولا في صالح المواطنين، وتقود إلى طريق مسدود، ومن المحتمل أن تزيد في تصعيد الموقف وعودة العنف. ومن الواضح أن بعثة الأمم المتحدة فشلت في انتهاز فرصة الحرب الأخيرة، وافتكاك زمام المبادرة من الجماعات المسلحة وغيرها من الأطراف، وقيادة العملية السياسية بما يتسق وتوصيات اللجنة الاستشارية مؤخراً.


الرياض
منذ 3 ساعات
- الرياض
تسعة جرحى في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان
أصيب تسعة أشخاص الثلاثاء بجروح جراء غارة اسرائيلية في جنوب لبنان، على ما أفادت وزارة الصحة، غداة إعلان إسرائيل القضاء على عنصر في حزب الله مع مواصلة هجماتها على الرغم من وقف إطلاق النار الساري بين الطرفين. وقالت الوزارة في بيان إن "غارة العدو الإسرائيلي بمسيرة استهدفت دراجة نارية على طريق المنصوري - قضاء صور، أدت في حصيلة محدثة إلى إصابة تسعة أشخاص بجروح من بينهم طفلان"، مضيفة أن "ثلاثة من الجرحى بحال حرجة". وقتل شخص الاثنين وأصيب ثلاثة آخرون بجروح بضربات اسرائيلية على مناطق عدة في جنوب لبنان، وفق السلطات، في حين أعلن الجيش الاسرائيلي أنه "قضى على أحد العناصر الارهابية في قوة الرضوان التابعة لحزب الله". ويسري منذ 27 نوفمبر اتفاق لوقف إطلاق النار بين الحزب والدولة العبرية، تم إبرامه بوساطة أميركية وفرنسية. ونص الاتفاق على انسحاب مقاتلي حزب الله من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل. ونص الاتفاق على انسحاب إسرائيل من مناطق توغلت فيها خلال الحرب. لكن بعد انتهاء المهلة المخصصة لذلك، ابقت اسرائيل على وجود قواتها في خمسة مرتفعات استراتيجية تخولها الإشراف على مساحات واسعة على ضفتي الحدود. وتواصل شن غارات خصوصا في الجنوب. ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب. وتؤكد السلطات اللبنانية في الآونة الأخيرة قرارها "حصر السلاح" بيد الدولة، وسط ضغوط أميركية متصاعدة لسحب سلاح حزب الله بعدما تكبّد خسائر فادحة في البنية العسكرية والقيادية خلال الحرب مع إسرائيل. وأكّد الرئيس اللبناني جوزاف عون في أواخر أبريل أن الجيش بات يسيطر على أكثر من 85 في المئة من الجنوب الذي قام بـ"تنظيفه"، في إطار تنفيذ التزاماته باتفاق وقف النار.


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
إسرائيل تسرق ذاكرة سوريا!
حتى يقتنع بعض اللامبالين بأهمّية الأرشيف، الرسمي منه والخاص، أسوق لهم هذا الخبر العجيب «الطازج» قبل أيام: ففي عملية سرّية نفّذها الموساد الإسرائيلي، تمّ نقل نحو 2500 مستند وصورة وأغراض شخصية للجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين، إلى داخل إسرائيل. مراسل شبكة «العربية» ذكر أن إسرائيل حصلت على مئات الوثائق والمقتنيات الشخصية التي تعود لكوهين احتفظت بها المخابرات السورية ضمن أرشيفها الرسمي، فيما أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صراحة أنّه «تم جلب الأرشيف السوري الرسمي الخاص بكوهين إلى إسرائيل، الذي يحتوي على آلاف القطع الأثرية التي كانت محفوظة بطريقة سرية للغاية من قبل قوات الأمن السورية لعقود من الزمن».إسرائيل تنظر إلى جاسوسها الشهير في سوريا نظرة احتفائية (هناك مسلسل عنه في «نتفليكس» قام ببطولته الممثل البريطاني اليهودي الشهير ساشا كوهين)، لذلك تُعدّ العُدّة للاحتفال بالذكرى الستين لإعدامه في 18 مايو (أيار) 1965. هذا الإعدام الشهير الذي تمّ في الساحة الرئيسية في المرجة بدمشق. نتذكر في الأيام الأولى بُعيد هروب نظام الأسد، وتسلّل رئيسه بشّار وأفرادٌ معه إلى الحماية ثم للطائرة ثم للعاصمة الروسية، حدث هجوم من الكثيرين على مقرّات أمنية وأراشيف رسمية... هل نتوقع أن كل هؤلاء الهاجمين كانوا من عامّة الناس فقط؟! بعد سقوط نظام القذّافي في ليبيا حصل أيضاً هجوم على الأرشيف الليبي، وما أدراك من أرشيف وتسجيلات العقيد الأخضر القذّافي وعجائبها؟! كما حاولت أطرافٌ ما فعل الشيء نفسه على الأرشيف الرسمي الأمني أثناء الفوضى التي صاحبت خلع مبارك من حكم مصر واشتعال الشارع وهروب المساجين («حماس» و«حزب الله» وخلايا الإخوان التي كان لها فصولٌ ساخنة في هذا الأمر). إذن الأرشيف هو غنيمة وثروة كبيرة، لا تقلّ إن لم تفُقْ، غنائم المال والذهب والسلاح، إنها المادّة الخام التي تشكّل الذاكرة، أو نحتْ هذه الذاكرة على هوى النحّات. كما أن الأرشيف يُخلّد من يُراد تخليده بصورة احتفالية، عبر الحصول على أشياء مادّية تتعلق به، سواء أوراقه أو ملابسه أو حاجاته، كلها تخلق علاقة مباشرة بهذا الرمز التاريخي أو ذاك، كما فعلت إسرائيل مع أشياء جاسوسها، أو بطلها، الإسرائيلي في سوريا، كوهين. سؤال أخير عن الأرشيف العربي: كيف حاله؟!