logo
حكايتي مع خالد الجامعي

حكايتي مع خالد الجامعي

بديلمنذ 2 أيام

لم أكتب شيئًا عن وفاته قبل أربع سنوات، لأني كنت في مكان لا يكتب ساكنه عن الأموات، لأنه هو نفسه يسكن قبر الحياة: السجن.
الآن، في ذكرى وفاة خالد الجامعي الرابعة، أسطّر كلمات وجملًا وعِبرًا وحكايات من حياة هذا الصحافي الذي ودّعنا بدون استئذان.
أروي قصة جمعتني به، ومقالًا له نشرته في جريدة (اخبار اليوم الموؤودة) وكلّفني سنوات من السجن وملايين الدراهم من التعويض والخسارات …
جمع خالد الجامعي في قلبه بين حُبّين: انتماؤه إلى حزب الاستقلال، وانتماؤه إلى قبيلة الصحافيين، لكنه لم يُخلِص إلا لحبيبة واحدة…
إنها الصحافة، التي مات وهو يحمل همّها، ويفكر في أحوالها، ويشارك في جنازاتها…
كلما مُنعت جريدة أو مجلة، أو اعتُقل صحافي، كان يرفع صوته بالقول:
'اللهم إن هذا منكر.'
رأى خالد بن بوشتة الجامعي، أحد أقطاب الحركة الوطنية، النور سنة 1944، ولم يرث عن والده سوى الانتماء إلى حزب الاستقلال، وثقافة شعبية وأمثال مغربية معبّرة… أما الباقي، فكله اكتسبه بنفسه، واستقاه من عصره وثقافة جيله:
اللغة الفرنسية، التمرّد على الأعراف، الجرأة في التعبير عن الرأي والاختلاف، وبفظاظة أحيانًا، في وجه شيوخ الحزب المحافظ، كما في وجه رموز المخزن التي تُخيف…
قبل أن يرحل عن سن 77 سنة، جرّب خالد الجامعي كل شيء:
السياسة، الصحافة، النضال، السجن، العنف، المنع من الكتابة التمثيل في السينما ، ثم التمرّد على الأب/الحزب، والخروج إلى أرض الله الواسعة صوتًا حرًّا لا يهاب شيئًا، لأنه جرّب كل شيء ولم يعد يطمع في شيء .
لما ضاقت به الجريدة التي كان رئيس تحريرها L'Opinion، وجد جرائد فرنكفونية مستقلة تقبل بشغبه.
ولما ضاق عليه حزب الاستقلال، فتحت له مجلة Le Journal، التي أسسها ابنه أبو بكر، المجال واسعًا للتعبير والكتابة، وحتى للصراخ…في زمن كانت السلطة مازالت تسمع وتتفهم وتتحرك..
كان يقول ويُردّد:
'لا أخاف من السجن… أخاف من أن أُضطر يومًا لمدح من لا يستحق.'
كنت قد دعوت خالد الجامعي وآخرين للكتابة باللغة العربية لجمهور لا يقرأ الفرنسية، لما كنت رئيس تحرير جريدة المساء، إلى جانب أسماء أخرى مثل:
محمد الساسي، عبد الإله بلقزيز، عبد الهادي بوطالب، أحمد الريسوني، وآخرين.
وكانت الفكرة هي الخروج من تمركز كل كاتب في خندقه الأيديولوجي وفي جريدته القريبة لقلبه وعقله وفتح صفحات الرأي في الجريدة لكل الاتجاهات السياسية والفكرية والأيديولوجية، للتعبير والحوار والجلوس ، ولو على صفحات الورق وبين سطور المداد…
ولما غادرت الجريدة لأسباب عدة – سنعود لروايتها في فرصة أخرى – تبعني خالد الجامعي وآخرون إلى جريدة أخبار اليوم حديثة الصدور انذاك ، بعد أن ضاقت بهم صفحات جريدة المساء.
وكعادتي، لم أضع دفاتر تحمّلات لأي كاتب رأي في كل المنابر التي أسستها . كنت دائمًا أحترم الرأي الذي أختلف معه أكثر من الرأي الذي أتفق معه، وكنت أحيانًا أتحمّل كلفة تعبير آخرين عن آرائهم في جريدتي او موقعي بطيب خاطر وبمسؤولية ربان يعرض نفسه للأخطار قبل الركاب الذين يقود سفينتهم… وهذا ما حدث بالضبط مع الرائع خالد الجامعي.
كانت مقالته الأسبوعية تُنشر في الصفحة الأولى من أخبار اليوم، في عدد نهاية الأسبوع، يبعثها الجمعة، مترجمة بقلم صديقه الوفي أحمد المرزوقي، الذي وهبه الله وسجن تازمامرت لغة عربية جميلة…
كان ذلك يوم 25 شتنبر 2009، صدر عدد نهاية الأسبوع، وعلى صدر الصفحة الأولى مقال لخالد الجامعي، عنوانه : 'الغائب عن الصورة؟'
- إشهار -
اختار خالد الجامعي أن يعلّق على الصورة الرسمية التي نشرتها جريدة Le Matin للعائلة الملكية، بمناسبة حفل زفاف الأمير إسماعيل، ابن عم الملك محمد السادس.
لم يكتب الصحافي المشاكس عن الذين حضروا في الصورة – وهم كل العائلة الملكية تقريبًا – بل اختار أن يتحدث عن الغائب الوحيد…
إنه الأمير هشام بن عبد الله العلوي.
وكان هذا مدخله للحديث في موضوع حساس، كان وما يزال، وهو خلافات الأمير الأحمر مع القصر الملكي.
ولكم أن تتصوروا باقي القصة، للذين لم يعيشوا معنا تلك المحنة…
صادرت وزارة الداخلية عدد الجريدة ، ومنع عباس الفاسي الذي كان وزيرا اولا انذاك الجريدة كلها خارج القانون الذي لا يعطي سوى للقضاء صلاحية مصادرة الجريدة بحكم نهائي، وذهبتُ أنا إلى مخافر الشرطة، ومنها إلى المحكمة في عين السبع ، بتهمتين ثقيلتين:
المسّ بأحد أفراد العائلة الملكية، والإساءة للعلم الوطني…
وقامت ضجة في الداخل والخارج، ليس فقط بسبب مصادرة جريدة وتشميع مقرها قبل صدور الحكم، ومحاكمة صحافي بالقانون الجنائي وتغريمه 3,5 مليون درهم وأربع سنوات سجنًا موقوفة التنفيذ،
الضجة كانت بسبب التهمة الظاهرة التي كانت هي نشر كاريكاتور بريشة خالد كدار، لا يحتوي على أية إساءة لا من قريب ولا من بعيد، لا للأمير، ولا لزوجته، ولا للعلم الوطني الذي كنّا وما زلنا نرسم له صورة جميلة في قلوبنا، ولا نتقاضى أموالًا وامتيازات لكتابة شعرٍ منافق فيه…
بسببنا، مُنعت عداد كثيرة من دخول المغرب من جرائد لوموند، وإلباييس، ولو كوريي إنترناسيونال، بسبب تضامنهم معنا…
كانت أيامًا سوداء، لكنها كانت أقلّ سوادًا مما عشناه بعد ذلك…
ولما سألت واستقصيت في وسط تلك الأزمة قيل لي إن المشكل كان في مقال الجامعي حول 'الغائب الحاضر'، وليس في كاريكاتور خالد كدار…!
عادت أخبار اليوم للصدور بعد معركة أشهر في مقر جديد لان المقر القديم ظل مغلقا بدون حكم قضائي في اجمل بلد في العالم ولم يرفع الأمن الحظر عنه ولم نتمكن من دخوله واستعادة معداته سوى بعد ان لاحت بوادر الربيع العربي القادمة انذاك من تونس ( حلل وناقش) ، كلّفتنا المحنة ما كلفت من خسائر بملايين الدراهم. وكنت دائمًا أمزح مع الراحل خالد الجامعي وأقول له:
'نشر مقالك كلفني خمسة ملايين درهم، وأربع سنوات سجنًا، وتعويضًا للأمير وصل إلى 3,5 مليون درهم (تنازل عنها مشكورًا بعد صدور حكم الاستئناف).'
كانت هذه واحدة من فصول محنة الصحافة في بلادٍ تكره فيها السلطة الحروف التي تُشكّل اسم الصحافة…
ربما لم يبكِ عليه إلا القليلون،
لكن الكلمة الحرة بَكَته… وستبكيه طويلًا.
ربما لا يُذكر في نشرات أخبار التلفزة اليوم، في بلادٍ تحترف تدمير الذاكرة،
لكنه سيُذكر طويلًا في الضمير الصحافي،
وفي كل مرة يكتب فيها صحافي ما مقالًا دون خوف أو وجل أو تملّق…
يكون خالد الجامعي قد تنفّس مرة أخرى في قبره.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هيرفي رينارد: المنتخب السعودي محظوظ.. ومجرشي: جاهزون للفوز
هيرفي رينارد: المنتخب السعودي محظوظ.. ومجرشي: جاهزون للفوز

WinWin

timeمنذ 33 دقائق

  • WinWin

هيرفي رينارد: المنتخب السعودي محظوظ.. ومجرشي: جاهزون للفوز

أكد المدرب الفرنسي هيرفي رينارد أن المنتخب السعودي سيكون محظوظًا قبل خوضه المباراة الهامة أمام البحرين، أمسية الخميس 5 يونيو/ حزيران، في الجولة التاسعة من التصفيات الآسيوية الحاسمة المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2026. وخلال المؤتمر الصحفي الخاص باللقاء، قال رينارد: "أعتقد أننا محظوظون؛ لأننا سنلعب أمام البحرين بعد نهاية مواجهة أستراليا واليابان. من المهم جدًّا نفسيًّا معرفة نتيجة المباراة؛ لكي أعرف الرسالة الأخيرة التي سأوجهها للاعبين". وأضاف مدرب المنتخب السعودي: "ما زال لدينا مباراتان في التصفيات، لكن ليس لدينا خيارات كثيرة، نريد حصد 6 نقاط من المواجهتين المقبلتين. يجب أن نكون في قمة التركيز. لدينا تصميم كبير على الفوز أمام البحرين والعودة بالنقاط الثلاث". إحصائية تقلق المنتخب السعودي قبل مباراة البحرين اقرأ المزيد وتابع رينارد: "أحترم المنتخب البحريني كثيرًا. منتخب قوي وعنيد وفازوا من قبل بكأس الخليج، وأظهروا تصميمًا وإصرارًا للحصول على البطولة. واجهت البحرين ثلاث مرات، ولكن جميعها في كأس الخليج، وهذه مباراة مختلفة بالتصفيات". وأنهى المدرب الفرنسي بقوله: "الآن نحن في مرحلة نحمل فيها شعار المنتخب، واللاعبون فخورون بذلك، ويعلمون ما ينتظرهم من الشارع السعودي. الإعداد جيد للمباراة وروح الفريق تغيرت. ندرك مسؤوليتنا وأهمية التأهل إلى كأس العالم 2026". وكانت السعودية قد خاضت مواجهة ودية أمام الأردن، أُقيمت الجمعة 30 مايو/ آيار، وانتهت بفوز "الأخضر" بهدفين نظيفين، وذلك استعدادًا لخوض مباراة البحرين، ثم المواجهة التالية ضد أستراليا، في الجولة العاشرة من التصفيات، التي ستُقام يوم 10 يونيو/ حزيران الجاري. لاعب المنتخب السعودي: نريد إسعاد جماهيرنا من جانبه، تحدث اللاعب السعودي علي مجرشي خلال المؤتمر الصحفي قائلاً: "جاهزون لخوض مباراة البحرين وتحقيق الفوز وإسعاد الجماهير. التحضيرات تسير بشكل جيد من أجل العودة إلى السعودية بنقاط المباراة". وتابع الظهير الأيمن للنادي الأهلي: "لا نستغني عن الجمهور السعودي، وهو دائمًا داعم لنا في كل مكان، وغدًا ننتظره في ملعب البحرين الوطني. بإذن الله نحقق النقاط الثلاث قبل مباراة أستراليا المرتقبة". ويحتل المنتخب السعودي المركز الثالث في مجموعته بالتصفيات الآسيوية، برصيد 10 نقاط، بفارق 3 نقاط عن أستراليا صاحبة الوصافة، فيما يعتلي المنتخب الياباني الصدارة بـ 20 نقطة، وقد ضمن التأهل لمونديال 2026، وتأتي إندونيسيا في المركز الرابع بـ 9 نقاط، ثم المنتخب البحريني خامسًا بـ 6 نقاط، بفارق الأهداف عن الصين التي تتذيل جدول الترتيب. يذكر أن بطل ووصيف كل مجموعة بالتصفيات الآسيوية الحاسمة سيتأهلان بشكل مباشر إلى منافسات كأس العالم 2026، فيما يتوجّه الثالث والرابع إلى الدور الخامس، حيث تتنافس فيه 6 منتخبات تتوزع على مجموعتَين، يصعد متصدراهما مباشرةً إلى المونديال، بينما يتواجه الوصيفان ذهابًا وإيابًا لتحديد ممثل آسيا في الملحق العالمي.

الحرب على الاسلام اوعندما يتم -الاختراق الكبير - للمجتمعات  المسلمة
الحرب على الاسلام اوعندما يتم -الاختراق الكبير - للمجتمعات  المسلمة

أكادير 24

timeمنذ 5 ساعات

  • أكادير 24

الحرب على الاسلام اوعندما يتم -الاختراق الكبير - للمجتمعات  المسلمة

agadir24 – أكادير24 المتابع لما يجري في المجتمعات المسلمة، ومنها المجتمع المغربي _من تحولات خاصة على المستوى المظهر الديني فيها. لا يخفى عليه أن هناك جهات خارجية تعمل على تغيير جوهر الدين الإسلامي، وتقديم دين بديل عنه يرضي تلك الجهات الخارجية . وانعكاسا لتلك التدخلات الخارجية ، ظهرت في السنوات الاخيرة نقاشات في هذه المجتمعات الإسلامية تقودها نخب محسوبة عليه، والتي تعمل لصالح المشروع الأجنبي، الذي انتقل بالفعل من مجرد مشروع ونقاش ،إلى تطبيق في الواقع سواء على مستوى مناهج التعليم وحتى في المساجد حيث قيدت حرية المسلم في الدعاء الى الله مما يرجوه منه، وخلق وهم لديه ، أن ليس له أعداء يحاربون دينه ظاهرا وخفية. إن عجز الحكومات على مواجهة هذالخطر وخضوعها لهذه التدخلات ،في شؤونها الداخلية وحتى المس بعقيدة مواطنيها ،وغياب أحزابا سياسية او إطارات وطنية تدافع عن توابتهم ،يدق ناقوس الخطر للبحث عن كيفية مواجهة هذاالاختراق، الذي تجاوز ما كان يفعله الاستعمار عندما كان يحتل أراضيهم بالقوة . إن مهل المخترقون الجدد في تحقيق مشاريعهم ،بتغيير ما انزل الله ،وما سار عليه المسلمون ،في اتباع سنة نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، يطرح سؤالا آنيا ومشروعا ، كيف يمكن للمسلم كفرد و المسلمون كجماعة أن يواجهوا هذا البلاء ،وهم ينظرون بعجز لما يجري، وقد استشعروا خطره على معتقدهم الديني؟ . إن الظرفية الدقيقةالحالية ،التي تمر بها المجتمعات الإسلامية، وانغماس الناس في أمورهم الدنيوية سيجعل التصدي لهذالاختراق، مؤجلا إلى حين . إن ما يتعرض له المسلمون من تحريف لدينهم وبشكل ممنهج ورسمي سيؤثر ولا شك على مستقبل هوية الشعوب الإسلامية، التي لن تجد أن الروابط بينها قد زالت ،وأن الدين الواحد الذي يجمعهم لم يعد هوذاك الدين الذي اخذوه عن سلفهم ،وهو ما يعني دخول المجتمعات الإسلامية، إلى فترة مظلمة، قد تكون هي الزمان الذي تحدث عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: وانتظارا لماسيؤول اليه مصير أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يسع إلا التذكير بقول الله تعالى الاستاذ اليزيد كونكا

عسال: سعدت بدعوة الناخب الوطني وحلمي تحقق بحمل قميص الأسود
عسال: سعدت بدعوة الناخب الوطني وحلمي تحقق بحمل قميص الأسود

المنتخب

timeمنذ 6 ساعات

  • المنتخب

عسال: سعدت بدعوة الناخب الوطني وحلمي تحقق بحمل قميص الأسود

عبر عبد الحق عسال لاعب النهضة البركانية الذي تم إستدعاؤه للمنتخب الوطني للمشاركة في المباراتين الوديتين أمام تونس والبنين المقررتين يومي الجمعة 6 يونيو والإثنين 9 يونيو بالملعب الكبر لفاس عن سعادته الكبيرة بالدعوة التي تلقاها من الناخب الوطني وليد الركراكي. وقال عبد الحق عسال:" أنا سعيد بالدعوة التي تلقيتها من الناخب الوطني وليد الركراكي وأنا سعيد جدا بحمل القميص الوطني الذي يبقى مسؤولية كبيرة وعبء كبير أيضا وإنشاء الله سأكون في المستوى المطلوب وعند حسن ظن الثقة التي منحت لي، لقد كنت أحلم بحمل قميص المنتخب وتحقق، ودعوتي للجماهير المغربية بمواصلة دعمها حتى نحقق المبتغى إنشاء الله وهو التتويج باللقب الإفريقي".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store