logo
حين يصبح الغش ذكاءً... والصدق غباءً

حين يصبح الغش ذكاءً... والصدق غباءً

الجريدة الكويتيةمنذ يوم واحد

في زوايا الصفوف، لم يعد الغش سراً، بل مهارة صامتة.
يُصفّقون للطالب «الذكي» الذي عرف كيف يهرب بورقة، أو يصوّر بالإجابات، أو يتحايل على المعلّم.
يُقال عنه: فطين، ذكي، يعرف من أين تُؤكل الدرجة.
أما الطالب الصادق؟ فيُوصَف بالمسكين، الساذج، الذي لا يعرف كيف «يتصرف».
فهل الذكاء صار قدرة على الالتفاف؟ وهل الصدق ضعف في التعامل مع الواقع؟
في تقرير أصدرته منظمة OECD عام 2021، أظهرت الدراسة أن أكثر من 67 في المئة من طلاب المرحلة الثانوية في دول متعددة اعترفوا بممارسة الغش مرة واحدة على الأقل في اختباراتهم النهائية، وأن الدافع لم يكن الكسل، بل «الخوف من الفشل أمام من يُجيدون الغش».
وهكذا تشوّهت القيم وأصبح الغش «مهارة مجتمعية»، والصدق «موقفاً غير واقعي».
وتحوّل الصف من مكان للمعرفة... إلى ساحة سباق ملوّث.
والطالب الذي يغش يعرف أن المنهج لا يضيف له، وأن العلامة أهم من الفهم.
والمعلم، في كثير من الأحيان، يغض الطرف... لأنه أيضاً ضحية نظام يُطالب بالنتائج قبل المعايير.
هكذا، دون أن نشعر، صرنا نُخرّج محترفين في الخداع... لا في الفِكر والطالب الذي صمت حين رأى الغش... تعلّم درساً أخطر من أي درس، تعلّم أن الحق ساكن، وأن «الذكي» من لا يراه.
فيا أيها النظام التربوي هل نُعيد تعريف الذكاء؟ وهل نُرجع للصدق قيمته، ليس فقط في السلوك... بل في الوعي؟
في أحد الفصول، رُصد طالب يغش في الامتحان... لم يُعاقب بل أُخذ جانباً، وتلقّى همسات إعجاب من زملائه: «ذكي، عرف يطلع منها»، أما الطالب الآخر، الذي كتب ما فهمه، ولم يُنقل، ولم يتفوّق؟ فقد خرج من اللجنة مطأطئ الرأس... لأن «صدقه لم يكن كافياً».
فهل تحوّلنا من مؤسسات تربوية... إلى مصانع درجات؟ وهل صرنا نكافئ النتائج حتى لو جاءت عبر الالتواء، ونتجاهل الطريق المستقيم لأنه «بطيء»؟
في دراسة من جامعة كامبريدج 2020، وُجد أن الطلاب الذين يُمارسون الغش المتكرر يفقدون تدريجياً ثقتهم في قيمة المعلومة نفسها، ويُصبح النجاح لديهم مرتبطاً بـ«الخداع المُتقَن» أكثر من أي جهد حقيقي.
الغش هنا ليس فقط سلوكاً خاطئاً... بل فلسفة تدميرية للقيم فهو يُعلّم التهرب، ويُكرّس مبدأ: «ما لا تُحققه بنفسك... خُذْه بالحيلة».
الأسوأ من الغش... أن يراه الجميع ولا يعترض أحد، وأن يتحوّل من استثناء إلى عرف، ومن عيب إلى مهارة، وأن يُصنّف الذكاء بأنه «قدرة على المراوغة، » ويُصنّف الصدق بأنه «جميل... لكنه غير واقعي».
المدرسة التي تسكت عن الغش... تُدرّس الكذب دون منهج، والمعلم الذي يُساير المتفوقين بالغش... يصنع مجتمعاً لا يثق بأحد.
فلا تسألوني عن انهيار التعليم... واسألوا: من الذي غيّر تعريف الذكاء؟ ومن الذي جعل الغش جزءاً من النجاح؟ ومن الذي ربّى جيلاً يُصفّق للدهاء... ويصمت على النزاهة؟
نريد ذكاءً نقياً... لا دهاءً ملوثاً، ونريد صدقاً فخوراً... لا صدقاً مُحبطاً يُقال له: «كان ممكن تغش وتنجح، بس اخترت الغباء!».
فيا صُنّاع المنظومة، هل ما زلتم تُكرّمون «الأوائل»... دون أن تسألوا: بأي طريقة وصلوا أولاً؟

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أشاد رئيس فريق خبراء منظمة OECD ببرنامج التقويم المدرسي السعودي، لما يتمتع به من
أشاد رئيس فريق خبراء منظمة OECD ببرنامج التقويم المدرسي السعودي، لما يتمتع به من

رواتب السعودية

timeمنذ يوم واحد

  • رواتب السعودية

أشاد رئيس فريق خبراء منظمة OECD ببرنامج التقويم المدرسي السعودي، لما يتمتع به من

نشر في: 23 مايو، 2025 - بواسطة: علي احمد أشاد رئيس فريق خبراء منظمة OECD ببرنامج التقويم المدرسي السعودي، لما يتمتع به من شمولية وسرعة استجابة لا مثيل له عالميًا، ومواءمته للتحديات والفرص داخل البيئة التعليمية السعودية. المصدر : إياد الحمود | منصة x

حين يصبح الغش ذكاءً... والصدق غباءً
حين يصبح الغش ذكاءً... والصدق غباءً

الجريدة

timeمنذ يوم واحد

  • الجريدة

حين يصبح الغش ذكاءً... والصدق غباءً

في زوايا الصفوف، لم يعد الغش سراً، بل مهارة صامتة. يُصفّقون للطالب «الذكي» الذي عرف كيف يهرب بورقة، أو يصوّر بالإجابات، أو يتحايل على المعلّم. يُقال عنه: فطين، ذكي، يعرف من أين تُؤكل الدرجة. أما الطالب الصادق؟ فيُوصَف بالمسكين، الساذج، الذي لا يعرف كيف «يتصرف». فهل الذكاء صار قدرة على الالتفاف؟ وهل الصدق ضعف في التعامل مع الواقع؟ في تقرير أصدرته منظمة OECD عام 2021، أظهرت الدراسة أن أكثر من 67 في المئة من طلاب المرحلة الثانوية في دول متعددة اعترفوا بممارسة الغش مرة واحدة على الأقل في اختباراتهم النهائية، وأن الدافع لم يكن الكسل، بل «الخوف من الفشل أمام من يُجيدون الغش». وهكذا تشوّهت القيم وأصبح الغش «مهارة مجتمعية»، والصدق «موقفاً غير واقعي». وتحوّل الصف من مكان للمعرفة... إلى ساحة سباق ملوّث. والطالب الذي يغش يعرف أن المنهج لا يضيف له، وأن العلامة أهم من الفهم. والمعلم، في كثير من الأحيان، يغض الطرف... لأنه أيضاً ضحية نظام يُطالب بالنتائج قبل المعايير. هكذا، دون أن نشعر، صرنا نُخرّج محترفين في الخداع... لا في الفِكر والطالب الذي صمت حين رأى الغش... تعلّم درساً أخطر من أي درس، تعلّم أن الحق ساكن، وأن «الذكي» من لا يراه. فيا أيها النظام التربوي هل نُعيد تعريف الذكاء؟ وهل نُرجع للصدق قيمته، ليس فقط في السلوك... بل في الوعي؟ في أحد الفصول، رُصد طالب يغش في الامتحان... لم يُعاقب بل أُخذ جانباً، وتلقّى همسات إعجاب من زملائه: «ذكي، عرف يطلع منها»، أما الطالب الآخر، الذي كتب ما فهمه، ولم يُنقل، ولم يتفوّق؟ فقد خرج من اللجنة مطأطئ الرأس... لأن «صدقه لم يكن كافياً». فهل تحوّلنا من مؤسسات تربوية... إلى مصانع درجات؟ وهل صرنا نكافئ النتائج حتى لو جاءت عبر الالتواء، ونتجاهل الطريق المستقيم لأنه «بطيء»؟ في دراسة من جامعة كامبريدج 2020، وُجد أن الطلاب الذين يُمارسون الغش المتكرر يفقدون تدريجياً ثقتهم في قيمة المعلومة نفسها، ويُصبح النجاح لديهم مرتبطاً بـ«الخداع المُتقَن» أكثر من أي جهد حقيقي. الغش هنا ليس فقط سلوكاً خاطئاً... بل فلسفة تدميرية للقيم فهو يُعلّم التهرب، ويُكرّس مبدأ: «ما لا تُحققه بنفسك... خُذْه بالحيلة». الأسوأ من الغش... أن يراه الجميع ولا يعترض أحد، وأن يتحوّل من استثناء إلى عرف، ومن عيب إلى مهارة، وأن يُصنّف الذكاء بأنه «قدرة على المراوغة، » ويُصنّف الصدق بأنه «جميل... لكنه غير واقعي». المدرسة التي تسكت عن الغش... تُدرّس الكذب دون منهج، والمعلم الذي يُساير المتفوقين بالغش... يصنع مجتمعاً لا يثق بأحد. فلا تسألوني عن انهيار التعليم... واسألوا: من الذي غيّر تعريف الذكاء؟ ومن الذي جعل الغش جزءاً من النجاح؟ ومن الذي ربّى جيلاً يُصفّق للدهاء... ويصمت على النزاهة؟ نريد ذكاءً نقياً... لا دهاءً ملوثاً، ونريد صدقاً فخوراً... لا صدقاً مُحبطاً يُقال له: «كان ممكن تغش وتنجح، بس اخترت الغباء!». فيا صُنّاع المنظومة، هل ما زلتم تُكرّمون «الأوائل»... دون أن تسألوا: بأي طريقة وصلوا أولاً؟

عاجل- مصر تتبنى حزمة إصلاحات لتبسيط حركة التجارة وتحفيز الاستثمار وتعزيز البيئة الاقتصادية
عاجل- مصر تتبنى حزمة إصلاحات لتبسيط حركة التجارة وتحفيز الاستثمار وتعزيز البيئة الاقتصادية

بوابة الفجر

timeمنذ 2 أيام

  • بوابة الفجر

عاجل- مصر تتبنى حزمة إصلاحات لتبسيط حركة التجارة وتحفيز الاستثمار وتعزيز البيئة الاقتصادية

أكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء على سعي الدولة المصرية المستمر لتبسيط وتيسير حركة التجارة الخارجية، وتحقيق تحسن في تنافسية الاقتصاد المصري، عبر خفض زمن وتكلفة التجارة. وفي هذا السياق، أشار المركز إلى موافقة مجلس الوزراء في فبراير الماضي على "حزمة تسهيلات" غير مسبوقة، التي تتضمن العديد من الحوافز الجمركية والإصلاحات الاقتصادية التي تهدف إلى تسهيل الإفراج عن السلع المستوردة، وتطوير منظومة الجمارك، وتعزيز الرقابة على الصادرات والواردات. حوافز جديدة لتعزيز بيئة الاستثمار وأوضح التقرير الصادر عن مركز المعلومات أن هذه الحوافز تتضمن 29 آلية لتسريع إجراءات الإفراج الجمركي وتقليص التكاليف المرتبطة بالتجارة، بما في ذلك: تسهيل الإجراءات الجمركية وتقليص زمن الإفراج. تبني نظام التخليص المسبق. تأجيل تحصيل الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى لحين وصول البضائع. تقسيط الضريبة الجمركية المستحقة على مستلزمات الإنتاج لمدة تصل إلى 6 أشهر. إعفاءات ضريبية إضافية خلال الأشهر الثلاثة الأولى. تعزيز الانضمام لبرنامج "المشغل الاقتصادي المعتمد" لزيادة عدد المستفيدين إلى 500 شركة على الأقل. الإصلاحات الضريبية لدعم مجتمع الأعمال وأضاف المركز في تقريره أن الحكومة المصرية أطلقت مجموعة من الإصلاحات الضريبية ضمن مسار تحسين العلاقة بين المستثمرين ومصلحة الضرائب، بما في ذلك: تبسيط الإقرارات الضريبية وزيادة حد الإعفاء من "دراسة تسعير المعاملات" للشركات الدولية إلى 30 مليون جنيه. إقرار "آلية تسوية" مركزية جديدة لتسهيل التعامل مع المستثمرين. تقديم حوافز ضريبية للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي لا تتجاوز حجم أعمالها السنوي 15 مليون جنيه. السماح بتعديل الإقرارات الضريبية دون فرض غرامات للفترات من 2021 إلى 2023. هذه التسهيلات تهدف إلى تحسين مناخ الاستثمار، وجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية. حوافز جديدة لدعم قطاع الصناعات من جهة أخرى، أطلقت وزارة البترول والثروة المعدنية في ديسمبر 2024 حزمة من الحوافز لدعم المُصنعين. أبرز هذه الحوافز تشمل: سداد جزء من المديونيات المتأخرة دون فوائد. إمكانية تقسيط المديونيات الجديدة على فترة تصل إلى 10 سنوات. زيادة فترة سداد فواتير استهلاك الغاز لتصل إلى 30 يومًا. تطبيق متوسط سعر صرف ثابت لفواتير المصانع المصدرة بالدولار. توحيد سعر الغاز المطبق على قطاع توليد الكهرباء. تحسن بيئة الاستثمار في مصر: إشادات دولية وفيما يتعلق بتحسن بيئة الاستثمار في مصر، أكد المركز أن العديد من المؤسسات الدولية قد أشادت بالإصلاحات الاقتصادية والتشريعات التي تبنتها الحكومة، وأشار إلى إشادات من أبرز المنظمات الدولية مثل: منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) التي أشادت بتنافسية مصر على المستويين الإقليمي والعالمي. مؤسسة "FDI Intelligence" التي أشادت بمصر باعتبارها من الدول الأكثر جذبًا للاستثمارات الصينية. شركة فيزا العالمية التي أكدت على أن الشركات الصغيرة والمتوسطة تمثل 98% من الشركات في مصر، مما يعكس بيئة اقتصادية نشطة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store