logo
وزارة الصحة تشرع في توزيع 'الميثادون' بعدما كان مفقودا

وزارة الصحة تشرع في توزيع 'الميثادون' بعدما كان مفقودا

عبّر٠٩-٠٤-٢٠٢٥

أعلنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عن استئناف التوزيع العادي لدواء الميثادون بعد تجاوز الاضطرابات التي شهدها تموينه.
وقد تم، يوم السبت، تزويد جميع مراكز التكفل بالإدمان على المستوى الوطني بكمية كافية، مما يضمن استمرارية العلاج للمرضى.
يأتي هذا الإجراء بفضل تعبئة الوزارة وشركائها، ومن خلال التعاون الدولي الهادف إلى تأمين مصادر تموين. وقد تم توفير مخزون كاف يلبي احتياجات المرضى، مما يعكس التزام الوزارة بضمان استمرارية العلاجات الأساسية.
وتواصل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية جهودها لتحسين تدبير المخزون الدوائي وتعزيز آليات التزويد، مع الاستمرار في التنسيق مع الشركاء الوطنيين والدوليين، لضمان توفر دائم لدواء الميثادون وتفادي أي اضطرابات مستقبلية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج
✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

24 طنجة

timeمنذ 3 أيام

  • 24 طنجة

✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

بخطى مترنحة وعيون زائغة، يجر أحدهم جسدا أتعبه الإدمان، وسط حيّ 'أرض الدولة' التي لم تعد تستيقظ إلا على مشاهد 'القطرانة'، و'البوفا'، و'السينيال'. لا أحد يسأله: ما بك؟ فالكل صار معتادا على هذا العرض اليومي الذي صار أكثر رعباً من أفلام الهالوين. وفي مدينة ما زالت تكنى بـ 'طنجة الكبرى'، ينتشر الإدمان اليوم كالنار في الهشيم، مستهدفا أبناء أحياء الهامش أولا، قبل أن يتمدد في الأزقة، والشوارع، والحدائق، وحتى أبواب المدارس. المخدرات لم تعد تقتصر على 'الحشيش' و'القرقوبي'، بل ظهرت موجة جديدة أكثر فتكا، قوامها المواد الطيّارة، وأقراص مجهولة المصدر، وأحيانا حتى مستحضرات تنظيف. ووسط هذا الواقع، تُكابد حالات عديدة من المدمنين في صمت، لا طلبا للشفاء فقط، بل للنجاة من الجوع، من النوم في العراء، ومن نظرات المجتمع التي ترى فيهم 'بشرا فائضين عن الحاجة'. وقد تفجّرت هذه المعاناة بشكل جماعي قبل أسابيع حين أغلق العشرات من المدمنين شارعا رئيسيا في حي 'بئر الشفاء'، احتجاجا على انقطاع دواء 'الميثادون' الذي يُوزع عليهم كمادة بديلة تساعدهم على تجاوز مرحلة الإقلاع. تلك الوقفة لم تكن سوى صرخة حياة من فئة تعيش في الهامش الصحي والاجتماعي. وبينما أعلنت وزارة الصحة لاحقا عن استئناف توزيع الميثادون، فإن الأزمة كشفت هشاشة البنية الصحية المحلية. وبحسب الدكتور محمد حسون، مدير المستشفى الجهوي 'الرازي' للطب النفسي، فإن مدينة طنجة تفتقر بشكل تام إلى الأسرة المخصصة لمرضى الإدمان، مما يجعل عملية العلاج معقدة وغير مكتملة، مشيرا إلى أن أربعة مراكز فقط على مستوى المدينة تتولى توزيع هذا الدواء، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تدخلات أوسع. ويؤكد المسؤول الطبي، في تصريحات لجريدة طنجة 24 الالكترونية، أن العلاج الدوائي يظل غير كاف ما لم يُرفق بمواكبة نفسية حقيقية وإعادة تأهيل ممنهجة، مضيفا أن طنجة لا تتوفر على أي مركز متخصص في إعادة الإدماج أو التأهيل النفسي، في وقت لا يتعدى فيه عدد هذه المراكز وطنيا أربع منشآت فقط. كما نبّه الدكتور حسون، إلى ضرورة توفير أسرة مخصصة للحالات المستعصية أو ذات الميولات العدوانية المرتبطة بالوضعية النفسية، معتبرا أن غياب مثل هذه المرافق يُفرغ العلاج من مضمونه. ورغم أن مستشفى 'الرازي' يُعد المؤسسة الوحيدة في شمال المغرب التي تستقبل المرضى النفسيين والمدمنين، إلا أن تقارير رسمية كشفت عن غياب أي نية لتوسيعه أو تحديثه من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية. وأعلنت الوزارة في وقت سابق أن مشروع إنشاء مستشفى جديد بطنجة غير وارد حاليا، فيما تبقى الأشغال الجارية داخل 'الرازي' مقتصرة على إصلاحات جزئية تقودها جماعة طنجة بتنسيق مع وزارة الداخلية، دون أن تمسّ جوهر الخصاص الهيكلي في الموارد والمرافق. وبين هذا الإهمال المؤسسي واستفحال الظاهرة في الشارع، تستمر حالات الإدمان في التصاعد، وسط غياب رؤية شاملة للإدماج والعلاج. ويزداد القلق من أن يتحول هذا الوضع إلى مأزق بنيوي دائم في مدينة تواجه تحديات اجتماعية متسارعة، دون أن تتوفّر على الحد الأدنى من الوسائل لحماية من تبقّى من أبنائها من السقوط.

«الميثادون» يطيح برئيسة أمانة الصحة النفسية لكن مأساته مستمرة
«الميثادون» يطيح برئيسة أمانة الصحة النفسية لكن مأساته مستمرة

مدى

timeمنذ 5 أيام

  • مدى

«الميثادون» يطيح برئيسة أمانة الصحة النفسية لكن مأساته مستمرة

في مايو 2024، وقف حسن (اسم مستعار)، 32 عامًا، متعافٍ من الهيروين، داخل مستشفى المعمورة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، هو و200 مريض من المتعافين من المواد الأفيونية في انتظار الحصول على جرعة الميثادون. لم يكن حسن يعرف ما هو الميثادون تحديدًا. «قالولي أنا و200 شخص فيه برنامج جديد للعلاج اسمه وحدة خفض الضرر وهتاخد علاج اسمه الميثادون». أول جرعة حصل عليها حسن وصلت إلى نصف ملي، وبدأت تزيد تدريجيًا كل يوم نصف ملي حتى وصلت في اليوم الثالث إلى واحد ونصف ملي، حينها شعر حسن بنشوة غير معتادة، «حسيت إن جسمي اتظبط ونفسيتي كمان»، يقول حسن. لكن فجأة، في بداية شهر أبريل الماضي، أبلغت إدارة المستشفى المرضى أنه سيتم تقليل العلاج لأن المخزون انتهى. «حاسس إن علاج لمدة سنة ضاع بعد ما عرفت إنه خلص، وليّ زمايل كتير في مستشفيات تانية انتكسوا تاني. أعراض الانسحاب عندي كبيرة، وممكن نرجع كلنا نشرب تاني لو مكملتش علاج بالميثادون، وغالبًا دي هتكون الانتكاسة التاسعة ليا لو مرجعتش»، يقول حسن. هذه الأزمة تسببت في الإطاحة برئيسة أمانة الصحة النفسية، منن عبد المقصود، وتعيين وسام أبو الفتوح خلفًا لها، بحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى «مدى مصر»، خلال الأيام الماضية. وبحسب مصدرين، أحدهما مسؤول بارز، تجري الرقابة الإدارية تحقيقًا واسعًا مع عدد من قيادات الأمانة العامة للصحة النفسية في مخالفات مالية وإدارية، ومنها نفاد الميثادون من المستشفيات العامة للصحة النفسية، بجانب إهدار ملايين الجنيهات على برنامج علاجي دون بروتوكول واضح. وبحسب أحد المسؤول ـ«مدى مصر»، قامت الرقابة الإدارية كذلك بالتحقيق مع المديرين المالي والإداري للأمانة. تحدث «مدى مصر» إلى مجموعة متنوعة من المصادر شملت مرضى وأطباء ومسؤولين عن الصحة والدواء في مصر، لفهم كيف خلقت الأمانة العامة للصحة النفسية سوقًا لدواء الميثادون في مصر، نظرًا لعلاقتها مع الشركات المنتجة له، دون الالتزام بتطبيق بروتوكول استخدامه، بهدف تجميع أكبر عدد من المرضى للحصول على أموال المنح من الجهات الدولية الممولة لبرامج علاج الإدمان، ما تسبب في زيادة معاناة المرضى المتعافين من الهيروين. الميثادون؛ عقار يساعد على تهدئة الرغبة الشديدة في تناول الهيروين والأوكسيكودون والتخفيف من أعراض انسحابها، ولهذا يُستخدم في برامج المساعدة على الإقلاع عنها. أظهرت الأبحاث منذ ذلك الحين أن الميثادون، وهو في حد ذاته مادة أفيونية، يُخفف الرغبة الشديدة في تناول مواد أفيونية أكثر خطورة. يعمل هذا الدواء عن طريق التأثير على مستقبلات الدماغ نفسها التي يؤثر بها الهيروين وغيره من المواد الأفيونية، مثل الأوكسيكودون والهيدروكودون والمورفين، وهي أدوية تُستخدم غالبًا كمسكنات للألم، وقد تؤدي إلى الإدمان. يساعد الميثادون المرضى على الإقلاع عن الإبر، ويُوجَّه متعددي الانتكاسات ويحميهم من انتقال فيروس الإيدز والفيروسات الكبدية من الإبر، لكنه في النهاية مخدر قد يشكل خطرًا كبيرًا على كثير من المرضى. غير أن الإقلاع عن استخدامه يُسبب أعراض انسحاب من بينها آلام وقشعريرة وقيء وإسهال وقلق. لهذا تعرضت شركات الأدوية العالمية ومراكز العلاج لانتقادات شديدة من الأطباء الذين يعتبرونه مجرد جرعة مخدر وليست علاجًا، تُعلي من شأن الأرباح لمراكز الرعاية وشركات الدواء على حساب رعاية المرضى. هناك عشر شركات عالمية تنتج الميثادون، ووصل حجم سوقه العالمي 132.9 مليون دولار أمريكي في عام 2024، ويتوقع أن يصل إلى 205.3 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2033. يشير إيهاب الخراط، استشاري الطب النفسي، لـ«مدى مصر» إلى أن الشركات العالمية تضغط بشكل كبير لتسويق الميثادون وتدفع بقوة لترويجه، على عكس العلاج التأهيلي وبرنامج الـ12 خطوة، رغم أنهم متأكدون من أنها علاجات فعالة. وفقًا له، يجب أن يكون العلاج بالميثادون موجهًا بعناية، ولا يأتي إلا بعد استنفاد فرص العلاج عن طريق إعادة التأهيل والامتناع. اطّلع «مدى مصر» على ميثاق للعلاج بالمبادئ التوجيهية للعلاج الدوائي ببدائل الأفيون (الميثادون)، التي وقعت عليها وزارة الصحة مع مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة، بإشراف 16 طبيبًا متخصصًا في علاج الإدمان والطب النفسي، أبرزهم أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي ومستشار رئيس الجمهورية. يشترط البروتوكول ألا تقل فترة العلاج عن 12 شهرًا، ويفضّل أن يكون من سنتين إلى أربع سنوات بعد الوصول إلى مستويات جرعات ثابتة، وألا يتم الضغط على مرضى العلاج ببدائل الأفيون لتقليل الجرعات، أو استخدام العلاج البديل كمكافأة أو حجبه كعقاب. يتطلب البروتوكول كذلك تقييمًا شاملًا لضمان ملاءمته للمريض، ومراقبة المريض وفحصه جسديًا بحثًا عن آثار الحقن مثل علامات الإبر أو ندوب الأنسجة، أو خراجات، أو قرح أو الإصابة بأمراض معدية (فيروس نقص المناعة البشرية، فيروس التهاب الكبد الوبائي فيروس التهاب الكبد سي، السُل)، ووجود تاريخ طويل من تعاطي المواد الأفيونية، واستخدام الميثادون ضمن منظومة متكاملة وعلاج نفسي جماعي، وغيرها من التوجيهات. لكن، وفقًا للمصادر، لم تلتزم مصر بمحددات هذا البروتوكول. بحسب استشارية علاج نفسي وإدمان، فإن طريقة التعامل مع الميثادون في مصر ودخوله كانت عليها علامة استفهام كبيرة. طبقًا لها، فإن المنطق الذي استخدمته الأمانة هو أن الميثادون سيقضي على قائمة الانتظار الطويلة من المرضى. بدأ تطبيق برنامج العلاج ببدائل الأفيونات (الميثادون) في مصر، في مارس 2023، داخل المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية (ومقرها داخل حرم مستشفى العباسية للصحة النفسية، وتُشرف على 20 مستشفى نفسي في جميع أنحاء الجمهورية)، بهدف التخفيف عن الدولة من أعباء التكاليف المرتفعة للإقامة طويلة الأمد داخل المستشفيات. ووصل عدد الوحدات المتخصصة في هذا العلاج إلى 17 وحدة موزعة في مختلف المحافظات. في البداية، تعاقدت «الأمانة» مع شركة دواء لتوريد الميثادون في مارس 2023، قبل أن تحصل على منحة من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة لتوسيع البرنامج، بحسب مسؤول سابق في مستشفى تابع للأمانة العامة للصحة النفسية. «فجأة؛ ومن دون دراسة جدوى، قررت الوزارة إنشاء وحدات خفض الضرر والعلاج بالميثادون بتكلفة ملايين الجنيهات»، يقول المسؤول، «فوجئنا بأن علينا ضغطًا شديدًا من الأمانة لعلاج المرضى بالميثادون في أسرع وقت». يقول أحد المتعافين من إدمان الهيروين لـ«مدى مصر»، والذي بدأ رحلة علاجه بالميثادون قبل شهرين، إنه شعر في بداية علاجه بضغط كبير من المسؤولين للالتحاق بالبرنامج. «اتقالنا العلاج ده فيه أمل ومهم لكم، وكأنه بيحاول يجمع أكبر عدد مننا علشان نتعالج بيه»، يقول، «[لكن] اتفاجئت إن لقينا شباب صغير وأعداد كبيرة فعلًا مش مستحقة العلاج، يعني لقيت مرضى بتاخد ميثادون وعمرهم ما ضربوا حقنة، وفي مرضى مواد غير أفيونية كانوا في البرنامج العلاجي». يعتبر المسؤول أن الأمانة العامة للصحة النفسية لم تكن مهتمة بوجود إشراف طبي دقيق، قبل مرحلة علاج الميثادون للمرضى، لأن الغرض من البرنامج كان «تسويقيًا»، بحسب تعبيره، أكثر منه خطة علاجية واضحة للمرضى. «كل يوم الأمانة تسألنا: عندكم كام حالة؟ وليه الحالات اللي بتتعالج بيه مش بتزيد؟ شعرنا إن فيه بيزنس كبير، مش مجرد خطة علاجية»، يقول المسؤول. توسع استخدام الميثادون بشكل كبير وعشوائي. بحسب طبيب داخل مستشفى تابع للأمانة العامة للصحة النفسية، دفع الأمانة لاستخدام الميثادون في علاج الديتوكس «مرحلة سحب السموم»، وهي أمر محظور. «كل ده علشان الدفعة تخلص في أسرع وقت»، يقول. أرجع مصدران هذا الاستعجال إلى ما وصفوه بالعلاقة القوية لمسؤولي «الأمانة» مع الشركات العالمية المنتجة للميثادون، والتي ضغطت لخلق سوق له في مصر دون اهتمام حقيقي بخطة علاج واضحة. هذه الضغوط كانت موجودة دائمًا، لهذا باءت جميع محاولات الشركات لفتح سوق للميثادون في مصر بالفشل من قبل. تقول مسؤولة سابقة داخل الأمانة العامة للصحة النفسي، تعمل الآن طبيبة داخل إحدى المستشفيات التابعة للأمانة، إنه سبق وأن ناقشت الأمانة من قبل مقترحًا لبدء برنامج علاجي بالميثادون، إلا أن لجنة ثلاثية جمعت إدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية مع وزارتي العدل والصحة انتهت إلى رفض المقترح بسبب الخوف من تسربه خارج القنوات الرسمية، بسبب صعوبات الرقابة. «جميع لواءات إدارة مكافحة المخدرات رفضت علشان كده المشروع اتحط في الدرج لعدة سنوات»، تقول المسؤولة. لهذا مثّل تنفيذ المشروع قبل عامين مفاجأة بالنسبة لها. وفقًا لها، مارست إحدى مسؤولات «الأمانة»، والتي لازالت تحتفظ بمنصبها حتى الآن، الضغط على الأطباء لتجميع أكبر عدد من المرضى لعلاجهم بالميثادون لكي تحصل على المال من الجهة المانحة في أسرع وقت. «كانت عماله تقول أهم حاجه يكون في عدد كبير هاتوا عدد»، تقول. ينقل محمود فؤاد، رئيس جمعية الحق في الدواء، عن أحد مديري مستشفى تابع للأمانة العامة للصحة النفسية أن منن عبد المقصود رفضت استشارة مديري المستشفيات، وفرضت عليهم تنفيذ العلاج في أسرع وقت. كل هذا يدفع المسؤولة السابقة لاستنتاج أنه «ربما يكون هناك بيزنس كبير للغاية». لكن المصادر التي تحدث معها «مدى مصر» تتفق على أن أزمة الميثادون يشترك فيها أطراف عديدة، وأن الأمر لا يقتصر على منن عبد المقصود، رئيسة الأمانة المُقالة. يقول المسؤول السابق إنه مع بداية دخول الميثادون إلى مصر، بدأ موظفون من الشركات المنتجة له بزيارة مديري المستشفيات التابعة للأمانة العامة للصحة النفسية لتسويقه. مسؤول آخر داخل مستشفى الصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة للأمانة يقول إنه بعد بدء العلاج بالميثادون للمرضى، أجرى رئيس شركة خاصة زيارة له وطلب منه جواب توصية للميثادون مقابل رحلة إلى فرنسا، لكنه رفض، «قالي هتاخد سفرية لتعليم البروتوكول العلاجي للميثادون، قولت له أنا فعلًا أخدتها». بحسب مدير المستشفى، الذي ينقل عنه فؤاد، وصل الأمر إلى أن بعض أعضاء «الأمانة» أصبحوا يتاجرون في الميثادون، والذي أصبح يُباع إلى المستشفيات الخاصة لعلاج الإدمان عن طريقهم. تضيف المصادر أن البرنامج شهد حالة كبيرة من العشوائية أثناء تنفيذه. على سبيل المثال، يجب أن يخضع صرف الميثادون لنظام يومي دقيق. «في دول أوروبية عديدة، هناك ماكينات مخصصة لصرف الميثادون بالملي يوميًا»، تقول المسؤولة. لكن هذا لم يحدث في النسخة المصرية من البرنامج. «لم يكن هناك بروتوكول علاجي واضح للعلاج بالميثادون، لدرجة أنهم أصبحوا يعطون المرضى [جرعة] العلاج [كاملة] أسبوعيًا»، يقول المسؤول. «مفيش حاجة اسمها حد ياخد كمية تكفي كام يوم لأن ده مخدر»، بحسب تعبير المسؤولة. حاول «مدى مصر» التواصل مع منن عبد المقصود لسؤالها عن تفاصيل البرنامج والتحقيق معها دون رد. هذه العشوائية أدت في النهاية إلى نفاد مخزون الميثادون، وبدء تسربه إلى السوق السوداء. في بداية شهر أبريل الماضي، نفد الميثادون. «فجأة سمعنا إن الميثادون مبقاش موجود، وإن فيه كمية كبيرة كانت هتنتهي صلاحيتها وتم توزيعها على معاهد الأورام كمسكن للألم، وبعد كده الشركة وقفت صرفه»، يضيف المسؤول. «الميثادون دواء مخدر، ومن المفترض أن تكون هناك خطة واضحة لاستكمال العلاج به لفترة طويلة، لكن فجأة انقطع العلاج»، يقول المسؤول. تسبب ذلك في تعرض المرضى لأعراض انسحاب مميتة، أدت إلى عودة عدد منهم لتعاطي المخدرات. بحسب شهادات خمسة من المرضى لـ«مدى مصر»، حدثت حالات وفاة كثيرة وسط المرضى بعد أزمة انقطاع الميثادون. «فيه ناس كتير ماتت من زمايلنا بسبب أعراض الانسحاب المميتة بعد نقص العلاج. اضطرت تشرب جرعات كبيرة، وكانت النتيجة إنهم ماتوا»، بحسب مريض متعافٍ. تفسّر استشارية علاج الإدمان لـ«مدى مصر» أسباب كثرة الوفيات بعد نفاد الميثادون من المستشفيات. «موت المرضى يرجع إلى أن أعراض الانسحاب قاسية جدًا للميثادون، وبالتالي المرضى رجعوا يضربوا مخدرات على الجرعة اللي واقفين عندها، لو موقف العلاج وهو بياخد 3 جرعات، وبعد كده بدأ جسمه ينضف، هيموت بجرعة عالية». تعتبر الاستشارية أن «الشركة خلقت سوقًا للميثادون في مصر، وكانت تعلم أن المرضى لن يكونوا قادرين على الاستغناء عنه». بعد التسويق الكبير للميثادون، «الحنفية اتقفلت» فجأة. بحسب وصفها، فإن هذا «أشبه بتجارة مخدرات، مش خدمة علاجية». يتفق المسؤول السابق مع هذا التوصيف. «كإن تاجر وزّع مخدر بديل، وهو عارف إن بعد أسبوع هيتطلب تاني من الدواء ده علشان محتاجين المخدر ده ومش هيقدروا يستغنوا عنه»، يقول. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا. بعد النفاد المفاجئ للميثادون، حاولت الأمانة التحكم في حجم الأزمة عن طريق التخلص مع عدد من المرضى الملتحقين بالبرنامج لأسباب واهية. على سبيل المثال، قررت «الأمانة» فجأة إجراء تحاليل مفاجئة للمرضى في جميع المحافظات للكشف عمن عاد للتعاطي وطرده من البرنامج. أحدهم اسمه علي (اسم مستعار)، كان يعمل موظفًا في مجلس الوزراء، إلا أنه تعرّض للفصل من عمله بسبب تعاطيه مخدر الهيروين، لينضم إلى برنامج العلاج بالميثادون. «بعد العلاج بيه، حياتي اتحسّنت، لكن بداية من شهر أبريل، فوجئت أنا ومجموعة من المرضى بقرار من المستشفى بالانقطاع عن العلاج بالميثادون، وذلك بسبب نفاده. شعرت بفقدان أمل وأعراض انسحاب رهيبة»، يقول علي. بعد الانقطاع عن الميثادون، انتكس علي وعاد لتعاطي المخدرات، قبل أن يقوم المستشفى بإجراء تحليل مفاجئ لهم. «تعرضت للفصل مع العشرات من برنامج علاج تقليل المخاطر، وهما عملوا تحليل ومتأكدين مليون في المية إن معظمنا انتكس بسبب إنه مفيش ميثادون، علشان يهربوا من مسؤولية علاجنا، وأعراض انسحابه أقوى من الهيروين. وفترة علاجنا بيه كانت سليمة، والتحاليل كانت سليمة»، يقول. يضيف أن الاتفاق الذي وقّعوه مع المستشفيات ينص على أن الميثادون سيتم تقليله بشكل آمن. «أحد أهم بنود البروتوكول اللي كلنا مضينا عليه، ينص على أن الميثادون يخرج من جسمنا بشكل آمن، لكن بالطريقة دي موتونا، وناس كتير اتفصلت من شغلها، وبيوتها اتخربت علشان مش قادرة تتحرك». تقول الاستشارية إن انتكاس المرضى طبيعي إذا لم تُقدَّم لهم الخدمة العلاجية بشكل كامل، لهذا تنتقد طرد المرضى الذي انتكسوا بعد انقطاع الميثادون. «هما بيتحاسبوا على إيه؟ المفروض إن المحاسبة تتم إذا كانت الخدمة قُدِّمت كاملة، خاصة إنه مرض مزمن»، تقول. يضيف طبيب متخصص في علاج الإدمان داخل مستشفى العباسية«فكرة استخدام علاج الميثادون لعلاج المرضى دون وضع خطة علاجية طويلة الأمد كانت أمرًا عجيبًا بالنسبة لنا». بعد نفاده، بدأ الميثادون يتسرّب إلى السوق السوداء. يقول مريض متعافٍ من الهيروين إنه اشترى كميات كبيرة من السوق السوداء بعد نفاد الميثادون من المستشفيات. «كلفني 15 ألف جنيه، ومعظمنا اشترى من السوق السوداء بعد نفاده في المستشفيات، ولكن حاليًا لم يعد موجودًا». يقول مريض آخر متعافٍ إن حالة العشوائية التي شهدها توزيع الميثادون في بداية مرحلة العلاج تسببت في وصوله إلى «ناس مش مرضى […] لما عرفوا إنه ليه قيمة في السوق، وإنه تجارة مهمة، وبدأ يوصل لمصحات الإدمان غير المرخصة، واتباع كمخدر في السوق السودا». بعد نفاد الميثادون في بداية شهر أبريل، بدأت الأمانة العامة للصحة النفسية في استيراد شحنات أخرى بداية من مايو، وبدأت توزيعها على المستشفيات، لكن بكميات أقل. «أنا حاسس إني بضرب في المستشفى، وكأني بطلت ذل البودرة علشان أتذل للحكومة على جرعة ميثادون. وكل يوم نروح المستشفى نتحايل على الدكاترة علشان جرعة تخليني قاعد في البيت مرتاح. الميثادون انقطع عنّا شهر كامل، رجعنا نضرب تاني، ورجع بس بجرعات بسيطة، والمرضى بيقفوا من الساعة 7 الصبح للساعة 7 بليل علشان سنتي ونص ميثادون، والجرعة قليلة ، علشان كده بيضربوا جنبه»، يقول مريض متعافٍ من الهيروين.

أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟
أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟

أخبارنا

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبارنا

أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟

في ظل الأزمة المتفاقمة لنقص دواء الميثادون في المغرب، خرج العشرات من المدمنين للاحتجاج، بعضهم هدد بالانتحار بعد انقطاع الدواء الذي يُفترض أن يكون علاجًا يساعد على الإقلاع عن تعاطي الهيروين، لكن الأزمة كشفت عن حقيقة صادمة: بدل أن يكون الميثادون وسيلة للخروج من الإدمان، أصبح مادة إدمانية بحد ذاتها، يتم تمويلها من المال العام تحت غطاء العلاج! كيف تحول الميثادون من علاج إلى مخدر؟ الميثادون يُستخدم في بروتوكولات الإقلاع عن الإدمان، حيث يتم إعطاؤه للمدمنين على الهيروين بشكل تدريجي لتخفيف الأعراض الانسحابية، إلى أن يتم التخلص من الإدمان تمامًا. في أوروبا، تستغرق هذه العملية عادة بين 3 و4 أشهر فقط، وبعدها يتم فطام المريض عن الدواء نهائيًا. لكن في المغرب، يبدو أن الوضع خرج عن السيطرة، حيث لم يعد الميثادون وسيلة للعلاج، بل أصبح جزءًا من الإدمان ذاته! المدمنون لم يعودوا يستخدمونه للتخلص من الهيروين، بل يقومون بخلطه معه للحصول على مخدر أقوى، ما أدى إلى تحولهم إلى مدمنين على الميثادون نفسه، لسنوات طويلة دون أي تحسن. لماذا أصيب المدمنون بحالة هيجان عند انقطاع الميثادون؟ عندما انقطع الميثادون فجأة من مراكز التوزيع، دخل المدمنون في حالة من الهياج الشديد، وهو ما يؤكد أنهم لم يكونوا يستخدمونه كعلاج، بل كمخدر، فمن المفترض أن يكون الميثادون مجرد مرحلة انتقالية، لا أن يتحول إلى إدمان بحد ذاته يستمر لسنوات! هذا الأمر يطرح تساؤلات خطيرة: هل هناك رقابة فعلية على استخدام الميثادون في المغرب؟ لماذا لا يتم ضبط مدة العلاج كما هو معمول به في الدول الأوروبية؟ هل أصبح المغرب يمول إدمان الآلاف من المدمنين من المال العام دون جدوى علاجية حقيقية؟ مراجعة بروتوكولات العلاج أم الاستمرار في دعم الإدمان؟ المغرب بات بحاجة إلى مراجعة صارمة للسياسة المتبعة في علاج الإدمان، والتأكد من أن الميثادون لا يتحول إلى حلقة إدمانية جديدة، بدل أن يكون وسيلة للإقلاع، إذ يجب تحديد مدة العلاج بصرامة وعدم السماح للمدمنين بتعاطي الميثادون لسنوات، مع تشديد الرقابة على مراكز توزيع الميثادون لمنع إساءة استخدامه، إضافة إلى إدراج برامج علاج نفسي وتأهيل اجتماعي إلى جانب العلاج الدوائي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store