logo
✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

24 طنجةمنذ 3 أيام

بخطى مترنحة وعيون زائغة، يجر أحدهم جسدا أتعبه الإدمان، وسط حيّ 'أرض الدولة' التي لم تعد تستيقظ إلا على مشاهد 'القطرانة'، و'البوفا'، و'السينيال'. لا أحد يسأله: ما بك؟ فالكل صار معتادا على هذا العرض اليومي الذي صار أكثر رعباً من أفلام الهالوين.
وفي مدينة ما زالت تكنى بـ 'طنجة الكبرى'، ينتشر الإدمان اليوم كالنار في الهشيم، مستهدفا أبناء أحياء الهامش أولا، قبل أن يتمدد في الأزقة، والشوارع، والحدائق، وحتى أبواب المدارس.
المخدرات لم تعد تقتصر على 'الحشيش' و'القرقوبي'، بل ظهرت موجة جديدة أكثر فتكا، قوامها المواد الطيّارة، وأقراص مجهولة المصدر، وأحيانا حتى مستحضرات تنظيف.
ووسط هذا الواقع، تُكابد حالات عديدة من المدمنين في صمت، لا طلبا للشفاء فقط، بل للنجاة من الجوع، من النوم في العراء، ومن نظرات المجتمع التي ترى فيهم 'بشرا فائضين عن الحاجة'.
وقد تفجّرت هذه المعاناة بشكل جماعي قبل أسابيع حين أغلق العشرات من المدمنين شارعا رئيسيا في حي 'بئر الشفاء'، احتجاجا على انقطاع دواء 'الميثادون' الذي يُوزع عليهم كمادة بديلة تساعدهم على تجاوز مرحلة الإقلاع. تلك الوقفة لم تكن سوى صرخة حياة من فئة تعيش في الهامش الصحي والاجتماعي.
وبينما أعلنت وزارة الصحة لاحقا عن استئناف توزيع الميثادون، فإن الأزمة كشفت هشاشة البنية الصحية المحلية.
وبحسب الدكتور محمد حسون، مدير المستشفى الجهوي 'الرازي' للطب النفسي، فإن مدينة طنجة تفتقر بشكل تام إلى الأسرة المخصصة لمرضى الإدمان، مما يجعل عملية العلاج معقدة وغير مكتملة، مشيرا إلى أن أربعة مراكز فقط على مستوى المدينة تتولى توزيع هذا الدواء، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تدخلات أوسع.
ويؤكد المسؤول الطبي، في تصريحات لجريدة طنجة 24 الالكترونية، أن العلاج الدوائي يظل غير كاف ما لم يُرفق بمواكبة نفسية حقيقية وإعادة تأهيل ممنهجة، مضيفا أن طنجة لا تتوفر على أي مركز متخصص في إعادة الإدماج أو التأهيل النفسي، في وقت لا يتعدى فيه عدد هذه المراكز وطنيا أربع منشآت فقط.
كما نبّه الدكتور حسون، إلى ضرورة توفير أسرة مخصصة للحالات المستعصية أو ذات الميولات العدوانية المرتبطة بالوضعية النفسية، معتبرا أن غياب مثل هذه المرافق يُفرغ العلاج من مضمونه.
ورغم أن مستشفى 'الرازي' يُعد المؤسسة الوحيدة في شمال المغرب التي تستقبل المرضى النفسيين والمدمنين، إلا أن تقارير رسمية كشفت عن غياب أي نية لتوسيعه أو تحديثه من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وأعلنت الوزارة في وقت سابق أن مشروع إنشاء مستشفى جديد بطنجة غير وارد حاليا، فيما تبقى الأشغال الجارية داخل 'الرازي' مقتصرة على إصلاحات جزئية تقودها جماعة طنجة بتنسيق مع وزارة الداخلية، دون أن تمسّ جوهر الخصاص الهيكلي في الموارد والمرافق.
وبين هذا الإهمال المؤسسي واستفحال الظاهرة في الشارع، تستمر حالات الإدمان في التصاعد، وسط غياب رؤية شاملة للإدماج والعلاج.
ويزداد القلق من أن يتحول هذا الوضع إلى مأزق بنيوي دائم في مدينة تواجه تحديات اجتماعية متسارعة، دون أن تتوفّر على الحد الأدنى من الوسائل لحماية من تبقّى من أبنائها من السقوط.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج
✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

24 طنجة

timeمنذ 3 أيام

  • 24 طنجة

✅ مرضى الإدمان يجتاحون شوارع طنجة .. والمدينة تتحول إلى مصحة مفتوحة دون علاج

بخطى مترنحة وعيون زائغة، يجر أحدهم جسدا أتعبه الإدمان، وسط حيّ 'أرض الدولة' التي لم تعد تستيقظ إلا على مشاهد 'القطرانة'، و'البوفا'، و'السينيال'. لا أحد يسأله: ما بك؟ فالكل صار معتادا على هذا العرض اليومي الذي صار أكثر رعباً من أفلام الهالوين. وفي مدينة ما زالت تكنى بـ 'طنجة الكبرى'، ينتشر الإدمان اليوم كالنار في الهشيم، مستهدفا أبناء أحياء الهامش أولا، قبل أن يتمدد في الأزقة، والشوارع، والحدائق، وحتى أبواب المدارس. المخدرات لم تعد تقتصر على 'الحشيش' و'القرقوبي'، بل ظهرت موجة جديدة أكثر فتكا، قوامها المواد الطيّارة، وأقراص مجهولة المصدر، وأحيانا حتى مستحضرات تنظيف. ووسط هذا الواقع، تُكابد حالات عديدة من المدمنين في صمت، لا طلبا للشفاء فقط، بل للنجاة من الجوع، من النوم في العراء، ومن نظرات المجتمع التي ترى فيهم 'بشرا فائضين عن الحاجة'. وقد تفجّرت هذه المعاناة بشكل جماعي قبل أسابيع حين أغلق العشرات من المدمنين شارعا رئيسيا في حي 'بئر الشفاء'، احتجاجا على انقطاع دواء 'الميثادون' الذي يُوزع عليهم كمادة بديلة تساعدهم على تجاوز مرحلة الإقلاع. تلك الوقفة لم تكن سوى صرخة حياة من فئة تعيش في الهامش الصحي والاجتماعي. وبينما أعلنت وزارة الصحة لاحقا عن استئناف توزيع الميثادون، فإن الأزمة كشفت هشاشة البنية الصحية المحلية. وبحسب الدكتور محمد حسون، مدير المستشفى الجهوي 'الرازي' للطب النفسي، فإن مدينة طنجة تفتقر بشكل تام إلى الأسرة المخصصة لمرضى الإدمان، مما يجعل عملية العلاج معقدة وغير مكتملة، مشيرا إلى أن أربعة مراكز فقط على مستوى المدينة تتولى توزيع هذا الدواء، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تدخلات أوسع. ويؤكد المسؤول الطبي، في تصريحات لجريدة طنجة 24 الالكترونية، أن العلاج الدوائي يظل غير كاف ما لم يُرفق بمواكبة نفسية حقيقية وإعادة تأهيل ممنهجة، مضيفا أن طنجة لا تتوفر على أي مركز متخصص في إعادة الإدماج أو التأهيل النفسي، في وقت لا يتعدى فيه عدد هذه المراكز وطنيا أربع منشآت فقط. كما نبّه الدكتور حسون، إلى ضرورة توفير أسرة مخصصة للحالات المستعصية أو ذات الميولات العدوانية المرتبطة بالوضعية النفسية، معتبرا أن غياب مثل هذه المرافق يُفرغ العلاج من مضمونه. ورغم أن مستشفى 'الرازي' يُعد المؤسسة الوحيدة في شمال المغرب التي تستقبل المرضى النفسيين والمدمنين، إلا أن تقارير رسمية كشفت عن غياب أي نية لتوسيعه أو تحديثه من طرف وزارة الصحة والحماية الاجتماعية. وأعلنت الوزارة في وقت سابق أن مشروع إنشاء مستشفى جديد بطنجة غير وارد حاليا، فيما تبقى الأشغال الجارية داخل 'الرازي' مقتصرة على إصلاحات جزئية تقودها جماعة طنجة بتنسيق مع وزارة الداخلية، دون أن تمسّ جوهر الخصاص الهيكلي في الموارد والمرافق. وبين هذا الإهمال المؤسسي واستفحال الظاهرة في الشارع، تستمر حالات الإدمان في التصاعد، وسط غياب رؤية شاملة للإدماج والعلاج. ويزداد القلق من أن يتحول هذا الوضع إلى مأزق بنيوي دائم في مدينة تواجه تحديات اجتماعية متسارعة، دون أن تتوفّر على الحد الأدنى من الوسائل لحماية من تبقّى من أبنائها من السقوط.

حكومة إبن كيران أغلقت «بويا عمر» وتركت طبيباً نفسياً واحداً لكل 100 ألف مغربي
حكومة إبن كيران أغلقت «بويا عمر» وتركت طبيباً نفسياً واحداً لكل 100 ألف مغربي

LE12

time٢٧-٠٤-٢٠٢٥

  • LE12

حكومة إبن كيران أغلقت «بويا عمر» وتركت طبيباً نفسياً واحداً لكل 100 ألف مغربي

{ transform: translateZ(0); -webkit-transform: translateZ(0); } منذ حكومة إبن كيران يعاني المغرب من نقص حاد في عدد الأطباء النفسيين، إذ لا يتجاوز المعدل طبيبًا واحدًا لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بـ1.7 طبيب عالميًا و9.4 أطباء في أوروبا لكل 100 ألف نسمة. الرباط -جمال الريفي في صيف عام 2015، ستعلن حكومة عبد الاله إبن كيران، عبر وزير الصحة الحسين الوردي، الإغلاق الرسمي لمعتقل «بويا عمر» ضاحية قلعة مدينة قلعة السراغنة. عملت وزارة الصحة، وقتها على توزيع جحافل من المرضى النفسيين والعقليين، على العدد الضعيف من المستشفيات المتخصصة. فاض مستشفى، برشيد جنوب الدار البيضاء، بالوافدين الجدد، وكذلك الحال بمستشفى الرازي في سلا، في مشهد كرس عجز المنشآت المتوفرة في إستقبال وتطبيب هؤلاء المرضى من المواطنين المغاربة. منذ ذلك، الحين، تكاثرت في شوارع مختلف مدن المملكة، ظهور جحافل من الحمقى الغرباء، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، في مشاهد حاطة من كرامة هؤلاء المواطنين، أكثر من تلك كانوا يعانون منها في المستشفيات أو معتقل «بويا عمر». لابل، إن عجز حكومة تبعا لذلك، بات المغرب يشهد، أكثر من أي وقت مضى، تكرار حوادث المختلين عقليًا، جراء إرث النقص الحاد في عدد الأطباء النفسيين. وسلط الحادث الإجرامي الذي هزّ مدينة ابن أحمد، مؤخرًا، الضوء مجددًا على واقع الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، بعدما تبين أن المتهم، الذي تسبب في مقتل عدد من الضحايا، سبق أن أُحيل أكثر من مرة على مستشفى الأمراض العقلية. وتثير هذه الحوادث المتكررة التي يكون أبطالها أشخاصًا يعانون من اضطرابات عقلية ونفسية، تساؤلات حادة حول نقص البنيات الاستشفائية المتخصصة، والخصاص الكبير في الأطر الطبية المؤهلة. ويعاني المغرب من نقص حاد في عدد الأطباء النفسيين، إذ لا يتجاوز المعدل طبيبًا واحدًا لكل 100 ألف نسمة، مقارنة بـ1.7 طبيب عالميًا و9.4 أطباء في أوروبا لكل 100 ألف نسمة. ورغم أن وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عملت خلال عامي 2023 و2024 على تخصيص 108 مناصب جديدة للأطباء والممرضين المختصين بالصحة النفسية، ليبلغ العدد الإجمالي للموارد البشرية في هذا المجال 1,481 إطارًا، بينهم 116 طبيبًا مختصًا، إلا أن هذا الجهد يظل غير كافٍ لسد الخصاص الكبير المسجل ميدانيًا. في هذا السياق، وجّه محمد غياث، النائب البرلماني عن فريق التجمع الوطني للأحرار، سؤالًا كتابيًا إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، دعا فيه إلى اتخاذ تدابير استعجالية لتعزيز البنية الصحية الخاصة بالأمراض العقلية، خصوصًا بإقليم سطات. وأشار غياث إلى أن واقعة ابن أحمد، التي تورط فيها شخص مختل عقليًا وأودت بحياة عدد من الأبرياء، كشفت عن هشاشة التعامل مع فئة المرضى العقليين وخطورة غياب مراكز متخصصة لاستقبالهم وعلاجهم. كما شدد على ضرورة إحداث بنيات صحية جديدة مجهزة لمعالجة هذه الفئة، حفاظًا على سلامة الأفراد والمجتمع. وتؤكد العديد من الدراسات أن الصحة النفسية بالمغرب تواجه تحديات جسيمة، تتعلق بنقص الكوادر المتخصصة، وضعف الخريطة الصحية المتعلقة بالأمراض العقلية، وهو ما يفرض وضع استراتيجية وطنية مستعجلة لتعزيز منظومة الصحة النفسية، وتوفير العلاج والرعاية اللازمة للمصابين.

أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟
أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟

أخبارنا

time١٨-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبارنا

أزمة الميثادون في المغرب.. علاج أم تمويل غير مباشر للمدمنين؟

في ظل الأزمة المتفاقمة لنقص دواء الميثادون في المغرب، خرج العشرات من المدمنين للاحتجاج، بعضهم هدد بالانتحار بعد انقطاع الدواء الذي يُفترض أن يكون علاجًا يساعد على الإقلاع عن تعاطي الهيروين، لكن الأزمة كشفت عن حقيقة صادمة: بدل أن يكون الميثادون وسيلة للخروج من الإدمان، أصبح مادة إدمانية بحد ذاتها، يتم تمويلها من المال العام تحت غطاء العلاج! كيف تحول الميثادون من علاج إلى مخدر؟ الميثادون يُستخدم في بروتوكولات الإقلاع عن الإدمان، حيث يتم إعطاؤه للمدمنين على الهيروين بشكل تدريجي لتخفيف الأعراض الانسحابية، إلى أن يتم التخلص من الإدمان تمامًا. في أوروبا، تستغرق هذه العملية عادة بين 3 و4 أشهر فقط، وبعدها يتم فطام المريض عن الدواء نهائيًا. لكن في المغرب، يبدو أن الوضع خرج عن السيطرة، حيث لم يعد الميثادون وسيلة للعلاج، بل أصبح جزءًا من الإدمان ذاته! المدمنون لم يعودوا يستخدمونه للتخلص من الهيروين، بل يقومون بخلطه معه للحصول على مخدر أقوى، ما أدى إلى تحولهم إلى مدمنين على الميثادون نفسه، لسنوات طويلة دون أي تحسن. لماذا أصيب المدمنون بحالة هيجان عند انقطاع الميثادون؟ عندما انقطع الميثادون فجأة من مراكز التوزيع، دخل المدمنون في حالة من الهياج الشديد، وهو ما يؤكد أنهم لم يكونوا يستخدمونه كعلاج، بل كمخدر، فمن المفترض أن يكون الميثادون مجرد مرحلة انتقالية، لا أن يتحول إلى إدمان بحد ذاته يستمر لسنوات! هذا الأمر يطرح تساؤلات خطيرة: هل هناك رقابة فعلية على استخدام الميثادون في المغرب؟ لماذا لا يتم ضبط مدة العلاج كما هو معمول به في الدول الأوروبية؟ هل أصبح المغرب يمول إدمان الآلاف من المدمنين من المال العام دون جدوى علاجية حقيقية؟ مراجعة بروتوكولات العلاج أم الاستمرار في دعم الإدمان؟ المغرب بات بحاجة إلى مراجعة صارمة للسياسة المتبعة في علاج الإدمان، والتأكد من أن الميثادون لا يتحول إلى حلقة إدمانية جديدة، بدل أن يكون وسيلة للإقلاع، إذ يجب تحديد مدة العلاج بصرامة وعدم السماح للمدمنين بتعاطي الميثادون لسنوات، مع تشديد الرقابة على مراكز توزيع الميثادون لمنع إساءة استخدامه، إضافة إلى إدراج برامج علاج نفسي وتأهيل اجتماعي إلى جانب العلاج الدوائي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store