
العقل كشبكة العنكبوت.. الإنسان وخيوط الارتباط الخفية
في ركنٍ قصيّ من الطبيعة، في تلك الزوايا التي تمرّ بها أعيننا ولا تراها، تنسج العناكب شبكاتها بهدوءٍ ودقة، في مشهد لا يخلو من الشاعريةٍ لو تأملناه. وقد يكون في هذا الخلق الصغير ما يكشف سرًّا كبيرًا عن أنفسنا، نحن بني البشر، وعن طبيعة عقولنا التي نظنها حكرًا على جماجمنا، بينما هي، في حقيقة الأمر، تمتدّ وتتوزع، تتناثر وتتشبّك.
كشف باحثون من معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) أن عقل العنكبوت لا يُختزل في جسده، بل يمتد خارجًا، ليعيش داخل شبكته المصنوعة من الحرير والتوتر والاهتزاز. فإن مُسّت تلك الشبكة بسوء، اضطرب العنكبوت وارتبك، كما يضطرب الإنسان عند إصابته بجلطة؛ كأنما فُقد جزء من وعيه، لا لأن ضررًا أصاب دماغه، بل لأن موضعًا من ذاته قد تمزّق خارج جسده.
تلك الرؤية تقودنا إلى تأمل حالنا نحن. ألسنا نحن أيضًا كائنات منفتحة على العالم؟ ألسنا نعيش بما نلمسه ويَلمسنا؟ إن أفكارنا لا تتوقف عند حدود بشرتنا، بل تفيض إلى من حولنا، إلى اللغة التي نسمعها وننطقها، إلى الذكريات التي ورثناها، إلى إيماءات الأيدي، ونظرات العيون، وإحساس اللحظة العابرة التي لا تُقال. نحن لسنا جُزُرًا منعزلة، بل شبكات من خيوط لا تُرى، نعيش من خلالها وبها.
ومن هنا، يبدو لي أن النموذج القديم للعلاج النفسي- شخصان في غرفة بيضاء، يحاولان تفكيك النفس بالكلمات- يبدو قاصرًا أمام هذه الحقيقة. فكيف نُصلح جرحًا في الروح إن كانت الروح ذاتها مشتتة في غابة من العلاقات والروابط؟ كيف نردّ نهرًا إلى مجراه بشفاء قطرة مطر؟
العقل- إذًا- ليس آلة تعمل بمعزل، بل شبكة حيّة كشبكة الفطريات تحت التربة؛ لا صوتًا منفردًا بل جوقةً تعزف معًا، لا جدارًا صامتًا بل أرضًا خصبة ترتجف تحت وقع الخطى، تتفاعل مع ما حولها، وتتشكل منه.
لهذا، إن أردنا الفهم والشفاء، فلننظر لا إلى داخل النفس وحدها، بل إلى ما يحيطها: إلى حكايات الأسلاف، إلى حزن الطيور التي هاجرت ولن تعود، إلى الاسم الذي لم يُنطق فغاب، وإلى اليد التي امتدّت يومًا ثم انسحبت.
لعلّ الشفاء ليس في إصلاح ما انكسر، بل في إعادة نسج ما تمزّق. في الإنصات لا للكلمات وحدها، بل لكل ما يرتجف عند حافة الإدراك. لكل من مرّوا فينا وتركوا فينا أثرًا. لكل الأرواح التي تسكننا، ولكل العوالم التي تتذكّرها نيابةً عنّا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 2 أيام
- العربية
طفل وقع من الطابق 15 ونجا.. وخبيرة تشرح كيف
شكلت نجاة طفلٍ في الثانية من عمره سقط من ارتفاع خمسة عشر طابقاً لغزاً للكثيرين في ولاية ماريلاند الأميركية الأسبوع الماضي. الأخيرة تركيا فيديو صادم لطفل يسقط من الطابق الثاني إلى حاوية نفايات بتركيا فقد سقط الطفل من شرفة خارجية في مقاطعة مونتغمري بولاية ماريلاند ما أثار نقاشاً عن كيفية نجاته وأثار العديد من التساؤلات. وقالت الشرطة إنهم عالجوا الصبي ونقلوه إلى مستشفى قريب مصابا بجروح، بما في ذلك كسر في الساق وإصابات داخلية متعددة. ووصفوا الإصابات بأنها "غير مهددة للحياة"، وقالوا إنه من المتوقع أن ينجو الطفل. كيف نجا؟ لكن لفهم كيفية نجاته رغم الارتفاع الشاهق الذي سقط منه، أوضحت أنيت هوسوي، أستاذة الفيزياء والهندسة الميكانيكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أن وزن الصبي الخفيف ومكان هبوطه ساعداه. كما أضافت: "امتصت تلك الشجيرة التي سقط عليها الكثير من الطاقة لهذا الطفل. فسارت الأمور في صالحه"، وفق ما نقل موقع "واشنطن بوست". وقالت هوسوي إن الصيغة الأساسية التي تُشير إلى أن القوة تساوي الكتلة مضروبة في التسارع تُعطي ميزة للأطفال الصغار. عامل السرعة كذلك أشارت إلى ضرورة موازنة ذلك بقوة سقوط الشخص ضد الغلاف الجوي وهي أكبر للبالغين، وتُحسب بضرب "ثابت السحب" في مربع سرعتهم. ومن العوامل المهمة السرعة النهائية، أو أقصى سرعة يصل إليها الشخص عند السقوط من مسافة بعيدة. فيما أوضحت أن الـ15 طابقا لم يكن كافيا للطفل للوصول إلى سرعته النهائية، وكان يسقط بسرعة تقريبية تُقدر بـ 40 ميلا في الساعة عند وصوله إلى الشجيرة في الأسفل، مقارنةً بسرعة تقارب 60 ميلًا في الساعة لشخص بالغ.


صحيفة سبق
منذ 2 أيام
- صحيفة سبق
خلافا للأفكار الشائعة.. دراسة تبدّد نظرية تقسيم الوظائف بين نصفَي الدماغ
كشف العلماء من معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا بالولايات المتحدة، أن الدماغ لا ينقسم بشكل صارم إلى "نصف أيسر منطقي" و"نصف أيمن إبداعي" خلافا للأفكار الشائعة، ومع ذلك، فعند معالجة الفضاء البصري، يستمر كل نصف كروي في معالجة الجانب المعاكس من مجال الرؤية. وبحسب الدراسة نُشرت نتائجها في مجلة " علم النفس العصبي - Neuropsychologia"، أكد البروفيسور إيرل ميلر أحد مؤلفي الدراسة أن "الحديث عن هيمنة النصف الأيمن أو الأيسر لدى بعض الأشخاص لا أساس علمياً له؛ لأن الإنسان يفكر باستخدام الدماغ بالكامل". والتقسيم الوظيفي مرتبط بالرؤية وليس بالتفكير، وعند استقبال المنبهات البصرية، تنشط الخلايا العصبية بشكل غير متماثل، حيث يتحكم النصف الأيسر من الدماغ في الجانب الأيمن من مجال الرؤية والنصف الأيمن يتحكم في الجانب الأيسر. وحسب ميلر، فإن هذا التقسيم يمنع ظهور "بقع عمياء" ويعزز كفاءة الإدراك. ورغم أنه كان يُعتقد سابقا أن المعلومات تندمج في صورة موحدة عند مستوى القشرة الجبهية الأمامية اكتشف الفريق البحثي أن الانزياح نحو النصف "المقابل" (المناقض لمصدر الإشارة البصرية) يبقى موجودا حتى في هذه المنطقة. وتم تأكيد ذلك عبر قياس نشاط الدماغ، حيث تزداد موجات غاما في النصف الكروي المسؤول عن معالجة الجزء المقابل من مجال الرؤية. وقد أظهرت دراسات سابقة أن البشر والحيوانات يتذكرون الأشياء بشكل أفضل عندما تكون موزعة بين جانبي مجال الرؤية، وهي ظاهرة تُعرف باسم "الميزة الثنائية". لكن هذه الميزة ليست مثالية، إذ أن الإنسان يستطيع تتبع جسم واحد فقط من كل جانب في وقت واحد. وعندما يتحرك جسم عبر مجال الرؤية ينقل الدماغ معلومات بسرعة بين النصفين، ويشبه ذلك عملية نقل الإشارة بين أبراج الاتصالات. وتضمن هذه الآلية إدراكا مستمرا ومترابطا للعالم من حولنا.

سعورس
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- سعورس
كبير مستشاري البيت الأبيض: دور السعودية محوري في مستقبل الذكاء الاصطناعي
جاء ذلك خلال مشاركته في جلسة حوارية، ضمن منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، في حوار مع وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبدالله بن عامر السواحه في الرياض ، بالتزامن مع زيارة فخامة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد جي ترمب إلى المملكة، ما يعكس أهمية الشراكة الإستراتيجية بين البلدين. ونوّه ساكس إلى أن المملكة أصبحت لاعبًا دوليًا محوريًا في تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي، من خلال استثماراتها في البنية التحتية الرقمية، واستخدامها للتقنيات المتقدمة في قطاعات حيوية مثل الصحة، موضحًا أن ما شاهده في المملكة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجالات الجينوم والعلاج الجيني لعلاج أمراض؛ مثل فقر الدم المنجلي، يعكس قدرتها على توظيف التقنية لخدمة التنمية المستدامة والصحة العامة. اقتصاد رقمي من جهته، أكّد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبد الله السواحة، أن المملكة تسير بخطى واثقة نحو التحول من اقتصاد تقليدي إلى اقتصاد رقمي يقوده الابتكار، مشددًا على أن الذكاء الاصطناعي يمثل حجر الزاوية في هذا التحول، وشريكًا رئيسًا في العلاقة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة. وقال: إن السعودية استقطبت استثمارات أمريكية تتجاوز 13 مليار دولار في عامي 2024 و2025، وهذه الاستثمارات تمثل أكثر من 90 % من إجمالي الاستثمارات الدولية في الذكاء الاصطناعي، ومراكز البيانات والخدمات السحابية، وتطوير القدرات الوطنية الرقمية مع كبرى الشركات التقنية؛ مثل (AWS Microsoft، Google Cloud، Oracle، Groq) وغيرها. وذكر أن الشراكة السعودية الأمريكية في مجال الابتكار، أثمرت مشاريع نوعية في الذكاء الاصطناعي، وتقنيات النانو، والطاقة النظيفة، من خلال تأسيس 14 مركز تميز بالتعاون مع جامعات أمريكية رائدة مثل: (MIT، ستانفورد، كالتك، IBM)، ما يعزز من قدرة المملكة على إنتاج المعرفة، وتسريع وتيرة الابتكار. استثمار في الإنسان أكد وزير الاتصالات وتقنية المعلومات المهندس عبد الله السواحة، أن السعودية لا تستثمر فقط في التقنية، بل في الإنسان أيضاً، لبناء أكبر تكتل للمواهب الرقمية في المنطقة، بعددٍ يتجاوز 381 ألف كفاءة رقمية، مشيرًا إلى أن المملكة استثمرت في تدريب وبناء القدرات الرقمية بالشراكة مع شركات أمريكية كبرى؛ مثل (Google، Apple، Amazon)، ما أسهم في رفع عدد الكفاءات الرقمية السعودية إلى أكثر من (381) ألف شاب وفتاة، وقال: إن المملكة تسعى عبر رؤية السعودية 2030، لتكون منصة عالمية للابتكار، ووجهة رئيسة لتطوير وتصدير حلول الذكاء الاصطناعي، التي تعود بالنفع على البشرية جمعاء.