
السباق العالمي في الذكاء الاصطناعي (1- 3)
عبيدلي العبيدلي
**
أصبح تطوير وتطبيق الذكاء الاصطناعي أمرًا أساسيًا في ساحة المنافسة الكونية بين الدول. ولم يأتِ هذا التطور التاريخي من العدم، ولم تندلع الصراعات الجيوسياسية، والمسارات المستقبلية المحتملة لسباق التسلح التكنولوجي هذا بين الدول الرائدة، ولا سيما الولايات المتحدة والصين، من الفراغ.
إضافة إلى ذلك، ونحن في سياق سبر معالم التطور التاريخي لمنظومة الذكاء الاصطناعي، لا بُد من التوقف عند العوامل التي مكنت الصين من تجاوز الدول الأوروبية في تقدم صناعة الذكاء الاصطناعي، واقتصادياته، والتحديات التي تحول دون التعاون الكبير بين قوى الذكاء الاصطناعي الكبرى. وأخيرًا، لا بُد من الإشارة إلى الاصطفاف والعواقب الدولية المحتملة لسباق الذكاء الاصطناعي المستمر.
بدايةً.. لا بُد من الاتفاق على تحول التعامل مع الذكاء الاصطناعي، وبشكل متزايد، كتقنية استراتيجية ستشكل مستقبل الاقتصادات والأمن والمجتمعات في جميع أنحاء العالم. إن التطور السريع لنظم وتقنيات الذكاء الاصطناعي ليس مسعىً علميًا وتكنولوجيا فحسب، بل هو أيضا عنصر حاسم في ديناميكيات القوة العالمية. ومن هنا، ينبغي التعامل مع سباق الذكاء الاصطناعي بين اللاعبين العالميين الرئيسيين، والعوامل التي تدفع منافستهم، وآثاره على المستقبل الدولي والإقليمي بشكل عام، وعلى مستوى كل دولة على حدة، بما فيها الصغيرة منها، على وجه خاص.
الخلفية التاريخية والمعالم الرئيسية
ولفهم آفاق تطور مراحل سباق الذكاء الاصطناعي، لا بُد من التوقف عند محطاته الرئيسية، وعلى وجه الخصوص المفصلية منها، على امتداد الحقب التاريخية التي عاشتها صناعة الذكاء الاصطناعي:
1950-1970:
أبحاث الذكاء الاصطناعي المبكرة: في هذه الفترة، بدأت أبحاث الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث وضع الرواد الأوائل مثل آلان تورينج وجون مكارثي الأسس النظرية. وقادت الولايات المتحدة تمويل الذكاء الاصطناعي من خلال (وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة ('DARPA': Defence Advanced Research Projects Agency)؛ وهي وكالة بحث وتطوير تابعة لوزارة الدفاع الأمريكية. وهي مسؤولة عن تمويل وتطوير التقنيات الناشئة للتطبيقات العسكرية والأمنية الوطنية. ومارست دورًا حاسمًا في التقنيات الرائدة مثل الإنترنت ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وأبحاث الذكاء الاصطناعي المبكرة. تأسست الوكالة في العام 1958 ردًا على إطلاق الاتحاد السوفيتي "سبوتنيك". وهو أول قمر اصطناعي ينطلق إلى الفضاء. أطلقه الاتحاد السوفيتي إلى مدار الأرض المنخفض في 4 أكتوبر 1957 في إطار برنامج الفضاء.
1980-1990:
(الذكاء الاصطناعي الشتاء والإحياء): حدثت فترات انخفاض التمويل والاهتمام بسبب قوة الحوسبة المحدودة والتقدم البطيء. ومع ذلك، فإن مشروع "أنظمة الحاسوب من الجيل الخامس" في اليابان أعاد تنشيط الاهتمام بأبحاث الذكاء الاصطناعي.
2000- إلى الوقت الحاضر
(التعلُّم العميق، ونظم الذكاء الاصطناعي الحديثة): أدى ظهور التعلم العميق، والبيانات الضخمة، والتقدم في القوة الحسابية، إلى تعزيز التقدم السريع الذكاء الاصطناعي. كما قادت الاختراقات في الشبكات العصبية ومعالجة اللغة الطبيعية والروبوتات إلى زيادة استثمارات الحكومة والقطاع الخاص في قطاعات الذكاء الاصطناعي المختلفة.
الصراع الجيوسياسي بين القوى العظمى في الذكاء الاصطناعي
برزت الولايات المتحدة والصين كلاعبين مهيمنين في تطوير الذكاء الاصطناعي، ويستفيد كل منهما من نقاط قوته:
الولايات المتحدة:
موطن لمؤسسات أبحاث الذكاء الاصطناعي الرائدة وعمالقة التكنولوجيا من أمثال (Google وMicrosoft وOpenAI) ونظام بيئي صديق للابتكار. يعزز الدعم القوي لرأس المال الاستثماري وتاريخ من الريادة التكنولوجية مكانتها.
الصين:
استراتيجية الذكاء الاصطناعي التي تقودها الحكومة الصينية مع قدرات هائلة لجمع البيانات والتمويل المدعوم من الدولة والتكامل السريع مع الذكاء الاصطناعي. وتساهم شركات مثل Baidu وAlibaba وTencent في تقدم الذكاء الاصطناعي في الصين.
الاتحاد الأوروبي:
رغم بعض التقدُّم على طريق بناء منظومة الذكاء الاصطناعي الأوروبية، لكن بقيت الأبحاث محدودة، والنظم القائمة على مرتكزات الذكاء الاصطناعي لا تقارن بنظيراتها في الصين والولايات المتحدة؛ ما أدى لتخلُّف الاتحاد الأوروبي عن الركب في تسويق الذكاء الاصطناعي.
الصدارة الأمريكية
مقابل ذلك، وخلال الخمسين سنة التي تلت الحرب الكونية (العالمية) الثانية، تبوَّأت الولايات المتحدة صدارة العالم في أبحاث وتقنيات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي لعدة عوامل رئيسية ساعدت على تعزيز ريادتها في هذا المجالي مكن رصدها في العوامل التالية:
متانة ورسوخ منظمات البحث والتطوير الأكاديمي
تقوم في الولايات المتحدة أفضل الجامعات والمؤسسات البحثية في العالم، مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة ستانفورد وجامعة هارفارد. وجميعها تمارس دورا محوريًا في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
دعم حكومي وأكاديمي كبير لمراكز الأبحاث مثل DARPA، التي تموّل مشاريع الذكاء الاصطناعي ذات التطبيقات العسكرية والمدنية.
استثمارات ضخمة ورأس المال المغامر
يتوفر في الولايات المتحدة نظام استثماري قوي يدعم الشركات الناشئة؛ حيث تستثمر كبرى شركات رأس المال المغامر (Venture Capital) في تقنيات الذكاء الاصطناعي.
شركات مثل OpenAI، Google (DeepMind)، Microsoft، Amazon، وMeta تقود الابتكار في الذكاء الاصطناعي بميزانيات ضخمة.
تفوُّق الشركات التكنولوجية الكبرى
يُعد وادي السيليكون مركزًا عالميًا للابتكار، ويضم شركات تكنولوجية تمتلك بنية تحتية متقدمة في الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة، مما يعزز تطوير الذكاء الاصطناعي.
شركات التكنولوجيا الأمريكية تقود تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة مثل ChatGPT (OpenAI) وGemini (Google) وClaude (Anthropic).
** خبير إعلامي
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
"بيمة" تنفذ تجربة فضائية فريدة من نوعها
مسقط- الرؤية أعلنت شركة "بيمة للتأمين" دعم تجربة فضائية فريدة من نوعها، بتحقيق حلم طفلين لأحد موظفي الشركة بإرسال نملة إلى الفضاء، إذ تمكّنت النملة "سمسوم" من الوصول إلى طبقة الفضاء الدنيا "الستراتوسفير" على ارتفاع تجاوز 130 ألف قدم، في لحظة مُلهمة للعائلات والحالمين في كل مكان. واحتفاءً بهذه التجربة، قررت "بيمة" اعتماد "سمسوم" كتميمة رسمية للعلامة التجارية. بدأت الفكرة أثناء لعب بسيط للأطفال الذين كانوا منشغلين بمغامراتهم الفضائية بألعاب الليغو، عندما لاحظوا النملة "سمسوم" بالقرب من صاروخهم الصغير، فقام الأب مستلهماً من فضول طفليه بمشاركة الفكرة مع زملائه في "بيمة"، ليتحول حلم الأطفال سريعاً إلى مهمة فضائية حقيقية. وبدعم كامل من فريق "بيمة"، تم تصميم كبسولة عالية التحمل مجهزة بعوازل حرارية وكاميرات عالية الدقة وأنظمة تتبع عبر GPS وحساسات لقياس درجات الحرارة، لضمان سلامة "سمسوم" في الظروف القاسية التي وصلت إلى 50 درجة مئوية تحت الصفر. انطلقت الكبسولة من منطقة إزكي بالشرقية، وبعد تجاوزها لتحديات عديدة شملت رياحاً غير متوقعة وفقداناً مؤقتاً للإشارة وبرودة شديدة، هبطت الكبسولة بسلام قرب ولاية أدم و"سمسوم" حي يرزق. والتقطت الكبسولة لقطات مذهلة لعُمان من الفضاء القريب، مُبرزةً مناظر خلابة لمسقط، والباطنة، وصور، والوسطى، في رحلة بصرية استثنائية عبر سماء السلطنة. وقد لاقت قصة "سمسوم الفضاء" صدى كبيراً في أوساط موظفي "بيمة" وخارجها، حيث يرمز "سمسوم" إلى القوة، والفضول، والذكاء، ومن المقرر ظهوره في حملات الشركة المستقبلية كرمز لما يمكن تحقيقه عندما يجتمع الإبداع والتنفيذ. وقال سعيد الراشدي الرئيس التنفيذي لشركة "بيمة": "رحلة سمسوم تذكّرنا بأن أصغر الأفكار يمكنها الوصول إلى قمم عالية عندما تجد من يؤمن بها، سمسوم ليس مجرد شخصية، بل يعكس جوهر العلامة التجارية التي نسعى لتكوينها." وتستمر "بيمة" في إيجاد طرق جديدة للإلهام والتواصل والحماية، ليس من خلال منتجات التأمين فقط، بل عبر القصص التي تترك أثراً عميقا.

عمان اليومية
١٦-٠٣-٢٠٢٥
- عمان اليومية
بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني ترجمة: نهى مصطفى - خلال شهرين من إصدار شركة صينية غير معروفة تدعى DeepSeek نموذجًا جديدًا قويًا للذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، بدأ هذا الاختراق بالفعل في تحويل سوق الذكاء الاصطناعي العالمي. يتميز DeepSeek-V3، كما يُطلق على نموذج اللغة الكبير المفتوح (LLM) الخاص بالشركة، بأداء ينافس أداء النماذج من أفضل المختبرات الأمريكية، مثل ChatGPT من OpenAI و Claude من Anthropic و Llama من Meta ، ولكن بجزء صغير من التكلفة. وقد أتاح هذا للمطورين والمستخدمين في جميع أنحاء العالم الوصول إلى الذكاء الاصطناعي المتطور بأقل تكلفة. في يناير، أصدرت الشركة نموذجًا ثانيًا، DeepSeek-R1، يُظهر قدرات مماثلة لنموذج o1 المتقدم من OpenAI مقابل خمسة بالمائة فقط من السعر. ونتيجة لذلك، يشكلDeepSeek تهديدًا لقيادة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يمهد الطريق للصين للحصول على مكانة عالمية مهيمنة على الرغم من جهود واشنطن للحد من وصول بكين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. يُبرز الصعود السريع لشركةDeepSeek حجم التحديات والمخاطر في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي. فإلى جانب الاستفادة من الإمكانات الاقتصادية الهائلة لهذه التقنية، ستتمتع الدولة التي تطوّر نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية، التي تشكّل العمود الفقري لتطبيقات وخدمات المستقبل، بنفوذ واسع النطاق. ولا يقتصر هذا النفوذ على المعايير والقيم المضمّنة في هذه النماذج فحسب، بل يمتد أيضًا إلى منظومة أشباه الموصلات، التي تعد الركيزة الأساسية والبنية التحتية التقنية والمعالجة الحسابية اللازمة لتشغيل وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وتشمل الأجهزة والبرمجيات التي تمكّن الذكاء الاصطناعي من تنفيذ العمليات المعقدة بكفاءة. وتعكس القناعة الراسخة لدى كل من الصين والولايات المتحدة بأن هذه التقنيات قادرة على تحقيق تفوّق عسكري، الأهمية الاستراتيجية للريادة في هذا المجال وضرورة الحفاظ عليها على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن التركيز على أداء نموذج DeepSeek-V3 وتكاليف تشغيله المنخفضة قد يُغفل نقطة أكثر أهمية. فإحدى العوامل الرئيسة التي ساهمت في سرعة انتشار نماذج DeepSeek هي أنها مفتوحة المصدر، مما يتيح لأي شخص تنزيلها وتشغيلها ودراستها وتعديلها والبناء عليها، مع تحمّل تكلفة الطاقة الحاسوبية فقط. في المقابل، تكاد جميع نماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية المماثلة أن تكون ملكية خاصة، مما يحدّ من استخدامها ويزيد من تكاليف تبنيها من قِبل المستخدمين. بدأت شخصيات بارزة في مجتمع الذكاء الاصطناعي الأمريكي يدركون بشكل متزايد المشكلات الناجمة عن التركيز على النماذج المغلقة المصدر. ففي أواخر يناير، أقرّ سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI، بأن الشركة ربما «أخطأت في قراءة التاريخ» بعدم تبنيها نهج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر. وفي فبراير، توقّع إريك شميدت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة Google، مستقبلًا يُهيمن فيه مزيج من النماذج المفتوحة والمغلقة على التطبيقات اليومية. من الواضح أن الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الاعتماد كليًا على نماذج الذكاء الاصطناعي المغلقة التي تطورها الشركات الكبرى لمنافسة الصين، مما يستدعي من الحكومة الأمريكية تكثيف دعمها للنماذج مفتوحة المصدر، حتى مع استمرار جهودها في تقييد وصول الصين إلى التقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات وبيانات التدريب. للحفاظ على هيمنتها، تحتاج الولايات المتحدة إلى وضع برنامج شامل لتطوير ونشر أفضل النماذج مفتوحة المصدر. لكن في الوقت ذاته، يجب عليها ضمان أن تظل الشركات الأمريكية الرائدة هي التي تبني أنظمة الذكاء الاصطناعي الأكثر كفاءة، والتي يُشار إليها أحيانًا باسم «أنظمة الحدود»، والتي غالبًا ما يتم تطويرها ضمن شركات خاصة ذات تمويل ضخم. إلى جانب ذلك، ينبغي على واشنطن تبنّي أجندة سياسية أوسع تعزز مكانة الذكاء الاصطناعي الأمريكي مفتوح المصدر على الساحة الدولية، وتدعم بناء البنية التحتية الأساسية اللازمة للحفاظ على ريادتها في هذا المجال. ولا يقتصر ذلك على تحفيز تطوير النماذج مفتوحة المصدر داخل الولايات المتحدة، بل يشمل أيضًا تسهيل وصولها إلى المساهمين والمستخدمين في المجال الصناعي والأكاديمي والقطاع العام في الدول المتحالفة معها. بدون هذه الخطوات الاستراتيجية، يُشير مشروع DeepSeek إلى مستقبل محتمل قد تستخدم فيه الصين نماذج مفتوحة المصدر قوية ومنخفضة التكلفة لتجاوز الولايات المتحدة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية. لطالما كان الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عاملًا رئيسيًا في التقدم التقني، رغم قلة الاهتمام السياسي به مقارنة بالأنظمة المغلقة. منذ ظهور ChatGPT عام 2022، بدأ يُنظر إلى نماذج الذكاء الاصطناعي الأساسية على أنها بمثابة «نظام تشغيل» جديد، حيث تعمل كجسر بين اللغة البشرية والبيانات التي تعالجها الآلات. وكما استمر نظام Linux مفتوح المصدر بجانب أنظمة احتكارية مثل Windows، برزت نماذج مفتوحة مثل Llama إلى جانب ChatGPT، مما يمهّد لانتشار أوسع للذكاء الاصطناعي. هذا التطور دفع بعض الباحثين لوصف المرحلة الحالية بأنها «لحظة لينكس» في مجال الذكاء الاصطناعي. على مرّ العقود، ازدهرت مشاريع البرمجيات مفتوحة المصدر، مثل لينكس، بفضل مساهمات المطورين حول العالم، وهو ما أدى إلى تطويرها بسرعة وتحسين أمنها، حيث يمكن لأفضل المهندسين اختبارها وتحسينها بشكل متواصل. كما أن كونها خاضعة لإدارة أمريكية وأوروبية جعلها أحد عوامل تفوّق الغرب في مجالات عدة، مثل: أنظمة التشغيل، متصفحات الويب، قواعد البيانات، التشفير، وحتى لغات البرمجة. تُهيمن Nvidia على صناعة رقائق الذكاء الاصطناعي بفضل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) وبرنامجها الحصري CUDA، مما يمنحها موقعًا متقدمًا في هذا المجال. ورغم القيود الأمريكية، استخدمت الصين رقائق Nvidia في تدريب نماذج DeepSeek، لكنها تسعى حاليًا للاعتماد على رقائق Ascend من هواوي، مما قد يُقلص الحاجة إلى الرقائق الأمريكية. إذا حققت النماذج الصينية انتشارًا واسعًا بدعم حكومي، فقد يُجبر المستخدمون عالميًا على التحول إلى شرائح هواوي، مما سيُضعف شركات مثل Nvidia و TSMC ويمنح الصين نفوذًا أكبر في صناعة الرقائق. هذا السيناريو يُشبه استحواذ الصين على سوق بطاريات الليثيوم، حيث قد تؤدي استراتيجيتها إلى إعادة تشكيل سلسلة التوريد العالمية، مُهددة الهيمنة الغربية في هذا القطاع. كيفية مواجهة هذا التهديد لمواجهة النفوذ الصيني في الذكاء الاصطناعي، تحتاج الولايات المتحدة إلى تعزيز تطوير ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، مع التركيز على دعم الجامعات والشركات والمختبرات الوطنية. رغم ارتفاع الاستثمارات في هذا المجال، لا تزال متواضعةً مقارنةً بالتمويل الإجمالي للذكاء الاصطناعي. لذا، يجب تقديم حوافز حكومية لدعم المشاريع المتوافقة مع الشرائح الغربية، وتوسيع البرامج البحثية الوطنية، والاستفادة من موارد وزارتي الطاقة والدفاع. كما ينبغي تعزيز التعاون مع مبادرات كبرى مثل Stargate، التي تخطط لاستثمار 500 مليار دولار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الأمريكي خلال السنوات القادمة. يجب على واشنطن تعزيز النظام البيئي التكنولوجي الأمريكي لدعم الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر عبر تطوير نظام حوسبة متكامل يتيح للمطورين الاستفادة من أفضل الشرائح الغربية، مما يعزز الطلب عليها ويحد من المنافسة الصينية. وينبغي ترسيخ تفوق التقنيات الغربية، إلى جانب قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي. ورغم هيمنة بنية Transformer، فإن مناهج جديدة مثل Structured State Space Models ونماذج Inception diffusion تُظهر إمكانات مستقبلية واعدة، مما يستدعي دعمها لضمان الريادة الأمريكية في هذا المجال. ينبغي على واشنطن تجنب فرض قيود واسعة على تصدير نماذج الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، وبدلًا من ذلك، تقديم حوافز لضمان توافقها مع الشرائح الغربية. كما يجب على لجنة التجارة الفيدرالية مراعاة دور شركات التكنولوجيا الكبرى في تعزيز الريادة الأمريكية عند النظر في قضايا مكافحة الاحتكار. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي التصدي لمحاولات الشركات الصينية خفض أسعار نماذج الذكاء الاصطناعي لإضعاف المنافسة، عبر دراسة فرض تدابير مكافحة الإغراق إذا تبيّن أن هذه الممارسات تهدف إلى إقصاء الشركات الأمريكية. يجب على الولايات المتحدة تعزيز تنافسها مع الصين في الأسواق العالمية، حيث قد تستخدم بكين نماذج الذكاء الاصطناعي كأداة للنفوذ الاقتصادي. كما ينبغي لواشنطن التحقيق في إمكانية استخدام DeepSeek بيانات من GPT-4 دون تصريح، ودراسة تطبيق قاعدة «المنتج الأجنبي المباشر» على مخرجات الذكاء الاصطناعي، لمنع الشركات الصينية من الاستفادة من النماذج الأمريكية الرائدة، كما فعلت مع معدات تصنيع أشباه الموصلات. ستكون هذه الإجراءات أكثر فاعلية إذا تبنتها دول أخرى. لذا، تحتاج واشنطن إلى تنسيق سياساتها مع شركائها في آسيا وأوروبا ومناطق أخرى لإنشاء كتلة دولية قادرة على إبطاء انتشار النماذج الصينية. ورغم ضخامة السوق الصينية، فإنها تظل صغيرة مقارنة بالسوق العالمية، وهو المجال الأكثر أهمية الذي يجب أن تركز عليه الولايات المتحدة لضمان هيمنة النظام البيئي الغربي للحوسبة والذكاء الاصطناعي في المستقبل. ورغم أن القيود الأمريكية على تصدير الشرائح المتقدمة حدّت من قدرة الصين على الوصول إليها، فإن بكين ترى في الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر، المبني على تقنيات أقل تقدمًا، مسارًا استراتيجيًا لاكتساب حصة سوقية أكبر. ومن المرجح أن تستمر النماذج الصينية في التحسن عبر الابتكار الخوارزمي، والتحسينات الهندسية، والتصنيع المحلي للرقائق، بالإضافة إلى أساليب غير مشروعة، مثل التدريب غير المصرح به على مخرجات النماذج الأمريكية، والتحايل على ضوابط التصدير. ومع استمرار الصين في تحسين أداء نماذجها وأسعارها، فإن الحاجة إلى استراتيجية أمريكية متماسكة تصبح أكثر إلحاحًا. يجب على واشنطن أن تتبنى استراتيجية استباقية تضمن توفير بدائل أمريكية متفوقة فور إصدار الصين لنماذجها الجديدة، ما يعزز الريادة الأمريكية في الذكاء الاصطناعي. يتطلب ذلك تحسين الإطار التنظيمي، مثل ذلك الذي وضعته إدارة بايدن لضبط انتشار التكنولوجيا، إلى جانب تسخير الموارد الحكومية لدعم النماذج المتقدمة قبل إتاحتها للعامة. تقف إدارة ترامب المقبلة أمام «لحظة لينكس» حاسمة، حيث يمكنها إما ترسيخ الهيمنة الأمريكية على الذكاء الاصطناعي المفتوح المصدر، أو المخاطرة بفقدان النفوذ لصالح الصين، التي قد تعيد توجيه السوق نحو تقنياتها الخاصة. جاريد دانمون هو المستشار الأول للمبادرات الاستراتيجية في وحدة الابتكار الدفاعي (DIU) نشر المقال في Foreign Affairs


عمان اليومية
١٦-٠٣-٢٠٢٥
- عمان اليومية
«الزراعة الدقيقة».. خيار مستقبلي لتحسين إدارة المحاصيل العمانية وزيادة الإنتاج
«الزراعة الدقيقة».. خيار مستقبلي لتحسين إدارة المحاصيل العمانية وزيادة الإنتاج في ظل تحديات المناخ وندرة الموارد المائية تعد التقنيات الحديثة ركيزة أساسية في تطوير القطاع الزراعي، خاصة في مناطق تواجه تحديات بيئية، وقد تبنت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه تقنيات مبتكرة لتحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعزيز الأمن الغذائي، ويمكن لسلطنة عُمان أن تحقق فوائد كبيرة من تبني تقنيات الزراعة الدقيقة خاصة في ظل تحديات المناخ الجاف وندرة الموارد المائية، حيث تمكن هذه التقنيات من تحسين كفاءة الري عبر أجهزة استشعار ترصد رطوبة التربة وتحدد الاحتياجات المائية الدقيقة للمحاصيل، مما يقلل الهدر ويعزز الاستدامة. ويعكس استخدام هذه التقنيات التزام سلطنة عمان بالابتكار لمواجهة التحديات البيئية وتعزيز القطاع الزراعي وضمان استدامة الموارد وتحقيق الأمن الغذائي للمستقبل. التقنيات الحديثة أوضح الدكتور سيف بن علي الخميسي مدير مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي أن التقنيات الحديثة يمكن أن تسهم بشكل كبير في تحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية في سلطنة عمان، خاصة في ظل التحديات المناخية مثل ندرة المياه وارتفاع درجات الحرارة، حيث إن أنظمة الري الذكية مثل الري بالتنقيط والري الأوتوماتيكي المزود بمستشعرات رطوبة التربة يمكن أن تساعد في ترشيد استهلاك المياه وتوزيعها بكفاءة، مما يقلل الهدر ويُعزز نمو المحاصيل. وأضاف: تستخدم تقنيات الزراعة الدقيقة عبر الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة (الدرون) لمراقبة صحة النباتات وتحليل التربة، مما يمكن المزارعين من تحديد المناطق التي تحتاج إلى أسمدة أو مبيدات بشكلٍ دقيق، كما تدعم البيوت المحمية المجهزة بأنظمة تحكم مناخي زراعة محاصيل عالية الجودة على مدار العام، حتى في المناطق ذات الظروف الجوية القاسية، وتلعب التكنولوجيا الحيوية دورًا في تطوير أصناف محاصيل مقاومة للجفاف والآفات، مما يزيد من قدرتها على التكيف مع بيئة سلطنة عمان. وأشار الخميسي إلى أن أنظمة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية تساهم في تشغيل مضخات المياه ومرافق الزراعة بشكلٍ مستدام خاصة في المناطق النائية كما تسهِم منصات البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي في تحليل أنماط الطقس وتوقعات السوق مما يساعد المزارعين على اتخاذ قرارات استباقية. كما يشير إلى أنه يجب أن لا ننسى دور الزراعة الرأسية والتقنيات الحضرية في توفير مساحات زراعية محدودة وإنتاج محاصيل سريعة النمو. وأضاف الخميسي: تعمل تطبيقات الهاتف المحمول على ربط المزارعين بالخبراء والبائعين مباشرةً مما يحسن الكفاءة التسويقية ويقلل الفاقد، حيث إنه بدمج هذه الحلول يمكن لسلطنة عمان أن تحقق أمنًا غذائيًا مستدامًا وتعزز مكانتها كواحة زراعية متطورة في المنطقة. وقال الخميسي: تساهم الزراعة الدقيقة في زيادة الإنتاجية عبر تحليل البيانات الزراعية لتحديد أفضل المواقع لزراعة المحاصيل المناسبة، مما يُعظّم الاستفادة من الأراضي المحدودة، كما يمكن استخدام الطائرات المسيرة (الدرون) وخرائط GPS لمراقبة الحقول واكتشاف الأمراض أو الآفات مبكرًا، مما يحد من استخدام المبيدات الكيميائية ويخفض التكاليف، بحيث يمكن أن تساعد الزراعة الدقيقة (Precision Agriculture) في التخصيب الدقيق بناءً على احتياجات التربة، مما يعزز جودة المحاصيل ويقلل التلوث البيئي. مشيرا إلى أنه يمكن لسلطنة عُمان من خلال تبني هذه الأساليب تعزيز الأمن الغذائي عبر زيادة الإنتاج المحلي، خاصة في محاصيل استراتيجية مثل النخيل والتمور، حيث توفر الزراعة الدقيقة بيانات تساعد المزارعين على اتخاذ قرارات مدروسة، مما يدعم تحول القطاع الزراعي نحو الاقتصاد الرقمي، ويمكن لهذه الخطوة أن تجذب استثمارات تكنولوجية وتُطور الكفاءات المحلية في مجال الزراعة الذكية، مؤكداً أن الزراعة الدقيقة تعد ركيزة مهمة لتحقيق أهداف «رؤية عُمان 2040» في التنويع الاقتصادي والاستدامة، حيث يتطلب النجاح تطوير بنية أساسية رقمية وتدريب المزارعين على استخدام الأدوات الحديثة ذات العلاقة بالزراعة الدقيقة (Precision Agriculture)، كما ستعزز هذه الخطوة مكانة سلطنة عمان كدولة رائدة في تبني حلول مبتكرة لتحديات الزراعة في المناطق الجافة، مما يسهم في بناء مستقبل زراعي أكثر مرونة وازدهارًا. استدامة الزراعة وأوضح الدكتور سيف الخميسي أن أنظمة الري الحديثة مثل الري بالتنقيط تسهم في توفير المياه بنسبة تصل من 50 إلى 80% مقارنة بالطرق التقليدية، خاصة في محاصيل النخيل بمحافظات السلطنة، حيث توزع المياه مباشرة على جذور النباتات دون هدر، فقد تتيح أنظمة الري الذكية المزودة بمستشعرات رطوبة التربة تحديد الاحتياجات المائية بدقة، كما تلك المستخدمة في مزارع البحوث الزراعية بالرميس، مما يمنع الإفراط في الري ويحافظ على الموارد المائية. وأضاف: كما يمكن أن يُقلل استخدام الري بالرش المحوري (مثل الموجود في مزارع محافظة الظاهرة) من تبخر المياه، ويُناسب المحاصيل العلفية كالبرسيم، مما يعزز كفاءة الاستهلاك في المناطق الواسعة، حيث تسمح تقنيات الري تحت السطحي (Subsurface Drip Irrigation) بتغذية التربة مباشرة في مزارع شركة تنمية نخيل عمان، حيث تُستخدم لزراعة الخضروات في الترب الرملية، مما يحد من تسرب المياه والأملاح. ويشير إلى أن أنظمة الري المُدارة بالذكاء الاصطناعي قد تدعم تحليل بيانات الطقس والتربة لتحديد أوقات الري المثلى مما يُحسن إنتاجية المحاصيل، حيث تُستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل مضخات الري في قرى جبال الحجر مما يُخفض تكاليف الكهرباء ويُعزز الاستدامة البيئية. حيث تعتمد مزارع الليمون في نيابة قلهات (مثلا) على أنظمة الري بالفقاعات (Bubble Irrigation)، التي توفر توزيعًا متجانسًا للمياه مع تقليل التبخر في المناطق الحارة، وفي محافظة جنوب الشرقية تُسهم مشاريع معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها للري (مثل مشروع بركاء) في توفير مصدر مائي مستدام لمحاصيل الأعلاف، بحيث تُطبق تقنيات الري التكيفي في واحات الجبل الأخضر لزراعة الفواكه مثل الرمان، حيث تُعدّل كميات المياه تبعًا للمراحل الزراعية مما يُحسن جودة المحصول ويقلل الهدر، حيث إن تبني هذه الأنظمة عبر مشاريع مثل استراتيجية الأمن الغذائي 2040 يمكن أن تدعم بشكل كبير تركيب أنظمة ري حديثة في المزارع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة على حد سواء. مقاومة التغييرات المناخية كما قال الخميسي: يمكن تعزيز مقاومة المحاصيل للتغيرات المناخية في سلطنة عُمان من خلال دمج تقنيات مبتكرة تلائم تحدياتها البيئية، مثل استخدام التعديل الوراثي (GM) لتطوير أصناف محاصيل تتحمل الجفاف والملوحة ودرجات الحرارة المرتفعة. كما يمكن أن تسهم أنظمة الزراعة الذكية القائمة على أجهزة استشعار وإنترنت الأشياء IoT في مراقبة العوامل المناخية والتربة لحظيًا، مما يتيح إدارة دقيقة للري والتسميد وفقًا للظروف المتغيرة. بالإضافة إلى تحليل البيانات المناخية للتنبؤ بموجات الجفاف أو الأمطار وتوجيه المزارعين لاختيار المحاصيل المُناسبة لكل موسم، ولا يقتصر الأمر على ذلك بل تشمل الحلول تطبيق تقنيات حيوية لتحسين التربة، مثل استخدام الميكروبات المُثبِّتة للنيتروجين أو إضافة مواد عضوية كالبيوتشار لتعزيز خصوبتها وقدرتها على الاحتفاظ بالمياه، حيث يعتبر إنشاء بنوك جينية لحفظ البذور التقليدية المقاومة طبيعيًا للمناخ خطوة حيوية لإحياء هذه الأصناف ودمجها في برامج التهجين المستقبلية، بحيث يسهم تبني هذه الحلول المترابطة في بناء قطاع زراعي مرن يتكيف مع تحديات سلطنة عُمان المناخية، ويُحقق أمنًا غذائيًا مع الحفاظ على الموارد المحدودة. «الدرون » ومراقبة المحاصيل كما أوضح مدير مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي أن الطائرات بدون طيار (المسيرة) ليست تقنية جديدة لكن استخدامها بدأ بالتزايد نتيجة للاستثمارات والتحرر في البيئة التنظيمية، حيث إن القطاع الزراعي من أكثر القطاعات الواعدة في هذا المجال وبالتالي يمكن للطائرات دون طيار أن تحل العديد من التحديات الرئيسية ويمكن أن تساهم الطائرات دون طيار في تجديد قطاع الزراعة باستخدام التكنولوجيا، حيث يمكن استخدامها خلال دورة المحاصيل: (من حيث تحليل التربة والحقول والتخطيط لزرع البذور، ويمكن أن تؤدي دورا عبر رسم خرائط دقيقة ثلاثية الأبعاد لتحليلات التربة الأولية، وجمع البيانات لإدارة عملية الري ومستويات النتروجين، كما يمكن للطائرات دون طيار أن تقوم بمسح الأرضي والرش في الوقت الفعلي وبشكل متساو، وترش المحاصيل أسرع بخمس مرات من الآلات التقليدية، ويمكن للصور الملتقطة على فترات زمنية منتظمة عن طريق الطائرات دون طيار أن تبين تطور المحاصيل وتكشف عن أي خلل في الإنتاج لتسمح بإدارة أفضل، ويمكن للطائرات دون طيار المزودة بأجهزة استشعار أن تحدد الأجزاء الجافة من الحقل أو تلك التي تحتاج إلى تحسين الري). وأضاف مدير مركز بحوث النخيل والإنتاج النباتي أن الوزارة قامت بتطبيق استخدام الطائرات المسيرة (Drones) في تنبيت النخيل باستخدام التلقيح السائل وغبار الطلع، حيث تم تنبيت النخيل باستخدام غبار الطلع المخزن على صنفين هما المبسلي والخصاب وكانت النتائج واعدة وأدت إلى تحديد التركيز المثالي لمعلق حبوب اللقاح وكانت نسبة العقد جيدة أدت إلى تخفيف الاعتماد على القوى العاملة في تلقيح النخيل إضافة إلى توفير الوقت والجهد. كما أن هناك جهودا مبذولة في المسوحات الجوية عن طريق الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة للكشف المبكر عن حشرتي دوباس وسوسة النخيل الحمراء، باستخدام تكنولوجيا المسح الطيفي، وتسعي الوزارة إلى تطوير تقنيات رش المبيدات والمسوحات الجوية للكشف المبكر عن الآفات الزراعية ومكافحتها. تقنيات الزراعة المائية وأوضح أن الوزارة ممثلة بالمديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية بعمل العديد من الدراسات البحثية ذات العلاقة باستخدام التقنيات الحديثة في البيوت المحمية والزراعة المائية، وإيجاد أصناف من محاصيل الخضر والفاكهة والمحاصيل الحقلية ذات إنتاجية وجودة عالية، إضافة إلى استخدام تقنيات التحسين والتهجين للحصول على الأصناف المتحملة للظروف المناخية للسلطنة. كما تم تنفيذ تجارب تتعلق بإنتاج الخضار في غير موسمها للتغلب على التحديات المرتبطة بالمناخ وذلك باستخدام التقنيات الزراعية للبيوت المحمية المبردة وتقنية الزراعة المائية والأحيومائية وذلك بهدف تحسين الإنتاجية والتقليل من استهلاك المياه، حيث تم نقل هذه التقنيات لدى المزارعين في مختلف المحافظات. ومن بين البحوث التي تم تنفيذها تبريد المحلول المغذي المستخدم في الزراعة المائية لتقليل تأثير ارتفاع درجات الحرارة على المحاصيل التي ساهمت بشكل كبير في رفع الإنتاجية إلى حوالي 40% من خلال تهيئة الظروف الملائمة للنباتات لامتصاص الأسمدة بكافة مكوناتها، وقد تم نشر هذه التقنية لدى المزارعين من خلال برامج نقل التقنية الذي تقوم به الوزارة في مختلف أنحاء السلطنة. وأكد الخميسي أنه في الزراعة المائية التي تعرف بـHydroponic التي هي إحدى الأساليب الزراعية القائمة على استبدال التربة بمحلول يحتوى على العناصر الغذائية التي تحتاجها النبتة، ويتم استخدامها لزراعة الخس، والطماطم، والفلفل، والخيار، والفراولة، الخ.. يتم في هذه التقنية تزويد الماء بالعناصر الغذائية المناسبة حسب نوع المحصول المراد إنتاجه. حيث تم إجراء دراسة في المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية حول تأثير المحاليل المغذية على إنتاجية الخيار تحت ظروف البيوت المحمية المبردة باستخدام تقنية الزراعة بدون تربة (النظام المفتوح)، وقد أشارت الدراسة إلى أن المحلول المغذي الجديد قد تفوق في إنتاجية أصناف الخيار بنسبة (8%)، وتم نشر هذه التقنية مع المزارعين من خلال برنامج نقل تقنيات الزراعة المحمية. تقليل استهلاك المياه ويشير الدكتور سيف الخميسي انه يمكن للتقنيات الحديثة أن تُسهم بشكل كبير في خفض استهلاك المياه بالزراعة العُمانية التي تعتمد حاليًا على الري التقليدي بنسبة 80% من مواردها المائية (وفقًا لوزارة الزراعة، 2022). فعلى سبيل المثال يقلل الري بالتنقيط الذكي (المُدمج مع أجهزة استشعار رطوبة التربة) الاستهلاك بنسبة تصل إلى (60%) مقارنة بالري السطحي، كما في مشروع تجريبي بمنطقة الباطنة حقق وفورات مائية بلغت (40%). أما الزراعة بدون تربة (الهيدروبونيك) فتوفر (90%) من المياه، وهو ما طُبق في مزارع محلية بإنتاجية أعلى بنسبة (30%). كما تُشير تقديرات منظمة الفاو إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي للتنبؤ باحتياجات الري قد يخفض الهدر المائي بنسبة (25-30%) في المناطق الجافة، ومن الأمثلة الواقعية مشروع «الزراعة الذكية» في ظفار الذي يعتمد على أنظمة مراقبة بالطاقة الشمسية، ووفر (35%) من المياه خلال عام 2023، هذه الحلول ليست ضرورية فقط لمواجهة ندرة المياه (حيث يبلغ متوسط هطول الأمطار السنوي في عُمان (100 ملم)، بل إنها تعزز أيضًا استدامة القطاع الزراعي في ظل تغير المناخ. الأسمدة الحيوية والتكنولوجيا وأوضح الدكتور سيف الخميسي أن استخدام الأسمدة الحيوية والتكنولوجيا البيئية يُسهم في تعزيز الإنتاجية الزراعية بشكل مستدام، حيث تعتمد الأسمدة الحيوية (مثل البكتيريا المُثبِّتة للنيتروجين والفطريات المُسهِّلة لامتصاص العناصر) على تعزيز خصوبة التربة دون تلويثها بالمواد الكيميائية، فعلى سبيل المثال أظهرت تجارب في محافظة الظاهرة أن استخدام بكتيريا -Rhizobium- زاد إنتاج محاصيل البقوليات بنسبة (20%)، وفقًا لتقارير وزارة الزراعة (2023). أما التكنولوجيا البيئية مثل إضافة البيوتشار (فحم نباتي) إلى التربة، فقد حسّن احتباس الماء بنسبة (40%) في مزارع النخيل بمنطقة الباطنة، مما خفف آثار الجفاف. وأكد أن تطبيق تقنيات التحلل الحيوي للمخلفات الزراعية أدى إلى تحويلها إلى أسمدة عضوية، مما خفض تكاليف الزراعة بنسبة (15%) وقلل الاعتماد على الأسمدة الكيماوية، حيث ساهمت تقنيات (المعالجة الميكروبية) للتربة المالحة في إعادة تأهيل (500 هكتار) من الأراضي المتدهورة في محافظة ظفار، وفقًا لدراسة محلية عام 2022. وفي دراسة أخرى قللت التكنولوجيا الحيوية من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري؛ حيث خفضت مزارع عُمان التي تعتمد على الأسمدة الحيوية انبعاثات الميثان بنسبة (12%). ولا تُعزز هذه الحلول الإنتاجية فحسب، بل تحمي التنوع البيولوجي؛ فقد يساعد استخدام الفطريات المفيدة (Mycorrhiza) في زيادة نمو أشجار الليمون مع الحفاظ على الكائنات الدقيقة في التربة. تحسين جودة المحاصيل كما أكد الخميسي أنه يمكن تعزيز جودة المحاصيل الزراعية في سلطنة عُمان عبر دمج التقنيات الحديثة التي تحسن القيمة الغذائية والتسويقية، مثل استخدام الزراعة الدقيقة التي تعتمد على بيانات وأجهزة الاستشعار عن بعد، مما يرفع جودة محصول التمور (مثلا) بنسبة (25%) عبر تحسين عمليات التلقيح والري التسميد. كما يمكن أن تساهم الطائرات المسيرة في رش المغذيات الدقيقة بدقة على مزارع الليمون العُماني، مما يزيد حجم الثمار وحمضيتها وبالتالي تعزيز قيمتها التصديرية، أما تقنيات التعديل الجيني (GM Food) غير الضارة، فقد طورت أصنافًا من القمح المقاوم للإجهادات الحيوية واللاحيوية، مع زيادة محتوى البروتين بنسبة (15%) كما تشير الدراسات في المديرية العامة للبحوث الزراعية والحيوانية. كما يمكن للزراعة المائية أنتاج خضروات عضوية (مثل الخيار والطماطم) خالية من المبيدات، بجودة تفوق المنتجات التقليدية، مما يرفع سعرها في الأسواق المحلية بنسبة (30%). كذلك، يمكن أن يحسن استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مراقبة نضج الفواكه، عبر تحديد الوقت الأمثال للحصاد مما يقلل الفاقد على الأقل بنسبة 20% ويزيد عمرها التخزيني. ومن خلال التقنية الحيوية يمكن إنتاج أصناف من النخيل مقاومة لآفة السوسة الحمراء، مع تحسين مذاق التمور وزيادة حجمها، أما التعبئة الذكية المزودة بمستشعرات لرصد الجودة، فقد ترفع قيمة تصدير الرمان العُماني إلى أسواق الخليج بنسبة (40%)، كما قد تساهم تقنيات التجفيف بالطاقة الشمسية في إنتاج الفواكه المجففة بالتجميد (مثل المشمش والتين) بجودة عالية وحفظ العناصر الغذائية مما يجعلها تباع بأسعار أعلى بنسبة (50%)، ونستطيع القول: إن دمج هذه التقنيات قد يعزز السمعة العالمية للمنتجات العُمانية، ويفتح أسواقًا جديدة، مثل تصدير العسل الجبلي الذي يمكن أن يراقب بتقنية البلوك تشين لضمان أصالته، مما يرفع طلبه في أوروبا وبقية دول العالم بنسبة قد تصل إلى( 60%) في الأعوام القادمة.