logo
حلب… تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بحرية القائد الجسدية

حلب… تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بحرية القائد الجسدية

تحت شعار' الحرية الجسدية للقائد APO مفتاح الحل لقضايا الشرق الأوسط والقضية الكردية' تظاهر الآلاف من أهالي مدينة حلب للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، مجددين العهد بتصعيد النضال والمقاومة حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق النصر.
وخرج الآلاف من مكونات أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بالإضافة لممثلين وممثلات عن الأحزاب السياسية والمجالس المدنية والنسوية في تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد.
وتجمع المتظاهرون في إحدى الساحات العامة في حي الشيخ مقصود، وجابت التظاهرة الساحات العامة والشوارع وسط ترديد الشعارات التي تطالب بإطلاق سراح القائد في القريب العاجل.
وعند الوصول إلى القسم الشرقي من الحي وقف الجموع دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء، تلاها إلقاء كلمات من قبل 'محمد شيخ قنبر' عضو مجلس عوائل الشهداء، 'آمنة خضرو' الناطقة باسم المبادرة السورية لحرية القائد.
أشارت الكلمات بمجملها' إلى المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان والتي كانت تهدف إلى إبادة الشعب الكردي وإمحاء هويته، ولكن بفضل المقاومة العظيمة التي أبداها القائد أوجلان في إيمرالي للدفاع عن القضية الكردية ونشر مشروع الأمة الديمقراطية لنيل الشعب الكردي لحريته أفشل كل المخططات التي كانت تحاك ضد الشعب الكردي، إذ حول القائد السجن إلى منبر للعلم والفكر الحر.
وتابعت الكلمات' إن الملايين من الشعوب التواقة للحرية لن تكل أو تمل للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد أوجلان، ومستمرة في نشر الفكر الديمقراطي للقائد في كل بقاع العالم، مؤكدة أن حرية القائد الجسدية مفتاح الحل الحقيقي لأزمات الشرق الأوسط والعالم أجمع.
واختتمت التظاهرة بترديد الشعارات التي تنادي بتحقيق حرية القائد الجسدية وإنهاء الاحتلال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القائد عبد الله أوجلان خلال رسالته لجنولوجيا يؤكد أن المرأة ستقود مرحلة السلام والديمقراطية
القائد عبد الله أوجلان خلال رسالته لجنولوجيا يؤكد أن المرأة ستقود مرحلة السلام والديمقراطية

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ 11 ساعات

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

القائد عبد الله أوجلان خلال رسالته لجنولوجيا يؤكد أن المرأة ستقود مرحلة السلام والديمقراطية

أكد القائد عبد الله أوجلان أن مشروعه المتعلق بالمرأة قد اكتمل من حيث المضمون وما تبقى هو تنفيذه، وذلك خلال رسالة أرسلها حول علم المرأة ( جنولوجيا)، مشدداً خلالها أن المرأة ستقود مرحلة السلام والديمقراطية. القائد عبد الله أوجلان، الذي يركّز في تقييماته ورسائله التاريخية على قوة وريادة المرأة، ويؤكد أن مسيرة 'السلام والمجتمع الديمقراطي' ستمضي بقيادة المرأة، أرسل رسالة بخصوص علم المرأة (جنولوجيا). وبالإضافة إلى الرسالة، أُرسل أيضاً غصن ورد خرج من ساحة سجن إمرالي، حيث يُحتجز القائد عبد الله أوجلان. أما جنولوجيا، التي تعمل كمنهج لعلم المرأة في كردستان والعالم، فقد شاركت الرسالة وغصن الوردة مع الرأي العام. نص الرسالة: 'منذ طفولتي، سعيت لأكون الصديق والرفيق الأفضل للمرأة. ويمكن رؤية بحثي عن المرأة الحرة أيضاً في علاقتي مع والدتي. بقيتُ متمسكاً بأحلام طفولتي، وعشتُ على هذا المنوال، وناضلتُ من أجل حرية المرأة. عندما نُقلت إلى جزيرة إمرالي، قلت: 'عملي حول المرأة كان مشروعاً غير مكتمل'. هذا العمل قد اكتمل الآن، ولم يتبقَّ إلا تنفيذه. لقد خلّف النضال من أجل حرية المرأة إرثاً بالغ الأهمية، حُفظَ حتى يومنا هذا بفضل تضحيات آلاف الشهداء والشهيدات، وأوجد قيمةً بالغة الأهمية. من الضروري أن يُعرف أنني لطالما أردت أن تحيا النساء، وأن يتم إحياؤهن. كل ألم عشنه كنت أشعر به في داخلي. كانوا يقولون عني: 'إنه ابن الإلهة'. وأنا أيضاً كنت أريد أن أكون طفلاً (ابناً) لائقاً للنساء. هذا بالضبط ما شكّل المبدأ الجوهري لنضالي. من أجل النساء، قدّمت مفهوم 'مبدأ الأمل – Rêgeza Hêviyê'. قلت: 'يجب أن تصبح كل امرأة حرّة'. وكرجل، شكّلت نفسي وفق مقاييس أخلاقية وجمالية تستند إلى الحرية، وقلت: 'الأساس الحقيقي للاشتراكية هو حرية المرأة'. مقياس أن يكون الرجل اشتراكياً هو أن يعرف كيف يعيش مع المرأة بطريقة صحيحة. هذا هو المبدأ الجوهري للاشتراكية. في جميع التجارب الاشتراكية التي عُيشت عبر التاريخ، ظل هذا المبدأ ناقصاً دائماً. من ماركس إلى ستالين، ومن ماو إلى لينين، لو جرى تحليل العلاقة الكاملة لهؤلاء القادة الطليعيين بالنساء، لفُهمت هذه الحقيقة بشكل أفضل. مشروعي الذي كان غير مكتمل، واصل مسيرته مع 'علم المرأة Jineolojî '، أردت من خلال هذه النظرية والمصطلح أن أُعرّف بشكل دقيق قضية المرأة. وكما قال بوذا: 'ما لم تُنتزع السكين المغروسة في ظهر المجتمع، لا يمكن القيام بأي شيء'. نعم، توجد العديد من مشكلات المجتمع، لكن السكين المغروسة في الظهر هي عبودية المرأة، وما لم تُنتزع تلك السكين، لا يمكن حل أي من تلك المشكلات. علم المرأة Jineolojî – قد اجتاز طريقاً مهماً بهذا المعنى، وقد أُنجز عمل قيّم. والآن، يحتاج هذا العمل أن يُثمر بشكل أعمق في المرحلة الجديدة. من الضروري تعريف وجود المرأة بشكل سليم وتقييم هويتها ووجودها على أساس المساواة. يقول سيمون: المرأة لا تولد امرأة، بل تصبح امرأة'. ينبغي أن تُطهّر هوية المرأة التي جرى تشكيلها من المعتقدات الذكورية. يجب على المرأة أن تتعمّق وتفكر بهذا جيداً. وكما قالت فرجينيا وولف: 'يجب أن تمتلك المرأة غرفة تخصّها وحدها. يجب أن تفكر بشأن ذاتها، وأن تكون قادرة على بناء ذاتها'. أعلم كم هو صعب أن تكوني امرأة، ومن هذا الوعي أقول: صعب على المرأة أن تبني نفسها بشكل حرّ حين تعيش داخل ثقافة اغتصاب يفرضها الرجل. لكن، لا أعلم إن كانت النساء يشعرن بهذه الحقيقة الحارقة بالألم نفسه أو الغضب الذي أشعر به. أنا، بهذا الغضب، أُجدّد نفسي فكرياً كل يوم، أبحث عن الحلول، وأعيش كي تحيا المرأة بحرية. ويثمر معنى الحياة بواقعية لدي بهذا الشكل. يُقال إن النسويات يتساءلن عن سبب قيادة رجل للحركة النسائية الكردية. وهنّ مُحقّات، أتمنى لو أن النساء قدنَ هذه الحركة. لقد تمنّيتُ ذلك أيضاً، ولكن للأسف، لم تظهر هذه الريادة بشكل عام حتى خارج الحركة الكردية. لقد قلت دائماً كيف ينبغي أن تكون المرأة الحرة، وقمت بإنشاء مشاريع ونظريات لذلك؛ لقد طورت أيديولوجية تحرير المرأة وعلم الجنولوجيا، وأوصلتها إلى قوة التنظيم. لقد سعيتُ جاهداً لتغيير الرجال وتحرير المجتمع من خلال النساء. فعلتُ ذلك لأصبح طفلاً جديراً بالآلهة. أتمنى أن تفهموني بشكل صحيح مع هذه الحقيقة. أعلم أن المرأة ستقود مرحلة 'السلام والديمقراطية' التي نسعى إلى دفعها نحو الأمام. إنهن صاحبات أكثر من نصف النجاحات التي تحققت حتى الآن. أؤمن بأنها، من الآن فصاعداً، ستقود أيضاً، وأقول إنه من الآن فصاعداً، سأكون دائماً معكم بقدر ما تحتاجون إليّ، وسأعيش معكم ومن أجلكم'.

النص الكامل لتوجيهات القائد عبد الله أوجلان المرسلة لمؤتمر PKK
النص الكامل لتوجيهات القائد عبد الله أوجلان المرسلة لمؤتمر PKK

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ 4 أيام

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

النص الكامل لتوجيهات القائد عبد الله أوجلان المرسلة لمؤتمر PKK

كشفت صحيفة سرخبون في آخر إصدار لها، فحوى توجيهات القائد عبد الله أوجلان التي أرسلها إلى المؤتمر الــ 12 لحزب العمال الكردستاني، واليوم نشارك بدورنا النسخة المترجمة الكاملة للتوجيهات. نشرت صحيفة سرخبون جميع وثائق المؤتمر الثاني عشر لحزب العمال الكردستاني والتوجيهات التي أرسلها القائد عبد الله أوجلان، إلى المؤتمر من إمرالي، في عددها (521) والأخير، ونشارك بدورنا النسخة المترجمة الكاملة لتوجيهات القائد، وهي كالتالي: 'مدخل:اجتماعنا هذا، يبدو ككونفرانس تحضيري، وأنا أريد أن أسمي هذا النشاط بـ 'الدخول في عتبة جديدة لمرحلة نهاية قضية الوجود الكردي'. هذا النشاط سيكون تاريخياً وصعباً جداً مثلما هناك حاجةٌ لتناول عناوين مختلفة عند التوجه نحو إعادة البناء من جديد وكل عنوان يحتاج إلى تحليلات معمقة، كما سيأخذ وقتاً ولا يجوز لنا أن نستعجل فيه، ومع هذا فإن 'المدخل ' يعبّر عن المحتوى الرئيس للنص وفي العناوين الرئيسة فإن وضع مفهوم ربما يكون كافياً ونحن سنتناول المدخل بصيغة محددة والرفاق سيعتمدون على هذه المسودة ليحددوا مسارات المؤتمر، لأن كامل النشاط قد يأخذ شهراً من الزمن وهذا قد يؤخر المسار ويخلق تعقيدات. 'الوعي بالوجود والاختلاف لدى الكرد' هذا الموضوع الذي أرغب البدء به حيث هناك القول الشهير: 'هل الكرد موجودون أم لا؟ إذا كانوا موجودين فإلى أية درجة، والأهم من ذلك ما هو مدى ارتباط وجودهم بالحرية بشكل متداخل وإلى أي مدى يعززان بعضهما البعض.' هذه المواقف كانت موجودة ولهذا فإن PKK هي حركة لإثبات الوجود الكردي وفتح الباب أمام حريته. والانسداد موجود في هذه النقطة بالذات ومرحلة التسعينيات وما بعدها تثبت هذا الواقع ولهذا يجب إلقاء نظرة إلى الماضي القريب فمثلاً كيف يمكننا تفسير الكلمات الأخيرة على منصة الإعدام لكل من سيد رضا والشيخ سعيد اللذان هما رمزان للمتمردين الأخيرين المؤثرين لدى الكردياتية التقليدية؟ يمكنني شرح هذا الأمر بعض الشيء، هذا يعني انتهاء الكردياتية التقليدية وهذان القائدان يعبّران عن نهاية ذلك الكردي على منصة الإعدام، وبذلك تركا إرثاً وذكرى بعدهما، فماذا كانت كلمة الشيخ سعيد؛ يسأل 'ماذا يا سيد المدعي العام كنت قد وعدت بوليمة تقيمها فيها ذبائح، فماذا حدث؟' إن هذه غفلة دينية لأنه شيخ نقشبندي وما قاله يعبّر عن خداع مأساوي ويدل على مدى تبنّيه لإيديولوجية مخادعة ويقولها في وجهه بجلاء. وكذلك ما قاله سيد رضا: 'أنا لم أستطع التفوق عليكم وأصبح هذا درساً لي، كما أنني لم أركع أمامكم، فليكن هذا عبرة وحسرة لكم'، إنه ذو معنى أكبر وهو يعبّر عن مدى الخداع الذي تعرض له مثلما يعبّر أنهم فرضوا عليه الاستسلام أي قالوا له استسلم وستسلم، وهو يقول لن أستسلم وليكن ذلك عبرةً وحسرة لكم. وفي الحقيقة إنه يترك ديرسم لتكون مصدراً للعبرة وبالنتيجة فإن التقليدان النقشبندي والعلوي أو السني والعلوي كلاهما تركيبتان للحداثة الرأسمالية من أجل الدولتية القوموية كإيديولوجية وبذلك هما مؤسستان لترسيخ إنكار الوجود الكردي. وهكذا يؤسسون علوية ملفقة في نهايات القرن التاسع العشر وبدايات القرن العشرين وبهذين الخداعين يتم التنكر للوجود التقليدي للكرد، هذا هو الجوهر بينما آثاره لا زالت صادمة ولا زلنا نعاني منهما سواءً في ديرسم أو في بينغول وكلا الزعيمان يعبّران عن هذا الأمر وقول هذه الحقيقة على أعواد المشانق أمر مهم جداً لأنها ليست حقيقة مريضة أو جريحة بل حقيقة ميتة. ارتباطاً بذلك، هناك مرحلة انتقالية تبدأ بقاضي محمد ومصطفى برزاني وقاسملو وجلال طلباني، فما هي الحقيقة التي تعبّر عنها تلك المرحلة؟ نعم إنها تعبّر عن الواقع. نحن نعرفها كتقليدية أو قبلية ونقول إنها عابرة، حيث تضم أنصاف البرجوازية وأنصاف الارستقراطية وصولاً إلينا وما نسميه بالبرجوازية هي مرحلة تبدأ بعد الحرب العالمية الثانية وصولاً إلى يومنا هذا، أي في الحقيقة الرأسمالية الموجودة ضمن الإسلام والبرجزة، فهل يمكن أن تُعاش هكذا مرحلة وهل هذا ممكن؟ ولكن هناك وعي بالرأسمالية القوموية التي تمثل أسس القوموية، وهذا واضح من ممثليها، فمثلاً قاضي محمد كان يهدف إلى إنشاء دولة، وكذلك البرزاني لا زال يعيش تجربة التحول إلى دولة، وكذلك الطالباني شريكٌ في ذلك، ورغم ذلك ليست هناك دولة كردية قوموية تطبع هذه المرحلة بطابعها وهي لا زالت موضع شك رغم الجهود المبذولة، فحتى لو وجدت على الصعيد المحلي فستكون مجال نقاش والأهم سيتم استخدامها ضدنا، كما نراه في الفيدرالية الكردية التي تأسست مؤخراً وهي التي تطورت على أساس الدعم الذي وفرته الجمهورية التركية بذاتها ولم تكن ستتأسس لولا دعم تركيا، والحقيقة أنها تأسست كوسيلة لأجل تصفية حركة ثورية ابتداءً من عام 1992، فأولاً تأسس البرلمان الفيدرالي ومن ثم الأجهزة الأخرى وذلك البيان الذي نشرته القوات المسلحة من طرف هؤلاء ليطالبونا بالاستسلام، إنها حقيقة صادمة. أي الثنائي القوموية الكردية والرأسمال الكردي – ونحن نسميها بالبرجوازية الكومبرادورية وربما هناك من تطور حديثاً في ديار بكر وأربيل والسليمانية وصولاً إلى مهاباد ولكن حسب قناعتي أن هذه عناصر مصطنعة عابرة إلى آخر مدى من أجل الثورة المضادة بهدف تصفيتها وهذا صحيحٌ من حيث الإيديولوجية ومضمون الممارسة العملية. كما أننا نتحدث عن مرحلية ضمن المسار المرحلي حيث مرحلة المسار المرحلي تصل إلينا وممثل هذه المرحلية ضمن مسار المرحلة يتمثلون في سعيد آلجي وسعيد قرمزي توبراق وسليمان معيني وإخوانه وصولاً إلى سراج، أما في مجال الأدب فهناك جكرخوين وفي مجال الموسيقا آرام تيكران، فكيف يجب فهمها أو لا. نحن نسميهم بالوطنيين ونسمي بعضهم بالاشتراكيين، نظراً لأن جميعهم مستقيمون ولم يمارسوا أي شكل من العمالة ولا يمثلون إرادة القوى المضادة ولا أدوات لها وليسوا صوتها ولكنهم بقوا منفردين وتعرض أغلبهم للإبادة وعجزوا أن يعبّروا عن أنفسهم لدى الآخرين وعانوا من الصعوبات في المعيشة وأغلبهم تعرضوا للمؤامرات والأمر الأهم أنهم ماتوا في المنافي، فكلهم كانوا منفيين ولكن بعضهم تأثر بنا ومن أي جهة نظرتم، هؤلاء يشكلون نموذجاً أولياً لنا ومن ناحيتي أيضاً أقول هؤلاء آبوجيون أوائل، أردت أن أطلق عليهم هذه الصفة وهذا ما أسميه بمرحلية مسار المرحلة. فيما بعد، هناك قسم المقدمة المتعلق بنا والذي طبع نهاية القرن العشرين والربع الأول من القرن الحادي والعشرين الذي يعبر عن واقعنا حيث هناك حقيقة آبو هذا واضح، هي حقيقة لا يمكن إنكارها ولا تضخيمها ولكن كيف يمكن تفسير هذه الحقيقة الآبوجية وما هو الأمر الذي تعبّر عنه الآبوجية؟ 'مرحلة آبو' لقد فهمت قليلاً جداً من حيث الخصائص القيادية، أي أنها غير مفهومة، إنكم تقولون 'حقيقة القيادة' ولكن ما هي هذه الحقيقة لم تفهموها، فالشعب مشتت ومشلول وليس لديه أية قوة فهم ويفتقر إلى الكوادر، إن المسخ والحيرة التي أصابت الكرد على مدى خمسين عاماً مرتبطة بهذه الحقيقة وتجسد الميزة القيادية في PKK التي تمثل منعطفاً في التاريخ الكردي وهذا مهم بقدر الصحوة الكردية وثورة الانبعاث الكردية على الأقل، إن آبو ليس المسيح الذي نزل من السماء، بل هو الذي استطاع صنع نفسه كقيادة متجسدة من الواقع الاجتماعي وبالجهد المبذول إن هذا يمثل بناء القيادة الاشتراكية في التاريخ الكردي والكردستاني وآبو ليس شخصاً كقيادة بل هو تأسيس للثقافة وللقيادة الجماعية. مرحلة الظهور القيادي بدأت بالتشتت الكردي وإفلاس الزعامات الكردية وسقوط التفكير الكردي من الأذهان، وفي مثل هذه الأجواء يمكن وصف ما حدث بالمعجزة ولكن هذا يكفي. أنا أنتظر الفهم الصحيح منذ خمسين سنة. أنا أتحدث وأذكر ثم أذكر مرة أخرى ولكن هناك اصرار على عدم فهم حقيقة القيادة في PKK، حيث أن عدم فهم PKK يعني عدم فهم الكردي الحر وكردستان الحرة وإصرار على التخلف، هذا هو السبب في عدم تحولكم إلى قيادة حقيقية، فأنا أناضل وأبذل الجهد منذ خمسين سنة لأجل جعلكم جزءاً من حقيقة القيادة. من دون فهم حقيقة القيادة، ومن دون تجسيد ذلك في أنفسكم، لن تستطيعوا تمثيل طليعة المجتمع، بل لن تستطيعوا تسيير أنفسكم، فها أنتم لا تستطيعون تحمل أعباء أنفسكم، إن لديكم قوة تعبير وقدرة عمل عظيمة جداً وأنا أوفر ذلك لكم وأحاول منحكم إياها عنوةً ورغم ذلك لا تأخذونها ولا زلتم تحاولون فرض أنفسكم كعقدة كأداء وتصرون على ذلك. لماذا؟ لأن هذا أمر بمنتهى الجدية طبعاً، فالآن حقيقة آبو، بل كوضع قائم استطاع طبع التاريخ بطابعه ولا زال هذا سارياً وها نحن وصلنا إلى مأزق PKK ومحاولة التوصل إلى حل لهذا الأمر، أي مسألة فسخ PKK (حل PKK) وعدنا مرةً أخرى إلى وضع أعيشه دائماً، نعم هناك تكرار للحظةٍ ما وليس هناك أي إبداع بينما نحن بحاجة إلى تحقيق قفزة، القفزة من خلال عتبة. أمر غريب أن هذا لا يأتي من طرفنا، بل أتى من طرف تركي جهد من أجل إعدامي في كل لحظة وحاربني دون هوادة، وهو الذي مثل العواطف التركية المتحزبة، بل هو الذي أسس لنموذج دولةٍ حزبية ومثل صوتها وهو الذي فتح يده أولاً لهذه المرحلة الجديدة، أي أن بخجلي الذي حاربنا دون هوادة يقول هذا الكلام لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب بنفسه، حيث يقول: 'لقد وهبت كل عمري لهذه القضية، بينما الآن أنا الذي أريد الابتداء بهذه المرحلة الجديدة'، وهذا حسب قناعتي تعبير صريح ونداء من أجل المجتمع الديمقراطي والسلام، أي أنه نداء من أجل السلام وذو مصداقية، كما يتضمن الحل الديمقراطي للقضية والتطورات تدل على هذا التوجه إلى درجةٍ ما والنتيجة الوحيدة التي يمكن استنتاجها هي المتحاربون يمكنهم أن يتصالحوا، أي ليست القوى الثانية أو الثالثة أو القوى البرية والتحالفات يمكن أن تتحمل المسؤولية ولكن الأطراف المتحاربة فقط هي التي يمكنها تحمل مسؤولية السلام، لأن السلام هو أمر جاد بقدر الحروب على أقل تقدير والذين يتحملون أعباء الحرب ومسؤولياتها هم الأوائل الذين يستطيعون تحمل أعباء السلام وبناءً عليه فإن الحرب تشنها الدولة وأنا أرى أن الدولة تحتاج إلى تحويل المجرى إلى تجربة من أجل السلام انطلاقاً من هذه الحرب، وقد ظهرت هذه الأصوات منذ ستة أشهر الأخيرة ونحن وجدنا بأنه يجب عدم ترك الأيدي الممدودة بالسلام في الهواء، ووجدنا أن عدم الاهتمام بهذا الصوت غير جائز، ولهذا تجاوبنا معهم ونحن كطرف يتحمل مسؤولية استمرار الحرب بالدرجة الأولى تجاوبنا مع هذا النداء وشعرنا بالمسؤولية وقد شرحنا ذلك للرأي العام، وعبرنا عن ذلك من خلال القول: 'المحاربون فقط هم الذين يستطيعون تحقيق السلام ولا يمكن للقوى الأخرى أن تكون قوةً للسلام'، فهي إما تأتي في المرتبة الثانية أو معاونة ومبادرة هذا العمل هي في أيدي طليعتها وهكذا دخلنا في هذا التوجه وأعتقد أنه سبيل سليم وبناءً عليه وسعنا البداية قليلاً، حيث أننا نقوم بوضع برنامج اجتماعنا هذا تحت أنظار الدولة، لننظر كيف أننا نعمل من أجل المجتمع الديمقراطي وبهذا نكون قد عبرنا هذه العتبة، فماذا يعني ذلك، هذا يعني أن الحرب والانفصال والاشتباك كل منهم سيترك مكانه للسلام والتكامل الديمقراطي مع جمهورية تركيا بشكل خاص ومع الدول الأخرى مثل العراق وايران وسوريا في مسار مماثل وجريان هذا الأمر بمبادرة تركيا حسب قناعتي هو أمر عقلاني ويعبّر عن حقيقة أنه يجب أن يكون كذلك وبناءً عليه فإن هذه الخطوة التي يتم إلقاؤها خطوة جادة ومهما واجهت الصعوبات فهي خطوة صحيحة، فهل يمكن تجاوز هذه العتبة تماماً وهذا مرهون بالجهود الخلاقة التي يتم بذلها، وعليه فإنني أضع المرحلة الجديدة تحت سبعة عناوين مرحلية، لماذا وضعت هذه العناوين وكيف اخترتها، هذا ما نناقشه. الطبيعة والمعنى: أردت أن أبدأ بالطبيعة والمعنى التي لا تخطر في بال القلةً، فهي تعبّر عن ماذا وما هو المراد منها؟ لأحاول أن أشرحها قليلاً. إن المعنى يدل على الاهتمام والمشاركة ومن حيث الخصوصية يدل على التشارك لدى المجتمع، فالمعنى قبل كل شيء هو الدلالة على شيء ولا يمكننا أن نتحدث عن معنى خال من الوجود، حسناً فكيف ينشأ المعنى؟ الإنسان يستمع إلى الطبيعة ويطور قوة فهمه، أول نمط من التعلم هو من خلال تقليد حركة الشفاه، أي أن الإنسان يستمع إلى الطبيعة ويجري تحولاً فيها. المجتمعية على مدى تطورها تستمع إلى الطبيعة وتتعلم وهذا يصاب بالضعف تدريجياً؛ لأنه بتطور اللغة الرمزية والذهنية التحليلية يقوم الإنسان بتعريف الطبيعة بمصطلحاته، ما يعني أن الإنسان يصبح غريباً عن الطبيعة كنتيجة، وهذا الاقتراب يصل إلى القمة في المرحلة الرأسمالية، فالفكر الحاكم في كل مرحلة يصبح حقيقةً لتلك المرحلة، أي إذا كانت هناك فكرة تتحكم في مرحلة معينة، يمكننا قبولها كحقيقة لتلك المرحلة، حيث هناك واقع وهناك تعبير عن هذا الواقع، وهذا التعبير يمثل فكرةً أو خيالاً لتلك المرحلة، فمثلاً لو كان هناك أسطورة تحكم إحدى المراحل فنحن نقول أنها مرحلة الأساطير، أي أنها مرحلة تعبّر عن الخيالات والتصورات وهي مرحلة عاشتها الإنسانية لفترة طويلة جداً على مدى ملايين السنين، بل هناك أساطير يسود فيها تقليد الحيوانات بشكل متداخل مع البشر، نحن نسمي هذه الملايين من السنين بعصر الأساطير، إنها مرحلة تسودها الأساطير وتجري محاولات لتقليد الحيوانات، ومن ثم تأتي المرحلة النيوليتية على نطاق واسع والمرحلة النيوليتية العليا التي تسمى مرحلة الميزوليتيك ويتجسد ذلك بتشكل الكلانات والقبائل، أما المرحلة التي يجري فيها تدجين الحيوانات والنباتات التي تمثل في حقيقتها ثقافة جديدة وتمثل نمطاً جديداً للحياة وهي في الوقت نفسه تعني تشكل ما نسميه بالحياة، حيث هناك ما يتجاوز التقليد الشفوي والاختلاف عن الانطباع الحيواني والتفكير الأسطوري ويمكن التعبير عنها في الخيال فقط حيث تتطور الرمزية الفكرية لدى البشر، أي هناك افتراق عن الحيوان على الصعيد الفكري، حيث أن التفكير الرمزي خصوصية لدى الإنسان فقط، أي أن البشر يختلفون عن الحيوان من خلال التفكير الرمزي وليس هناك رمزية لدى التقليد الشفوي للتفكير الشفوي، كما أن التقليد هو نمط من التفكير أم لا موضوع قابل للنقاش وربما تكون هناك ذاكرة لدى الحيوان، ولكن هل يمكن تسمية ذلك بالتفكير، فالمرحلة الأسطورية في الفكر هي رمزية بهذا المعنى. إن عالم الفكر للمرحلة الأسطورية كما يُذكر في الأساطير ويتجاوز ذلك بعض الشيء إلى مرحلة وحدانية الإله إلى درجة ما أو ما يشابهها وهو التفكير الديني، وبشكل تقريبي إن الفكر الديني ومفهومه لا زالا موجودين إلى يومنا الراهن، وكلا الفكرين موجودان في ميزوبوتاميا التي هي مهد البشرية وما نسميه اليوم ميزوبوتاميا العليا كمصدر لهذا التفكير، أي أنها مهد للفكر الأسطوري وللفكر الديني، إنها حوض دجلة والفرات. كما أن الفكر الأسطوري من متطلبات التحول إلى المجتمع، وبذلك يلعب دور المؤسس في بناء المجتمع، ومن هذه الناحية فإن ذهنية الكلان هي قوة التحول إلى مجتمع. إن المدار الإيكولوجي الكبير يصل إلى نهايته قبل 15000 سنة وهنا تبدأ مرحلة موسمية جديدة، ما يوفر الإمكانية للتطور النيوليتي وبذلك تبدأ مرحلة جديدة والوجود البشري هنا يتمكن من اختراع اللغة ومن التفكير الرمزي وبذلك يحقق قفزة نحو الحضارة ونحو الدولة. هل فكر تلك المرحلة يعبّر عن الطبيعة، وهل يضفي أي معنى على الطبيعة؟ في الحقيقة يبدو كأنها موجودة، وكمثال لو أخذنا الإسلام فهناك مفهوم الله الذي يتم ربط كل شيء به، فالله هو الذي يحيط بالكون ويتحكم في كل شيء لحظة بلحظة ويخلق كل شيء في لحظته وبذلك يتم التعبير عن مفهوم الله، بل هو يعبر عن عدم القدرة على التعبير ولهذا هو إيمان لا يمكن التعبير عنه ويتم تقديمه على هذا الأساس، فلو قلنا الإسلام هو هذا الأمر وفي الحقيقة هذه هي مرحلة صاعقة في تاريخ البشرية، وهذا هو السبب في التأثير الإسلامي على البشرية إلى هذه الدرجة، فالإسلام هو تفكير بين الفلسفة والأسطورة، فالفكر الإسلامي ليس هو فلسفة بالكامل ولا هو فكر أسطوري بالكامل، بل هو يعترض على الاثنين بقوة وهو يتجسد في تفكير الإمام الغزالي وإذا كنا سنتحدث عنه كمدرسة، علماً بأن مدرسة الغزالي هي الحاكمة، فهو يغلق الباب أمام الفلسفة العلمية التي تفتح المجال أمام الانتصار في أوروبا ومن الجانب الآخر يقوم بتطوير علم الكلام، ولكن علم الكلام لا يعني الفلسفة، وبذلك يغلق عصر التفكير الأسطوري من الجانب الآخر، وبذلك يتولد عصر إسلامي جديد ومؤثر جداً ويطبع العصر بطابعه ويفتح لنفسه مجالاً على حساب الأديان القائمة كالمسيحية والتوراة والأديان الهندية والصينية، لماذا؟ لأنها مرحلة مهمة، المرحلة التي كانت بين الفلسفة والأسطورة هي مرحلة مهمة وتحتاج إلى نبي كالأنبياء ومحمد (ص) يعبّر عن تلك المرحلة، فمثلما لله 99 صفةً واسماً وهو الذي يجد معناه في كل شيء، هو في الوقت نفسه يمثل فلسفة الكون وكان ذلك مرحلة تحضيرية، فالصفات الـ 99 تمثل فلسفةً وهي برنامج، أي أنها تمهيد لفلسفة الحداثة مثلما هي تمهيد للفلسفة العلمية، ولهذا فهي ذو تأثير بالغ مقارنةً بالمسيحية ولكن مأزقها قائم ضمنها، لأنها أغلقت الباب أمام العبور إلى الفلسفة الحديثة. والصراع الشهير بين ابن رشد والغزالي معروف، فالغرب يناصر ابن رشد في مواجهة الغزالي ويجعل منه أساساً للتفكير ويقوم بتطويره وتجري الثورة العلمية والفلسفية التي نعرفها، بينما الإسلام يبقى مغلقاً أمامه وبذلك يصعد الغرب بينما الإسلام يبقى متعلقاً بالتفكير الأسطوري وحتى الدين التوراتي الذي نسميه بالموسوية، بل أشد صلابةً منه، ونظراً لعناده ورفضه للانفتاح الجديد في العالم المسيحي والتصلب في الفكر الأسطوري، يضعه تحت الضغط من اتجاهين، فالانغلاق يجعل الإسلام قوة محافظة بشكل مذهل والقرنين الخامس عشر والسادس عشر هما السنوات التي وصلت في التعنت إلى الذروة، بينما في القرنين التاسع والعاشر هي مرحلة النهضة في الإسلام ويلقي بتأثيره على العالم كله، بينما في القرنين الخامس عشر والسادس عشر يعود إلى التصلب والتعنت وينتهي الإسلام عملياً، والتعبير الملموس لهذا الأمر هو الصفويون والبابور في الهند والعثمانيون في اسطنبول، حيث التعنت الشديد في العالم الإسلامي، وهذا التعنت يصل إلى نهايته في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبهذا المعنى فإن الإسلام ينتهي مع القرن الثامن عشر ولا يبقى مجال لإدامته، حيث يتم استغلال الدين الإسلامي بعد ذلك التاريخ والإنكليز يستغلون هذا الإسلام ومن خلاله يصلون إلى الهيمنة العالمية، رغم انطلاقهم من جزيرة صغيرة، وهذا الأمر يرتبط بالتعنت لدى الإسلام، لماذا أقوم بتوضيح هذا الأمر وأنا أضيف إلى ذلك بعضاً من المسيحية أيضاً، لأن الغرب بدأ بصعوده مع المسيحية، فالإصلاح الذي جرى في المسيحية لم يجرِ في الإسلام، الشيعية جربت ذلك ولكنها لم تفلح، ففي الغرب تم العبور من الإصلاح إلى التنوير والنهضة كانت مرتبطة بذلك، أي الإصلاح والنهضة والتنوير أسفرت عن التفوق الذهني لدى الغرب وجعلته ناجحاً، فها هي الثورة الفرنسية في القرن الثامن عشر والثورة الصناعية الانكليزية والثورة السياسية الفرنسية، مما حقق ذروةً في التطور في القرن التاسع عشر في عصر العولمة واستمر في الذروة على مدى القرن العشرين، والآن يتم العبور إلى مرحلة جديدة جداً، لماذا أقوم بتوضيح هذه الأمور؟ لأننا لم نقم بتفسير الماضي بشكل صحيح أو لم نجعله مفهوماً بشكل صحيح، لم نتمكن من فهم يومنا، فإذا لم نفهم ما نحن عليه في يومنا، لن نتمكن من إضفاء المعنى على مستقبلنا. فنحن مهما حاولنا إضفاء الواقعية على الكمالية أو على الإسلام، فإن الكمالية في الوقت الراهن تحاول بسط سيطرة الإسلام، فحتى الواقعية المنفتحة في الغرب تتحول إلى تعنت ورجعية كبيرتين في تركيا ولا يمكننا الاستدلال على الإسلام، فها هو 5 ملايين في اسرائيل تنتصر على 300 مليون عربي إسلامي ويقطعون أنفاسهم، بالطبع فإن الإسلام هو المسؤول عن هذا الأمر، فرغم هذه الوقائع إذا كنا نتمسك بالإسلام فإن في الأمر شيء خاطئ، أنا أقول هذا الأمر لفهم الحقائق، حتى أن هناك تساؤل عما إذا كان الحاكم هو المسيحية أم الإسلام، والإجابة على هذا التساؤل تدل على أن 99 بالمئة يقولون أن المسيحية هي المهيمنة، يجب التعبير عن هذه الحقيقة بشكل صحيح، أما فيما عدا ذلك فهي مجرد دعوات، أي أنهم يحاربون ضد الغرب بمفاهيم غربية ليدافعوا عن الإسلام وهذا لا يمكن أن يكون دفاعاً عن الإسلام، حيث أن الغرب حقق تفوقاً كبيراً في الفلسفة والعلوم والتقنية، بينما أنت تريد الاستفادة من زوائده ومن أطرافه ومن زواياه وتفعل ذلك بالتسول. لا توجد هناك فرصة للنجاح لهذا الأمر وقد ظهر ذلك جلياً من خلال حادثة غزة مؤخراً، حيث يقومون بالاعتداء على اسرائيل، إن اسرائيل التي تعتدي عليها هي المهيمنة على العالم، ثم بعد ذلك ترجع إلى الأمم المتحدة وإلى الاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان ولجانها وتطلب العون، إن المؤسسات التي تطلب منها العون هي المؤسسات التي تطبعها اسرائيل بطابعها وأنت تقوم بإعلان اسرائيل عدواً حقيقياً لك، يجب عليك ألا تقوم بالتسول من تلك المؤسسات، فإذا كنت تملك المصداقية ولا تريد خداع الناس، فهو القوة الحاكمة، فإما أن تنحني أمام القوة الحاكمة وإما أن تخوض حرباً حقيقيةً ضدها. ونظراً لأن هذا لم يجرِ في تركيا فإن التفكير مختلط بشكل كبير وهكذا فهو النصب الرأسمالي ليضاعف ثرواته ويستفيد من هذا الاشتباك في تعزيز هيمنته، وأنا افتتحت هذا الجزء لكي ألفت الانتباه إلى هذا الأمر، وبالطبع فإن فهم هذه الحقيقة بشكل صحيح مرتبط بشأن ما يجري اليوم وأعتقد أن ما ذكرناه يكفي للتنوير ولا داعي لشرح المزيد. الطبيعة المجتمعية وقضاياها: ربما يرغب البعض تعزيز الفكر الفلسفي بشأن الطبيعة والمعنى، وهذه الرغبة محقة نظراً لأن العلم يبدأ بالرغبة، لذا شعرت بالحاجة إلى إشباع هذه الرغبة وفتح المجال أمامها والنظر في ديالكتيك الطبيعة التي هي الآخر بالنسبة لنا ولهذا يجب طرح هذا العلم وما يتعلق به من فيزياء وكيمياء وعلم الأحياء وكل ما يتعلق بالطبيعة والنظر إليها بالفلسفة، بل حتى بالأسطورة واستعراض كل ما يتعلق بذلك للقيام بغربلتها للتوصل إلى النتائج. وأنا لا أقول إنها فكر دعائي أو محرف أو إنه فكر صحيح بالمطلق، أنا لا أقول ذلك، وأعتقد أن هناك حاجة إلى فهم الطبيعة التي هي الآخر، كما نستطيع تسمية ذلك بالكون حيث هناك جوانب عديدة غير مفهومة فيه، إنهم يذكرون الانفجار الكبير، فما هو هذا الانفجار الكبير وماذا كان موجوداً قبل الانفجار الكبير؟ يُقال إن الانفجار الكبير في الكون يمتد إلى 13 مليار سنة وهذا يصعب على العقل تصوره، كما يتم تطوير فكر يسمى 'تآكل المساحات' على أسس علمية فيزيائية. ما يخطر ببال الإنسان هو: ما قبل الانفجار وما بعد الانفجار، فهل كان هناك كون قبل الانفجار؟ إن هذا الانفجار يبدأ بانفجار صغير أصغر من رأس دبوس بمقدار مليار مرة وبنتيجته يتشكل هذا الكون القائم في يومنا. الآن هناك ما يزيد على مئتي أو ثلاثمائة مليار نجم في المجرة التي تسمى بدرب التبانة التي نحن فيها وهناك عشرات الكواكب التي تحوم حول كل نجم، مثلما هناك مليارات المجرات ويجب الشرح أن كل ذلك نجم عن رأس دبوس، العلم يحاول التوصل إلى جواب لهذا الاستفسار من خلال الكوانتوم، فها هو مبدأ اللانهاية وهذا هو منطق 'التتالي'، مع كل ذلك هناك موضوع مصيدة الانزلاق إلى المادية والأمر الجيد أنه تم تجاوز المادية؛ لأن الكون ليس كما كانوا يصفونه، أي نظرية أن الشمس هي مركز الكون، حيث جاء بعد ذلك مجرة درب التبانة والآن يُقال بأن هناك الثقب الأسود كما يشيرون إلى المادة السوداء والطاقة المظلمة، أي أن هذه المصطلحات ستزداد وكذلك بالنسبة للأجزاء، فقد قيل أن الجزء الأصغر هي ذرة، ثم وجدوا أن في الذرة أجزاء عديدة، هناك الإلكترون والبروتون والنترون كما شرحوا، كما وجدوا أن لكل منها أجزاء، فقد ظهر الجزء الإلهي، أي أن الأمور كلها تسير هكذا. لماذا أشرح كل ذلك؟ لأن هذا الوضع يعني أنه لا توجد حقيقة صلبة لا من الناحية المادية ولا من الناحية المثالية، وليس هناك أمر صحيح مئة بالمئة ولا يمكن القول إن هذا صحيح مئة بالمئة، وهذا يدل على أن هناك تطور في ذهنية البشر وهناك انفجار والبحث عن الحقيقة سيستمر وهذا أمر جيد. إن انفتاح ذهنية البشر على البحث عن الحقيقة يبعث على الأمل على الأقل، كما يمنح الأمل للحرية مثلما يمنح الأمل للحياة، إنني أعتقد أن البحث عن الحياة الحرة أمر صائب، بل إن هذا النمط من التفكير يدفعنا نحو تفسير الطبيعة المجتمعية. كما تعلمون أنني أريد التعبير عن هذا الأمر في العنوان الثاني ولدي تقييمات عامة بشأن الطبيعة والمعنى، كما انشغل هيغل كثيراً بهذا الموضوع، فمفهوم هيغل هو أن المعنى موجود في الطبيعة والروح الكونية التي يسميها بغيست هو شيء موجود خارج الدماغ، فالوجود بذاته هو حقيقة وموجود ضمن وجودية المفهوم ولا يمكن إنتاجه من جانب الدماغ، ويمكن تسمية ذلك بشكل من أشكال المثالية ويسمونها بمثالية هيغل، ولا يمكننا أن نقول إنها لا تتضمن جزءاً من الحقيقة. بينما ماركس يعبّر عن عكس ذلك تماماً ويعتبر أن التفكير هو شكل من الانعكاس، وأن الزمن أمر يبدأ وينتهي في دماغ الإنسان، وينعكس ذلك على الخارج وتتكون الفكرة وبعكس ذلك هو أن المعنى موجود في الطبيعة، أي أن هناك نقاش فلسفي ولا زال مستمراً واستمرار هذه النقاشات أمر جيد وليس من الأمور الجيدة حصر ذلك في المادية أو في المثالية، لأن هذه الثنائية تدفع وتؤدي إلى الخطأ. وبناءً عليه فإن التفكير الديالكتيكي يعرقل الوصول إلى طبيعة صلبة، فالفكر الديالكتيكي كما يُسمى يأتي بمعنى الثنائية ويعود بجذوره إلى اللغة الآرية، والديالكتيك يعني إضفاء المعنى إلى الشيء المرتبط باثنين، أي عندما ننطق بكلمة 'اثنين' نستذكر أن هناك 'واحد'، أي عندما يكون هناك 'اثنان' يجب أن يكون مرتبطاً بـ 'واحد'، عندما نطبق ذلك على الفكر نجد أن هناك ضرورة للتفكير بالمادية والفاعل يحتاج إلى مفعول به وهكذا دواليك. فإذا كانت هناك فائدة من ذلك فهو أنها تبقي الباب مفتوحاً، أما عكس التفكير الديالكتيكي فهو الميتافيزيقية والميتافيزيقية شكل من أشكال الفكر ولكنها ليست ناجحة كالديالكتيك، فالديالكتيك هو الأنجح ولكن يجب تطويرها وهو قيد التطور، كما أن تفسير الطبيعة والكون الذي شرحناه آنفاً، قد حدث بفضل التفكير الديالكتيكي. ومن هنا أريد البدء بالعنوان المسمى الطبيعة المجتمعية وقضاياها. نعم، المجتمع أيضاً والطبيعة ويسمونها بالطبيعة الثانية وهذا صحيح وحسب ذلك فهناك اختلاف كبير في الطبيعة المجتمعية، الخاصية الأساسية هي مرونة التفكير، وأنا الآن أناقش الفكر في الطبيعة، أي أن الطبيعة المجتمعية هي التي نُسجت بالفكر الإنساني بذاته ابتداءً من الرمزية ثم إلى العلمية ثم إلى الفلسفية وإلى الدينية التي شكلت أساس الفكر، فالطبيعة المجتمعية ليست حجراً وليست نباتاً وليست حيواناً، بل الفكر هو الأساس، فهذا هو ما يجعل الطبيعة المجتمعية مختلفة، فعندما تنطق بالمجتمع يخطر على البال الفكر فوراً، وهكذا تطور المجتمع في أثينا بفلسفة المجتمع، وهكذا تطور الغرب بالفكر العلمي ولنسمّي ذلك بثنائية لندن – أمستردام أو ثنائية أثينا – إسبارطة وهما أيضاً استطاعا التقدم من خلال الفلسفة، كما أن الفكر الإسلامي استطاع تحقيق أكبر مردود كفكر ديني، كل هؤلاء مراحل متغيرة مختلفة في المجتمع، فها هو المجتمع السومري يمثل ذروة الميثولوجيا، فالذي جعل المجتمع السومري من الأوائل هو كونه حاضنة مجتمع الدولة وهي الفكرة الأسطورية التي خُلقت في الأراضي الخصبة الوفيرة الموجودة في حوض الفرات ودجلة ضمن ميزوبوتاميا العليا، حيث وصلت إلى الذروة في تلك البقعة، فعالم الآلهة والإلهيات بارزٌ جداً والمصطلحات التي سادت هناك تعرضت للتطور فيما بعد، فالمصطلحات المأخوذة من هناك أنتجت القرآن، فالقسم الأكبر من الأفكار الواردة في القرآن مأخوذة من هناك، كما أن الفكر الفلسفي في أثينا استمد قسمه الأكبر من هناك، حيث أن أوروبا في الشمال في ذلك الوقت كانت تعيش مرحلة التوحش، بينما أثينا استطاعت أخذ فلسفة زرادشت من ميديا مثلما حصلت على الفكر الديني من مصر، فليس من مفكر أم متنور لم يقم بزيارةٍ لبابل، كلهم رأوا مصر وبابل وميديا وحتى برسبوليس، وما حصلوا عليه وضعوه في تركيبة مختلطة، حتى الفكر الديمقراطي يتولد من هنا في حقيقته ومن هنا تُلقى الخطوات نحو ما نسميه بالحضارة الإغريقية والهيلينية، بالإضافة إلى المجتمعية التي نسميها بعصر المجتمع لدى الماركسية 'أي مرحلة المجتمع المتوحش أو البدائي' ومن ثم يأتي فيما بعد مؤسسة العبودية، لقد قدمنا التعريف العام للمجتمعية قبل أن نصل إلى هذا الوضع، ولكن كيف حدث ذلك؟ كما تعلمون التطور إلى المجتمع وجدناه في الميثولوجيا السومرية، ففي الديانات 'الديانات التوحيدية الثلاث' تذكر أنه يتم خلق حواء من الأب آدم ويتم شرح ذلك بإسهاب، بل يحددون ذلك في خمسة آلاف سنة، أي أنهم يذكرون تاريخاً خاصاً بهم، أي أنه مرتبط بالعقيدة الدينية بالكامل. والعلمية ابتعدت عن هذا التفكير مع الفكر الذي تطور في أثنيا وبذلك تم خلق مجتمع جديد يصل إلى الذروة، بينما الرأسمالية اتجهت بشكل منفصل، فالفكر المتجذر من الغرب أصبح مهيمناً ويتحول إلى المادية في الوقت نفسه، أي أنه تحول إلى قوة مادية ولكن تبقى نقطة مظلمة فيه، فما هي؟ وهي كيف تشكل المجتمع الطبيعي أو الطبيعة المجتمعية ومن الذي خلقها، فالمجتمع لا يتكون من مجموعة من البشر اجتمعت فقط، بل المجتمع هو نظام من القيم أنتجتها مجموعات بشرية تشاركت فيما بينها وأنتجت تلك القيم بشكل جماعي والتحول إلى مجتمع يعني أولئك الذين اجتمعوا وحملوا وتطوروا معاً، فليس هناك فاعل غير المجتمع بذاته، أي أن المجتمع المتكون هو الفاعل وهو المفعول به في الوقت نفسه، وهذا الوجود هو ذو خصوصية الطرف المفتوح، وبتعبير آخر هو المجتمع المتأسس والذي ينهار والذي يعيد إنشاء نفسه، وفي المحصلة فإن الإنسان هو الذي يخلق الطبيعة المجتمعية، أي أن الطبيعة المجتمعية هي حقيقة قائمة تأخذ من النوع البشري محوراً لها، حتى الحيوانات تحيا على شكل مجموعات، هذه مسألة أخرى وسمّينا ذلك بالذهنية الأسطورية أو البدائية، فهي تتصرف بالغرائز وهي ناجمة من التقاليد، الإنسان أيضاً لديه غرائز وميل التمسك بالتقاليد أمر متوارث من الحيوانات، فالطبقة السفلى من الدماغ هي المتوارثة من الحيوان وما نسميه بالدماغ الصغير هو المسؤول عن الغرائز والفكر الأسطوري، ولكن يتجاوز الفكر البدائي وهذا ما نسميه بالجزء المتوسط من الدماغ وبفضل ذلك القسم يتم الارتقاء إلى مرتبة الإنسان، بالطبع كل هذا التطور والنمو يجري بشكل متداخل ولا يمكن الفصل بينها بشكل حاسم فكلها تتطور بشكل متداخل حيث هناك كون مذهل، حسناً فمن هو المسؤول عن النوع البشري؟ من هنا تدخل المرأة على الخط، والأمر اللافت للانتباه هو كيفية تطور الذكورية والأنثوية، إن هذا الأمر أيضاً يعكر الفكر طبعاً، وأنا لم أدقق في ذلك كثيراً ولكن ما نعلمه أن الكائنات بدأت بأحادية الخلية ثم بالانشطار المتكافئ والخلية الواحدة تصبح خليتين أي أنه شكل من التكاثر، ولكن في هذا الأمر ليس هناك شيء من الذكورية والأنثوية، وهذا الوضع يستمر لملايين السنين، وما تأكد لدينا أن التكاثر بين الذكر والأنثى يعود إلى ثلاثمائة مليون عام ويمكنكم التدقيق في ذلك بشكل أكثر، هذا ما أتذكره بشكل تقريبي ونحن لسنا بحاجة إلى التعبير العلمي عن ذلك، فنحن نتحدث بشكل فلسفي، فلماذا تحقق هذا التطور على شكل أنثى وذكر؟ إننا نتحدث عن ديالكتيك الطبيعة وهو المسؤول عن هذا الأمر، فكل شيء يتضمن ثنائية، فكيف تولدت المادة من الطاقة وكيف اختلفت الجزئيات، نعم هناك جزيئات ضمن الذرة الواحدة، فإن لم تكن هناك جزيئات لن تكون هناك ذرة وكيف تتحول المادة إلى طاقة. أي أن الأشياء التي نراها على أنها نجوم هي طاقات تتحول إلى المادة والصيغة التي وضعها أينشتاين E= MC2 هي صيغة تحول الطاقة إلى المادة وأهمية هذه الصيغة تظهر من خلال جعل الموضوع مفهوماً وحادثة الذكورية والأنثوية هي امتداد لهذا الأمر وهي ليست أمراً متناقضاً مع التطور الكوني، بل هو امتداد لها وهو الانتقال من مرحلة أحادية الشيء ينتقل بالتدريج إلى مرحلة الثنائية وبالتالي إلى مرحلة التوحد بين شيئين مختلفين، أي أنه يجري الانفصال إلى كائنين مختلفين الذكر والأنثى نتيجةً للانقسام الثنائي وكذلك التوحد بين الكائنين، أي الانتقال من الأحادية إلى الثنائية ومن ثم توحد الثنائية في الأحادية مرة أخرى وهكذا تتولد أنثوية معقدة ككائن حي، إن هذا الأمر يحدث قبل 300 مليون سنة تقريباً سواءً في عالم النباتات أو عالم الحيوانات، إن بعض الحيوانات تكون أنثى أو ذكراً ارتباطاً بالحرارة، أي أن التحول بين الذكر والأنثى ليس أمراً صلباً بل هو أمر متحول، أي أنها حقيقة ديالكتيكية، أنتم تعلمون بموضوع LBGT حيث أنه موضوع لنقاش كبير جداً، أي أنه أنثى وذكر في الوقت نفسه، أي أن لديه خصوصية الذكورية والأنثوية في الوقت نفسه، هناك أشخاص كثر على هذه الشاكلة، بل أن بعضهم يتحول إلى رجل أو إلى امرأة حسب الرغبة، كما أن العمليات الجراحية التي تجري كثيراً والنقطة المهمة هنا أنه ليس هناك حد فاصل حاسم بين الذكورة والأنوثة. بالطبع أن الجانب الفلسفي والسيسولوجي أمر مختلف جداً، كما أن لهذا الوضع بعد أخلاقي أيضاً وهذا ما نرى انعكاساته على المجتمع ويمكن تجاوز هذا الأمر بالفكر الديالكتيكي. من هنا أريد أن أدخل إلى دور المرأة، فالفصل بين الذكورة والأنوثة ليس أمراً معجزة، بل هو من متطلبات ديالكتيك الطبيعة والأنثوية لا تعني التفوق كما أن الذكورية ليست أمراً مقدساً ولا يجب استنتاج نتيجة خاصة بكل ذلك وهي ليست حدثاً طارئاً بل هي من متطلبات ديالكتيك الطبيعة، وهذا ما حدث ويحدث ولكن نحن نسمي ذلك اختلافاً، فإذا لم يكن هناك اختلاف لن تكون هناك حياة ومعنى الحياة يعني الاختلاف، فكيف يمكن لشخص واحد أن يكون ذكورياً وأنثوياً في الوقت نفسه، وهذا واضح من عدد إمكانيات تلك الحياة، فكيف يمكن أن يبقى المخنث أنثى وذكراً في الوقت نفسه، فالأخلاق التقليدية ترفض هكذا أشخاص أما بالنسبة لي فهي مشكلة فمن خلال العملية الجراحية يمكن أن يتطور الجانب الذكوري وكذلك الجانب الأنثوي وكلا الجانبين ذو قيمة، فإذا كانت الطبيعة قد قسمتك إلى اثنين فهذا يوفر لك إمكانية الحرية ويجب أن ترى ذلك كنوع من الاختلاف وهناك معنى لهذا الاختلاف فمثلما هناك مفهوم للأنوثة هناك مفهوم للذكورية أيضاً، وهذا أمر قائم وموجود في المجتمعية والأمر الأهم ألا نضع هذين الأمرين في مواجهة بعضهما البعض، أما إذا وضعناهما في مواجهة بعضهما البعض، فهنا تبدأ المشكلة وهكذا تبدأ إشكالية المجتمع، بعضهم يقولون أن الذكر هو الأعلى والآخر يقول أن الأنثى هي الأعلى، مثل هذه الأمور تشكل إشكاليات في الطبيعة المجتمعية. قد يكون هناك تفوق أنثوي أحياناً، وسأذكر ذلك، أما الآخر فقد ظهر كطرح مضاد وقال بأن المتفوق هو الذكر، وبالنتيجة كونت فلسفةٌ رهيبة وتحولت إلى إشكالية كبيرة. الإشكالية المجتمعية فيما بعد الحضارة تبدأ بالدولة كما ذكرت سابقاً أما الآن يبدو ظاهراً أنه لم يبدأ مع الدولة بل يمتد إلى ما قبل ذلك بكثير، فقد حدث ذلك قبل 30 ألف عام وفي النتيجة الذكر لا يتماثل مع المرأة حيث البنية متفوقة جداً وتتطور شخصية المرأة مقارنةً بالرجل بشكل كبير جداً، أي نمطٌ مختلف من الشخصية. لو لاحظنا أن هناك فرقٌ بسيطٌ جداً بين موروثات المرأة وموروثات الرجل (الكروموسومات) إنهٌ فرقٌ صغيرٌ جداً، وبالنتيجة أن الفكر هي خصوصيةٌ للبشر، كما أن الفكر لا يفرق بين المرأة والرجل، أي أن خصوصية الفكر تتجاوز هذه الفروقات كثيراً، إن القول بأن هناك مجالٌ سياسيٌ ذكري ومجالٌ سياسي للمرأة، أمرٌ عابثٌ تماماً وغير صحيح، بل يمكننا القول أن المجال السياسي هو مجالٌ شائع للجميع وكذلك المجال الاقتصادي والفنون وحتى الديانات وتفريق كل ذلك بين الرجل والمرأة أمرٌ غير مقبول ولكن لا نستطيع أن نسمي ذلك بحقيقةٍ موجودةٍ والإشكالية الكبرى هي أن نقول أن هذا تفكير أنثوي وهذا تفكير ذكوري، بل هو حتى ليس بإشكالية، إنه إشكاليةٌ إذا قلنا ذلك، بل هو يعني إنكار للفكر الديالكتيكي، بل إذا قلنا أن الفامينية نمط تفكيرٍ أنثوي وبالمقابل هناك نمط تفكيرٍ ذكري فكلاهما يصبحان ساحةً للرجعية والتصلب، بينما في الحقيقة ليس هناك تصلب في الطبيعة، والديالكتيك الطبيعي ينعكس على المجتمع والديالكتيك الموجود في المجتمع يجعل الحياة ممكنة ويفتح المجال لحيوات مختلفة ومتنوعة ويعبّر عن حياةٍ مختلفة فالاختلاف يضفي غنى على الحياة، بينما الثنائية المتقابلة الجامدة تعني الهوة، حيث يتم التضارب في هذه الهوة ومنها الجرائم العائلية، ففي تلك الجريمة هناك نظرة جمود مفهوم المرأة، فالمرأة هي امرأة بشكل مطلق والرجل هو رجل بشكل مطلق، أما إذا كان هناك انجراف نحو الفكر الديالكتيكي هنا يحدث التصادم وأحدهما يخون الآخر مطلقاً ويقوم بضرب الطرف الآخر والآخر يقوم بضربه وهنا يكمن منبع الإشكالية، وكما شرحت، فإن هذا يعني إشكاليةٌ مذهلة وتعني الكثير ويجب تجاوز هذا الوضع. أنا أؤمن بأنني استطعت شرح هذه الإشكالية بشكلٍ كافٍ تحت هذا العنوان. فيما يتعلق بالدولة نحن تحدثنا عن الفصل بين القرية والمدينة وأردنا إسناد ذلك إلى الفصل الطبقي، ولكن هذا لا يكفي. نعم هناك إشكالية بسبب هذا الفصل الطبقي وهي إشكالية الدولة والكومون وسأتطرق إلى هذه الناحية. إن تحول هذا الأمر إلى حقيقة في أساسه ينبع من اشتباك الفكر الذكوري والفكر الأنثوي في المجتمع، فعندما يتعاند الفكر الذكوري في مواجهة الفكر الأنثوي، يتعامى تماماً وأعتقد أنه الحقيقة الأساسية، ونحن نرى ذلك في المرأة أولاً كما في عصر ألوهية المرأة وهذا يتوضح من خلال الأبحاث الأثرية إلى درجةٍ ما ويظهر من خلال تشخيص الإلهة في الثلاثين ألف عام الأخيرة، حيث تدل أنها كانت الواقع السائد في ذلك العصر، فقد جرى التأكد أن هذا الواقع ساد من أوروبا الآسيوية إلى أوروبا الغربية ومن الشرق الأوسط إلى أفريقيا، حسناً فماذا تعني هذه الألوهية؟ بالطبع إن ما استنتجناه هو ما ذكرناه سابقاً، لأن المرأة هي التي تولّد كائن يمنح الوجود ولا داعي للنقاش في هذا الأمر مرةً أخرى، فالميلاد يتحقق لدى المرأة، وكنوع بشري فإن الميلاد لدى المرأة مختلفٌ جداً ويجب فهم هذه الحقيقة، فكل الأبحاث تدل على هذا الواقع، التكاثر عند النبات أمر سهلٌ جداً، فالخلية الأولى التي تنشطر تتحقق بسهولة، أما الميلاد لدى الحيوانات كما ترون الوليد يقف على أرجله خلال أربع وعشرين ساعة وهذا موجود لدى كل الحيوانات، بعضها يحتاج إلى مزيد من الوقت والبعض الآخر يحتاج إلى وقت قصير ولكنه ميلاد سهل ونشوء سهل وخلال ستة أشهر يتمكن الحيوان من البقاء والاستمرار في حياته، بينما النوع البشري فهو وضعٌ غريبٌ جداً، حيث الولادة صعبة وكأن ذلك لا يكفي يحتاج المولود إلى خمس أو ست سنوات للدعم والمساندة ولا يستطيع العيش بمفرده، أي أن القدرة على العيش بمفرده هي أربع وعشرون ساعة لدى الحيوان بينما هي 7 سنوات لدى بني البشر. فما الذي يحتاجه خلال هذه الفترة هو البحث عن المجتمعية من حوله، لأن الرجل لا يعرف ماذا هو ولا علاقة للمولود بالرجل وهذه الظاهرة غير موجودة، فكيف يتقابل الرجل والمرأة لأول مرة؟ الغريزة الجنسوية موجودة لدى الإنسان ولدى الحيوان تسمى الغريزة الجنسوية مثلها مثل غريزة الجوع، من الغرائز الأساسية والغرائز هي الوعي وتشير إلى الحيوية، فإذا لم يكن هناك شعور بالجوع، لن يكون هناك شعور بالشبع وبناءً عليه لن تكون هناك حياة وإذا لم تكن هناك غريزة جنسوية لن يكون هناك تكاثر وعندما لا يكون هناك تكاثر لن تكون هناك حياة، نحن نفهم هذا الأمر، فمن هو الأب؟ في الحقيقة في البداية لم يكن هناك أب، بل كيف تأسست الجنسوية وكيف تأسست ليس هناك علم بهذا الصدد، بل ما هناك هي غريزةٌ فقط. الثقافة هي وعيٌ برزت لدى النوع البشري وهذا يبدأ من المرأة؛ لأن المرأة هي التي تلد المولود، وفيما بعد وفي الديانات التوحيدية يتم خلق حواء من ضلع آدم ويتم ذكر هذه الجزئية في الميثولوجيا السومرية بإسهاب، واليهود ذكروا ذلك في التوراة كما يمر ذكر ذلك في القرآن. المرأة التي تلد ملزمةٌ بتنشئة المولود وبتغذيته وحتى تستطيع تغذيته تضطر إلى القطف والجمع وهذا يحتاج إلى جهد وكدح كبيرين، وبذلك نحن نتحدث عن مليون أو مليونين من السنوات وهذا يبدأ في وادي الريف الأفريقي ثم يمتد إلى الشرق الأوسط ويُعاش ذلك بشكل كثيف ويؤدي إلى تكون الثقافة في أودية طوروس وزاغروس، أي أن الإنسان يصبح إنساناً في هذه المنطقة ويصبح الرجل رجلاً والمرأة امرأة، لنشرح ذلك قليلاً. يعني أن المرأة ستقوم بتنشئة المولود لأنها تعلم أن هذا الوليد ولد منها، فمثلما المرأة تعلم بما ولدت من ذكر أو أنثى والمولودون منها يعرفون بعضهم البعض، فإن المرأة الأم تعرف بعض أخواتها وبعض إخوتها وهؤلاء يصبحون أخوال وخالات الأطفال ويعرفون بعضهم البعض، إن هذه هي بداية ثقافة وهذه الثقافة تضم سبعة أو عشرة أشخاص أو خمسة عشر شخصاً ولكن هذا العدد لا يتجاوز العشرين، هؤلاء يشكلون كلاناً فيما بينهم، فالكلان هي الصيغة الأولى التاريخية للمجتمع والثقافة هي ثقافة الكلان التي تتمحور حول المرأة الأم وهذا يلقي بتأثيره على الحنجرة ليتم النطق من خلالها، ما يدفع إلى تطور اللغة بما يقارب ألف سنة، أي أن التطور في التخاطب في اللغة يعود إلى ما قبل ألف سنة، حيث يتم الانتقال من لغة الإشارة إلى لغة الصوت ومن الفكر الأسطوري إلى الفكر الرمزي، أي أن هذه الحقيقة أيضاً تظهر فيما نسميه بجغرافية الهلال الخصيب، حيث يتحقق انفجار ثقافي وتتحول هذه الثقافة إلى حضارة ثم تنشأ القرية والمدينة وتظهر الدولة فيما بعد التي تمثل الطبقية، الأمر المهم هو أن الطبيعة المجتمعية تنشأ على محور المرأة، الطبيعة المجتمعية التي تتشكل حول المرأة تمتد إلى المجتمع السومري، بل إذا ذكرنا ذلك كتاريخ، أن هذه الثقافة هي الوضع المهيمن إلى ما قبل ألفي عام، حيث كان مفهوم الأم الإلهة هي الثقافة المهيمنة. إن الهياكل الأثرية التي ظهرت كلها تظهر في مخلفات المعابد التي يتم اكتشافها مثلما يرد ذكرها في الملاحم الميثولوجية مثل جلجامش وبابل وأنوما إيليش بشكل تفصيلي، وبناءً عليه فإن النتيجة التي نستنبطها هي أن هناك ثقافةٌ تتخذ من المرأة محوراً لها، مثلما تعبّر عن إشكالية التعاند الأنثوي والذكوري حيث وضعت الأسس لهذا التمايز بشكل قوي جداً، كما أن كل الآثار والبقايا الأثرية تدل على أن تدجين الحيوانات والنباتات قد بدأت من هنا، وكل هذه المكتشفات لم تكن موجودة في عهد ماركس، كما أن الأبحاث المتعلقة بالسومرية لم تكن قد حدثت بعد ولهذا السبب فنحن لا نستطيع لومه لأنه ابتدأ علمه بالطبقية، بينما الإشكالية تبدأ ليس من الطبقية، بل تبدأ من مجتمعية المرأة وحسب علمنا فإن هذه الإشكالية تسفر عن الحضارة، فبنتيجته تظهر الحضارة والإشكالية المجتمعية معاً، أي أن هذه الإشكالية تسفر عن ميلاد المدينة، والمرأة تطبع هذا التطور بطابعها أيضاً، فأوروك هي المدينة الأولى وهي الدولة الأولى وهي الطبقة الأولى وفي الحقيقة فإن ملحمة جلجامش تدل على رأس الخيط في كل ذلك. ونظراً لأنها معركة كبيرة تحولت إلى ملحمة وهي أولى الملاحم التي كتبتها البشرية، مثلما هناك مئات من الأوليات ضمن هذه الأولية، فهكذا ولدت الطبقية وهكذا ولدت الدولة وهكذا تولدت الإلهات كل تلك هي بدايات مذهلة، وهنا فإن الإلهة المؤسسة لمدينة أوروك هي إنانا (نينا) وأعتقد أن كلمة نينا مشتقة من إنانا وبناءً عليه فإن ألوهية المرأة تعبّر عن ذلك السمو وتعبّر عن دين الإلهة الأنثى، فقد وصلت القدسية إلى تلك الدرجة التي يرتجف أمامها شخص مثل جلجامش، كما هناك حفل جنسوي في احتفالات البركة، حيث يقوم كتاب الميثولوجيا بالتعبير عن تلك الزيجات المقدسة على انها احتفالات مذهلة، حيث يتم قتل ذلك الرجل القوي في اليوم التالي من الزيجة المقدسة، وهذا موجود في كثير من الثقافات، وآخر ما تحقق هو ما جرى لدى الآزدكيين حيث يتم التضحية بجميع الشباب الذين يجري اعتقالهم، يتم تطبيق هذه الثقافة إلى عام 1500 سنة، فلدى الآزدكيين يتم قتل الباكرات بعد سنة ثم يأكلون كبدها، إنه تقليد رهيب لدى الآزدكيين، فحتى عندما قام الإسبان بغزوها كانوا لا زالوا يقدمون آلاف الشباب كقرابين وفي المعابد وهذا كان يجري في أماكن أخرى وهذا الوضع ينشأ من ديانة الآلهة الأنثى، فالإلهة الأنثى تقوم بقتل الشخص الذي يحقق معها الزيجة المقدسة، أما التفسير السيسيولوجي لهذا الوضع هو أن الآلهة الأنثى لا تريد ترك مكانها للإله الذكر، هذا ما أستطيع أن أشرحه بكل وضوح وهذا طرحي وهو من متطلبات الزواج المقدس كما يكتبه الكتاب، وهي أن المرأة لا تريد ترك مكانتها للإله الذكر ومهما يكون الرجل حبيبها مثل ديموزي الذي هو حبيب إنانا ولكنها تقوم بقتله وتقوم بدفنه، تلك هي القاعدة. لماذا؟ لأن المرأة تدرك ما سيحل بها لو تركت مقامها لإله ذكر، علماً بأننا نرى هذه الحقيقة واقعةً في ملحمة بابل، فبينما كانت إنانا قوةً مطلقة في مجمع أوروك في الألفية الرابعة وتقوم بإجراء الزواج المقدس بكل بهاء ويحاول جلجامش بكل عظمته أن يتنصل من هذا الوضع ويبحث عن الخلود وهذا هو الجانب المتعلق بذلك فأنا أحتار إذا كان شخص عاجز مثلي قد استطاع إثبات هذا الواقع لماذا لم يتمكن رجال العلم من إثبات هذه الحقيقة، إنه أمر محير. نعم هذا هو معنى البحث عن الخلود لدى جلجامش، فالرجل يريد إنقاذ نفسه لأن مجمع أوروك يتبع للإلهة الأنثى وهناك قطيع من الرهبان الذكور وعندما نقول الإلهة الأنثى، فذلك يعني أن هناك امرأة حاكمة وهناك رجالٌ مرتبطون بها داخل المعبد وهي تنتقي ما تشاء من بينهم وتجري الزواج المقدس معه وفي اليوم التالي تقوم بقتله، ونظراً لأن جلجامش يعرف بأنه سيُقتل يهرب ويقول بأن لا تقوم باختياره وهناك مخطط الهروب الأول وهناك مخطط الهروب الثاني، بينما يتم اعتقاله في كل مرة ويعيدونه إلى المعبد وعلى ما أعتقد أن هناك حقيقةٌ بارزة قد حدثت ويتم العفو عنه وهنا لا أعلم كيف حدث ذلك العفو لأنني لم أدقق في هذا الأمر، فالعفو عنه أمر مذهل وهذا ما يؤدي إلى تكوين ملحمة جلجامش، أي أن الفرق في جلجامش أنه يخرج من كونه رجلاً محكوماً عليه بالقتل وبعد أن يتخلص من كونه رجلاً مقتولاً تحدث هذه الملحمة ويتم حفرها على الحجارة وكتابتها على ألواح القراميد فهي تشكل بداية العصر الذكوري الذي يمتد إلى يومنا هذا، كل ذلك يحدث في الألف الرابع قبل الميلاد وتُعاش إلى الألف الثانية بعد الميلاد، حيث تنتقل الهيمنة إلى الحكم البابلي إلى الرجل تدريجياً وهذه المرة يصبح الرجل هو الأسمى والمرأة تحجز في المعابد. حيث يقوم جلجامش بإرسال إحدى العاهرات إلى أنكيدو (علماً أن هناك احتمال كبير بأن أنكيدو هو النموذج الكردي الذي يحيا في الجبال) إنها أسطورة ملحمية وفيها ثقافة الاستيلاء على الرجل من خلال عاهرة فماذا يفعلون؟ فهم يبكون ويولولون وهناك معبدهم وكما تعلمون أن النساء المختارات جيداً موجودات في المعبد وفي مجمع أوروك هناك امرأة ولديها معبدها ويمكن تسمية وصف ذلك بما يسمى بيت الدعارة في يومنا، وهناك التحول من المعبد إلى بيت دعارة، وهناك ما يسمى بالراهب الديني، وهذا يعتمد على الرجل أي أنها مجتمعية الاعتماد على الرجل، وهذا لا زال قائماً أليس كذلك؟ إنه أمر بارز جداً هناك تسربات إلى صفوفنا أيضاً وأرادوا تمزيق صفوف PKK أرسلوا هكذا نساء إلى صفوفنا بشكل خاص، إنه أمر صاعق لقد عشنا هذه الأمور حتى أنا أيضاً ربما عشت هذه الأوضاع؛ لأنها حقيقةٌ موجودة والآن هذا أمر منتشر أيضاً، فهناك من تسلط على التنظيم إلى درجة أنه يحاول لمّ التنظيم حوله وتحت نفوذه، لا شك أن لهذا التوجه أساس تاريخي تم بذر بذرتها في هذه الأرض، فقد جلبوا أنكيدو من جبال زاغروس ويقال أنه رجل قوي وباهر وله من القوة بما لدى جلجامش على الأقل، حتى أن جلجامش لا يستطيع العيش من دونه، مثلما هناك الرجل القوي الذي يحمي المدينة وهناك مديح كبير جداً وعندما يموت يعدّ جلجامش نفسه ميتاً، وهو يقول (كيف متُّ وكيف حلّت بي هذه الكارثة) إن ما يتم سرده هي أسطورة مأساوية أما جوهرها فهو أن المرأة استطاعت السيطرة على رجل الجبل وحولته إلى مستخدمٍ في المعبد ليذهب جلجامش إلى الملكية، أي أنه الإله والملك في الوقت نفسه، ولديه جيش من الرجال مثلما يحولون الكرد إلى جنود لدى الحكام ويستخدمون المرأة بشكل كبير في هذا الأمر، ومن خلال بيت للمرأة ويأخذونها إلى ذلك الجبلي ويجعلونه يتوحد مع العاهرة الموجودة في المعبد ويتعرض الرجل للانهيار خلال يومين أو ثلاثة ويتشتت ويقول إنه لن يذهب إلى الجبل مرةً أخرى؛ لأنه يعتاد على الدعارة ومن ذلك اليوم إلى يومنا الراهن يتم وضع أسس هذه المؤسسات التي تخرج المجتمع من مساره وتحول المرأة إلى داعرة وتضع الرجل في أكثر الأوضاع سوءاً، هذا هو جوهر ملحمة جلجامش، لماذا أسرد هذا الأمر فنحن تحدثنا عن الإشكالية وقلنا المرأة والإشكالية حيث يمكن تدقيق هذه الحقيقة تحت هذا العنوان، هل يمكننا إنكار هذا الواقع، إن تأثير هذا لا زال معاشاً بكثافة، فكيف تحول الرجل إلى ذكورية، لقد تحدثت عن ذلك وكيف تحولت الإلهة الأنثى إلى دين الرجل، أحاول شرح هذا الأمر. في ملحمة جلجامش نرى أن الكردي البدائي أنكيدو ينتهي بشكل مذهل، أنا أذكر هذا الأمر بشكل عام وتقليدي ومن يرغب يمكن أن يتعمق في التفاصيل ولكن الجوهر هو ما ذكرته والمهم بالنسبة لي هو المجتمعية المعتمدة على المرأة والرجل المعتمد على هذا الوضع والتصادم الذي يحدث مع المرأة وبين المرأة الآلهة والرجل الإله، وهذا ما يرد ذكره في التوراة وفي الإنجيل على شكل الرهبان والراهبات، أما في الإسلام فهي مؤسسة الحرم النسائي (الجواري) التي وصلت إلى الذروة لدى العثمانيين ووصلت إلى الذروة في عهد معاوية ووصلت إلى الذروة لدى المسيحيين واليهود وجذور ما نسميه العائلة موجود في التوراة، افتحوا التوراة واقرؤوها وانظروا إلى كيف يتم حجز المرأة في البيت. إن أسس حجز المرأة في المنزل في عهد زرادشت واليهود يأخذون هذا التوجه من زرادشت في بابل وهكذا يتم إلقاء أسس العائلة بشكل مذهل، الزواج والانغلاق داخل البيت، أي أن الزواج يجلب معه الإنغلاق حيث تؤخذ العروس ويحتفل بها ليجري حبسها في البيت. المرأة تحصد وتجمع النباتات بينما الرجل يتصيد، أي أنه يقتل الكائنات، فالحرب هي قتل الأحياء وقتل الحيوانات جريمة، بينما المرأة التي تجمع بذور النباتات وتسعى إلى تكوين المجتمعية، فهو حدث آخر تماماً، بينما قيامها بقتل الرجل لتعزيز مكانتها ونفسها فهو أمر مختلف جداً وسأفسر ذلك أكثر، أحدهما تحول إلى مجتمع إبادات في الوقت الراهن، والآخر لا زال يعمل من أجل الحفاظ على المجتمع، بناءً عليه فإن الثقافة التي تسعى للحفاظ على المجتمع تعتمد على السيسيولوجية التي تكونت حول محور المرأة. بينما المجتمع الذي يجعل من الحرب أساساً له ويعتمد على الغنائم هو المجتمع الذكوري على الأغلب وكل ما يسعى إليه هو الاستيلاء على فائض القيمة. إن ماركس يربط ذلك بالطبقية بينما ليس من داعٍ لذلك، فلو توفرت إمكانية لأي فائضٍ كأن تتجمع تلك القيم كالنباتات لدى المرأة أو فائضٍ من الغذاء، نجد أن الرجل بدأ بالطمع فيه، فهو يقوم بالصيد من جانب ومن الجانب الآخر يطمع فيما جمعته المرأة من أغذية ليستولي عليها وبذلك يستولي على الغذاء والمرأة معاً وهكذا تبدأ القصة، أي أنه يضرب عصفورين بحجرٍ واحد. نعم إن المرأة طورت المجتمع وأنشأت البيت وتقوم بتغذية أطفالها، حيث هناك كلان تابعٌ للمرأة وهناك مجتمعٌ حول المرأة، إلى أن وصلت المرأة إلى درجة الإله واستطاعت إدارة شؤون المجتمع على مدى ثلاثين ألف عام، بينما الرجل الصياد أسس بعض المجموعات التابعة له، واستطاع لمّ شمل مجموعةٍ في نادي يسمى بأخوة الرجل، حيث يتألف ذلك النادي من عدة خلان، أي أنها مجموعة صيادين تقوم بقتل الحيوانات أولاً ثم يقيمون حفلاتهم، ثم يرون أن المرأة تزرع القمح والشعير والعدس وبذلك تؤسس لما نسميه بالحضارة النيوليتية وتنشئ القرى والبيوت؛ لأنها تقوم بتغذية أطفالها وتحميهم ولديها من الإخوة والأخوات وهن خالات الأطفال، ولديهن أطفالهن أيضاً وهذا يشكل كلاناً وهذا الكلان هو الذي ينتج والذي يخترع. إنانا تقول لأنكي لقد سرقت المئات من (ما) التابعة لي. إن ذلك يعني أنه كان لدي مئات المخترعات والفنون والمؤسسات وأنا التي اخترعت كل ذلك، بينما أنت الآن تقوم بالاستيلاء على كل ذلك وتقول إنني خلقت كل ذلك كذباً ورياءً، هذا ما تقوله لأنكي في الملحمة، تقول إنني خلقت كل شيء وأنت تستولي عليها. وأنا الذي أطرح هذا التحليل لأول مرة وقد شاع هذا المفهوم وبات الجميع مقتنعاً بهذا الواقع وبصريح العبارة، أنا ذكرت ذلك بنمطٍ خاص بي، ثم قمت بتطوير هذا التحليل وهكذا قمت بتحليل ملحمة جلجامش كلها. وفيما يتعلق بالإشكالية فإن الرجل يعتمد على نادي الصيادين هذا ويقوم بالاعتداء على المجتمعية المتعلقة بالمرأة وهكذا تبدأ الإشكالية. هل هذا صحيح، خذ المقتطفات نرى أن هذا قد لقى رواجاً كبيراً في كل مكان وأورفا في المقدمة، حيث يتم قتل الرجل القوي وحادثة زواج كل يوم، إنه أمر غريب ولا أريد التحدث عن ذكرياتي ولكن إحداها تخطر في بالي ولا زالت في ذاكرتي، ونحن كإخوة وأخوات كان لدينا حمار نحمّله الأحمال والنباتات ولا زلت أتذكر ذلك الحقل حيث حدث سوء تفاهم حسب ما أتذكر، وقمت بضرب أختي (عينة) فنطقت بكلمات 'إن قدرتك لا تطال سواي'، هذه الكلمات علقت في ذاكرتي فقد كنت أنا الأقوى وربما امتدت إليها يدي لأنها لم تقم بالعمل بشكل صحيح وكافي. الأمر الغريب أن أختي عينة لم تشعر بالحاجة إلى زيارتي، بينما أختي فاطمة فلا زالت على قيد الحياة ولكنها لا تبالي بكل ذلك فهي ملتزمة بدينها، فهل لديها تفكير؟ لقد عاشت كامرأة نصف مجنونة، أمر غريبٌ جداً فربما تكون لديها حياة أليمة أيضاً ولكنها لم تفكر بي كأخ مطلقاً ولم تتشكل لديها محبة عميقة، فهل سيكون الأمر متعلقاً بذلك الضرب عليها وربما هي بدأت تفكر في هذا الأمر، سأبحث عن هذه الحقيقة يوماً ما، الوضع هو كالآتي وهو الوضع الذي نراه شائعاً، فعندما يتضايق الرجل يقوم بقتل المرأة وفي يومنا ليس هناك فرق كبير بين القرية والمدينة ولا يمكن الفصل بين أورفا واسطنبول، ربما هكذا حوادث تحدث في اسطنبول أكثر، إنها قضية مذهلة إشكالية الأسرة وأعتقد أن ذلك نابعٌ من الزيجات ومن أشكال تلك الزيجات وباتت الأسرة المقدسة خيالاً، فليس هناك من أسرة مقدسة حيث يتم حجز المرأة لتتعرض لعبودية مذهلة ولا تستطيع التحمل ثم تنفجر وتنشطر بينما الرجل يقوم بضربها، الصحف والجرائد مليئةٌ بهكذا أخبار بينما لا تقوم المرأة بالضرب أو ممارسة العنف حتى بنسبة واحد بالألف، بينما الرجل يمارس الضرب بنسبة 999 بالألف وهل يمكن إنكار ذلك. لا حاجة لممارسة الرياء في هذا الموضوع، فبالنتيجة هذه الإشكالية تنبع من هنا ولا تتولد من الطبقية بل تتولد من العلاقة بين الرجل والمرأة، فهل هذه مشكلة؟ نعم إنها مشكلة بل هي مشكلة أساسية، فها قد بحثنا عن رأس الخيط في ملحمة جلجامش وبحثنا عن جذور هذه الإشكالية لدى المجتمع السومري، وهذا ما وصل إلى ذروة فيما بعد من خلال بناء الدولة والمدينة والطبقية والفصل بينها. هذا الأمر موجود في التوراة وهناك أمثلة كثيرة وردت في القرآن، حتى أن تغطية كوبكلي تبة ربما تكون من صنع الرجل وكفكرة يمكن أن تكون هذه لعبة من ألاعيب هيمنة الرجل ولكن لا أستطيع الفصل أو الحسم في هذا الموضوع ولا أريد أن أعطي تفسيراً أو تعليقاً على هذا الموضوع، فما جرى في كوبكلي تبة هي ثقافة شائعة حيث هناك آثار مماثلة لها بما يقارب مائتي موقع بين الفرات ودجلة، هناك تلة قره خان حيث فيها دلالة على تفوق عضو ذكري يتوضح بشكل بارز وهناك هياكل مماثلة حيث تنتقل هذه الهياكل الذكرية لتصل إلى الهند وإلى مصر، أي أن هناك عبور إلى عصر التفوق الذكوري ولكن هذا التفوق يتحقق بعد ثلاثين ألف سنة من نشوء المجتمعية على محور المرأة، حيث هناك غزارة في الإنتاج ففي ميزوبوتاميا العليا هناك غنى في الخيرات وفي الإنتاج فحتى لو أشرت بيدك ستحصل على النبات والغنى، هكذا كان محيط قره جه داغ حيث نشأت ثقافة زراعة القمح والشعير وتم تدجين الغنم والماعز حيث أن وجود هكذا منطقة غنية بالأمطار نادرة في البقاع الأخرى من الأرض، ففي هذه المنطقة هناك تناسق مذهل بين المطر والتراب وهكذا يحصل انفجار في إنتاج النبات والحيوان، البشر يأتون من أفريقيا ويقطنون في هذه المنطقة حيث الغنى من حيث النبات والحيوان، والصيادون يحظون بكثير من الصيد، وكذلك الذين يقطفون ويجمعون كلهم يلتمّ شملهم في تلك المنطقة، أحدهما يأخذ من المرأة محوراً والآخر من الرجل، فما هي النتيجة؟ يحدث الاشتباك؛ فالرجل صياد ولديه السلاح المصنوع من حجر الصوان بين يديه وهذا النوع من السلاح لا زال موجوداً في محيط كوبكلي تبة والتجارة بهكذا حجر لا زال موجوداً، إنها تجارة مربحة وحجر الصوان في حقيقته هو سلاح لأنه حاد كالسكين وهو موجود في يد الرجل ويستطيع ذبح كل شيء بذلك السلاح، المرأة تخسر في مواجهة هذا التفوق فالرجل لديه مجموعة في نادي صغير يتألف من خمسة إلى عشرة أشخاص من الخلان وفي أيديهم سكاكينهم القاطعة ويقتلون حيث ما يتوجهون (حتى أنا أحب خالي وهو غالي علي جداً بينما لا أتذكر كثيراً عماتي، كما أنني أتذكر خالاتي جيداً بناءً على الانتماء الأمومي)، ففي الانتماء الأمومي أخ الأم كخال الأولاد مؤثر في الكلان مما يعني أن هناك الاحتفاظ بخصوصية الانتماء الأمومي، وفي هذه الثورة المضادة يتعرض المجتمع ذو الانتماء الأمومي إلى ضربةٍ كبيرة ويتم الاستيلاء على القيم التي اخترعتها الأم مثلما يسخرون الأم وأولادها في أعمالها الشاقة، بينما المرأة تقوم بقتل الرجل في الزواج المقدس مثلما يتم قتل جلجامش في ملحمته حيث تمتد جذور هذه التقاليد إلى ذلك العصر، إنها عملية تقديس رهيبة، فحتى لو كان ذلك الرجل حبيب تلك المرأة يتم قتله. لماذا؟ لأنها تدرك بما سيحل بها وحتى لا تتعرض لتلك الكارثة تقوم بقتله حتى لو كان حبيبها، كي لا تتعرض لتلك المعاناة، هذا هو جوهر الموضوع وهذه هي المادية التاريخية، وهذه هي الفكرة المفيدة التي نستطيع أخذها من الماركسية، فالجدلية المادية هكذا تشرح الأمر وبذلك تنتهي هيمنة المرأة على المجتمع مع المجتمع السومري، فالمجتمع السومري يعني العبور إلى مجتمع هيمنة الرجل، ما يعني أن هذا العبور ينتهي باستعباد المرأة وعندما يكتمل هذا العبور يتم كتابة ملحمة بابل وملحمة أنوما إيليش اقرؤوها وسترونها صاعقة، العبرانيون هم الذين حولوا مضامين تلك الملاحم إلى دين، فالمجتمع العبراني أخذ التوراة من ملحمة أنوما إليش وقد وردت هذه الملحمة في التوراة، ففي التوراة يتم ذكر كيفية التحول الذي حدث لدى القبيلة العبرية، فالتحول الذي جرى كان مادياً ومعنياً واسم هذا التحول بما معناه هو التوراة، ثم يلد الإنجيل من التوراة ثم يلد القرآن وليس من أحد ينكر هذا الأمر، والنتيجة هو الحجز ضمن البيت وهناك احتمال كبير أن زرادشت قد أسهم في ذلك، فالرجل يقدس الأعضاء الجنسية، أي أنه يعيش أنا المركزية فهو يضع عضوه الذكري مكان الإله وهذه التقاليد لا زالت موجودة في الهند، ولكن قبل ذلك المرأة هي الإلهة وهذا هو الأمر المهم، فهو يصل إلى درجة أن يقول لست أنا فقط بل عضوي الذكري هو الإله أيضاً وعليكم أن تعبدوه، علماً بأن هذا موجود في الكتاب ويجري سرده في التوراة بشكل مكشوف وما يهمنا هو التعريف بهذه الوقائع، فالتعريف بها وتفسيرها أمر مهم لأن هذا يحول الحدث إلى دين، وهذه الأمور لا زالت موجودة وسنتطرق إلى الأوبئة الحديثة لدى الغرب في يومنا هذا والمرحلة التالية ستكون التملك، علماً بأن الحجز ضمن المنزل يعبّر عن إيديولوجية خطيرة ويتسبب في مشكلة كبيرة، وكما ذكرت فإن الإشكالية تبدأ من هنا لدى المجتمع، كيف يتحول ذلك إلى إشكالية في المجتمع، فإن هذا يخلق الطبقية ويخلق الدولة والرجل هو الذي يفعل كل ذلك، حيث يقوم الرجل بثورة أرستقراطية وبثورة برجوازية ولكن كل ذلك يدور حول محور عبودية المرأة وتنشأ الدولة وعندما تصل الأمور إلى مستوى الدولة فليست هناك قوة قادرة على التحكم بالرجل لأنه بذلك يعبر عن قوةٍ لا حدود لها والدولة مطبوعةٌ بطابع الرجل. نحن قمنا بإلقاء أسس تحرر المرأة فكيف يتطور هذا الأمر وأنا بالنسبة لي ونظراً لاحترامي الكبير للمرأة، أرى أنه يبدأ التحرر من الفكر أولاً، هذا ما قلته وابتدأت به وقلت عليكن أن تعشن كما تردن إذا توفرت لديكن القدرة على ذلك بالطبع. يقولون: 'تخلوا عن المرأة وليحارب الرجال بعضهم البعض ولتكن المرأة حبيبة' وأنتم قوموا بما هو مطلوب منكم إذا كنتم قادرين، وأنا لا أضع حدوداً أمامكم ولكنني لست مسؤولاً عما سيحدث لكم، أليس كذلك؟ كل ما أستطيع القيام به هو فتح نافذة الحرية أمامكن ولكن ما نراه أن هناك ارتباطٌ بجهات مختلفة، فإذا ذهبت إلى أي رجلٍ وناقشته في موضوع الزواج ستجد أنه يحمل غريزة التملك، أي أننا بعيدون عن تحقيق المساواة بمسافة كبيرة، أي أنها تتلقى ضربتها من جانب وإذا افترقت فكيف ستعيش بمفردها؟ المرأة التي صنعت الاقتصاد باتت الآن محتاجة إلى النان (خبز) أي أنها بحاجةٍ إلى الرجل أليس كذلك؟ إنها قناعةٌ صادمة عندما لا يعمل الرجل تبقى المرأة جائعة، بينما المرأة هي التي خلقت الاقتصاد، فالأكونومومي هي كلمةٌ أصلها هيليني مما تعني (شؤون البيت) معنى هذه الكلمة هي اقتصاد البيت أي علم تدبير شؤون البيت الاقتصادية، هذا من عمل المرأة، ففي العصور الأخيرة وصلت علاقة المرأة بالاقتصاد إلى مرتبة الصفر، فهل هناك أي شأن اقتصادي بيد المرأة؟ كلا، إن الشؤون الاقتصادية كلها بشركاتها هي تحت هيمنة الرجل، عندما أقول هذا الكلام الكل يتعجب. جان جاك روسو يشد الانتباه إلى هذا الجانب، إنه أمر غريب، كما هناك آدم سميث إنهم يحتارون، فدخول الاقتصاد تحت هيمنة الرجل يعود إلى الغرب وقد حدث ذلك بشكل مذهل، قبل ذلك وفي العصور الوسطى وفي العصور القديمة كانت هناك بعض جوانب الاقتصاد تحت هيمنة المرأة ولكن مع الرأسمالية تم القضاء على تلك الإمكانية تماماً، حيث الهيمنة أصبحت للشركات، فالنقد والرأسمال باتا من احتكار الرجل ولم تبق للمرأة أية سلطة ولا أية ثقة في الاقتصاد، بل تم ربط الاقتصاد بالرجل تماماً. النقد وتقنياته ومراكزه وعلومه كلها أصبحت بيد الرجل، حسناً فماذا حل بالمرأة؟ وأنا أسمي حال المرأة هذه بـ (البلبل المغرد في قفص) أو (زينة الرجل في البيت)، أما جسد المرأة فهو ليس موضوعاً للتملك فقط، بل لم يبق هناك جانب منها لا يستخدم في خدمة الرأسمالية، ابتداءً من الشعر وصولاً إلى الساق ووصولاً إلى الروح والصوت وكل ما يتعلق بالمرأة بات موضوعاً للتملك، هل يستخدم جسد المرأة في الدعايات التجارية؟ إنه أمرٌ مريع، عليكن أن تمتلكن أجسادكن، فالجسد الذي يراقبه الرجل بجميع الجوانب ويتحكم به كيف سيكون جسدكن، فهو يقوم بوضع الحدود لكيفية استخدام هذا الجسد وهو الذي يضع حدودكِ وهو الذي يحدد الساعة وإذا لم يمنحكِ النقود ستبقين جائعة وأنا لا أريد إضفاء المزيد من السواد على هذه اللوحة. كل هذه الأمور أصبح واقعاً، مثلاً ماذا قلتُ أنا، قلتُ أن الاشتراكية تمر عبر حرية المرأة والنقطة التي حيرتني هي أن بعضهم بما فيهم ماركس يبيع ملابسه للعيش مع زوجته وهو الذي ألف أكبر كتاب بحق الرأسمالية وينتقدها ولكنه لا يستطيع العيش وكما لا يستطيع إعاشة زوجته وأولاده، فيقوم ببيع ملابسه ويقول 'أكتب هذا الكتاب ليحقق لي دخلاً وبذلك أنقذ الزواج'، والآن إذا كان مؤسس علم الاجتماع يقول هذا الكلام، فماذا سيحل بنا، هل هكذا تكون الماركسية، مع الأسف هذا ما جرى ونحن عبدناها ونظرنا إلى ماركس على أنه رسول أو نبي، بينما الآن نحاول تجاوزه. الوضع كارثي، فالمرأة في الأصل باتت منتهية. لينين وماو وستالين لا يستطيعون العيش خوفاً من المرأة وهناك الجهد الكبير الذي بذله لينين وأنا لا اتهمه وكذلك ستالين يجعل من المرأة ملكيةً ويحجزها ضمن البيت، فحتى لو لم يقتلها فإنه قد وضع المرأة في وضعٍ أشنع، هذا ما أريد أن أقوله. الأمر الذي تصرفت فيه ببعض العقلانية هو أنني قتلت الرجل وكانت هذه الميول موجودةً لدي وقد تطرقت إلى ذلك آنفاً، فعلى الأقل هناك التجارب التي مررت بها بنفسي، فرفيقي وأغلى الرفاق طلبوا مني قتلها ولكنني تصرفت بالبال والحذر واليقظة وتصارعت معها على مدى عشر سنوات ولكنني كنت حذراً، لنقل دعك منها، فماذا ستفعل وماذا سيحدث، لقد ذكرت كل شيء، وعندما هربت كان ذلك تحررٌ مذهلٌ بالنسبة إلي، هذا هو نمطي الذي جعلني صامداً وباقياً، بينما الجميع كانوا يرون ما فعلته معيباً ويقولون 'لقد هربت زوجة الرجل' ويقولون 'إذا هربت زوجة الرجل فإما أن يقتلها أو أن يحزن عليها'، بينما أنا رأيت في ذلك تحرراً. إن ما فعلته هو عكس ما يفعله الرجال تماماً، فقد وجدت أن تحرري بدأ بانتهاء هذه العلاقة وعندما أقول ذلك يسخر الجميع مني بينما أنا أقولها بكل صراحة 'لقد تحررت' وفي الحقيقة فإنني أنقذت نفسي من تلك التقاليد وهذا يعني أنني أنقذت نفسي من إشكالية المرأة، فأنا إذا قتلت المرأة ماذا سيحدث لي، أكون قد قضيت على حياة ولا يمكن للمجرم أن يكون اشتراكياً، قد يفعلها ستالين أما أنا فلا أستطيع، لأنني أرى في ذلك خطأ جسيماً، وهكذا فإن الكادرات غير المتزوجات أمثالكن يشكلن مشكلةً كبيرة بالنسبة لي، حسناً ما هي الفائدة في ذلك؟ فنحن على الأقل استطعنا توفير إمكانيةً للتفكير الحر على مستوى الشخصية وحسب قناعتي فإن إمكانية التفكير الحر أمرٌ مهمٌ جداً وهي الخصوصية الأهم التي تجعل من الإنسان إنساناً ويمكن رؤية آثار هذا التفكير لدى سقراط، فالفكر الحر لديه مرتبطٌ بالزواج، أما بالنسبة إلي فهو الذي يمنحني الصمود والبقاء، فمن الواضح جداً أن هذا يمنحكن الصمود أيضاً، فإذا تم ضياع التفكير الحر لديكن، فستنتهين من دون شك، بناءً عليه فهذا هو مخرجنا الجديد أي الاشتراكية أي الهوية الكردية الجديدة والحرية الكردية يمكن أن تتطور على هذا الأساس، أي أنه نقدٌ للحضارة وكذلك نقدٌ للحداثة ونقدٌ لعبودية المرأة، هذا يدل على تطورٍ عظيم لدينا وهناك تخطي لوضعنا على المستوى الفردي على الأقل، وهناك تقدم على المستوى الجماعي أيضاً وأعتقد أن هذا الأمر هو أكبر مساهمةٍ من جانبنا في الاشتراكية، وهذا ما قلته من حيث الإجمال وبمثابة المدخل إلى كتاب بعنوان 'مجتمعية المرأة وإشكاليتها'. ثنائية الدولة والكومون في المجتمع التاريخي: يجب وضع 'الكومون' بدلاً من الحرب الطبقية الموجودة ضمن المادية التاريخية وهذا ليس موقفاً واقعياً فقط، بل أليس هذا مدخلاً سليماً للعبور إلى العمل الاشتراكي والفكر الحر وعلم الاجتماع؟ بدلاً من الصراع الطبقي والمادية التاريخية وتعاريف الاشتراكية والدولة، يمكن أن تكون هناك مادية تاريخية تعتمد على ثنائية الدولة والكومون وسيكون ذلك بديلاً للاشتراكية وأنا أعتقد أن هذا الوقت السليم وأرى من الضرورة إعادة النظر في الماركسية واستخدام هذا المصطلح البديل هو أمرٌ صحيح، أي أن التاريخ لا يتشكل من الصراع الطبقي، بل هو صراعٌ بين الكومون والدولة. فنظرية الاشتباك أو الصراع الطبقي الموجود ضمن الماركسية هو السبب وراء انهيار الاشتراكية المشيدة، بل لا أرى داعياً لشرح ذلك ولكن يمكن سرد هذا الفرز الطبقي في مقدمة الأسباب التي تتطلب إنشاء علم الاجتماع من جديد، حسناً فماذا يعني وضع ثنائية الكومون-الدولة في مكان هذا الفرز الطبقي؟ إن هذا تثبيتٌ قيمٌ جداً أو أنه معلوم ولن يتم وضعه في منهجية معينة، وما أقوم به هنا هو التفكير المنهجي وأريد تحليل المادية التاريخية ضمن هذا الطقم من المصطلحات، بالإضافة إلى الاشتراكية في يومنا الراهن هي الشيوعية التي لا تعتمد على الدكتاتورية الطبقية، بل هي التي تنظم العلاقة بين الكومون والدولة، أي مجموعة من التفكير والأدوات التي أفكر فيها وهذا ما يثير لدي الانطباع بأنها ستسفر عن نتائج باهرة، وفي ذلك أنا اعتمد على ما يلي: المجتمع في حقيقته هو عبارة عن كومونالية وها قد سردتُ جوانبه فيما سبق، إن هذا ما نسميه بالمجتمعية، المجتمعية تعني الكومون والكومون البدائي يعني الكلان، أما فيما يتعلق بـ 'الكومون' ككلمة فهي تعني المجتمعية على حد علمنا فقد حدث ذلك في ميزوبوتاميا كصعودٍ للثقافة وصولاً إلى المجتمع السومري الذي ظهر فيما بعد، أي وصولاً إلى الدولة والمدينة والملكية والاشتقاق الطبقي، وهذا ما يدفعنا إلى التحليلات من جديد والأصح هو أن نضع الدولة في رأس القائمة وكذلك الكومون، حسناً فأين تبقى المجتمعية؟ المجتمع هو أساس هذا العمل لأنه في الأربعة آلاف سنة قبل الميلاد، تم تطوير الصيغة المجتمعية ويمكن تسمية ذلك بالقبلية، كما يمكن تسميتها بالعشائرية، فالعشيرة أيضاً هي شكل من الكومون أو وحدة من الكومونات، والقبيلة هي أيضاً كومون، بينما الأسرة لم تتكون بعد، العائلة والقبيلة تأتيان بالمعنى نفسه، لأنهما يعبران عن الظاهرة نفسها، أي أن العائلة لم تنفصل عن القبيلة والقبيلة لم تنفصل من العائلة بعد ومع تطور النيوليتية وميلادها يحدث تطورٌ بارز، فالقبيلة على الأغلب ترتبط بالعصر النيوليتي وقبل العصر النيوليتي كان يسمى بالكلان. ومن لغتنا يمكن أن نستدل على أن الكومون يعني المجموعة المستقرة أو ما يسمى كوم بلغتنا الكردية، أي أن كوم تأتي من كومبون يعني كومون كمعنى، مما يعني التجمع وهي كلمةٌ لا زلنا نستخدمها وهذا يدل على أن اللغة الآرية خرجت من هنا قبل 10 آلاف سنة على الأقل، فمن الواضح أن اللغة الآرية قد نشأت في محيط هذه المجموعة أو ذلك الكومون الذي تشكل هناك وكلمة كوم الكردية تدل على هذه الحقيقة. وألاري المهتم بشؤون إنتاج الكلمات يتحدث عن هذا الأمر، كوماغيني يمر في التاريخ كاسم دولة، رأس القبيلة ينتج الدولة بينما القبيلة التي تتضرر مصالحها تشكل الكومون، المسألة بسيطة إلى هذه الدرجة وأنا لم أكتشف شيئاً كبيراً بينما ماركس يسمي ذلك بكشفٍ علمي، وبناءً عليه ينسج حكايته بالطبقة العاملة وتكوينها وتطورها، وبذلك يخلق المعجزات أو يسمي ذلك بالعملية وما شابه ذلك، بينما الأمر بسيط جداً وهو أن قامع القبيلة يتحول إلى دولة، بغضّ النظر عن هوية رئيس العشيرة، أما بقية القبيلة الأعضاء يبقون على حالهم ويستمرون كعائلة، أما الذين في القمة فيتحولون إلى دولة، أما البقية في الأسفل هم القبيلة الذين يتعرضون للسحق باستمرار، فإذا كانت هناك دولة، هذا يعني أن هناك قبيلة مسحوقة وهكذا تظهر الفروقات، الماركسية تقول إن البروليتاريا تشكلت على هذا النحو وهكذا تطورت، وأنا أعتقد أن هذا يخلق بعض الصعوبات، نعم هناك ثورة صناعية وهناك بروليتاريا التي تشكلت نتيجةً لذلك وكذلك تشكلت البرجوازية، ولكن كل ذلك كان نتيجةً لتطورات استمرت على مدى 5 آلاف سنة ونتيجةً لكل ذلك تولدت البرجوازية (البرجزة) والبروليتاريا، علماً بأن هذا الموضوع موجودٌ في بابل ولدى السومريين والآشور وأثينا وحتى في روما، وبعد ذلك عبرت إلى أوروبا الغربية أخيراً، لقد اخترعتها أوروبا وهي قامت بتوسيع نطاقها وأوصلتها إلى الهيمنة، ليظهر إلى الميدان ما يسمى بالرأسمالية التي هي شكل من أشكال الاستغلال والهيمنة وتصبح هذه الهيمنة ساريةً في كل العالم، بينما تمتد في جذورها إلى المجتمع السومري، إنها قصة التحول إلى دولة، الدولة العبودية والدولة الإقطاعية والدولة الرأسمالية وفي الحقيقة يجب عدم تفسيرها على هذا النحو، فالأمر المهم هنا هو أين موقع الكومون؟ فها هو ماركس في أواخر حياته يؤسس كوموناً في باريس ويرى أن أناسٌ كثر كان يعرفهم قد ماتوا، إنه أمرٌ لافت، حيث يتم الحديث عن مقتل 17 ألف من أعضاء الكومون وعليه تتأسس ذكرى كومونة باريس وتصبح موضوعاً لتقييمٍ وتحليلٍ أجراه ماركس وفي النهاية يترك لنا (الرأسمال)، لأن توقعاته قد نالت ضربةً كبيرة وحسب قناعتي أنه عانى من انكسار داخليٍ كبير، فهو يميل إلى فكرة الكومون ولا يستخدم الطبقية كثيراً، كما يستخدم مصطلح الكومون. كما هناك النقد الذي وجهه كروبوتكين إلى لينين حيث يقول له 'لا تهدم السوفييت' وهو يقصد الكومون بذلك. في الحقيقة هو يفضل السوفييت بينما لينين يفضل الدولة وببرنامجه الوطني يرفع ستالين هذا الأمر إلى أبعادٍ رهيبة، فحتى لو لم يفضل ماركس استخدام مصطلح الدكتاتورية في نهايات عمره ويفضل التوجه إلى مصطلح الكومون ويفصل بين الكومون والدولة، ولكنه لا يستطيع المضي في هذا التوجه. والنتيجة حسب قناعتي يمكن إجراء هذا الفصل الذي يسري عبر التاريخ وعلى المادية التاريخية، ليس صراعاً طبقياً، بل لا أسميها بالحرب، بل هو صراعٌ دائر بين ثنائية الكومون والدولة عبر التاريخ والتاريخ بمجمله يعني هذا الصراع، فالتاريخ المكتوب بشكل خاص يرى أن أسس هذا الأمر قد وضعت في العهد السومري وفي الوقت الراهن نحن نشهد ذروة هذا الأمر في الغرب. الكومون نعم تعني البلدية ولكن جرى تفريغها من مضامينها، فها هي الدولة تعين أوصيائها في بلدياتنا وليس هناك من اعتراض على ذلك وهذا يعني بأنه جرى تفريغ المصطلحات من مضمونها، ففي الحقيقة الكومون هي مجتمعية عظيمة وهي الكلان وحتى أن العائلة هي كومون ولكنها مصابةٌ بالضعف وجرى تفريغها من مضمونها، مثلما يجري تفريغ البلديات من مضمونها، فهناك بقايا القبيلة وقد جرى تفريغها من مضمونها أيضاً. إن الحدث الذي جرى في توشان تبة والذي تأسفنا عليه كثيراً شأنٌ يتعلق بالقبيلة، فذلك الاقتصاد الرهيب الذي جرى بمعرفة القبيلة وضمنها هي إبادةٌ بحق طفلةٍ صغيرة ليس لها مثيل إطلاقاً، إنه حدثٌ رمزي ولكن معناه صادمٌ جداً، إنه تعبيرٌ عن ثقافةٍ ما، كما أن عائلة كوراني هي عائلة للملالي انضمت إلى فتح الاسطنبول وأحد الملالي ينتمي إلى كوران، إنها أسرة كوران وهذا الوضع المأساوي لعائلة الملالي واضحٌ أمام الأنظار، بناءً عليه فإن الكومونالية هي تعبيرٌ عن الحرية في المرحلة الجديدة بالنسبة لنا، أي أننا سنناقش الأمور حول هذا المحور ونجعل الوضع ملموساً. إن مصطلح المجتمع السياسي الأخلاقي هو تعبيرٌ آخر للتعبير عن الكومون والتعبير عن الكومون في مواجهة الدولة، أي أنها لغةٌ تخص مرحلة السلام، فهي يجب أن تكون سياسية ونحن سندافع عن حرية الكومون، فها نحن نتخلى عن لغة مصطلح الدولتية القوموية كما ذكرنا سابقاً، كما نتخلى عن المصطلحات المعتمدة على الدولتية، بينما نجعل من المصطلحات التي تعتمد على الأخلاق والسياسة في الكومون أساساً لنا. فالمجتمع الأخلاقي السياسي كما ذكرنا هو في الوقت نفسه يعني الكومون المتحرر، إنه شيءٌ أخلاقي وسياسي بل إنه ليس حقوقياً، فالحقوق موجودة وسيتم تطويرها فهناك قوانين البلديات موجودةٌ في القوانين وسنطالب بوضعها دستورياً ونجعلها شرطاً مبدئياً لنا والتعبير العلمي لهذا الوضع هو تحرر الكومونات، فنحن سنكون كوموناليون وسنستخدم مصطلح الكومون بدلاً من مصطلح الطبقية، ليكون ملفتاً وأكثر علميةً، فالبلديات لا زالت كومونات والكوم موجودةٌ لدينا، أليس هناك الأخلاق، أليست هناك معايير أخلاقية، كلها موجودة بالطبع وفي الحقيقة فإن الكومون سيعتمد على الأخلاق والقواعد الأخلاقية أكثر من الاعتماد على القوانين، كما أن الكومون هو الديمقراطية بعينها والسياسة الديمقراطية تعني السياسة الحقيقية وهي اسم الكومون، إنها صفةٌ أخلاقية وسياسية، كما أن الكومون تكوينٌ أخلاقيٌ وسياسي، أي أن الاسم هو صفة في الوقت نفسه، ونحن نسمي هذا التوجه بإصلاحٍ جذريٍ جداً في الماركسية، حيث نستخدم الكومون بدلاً من مصطلح الطبقية في الماركسية. والنقد الذي وجهه كروبوتكين إلى لينين صحيح، كما أن النقد الذي وجهه بوكانين لماركس صحيحٌ أنه ناقص ولكن لابد من أن تكون مراجعةٌ للماركسية، فلو قام ماركس بالتحدث عن بوكانين ولو قام لينين بالتحدث عن كروبوتكين وفهمه لكان مصير الاشتراكية المشيدة مختلفاً جداً. ونظراً لأنهم لم يستطيعوا تحقيق هذه التركيبة فإن الاشتراكية المشيدة قد تطورت ثم انهارت. الحداثة: العصر الجديد في أوروبا يسمى بالحداثة ونحن نقوم بتعريف الحداثة على شكل الفرسان الثلاثة الرأسمالية- الدولة القومية- الصناعوية، إن الحداثة تعبر عن الواقع القائم في هذا العصر ويجب عدم وضعها بشكل يكافئ الرأسمالية، فالحداثة تتألف من الثلاثي الرأسمالية والدولة القومية والصناعوية، هذه البنية بدأت تتكون منذ القرن السادس عشر والاشتراكية المشيدة هي أحد منتجات الحداثة. كان من المفروض أن تظهر الاشتراكية بديلاً عن الحداثة الثلاثية ولكن ظهرت في مواجهة الرأسمالية فقط بتحليلاتها وبنضالها، حتى أنها لم تستطع تطوير هذا النضال وهي كانت عاجزة عن التطور بالشكل الذي قامت عليه؛ لأن الاشتراكية بقيت محدودة ببيانٍ واحد يسمى بمانيفستو الشيوعية، بينما تم تبنّي الصناعوية كما هي، بل تم رفعها إلى السماء وكان ذلك نقصاً استراتيجياً وخطأً كبيراً، كما ليس لدى الماركسية تحليلٌ موسع عن الدولة، أي أنه تم ترك فراغٍ كبير في هذا الجانب ولنقل للحقيقة فقط أن ماركس استطاع تشخيص هذه النواقص فيما بعد في مرحلة كتابة الرأسمال، فالمجلد الثالث كان سيتناول الدولة ولكن عمره لم يكفِ فحتى لو كتبها، كان يصعب كتابتها بشكل صحيح؛ لأن الرؤية الماركسية لدى ماركس كانت ناقصة بخصوص الدولة القومية. ليس لدى ماركس تحليل عن الصناعوية، بل أن نقده أيضاً يكاد يكون معدوماً، فقط كل ما هناك هو تحليله الاشتراكي من خلال معاداة الرأسمالية، كما تتضمن نواقص ولم يتم تطويره ولهذا فإن تحليل الحداثة انطلاقاً من النظرية الاشتراكية وجعلها مصدراً يعني نقصاً كبيراً ومصدراً محدوداً جداً، بل نراها جزءٌ من الحداثة لأنها تبقى ضمن الحدود التي وضعتها الحداثة. إن القضية الكبرى في عصرنا هي أن الحداثة تسوق البشرية نحو يوم القيامة بفرسانها الثلاثة، فالمستوى الذي وصل إليه الاستغلال الرأسمالي يتجاوز حدود التوحش ويمتد إلى كل أنحاء الكوكب بشكل من أشكال السرطان، بينما الدولة القومية تشكل القوة الضاربة للحداثة، ففي نظام الدولة القومية تتحول الأمة إلى مجتمع عسكري، وهذا يتضمن العنف والحروب في هذا النظام، فالدولة القومية هو نظام المجتمع المحارب، وهذا يؤدي إلى مقتل الملايين في كل حربٍ من هذه الحروب، إن الصناعوية تقوم باستهلاك مصادر الحياة الباطنية والسطحية بما في ذلك البيئة لتحقق التقدم واليوم فإن البشرية وصلت إلى حدود الابتلاع من طرف الوحش الذي خلقته بأيديها والصناعوية تهربت كثيراً من التساؤلات حولها، أو أن هناك من هربها. ما يمكن قوله بهذا الصدد هو أن الصناعوية ليست بريئة كما تبدو للعيان، لأن الصناعوية غيرت النسيج المجتمعي مثلما غيرت علاقة الإنسان بالطبيعة وأثرت عليها. إن النظر إلى الصناعوية على أنها تعتمد على الاقتصاد المسالم في أساسها هي نظرةٌ خاطئة، فالصناعوية لها علاقةٌ مباشرة مع الحرب وتقنياتها بشكل متداخل وهي التي تمكن الدولة القومية من البقاء. وبتعبيرٍ آخر فإن الصناعة والتقنية والحرب إذا توحدت يتولد منها الصناعوية وهذا من خصائصها الأساسية. الأمة المتطورة والدولة المتطورة التي تمتلك تكنولوجية الحرب ليس أمراً حدث بالصدفة. وبشكل مختصر فإن النظر إلى التطور الصناعي وكأنه ميدان معتدل يلقي بتأثيرٍ سلبي على النضال ضد الحداثة التي نحن بصددها ويقلل من فرص نجاح هذا النضال ولا يمكن إيقاف الحداثة، بينما لو استمرت الحداثة فيما هي عليه فإن ما تبقّى من عمر الكوكب هو 50 سنة فقط وهذا ليس ناجمٌ عن التشاؤم بل إنها القيامة التي أتحدث عن نهايتها. ماركس استطاع تشخيص هذا الخطر ووضع ما يعاكسه ولكنه لم يتمكن من تطوير المعاكس، كان سيكتب ستة كتب، فقام بكتابة المجلد الأول من أحدها وقد كتبها بشكل ناقص وبقيت تحليلاته بشأن البنية التحتية والبنية الفوقية والأساس الطبقي على شكل تحليلاتٍ ناقصة، فعندما تحدث عن القوائم والأذرع بات متخلفاً عن تحليلات هيغل. بينما إنجلس حاول إتمامها، فقد تناول العائلة والملكية الخاصة وجذور الدولة وديالكتيك الطبيعة ودور العنف عبر التاريخ، ولكنه لم يكن كافياً أيضاً. أما لينين فقد حاول إتمام ما هو قائم بتحليل السياسة والدولة هو أيضاً لم يحقق النجاح الكامل. بينما ماو حاول تطبيق هذه النظرية في نضال تحرر المستعمرات وتطبيقها ولكنه بقي محدوداً، بينما كان يمكنه أن يجري تحليلاً شاملاً لكل نظام ويطور البديل ولكنه بقي ناقصاً. أما نحن فقد حاولنا تطوير نظريةٍ اشتراكيةٍ بديلة وتحليلاتٍ جديدة من أجل تجاوز الحداثة والاشتراكية المشيدة التي تخدمها وقد أسمينا ذلك باسم (الحداثة الديمقراطية)، مثلما طرحنا الأمة الديمقراطية بديلاً عن الدولة القوموية التي تشكل إحدى أسس الحداثة وبدلاً من الرأسمالية طرحنا الكومون والكومونالية وبدلاً من الصناعوية قمنا بتحليلات الصناعة الإيكولوجية، وقمنا بتعريف هذا النظام الذي يضم تحليلات هذه الميادين الثلاثة وعلاقتها ببعضها البعض وأسميناها بالحداثة الديمقراطية ونظامها المجتمع المتحرر، وقد وضعنا ذلك في صيغةٍ مكتوبة ووجدنا أن هذا الطرح لاقى رواجاً مهماً لدى المجتمعات. لا شك أن هذه الميادين الثلاثة تتضمن عناوين فرعية، فمثلاً حرية المرأة تشكل جزءاً مهماً من الكومونالية، كما يمكن سرد السياسة والأخلاق ضمن هذا التوجه وسنتناول كل ذلك بشكل شامل ونعمل عليها، فنحن نسمي هذا النظام بكامله بالحداثة الديمقراطية وأعتقد أن هذا أمرٌ مشبع. إن المحشر (يوم القيامة) وتعريفاتها التي ترد في الأديان لا تتعلق بالآخرة فقط، بل هي تسري على الدنيا أيضاً، فهذا الخطر التي تتحدث عنه الكتب المقدسة تعيشها البشرية على يد الحداثة الرأسمالية في يومنا هذا، والاشتراكية التي يجب أن تتصدى لهذا التوجه تحولت إلى حاضنةٍ لها، أي أنها باتت كالحمار الذي يحمل وحش الحداثة على ظهره، والسوفييت والصين هنا الأمثلة الواضحة على هذا التوجه، الصينيون هم بشر غريبو الأطوار حاولوا تطبيق الرأسمالية والاشتراكية في الوقت نفسه، هذا ممكن ويمكن التفكير فيه ولكن الصين وضعت الاشتراكية في خدمة الرأسمالية عند التطبيق وفي النتيجة باتت تخدم الرأسمالية وتطيل من عمرها، والصين في يومنا هذا باتت تنافس أمريكا في موضوع الهيمنة، ويمكن للولايات المتحدة أن ترد على هذا التوجه بشكلٍ عنيف جداً وهذا يعني حرب نووية وهذا هو يوم القيامة بعينه، إن أحد تعبيرات آينشتاين، إن أي حرب عالمية ثالثة ستكون بالسلاح النووي وإذا كان هناك من نفد من هذه الحرب أو خرج منها على قيد الحياة فإن الحرب العالمية الرابعة ستكون بالحجارة والعصي، إنه كلام سليم. أعتقد أن بيان هذا الجزء بالخطوط العريضة يصبح كافياً. حقيقة الكرد وكردستان: خصوصية الظاهرة تتأسس على جدلية ظهورها وكيفية بقائها، فكيف حدثت الظاهرة أو كيف حدث تكوينها وتعتمد في وجودها وبقائها كيف وعلى ماذا من حيث الأسس المادية والمعنوية؟ الأجوبة التي يمكن إعطاؤها لهذه الأسئلة توفر لنا معطيات الخصوصية لوجود واستمرار أية ظاهرة. فإذا نظرنا من هذه الزاوية نجد أن الحقيقة الكردية قد انتهت مع ظهور الحداثة، سواءً كمصطلح أو كواقع موجود فإن الكردياتية وكردستان تعرضت للإبادة مع تأسيس الجمهورية وجرى دفنها وتم التعبير عنها على شكل (كردستان المتخيلة مدفونةٌ هنا) وبذلك أعلنوا مسؤوليتهم عن هذه الإبادة، كما لم تكن الأجزاء الأخرى من كردستان ذو واقع مختلف، حيث لم تبق أية حقيقةٍ معروفة باسم كرد أو كردستان وكحركةٍ حديثة معاصرة PKK، كان أهم نجاحها هو إبراز هذه الحقيقة وإحياؤها مرةً أخرى، فقد استطاع PKK إثبات وجود كردستان كواقع، كما جعلها صامدة ولا تُقهر، حيث لم تكن هذه القدرة متوفرةً لدى الحركات الكردية، إلى درجة أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي هو حزبٌ تقليدي والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يمثل البرجوازية الصغيرة لم يستطيعا إقناع الآخرين بوجودهم ولولا ظهور PKK لكان الجميع قد انتهى قبل ثلاثين عاماً. المقاومة العظيمة لـ PKK حققت الاستمرارية لوجود الكرد وكردستان، وقامت بتطوير وعيٍ قويٍ بالوجود الكردي وحتى نفهم مدى النجاح في ذلك، يجب إجراء مساءلات سيسيولوجية وتاريخية. أنا قبل 52 سنة وشهر وأربعة أيام نطقت بـ (كردستان محتلة) وانطلقت منها وعندما نطقت بهاتين الكلمتين أصبت بالدوار، فقد كان ذلك اكتشافاً صعباً بالنسبة لي وكنت أهاب حتى النطق بها أو ذكرها، وعندما تحدثت إلى رفيقٍ أو رفيقين، أصابتني الغيبوبة، من ذلك اليوم جئنا إلى هذا اليوم فلا تستصغروا قدرة الكلمة، فعندما تلتقي الكلمة مع الواقع، يكون لها تأثير كبيرٌ جداً وتصبح خلاقة ودافعة، فهذه الكلمات لم تفتح المجال أمام المقاومة العملية فقط، بل تحولت إلى تحليلٍ تاريخيٍ عظيم وبعدها جاء شرق العصر النيوليتي وإيديولوجية حرية المرأة والتركيز على الاشتراكية وما شابه ذلك، كل هذه الأمور أدت إلى بروز الحقيقة الكردية وهدفت إلى تحقيق التنوير الكردي، وقد نجحنا في ذلك، لقد كان ذلك سفراً عظيماً عبر التاريخ، كما أن التحليلات السيسيولوجية والنضال السياسي قد أكدت الحقيقة الكردية والكردستانية وجعلت هذه الحقيقة معترفاً بها لدى الأصدقاء والأعداء وهذا نجاحٌ كبير واسم PKK هو اسم هذا النجاح. هل تم حل قضية الحرية؟ كلا، لقد تم إثبات الوجود الكردي ووصل إلى الوعي الإيديولوجي والتنظيمي ولكن أصبحنا بصدد انسدادٍ في خطوات الحرية والتحرر، وما يكمن خلف هذا الانسداد هو إيديولوجية الاشتراكية المشيدة وتأثيراتها. الاشتراكية في القرن العشرين استطاعت الوصول إلى سلطة الدولة في كثير من أنحاء العالم وباتت تهيمن على ثلث العالم ولكن رغم ذلك لم تستطع الصمود وتعرضت للانهيار وقد انعكس ذلك علينا على شكل أزمة، فقد انهارت الاشتراكية المشيدة، بينما نحن بقينا صامدين، ولكن نحن أيضاً تعرضنا لأزمةٍ معقدة، فنظراً لأن الاشتراكية المشيدة لم تستطع التخلص من الانسداد النظري ولم تستطع تحقيق اشتراكية الحرية، تعرضت للانهيار، إن الخروج من الأزمة الإيديولوجية أمرٌ صعبٌ جداً، فالسرديات الإيديولوجية التي اعتمدنا عليها قد انهارت، فإلى أي إطار اصطلاحي وأي تحليلٍ سيسيولوجي يمكننا الاعتماد عليه؟ الاشتراكية المشيدة منهارة ولم يبق شيءٌ خلفها وعندما كنا نحاول بصعوبة الاستمرار في العقيدة الاشتراكية قمنا بإجراء تحليلات سميت بـ (الإصرار على الاشتراكية إصرارٌ على الإنسانية) وحافظت على إيماني بالاشتراكية وارتباطي بها وخضت النضال من أجل تحويل ذلك إلى وعيٍ راسخ، لقد كانت سنوات من الأزمة سنوات صعبة ومتأزمة، مع وصولنا إلى أعوام الـ 2000، قمت بالتركيز من جديد مرةً أخرى وأجريت تحليلات معمقة ونتيجةً لذلك توصلنا إلى الأمة الديمقراطية التي طورناها بناءً على الاشتراكية، وباتت نتيجةً استراتيجيةً لنا وبذلك أصبحت متنفساً جديداً للتوجهات الاشتراكية، فقد كان ذلك التحول استراتيجياً سواءً بالنسبة لـ PKK أو بالنسبة للتوجهات الاشتراكية بشكل عام، وما هو مطلوب اليوم هو مجرد وضع تسمية لهذا التحول. وبذلك يكتسب الرسمية. ومنذ عشرين عاماً نحاول إيصال هذا التحول إلى نتيجة، فحل الأمة الديمقراطية سيكون أساساً للمرحلة المقبلة وتوجيهات الحداثة الديمقراطية هو الأمة الديمقراطية وقد أسمينا ذلك في نص النداء بعنوان (السلام والمجتمع الديمقراطي) وكلاهما يأتي بالمعنى نفسه. إن PKK هي حركةٌ أبرزت واقع وجود كردستان وأوصلت هذا الوجود إلى درجةٍ غير قابلة للهزيمة، أما الخطوة التالية فهي تحقيق الحرية، المجتمع الحر سيتشكل على مسار الأخلاق السياسي الذي هو أساس الكومونالية. إن تحقيق هذه الخطوة يبدو غير ممكن مع وجود PKK، فلولا وجود PKK لما بقي شيءٌ باسم الكرد وكردستان ولأصبحنا مثل بقايا الأنكا في أمريكا الوسطى أو الآستيك في أمريكا الجنوبية أو الهنود الحمر في شمالها مجرد بقايا ثقافات في التاريخ. وفي الحقيقة فإن الوضع ليس مفهوماً بشكل كامل بعد، الكرد في ديرسم وفي بينغول وفي زاغروس هم بقايا ثقافات كردية، حيث قبائل منحلة ولغات محلية غير عملية ومخلفات طرق دينية ونزاعات عشائرية وعائلية، كل ذلك موجودٌ رغم وجود PKK وهي لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب بعد، أما سبب ذلك فهو التشتت المجتمعي التاريخي العميق، وإلى نقطةٍ معينة فإني لم أرَ إلا تسمية محتلة تكفي لهذا الوضع، لأن هذا الوضع يتجاوز تخلفاً عن وصفها بالمحتلة. وما وجدته يمكن وصفه أنه وضع بما يشبه شكل من أشكال المزبلة أي مجتمع المزبلة وكأنها مقبرة، ففي ديرسم لا زالت هناك عظام موجودة في الأودية والكهوف والوديان إلى درجة أن الذين كانوا يمثلون الكرد تقليدياً قبورهم غير موجودة، فأين قبر الشيخ سعيد وأين قبر سعيد الكردي وأين قبر سيد رضا، كل هؤلاء كانوا أقوى القيادات التقليديين لدى الكرد. هناك ما يُعرف بالـ (جودنرات) لدى اليهود، وهم الذين لعبوا دوراً في الإبادة العرقية اليهودية وكانوا لجنةً متواطئة مع الفاشيين وتتكون من اليهود من شخصيات وأسر يهودية ومقابل تواطؤهم، كانوا يطالبون بتمديد أعمارهم ولو لـ 24 ساعة، ومقابل ذلك يرسلون اليهود إلى غرف الغاز من أجل تنفيذ نظام الإبادة، فقد كانوا يحتاجون إلى مثل هذه اللجان لمواصلة إبادتهم وهؤلاء كانوا يخدعون اليهود بقولهم (نحن نأخذكم إلى الحمام) إلى أن يوصلوهم إلى غرف الغاز وهذه اللجان كانت تقوم بإعداد قوائم للعدد المطلوب لتلك الإبادات، الفاشيون أسسوا هذه اللجان، عندما كنت أفكر بهذا الموضوع وجدت أن هناك واقعاً مماثلاً للجودنرات في الحقيقة الكردية. وعندما أقول ما بعد المحتلة، فإنني أقصد هذه الحقيقة الموجودة لدى الكرد، فها هي أكبر العائلات التي تدعي الكردياتية مثل أحفاد البرزانيون وأحفاد البدرخانيون وصولاً إلى بعض مخلفات أسرة الشيح سعيد وأحفاده وبعض أحفاد سيد رضا قد تحولوا إلى جودنرات. إنهم يدفعون الكردياتية إلى الإبادة في سبيل إنقاذ عائلاتهم، حتى أنهم لم يؤلفوا كتاباً، فهم ليسوا قادرين على التمسك بذكرى أجدادهم، مثلما يماثلون العداء للكردي الذي يسعى إلى الحرية. فمؤخراً منحوا منصب عضوية البرلمان لأحدهم في بتليس، كما وضعوا أحدهم كوصي من البدرخانيين على بلدية شرنخ، هؤلاء موظفون جودنرات. في الفترة الأخيرة قمت بتطوير هذا الطرح وأنا مؤمن بصحته، فأنا على قناعةٍ بأنه يمكننا استخدام هذا المصطلح الذي يعبّر عن الواقع بدلاً من تسمية الكرد وكردستان بمحتلة، فإن هذا يعبّر عن البعد الجديد لانشغالي بالمصطلحات، فإن هذا البعد يمكن أن يعبّر عما جرى للكردياتية وكردستان بشكلٍ أبرز وبتعبيراتٍ واقعية. رغم كل ذلك، هناك هروب مذهل من الواقع لدى الكرد. يجب ألا ننسى أنكم لا زلتم تعيشون هذا الهروب، فالظاهرة الكردية لديكم لا زالت في حالة هروب، بينما أنا لدي نمطٌ خاص بالقيادة فيما يتعلق بالكرد، فماذا يعني هذا الهروب وكيف يمكن إفهام ذلك، وكيف يمكنني إيقاف هذا الهروب هذا ما انشغلت به ولا زلت مشغولاً به، فأنا أحاول إفهام هذا الأمر من جانب ومن الجانب الآخر أجعلهم يدفعون الثمن، هكذا هو نمط قيادتي (أنت لا تستطيع الهروب من الكردياتية فهي ليست ظاهرةً يمكن الهروب منها)، أنتم تلجؤون إلى مكائد غير معقولة وتمارسون أربعين شكلاً من الممارسة وتحاولون خداعي وقد قلت هذا الكلام للدولة، إنكم لن تستطيعوا خداعي مهما فعلتم، فليس أمامكم آبو الذي تستطيعون خداعه وأنا أقول لكم هذا الكلام ولـ PKK منذ خمسين سنة. شبهوني بالمسيح بقدر ما تستطيعون أو اجعلوني وحشاً، فلن تستطيعوا إنقاذ أنفسكم، هذه هي القيادة منذ خمسين عاماً. لماذا أسست الدولة هذه الطاولة؟ وكيف ولماذا جمعناكم على هذه الطاولة؟، إن هذا اللقاء جادٌ جداً، إنه لقاءٌ كردي ونحن ننحدر من مرحلةٍ كانت الدولة تعاقب على النطق بكلمة كردي بشكلٍ مجحف، وهناك معاني كثيرة يمكن استنباطها، حيث نقوم بكيفية جعل هذا الأمر واقعاً، فأنا أفضل من يعلم كيف ناضلنا وكيف وصلنا إلى هذه النقطة، بل أستطيع أن أقول بأن أعتى القيادات لدينا لا زالوا بعيدين عن فهم ما يجري ولهذا لا يستطيعون أن يكونوا خلاقين ولا يستطيعون إبداء القيادة اللازمة، إنهم لا يترددون في التضحية بأرواحهم ولا يترددون في الذهاب إلى الموت ولكن لا يقتربون إلى الحقيقة، أما فيما يلي هذا فإن الواقع الكردي أسوأ من المستعمرة وليس بعيداً عن واقع المزبلة كثيراً. لقد جرى احتلال أفريقيا، بينما الآن كلها تحولت إلى دول قوموية وكذلك أمريكا اللاتينية ولكن هذا غير موجود في الواقع الكردي ولا زلنا لا نعلم ما هو الكردي، هل هو تقليدي أم هو حديث، إنه واقعٌ مأساوي وهذا غير ناجمٍ من الضغوط الخارجية كما يُعتقد، بل أسبابها نابعةٌ من الداخل، أي نتيجةٌ لعوامل داخلية. إن الكشف عن هذه الحقيقة كان بفضل الاستراتيجية والتكتيكات التي وضعتها، فهي التي لعبت دوراً في ذلك. جغرافية كردستان ولأول مرة وجدت تعابيرها لدى السومريين على شكل الكرد والهوريين والأور وهو تعريفٌ للمكان، فبينما لم يكن هناك أي تعريفٍ للمكان في العالم ولأول مرة تم تعريف هذه المناطق من جانب السومريين، وفيما بعد سميت بـ كرديا لدى المؤرخين اليونان، فقد جعل هيرودوت نصف إنجازاته على الأقل بخصوص كردستان. والمجتمع اليوناني كان يتشوق إلى الميديين ويقومون بتقليدهم لدرجة أنهم أنتجوا ديمقراطيتهم من الحساسية التي أخذوها من الميديين ومع الثورة العربية الإسلامية في العصور الوسطى، تم إقرار مصطلح الكرد بالكامل. السلاجقة هم أول من استخدموا مصطلح كردستان كظاهرة سياسية في التاريخ. السلطان سنجار نقل مركزه إلى همدان (أكباتان) والبلاد التي كانت أكباتان مركزها تسمى كردستان وتم استخدام كردستان لأول مرة كوحدة إدارية من جانب السلطان سنجار، أي أن الحاكم التركي ينشئ كردستان. النتيجة التي استنبطتها من هنا هي 'أليس السلطان السلجوقي كان سلطاناً كردياً؟' حيث أن مركزه في أكباتان ويقول لوزيره (نظام الملك) 'اذهب واحمِ عائلتي' ويضيف: 'فأنا إذا هُزمت سأنسحب إلى همدان'. كما يتم إدارة حرب ملاذكرد من همدان، أي أن ألب أصلان يحارب كأمير كردي وهذا رأس خيطٍ جدي لمفهوم التاريخ، إن ألب أصلان هو أمير كردي أكثر من أن يكون أميراً تركياً، فأسرته تقيم في همدان ووزيره ينتمي إلى هناك. حسناً فكيف يمكننا تقييم السلاجقة على ضوء هذه المعلومات؟ هل هي إمارة تركية أم إمارة كردية؟ هذا ما يحتاج إلى مزيدٍ من البحث والنقاش. وعلى الأغلب تتوفر القناعة بأنها كانت قيادة كردية فحتى في الوقت الراهن نجد أن نصف سكان همدان من التركمان وأغلبهم قد أصبح كردياً، كما أن الإمارات المروانية والشدادية ملفتةٌ للانتباه، المروانيون يعني أنهم استطاعوا جعل المنطقة الواقعة بين دجلة والفرات كردية وهذا يتطور مع المد الإسلامي، هذا هو الوضع الذي كان موجوداً لدى السلاجقة، حيث استطاع ألب أصلان أن يشد الإمارة المروانية إلى جانبه ويضمها إلى قواته المسلحة، ويدخل في معركة ملاذكرد بقوة مشتركة ضد البيزنطيين، وألب أصلان هو القائد العسكري والكرد من حوله، كما أن آخلات هي إمارة، فلو تحرك الكرد إلى جانب البيزنطيين في تلك المرحلة، لكان مستحيلاً أن ينتصر ألب آصلان، إنها حربٌ جرى الانتصار فيها بالتحالف الكردي مئة بالمئة. ففي أعوام 1050 إلى 1060 يقيم الشداديون حلفاً وثيقاً مع السلاجقة في جنوب القوقاز في مواجهة البيزنطة، فلا الشداديون لوحدهم قادرون على الصمود في وجه البيزنطة ولا السلاجقة يستطيعون التقدم بخطوةٍ واحدة بمفردها، كلاهما يؤسسان حلفاً تاريخياً وأول منتجٍ لهذا التحالف هو الدخول في حربٍ ضد الملكية الأرمنية المرتبطة بالإدارة البيزنطية، وهذا يحدث في عام 1064 ويتم الاستيلاء على قارس وآكري، حيث يتم تسليم آني إلى مانوجَهر وقارس إلى توغرول ومن آثار ما بقي جامع مانوجَهر إلى يومنا هذا. إن التحالف بين السلطان ياووز سليم وإدريس البدليسي مهم جداً، حيث لعب هذا التحالف دوراً في تحول العثماني إلى امبراطورية في الشرق الأوسط، بعد معارك الريدانية ومرج دابق وجالدران، كل ذلك كان نتاجاً للتحالف الكردي العثماني. إن الكرد كانوا عنصراً أصلياً في تأسيس تلك الإمبراطورية. بعد أن تم أسر والد محمد الجلبي وعندما هرب، حمله الباشا بيازيد المنتمي إلى أماسيا وأوصله إلى أماسيا وهو كان باشا كردياً، ربما هذا حدثٌ رمزي ففي تلك المرحلة حيث كان في أماسيا الأسرة التي أسهمت في إنقاذ الشداديين، كما أن محمد الجلبي كان يكره العثمانيين، أما ملا كوراني الذي شجع على السيطرة على اسطنبول وكذلك آكشم سدين كانا كرديين ولا أرى داعياً للتحدث عن حرب تحرير تركيا، حيث أن مصطفى كمال لم يبدأ حربه من إزمير أو تراقيا، بل توجه إلى أرزروم وسيواس حيث الجغرافية الكردستانية ويبدأ من هناك. وتحرير تركيا كان نتيجةً للتحالف الكردي التركي، هذه حقيقةٌ لا يمكن إنكارها، أما النتيجة فكانت الجمهورية التركية. والعنصر الأصيل في تأسيس الجمهورية هم الكرد، اعتبروا غير موجودين وتم إنكارهم بعد سنةٍ من تأسيس الجمهورية التركية وتم منع الهوية الكردية. وهكذا فإن الكرد الذين ثبت وجودهم في السجلات التاريخية منذ العصر السومري، تم إنكار وجودهم مع تأسيس الجمهورية. استطاعت PKK إفشال هذا الإنكار للوجود بمقاومةٍ عظيمة، حيث أبرزت الهوية الكردية والواقع الكردي ومجتمعه التاريخي ووضعته أمام أنظار الأصدقاء والأعداء وجعلته مقبولاً. ولكن لم نتمكن من إزالة نتائج هذا الإنكار لديكم بشكل كامل، فأنتم لا زلتم تتهربون من واقعكم وأنا أرى لديكم جميعاً هكذا خطر في شخصيتكم وفي هويتكم، ولا أرى أن شخصيةً وهويةً سليمة ومتينة قد ترسخت لديكم، بينما هذا لا يتحقق بالمقاومة فقط، فإن إقامة المؤسسات الديمقراطية والثقافة الثورية في البناء الجديد ومؤسسات الأمة الديمقراطية ومؤسسات البحث والتدقيق مثل مؤسسات اللغة، ستلعب دوراً حاسماً في هذا الموضوع وهذا لا يمكن تحقيقه بالرأسمالية، فالمجتمع الكردي يجب أن يكون مناهضاً للرأسمالية، الكرد يجب أن ينظموا أنفسهم حسب الأمةٍ الديمقراطية والاقتصاد الإيكولوجي والمجتمع الكومونالي ليحققوا تحررهم، ليؤسسوا لحياة مستدامة بشكل حاسم ويمكن أن يتحقق كل ذلك من خلال نضال البناء وتكوين الذات، فقد تحقق النجاح في مواجهة الخارج والضغوط القادمة من الخارج بالمقاومة. وأحد أسباب انجاز PKK لمهامها هو نجاحها في التصدي للخارج ومن الآن فصاعداً ستكون المقاومة والنضال موجهتان نحو الداخل والمرحلة المقبلة أمامنا هي مرحلة بناء الذات وهذا يتطلب السلام والمجتمع الديمقراطي، فنحن بصدد عتبةٍ جديدة. PKKوالحل(الفسخ): لقد فقدت PKK أرضيتها الإيديولوجية مع انهيار الاشتراكية المشيدة في بداية التسعينيات، فقد كانت PKK قد نظمت نفسها حسب نضال الاشتراكية المشيدة من حيث برنامجها واستراتيجيتها وتكتيكها كلها، كانت قد تشكلت حسب مبادئ الاشتراكية المشيدة، وبهذا المعنى فإن PKK قد دخلت في أزمةٍ إيديولوجية مع التسعينيات واستطاعت البقاء صامدةً في مواجهة هذه الأزمة من خلال شريان التحرر الوطني الموروث من الاشتراكية رغم تلك الأزمة، فالأمر الذي تسبب في تطور حركتنا واستمراريتها هي الحاجة إلى التحرر الوطني والمعنويات المتولدة منها، مما جعلتنا نصمد ونستمر في هذا الاتجاه. كنا ندرك بأنه تم تجاوز الاشتراكية المشيدة ولكننا لم نكن نعلم ماذا سيحل محلها ولهذا السبب عانينا من أزمةٍ إيديولوجية فيما بين التسعينيات إلى بدايات الـ 2000. في عام 1998 ذكرت بأنني سأستقيل من هذا الحزب وسبب ذلك كان عدم القدرة على التخلص من الأزمة الإيديولوجية. ثم دخلنا في مرحلة إعادة النظر والتركيز الجاد الشامل على كل القضايا في مرحلة إمرالي واستطعنا أن ننتج في كتابٍ من خمس مجلدات تناولت فيها هذا التركيز، حيث قمنا بتعريف النضال الاشتراكي واستراتيجيته وما شابه ذلك منذ البداية، واستطعنا تكوين فكرٍ شامل على صعيد الإيديولوجيا والاستراتيجية وإعادة البناء بشكل مهم، حيث تعرضت PKK من داخلها لانتقاد شديد ولنقد خاص وتم عرض خمسين سنةً من النضال بجميع جوانبها الإيجابية والسلبية. إن الانسداد الذي أصاب الاشتراكية هو انسداد عام، وهناك بحثٌ عن سبل تجاوز هذا الوضع ولكن الأزمة لا زالت مستمرة، فالاشتراكية التي طورناها نحن بتحليلاتها في الداخل، كما لاقت اهتمام الطبقة المثقفة الاشتراكية وأوساطها في الخارج ويرونها نيّرة. إن مسألة حل الحزب أو الفسخ ليست جديدة بالنسبة لنا وعندما جاء طلب مماثل من قبل الدولة فقد تجاوبنا معهم وأوضحت بأنني أمتلك الخبرة السياسية والإيديولوجية والممارسة العملية اللازمة لحل هذه القضية، علماً بأننا ننشغل بهذه القضايا منذ ستة أشهر وأوصلناها إلى يومنا هذا ولا داعي لشرح كل ذلك، حيث هناك حاجةٌ للنقد والنقد الذاتي بشكل جاد وجذري وخاصةً إذا كانت هناك مرحلة مؤتمر حل الحزب، ربما يأخذ المؤتمر وقتاً طويلاً، فالمشكلة ليست مشكلة حل الحزب لوحدها، بل هناك حاجة للنقاش على الأمور الإيجابية والسلبية على مدى شهور ولا داعي لتأسيس شيء جديد فوراً مكانه ولا داعي للقول بإعادة البناء، لأننا لا نتحدث عن بنيةٍ واحدة فنحن نتحدث عن تحولٍ جذري في الذهنية والشخصية والبناء من جديد سيكون ممكناً بهذه الوسيلة ولهذا هناك حاجةً إلى عدة شهور على الأقل، حيث يجب عدم الاستعجال في الحصول على النتائج لأهمية تطور المرحلة وسلامتها، إن الدولة تحاول إظهار ذلك على أنه تخلي عن السلاح فوراً. إن طرح الموضوع بهذا الشكل ليس صحيحاً. فنحن هو الطرف الذي سيقرر المسار الصحيح، إنها مرحلة جديدة وهذا وعدنا ومطلبنا ولا يمكن تسيير الأمور حسب ما يطلبون هم، فنحن ناضجون بما فيه الكفاية في مسيرتنا وفي سياستنا من الناحية النظرية والعملية وتتوفر لدينا الخبرة الكافية. أعتقد أنكم لن تلاقوا صعوبةً في تقييم موضوع حل PKK وفي حل هذه الأزمة القائمة وحتى في إقامة مؤتمر حل PKK لن تواجهوا أية صعوبة حسب قناعتي وكما ذكرتم فهناك مرحلة تحولٍ ابتدأناها منذ زمنٍ بعيد. توجيهات المرحلة الجديدة: إن حركة PKK قد ولدت ونشأت ونمت حسب الإيديولوجية الاشتراكية ومبادئ حركات التحرر الوطني ونظمت نفسها ووضعت استراتيجية وتكتيكات نضالها حسب ذلك، وجعلت من كردستان الموحدة المستقلة هدفاً أساسياً لها وجعلت من هذا الهدف أولويةً للاشتراكية، ولكن وجدنا أن لا علاقة لهذا الوضع بالاشتراكية عندما انهارت الاشتراكية المشيدة، مثلما ليست لها علاقة بالدولة القومية التي نشأت بتوجيهات الاشتراكية المشيدة، تلك الحقيقة التي واجهناها وحللناها ووجدنا أن لا علاقة لها لا بالاشتراكية ولا بحركات التحرر الوطني، بل على العكس فحتى الدولة القومية التي تأسست بتوجيهات الاشتراكية أصبحت في خدمة الرأسمالية، وأن هذا النموذج كان نموذجاً رأسمالياً وهذا هو سبب تركيزنا على الإيديولوجية الاشتراكية ومحاولة دمقرطتها. والحقيقة فإن إضافة صفة الديمقراطية إلى الاشتراكية لا يتطابق تماماً، بل إن الاشتراكية بذاتها يجب أن تكون ديمقراطية ولكن الاشتراكية المشيدة استولت على سلطة الدولة وحاولت تحويل الدولة إلى بروليتاريا أي تحويل الدولة إلى دكتاتورية البروليتاريا وناضل لهذه الميول، فإن الجوهر الديمقراطي يصاب بالضعف ولهذا شعرنا بضرورة استخدام مصطلح الاشتراكية الديمقراطية. الدولة القومية بخصوصيتها تعني السلطوية ولكون السلطة من البروليتاريا أو من البرجوازية، قد تخلق اختلافاً من حيث السياسة ولكن من حيث ثقافة الهيمنة ليس هناك من فرق، بالإضافة إلى أن الصراع الطبقي على شكل طبقات هو أمر خاطئ ولا يفعل شيئاً سوى تعميق الانقسام المجتمعي، أي حرب طبقةٍ ضد طبقةٍ أخرى ولهذا نحن وضعنا الكومون في مواجهة الدولة. الدولة القومية معاكسة تماماً للاشتراكية وتصيبها بالبلادة، ولهذا السبب نحن عكسنا فكر الدولة القومية تماماً ووضعنا بدلاً منها الأمة الديمقراطية. توجيهاتنا للمرحلة الجديدة هي الأمة الديمقراطية والاقتصاد الإيكولوجي والكومونالية وإنشاء المجتمع من جديد على هذه الأسس. إن الأسس الفلسفية لهذا البناء وأبعادها الإيديولوجية وتفصيلاتها، ستجد تعبيرها في البنية المجتمعية وهناك ضرورةٌ لتطوير المصطلحات والمؤسسات والأجواء اللازمة لهذا التطور وهي مسؤولية تقع على عاتقنا ونحن سنتناول كل هذه المواضيع بعناوينها الرئيسة والفرعية في نشاطنا المستمر وسنحاول وضع الأطر الاستراتيجية والتكتيكية على شكل برامج تتعلق بهذا الأمر. نداؤنا الأخير أصبح نداء السلام والمجتمع الديمقراطي، إن توجيه هذا النداء والإعلام عنه بموافقة من الدولة التركية أمر مستغرب ومهم في نفس الوقت، لأنك يمكن أن تخوض النضال من أجل السلام في مواجهة الدولة ولكن أن تقوم بتأسيس المجتمع الديمقراطي مع هذه الدولة وبالحوار معها، فإن هذا يسمى بالتوافق الديمقراطي وكان هذا موجوداً في مضمون النداء. من دون شك قد تكون نوايا الأطراف مختلفة ولكن الخطوة الملقاة والنداء الذي أطلقناه هو شيء سليم من حيث الجوهر وأوضاع الأطراف تدل على أن هذا كان أمراً سليماً، بالنسبة لي المؤتمر قد تم عقده منذ زمنٍ بعيد ولكن كوادرنا الذين يمثلون القدرة سيتناولون هذا الأمر ليكون رسمياً ولا أعتقد أن أية إشكاليةٍ ستظهر والأمر الأهم هو أننا نقوم بتطوير الأبعاد الإيديولوجية وأسسها وبرنامج العمل واستراتيجيته وتكتيكه بخصوص المستقبل، فالمجتمع الديمقراطي هو البرنامج السياسي لهذه المرحلة ولا يهدف إلى تأسيس دولة وسياسة المجتمع الديمقراطي هي سياسة ديمقراطية وحتى الكومون بذاته هو كومون ديمقراطي وليس صحيحاً أن نقوم بتفريق ذلك عن بعضه البعض، فمجتمع الكومون هو مجتمع ديمقراطي ويجب أن نسمي المجتمع القائم بالمجتمع الديمقراطي، كما أن الاشتراكية الديمقراطية تعني المجتمعية الديمقراطية، فمثلما هناك تاريخٌ للدولة، هناك تاريخٌ للكومون أيضاً، إن موضوع الكومون يلفت انتباهي بشكل كبير، وأفكر بأنني سأتوقف طويلاً بما يتناسب مع هذه الأهمية، فإن الحياة الحرة للشعوب ممكنةٌ من خلال الكومون، فمثلما الدولة القومية هي سلاحٌ بيد الرأسمالية فإن المبدأ المؤسس للشعوب وسلاحها هو الكومون، كما يمكن تأسيس المجتمع الكومونالي من خلال البلديات وهذا أمر ممكن على الصعيد النظري والسياسي، ولكن هذا يصبح ممكناً بنشاطٍ حريصٍ ومناهضٍ للرأسمالية، فإذا كانت أدمغة الكوادر المؤسسين مختلطة وإرادتهم منحرفة فهذا الأمر غير ممكن، نحن نتطلع إلى النجاح في هذا التوجه مع الجمهورية التركية أولاً، فلقاءاتنا القائمة حملت هكذا عمل إلى هذه النقطة وأعتقد أن هذه مرحلة مهمة وربما اجتماعاتنا هذه هي نصف الحل وستكون هناك حاجةٌ إلى جهدٍ صادق وقيم لهذا الأمر، فأملي وإيماني بالنجاح كبيران جداً. إن النجاح في هذا الأمر سيفتح المجال أمام نجاحات أكبر ليست للكرد وكردستان فقط، بل للمنطقة بأكملها، أي أن النجاح سيكون للمنطقة بأكملها وسينعكس ذلك على سوريا وإيران والعراق، أما بالنسبة لتركيا ستتمكن من تجديد نفسها وتتوج بالديمقراطية لتتولد فرصةً لتكون قوة طليعية في المنطقة. إن المعارضين لهذا المسار لن يستطيعوا فعل شيء وسينهزمون ولكن تجاوز هؤلاء يلقي بالمسؤولية على كاهل الأطراف. مثلما سيكون لهذا المسار نتائج إقليمية ستكون هناك نتائج دولية أيضاً. فالكونفدرالية الإقليمية تظهر إلى المقدمة كضرورة ملحة ويمكنها أن تكون الحل الناجع للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والصراعات المذهبية وتناقضات الدولة القومية. إن هذا الحل في الوقت نفسه يحتاج إلى أممية جديدة، وعلينا ألا نتأخر في البدء بنشاطٍ من أجل أمميةٍ جديدة مع أصدقائنا لأن ذلك خطوة تاريخية وصحيحة. عبد الله أوجلان'.

حلب… تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بحرية القائد الجسدية
حلب… تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بحرية القائد الجسدية

حزب الإتحاد الديمقراطي

timeمنذ 5 أيام

  • حزب الإتحاد الديمقراطي

حلب… تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بحرية القائد الجسدية

تحت شعار' الحرية الجسدية للقائد APO مفتاح الحل لقضايا الشرق الأوسط والقضية الكردية' تظاهر الآلاف من أهالي مدينة حلب للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد عبد الله أوجلان، مجددين العهد بتصعيد النضال والمقاومة حتى إنهاء الاحتلال وتحقيق النصر. وخرج الآلاف من مكونات أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بالإضافة لممثلين وممثلات عن الأحزاب السياسية والمجالس المدنية والنسوية في تظاهرة جماهيرية حاشدة للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد. وتجمع المتظاهرون في إحدى الساحات العامة في حي الشيخ مقصود، وجابت التظاهرة الساحات العامة والشوارع وسط ترديد الشعارات التي تطالب بإطلاق سراح القائد في القريب العاجل. وعند الوصول إلى القسم الشرقي من الحي وقف الجموع دقيقة صمت إجلالاً لأرواح الشهداء، تلاها إلقاء كلمات من قبل 'محمد شيخ قنبر' عضو مجلس عوائل الشهداء، 'آمنة خضرو' الناطقة باسم المبادرة السورية لحرية القائد. أشارت الكلمات بمجملها' إلى المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان والتي كانت تهدف إلى إبادة الشعب الكردي وإمحاء هويته، ولكن بفضل المقاومة العظيمة التي أبداها القائد أوجلان في إيمرالي للدفاع عن القضية الكردية ونشر مشروع الأمة الديمقراطية لنيل الشعب الكردي لحريته أفشل كل المخططات التي كانت تحاك ضد الشعب الكردي، إذ حول القائد السجن إلى منبر للعلم والفكر الحر. وتابعت الكلمات' إن الملايين من الشعوب التواقة للحرية لن تكل أو تمل للمطالبة بتحقيق الحرية الجسدية للقائد أوجلان، ومستمرة في نشر الفكر الديمقراطي للقائد في كل بقاع العالم، مؤكدة أن حرية القائد الجسدية مفتاح الحل الحقيقي لأزمات الشرق الأوسط والعالم أجمع. واختتمت التظاهرة بترديد الشعارات التي تنادي بتحقيق حرية القائد الجسدية وإنهاء الاحتلال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store