logo
"طلاب أمام الناظر".. سخرية من مشهد زعماء أوروبا في مكتب ترامب

"طلاب أمام الناظر".. سخرية من مشهد زعماء أوروبا في مكتب ترامب

الجزيرةمنذ 6 ساعات
أثارت صورة اجتماع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعدد من زعماء أوروبا في البيت الأبيض موجة سخرية وانتقادات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وذلك لأن المشهد غير مألوف في الأعراف الدبلوماسية والبروتوكولات المتبعة في مثل هذه اللقاءات الرفيعة.
وأظهرت الصورة ترامب جالسا خلف مكتبه في المكتب البيضاوي، والقادة الأوروبيون أمامه على مقاعد خشبية صغيرة نسبيا، في مشهد وصفه ناشطون بأنه أقرب إلى جلوس تلاميذ أمام معلمهم في انتظار التعليمات.
وفي المقابل، نشر البيت الأبيض صورتين من اللقاء: الأولى للرئيس ترامب أمام الزعماء الأوروبيين، والثانية للزعماء الأوروبيين أمام ترامب، وأرفقها بتعليق: "يوم تاريخي في البيت الأبيض، حيث انضم قادة أوروبيون إلى الرئيس ترامب في المكتب البيضاوي.. الرئيس دونالد ج. ترامب هو رئيس السلام".
غير أن هذا التوصيف الرسمي الإيجابي اصطدم مباشرة بموجة سخرية وانتقادات واسعة على منصات التواصل، إذ رأى مغردون أن الصورة لم تكن مجرد لقطة سياسية عابرة، بل تجسيدا بصريا لاستمرار الدور القيادي للولايات المتحدة في النظام الدولي، مشيرين إلى أن الرمزية في الصور كثيرا ما تتجاوز تأثير الخطابات الرسمية.
إعلان
وشبه بعض المعلقين القادة الأوروبيين بـ "طلاب أمام الناظر الأميركي"، بينما اعتبر آخرون أن الصورة تحمل رسالة واضحة أراد ترامب توجيهها، مفادها أن "أوروبا ليست ندا، بل مجرد تابع ينتظر التعليمات".
وأشار مدونون إلى أن مشهد جلوس القادة الأوروبيين في صف واحد متراص أمام ترامب بدا وكأنهم موظفون يقدمون تقاريرهم لمدير شركة، لا رؤساء دول يمثلون قارة بأكملها.
في السياق نفسه، رأى آخرون أن ترامب فرض لغة الجسد على البروتوكول وحول القادة الأوروبيين إلى "كومبارس" في مسرحية استعراض قوته، معتبرين أن الأمر لا يتعلق فقط بالشكليات الدبلوماسية، بل برسائل إذلال مقصودة تختصرها عبارته الشهيرة: "أميركا أولا… وأوروبا مجرد ظل".
وأضافوا أن المشهد بدا أقرب إلى مكتب مدير مدرسة، صورة تختصر ألف بيان صحفي. فقد جلس ترامب خلف مكتبه محكم السيطرة، بينما جلس أمامه قادة أوروبا مصطفين كتفا إلى كتف، بوجوه متجهمة ومنهكة.
ولغة الجسد، بحسب المدونين، كانت أكثر تعبيرا من أي خطاب: ذراعا ماكرون مطويتان، يدا أورسولا مشبوكتان بإحكام، وزيلينسكي بملابسه السوداء بدا كتلميذ متذمر، وقد انشغل آخرون بتدوين الملاحظات وكأنهم طلاب متوترون.
في تلك اللحظة لم يظهر القادة زعماء دول كبرى، بل مجموعة طلاب استدعوا لتبرير أفعالهم أمام "مدير المدرسة". أما ترامب، فلم يعد "الدخيل" الذي يطلب مكانا على الطاولة، بل صار هو صاحب الطاولة، ومن بيده سلطة إصدار الحكم.
وكتب أحد النشطاء: "غطرسة استعراض القوة.. ترامب ناظر المدرسة، وقادة أوروبا الذين كانوا يوما إمبراطوريات استعمارية احتلت نصف العالم، صاروا طلابا يتذللون أمامه، وزيلينسكي يبحث عن دروس خصوصية في كيفية التعامل مع الرئيس الأميركي السابق".
وأضاف آخر: "ترامب متربعا على كرسي الزعامة، وأعضاء إدارته فوق الأرائك الفخمة، بينما زعماء الدول الكبرى جلسوا على كراس خشبية متهالكة! يحدث هذا في بلد العلاقات العامة والاحترافية العالية في الدبلوماسية".
إعلان
ورأى ناشطون أن المشهد يجسد بوضوح هيمنة ترامب على أوروبا، في مقارنة مباشرة مع لقائه الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، حيث بدا التعامل بينهما قائما على الندية الكاملة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لاغارد: على أوروبا تعميق علاقاتها التجارية مع شركاء غير أميركا
لاغارد: على أوروبا تعميق علاقاتها التجارية مع شركاء غير أميركا

الجزيرة

timeمنذ 17 دقائق

  • الجزيرة

لاغارد: على أوروبا تعميق علاقاتها التجارية مع شركاء غير أميركا

شددت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد ، على ضرورة أن تعيد أوروبا النظر في خريطة شراكاتها التجارية. وقالت في كلمة ألقتها خلال جلسة في المنتدى الاقتصادي العالمي في جنيف اليوم الأربعاء، إن الولايات المتحدة ستظل شريكا تجاريا مهما، إلا أن على أوروبا أيضا أن تسعى لتعميق علاقاتها التجارية مع شركاء آخرين، مستفيدة من قوة اقتصادها الموجه نحو التصدير. الضغوط التجارية الأميركية وتأتي تصريحات لاغارد في ظل الضغوط المتزايدة التي تواجهها أوروبا بعد أن فرضت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً جمركية جديدة على الواردات الأوروبية. وبحسب ما أوضحت لاغارد، فإن الاتفاق التجاري الأخير بين الاتحاد الأوروبي وأميركا يضع متوسطًا فعليا لل تعرفة الجمركية على الواردات الأميركية من السلع الأوروبية بين 12٪ و16٪، مشيرة إلى أن التعرفة الأساسية التي جرى الاتفاق عليها بين المفوضية الأوروبية والإدارة الأميركية تبلغ 15٪ وتشمل معظم السلع. وأشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى أن هذه التعريفات، وإن ساهمت بعض الاتفاقات التجارية في التخفيف من وطأتها، إلا أنها لم تُزل حالة عدم اليقين العالمي. وقالت: "لقد خففت الاتفاقات التجارية الأخيرة من حالة الغموض، لكنها بالتأكيد لم تقض عليها، نظراً للبيئة السياسية غير المتوقعة". انعكاسات على المركزي الأوروبي وأكدت لاغارد أن تداعيات الاتفاق التجاري مع أميركا لن تقتصر على حركة التجارة فقط، بل ستؤثر كذلك على تقديرات البنك المركزي الأوروبي المقبلة. وذكرت الصحيفة أن موظفي البنك سيأخذون في الاعتبار آثار الصفقة على اقتصاد منطقة اليورو ضمن التوقعات المقرر إصدارها في أيلول/سبتمبر المقبل، وهي التوقعات التي ستلعب دورا حاسما في توجيه قرارات السياسة النقدية الأوروبية خلال الأشهر القادمة. وبحسب ما أوردته وول ستريت جورنال، فإن تصريحات لاغارد تأتي امتدادًا لمواقف سابقة دعت فيها إلى تعزيز قوة مؤسسات الاتحاد الأوروبي وصلابته الاقتصادية، بما يتيح رفع مكانة العملة الأوروبية الموحدة على الساحة الدولية، خصوصًا في أعقاب السياسات الأميركية الحمائية المتزايدة.

هل علاقة ترامب وبوتين "سامة وغامضة" فعلا؟
هل علاقة ترامب وبوتين "سامة وغامضة" فعلا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

هل علاقة ترامب وبوتين "سامة وغامضة" فعلا؟

ظل الرئيس الأميركي دونالد ترامب يبدي إعجابا واضحا بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين لما يقرب من 20 عامًا، في علاقة تعود لما قبل دخوله غمار الانتخابات عام 2016 وتخللتها فترات مد وجزر، وفق صحيفة لوموند الفرنسية. ووصفت الصحيفة العلاقة الطويلة بين ترامب وبوتين بأنها غامضة وسامة وتستند إلى "دوافع غامضة"، في وقت يعرف عن ترامب ميله للقادة ذوي النزعات الاستبدادية، لكنها في حالة بوتين تفتقر للكيمياء الإنسانية التي جمعت الرئيس الأميركي رونالد ريغان و ميخائيل غورباتشوف في أواخر الثمانينيات. وتوقفت الصحيفة عند عام 2013 عندما كان ترامب نجما تلفزيونيا ومليارديرا وسافر إلى موسكو لحضور مسابقة ملكة جمال الكون، التي كان يمتلك حقوق بثها مع شبكة "إن بي سي" وكان يحلم بلقاء بوتين وبمشاركته في فعاليات المسابقة. وحسب الصحيفة، فإن ترامب كان يراوده حلم مشروع عقاري ضخم: بناء برج ترامب في العاصمة الروسية، وهو المشروع الذي كان حاضرا في ذهنه خلال زيارته الأولى للاتحاد السوفيتي عام 1987. وقد عبر عن ذلك الحلم في عام 1986 عندما حضر مأدبة عشاء لنخبة المجتمع في نيويورك، حيث جلس إلى جانب السفير السوفياتي لدى الولايات المتحدة يوري دوبينين، وقال في كتابه "فن الصفقة" (1987) "تتابعت الأحداث، وها أنا أتحدث عن بناء فندق فخم كبير قبالة الكرملين بالشراكة مع الحكومة السوفياتية". ولم تتحدث لوموند عن مآل ذلك الحلم، لكنها تقول إن المؤكد هو أنه في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم ضخّ أموال روسية خاصة ضخمة في مشاريع ترامب وممتلكاته، كما أقرّ بذلك أحد أبنائه دون جونيور عام 2008. كما تجسدت العلاقة بين الطرفين من خلال "الانبهار غير المتوازن" الذي أبداه ترامب إزاء بوتين عندما قال عام 2007 إن الرئيس الروسي "يقوم بعمل رائع في إعادة بناء صورة روسيا". وفي عام 2013 ومع اقتراب موعد مسابقة ملكة الجمال في موسكو، تساءل ترامب على "تويتر" (سابقا "إكس" حاليا) "هل تعتقدون أن بوتين سيحضر مسابقة ملكة جمال الكون في موسكو في نوفمبر/تشرين الثاني، وإذا كان الأمر كذلك، فهل سيصبح صديقي المقرب؟". وفي يوليو/تموز 2015، أي قبل 15 شهرًا من الانتخابات الرئاسية التي خاضها أمام المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، قال ترامب عندما سُئل عن العقوبات المفروضة على روسيا بعد ضم شبه جزيرة القرم ، إنه سيحظى باحترام بوتين، وأضاف "أعتقد أننا سنتفق تماما". وبعد ذلك بأشهر قليلة، قال ترامب إن بوتين يستحق درجة "امتياز" في القيادة، وهو ما رد عليه الرئيس الروسي لاحقا، في عز الحملة الانتخابية لرئاسيات 2016، بالقول إن المرشح ترامب "بارع جدا" و"موهوب". وطوال حملته الانتخابية، ظل ترامب يتبجح بأنه يحظى بتقدير موسكو، وقال مرارا إنه واثق من قدرته على بناء علاقة مثمرة مع الزعيم الروسي، ونفى وجود أي مصالح مالية له في البلاد. ومع اقتراب موعد الانتخابات، أجرت وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي) تحقيقا في التدخل الروسي في الحملة الانتخابية، ولا يزال الجدل قائما حول التورط المحتمل لترامب والمقربين منه في ذلك التدخل، وفق الصحيفة، كما أن تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر، الذي نُشر عام 2019، لم يقدم إجابة قاطعة حول الموضوع. وأمضى الرئيس ترامب ولايته الأولى (2017-2021) والشكوك تحوم حول التورط الروسي في تلك الانتخابات، في وقت قال فيه ترامب إنه "لا يوجد سبب للاعتقاد" بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الأميركية. والتقى الرئاسيان للمرة الأولى في هامبورغ (ألمانيا) على هامش قمة مجموعة العشرين في يوليو/تموز 2017 في أجواء اتسمت بالرصانة، وفق توصيف الصحيفة الفرنسية، مقارنة مع لقائهما الثاني في قمة هلسنكي بعد عام. رواية بديلة على صعيد آخر، كشف الصحفي الأميركي الشهير بوب وودود أنه في عام 2020 وخلال ذروة جائحة كوورنا، وافق الرئيس ترامب على نقل أجهزة فحص الفيروس، التي كانت شحيحة آنذاك، إلى نظيره الروسي. وفي مساعيه للعودة إلى السلطة عام 2024، بنى ترامب خطابه على فكرة مؤامرةٍ دبرتها "الدولة العميقة" ضده وعزاها إلى ما ظل يسميه "روسيا روسيا روسيا"، أي شبهات التواطؤ مع موسكو، ونجح في "فرض رواية بديلة ليُنسي الناس الحقائق"، وأصبح يوجه اتهامات التواطؤ مع الروس إلى القادة الديمقراطيين، وهدد بعضهم بالملاحقة القضائية. وعلى الصعيد الدبلوماسي، أبدى الرئيس ترامب في الأشهر الأخيرة استياءه من الرئيس بوتين بسبب تعنّته في مفاوضات السلام بشأن الحرب في أوكرانيا في ظل الشكوك حول فعالية العقوبات الجديدة على موسكو. في المقابل، تلاحظ الصحفية أن بوتين بارع في التضليل، ويراهن على واشنطن بشأن أوكرانيا، ويعتقد أن كييف تفتقر للاحتياطات اللازمة لمواصلة جهودها العسكرية. ونقلت الصحيفة عن الخبير في مجلس العلاقات الخارجية تشارلز كوبتشان قوله إن "بوتين مُفتتن بترامب لأنه يرى فيه مخرجا من الجمود الدبلوماسي للجلوس إلى طاولة الأقوياء، ورفع العقوبات المفروضة على روسيا". وخصلت إلى أن موسكو سعيدة بوجود ترامب كشريك في واشنطن.

مستشار رئاسي أميركي سابق: الفوضى سمة سياسة ترامب الخارجية
مستشار رئاسي أميركي سابق: الفوضى سمة سياسة ترامب الخارجية

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

مستشار رئاسي أميركي سابق: الفوضى سمة سياسة ترامب الخارجية

بينما كان العالم يترقب ما ستؤول إليه القمة التي جمعت الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في مدينة أنكوراج بولاية ألاسكا الجمعة الماضي، تحوّل المشهد برمته إلى ما يشبه مسرح العبث، حسب وصف مقال رأي بصحيفة الغارديان البريطانية. وأفاد سيدني بلومنثال، المستشار الكبير السابق للرئيس الأميركي بيل كلينتون وزوجته هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة، في مقاله أن كل الجهود المضنية التي بذلها الحلفاء الأوروبيون لمنع ترامب من "الانبطاح" أمام بوتين باءت بالفشل خلال قمة ألاسكا. كأنه طفل كبير وقال إن الأوروبيين حاولوا التودد لترامب وملاطفته وتدليله "كأنه طفل كبير" بحاجة إلى الحماية، لكن ذلك كله ذهب أدراج الرياح. لكن الكاتب يضيف بلغة مجازية أن ترامب، "بعناده المعتاد"، رمى السياسة كما لو كانت دمية محشوة من نافذة سيارته الرئاسية، وهو يفتح الطريق أمام بوتين ليرافقه في ما يشبه "موكب نصر" شخصي. ويرى أن ما حدث لا يعبّر عن "عقيدة ترامب" المزعومة في السياسة الخارجية، بل يكشف عن فوضى داخلية، وانحياز شخصي مقلق إلى موسكو، يقابله عجز كامل عن بلورة إستراتيجية واضحة أو حماية المصالح الغربية. وفي مقاله النقدي اللاذع، يصوّر بلومنثال الحدث على أنه حلقة جديدة من مسلسل انهيار الدبلوماسية الأميركية، حيث تتداخل الهشاشة السياسية بالصفقات الشخصية والطموحات "الفاسدة" لعائلة ترامب. حلم نوبل للسلام قبل القمة، نجح الأوروبيون في دفع ترامب لربط المفاوضات مع روسيا بشرط أساسي هو وقف إطلاق النار، إلا أنه -بحسب المقال- بدّد هذه الجهود فور وصوله ألاسكا. فحتى عندما سارع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن، مدعوما من قادة أوروبا، لم يجد سوى وعود غامضة من الرئيس الأميركي، في حين واصلت الطائرات الروسية قصف المدن الأوكرانية. وزعم الكاتب أن ترامب كان حينها يحلم بشيء آخر مختلف تماما وهو جائزة نوبل للسلام ، لذا لم يتردد في الاتصال، قبل انعقاد القمة بوزير المالية النرويجي للضغط من أجل دعمه في هذا المسعى. وكما حدث في هلسنكي عام 2018، ظهر ترامب هذه المرة في ألاسكا الأميركية أمام بوتين لطيفا ومتذللا تحت سمع وبصر العالم، حيث فرش السجاد الأحمر لضيفه المتهم بجرائم حرب، وصافحه بحرارة، وربّت على يده، وفتح له باب السيارة الرئاسية، في مشهد بدا وكأنه استسلام دبلوماسي علني. هفوة ويتكوف ويعتقد بلومنثال أن المبعوث الشخصي للقمة، رجل العقارات ستيفن ويتكوف ، ارتكب خطأ فادحا حين أساء فهم مطالب روسيا، حين تصور أن موسكو تعرض "انسحابا سلميا" من خيرسون وزاباروجيا، بينما كان العكس تماما هو المطلوب، وهو انسحاب أوكراني من هذه المناطق. وأوضح الكاتب أن هذه "الهفوة" أثارت سخرية وغضب الأوروبيين والأوكرانيين على حد سواء، حتى أن أحد الدبلوماسيين الأوروبيين وصف المبعوث الأميركي بأنه "مرتبك وغير كفؤ"، بينما رأى آخر أنه "لا يملك أي خبرة تفاوضية، وكأنه مجرد هاوٍ يلعب في ساحة الكبار". لكن صحيفة بيلد الألمانية المعروفة بتغطياتها الكاشفة، لم تتوقف عند هذا الخطأ فحسب. فقد وصفت المشهد بأنه "مفارقة كبرى"، مشيرة إلى أن الانقسامات داخل إدارة ترامب نفسها تعمّقت بشكل غير مسبوق. فوزير الخارجية ماركو روبيو أصرّ على أن يظل الأوروبيون جزءا من العملية التفاوضية، بينما كان نائب الرئيس جيه دي فانس ، إلى جانب ويتكوف، يعملان على استبعادهم تماما. ووفقا لبلومنثال، فقد أدت هذه الفوضى إلى أن يخرج الأوروبيون بانطباع قاتم، عبّر عنه دبلوماسي بارز بالقول "لقد أظهرت الولايات المتحدة نفسها للعالم وكأنها إدارة منقسمة وفوضوية". أما أوكرانيا، فشعرت وكأنها تُركت وحيدة في مواجهة مصيرها، بعدما كان يفترض أن القمة جاءت لإنقاذها. هدايا اقتصادية لبوتين بيد أن ما كشفته صحيفة بيلد وغيرها من التسريبات لم يتوقف عند الأخطاء الدبلوماسية، بل وصل إلى ما هو أخطر وهي التنازلات الاقتصادية. وطبقا لتلك التسريبات، فقد قدّم ترامب لبوتين سلسلة من العروض السخية التي فُسّرت على أنها محاولة لشراء ولاء الكرملين. وأورد الكاتب في مقاله أن تلك الوعود تتمثل في: رفع العقوبات عن قطاع الطيران الروسي، بما يتيح لشركاته المحاصَرة منذ بداية الحرب أن تعود إلى السوق الدولية. فتح الموارد الطبيعية في ألاسكا أمام الاستثمارات الروسية، ولا سيما في الممر البحري بين ألاسكا وروسيا (مضيق بيرينغ)، بما يحمله من أهمية إستراتيجية هائلة للملاحة والتجارة العالمية. قبول استغلال روسيا للمعادن النادرة في الأراضي الأوكرانية المحتلة، بما يمنح موسكو ميزة إستراتيجية كبرى في الصناعات التكنولوجية والعسكرية. ليست زلة لسان وكان ويتكوف قد أشار أمام الروس إلى أن احتلال إسرائيل الضفة الغربية يصلح نموذجا لإنهاء الحرب، ومن ثم يمكن لموسكو أن تسيطر عسكريا واقتصاديا على الأجزاء التي احتلتها من أوكرانيا وتخضعها لإدارة حكومية تابعة لها، شبيهة بالأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل على الأراضي الفلسطينية. وفي تقدير بلومنثال أن هذه المقارنة لم تكن مجرد زلة لسان، بل رُوّج لها داخل أروقة التفاوض، وهو ما أثار قلقا عميقا لدى الأوروبيين والأوكرانيين على حد سواء. أما بالنسبة لبوتين -والحديث ما يزال لكاتب المقال- فقد كان الأمر انتصارا إستراتيجيا يفوق التوقعات، ذلك لأنه استطاع من خلال قمة واحدة، تحويل الموقف الأميركي من الضغط على روسيا إلى إضفاء شرعية ضمنية لاحتلالها أراضي أوكرانية. لكن هذه التنازلات لم تكن مجانية بالنسبة لترامب نفسه. فقد جرى الحديث على نطاق واسع عن مصالح شخصية واقتصادية لعائلته. فبالتزامن مع القمة، أعلنت شركات مرتبطة بعائلته مشروعا جديدا في مجال العملات المشفرة، جمع نحو 1.5 مليار دولار خلال أيام قليلة، في وقت بدا فيه أن العلاقات مع روسيا قد تُسهم في تعزيز هذا المشروع عبر قنوات مالية غير خاضعة للرقابة التقليدية، كما ورد في مقال الغارديان. على أن الأخطر من ذلك -من وجهة نظر المستشار الرئاسي السابق في مقاله- أن مقربين من ترامب سرّبوا فكرة مفادها أن الرئيس الأميركي بدأ ينظر إلى الاحتلال الروسي لأجزاء من أوكرانيا من منظور "النموذج الإسرائيلي": أي كما تسيطر إسرائيل على الضفة الغربية منذ عقود، مع بناء مستوطنات وفرض واقع جديد يرفض العالم الاعتراف به رسميا لكنه يستمر بحكم الأمر الواقع. واعتبر بلومنثال أن المشهد الأكثر درامية في قمة ألاسكا كان المؤتمر الصحفي المشترك بين ترامب وبوتين. فعندما ظهر الزعيمان أمام الصحفيين، لم يكن هناك اتفاق ولا خطة. وكان أن ترك ترامب الكلمة لخصمه الذي كرّر مزاعمه عن "تهديد أوكرانيا لروسيا"، وألقى باللوم على الرئيس الأميركي السابق جو بايدن ، بينما أعرب عن اقتناعه بأنه لو كان ترامب رئيسا لما وقعت الحرب. أما ترامب، فظهر "شاحبا"، واكتفى بإطلاق عبارات مبهمة ومتناقضة، فقد قال مرة إن "بوتين يريد السلام"، ثم أضاف "لكننا لن نتوصل إلى اتفاق حتى يكون هناك اتفاق"، وأردف متباهيا "أنا وحدي القادر على إيقاف هذه الحرب"، معلنا أنه "لا اتفاق حتى يكون هناك اتفاق". كانت عباراته تلك -برأي بلومنثال- أقرب إلى شعارات حملة انتخابية منها إلى تصريحات رئيس دولة في قمة مصيرية، رغم أنه كان قد وعد بإنهاء الحرب في "اليوم الأول" من ولايته، لكنه بعد 210 أيام رجع بخفي حنين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store