logo
آسيا الشرقية ومخاوف القارعة النووية

آسيا الشرقية ومخاوف القارعة النووية

العربيةمنذ 5 ساعات

هل كادت القارّة الآسيويّة أن تشهد حربًا نوويّة الأيام القليلة الماضية؟
من أسفٍ شديد، يبدو أنّ ذلك كذلك، فما جرى بين الهند وباكستان، وسرعة التدخل الأميركي، الحاسم والحازم، يكاد يقطع بأن صراعًا نوويًّا، بدا وكأنّه على وشك الحدوث.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تنشب فيها المواجهات المسلَّحة بين الجانبين، لكن حكمًا كانت أكثرها خطورة، لا على الجارين المستحكم بينهما العداء، إيديولوجيًّا ودوغمائيًّا، بل على حالة السلم العالمي برمتها.
خُيِّل للناظر في العام الماضي، أنّ مخاوف استخدام السلاح النووي، منبعها الرئيس في الوقت الحالي، المواجهة الروسية- الأوكرانية. غير أنه ما لبثت تلك الحقيقية تخبو، إلا وتصاعد الخطر النووي الهندي الباكستاني.
ما الذي جرى على وجه التحديد مؤخرًا؟
المؤكد أن الماورائيات تظل مغلفة بأطر من السرية، لكن المتاح من المعلومات يشي بأن الجانبين كانا قد اقتربا من حافة الهاوية النوويّة.
حين انطلق الصدام العسكري بين الجانبَيْن، كان نائب الرئيس الأميركي "جيه. دي. فانس" يصرح بالقول: "الصراع ليس من شأننا"، مقلِّلًا بذلك من احتمالية التدخل وتفعيل النفوذ الأميركي.
غير أنه لم تمض إلا أربع وعشرين ساعة، وكان المشهد الأميركي يتغير برمته.
سريعا، تلقّتْ مجموعة أساسية من كبار المسؤولين الأميركيين، بمن فيهم نائب الرئيس دي فانس، ووزير الخارجية مارك روبيو، القائم بأعمال مستشار الأمن القومي، عطفًا على سوزان وايلا، رئيسة موظفي البيت الأبيض، معلومات استخبارية، تُصنَّف بكونها سرية للغاية، مثيرة للقلق، كانت حاسمة لإقناعهم جميعًا، بأن على الرئيس ترمب، التدخل السريع وبدون أدنى مضيعة للوقت.
بالود الواضح بين نائب الرئيس الأميركي، ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، جرى اتصال سريع، أوضح فيه دي فانس أن البيت الأبيض يعتقد بوجود احتمال كبير لتصعيد حاد مع دخول الصراع مرحلة حرجة.
هل توافر لدى العم سام، وثيق ولصيق الصلة بباكستان، ومختلف أجهزتها السياسية والاستخبارية، ما يفيد بأن القارعة النووية، يمكن أن تكون قريبة جدًّا، لا سيما إذا تمادت الهند في استخدام قواتها العسكرية التقليدية؟
بحسب ما يتوافر من معلومات صادرة عن "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، فإنّ الهند تمتلك حاليًّا نحو 172 رأسًا نوويًّا، فيما تُقدَّر الترسانة النووية الباكستانية ب 170 رأسًا.
يظهر هذا التقارب الكمي التوازن النووي بين البلدين، لكن مع اختلاف مهم، وهو أن الهند تتجاوز باكستان في تنويع وسائل إطلاق الأسلحة النووية، بمعنى أن لديها مقدرة على استخدام أسلحتها النووية بحرًا عبر غواصاتها النووية، وجوًّا من خلال طائراتها القادرة على حمل الرؤوس النووية، ناهيك عن الصواريخ الباليستية التي تمتلكها.
على الجانب المقابل، تعمل باكستان بشكل أكبر على تطوير صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، بهدف تحقيق ردع سريع ضد التهديدات البرية الهندية بنوع خاصّ.
هل بلغ علم مجمع الاستخبارات الأميركية، بقيادة "تولسي غابارد" أن باكستان كانت في طريقها لتفعيل ورقتها الأخيرة، حال مضت الهند في طريق اجتياح بري، لا سيما أن قوات الجيش الهندي تبلغ 1.4 مليون جندي، وتعتبر ثاني أكبر قوة عسكرية عاملة في العالم بعد الصين، فيما القوات الباكستانية أقل من النصف، بمجموع 654 ألف جندي؟
قد يكون الأمر قد جرى على هذا النوع بالفعل، حيث أدركت باكستان أن الهند التي أنفقت العام الماضي 2024، نحو تسعة أضعاف ما أنفقته باكستان على التسلح، قد ترى أن قوميتها وقطبيتها، يُحتِّمان عليها خوض معركة كبرى والفوز بها.
هنا يبدو أن دي فانس قد لعب دور الـ Protagonist، أي بطل الرواية من خلال تشجيعه لرئيس الوزراء مودي، بالتواصل المباشر مع باكستان، ودرس خيارات التهدئة، ونزع فتيل الفخ النووي إن جاز التعبير.
أدركت واشنطن، أن صراعًا نوويًّا في آسيا، يمكن أن يضحي بداية لتساقط "أحجار الدومينو النووية"، لا سيما إذا اعتبرنا أن هناك معركة سلاح جرت بها المقادير، بين السلاح الشرقي الصيني، والغربي الهندي، عطفًا على اعتبار الصين، الراعي الرسمي لباكستان، والنظرة لعلاقات الهند والولايات المتحدة المتميزة.
في كل الأحوال يمكن القطع بأن الصراع الهندي الباكستاني يمثل أيضًا اختبارًا لفعالية أنظمة الأسلحة الغربية والصينية. تسعى الهند إلى تقليص وارداتها الدفاعية من روسيا وبناء ترسانة أكثر تنوعًا وتصنيعًا محليًّا. في المقابل، أكثر من 80% من واردات باكستان الدفاعية صينية المنشأ.
كما يبدو أن باكستان استخدمت طائرات بدون طيار تركية الصنع لمهاجمة المراكز الحدودية والمستوطنات الهندية. في الأسابيع المقبلة، ستُجري القوات المسلحة الهندية فحصًا دقيقًا للطائرات المقاتلة المتطورة التي سقطت في معارك جوية مع باكستان، لتحديد ما إذا كانت عيوبًا تشغيلية أو عيوبًا تكنولوجية قد تسببت في سقوطها.
كما هو الحال مع روسيا في أوكرانيا، أوضح الصراع أن باكستان لا تستطيع مواصلة أنشطتها العسكرية دون دعم صيني. كما أنه يضع ميل الهند إلى تجنب التحالفات العسكرية الوثيقة موضع اختبار، وخلال الصراع، أكدت الصين مجددًا على علاقتها "الثابتة" مع باكستان.
هنا يبدو كذلك أنه من نافلة القول الإشارة إلى أنه ينبغي أن يُثير خضوع باكستان وروسيا للصين وتعاونهما الدفاعي معها قلقًا بالغًا لدى الهند، ومن المتوقع أن يُفاقم الصراع خيبة الأمل الأميركية تجاه باكستان أيضًا.
كانت الشراكة قائمة في البداية على إبعاد الشيوعية عن جنوب آسيا، ثم في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون، على انفتاح الصين الماويّة. وبلغت ذروتها بين عامي ١٩٧٩ و١٩٨٩ عندما تعاونت إدارتا كارتر وريغان مع الرئيس الباكستاني ضياء الحق لتمويل المقاومة الأفغانية ضد الغزو السوفيتي.
وقت كتابة هذه السطور، كان لايزال وقف إطلاق النار ساريا، وهو ما يأمل المرء أن يستمر ويستقر.
لكن الحقائق المخيفة، هي أن التراكمات التاريخية، والحسابات الجيوسياسية، والقرب الجغرافي، جميعها تجعل الخطر ليس في امتلاك السلاح النوعيّ، بل في لحظة سخونة الرؤوس التي تستدعيها نوازل غير متوقعة، والتي تفصل بين القرار باستخدام أسلحة الدمار الشامل، وبين تنفيذ الهجوم الفعلي.
هل كان على واشنطن أن تقلق بالفعل من احتمالات اتساع بؤرة الصدام في شرق آسيا وتحول المواجهة إلى استخدام مميت لأسلحة جهد العالم من أجل تجنّبها؟
هذا مؤكَّد بالفعل، في حين يبقى الأهم هو الحفاظ على مكتسبات هذه التهدئة وألا يصل الأمر إلى مرحلة سخونة الرؤوس التي تتجاوز الخطوط الحمر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إدارة ترمب تبطل حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب
إدارة ترمب تبطل حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب

الرياض

timeمنذ 21 دقائق

  • الرياض

إدارة ترمب تبطل حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس أنها أبطلت حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب في خضم نزاع متفاقم بين سيّد البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق. وجاء في رسالة وجّهتها وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم إلى رابطة "آيفي ليغ" التي تضم ثماني من أشهر جامعات البلاد "بمفعول فوري، تم إبطال الترخيص الممنوح لبرنامج الطلاب وتبادل الزوار الأجانب بجامعة هارفرد"، في إشارة إلى النظام الرئيسي الذي يُسمح بموجبه للطلاب الأجانب بالدراسة في الولايات المتحدة.

إدارة ترامب تحظر قبول جامعة هارفارد للطلاب الأجانب
إدارة ترامب تحظر قبول جامعة هارفارد للطلاب الأجانب

أرقام

timeمنذ 22 دقائق

  • أرقام

إدارة ترامب تحظر قبول جامعة هارفارد للطلاب الأجانب

أمرت وزيرة الأمن الداخلي "كريستي نويم" بإلغاء اعتماد برنامج هارفارد للتبادل الطلابي والزيارات، والذي يسمح لكليات الجامعة بتسجيل الطلاب الأجانب ضمن دارسيها. وقالت "نويم" في نص قرارها الذي صدر الخميس، إنه يتعين على كافة الطلاب غير المهاجرين في هارفارد التحويل إلى جامعات أخرى لتجنب فقدان تصنيف طالب غير مهاجر. وأوضحت أنه اعتباراً من الفصل الدراسي خريف 2023، شكّل الطلاب الدوليون أكثر من 27% من إجمالي عدد طلاب هارفارد. وحمّلت هارفارد مسؤولية انتشار العنف، ومعادات السامية في حرمها الجامعي، فضلاً عن وجود ممارسات للتنسيق مع الحزب الشيوعي الصيني. وأضافت أن السماح للجامعات بتسجيل الطلاب الأجانب، والاستفادة من الرسوم الدراسية التي يدفعونها، امتيازٌ وليس حقًّا، وأنه أتيحت فرص كثيرة لهارفارد لفعل الصواب.

البيت الأبيض: ترمب ونتنياهو يبحثان إبرام اتفاق محتمل مع إيران
البيت الأبيض: ترمب ونتنياهو يبحثان إبرام اتفاق محتمل مع إيران

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

البيت الأبيض: ترمب ونتنياهو يبحثان إبرام اتفاق محتمل مع إيران

قالت المتحدة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت، الخميس، إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ناقشا في اتصال هاتفي "اتفاقاً محتملاً مع إيران". وأضافت ليفيت أن ترمب "يعتقد أن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح" بشأن الوصول إلى اتفاق محتمل مع إيران. وفي وقت سابق، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب ونتنياهو "اتفقا على ضرورة ضمان ألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً". ويأتي الاتصال بين ترمب ونتنياهو، قبل يوم من استضافة العاصمة الإيطالية روما خامس جولة من المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، بوساطة سلطة عمان. وأجرت الولايات المتحدة وإيران 4 جولات من التفاوض في كل من روما ومسقط، بهدف كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، ولكن لا تزال هناك العديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات، أبرزها مسألة تخصيب اليورانيوم. مسؤولون إسرائيليون في روما وأفادت مصادر "الشرق" بأن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ومدير تخطيط السياسات في الخارجية الأميركية مايكل أنطون سيشاركان في هذه المفاوضات. وأضافت المصادر لـ"الشرق"، أنه "من المتوقع أن تكون المناقشات في روما مباشرة وغير مباشرة، كما في الجولات السابقة". وقال مسؤولان إسرائيليان لموقع "أكسيوس" الأميركي، إن وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر ورئيس جهاز "الموساد" دافيد برنياع، سيلتقيان ويتكوف في روما على هامش المحادثات. وتهدف زيارة المسؤولان الإسرائيليان إلى "تنسيق المواقف" بين أميركا وإيران، والحصول على "إحاطة مباشرة فور انتهاء الجولة التفاوضية".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store