
حسام أبو صفية لمحاميته: هل ما زال أحد يذكرني؟
هكذا وصفت المحامية الفلسطينية غيد قاسم لبودكاست "غزة اليوم"، كواليس زيارتها الأخيرة لموكلها الطبيب الغزي الشهير حسام أبو صفية طبيب الأطفال ومدير مستشفى كمال عدوان الذي تم اعتقاله في نهاية ديسمبر كانون الأول الماضي.
ووفق المتحدثة، مر الدكتور حسام أبو صفية منذ لحظة اعتقاله بالكثير من الأوضاع المتقلبة، فبداية تم احتجازه في معتقل سدي تيمان في سجن انفرادي، ثم بعد مرور شهر ونصف أو شهرين تم ضمه لعشرة مساجين من قطاع غزة في زنزانة رقم واحد في قسم 24 بسجن عوفر.
تحت الأرض
وهنا لابد من التنويه إلى أن المعتقلين الغزيين تُخصص لهم أقسام بعينها في السجون الإسرائيلية بحيث لا يختلطوا بغيرهم، هذه الأقسام تحت الأرض ما يعني أنهم لا يرون ضوء الشمس ولا يعرفون أي شيء عما يحدث في العالم الخارجي، تضيف المحامية الشابة.
وعن معدل الزيارات المسموح بها لها كمحامية لزيارة موكلها تقول: "إدارة السجن تحاول جاهدة ألا تمنحني أكثر من تصريح لزيارة واحدة في الشهر، كما أن هناك تضييق على الزيارات الخاصة بأبو صفية تحديداً".
بي بي سي تواصلت مع الجيش الإسرائيلي لعرض شهادة أبو صفية وما يتعرض له من انتهاكات، وأجاب في بيان إنه "يرفض تماماً الادعاءات المتعلقة بوجود إساءة منهجية بحق المحتجزين".
"وأنه يتم إحالة الشكاوى الملموسة المتعلقة بسوء التصرف أو بظروف الاحتجاز غير الملائمة إلى الجهات المختصة، ويتم التعامل معها وفقًا للأنظمة والإجراءات المتبعة".
تتابع المحامية غيد قاسم، "عندما زرته وجدته منعزلاً تماما عن العالم الخارجي، لا يعلم أي شيء عما يدور حوله، لدرجة أنه لم يعرف أن هناك حرباً نشبت بين إسرائيل وإيران لمدة 12 يوماً كان خلالها يسمع أصوات الصواريخ الإيرانية وهي تنفجر في محيط السجن دون أن يعلم ما هذه الأصوات وما الذي يحدث".
وعلى إثر هذه الزيارة، كانت غيد قاسم قد نشرت عبر حسابها الشخصي على موقع فيس بوك منشوراً أثار الكثير من الجدل حول الحالة الصحية وأوضاع احتجاز الطبيب الغزي حسام أبو صفية.
وتعليقا على هذا المنشور، أكدت قاسم في حديثها لبي بي سي أن موكلها خسر 40 كيلوغراماً من وزنه خلال فترة اعتقاله، وأضافت: منذ أول شهرين فقد أبو صفية 20 كلغ واليوم بعد مضي أكثر من 200 يوم على اعتقاله فقد حوالي 40 كلغ من وزنه.
وعن نوعية الطعام الذي يقدم له وأدى به إلى هذا الوضع الصحي قالت: "موكلي يتناول يومياً ملعقتين من الأرز وربما كمية قليلة من الخبز، وهنا لابد من التنويه لحيلة يقوم بها المعتقلون كي يشعروا بالشبع ويوهموا أنفسهم بأنهم تناولوا وجبة كاملة، وهي أنهم يقومون بجمع كل عينات الطعام التي توفرها لهم إدارة السجن ليتناولوها دفعة واحدة مساء ما يعطيهم شعوراً بأنهم أكلوا وجبة كاملة".
ومضت تشرح "فمثلاً، تقدم لهم إدارة السجن صباحاً ملعقة من اللبنة أو المربى، ثم على وجبة الغداء ملعقتين من الأرز، وأخيراً على وجبة العشاء ملعقة من الحمص، هم يقومون بجمع كل ذلك على مدار اليوم ويتناولونه دفعة واحدة".
وعن ظروف الاحتجاز تقول المحامية "يُسمح لموكلي بالاستحمام دون صابون مرتين فقط في الأسبوع، وأحيانا توفر لهم إدارة السجن كمية ضئيلة جداً من الصابون لتوزع على كل المعتقلين، على ألا تزيد مدة الاستحمام عن دقيقة واحدة".
يوم الاعتداء
وفيما يتعلق بتفاصيل واقعة الاعتداء عليه التي تضمنها منشورها الرائج على فيسبوك قالت: "بعدما قصفت إيران مستشفى سوروكا في بئر السبع أثناء حرب 12 يوماً، يبدو أن إدارة السجن قررت الانتقام من الأطباء، فاقتحم عدد منهم زنزانة الدكتور حسام أبو صفيه واعتدوا عليه بالضرب على قدميه ويديه وقفصه الصدري، وعندما طلب أن يتم عرضه على طبيب خاصة وأنه منذ حدوث هذه الواقعة يشعر بعدم انضباط في ضربات القلب قوبل طلبه بالرفض" .
وتضيف قاسم "في هذه الواقعة تم كسر النظارة الطبية التي يرتديها موكلي، بعدما عانيت لمدة ثلاثة أشهر من أجل إدخالها له، إذ نفت إدارة السجن إصابة موكلي بضعف النظر وحاجته للنظارة، لكنني صممت على أن تجرى له الفحوصات اللازمة والتي أثبتت أنه بحاجة لنظارة طبية، فما كان منهم إلا أن كسروها له أثناء الاعتداء عليه، والآن يضطر موكلي لارتداء نظارته مكسورة العدسة".
مصحف بالتناوب
ولفتت إلى أن الشيء الوحيد التي تمكنت من إدخاله له هو مصحف، ومع ذلك لم يكن هذا المصحف من نصيبه منفرداً، إذ يشاركه فيه باقي زملاء الزنزانة ويمر عليهم بالتناوب للتلاوة.
وأكدت على أن الملابس الشتوية التي ظهر بها أبو صفية في بداية اعتقاله، والتي سربها له صحفي إسرائيلي، هي ذاتها الملابس التي شاهدته بها في الزيارة، فهو كغيره من المعتقلين محروم حتى من ملابس السجن، لدرجة أنه يضطر لغسل ملابسه الداخلية ثم يرتديها وهي مبللة لأنه لا يملك غيرها.
وبخصوص وضعه النفسي وصفت المحامية موكلها بالأيقونة والجبل الذي لا يقهره شيء، مؤكدة أنه يفيض بالمعنويات المرتفعة على كل من حوله، ورغم أنه فقد ابنه قبل الاعتقال وفقد والدته بعد الاعتقال إلا أن كل ما يشغل باله هو وضع الكوادر الطبية والمستشفيات وحالة الجرحى في قطاع غزة.
وعما إذا كان أبو صفية قد علم بخبر وفاة والدته بعد اعتقاله تقول: "هو يعلم بوفاتها منذ بدايات الاعتقال، عن طريق معتقلين جدد انضموا له في الزنزانة وأخبروه بما يجري خلف أسوارها".
وعن أول سؤال سأله لها في زيارتها الأخيرة له قالت: "سألني عما إذا كان باقي أفراد أسرته على قيد الحياة، وعما إذا كان منزله قصف أم لا، كما سألني هل مازالت الناس مهتمة بقصتي وما يحدث لي؟ هل ما زال أحد يتذكرني؟"
الرد الإسرائيلي
تواصل فريق بي بي سي نيوز عربي مع المكتب الإعلامي للجيش الإسرائيلي للوقوف على الوضع الصحي للطبيب المعتقل حسام أبو صفية، وللحصول على رد رسمي على ما جاء في تصريحات المحامية، فأفاد بما يلي:
"تعمل قوات الدفاع الإسرائيلية وفقاً للقانون الإسرائيلي والقانون الدولي، وتحرص على حماية حقوق الأفراد المحتجزين في منشآت الاحتجاز الخاضعة لمسؤوليتها، وتعد أي إساءة إلى المحتجزين، سواء أثناء احتجازهم أو خلال استجوابهم، انتهاكاً للقانون وتعليمات قوات الدفاع الإسرائيلية، وهو أمر محظور بشكل صارم".
وتابع: "تتعامل قوات الدفاع الإسرائيلية مع مثل هذه الانتهاكات بمنتهى الجدية، نظراً لتعارضها مع القيم الأساسية للقوات، وتُجري فحصاً دقيقاً لأي ادعاءات ملموسة تتعلق بإساءة معاملة المحتجزين، كما ترفض تماماً الادعاءات المتعلقة بوجود إساءة منهجية بحق المحتجزين".
وجاء في الرد الإسرائيلي أنه يتم إحالة الشكاوى الملموسة المتعلقة بسوء التصرف أو بظروف الاحتجاز غير الملائمة إلى الجهات المختصة، ويتم التعامل معها وفقاً للأنظمة والإجراءات المتبعة، وفي الحالات المناسبة، تُتخذ إجراءات تأديبية بحق أفراد طاقم المنشأة، وتُباشر تحقيقات جنائية عندما يكون هناك اشتباه مبني على أسباب معقولة بارتكاب جريمة تبرر فتح مثل هذا التحقيق.
وفيما يتعلق بعدم تبديل الدكتور أبو صفية لملابسه الشتوية حتى الآن، قال الجيش الإسرائيلي إن كل محتجز يتسلم مجموعة من الملابس المناسبة للطقس.
وبخصوص توفير أدوات النظافة الشخصية للمعتقلين والسماح لهم بالاستحمام، قال المكتب الإعلامي: "يتم تزويد جميع المحتجزين بوسائل الحفاظ على النظافة الشخصية الأساسية، ولديهم وصول منتظم إلى المراحيض داخل منشأة الاحتجاز، والتي يتم تنظيفها بانتظام لضمان النظافة والصحة، كما يُسمح لهم بالاستحمام بانتظام".
وعن توفير الرعاية الطبية اللازمة، قال: "عند دخولهم إلى المنشأة، يخضع المحتجزون لفحوصات طبية، وتُجرى جولات طبية منتظمة داخل المنشأة، كما يتلقى المحتجزون رعاية طبية مناسبة وفقاً للقانون، وإذا لزم الأمر، يتم تحويلهم لتلقي العلاج تحت إشراف وزارة الصحة".
وفيما يتعلق بتكبيل المعتقلين بأصفاد حديدية حتى أثناء زيارة المحامي، يقول المكتب: "يُطبّق التقييد لفترات طويلة أثناء الاحتجاز فقط في حالات استثنائية، وعندما تكون هناك اعتبارات أمنية تقتضي ذلك، مع أخذ الحالة الصحية للمحتجز بعين الاعتبار، ونحن لا نجبر المحتجزين على البقاء في وضعية القرفصاء".
واختتم المكتب الإعلامي التابع للجيش الإسرائيلي تصريحاته بالرد على فقدان أبو صفية أربعين كيلوغراماً من وزنه، قائلًا: "يتلقى المحتجزون ثلاث وجبات يوماً، وفقًا للكمية والأنواع المعتمدة من قبل اختصاصي تغذية للحفاظ على صحتهم، كما يتوفر لديهم دائماً ماء للشرب."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 6 ساعات
- BBC عربية
"هل فقدت حرب إسرائيل في غزة عدالتها؟" – مقال رأي في النيويورك تايمز
رغم تأكيده على أن لدى إسرائيل "قضيتها العادلة" في شنّ الحرب في غزة، إلا أن الكاتب روس دوثات، يذكر في مقاله بصحيفة النيويورك تايمز، بعض النقاط التي يرى أنها تُخل "بعدالة الحرب" في هذه الفترة. وفي وقتنا الحالي، أصبحت الطائرات المسيّرة واقعاً جديداً في الحروب، فهل تغيّر الولايات المتحدة سياستها في تبنّي هذه التكنولوجيا ضمن ترسانتها العسكرية؟ هذا ما نقرأه في افتتاحية وول ستريت جورنال التي جاءت عقب إعلان لوزير الدفاع الأمريكي بهذا الخصوص. وفي بريطانيا، يُلقي إعلان جيريمي كوربن تأسيس حزب جديد بظلاله على آراء وتوقعات المحللين، ويتساءل جون رينتول في صحيفة الإندبندنت عمّا إذا كان رئيس الوزراء ستارمر سيستنسخ تجربة ماكرون في فرنسا لوأد أي فرصة لكوربن في النجاح بالانتخابات المقبلة. ونبدأ من صحيفة النيويورك تايمز، التي نقرأ فيها مقالاً للكاتب روس دوثات، يناقش فيه ما يراه "جوانب ظالمة" في الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، حتى وإن كانت في مواجهة ما يصفه بـ "عدو همجي"، في إشارة إلى حركة حماس. لا يتردد الكاتب في إبداء رأيه بشأن "عدالة قضية" إسرائيل في شنّها الحرب، فحركة حماس من وجهة نظره هي "منظمة إرهابية متوحشة تضطهد شعبها، وتحتجز رهائن أبرياء، وتشكل خطراً جسيماً على إسرائيل ما دامت في السلطة". يتوسّع الكاتب في إدانة حماس، ويرى أن الخسائر المدنية في هذه الحرب مرتبطة بـ "رفض حماس الانصياع لقوانين الحرب، وعدم رغبتها في الاستسلام بغض النظر عن معاناة شعبها"، بل ويرى أنها مستعدة لقبول "وقوع مجاعة بدلاً من التخلي عن السيطرة على المساعدات الإنسانية"، على حدّ تعبيره. لكن دوثات يرى رغم ذلك أن الحرب التي تخوضها إسرائيل في هذه الأوقات صارت "حرباً ظالمة"، فالحرب العادلة برأيه يجب أن تتضمن "التزاماً بالامتناع عن بعض التكتيكات العسكرية في حال تسببت في أضرار جانبية كبيرة"، في ظل سقوط ضحايا مدنيين نتيجة الضربات العسكرية. يلخّص دوثات أوجه "فشل" إسرائيل في الحرب في ثلاثة جوانب، الأول يتعلّق بمسألة الضحايا المدنيين للحرب، لكنه يشدد على أن من الصعب تقييم مثل هذا الجانب في ظل حرب مطوّلة تدور داخل مدن "تتغلغل" فيها حركة حماس، ومثل هذه الحروب، سينتج عنها، برأيه، معاناة حتمية للمدنيين. كما أنه لا يمكن منع الجنود الذين يخوضون مثل هذا النوع من الحروب من "ارتكاب أخطاء فادحة"، و"جرائم الحرب تُرتكب حتى في الصراعات العادلة"، على حدّ تعبيره. أما الجانب الثاني، فهو أكثر وضوحاً برأي الكاتب، ويتمثل في الوفيات الناجمة عن الجوع في قطاع غزة، ويرى أن إسرائيل "اتخذت خياراً استراتيجياً" في سعيها إلى فصل توزيع الغذاء عن نظام تزعم أن حركة حماس تستغله لصالحها. ومن وجهة نظره، إذا أدّت مثل هذه الاستراتيجيات إلى "موت الأطفال جوعاً"، فإن على "الدولة المتحضرة أن تتخذ خيارات أخرى، حتى لو عنى ذلك تسهيل الأمور على العدو". أمّا الجانب الثالث في "عدم عدالة" حرب غزة حالياً، فيتجلى في أن جزءاً من عدالة الحرب يعتمد على وجود خطة معقولة للسلام بعدها، وهذا بنظره ليس موجوداً حتى بعد مرور ما يقرب من عامين على الحرب في غزة، ورغم ذلك، يُبدي الكاتب انفتاحه على فكرة وجود ضبابية في الحرب، وعلى إمكانية أن تسفر عن "نتيجة لائقة"، خاصة مع احتمال "تدهور أوضاع حماس ووصولها إلى نقطة اللاعودة"، ونشوء خيارات دبلوماسية أخرى بعد الضربات التي وجهتها إسرائيل لإيران وحزب الله. ويتوقع دوثات نهاية مختلفة للصراع، تتمثل في "تراجع إسرائيل في حالة من الإرهاق"، وتطويق قطاع غزة كما كان عليه الحال سابقاً، وقبول حقيقة أن "نوعاً من التهديد الإرهابي سيبقى حاضراً لسنوات مقبلة". ويختتم بالقول إن الاستمرار في القتال لعام آخر، هو برأيه "إهدار غير عادل للأرواح". حرب المسيّرات: البقاء لمن يواكب أسرع في صحيفة وول ستريت جورنال، نقرأ مقالاً يناقش إعلان وزير الدفاع الأمريك، بيت هيغيسيث، عن تغيير جذري في سياسة الجيش الأمريكي فيما يتعلق بإنتاج واستعمال الطائرات المسيّرة في الحروب. وظهر هيغسيث في مقطع فيديو نشره عبر منصة إكس في وقت سابق من شهر يوليو/تموز، واقفاً أمام مبنى البنتاغون، ومن حوله تحلّق طائرات مسيّرة صغيرة بطريقة استعراضية، بينما يتحدث عن خطط لـ "إطلاق العنان للهيمنة الأمريكية في مجال الطائرات المسيّرة". تقتبس الصحيفة عن مذكرة صدرت عن هيغسيث قال فيها إن الطائرات المسيّرة "هي أعظم الابتكارات في ساحات المعارك منذ فترة، وهي مسؤولة عن معظم الخسائر في أوكرانيا هذا العام". تقول الصحيفة إن مذكرة البنتاغون تهدف إلى "مساعدة القوات الأمريكية على استيعاب الدروس وتسريع وتيرة التحوّل" فيما يتعلّق بالطائرات المسيّرة، إضافة إلى إلغاء "البيروقراطية التي أعاقت الإنتاج وقيّدت الوصول إلى هذه التكنولوجيا الحيوية". تُبدي الصحيفة ترحيبها بهذه المذكرة، وترى أنها تصعيد خطابي يتعلق بالابتكار التكنولوجي لدى القوات الأمريكية، وتذكر في هذا السياق برنامجاً طرحته إدارة بايدن للطائرات المسيرة هدف لمواجهة التهديد العسكري الصيني بتكلفة منخفضة، لكنها تشدد على أن تطوير الطائرات المسيّرة لن يكون بديلاً عن رفع عديد القوات وتنويع ترسانة الأسلحة الأمريكية. ترى الصحيفة أن مذكرة البنتاغون تمثل تذكيراً بأن الدعم الأمريكي العسكري لأوكرانيا "لم يكن بالمجّان"، إذ إن الدروس المستفادة من الجيش الأوكراني "الأكثر خبرة في مجال الطائرات المسيّرة" قد تنقذ أرواح الجنود الأمريكيين في معارك مستقبلية. تختم الصحيفة بالإشادة بالإدارة الأمريكية التي "تسعى لجعل الجيش الأمريكي مواكباً للتغير التكنولوجي السريع"، وترى أن في ذلك "إشارة مهمة للمستثمرين في تكنولوجيا الدفاع تتعلق بجدية البنتاغون في شراء المعدّات المبتكرة في سبيل الهيمنة بالحروب المستقبلية". ستارمر حين يتعلم من ماكرون في صحيفة الإندبندنت، نقرأ مقالاً للكاتب جون رينتول، يناقش فيه تداعيات إعلان الزعيم السابق لحزب العمّال البريطاني، جيريمي كوربن، نيته تأسيس حزب جديد يحمل اسم "حزبكم"، بالشراكة مع النائبة المستقلة زارا سلطانة. كما يناقش المقال الاستراتيجية المتوقع أن يتبعها رئيس الوزراء كير ستارمر في التعامل مع الحزب الجديد خلال الانتخابات المقبلة. يلقي الكاتب الضوء على التناقضات التي اكتنفت تصريحات كوربن وسلطانة وقت الإعلان عن تأسيس الحزب، وامتدت إلى الخلاف بشأن تسميته، وهذه التناقضات برأي الكاتب تعبّر عن الفشل التنظيمي لما أسماه "التيار الكوربني". لكنه يرى في المقابل أن هناك جوانب أخرى من القصة تتعدى مسألة هذا "الفشل"، فـ "النسخة الناعمة" من أفكار كوربن قد تلقى دعماً محتملاً، إذا ما استطاعت "قمع" بعض الأفكار المتعلقة بالماركسية العقائدية، و"ازدراء بريطانيا"، و"الاتهامات بمعاداة الساميّة". كما أن حلفاء كوربن سبق وأن أظهروا قدرتهم على خوض حملة انتخابية عامّة فعّالة حين اقتربوا من إزاحة تيريزا ماي في 2017. وهذه الجوانب تعني بنظر الكاتب أن الحزب الجديد سيكون "قوة لا يُستهان بها". يشير رينتول إلى أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الحزب الجديد سيلقى الدعم عبر السيطرة على أصوات حزب الخضر اليساري، إضافة إلى اجتذاب الناخبين الذين يصوتون لحزب العمّال الحاكم بزعامة ستارمر، وهذا يعني أن على حزب العمّال أن "يأخذ هذا التهديد على محمل الجدّ". يتوقع الكاتب أن يتّبع ستارمر استراتيجية تقوم على الاستقطاب، وذلك بالوقوف في مواجهة نايجل فاراج، السياسي اليميني من حزب الإصلاح، في سبيل جذب الناخبين الذين يرون فوز فاراج في الانتخابات تهديداً لهم. وإذا نجح ستارمر في تصوير الانتخابات المقبلة على أنها منافسة بينه وبين فاراج، فهذه ستكون "الطريقة المُثلى لكسب أصوات مؤيدي كوربن وسلطانة، وأصوات حزب الخضر، وحتى أصوات الديمقراطيين الليبراليين والمحافظين". يرى الكاتب أن هذه الاستراتيجية اتبعها الرئيس الفرنسي ماكرون فيما سبق، حين تصدّى للمرشح اليساري جان لوك ميلونشون، عبر وقوفه كمرشح رئيسي ضد اليمينية مارين لوبان، واستطاع عبر ذلك حصد أصوات ائتلاف من الرافضين لفكرة فوز لوبان. وفي حال حُصرت الانتخابات في المقاعد المتنافس عليها بين حزب العمال بزعامة ستارمر وحزب الإصلاح بزعامة فاراج، فإن التصويت لحزب كوربن الجديد سيعني تصويتاً لفاراج، وهو أمر يدركه المناهضون لحزب الإصلاح. يُنهي الكاتب بالقول إن توحيد الناخبين الذين يميلون في العادة للتصويت لحزب المحافظين أو الليبراليين أو الخضر أو من المؤيدين لكوربن، ضد فاراج، هي رسالة "قد تجدي نفعاً مع ستارمر".


BBC عربية
منذ 10 ساعات
- BBC عربية
إسرائيل تسمح بدخول مساعدات لأول مرة منذ أشهر، مع "تعليق تكتيكي" للقتال في بعض مناطق القطاع
قالت مصادر لبي بي سي عربي، إن عشرات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة اتجهت من الجانب المصري لمعبر رفح الحدودي مع قطاع غزة صوب معبر كرم أبو سالم بين القطاع وإسرائيل، صباح اليوم الأحد، تمهيداً لدخول القطاع للمرة الأولى منذ بداية مارس/آذار 2025. وأفادت المصادر بأن قرابة 50 شاحنة اتجهت إلى مناطق التفتيش والفحص بكرم أبو سالم حتى الخامسة من صباح اليوم بتوقيت جرينتش، وقد بدأت عملية الإدخال في الثانية صباحاً. وكانت قناة القاهرة الإخبارية المصرية، ذكرت في نبأ عاجل لها، "بدء دخول الشاحنات نحو كرم أبو سالم في وقت مبكر صباح اليوم". ولم ترد لبي بي سي معلومات حتى الآن إن كانت الشاحنات تمكنت من دخول القطاع أم بعد. وهذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها الشاحنات صوب القطاع من الجانب المصري من المعبر منذ أن أعلنت إسرائيل وقف دخول المساعدات من المعابر للقطاع في مارس/آذار الماضي، بعد انهيار الهدنة في ذلك الحين، عقب انتهاء المرحلة الأولى من اتفاقٍ لوقف النار استمر نحو أربعين يوماً. ورغم أن إسرائيل رفعت الحصار عن غزة في مايو/أيار 2025، إلا أنها تواصل فرض قيود مشددة على دخول المساعدات، وفق فرانس برس. وذلك بمزاعم منع وصولها إلى الفصائل المسلحة، وعلى رأسها حركة حماس التي تخوض معها إسرائيل حرباً منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد أدى هذا التضييق إلى أزمة غذائية خانقة، حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم جوعاً منذ مارس/آذار 2025. وأعلن الأردن الأحد، تسيير قافلة إغاثة جديدة مكوّنة من 60 شاحنة محمّلة بالمساعدات الغذائية إلى قطاع غزة. وبحسب قناة المملكة الأردنية الرسمية، فإن القافلة جُهّزت بالتنسيق مع القوات المسلحة الأردنية، وبرنامج الغذاء العالمي، والمطبخ المركزي العالمي. وكان العاهل الأردني عبد الله الثاني، بحث في اتصال هاتفي مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، السبت، آخر التطورات في غزة وسوريا، مؤكداً ضرورة وقف الحرب، وضمان وصول المساعدات الإنسانية لكافة مناطق القطاع. في السياق، أعلنت بريطانيا السبت أنها تستعد لإسقاط المساعدات وإجلاء "الأطفال الذين يحتاجون إلى رعاية طبية"، بالتعاون مع "شركاء مثل الأردن". وأعلنت الإمارات أنها ستستأنف عمليات إنزال المساعدات بالمظلات "على الفور". وكان مسؤول إسرائيلي صرح الجمعة أن عمليات إسقاط المساعدات الإنسانية سوف تستأنف سريعاً "بالتنسيق مع الإمارات والأردن". "إسقاط مساعدات جواً" أعلنت إسرائيل الأحد أنها اسقطت مساعدات إنسانية جواً في غزة، بعد أسابيع من الضغوط الدولية المتزايدة عليها للسماح بإيصال الأغذية والإمدادات الحيوية دون قيود إلى القطاع بسبب أزمة الجوع المتفاقمة. وأفاد الجيش الإسرائيلي في بيان صدر ليل السبت/الأحد، على تطبيق تلغرام، أن عملية الإسقاط الجوي "نُفذت بالتنسيق مع منظمات دولية وقادتها كوغات (وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق)"، مضيفاً أنها تضمنت "سبعة طرود مساعدات تحتوي على دقيق وسكر وأطعمة معلبة". "تعليق تكتيكي للأنشطة العسكرية لأغراض إنسانية" أعلن الجيش الإسرائيلي بدء "تعليق تكتيكي محلي للأنشطة العسكرية لأغراض إنسانية" في مناطق محددة من قطاع غزة، اعتباراً من اليوم الأحد وحتى إشعار آخر. ويستمر التعليق يومياً من الساعة السابعة صباحاً حتى الخامسة مساءً بتوقيت جرينتش، ويشمل تعليق العمليات منطقة المواصي ومدينتي غزة ودير البلح، مع استمرار "العمليات الهجومية ضد المنظمات الإرهابية"، وفق ما أعلنه متحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي على منصة إكس. وأوضح أدرعي أن القرار جاء بعد مباحثات مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية، وتم بموجبه تحديد "ممرات مؤمنة" من السادسة صباحاً حتى الحادية عشرة مساءً، لتسهيل دخول قوافل الإغاثة. وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد ذكرت أن القرار يأتي في إطار "هدنة إنسانية لساعات طويلة"، استجابة للانتقادات الدولية المتزايدة بشأن الوضع الإنساني في غزة. وأفادت الهيئة أن القرار اتُخذ خلال جلسة مشاورات مصغّرة عقدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمشاركة وزيري الدفاع يسرائيل كاتس والخارجية غدعون ساعر، دون حضور وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي عبّر عن غضبه تجاه القرار. قتلى في استهداف منتظري مساعدات وفي تطورات الأوضاع ميدانياً وعسكرياً، قُتل 6 فلسطينيين بينهم طفلان، وأصيب آخرون، الأحد، جراء استهداف قوات إسرائيلية منتظري المساعدات شمال وجنوب قطاع غزة. وبحسب ما أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) فإن وأضافت المصادر ذاتها، أن غزّيين أُصيبوا جراء استهداف منتظري المساعدات في محور "زكيم" شمال القطاع. وكان 10 فلسطينيين قد قُتلوا مساء السبت أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية شمال غرب غزة. وذكر شاهد العيان أبو سمير حمودة (42 عاماً) لوكالة الأنباء الفرنسية أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار "باتجاه المواطنين عندما حاولوا الاقتراب من الحاجز العسكري" الإسرائيلي في منطقة زيكيم شمال غرب منطقة السودانية. وقال الجيش الإسرائيلي، رداً على سؤال لفرانس برس عن هذا الأمر، إنّه ينظر في المسألة. وأشار في بيان منفصل إلى أنّه يواصل عملياته في غزة، موضحا أنّه استهدف أعضاء في "خلية إرهابية زرعوا عبوة ناسفة لاستهداف عسكريين"، بحسب تعبيره. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنّه خلال 24 ساعة "ضرب سلاح الجو أكثر من 100 هدف إرهابي في قطاع غزة".


BBC عربية
منذ 11 ساعات
- BBC عربية
ما هي السلطة الفلسطينية؟ وما صلاحياتها؟
بعد عقود من العداء والقتال، وُقع في 13 سبتمبر/أيلول 1993 في حديقة البيت الأبيض "اتفاق أوسلو" للسلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل. وأشار الاتفاق الذي لم يحظ بإجماع فلسطيني إلى "إقامة سلطة حكومة ذاتية انتقالية فلسطينية"، ومجلس منتخب للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، لفترة انتقالية لا تتجاوز خمس سنوات وتؤدي لتسوية دائمة تقوم على أساس قراري مجلس الأمن الدولي 242 و 338. ودعا قرار مجلس الأمن الدولي 242 الإسرائيليين للانسحاب من "أراض احتلتها" في حرب 1967 وفق النسخة الإنجليزية من القرار، ويؤكد على "عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب". وبعد حرب 1973 دعا مجلس الأمن في القرار 338 لوقف إطلاق النار، وتطبيق القرار 242، ودعا صراحة إلى بدء المفاوضات لإقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط. وتأسست منظمة التحرير الفلسطينية في 1964، وتتكون من فصائل وأحزاب سياسية ومنظمات شعبية وشخصيات مستقلة وممثلي المجتمع المدني، لكن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعد أبرز الغائبين عن عضويتها. كيف نشأت السلطة الفلسطينية؟ أدى الاتفاق الذي عُرف أيضاً بـ(أوسلو 1) إلى إنشاء السلطة الفلسطينية، وكان من المفترض أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة لاحقاً. بعد قرابة الشهر من توقيع الاتفاق، قرر المجلس المركزي الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية إنشاء "السلطة الوطنية الفلسطينية". وفي 1994 وُقع اتفاق (غزة – أريحا أولاً) من أجل تنفيذ الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا. وسمح الاتفاق لقيادة المنظمة بالدخول إلى الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة). وأدت سيطرة حركة (حماس) على قطاع غزة عام 2007، بعد أكثر من عام على الفوز بالانتخابات التشريعية ودخولها للسلطة، إلى عدم خضوع القطاع منذ ذلك الحين إلى سيطرة السلطة. من ترأس السلطة الفلسطينية؟ قرر المجلس المركزي في 1993، أن يكون رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة ياسر عرفات رئيساً لـ"مجلس السلطة الوطنية الفلسطينية". وفي الأول من يوليو/تموز عام 1994، عاد عرفات للأراضي الفلسطينية بعد غياب 27 عاماً، ووصل أولاً إلى قطاع غزة، بعد أن كانت تونس مقراً لمنظمة التحرير الفلسطينية عقب الخروج من لبنان عام 1982. وأُقيمت انتخابات في 1996 لاختيار رئيس السلطة وأعضاء المجلس التشريعي (برلمان السلطة)، وفاز عرفات بالرئاسة. وبعد وفاة عرفات في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2004 تولّى روحي فتوح الذي كان يشغل آنذاك منصب رئيس المجلس التشريعي رئاسة السلطة مؤقتاً لمدة 60 يوماً. وفي مطلع 2005، فاز مرشح حركة فتح محمود عباس في الانتخابات، ليصبح رئيساً للسلطة. ما المناطق التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية؟ قسمت اتفاقية طابا الفلسطينية الإسرائيلية حول تفاصيل تنفيذ الحكم الذاتي في الضفة الغربية عام 1995 الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق (أ، ب،ج). (أ): المناطق التي تخضع أمنياً وإدارياً بالكامل للسيادة الفلسطينية، وتشمل المدن الرئيسية، وتشكل نسبتها 17.6 في المئة من الضفة الغربية. (ب): المناطق التي تخضع إدارياً للسيادة الفلسطينية، وتتشارك أمنياً مع الجيش الإسرائيلي، وتشمل القرى الفلسطينية المحيطة بالمدن الرئيسة، وتشكل نسبتها 18.3 في المئة من الضفة الغربية. (ج): المناطق التي تخضع بالكامل لسيطرة الجيش الإسرائيلي على الأمن والتخطيط والبناء، وتشكل نسبتها 59.63 في المئة من الضفة الغربية. وكان من المفترض نقل مناطق (ج) "بشكل تدريجي" لتصبح تحت سيطرة السلطة، لكنها لا تزال تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة. ولم تشمل المناطق الثلاثة القدس الشرقية التي كان موضوعها من ضمن قضايا مفاوضات الوضع النهائي المفترض معالجتها خلال الفترة الانتقالية. ووصف المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية سيطرة السلطة على مناطق (أ) بأنها "شكلية". وتدير السلطة الفلسطينية "جزراً منعزلة" في أراضي الضفة الغربية تحيط بها مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية. ويدور جدل داخلي فلسطيني بشأن مدى جدوى دور السلطة في الأراضي الفلسطينية، فيما لا تثق الحكومة الإسرائيلية الحالية بالسلطة. وقالت "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية في 2023، إن مساحة الأراضي الفلسطينية التي تسيطر عليها إسرائيل وتخضع للعديد من "الإجراءات الاحتلالية" تبلغ 2,380 كيلومتراً مربعاً، بما يعادل 42 في المئة من مجمل أراضي الضفة الغربية. وحتى أكتوبر/تشرين الأول 2024، يعيش قرابة 504 آلاف إسرائيلي في 147 مستوطنة و 224 بؤرة استيطانية، وقرابة 233,600 مستوطن في القدس الشرقية المحتلة، وفق الأمم المتحدة. واعتُبرت هذه المستوطنات الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية مثار جدل لعدم قانونيتها من قِبل الأمم المتحدة، وهو موقف أكدته محكمة العدل الدولية. ما هي صلاحيات السلطة الفلسطينية؟ أُنشئت السلطة الفلسطينية لتسلُّم المهام الإدارية في الضفة الغربية وغزة التي كانت تُدار من قبل "الإدارة المدنية الإسرائيلية"، لكن إسرائيل أخذت إجراءات قلصت لحد كبير من صلاحيات السلطة. مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" هاني المصري، يرى في حديث لبي بي سي، أن إسرائيل جرّدت السلطة الفلسطينية الآن من معظم صلاحياتها. وتضمن اتفاق أوسلو نقل السلطة للفلسطينيين في المجالات التالية: التعليم والثقافة والصحة والشؤون الاجتماعية والضرائب المباشرة والسياحة. ونَصَّ الاتفاق على بناء قوة الشرطة الفلسطينية، وتحدّث عن إنشاء مؤسسات مثل سلطة فلسطينية للكهرباء، سلطة ميناء غزة البحري، بنك فلسطين للتنمية، مجلس فلسطين لتشجيع الصادرات، سلطة فلسطينية للبيئة، سلطة فلسطينية للأراضي، وسلطة فلسطينية لإدارة المياه، وأي سلطات أخرى يُتفق عليها. وتَطرَّق اتفاق (أوسلو 2) عام 1994 لصلاحيات السلطة الوطنية الفلسطينية ومسؤولياتها، والتي لا تتضمن "العلاقات الخارجية والأمن الداخلي والأمن العام للمستوطنات ومنطقة المنشآت العسكرية والإسرائيليين والأمن الخارجي". وأعطى الاتفاق السلطة الفلسطينية سلطات ومسؤوليات قانونية وتشريعية وتنفيذية وقضائية. وتملك السلطة حالياً صلاحيات إدارية وخدماتية وأمنية واقتصادية محدودة حتى في مناطق (أ) المفترض أن تكون خاضعة لسيادة السلطة بشكل كامل، وفق المصري. ويعتقد المصري أن السلطة حالياً على حافة الانهيار، في ظل حجز إسرائيلي لأموال تعود للسلطة. وتتولى إسرائيل مسؤولية جمع الضرائب والرسوم الجمركية العائدة لحساب السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أبرم عام 1994. وتبرر إسرائيل توقفها عن التحويل إلى خزينة السلطة الفلسطينية، بمواصلة دفع السلطة رواتب المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. وتبلغ النفقات المرصودة في موازنة السلطة للعام الحالي قرابة 6.16 مليار دولار أمريكي، مع وجود عجز يقدر بحوالي 1.37 مليار دولار. ما الفرق بين السلطة ومنظمة التحرير؟ بعد تأسيس المنظمة بعقد، قررت القمة العربية في الرباط عام 1974 أن تكون منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. ومنذ القرار العربي، تُمثِّل المنظمة، فلسطين في الأمم المتحدة، ومنظمات دولية وإقليمية أخرى. والمنظمة هي التي أصدرت قراراً بإنشاء السلطة عام 1993 التي يقع على عاتقها "واجب تدبير شؤون الحياة اليومية" للفلسطينيين. يشير المصري عبر بي بي سي، إلى أن المنظمة هي الكيان السياسي والمرجعية العليا، أما السلطة تتمتع بصلاحيات حكم ذاتي محدود بحكم نص اتفاق أوسلو. ويُفترض لمنظمة التحرير أن تمثل الفلسطينيين في العالم، أما السلطة فهي تمثل الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. وحتى نهاية 2024، أُحصي وجود قرابة 14.9 مليون فلسطيني في العالم، منهم قرابة 7.6 مليون في الخارج. ويُعد ملف اللاجئين الفلسطينيين في عهدة واختصاص منظمة التحرير الفلسطينية، وفق المنظمة. ويتحدث المصري عن وجود مرجع قانوني لكل جهة، فالسلطة لديها "القانون الأساسي"، أما المنظمة فلديها "النظام الأساسي". ويصف المصري المنظمة بأنها "دولة لحين تجسد الدولة على الأرض". ومنذ 2012 تتمتع فلسطين بعضوية الأمم المتحدة بصفة مراقب، لكنها لا يمكن أن تُمنح العضوية الكاملة إلا بتصويت مؤيد من مجلس الأمن.