ملامح التسوية الإقليمية... من غـزة إلى بيروت
تشهد المنطقة تطورات متسارعة تعيد رسم المشهد الجيوسياسي، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الترتيبات الإقليمية، عنوانها "التسويات لا الصراعات".المشهد الأكثر وضوحاً يبقى في غـزة، حيث بدأت مؤشرات تراجع الدعم الأميركي غير المشروط لإســرائيل، بعد تسريب إعلامي كشف عن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مشاورات خاصة، بالتخلي عن إسـرائيل إذا لم تُوقف الحـرب فوراً.
هذا التسريب أثار ضجة كبيرة، كونه يكشف عن تحول جوهري في موقف الإدارة الأميركية، التي باتت تنظر إلى استمرار الحرب كعبء استراتيجي يعرقل مشاريعها في المنطقة، ويُفشل مفاوضاتها مع أطراف إقليمية فاعلة، وعلى رأسها إيــران. وقد فهم كثيرون هذا التسريب كجزء من ضغط أميركي واسع، يُمارس على تل أبيب بهدف فرض وقف لإطلاق النار، تمهيداً لتسوية أوسع.
في موازاة هذا المشهد، برزت الزيارة المرتقبة للمبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، حيث ستلتقي عدداً من المسؤولين اللبنانيين حاملة رسالة سياسية واضحة: "على لبنان أن يسلك طريق التسوية الشاملة، كما فعل الرئيس السوري أحمد الشارع"، في إشارة إلى ما بات يُعرف باتفاق إعادة التموضع السوري المدعوم أميركياً.
الزيارة ليست تفصيلية، بل تأتي في سياق ضغط منسق هدفه إدخال لبنان في دائرة التفاهمات الإقليمية، وإبعاده عن دوامة الحروب الصغيرة والانهيارات المتتالية. وهذا التوجه الأميركي يتقاطع مع مساعي الإدارة للوصول الى تفاهمات نهائية مع إيــران، تضمن استقراراً عاماً في الشرق الأوسط، وتمهد لانسحاب تدريجي من بؤر التوتر المكلفة.
في لبنان، يبدو أن هناك تقاطعات داخلية بدأت تتبلور. فرئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب جوزاف عون يناقشان مقترحات تؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار، مع تفهّم واضح لطبيعة التوازنات الدولية الجديدة. وهذا يعني أن بيروت قد تكون مقبلة على مرحلة تسويات دقيقة، عنوانها "الأمن مقابل الإصلاح"، وهو ما تطالب به أيضاً القوى الدولية الداعمة للبنان.
ما يحصل في غــزة، وما يُرسم لبيروت، هو جزء من مشهد أوسع: رغبة أميركية – وربما دولية – بإنهاء حالة السيولة الأمنية، وفرض وقائع سياسية جديدة، أساسها تهدئة الجبهات، وإعادة ترسيم النفوذ على قواعد أكثر استقراراً. والمرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه هذه الترتيبات.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

المدن
منذ 32 دقائق
- المدن
"الدستوري" يستجيب لعون ويبطل قانون التعويضات ومحفوظ يستنجد بترامب
أبطل المجلس الدستوري قانون تنظيم الهيئة التعليمية (آلية تغذية صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة) وأعلن عدم نفاذه، بقرار حمل الرقم 4، صدر يوم الثلاثاء في 20 أيار. وبعد عرض حيثيات مراجعة رئيس الجمهورية للمجلس الدستوري بالقانون، قرر "المجلس" مجتمعاً "قبول مراجعة رئيس الجمهورية، وإعلان عدم نفاذ القانون المطعون فيه والرامي إلى تعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بتنظيم الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتنظيم الموازنة المدرسية حكماً". دستورية نشر القانون وكان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أرسل مراجعة إلى المجلس الدستوري يعبر فيها عن أن القانون يثير بعض التساؤلات حول دستورية نشره في ظل الشغور في سدة الرئاسة، وأن المادة الأولى منه تخالف مبدأ المساواة، بينما تخالف المادة الثالثة مبدأ الوضوح في التشريع. في قراره، شرح واستفاض المجلس الدستوري في دستورية نشر القانون، مستعيداً كل المراحل التي مرّ فيها، منذ إقراراه في المجلس النيابي في العام 2023، وصولاً إلى حكومة نجيب ميقاتي، وأعلن ابطاله. وجاء أبطال القانون على خلفية الشوائب المتعلقة بآلية النشر حصراً، إذ قال "الدستوري" في القرار إنه ليس هناك من داعٍ لبحث باقي الأسباب التي راجع فيها رئيس الجمهورية. يختصر إقرار هذا القانون كل مأساة الأساتذة المتقاعدين في المدارس الخاصة، التي رفضت القانون منذ إقراره في المجلس النيابي. فهي ترفض التصريح عن مجمل رواتب الأساتذة لدفع محسومات (نسبة 6 بالمئة على الرواتب بالليرة اللبنانية والدولار) لتغذية صندوق التعويضات. ومارست الضغوط على الحكومة السابقة لعدم نشر القانون. ولم تفلح هذه الضغوط مع حكومة القاضي نواف سلام التي نشرت القانون. علماً أنه بعد طلب رئيس الجمهورية مراجعة المجلس الدستوري، عاد المجلس النيابي و المتقاعدون في متاهة جديدة نقيب المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوظ استنكر قرار المجلس الدستوري وقال: "مضحك مبكي ما هو حاصل في البلد. فهناك ثلاثة قوانين أقرت ونشرت بالطريقة عينها. فلماذا يبطل قانون صندوق التعويضات فيما لا تبطل القوانين الأخرى؟" وأضاف محفوظ لـ"المدن" أن المجلس الدستوري أبطل القانون ليس لأن ما جاء فيه مخالف للدستور، بل لأن آلية النشر لم تراع الأصول كما يدعى. كأن جميع مشكلات البلد قد حلت ولم يعد أي مشكلة يمكن الانشغال بها سوى متابعة كيفية نشر هذا القانون. يبحثون في جنس الملائكة، كأن ليس هناك خمسة الاف معلم متقاعد يموتون جوعاً، ومعاشهم التقاعدي بات 15 دولاراً شهرياً". وسأل محفوظ: "لماذا لم يبطل قانون منحة الـ650 مليار ليرة للمدارس الخاصة، الذي صدر بالطريقة نفسها، فيما يبطل قانون تغذية صندوق التعويضات؟" بعد قرار "الدستوري" دخل المتقاعدون في متاهة جديدة. وهم اليوم أمام رأيين: الأول يفيد أن القانون وتعديلاته بات غير قائم، والثاني أن القانون المطعون فيه لا يطال التعديلات التي صدرت بعد مراجعة عون، والدستوري لم يتطرق إلى التعديلات. مصدر في المجلس الدستوري أكد لـ"المدن" أن التعديلات التي أقرها مجلس النواب تبقى قائمة، لأن القرار لم يتطرق إليها، بل اقتصر على مراجعة عون. في المقابل قبول "الدستوري" الطعن وإعلان عدم نفاذ القانون يشمل حكم التعديلات التي طرأت عليه. والسبب هو أن القانون بات بحكم غير الموجود. ولعل عدم نشر رئيس الجمهورية التعديلات التي أقرها المجلس النيابي مرده إلى انتظار قرار "الدستوري". فمنذ نحو أسبوعين أرسلت التعديلات ولم تنشر في الجريدة الرسمية. الكرة بملعب عون وهنا يسأل محفوظ: ما هو البديل أو الحل لعدم نشر القانون؟ هل يترك الأساتذة المتقاعدون ليعيشوا على راتب لا يتجاوز 15 دولاراً بالشهر؟ ويضيف: "قانون السرية المصرفية، الذي كانت غالبية القوى السياسية تعارضه، أقر في مجلس النواب بسحر ساحر، ونشر على الفور في الجريدة الرسمية. فهل علينا أن نتصل بالرئيس ترامب للضغط على المسؤولين كي ينشر القانون؟ من المعيب جداً كيف يتعامل المسؤولون في قضية تعني خمسة آلاف عائلة". الكرة باتت في ملعب رئيس الجمهورية لنشر القانون المعدل، لا سيما أن مراجعته سبقت التعديلات التي أقرها المجلس النيابي. وحتى لو أن بعض التعديلات لم تكن مرضية للمدارس الخاصة لأنه جرى إدخالها خلال جلسة مجلس النواب، وخارج الاتفاق الذي حصل بينها وبين بو صعب. فقد جرى إدخال بند يتعلق بالتدقيق في الموازنة المدرسية من قبل خبير مٌحلف، وذلك بضغط قامت به النائبة حليمة القعقور، وجرى تصحيح خطأ (مقصود) باستبدال كلمة أساتذة واستعيض عنها بجملة "أفراد الهيئة التعليمية"، ليشم جميع المعلمين، وليس فقط من يحمل رتبة أستاذ. وقد أزعج ذلك المدارس الخاصة الرافضة مبدأ التدقيق الخارجي في الموازنات المدرسية.


IM Lebanon
منذ 34 دقائق
- IM Lebanon
الرئيس عون: شكرًا للعراق
إتصل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، برئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني، وشكره على مبادرته خلال قمة بغداد بالإعلان عن تقديم مبلغ 20 مليون دولار للبنان مساهمة من الدولة العراقية في مسيرة التعافي في لبنان. وقال عون: 'المبادرة تضاف إلى مبادرات مماثلة من العراق تؤكد على عمق العلاقات اللبنانية – العراقية وعلى ما يجمع بين الشعبين اللبناني والعراقي من أواصر الأخوّة والتضامن'.


ليبانون ديبايت
منذ 44 دقائق
- ليبانون ديبايت
السلاح الفلسطيني يتصدر زيارة محمود عباس لِبيروت
يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت، يوم الأربعاء، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام، يلتقي خلالها رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة نواف سلام. وتأتي هذه الزيارة في توقيت دقيق، وسط تسارع في إعادة رسم المشهد الإقليمي، وتزايد الضغط اللبناني الرسمي لضبط السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، في ظل القرار الثابت بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وبعد حوادث أمنية عدّة، كان آخرها إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه المستعمرات الإسرائيلية، اتُّهمت بتنفيذها عناصر من حركة "حماس"، عاد ملف السلاح الفلسطيني إلى واجهة الاهتمامات الأمنية في لبنان. وقد وجّهت الحكومة اللبنانية تحذيراً إلى "حماس"، استنادًا إلى توصية المجلس الأعلى للدفاع، من استخدام الأراضي اللبنانية لشنّ عمليات عسكرية ضد إسرائيل. وترافق هذا التحذير مع قرار حكومي حاسم يقضي بتسليم سلاح "حزب الله" أو وضعه تحت إمرة الجيش اللبناني، ما فتح الباب أمام استكمال معالجة ملف السلاح غير الشرعي، وفي مقدمته السلاح الفلسطيني. في هذا السياق، أكّد مصدر وزاري لبناني رفيع المستوى لـ"الشرق الأوسط" أنّ "ملف السلاح الفلسطيني، سواء داخل المخيمات أو خارجها، عاد ليكون من أبرز الملفات الأمنية التي تحتاج إلى معالجة جدّية وهادئة في الوقت نفسه، بعيدًا عن التشنج أو المزايدات". وأشار المصدر إلى أنّ "مرجعية الدولة اللبنانية في هذا الشأن واضحة ولا تقبل التأويل، وهناك التزام فلسطيني متكرّر، سواء من الرئيس محمود عباس شخصياً أو من قيادات بارزة، بضبط السلاح وعدم استخدامه إلا في إطار الدفاع عن القضية الفلسطينية، مع احترام كامل للسيادة اللبنانية". لكن المصدر لفت إلى أنّ "الإشكالية الكبرى تكمن في غياب آلية تنفيذية واضحة لهذا الالتزام، خاصةً في ظل تعدّد المرجعيات الفلسطينية داخل لبنان، ووجود فصائل لا تخضع مباشرة لسلطة الرئيس عباس، وبعضها مرتبط بأجندات إقليمية تثير قلق لبنان". وفي تصريح لـ"الشرق الأوسط"، قال سرحان سرحان، عضو القيادة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية: "لم يُطرح ملف سلاح المخيمات بشكل رسمي حتى الآن في اجتماعات لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني، ولكن إذا طُرح خلال لقاءات الرئيس مع المسؤولين اللبنانيين، فسيكون جزءاً من حوار شامل". وأضاف: "سلاح منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان منضبط مئة في المئة، ويخدم أمن واستقرار المخيمات فقط، ولدينا مؤسسات تعمل داخل كل المخيمات لتحقيق الأمن الاجتماعي والسياسي". وشدّد على رفض وصف المخيمات بأنها "جزر أمنية خارجة عن القانون"، مؤكداً أنّ "ما يصيب لبنان يصيبنا، ونعمل تحت سقف القانون اللبناني وبما يتفق عليه اللبنانيون". وأشار سرحان إلى أن "نزع السلاح بالقوة قد يفتح باب مشاكل أمنية واجتماعية، لكننا نؤيد ضبط السلاح بالتنسيق مع الدولة اللبنانية، وهناك تنسيق دائم بين منظمة التحرير والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمنع توسّع الاشتباكات أو امتدادها إلى مناطق أخرى". وختم بالقول: "نعمل بكل جدية على تثبيت الأمن داخل المخيمات وضبط أي سلاح متفلّت خارج الأطر الرسمية، ونعتبر أن استقرار لبنان مصلحة فلسطينية بامتياز". تعقيدات ملف «فتح» والفصائل الفلسطينية وتُجرى حاليًا اتصالات مغلقة بين الجانب اللبناني وقيادات فلسطينية مسؤولة، وفق مصادر فلسطينية مطلعة على الملف لـ"الشرق الأوسط"، بهدف صياغة تفاهم يُفضي إلى نزع السلاح من خارج المخيمات وضبطه داخلها، إلى جانب تشدّد كامل تجاه أي إطلاق صواريخ أو تحركات مسلحة خارجة عن السيطرة. إلا أن مشاركة السلطة الفلسطينية، وتحديدًا حركة "فتح"، في صياغة هذه الخطة، تثير تحفّظات من بعض الفصائل الفلسطينية "التي تتبنّى مواقف سياسية وأيديولوجية مختلفة، خصوصًا في ظل غياب مظلة وطنية فلسطينية موحّدة داخل لبنان"، وفق المصادر. وتلفت المصادر إلى أن "المفاوضات مع المجموعات الإسلامية الجهادية المنتشرة في بعض المخيمات تبدو محدودة التأثير، حيث ترفض هذه الفصائل تسليم سلاحها ما لم تُقدَّم لها ضمانات واضحة بشأن مصير أعضائها المطلوبين. وتعتبر أن أي خطة لنزع السلاح من دون تسوية شاملة، هي محاولة لإضعافها وإقصائها قسرًا". وقبل ساعات من زيارة عباس إلى بيروت، اندلعت اشتباكات عنيفة، مساء الاثنين، داخل مخيم شاتيلا في بيروت، بين مجموعات محلية مرتبطة بتجارة المخدرات، ما أسفر عن سقوط قتيلين وجريحين.