
لبنان... قرار حصر السلاح بالدولة اتُّخذ وحوار بين الرئيس و«حزب الله» لتنفيذه
- لبنان لن يكرر تجربة «الحشد الشعبي» العراقي مع «حزب الله» واتفاق بين عون وبري على حصر السلاح
- عون يتحدث عن مهمات للجيش في جنوب الليطاني وشماله «إقفالاً لأنفاق ومصادرة وإتلافاً لمخازن ذخيرة ومن دون اعتراض من حزب الله»
على طريقة «الخطوة خطوة»، يُبَلْوِر الرئيس اللبناني العماد جوزف عون، المسارَ الذي خَطَّهُ لحصر السلاح بيد الدولة، وهو «الاسم الحَركي» لسحْب سلاح «حزب الله»، وذلك على قاعدةِ حوارٍ ثنائي لتطبيق ما جَزَمَ بأنه «قرار مُتَّخذ» في هذا الشأن ويبقى البحثُ في كيفية تطبيقه «بعيداً من القوة» وبما يجنّب «تفجيرَ حرب أهلية في البلاد».
وشكّلت الزيارةُ الرسميةُ التي بدأها عون أمس للدوحة وتستمرّ حتى بعد ظهر اليوم، ويتخلّلها لقاء ثنائي (اليوم) مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومحادثات موسّعة يشارك فيها الجانبان القطري واللبناني، مناسبةً أكمل معها رئيسُ الجمهورية وَضْعَ «الأضواء الكاشفة» على مقاربته للملف الذي يعتبره الخارجُ المفتاحَ لمدّ «بلاد الأرز» بما تحتاج إليه من دَعْمٍ متعدُّد البُعد للنهوض من تحت أنقاض الحرب الأخيرة ومن قلب الحفرة المالية السحيقة، بتلازُمٍ بات أمراً واقعاً بين «الإصلاح الأمني» ذات الطابع السيادي (سلاح حزب الله) والإصلاح المالي - المصرفي - الإداري، بوصفْهما «حَبْلَيْنِ متوازييْن» يسهّلان العبور بالوطن الصغير إلى «منطقة الأمان».
وجاءت مواقف رئيس الجمهورية من السلاح والتي بلغت إعلانه «ان الحوار قائم بين الرئاسة و«حزب الله» عبر رسائل متبادلة تمهيداً للوصول الى حل وأنه متفق مع رئيس البرلمان نبيه بري على كل المواضيع وخصوصاً حصر السّلاح بيد الدولة، وصولاً لحديثه للمرة الأولى عن أن الجيش اللبناني يقوم بمهمات في هذا الإطار حتى في شمال الليطاني والبقاع «إقفالاً لأنفاق ومصادرة وإتلافاً لمخازن ذخيرة ومن دون أي اعتراض من حزب الله»، في الوقت الذي يرتسم بوضوحٍ «البازل» الكامل لمعالجة هذا الملف بكل امتداداته وعلى مختلف «مسارحه»... من الحدود مع اسرائيل والعمق اللبناني (خزان الأسلحة الاستراتيجية)، إلى الحدود شرقاً وشمالاً مع سورية بما يَضْمَن قَفْلَ الجسرِ البري لأي إمدادٍ عسكري للحزب، وهو ما كان بمثابة «المهمة المستحيلة» قبل انهيار نظام بشار الأسد كأوّل الترجماتِ الاقليمية للضربة القوية التي تلقاها الحزب من اسرائيل ولـ «الشرق الجديد» على حساب ضمور المحور الإيراني وتهاوي حلقات قوس نفوذ طهران.
وفيما كان ضبط الحدود مع سورية والمعابر، ومنع التهريب، وصولاً إلى ترسيم الحدود براً وبحراً «والذي كان قد انطلق في لقاء جدة بين وزيري دفاع البلدين برعاية السعودية» جزءاً رئيسياً من محادثات رئيس الحكومة نواف سلام اول من أمس في دمشق مع الرئيس السوري أحمد الشرع الذي تزامنت زيارته للدوحة أمس، مع وصول الرئيس اللبناني إليها، فإنّ ما أعلنه عون عبر قناة «الجزيرة» ولموقع وصحيفة «العرب الجديد» عشية انتقاله إلى قطر في ثالث إطلالة خارجية له بعد السعودية وفرنسا، عَكَسَ من جهةٍ المدى المتقدّم الذي بَلَغَه ملف سلاح «حزب الله» الذي يستعجل الخارج إنهاءه على وهج استمرار اسرائيل بإظهار يدها العليا العسكرية، ومن جهة أخرى أنه بات لدى لبنان الرسمي منهجية شاملة لكيفية سحْبه وصولاً إلى مصير عناصره وإمكان دمجهم في الجيش اللبناني.
لا لاستنساخ تجربة «الحشد الشعبي»
وجزم عون بأنه لن يحصل أي استنساخ لتجربة «الحشد الشعبي» العراقي في لبنان، ولن يَجْري استحداثُ وحدةٍ مستقلّة من مقاتلي «حزب الله» داخل الجيش اللبناني بل اندماجٌ للعناصر الذين تتوافر فيهم المواصفات، ويملكون الشهادات، وينجحون في الاختبارات التي تؤهلهم إلى دخول القوات المسلحة، تماماً كما حصل عند استيعاب مسلّحي أحزاب لبنانية شاركت في الحرب الأهلية مطلع تسعينات القرن الماضي.
وفي حين اعتبر أنّ التغييرات التي حصلت في سورية (سقوط نظام بشار الأسد) ومواقف طهران المتقدّمة تجاه الحوثيين و«الحشد»، تساعد على إنجاح الحوار الثنائي مع «حزب الله» وهو «ليس كمفهوم الحوارات المعتادة، فهناك رسائل متبادلة بيننا وبينهم لمقاربة الموضوع، وعندما تصل الأمور إلى خواتيمها، قد نجلس معاً إذا أمكن ذلك»، أكد «استمرار الاتصالات الدبلوماسية مع أطراف عربية ودولية للضغط على إسرائيل من أجل الانسحاب من الجنوب اللبناني، وحل مسألة الاسرى المحتجزين لديها»، كاشفاً أن «الجيش اللبناني يقوم بعمل جبار لتأدية المهمات المطلوبة منه على مساحة الوطن، وانه يقوم بواجبه في جنوب الليطاني وشماله وتفكيك الأنفاق والمخازن ومصادرة قواعد السلاح بكل احترافية ومن دون أي إشكال مع حزب الله، ومهمته مسهّلة، وهذا مؤشر بذاته (...) ولكن لبنان نحن بحاجة إلى استراتيجية أمن وطني تحصّنها اقتصادياً ودبلوماسياً وأمنياً وقضائياً ومالياً وإعلامياً وعسكرياً، والإستراتيجية الدفاعية تنبثق منها وهي غير مخصصة فقط لموضوع السلاح».
ليونة «حزب الله»
وإذ أوضح ان «حزب الله ابدى ليونة في موضوع السلاح»، اكد ان «القرار اتُخذ ويبقى التطبيق، والمقاربة تكون بطريقة الحوار بهدوء وحكمة ولا نرغب أن نعود إلى العنف، والسلم الأهلي بالنسبة إليّ هو خط أحمر»، موضحاً أن لبنان مع مبدأ تشكيل لجنة للتفاوض في موضوع الحدود البرية مع اسرائيل «على غرار ما حصل في موضوع الحدود البحرية، حيث تم تشكيل لجنة مشتركة عسكرية، ومدنية، وتقنية، اجرت مفاوضات في الناقورة، تم على اثرها ترسيم الحدود البحرية. الامر نفسه يطبق بالنسبة لترسيم الحدود البرية، باسثناء مزارع شبعا، التي لديها مقاربة مختلفة تتضمن سورية. وبعدها يمكن العودة الى تطبيق اتفاق الهدنة الذي تم في العام 1949».
وفيما أشار الى أنه يسعى ليكون 2025 «عام حصر السّلاح بيد الدولة»، كشف أنه أبلغ الأميركيين، ممثلين بنائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس «بحرصه على عدم المخاطرة بالسِّلم الأهلي وباندلاع حرب أهلية»، قال عن علاقة الرئاسة اللبنانية بحزب الله، إنها جيّدة ومباشرة «ونتائجها ظاهرة على الأرض»، مشدداً على أن عمل الجيش في الجنوب والبقاع في إطار تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، إقفالاً لأنفاق ومصادرة وإتلافاً لمخازن ذخيرة تابعة لحزب الله، يحصل من دون أي عرقلة من الحزب، الذي وصفه بأنه يتصرّف بمسؤولية ووعي كبيرَين، من خلال عدم الرد على الانتهاكات الإسرائيلية، ومعلناً أن الحزب ليس في وارد الانجرار إلى حرب جديدة.
وختم عون، الذي جال قبل مغادرته بيروت على المديرية العامة لأمن الدولة ومقرّ وزارة الدفاع وقيادة الجيش، بالإشارة إلى أن زيارته لقطر هي لشكر الدوحة على دعمها، وطلب استمرار مساعدتها للجيش والاستثمار في قطاعات الكهرباء والنفط في لبنان.
يزيد بن فرحان
في موازاة ذلك، بقي الاهتمامُ عالياً بزيارة مسؤول الملف اللبناني في الخارجية السعودية الأمير يزيد بن فرحان لبيروت، حيث واصل لقاءاته بعيداً عن الإعلام والتقى أمس بري وشخصيات سياسية، وذلك غداة اجتماعه بعون وسلام (بعد عودة الأخير من دمشق) ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع واستقباله عدداً من النواب.
وفي حين تم وضع هذه الزيارة في إطار متابعة نتائج زيارة عون للسعودية قبل نحو شهر ونصف الشهر والتحضيرات لمحطة رسمية يشارك فيها سلام وتشهد توقيع نحو 22 اتفاقاً، فإنّ جانباً ثالثاً تقاطعتْ المعطيات عند أنه كان حاضراً في جزء من لقاءات الموفد السعودي ويتمحور حول العلاقات اللبنانية - السورية في ضوء ما أظهرتْه الرياض من احتضان عالٍ جداً لها عبّرت عنه رعايةُ وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز أواخر مارس لقاء جمع وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى ونظيره السوري مرهف أبوقصرة وَضَع المدماك الأوّل والتأسيسي لتصحيح العلاقات عبر اتفاق جرى توقيعه وأكد «الأهمية الإستراتيجية لترسيم الحدود وتشكيل لجان قانونية ومتخصصة بين البلدين في عدد من المجالات وتفعيل آليات التنسيق للتعامل مع التحديات الأمنية والعسكرية لاسيما في ما قد يطرأ على الحدود بينهما».
وقد استكمل سلام في زيارته لدمشق هذا المسار الرامي إلى فتْح صفحة من العلاقات بين لبنان الجديد وسورية الجديدة تطوي عقوداً من التباساتٍ وأدوار لنظام الأسد في «بلاد الأرز» تحوّل فيها طرفاً في الحرب اللبنانية وصولاً لـ «وصايةٍ» عليها بين 1990 و2005، قبل أن «يسلّم شعلة» الدور الناظم أمنياً وعسكرياً لـ «حزب الله».
تسليم مطلوبين
وفي موازاة اعتبار سلام أن «هذه الزيارة من شأنها فتح صفحة جديدة في مسار العلاقات على قاعدة الاحترام المتبادل، واستعادة الثقة، وحُسن الجوار، والحفاظ على سيادة بلدينا» وإعلانه أنه «تم الاتفاق على تشكيل لجنة مؤلَّفة من وزارات الخارجية، والدفاع، والداخلية والعدل لمتابعة كل الملفات ذات الاهتمام المشترك، على أن يُستكمل البحث في ملفات أخرى من وزارات الاقتصاد، والأشغال العامة والنقل، والشؤون الاجتماعية والطاقة»، فإن البارز كان ما كُشف عن أن المباحثات المطولة شملت إلى تسهيل عودة النازحين ورغبة دمشق في تسليم مطلوبين هم من فلول النظام السابق، مطالبة لبنان السلطات السورية بالمساعدة تسليم المطلوبين للعدالة في بيروت وفي قضايا عدة أبرزها تفجير مسجديْ التقوى والسلام واغتيال الرئيس بشير الجميل واغتيال الزعيم الدرزي كمال جنبلاط.
اغتيالات
ولم تحجب هذه العناوين الأنظار عن مضي اسرائيل في اعتداءاتها حيث أغارت أمس على سيارة على طريق عيترون جنوب لبنان، ما أسفر عن سقوط من زعم جيشها أنه «قائد خلية في منظومة العمليات الخاصة في حزب الله» وجرح 3 أشخاص، فيما عبرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن قلقها بشأن حماية المدنيين في لبنان مع استمرار سقوط قتلى في صفوفهم جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ وقف النار (27 نوفمبر).
وقال الناطق باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، للصحافيين في جنيف: «تواصل العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان قتل وإصابة المدنيين، وتدمير البنية التحتية المدنية، ما يثير مخاوف تتعلق بحماية المدنيين»، حسب «رويترز».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجريدة
منذ 9 ساعات
- الجريدة
كادوا يغتالون جابر واغتالوا الحريري... وتساعدونهم؟!
ارتكبوا قرابة مئة عمل إرهابي بالكويت، تفجيرات مصافٍ وسفن نفط وموانئ وسفارات واغتيالات واختطاف طائرات لأكثر من أربعين عاماً أشارت أصابع الاتهام والأحكام القضائية فيها إلى إيران من خلال ذراعها «حزب الله» اللبناني، وكان من بين أواخرها خلية العبدلي التي صدر بشأنها حكم تمييز منذ ثمانية أعوام، فإرهابهم خلال الثمانينيات بالكويت كان دامياً، ففجروا في يوم واحد سبعة أماكن عام 1983، منها السفارة الأميركية، وقُتِل فيها أبرياء، وبعدها بعام اختطفوا طائرة «الكويتية» كاظمة، وقُتِل فيها دبلوماسيان، وبعدها بثلاثة أعوام اختطفت طائرة الجابرية وقُتِل كويتيان، كما تم تفجير مقاهٍ شعبية كان ضحاياها أحد عشر شخصاً، وفي نفس العام ارتكبوا أخطرها، ويصادف اليوم ذكراها من عام 1985 حين حاولوا اغتيال الأمير الراحل الشيخ جابر. فإرهاب «حزب الله» نشأ في مسقط رأسه بجيش موّلته إيران لاغتيال خصومه السياسيين، وأيادي مدبري الاغتيالات تقطر دماً بجريمة اغتيال رفيق الحريري، من لبنانيين وإيرانيين، أمثال مغنية وأبومهدي المهندس، ومن مساوئ المصادفات أيضاً أن نفس الأيادي كانت تقطر دماً لمحاولتها اغتيال الأمير الشيخ جابر. لذا يأتي دور حكومتنا لوضع كل هذه الوقائع على طاولة المفاوضات عند التفكير في تقديم مساعدات جديدة للبنان بعد أن كسرت قروضنا له حاجز المليار دولار تقريباً، مع منح بحوالي نصف هذا المبلغ منذ ستين عاماً، مما جعلنا نطالب مؤخراً بوقف المساعدات للبنان، فعلينا وضع شروط صارمة، ليست اقتصادية فحسب بل سياسية كذلك. فلك أن تتخيل عزيزي المواطن تقديمنا قروضاً ومنحاً لأماكن وجود «حزب الله» بالجنوب اللبناني، الذي مارَس الإرهاب ضدنا وكالةً عن إيران، بما يتجاوز 193 مليون دولار كمشاريع نقل مياه الليطاني إلى الجنوب للري والشرب ومشاريع الصرف الصحي، وكنسنا شوارعهم بعد كل حرب للحزب مع إسرائيل دُمّر بها لبنان، كإصلاح محطات كهرباء وإعادة إعمار بمنح تعدت 37 مليون دولار عام 2000، ومنح أخرى لإعادة إعمار بقيمة 311 مليون دولار بعد حربهم مع إسرائيل عام 2006! نعلم أنكم تحبون لبنان ولهجته، ولكم ولنا فيه أصدقاء، وتعشقون جباله وضيعاته، وذكرياتكم بالجامعة الأميركية ببيروت، لكن ضعوا هذا بعيداً عن حرمة أموالنا العامة، ليصل بنا الحال إلى تقديم مئات الملايين منحاً، إحداها لبناء متحف بقيمة 30 مليون دولار في 2009، مع توجيه ما تبقى منها لإعادة بناء الاهراءات وتصليح أضرار انفجار مرفأ بيروت، وكل ذلك تسبب فيه «حزب الله»! لقد كتبنا أكثر من سبعين مقالاً على مدى عقدين من الزمن، وكم حذرنا ووجهنا رسائل إلى حكوماتنا السابقة دون جدوى، لنوجهها هذه المرة للحكومة الأفضل في عهد الحزم، بأن عليها وضع شروط صارمة على لبنان دون مجاملة لمجرد التفكير في تقديم مساعدات، فكشف الذمم المالية للقيادات ورؤساء الأحزاب الذين يملك بعضهم مليارات ضروري، مع إجبارهم على المساهمة في مشاريع إعادة الإعمار من خلال إنشاء صندوق محلي للإعمار، ويجب عدم تقديم دولار واحد دون نزع سلاح «حزب الله» حتى لا يتهور ويطلق صاروخاً تجاه إسرائيل، كما فعل خلال الـ 25 عاماً الماضية، لتأتي إسرائيل وتدمر كل قدمناه من مساعدات، كما لا يجوز أن تذهب قروضنا ومِنحنا نحو الجنوب اللبناني حيث «حزب الله» الذي ارتكب كل تلك العمليات الإرهابية بالكويت، والذي كاد يغتال أميرنا الراحل الشيخ جابر، واغتال رئيس وزرائهم، فهل يُعقَل أن نقوم الآن بمساعدتهم؟! *** إن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي.


الأنباء
منذ 2 أيام
- الأنباء
غياب التوافق والتزكية يفرض الانتخاب في القرى الحدودية
يؤكد أبناء الجنوب، وعلى وجه الخصوص، أهالي القرى الحدودية، على أهمية الانتخابات البلدية والاختيارية كاستحقاق وطني، وضرورة مشاركة الجميع في ممارسة حقهم الديموقراطي، أكانوا في بلداتهم أو خارجها، كرد على العدوان والأطماع الإسرائيلية الهادفة إلى تفريغ وتهجير القرى والبلدات الحدودية. وفيما تحرص القوى السياسية المؤثرة والمعنية بالقرار في الجنوب (حزب الله وحركة أمل)، على تعميم ثقافة التوافق لإنتاج مجالس بلدية تفوز بالتزكية، لتوفير الأعباء والمعاناة، وتأمين أجواء تكون على مستوى تحديات المرحلة وظروفها الصعبة من كل الجوانب، فقد نجحت في العديد من البلدات، لكنها بالمقابل فشلت في بلدات أخرى تحظى بتنوع سياسي من جهة، وبتعدد طائفي ومذهبي. ومن هذه البلدات، بلدة حولا (قضاء مرجعيون)، حيث يبدو المشهد الانتخابي نشطا بعد غياب التوافق بين الأحزاب المكونة للمجتمع في حولا. وأعلن عن لائحتين: واحدة للأحزاب وأخرى للمستقلين، وسط سخونة في الجو الانتخابي، لإيصال مجلس بلدي من 15 عضوا. حولا من البلدات الحدودية الأمامية ونالت نصيبا كبيرا من عمليات الإبادة لمعالمها، جراء غارات الطيران الحربي الإسرائيلي والقصف المدفعي، بالإضافة إلى أعمال التفجير. وتوزع أهاليها على عدد من بلدات الجنوب والعاصمة بيروت. هذه الأوضاع خلقت عوامل مؤثرة سلبا على العملية الانتخابية، لوجود أهالي البلدة في الشتات، خصوصا لدى كبار السن، حيث تبقى المشكلة في كيفية انتقالهم. وقد وضعت صناديق الاقتراع لحولا في بلدة زبدين بالقرب من مدينة النبطية. رئيس البلدية شكيب قطيش قال لـ«الأنباء»: «حولا مهدمة كليا والأخطار الإسرائيلية تلفها من كل حدب وصوب، وليس فيها من مكان آمن ويصلح كمركز انتخابي». وشدد على «أنه رغم كل الظروف والأوضاع والتهديدات والاعتداءات الإسرائيلية، علينا إنتاج مجلس بلدي جديد أينما كنا، ونأمل أن نوصل فريق عمل لخدمة البلدة وأبنائها». وأكد «اهتمام الناس بالاستحقاق الانتخابي»، واعتبر «ان المشاركة هي للتأكيد على أن الأرض لنا بمواجهة الأطماع الصهيونية الاحتلالية والتوسعية»، مشددا على رفع شعار «العودة والوفاق والتنمية». المشهد بدا مختلفا أيضا في القرى الحدودية التي ينتمي أهاليها إلى العشائر والقبائل العربية من الطائفة السنية في قضاء صور، ومنها بلدات يارين والزلوطية ومروحين، التي تنتمي إلى عشيرة «القليطات»، فيما ينتمي أهالي بلدة البستان، إلى عشيرة عرب «الخريشة»، وأهالي بلدة الضهيرة إلى عشيرة عرب «العرامشة»، الذين سلخهم ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين عن بعضهم البعض العام 1923، فبقي قسم منهم داخل الأراضي الفلسطينية، في قرية العرامشة، التي يفصلها جدار إسمنتي عن أهلهم في الضهيرة. وتتنافس في يارين التي يبلغ عدد سكانها 7000 نسمة، وعدد ناخبيها 2870 لائحتان. وتعيش تلك البلدات التي لم تعرف التوافق على وقع التأثيرات العائلية وحساباتها الانتخابية، وقد بذلت محاولات حثيثة ليكون التوافق سيد الموقف، لكن الحسابات العائلية وحساسياتها التاريخية وخلافاتها، حالت دون ذلك، وسبق ان أدت إلى حل المجلس البلدي السابق. وقال رئيس بلديتها السابق عدنان أبو دلة: «سعينا وحاولنا كثيرا التوصل إلى توافق لإيصال مجلس بلدي بالتزكية، ولكن للأسف لم نوفق.. المجلس البلدي مؤلف من 15 عضوا جميعهم من الطائفة السنية. لدينا في البلدة 3 مخاتير، ولا زلنا مهجرين، في صور والسباعية والبرغلية والعاقبية، حيث العدد الاكبر، وفي بيروت والجية. بإذن الله سيكون هناك اقبال كثيف على الاقتراع، لايصال مجلس بلدي منسجم، لان الاهالي عانوا لمدة تسع سنوات من غياب مجلس بلدي». في بلدة مروحين (قضاء صور)، التي يبلغ عدد ناخبيها 1500 وسكانها 4000 نسمة، تتحكم العوامل العائلية بمسار ومفاصل العملية الانتخابية. وتتكثف الاتصالات بين العائلات في محاولة للوصول إلى توافق ينشده الجميع، لتوفير الأجواء الملائمة لأبناء البلدة، كما أكد رئيس بلديتها محمد صالح غنام. البلدة المدمرة كليا بآلة الحرب الإسرائيلية، ويتحسر أهلها على الأوضاع التي وصلت اليها، وهي المرة الأولى في تاريخها تشهد هذه الوحشية التدميرية. وتم اعتماد ثانوية الإمام موسى الصدر في مدينة صور – دوار البص، كمركز انتخابي لأهالي البلدة، ووضعت أقلام الاقتراع فيها، لانتخاب مجلس بلدي من 15 عضوا.


الرأي
منذ 2 أيام
- الرأي
لندن تتهم مغني راب إيرلندياً بارتكاب «جريمة إرهابية»
أعلنت شرطة لندن، مساء الأربعاء، أن ليام أوهانا، أحد أعضاء فرقة الراب الإيرلندية الشمالية «نيكاب»، اتهم بارتكاب «جريمة إرهابية» بعدما لوّح بعلم «حزب الله» خلال حفلة موسيقية في لندن في نوفمبر الماضي. وأوضح بيان للشرطة أنّ المغني، وخلال حفلة موسيقية في قاعة «او 2» O2 في لندن، «رفع (...) علماً، بطريقة أو في ظل ظروف تثير شكوكاً منطقية بأنه من مؤيدي منظمة محظورة هي حزب الله»، وهذه جريمة بموجب قانون الإرهاب لعام 2000. ونفت «نيكاب» دعمها للحزب، وقالت في بيان «ننفي هذه الجريمة وسندافع عن أنفسنا بكل قوة». وأضاف البيان أن «14 ألف طفل على وشك الموت جوعاً في غزة (...) ومرة جديدة تصب المؤسسة السياسية البريطانية تركيزها علينا»، منددة بما وصفته «الشرطة السياسية». وتعتبر المملكة المتحدة «حزب الله» مجموعة إرهابية. ومن المقرر أن يمثل ليام أوهانا، واسمه الفني مو شارا في فرقة «نيكاب»، أمام المحكمة في لندن بتاريخ 18 يونيو. وتعرضت الفرقة التي تضم ثلاثة أعضاء متحدرين من بلفاست، والمعروفة بمواقفها المؤيدة للفلسطينيين، لانتقادات شديدة منذ اتهامها إسرائيل بارتكاب «إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني» في غزة، خلال مهرجان «كواتشيلا» في كاليفورنيا. ومُذّاك، انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من حفلات كثيرة لها، تظهر مثلاً أحد أعضاء الفرقة وهو يصرخ «هيا يا حماس! هيا يا حزب الله!». ومطلع مايو، أعلنت شرطة مكافحة الإرهاب أنها تحقق في العديد من مقاطع الفيديو، مشيرة إلى «وجود أسباب كافية للتحقيق في جرائم محتملة». وأكد مغنو الراب من جهتهم أنهم «لا يدعمون حماس أو حزب الله ولم يدعموهما مطلقاً». وفي الأسابيع الأخيرة، استُبعدت الفرقة من مهرجان في جنوب إنكلترا، وأُلغيت حفلات كثيرة لها كانت مرتقبة خلال سبتمبر في ألمانيا. ودعا مجلس نواب اليهود البريطانيين منظمي مهرجان «غلاستونبري» البريطاني الشهير إلى إلغاء حفلة لـ «نيكاب» كانت مقررة في نهاية يونيو. ومطلع مايو، وقّع عدد كبير من الأسماء البارزة في القطاع الموسيقي، من أمثال «بالب» و«فونتين دي سي» و«ماسيف أتاك»، رسالة دعم لفرقة «نيكاب»، معتبرين أنّ أعضاءها الثلاثة يتعرّضون لـ«قمع سياسي» و«محاولة واضحة ومنسقة للرقابة وإلغاء حفلات». وهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها الفرقة الجدل. فقد سبق أن سُحبت أغنيتها الأولى «CEARTA»، والتي تعني «حقوق» باللغة الإيرلندية، من إذاعة «آر تي اي» العامة الايرلندية بسبب إشارتها إلى المخدرات. ودائماً ما اتّهم منتقدو «نيكاب» الفرقة بالترويج لتعاطي المخدرات ونشر الخطاب المناهض للمملكة المتحدة من خلال الدعوة إلى إعادة توحيد إيرلندا. وتحمل إحدى أغانيها عنوان «غيت بور بريتس أوت» (أَخرجوا البريطانيين).