
خبير في الإسكوا: التغيير المناخي قد يُطيح 14% من الناتج المحلي العربي بحلول 2050
شح الموارد المائية وتأثيره على الأمن الاقتصادي
أوضح صادق أن المنطقة العربية تُعد من أكثر مناطق العالم شحاً في الموارد المائية، وتعتمد في معظم الأحيان على مصادر غير تقليدية، مثل تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه في الزراعة، وخلط مياه الصرف بالمياه العذبة لزراعة محاصيل تتحمّل نسب ملوحة مرتفعة.
وأضاف أن التغير المناخي يزيد من حدة هذه الأزمة، مشيراً إلى أن ارتفاع درجات الحرارة – بحسب إسقاطات مبادرة 'ريكار' التابعة للإسكوا – قد يتراوح بين درجتين وخمس درجات مئوية بحلول عام 2050، في حال لم يتم الحد من الانبعاثات الناتجة من النشاطات البشرية.
وحذّر صادق من أن هذه التحولات المناخية قد تؤدي إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بنسبة تصل إلى 14% بحلول عام 2050 نتيجة تفاقم شحّ المياه، وهو رقم كبير بالنسبة إلى منطقة تعاني أساساً من أزمات سياسية واقتصادية متشابكة، فضلاً عن تزايد مستويات المديونية التي تجاوزت 1.6 تريليون دولار خلال العامين الأخيرين.
مبادرة 'ريكار': قاعدة علمية لبناء السياسات المناخية
على صعيد الجهود العلمية والمؤسسية، تحدّث صادق عن مبادرة 'ريكار' التي أطلقتها الإسكوا قبل نحو 15 عاماً، وتهدف إلى تقييم آثار تغير المناخ على الموارد المائية، وعلى الجوانب الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها. وتشارك في هذه المبادرة جميع الدول العربية التي تُزودها الإسكوا بنتائج علمية دقيقة تُستخدم في صوغ السياسات والاستراتيجيات الوطنية للتكيّف مع آثار المناخ.
وتشمل التوصيات الناتجة من هذه الدراسات أهمية تغيير التركيب المحصولي في بعض المناطق، واختيار محاصيل أكثر تحملاً للجفاف والملوحة، فضلاً عن تعزيز قدرات الدول في حماية الأراضي الرطبة التي تتأثر بشدة نتيجة موجات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة.
الظواهر المناخية الحادة وكلفتها الاقتصادية
ولفت صادق إلى أن العواصف الرملية والترابية أصبحت من أبرز ملامح التغير المناخي في المنطقة، متوقعاً ازديادها إلى نحو 50 يوماً في السنة بحلول منتصف القرن. وقدّر أن العراق وحده يخسر نحو مليار دولار سنوياً بسبب هذه الظواهر، فيما تصل الكلفة على مستوى غرب آسيا كله إلى نحو 150 مليار دولار سنوياً، كون هذه العواصف عابرة للحدود وتؤثر على مختلف القطاعات الحيوية، من البنية التحتية إلى الصحة والزراعة.
مبادرات عربية رائدة: السعودية والإمارات نموذجين
واستعرض صادق بعض أبرز المبادرات العربية في مجال مواجهة التغير المناخي، وفي مقدمتها مبادرة 'السعودية الخضراء' التي تهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة، ضمن إطار أوسع لمبادرة 'الشرق الأوسط الأخضر' التي تسعى إلى زراعة 50 مليار شجرة بالتعاون مع الدول العربية.
وأوضح أن هذه المبادرات تركّز على إنشاء أحزمة خضراء حول المدن والمسطحات المائية، لحمايتها من التلوث ومن ردم الطرق خلال العواصف الرملية. أما في دولة الإمارات، فهناك مبادرة لإعادة تشجير أشجار 'المانغروف' على سواحل الخليج، والتي تلعب دوراً مهماً في صدّ ارتفاع منسوب مياه البحر، والحفاظ على البيئة البحرية والتنوع البيولوجي.
دور الإسكوا في تمويل المناخ وبناء القدرات
وأكد صادق أن الإسكوا لا تكتفي بتقديم الدعم الفني والعلمي، بل تعمل أيضاً على دعم الدول في الحصول على التمويل اللازم من خلال مساعدتها في إعداد مشاريع قابلة للتمويل، وتدريب الكوادر المحلية على صوغ هذه المشاريع وفق معايير مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق المناخ الأخضر.
وضرب مثالاً مشروعاً في دلتا النيل في مصر، يهدف إلى إقامة حائط صد في الساحل الشمالي لحماية نحو 20 مليون مواطن من تبعات ارتفاع منسوب البحر بمقدار نصف متر.
كما أشار إلى المبادرات المتقدمة في المغرب في مجال الطاقة المتجددة، والتي تمثل نموذجاً ناجحاً للتحول في قطاع الطاقة والمساهمة في التخفيف من الانبعاثات الكربونية.
في المحصّلة، تقف الدول العربية عند مفترق طرق حاسم في مواجهة تغير المناخ، والتحديات، وإن كانت كبيرة، لا يمكن التصدي لها إلا من خلال تعاون إقليمي فعّال، وتمويل مستدام، وتخطيط استراتيجي قائم على المعرفة العلمية. فالمستقبل المناخي للمنطقة العربية يعتمد على ما يُبذل اليوم من جهود جادة في التكيّف والتخفيف.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
الإمارات والسعودية بين أفضل 20 دولة عالمياً في كثافة مواهب الذكاء الاصطناعي
صُنّفت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضمن قائمة أفضل 20 دولة في العالم من حيث كثافة مواهب الذكاء الاصطناعي، متفوقتين على دول مثل إيطاليا وروسيا، وذلك بحسب "مؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي" الصادر عن المنتدى المالي الدولي (IFF) بالتعاون مع مجموعة المعرفة العميقة (DKG). وتمتلك الإمارات 0.7٪ والسعودية 0.4٪ من إجمال المواهب العالمية في هذا المجال، مما يعكس صعودهما كقوتين صاعدتين في مجال الابتكار والتقنية. في هذا السياق، حققت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) إنجازاً غير مسبوق بدخولها قائمة أفضل 150 جامعة عالمياً في إعداد مواهب الذكاء الاصطناعي وتخريجها، لتصبح الأعلى تصنيفاً في الشرق الأوسط. ويأتي هذا ضمن جهود المملكة لتأهيل رأس المال البشري ودعم ريادتها في الذكاء الاصطناعي، في ظل رؤية 2030 التي تضع الذكاء الاصطناعي كأحد ركائز التحول الوطني. وتسعى السعودية إلى استقطاب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار وخلق 200 ألف وظيفة عالية التقنية، ضمن خطتها لتصبح بين أفضل 10 دول في العالم في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته بحلول عام 2030. ومن أبرز المبادرات في هذا الإطار، التعاون مع جامعات عالمية مثل ستانفورد، وإطلاق برامج تدريبية مثل "10,000 مبرمج"، إضافة إلى إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA). وقد أكد تقرير المنتدى المالي الدولي أن المواهب هي المحرك الأساسي لابتكارات الخوارزميات وبراءات الاختراع، مشيراً إلى أن الدول التي تستثمر في هذا المجال تضمن تفوقها التنافسي على المدى البعيد. وأوضح تشو جيان، خبير البيانات في المنتدى، أن التقرير يسلط الضوء على أهمية بناء فهم شامل لتدفق مواهب الذكاء الاصطناعي حول العالم. من جانبه، شدّد ديمتري كامينسكي، الشريك العام في DKG، على أن السعودية والإمارات تتبنيان استراتيجيات طموحة في مجالات التعليم والبنية التحتية والابتكار، مما يجعلهما في موقع متميز لجذب الاستثمارات وأفضل المواهب العالمية. وأضاف أن الإمارات تبرز كلاعب رئيسي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، بينما تبني المملكة بيئة متكاملة لدعم التطبيقات والمواهب. وتقدّم المملكة أعلى العروض الوظيفية لمواهب الذكاء الاصطناعي في العالم، بمتوسط دخل سنوي يبلغ 420,000 دولار معفي من الضرائب، إلى جانب حوافز تصل إلى 5 ملايين دولار في مشاريع كبرى مثل "نيوم"، التي تمثل نموذجًا فريدًا لمدن المستقبل، حيث تعتمد أكثر من 30% من ميزانيتها على بنية تحتية قائمة على الذكاء الاصطناعي. ومن المقرر أن تصبح مدينة "ذا لاين" في "نيوم" أول مدينة عالمية يتم تشغيلها بالكامل بالذكاء الاصطناعي، مع مراقبة بيومترية وجمع بيانات شامل لتطوير الحلول التقنية في بيئة واقعية. وتدعم صناديق الاستثمار السيادية هذه التحركات، إذ أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي صندوقاً بقيمة 1.5 مليار دولار مخصصاً للذكاء الاصطناعي. كما تم تفعيل سياسات استثنائية لتسهيل جذب الخبراء الأجانب، عبر برامج إقامة مرنة وتوفير نمط حياة يجمع بين الحداثة واحترام الثقافة المحلية. وفي ختام التقرير، أكد البروفيسور باتريك غلاونر، منسق لجنة الذكاء الاصطناعي في المنتدى، أن الدول التي تستثمر في هذه المواهب لا ترسم مستقبلها الرقمي فقط، بل تضمن موقعها الريادي لعدة عقود مقبلة. وأضاف أن السعودية، بفضل موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها المتوازنة مع الصين والولايات المتحدة، باتت تُشكل منطقة محايدة ومثالية لاحتضان شركات التكنولوجيا والمواهب العالمية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


النهار
منذ 2 ساعات
- النهار
الإمارات والسعودية بين أفضل 20 دولة عالمياً في كثافة مواهب الذكاء الاصطناعي
صُنّفت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضمن قائمة أفضل 20 دولة في العالم من حيث كثافة مواهب الذكاء الاصطناعي، متفوقتين على دول مثل إيطاليا وروسيا، وذلك بحسب "مؤشر التنافسية العالمي للذكاء الاصطناعي" الصادر عن المنتدى المالي الدولي (IFF) بالتعاون مع مجموعة المعرفة العميقة (DKG). وتمتلك الإمارات 0.7٪ والسعودية 0.4٪ من إجمال المواهب العالمية في هذا المجال، مما يعكس صعودهما كقوتين صاعدتين في مجال الابتكار والتقنية. في هذا السياق، حققت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (KAUST) إنجازاً غير مسبوق بدخولها قائمة أفضل 150 جامعة عالمياً في إعداد مواهب الذكاء الاصطناعي وتخريجها، لتصبح الأعلى تصنيفاً في الشرق الأوسط. ويأتي هذا ضمن جهود المملكة لتأهيل رأس المال البشري ودعم ريادتها في الذكاء الاصطناعي، في ظل رؤية 2030 التي تضع الذكاء الاصطناعي كأحد ركائز التحول الوطني. وتسعى السعودية إلى استقطاب استثمارات بقيمة 20 مليار دولار وخلق 200 ألف وظيفة عالية التقنية، ضمن خطتها لتصبح بين أفضل 10 دول في العالم في أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته بحلول عام 2030. ومن أبرز المبادرات في هذا الإطار، التعاون مع جامعات عالمية مثل ستانفورد، وإطلاق برامج تدريبية مثل "10,000 مبرمج"، إضافة إلى إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA). وقد أكد تقرير المنتدى المالي الدولي أن المواهب هي المحرك الأساسي لابتكارات الخوارزميات وبراءات الاختراع، مشيراً إلى أن الدول التي تستثمر في هذا المجال تضمن تفوقها التنافسي على المدى البعيد. وأوضح تشو جيان، خبير البيانات في المنتدى، أن التقرير يسلط الضوء على أهمية بناء فهم شامل لتدفق مواهب الذكاء الاصطناعي حول العالم. من جانبه، شدّد ديمتري كامينسكي، الشريك العام في DKG، على أن السعودية والإمارات تتبنيان استراتيجيات طموحة في مجالات التعليم والبنية التحتية والابتكار، مما يجعلهما في موقع متميز لجذب الاستثمارات وأفضل المواهب العالمية. وأضاف أن الإمارات تبرز كلاعب رئيسي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، بينما تبني المملكة بيئة متكاملة لدعم التطبيقات والمواهب. وتقدّم المملكة أعلى العروض الوظيفية لمواهب الذكاء الاصطناعي في العالم، بمتوسط دخل سنوي يبلغ 420,000 دولار معفي من الضرائب، إلى جانب حوافز تصل إلى 5 ملايين دولار في مشاريع كبرى مثل "نيوم"، التي تمثل نموذجًا فريدًا لمدن المستقبل، حيث تعتمد أكثر من 30% من ميزانيتها على بنية تحتية قائمة على الذكاء الاصطناعي. ومن المقرر أن تصبح مدينة "ذا لاين" في "نيوم" أول مدينة عالمية يتم تشغيلها بالكامل بالذكاء الاصطناعي، مع مراقبة بيومترية وجمع بيانات شامل لتطوير الحلول التقنية في بيئة واقعية. وتدعم صناديق الاستثمار السيادية هذه التحركات، إذ أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي صندوقاً بقيمة 1.5 مليار دولار مخصصاً للذكاء الاصطناعي. كما تم تفعيل سياسات استثنائية لتسهيل جذب الخبراء الأجانب، عبر برامج إقامة مرنة وتوفير نمط حياة يجمع بين الحداثة واحترام الثقافة المحلية. وفي ختام التقرير، أكد البروفيسور باتريك غلاونر، منسق لجنة الذكاء الاصطناعي في المنتدى، أن الدول التي تستثمر في هذه المواهب لا ترسم مستقبلها الرقمي فقط، بل تضمن موقعها الريادي لعدة عقود مقبلة. وأضاف أن السعودية، بفضل موقعها الاستراتيجي وعلاقاتها المتوازنة مع الصين والولايات المتحدة، باتت تُشكل منطقة محايدة ومثالية لاحتضان شركات التكنولوجيا والمواهب العالمية.


النهار
منذ 4 ساعات
- النهار
العراق شمسٌ فوق الرؤوس... وظلالٌ تحتها
في أرضٍ تسطع فيها الشمس بثبات أكثر من 300 يوم في السنة، وكما الإمكانات من كل جهة، يبقى السؤال معلقاً في الهواء الساخن، هل نُضيء مستقبلنا أم نحترق فيه؟ أطلقت البصرة أول محطة طاقة شمسية بقدرة 1000 ميغاواط، ضمن اتفاق العراق مع Total Energies الفرنسية وبدعم قطري، في مشروع تتجاوز قيمته الـ27 مليار دولار، ويشمل تطوير حقل أرطاوي وتحلية مياه البحر ومحطات شمسية. ومن خلال العقد الموقع مع الشركة الفرنسية سيجري افتتاح أول محطة لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية مع نهاية العام الحالي. ومن المقرر اكتمال المرحلة الأولى بقدرة 250 ميغاواط نهاية العام، بحسب تصريحات وزير النفط العراقي المهندس حيان عبدالغني السواد. طموح كبير لكنه يسير على أرض مثقلة. فرغم بريق الخبر لا تزال مساهمة الطاقة الشمسية في العراق تشكل أقلّ من 1% من الإنتاج الوطني، مما يُبرز هشاشة الانتقال نحو الطاقة النظيفة. فمحطة واحدة، مهما بلغ حجمها، لا تكفي لتغذية الطلب المتصاعد، ولا تُغيّر واقعاً يرتكز إلى الوقود الأحفوري المستنزف. الطاقة الشمسية ليست لوحة دعائية توضع أمام الكاميرات بل منظومة تحتاج إلى نية سياسية واضحة وإصلاحات عميقة. إن العراق لا تنقصه الشمس ولا الأرض ولا المعرفة… بل الرؤية والإرادة. فهل ننتقل من استهلاك الطاقة إلى إنتاجها، أم نبقى نحترق تحت ضوء لا نملكه؟ اللحظة حاسمة… والطاقة لا تنتظر الكسالى. ففي أرضٍ تُنيرها الشمس بلا انقطاع، ينكشف صراع العراق بين وعود الطاقة النظيفة وواقع الاعتماد المُنهك على الوقود الأحفوري. ووسط وهجٍ لا ينطفئ، تشرق محطةٌ شمسيةٌ جديدة في البصرة، لكن الانتقال الحقيقي نحو المستقبل يتطلّب أكثر من مشاريع مُبهرة... يتطلّب رؤية لا تحترق عند أول عائق.