
العراق يحظر التظاهر خلال فترة انعقاد القمة العربية
أعلنت وزارة الداخلية العراقية -اليوم السبت- حظر التظاهر في بغداد بين 11 و20 مايو/أيار الجاري في إطار الاستعدادات لتأمين القمة العربية المقبلة.
وقالت الوزارة، في بيان نقلته وكالة الأنباء العراقية، إنها لن تمنح تراخيص لأي مظاهرات شعبية "مهما كانت الأسباب".
وأضافت أن تعليمات صدرت باعتقال أي شخص يحاول التظاهر خلال هذه الفترة.
وأوضحت الداخلية العراقية أنه مع قرب انعقاد القمة العربية زاد انشغال القوات الأمنية بالاستعداد لإنجاح هذه المناسبة، مشيرة إلى أنها سخّرت جميع إمكاناتها لاستقبال ضيوف العراق.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة العراقية -في بيان- أن اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته العادية الـ34 واجتماع القمة التنموية في دورتها الـخامسة سيعقدان يوم 17 من الشهر الحالي في القصر الحكومي داخل المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد.
وقال البيان إن اجتماعات تحضيرية تعقد بداية من بعد غد الاثنين على أن يعقد اجتماع وزراء الخارجية يوم 15 مايو/أيار الجاري.
وأكدت الحكومة العراقية إنهاء الاستعدادات لاستقبال الوفود العربية والأجنبية المشاركة في القمة العربية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
"خريطة إشبيلية".. الشرارة التي دفعت أردوغان للتصدّي لأوروبا
لا يقتصر الارتباط التركي بليبيا على الأبعاد التاريخية، والثقافية، والديمغرافية المتمازجة، بل يتعدى ذلك كله إلى نواحٍ جيوستراتيجية تتعلق بمصالح البلدين معًا، وقدرتهما على تعظيم نصيبهما من ثروات المنطقة المحيطة بهما. فليبيا تتشابه مع سوريا من حيث الأهمية الإستراتيجية بالنسبة إلى تركيا، فكما تمثّل سوريا عمقًا إستراتيجيًا مهمًا للأناضول، وتؤثّر بشكل مباشر على أمنه واستقراره، فكذلك الحال بالنسبة إلى ليبيا، التي تعدّ عمقًا إستراتيجيًا بحريًا مهمًا لتركيا، كما سيأتي شرحه بالتفصيل. لكن ليبيا تعيش اليوم على وقع اضطرابات أمنية منذ مساء الاثنين 12 مايو/ أيار الجاري، إثر مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي عبدالغني الككلي "غنيوة"، في العاصمة طرابلس، تزامنًا مع اشتباكات قوّات تابعة لجهاز دعم الاستقرار، وأخرى من "اللواء 444 قتال" التابع لوزارة الدفاع. ورغم أنّ رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، شكر في صباح اليوم التالي قوات الجيش والشرطة على "ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة في العاصمة"، فإن الاشتباكات سرعان ما تجددت مرة أخرى، قبل أن تعلن وزارة الدفاع بحكومة الوحدة في طرابلس وقفًا لإطلاق النار، ونشر قوات نظامية محايدة في نقاط التماس. إعلان هذه الهشاشة الأمنية دفعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إلى تشكيل "لجنة للهدنة"، بالتعاون مع المجلس الرئاسي الليبي، وذلك لرعاية وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه. الاضطراب لم يقتصر على الأوضاع الأمنية، بل امتدّ إلى الفضاء السياسي، حيث حاول البرلمان الموجود في الشرق، والذي يترأسه عقيلة صالح، التمدد صوب الغرب، حيث توجد حكومة الدبيبة المعترف بها دوليًا، حيث أعلن عن فرز ملفات مرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للدولة الذي يوجد في طرابلس، ويترأسه خالد المشري. كما شهدت العاصمة الليبية، مظاهرات شعبية طالبت برحيل الدبيبة، فيما أشارت تقارير صحفية إلى استقالة وزراء ونواب وزراء. هذا الاضطراب فتح الباب على مصراعيه على جميع السيناريوهات، التي يمكن أن تعصف ببلد يعاني أصلًا من الانقسام الجهوي، وتتنازعه حكومتان، إحداهما في الغرب بقيادة الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، والثانية في الشرق برئاسة أسامة حماد، وتحظى بدعم القوات المسلحة التي يتزعمها، خليفة حفتر وأبناؤه. ونظرًا للانخراط التركي في الأزمة منذ سنوات عبر اتفاقيات، ووجود عسكري وازن، كان التساؤل عما يمكن أن تقدمه أنقرة لاحتواء الأزمة، والبدائل التي بحوزتها للحيلولة دون دخول البلاد في فوضى، تعصف بأمنها واستقرارها، وتؤثر على المصالح الإستراتيجية التركية هناك. لعبت المذكرة التي وقّعتها تركيا مع حكومة رئيس الوزراء السابق، فايز السراج، والمعروفة باسم "مذكرة التفاهم بشأن ترسيم صلاحيات المساحات البحرية" دورًا محوريًا في إعادة تموضع تركيا في البحر المتوسط، بعد عقود من العزلة الإجبارية، ومحاولة حرمانها من ثروات شرق البحر المتوسط. ففي عام 2004، نشر الأستاذان في جامعة إشبيلية الإسبانية، خوان لويس سواريز دي فيفيرو، وخوان كارلوس رودريغز ماتيوس، دراسة تحت عنوان: "أوروبا البحرية وتوسيع عضوية الاتحاد: آفاق جيوسياسية"، حوت خريطة للوضع البحري لدول كانت تريد الانضمام آنذاك للاتحاد، مثل؛ رومانيا، وبلغاريا، وكرواتيا، وتركيا. حوَت تلك الدراسة خريطة عرفت لاحقًا باسم "خريطة إشبيلية" منحت تركيا منطقة بحرية ضيقة محصورة في سواحل أنطاليا، رغم أنها صاحبة أطول ساحلٍ شرقَ المتوسط، في وقت منحت فيه لكل جزيرة يونانية منطقة اقتصادية خالصة بطول 370 كيلومترًا، ومنها جزيرة كاستيلوريزو (ميس) التي تبعد عن السواحل التركية بكيلومترين فقط، فيما يفصلها عن السواحل اليونانية نحو 580 كيلومترًا! هنا جاءت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، لتمنح أنقرة صكًا قويًا في المطالبة بحقوقها، خاصة في ثروات شرق المتوسط، بعد حصولها على منطقة اقتصادية خالصة تقدر بآلاف الكيلومترات وفق الاتفاق. ففي دراسة نشرتها دائرة الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية عام 2020، بعنوان: "خطوة إستراتيجية في معادلة شرقي المتوسط"، اعتبرت أن الاتفاقية، تعد الأولى من نوعها التي توقّعها تركيا مع دولة مطلة على البحر المتوسط غير قبرص التركية، فيما يخصّ مواضيع الجرف القاري/ المناطق الاقتصادية الخالصة. كما أضافت الدراسة أن الاتفاقية حافظت على حقوق كلٍّ من تركيا، وليبيا في البحر المتوسط، ومكّنت أنقرة من إرسال رسالة بأنها "لن تسمح بالأمر الواقع في المنطقة". لكل هذا لم يكن من المنتظر أن تكتفي أنقرة بالمراقبة والمتابعة، خاصة مع احتفاظها بقوات لها في المنطقة الغربية، وفقًا لمذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة عام 2019. البدائل التركية لحل الأزمة رغم أن تركيا تعد حليفًا رسميًا للحكومة الليبية في الغرب، ودعمتها عسكريًا في صد عدوان حفتر والدول الداعمة له على العاصمة طرابلس، في يونيو/ حزيران 2020، بعد أكثر من سنة من بدء الهجوم حينها، فإن أنقرة عملت في السنوات اللاحقة على التواصل مع القائد العسكري، خليفة حفتر في الشرق، ما قاد إلى زيارة نجله، صدام حفتر، العاصمة التركية أنقرة في أبريل/ نيسان الماضي، حيث استقبله وزير الدفاع التركي، يشار غولار، وقائد القوات البرية، سلجوق بيرقدارأوغلو. إعلان فيما وقّع نجله الثاني، بلقاسم خليفة حفتر، مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، عقودًا مع شركات تركية لتنفيذ مشاريع تخصّ البنية التحتية والإنشاءات. إضافة إلى ذلك، تطوُّر العلاقات التركية المصرية، بعد أن وصلت إلى حد المواجهة العسكرية في ليبيا عام 2020. لكل ما سبق فإنه من الطبيعي أن تختلف الإستراتيجية التركية المتبعة عما كانت عليه قبل نحو خمس سنوات، حيث تتّجه سياسة أنقرة إلى اتباع سياسة "إدارة الخلافات" مع الدول الصديقة، بما لا يسمح بتدهور العلاقات البينية، ويحافظ على المصالح المشتركة. ففي حوار صحفي لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، نشرته مجلة "جون أفريك" منتصف مايو/ أيار الجاري، أفصح فيدان عن إستراتيجية بلاده لمواجهة أزمة الانقسام، وكيفية إعادة اللحمة بين مكونات الشعب الليبي، على النحو التالي: أولًا: الاتفاق على تشكيل حكومة مرضية لكلا الجانبين، تمهّد لاستحقاق الانتخابات، معربًا عن رفضه إجراء الانتخابات دون "نضج عملية سياسية". واعتبر فيدان أن إجراء الانتخابات في ظل الأجواء الحالية قد يكون "محل تنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي"، أي أنها ستتحول إلى تنافسية جهوية وليست بين مكونات شعب واحد، مؤكدًا أن أنقرة تعمل على التمكين لذلك الخيار. ثانيًا: اعتماد أسلوب الحوار مع القوى المؤثرة في المشهد الليبي للحيلولة دون تجدد المواجهات العسكرية مرة أخرى، حيث قال فيدان: "نتحدث بانتظام مع روسيا وشركائنا الليبيين في الشرق. كانت أولويتنا على مدى السنوات الخمس الماضية تجنب المواجهة العسكرية بين الشرق والغرب". والملاحظة المهمة هنا وصْفه القوى السياسية والعسكرية الموجودة في الشرق الليبي بـ "الشركاء"، ما يعني أن تركيا نجحت في تجسير العلاقة بعد سنوات قليلة من توقف المواجهات العسكرية، بل وأعادت تعريف القوى الفاعلة في الشرق. إعلان ما يعني أن تموضعها الحالي بين الغرب والشرق، يتيح لها القيام بدور فعال في الوساطة بين الجانبين لإنهاء الانقسام وتوحيد الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا تقدم مهم يحسب للدبلوماسية التركية. ثالثًا: التحذير من المزيد من العسكرة، وإشارة فيدان هنا إلى القوات الروسية، التي لوحظ نقلها جزءًا من آلياتها وعتادها العسكري من سوريا إلى ليبيا، عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. فالإستراتيجية التركية بشكل عام تعمل على إفراغ المنطقة من القوات الأجنبية، حيث تبذل جهودًا كبيرة لإقناع واشنطن بسحب قواتها من سوريا، وهُرعت إلى تشكيل آلية أمنية مشتركة مع الأردن وسوريا، لسد فراغ القوات الأميركية عقب رحيلها، لمواجهة تنظيم الدولة ومنع تمدده مجددًا. التعاون الإقليمي على ذات النسق السوري، قد تعمل تركيا في الملف الليبي، على تخفيف أو إنهاء الوجود العسكري الروسي، وإعادة توحيد البلاد عبر آلية إقليمية تراعي المصالح الإستراتيجية لدول الجوار الليبي. وفي تقديري، فإن تركيا تحتاج هنا إلى التنسيق مع مصر، من خلال تأسيس حوار إستراتيجي معمق بشأن إنهاء الأزمة الليبية. فالعلاقات بين أنقرة والقاهرة تشهد نموًا مطردًا، بحيث تجاوزت النطاق الاقتصادي، إلى نطاقات أخرى إستراتيجية وعسكرية، حيث زار رئيس أركان الجيش المصري، أحمد فتحي خليفة، تركيا، والتقى نظيره، متين غوراك، الشهر الجاري، وعقد الطرفان الاجتماع الأول للحوار العسكري رفيع المستوى بين البلدين، والمخطط تنظيمه سنويًا على مستوى رئاسة أركان الدولتين. مثل هذه الاجتماعات يمكن تكرارها على مستوى وزارتَي الخارجية، وجهازَي الاستخبارات في البلدين، للوصول إلى رؤى مشتركة لحل أزمات المنطقة الملتهبة في ليبيا، وغزة، والسودان، وغيرها. إن الهدوء الذي تعيشه ليبيا هذه الأيام، هو هدوء هشّ، قد ينهار في أي لحظة سواء في طرابلس، أو بين الشرق والغرب، ومن الأهمية بمكان أن تتخذ تركيا -ذات التموضع المتميز داخل ليبيا- خطوات استباقية لنزع فتيل الأزمة، واتّخاذ خطوات جادّة، مع الشركاء المحليين ودول الجوار، لإعادة الوحدة للدولة الممزقة، ودمج المؤسّسات المنقسمة، والحيلولة دون تجدّد القتال.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
وزارة النفط العراقية: تعامل شركات أميركية مباشرة مع كردستان مخالف للدستور
جددت وزارة النفط العراقية اليوم الجمعة، تأكيد التزامها بالعمل مع شركات الطاقة الأميركية، لكنها شددت على أن التعاون يجب أن يكون من خلال الحكومة الاتحادية لا أن يكون تعاملا مباشرا مع حكومة إقليم كردستان، وهو ما وصفته بأنه "أمر مخالف للدستور العراقي". ولدى الحكومة الاتحادية العراقية تحفظات على اتفاقين في مجال الطاقة وقعهما إقليم كردستان، بعد أن أشرف رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني على توقيع صفقتين بقيمة إجمالية تمتد على فترة تنفيذ المشروعين تبلغ 110 مليارات دولار مع شركتين أميركيتين. وقالت الوزارة في بيان اليوم "لا يوجد لدى الوزارة أي مانع أو تحفظ من التعامل مع هذه الشركات بقدر كون التعامل المباشر مع حكومة الإقليم بمعزل عن الحكومة الاتحادية وقنواتها الرسمية، هو أمر مخالف للدستور العراقي والقوانين النافذة". وأضافت الوزارة أنها "ترحب وتسعى دائما للعمل مع الشركات الأميركية لتطوير الحقول النفطية والغازية". وقال مسؤول في الوزارة اليوم "بيان وزارة النفط رسالة واضحة موجهة للشركات الأميركية تنبهها إلى ضرورة احترام القوانين العراقية النافذة". والثلاثاء الماضي، أعلنت وزارة النفط العراقية "بطلان" اتفاقيتين بين شركتي طاقة أميركيتين وحكومة إقليم كردستان العراق ، لعدم حصولهما على موافقة اتحادية. وفي حكم صدر في 2022، اعتبرت المحكمة الاتحادية العراقية قانونا للنفط والغاز ينظم قطاع النفط في كردستان العراق غير دستوري، وطالبت سلطات الإقليم بتسليم إمداداتها من النفط الخام.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
"خريطة أشبيلية".. الشرارة التي تصدّى بها أردوغان لخرائط أوروبا
لا يقتصر الارتباط التركي بليبيا على الأبعاد التاريخية، والثقافية، والديمغرافية المتمازجة، بل يتعدى ذلك كله إلى نواحٍ جيوستراتيجية تتعلق بمصالح البلدين معًا، وقدرتهما على تعظيم نصيبهما من ثروات المنطقة المحيطة بهما. فليبيا تتشابه مع سوريا من حيث الأهمية الإستراتيجية بالنسبة إلى تركيا، فكما تمثّل سوريا عمقًا إستراتيجيًا مهمًا للأناضول، وتؤثّر بشكل مباشر على أمنه واستقراره، فكذلك الحال بالنسبة إلى ليبيا، التي تعدّ عمقًا إستراتيجيًا بحريًا مهمًا لتركيا، كما سيأتي شرحه بالتفصيل. لكن ليبيا تعيش اليوم على وقع اضطرابات أمنية منذ مساء الاثنين 12 مايو/ أيار الجاري، إثر مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار التابع للمجلس الرئاسي عبدالغني الككلي "غنيوة"، في العاصمة طرابلس، تزامنًا مع اشتباكات قوّات تابعة لجهاز دعم الاستقرار، وأخرى من "اللواء 444 قتال" التابع لوزارة الدفاع. ورغم أنّ رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، شكر في صباح اليوم التالي قوات الجيش والشرطة على "ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة في العاصمة"، فإن الاشتباكات سرعان ما تجددت مرة أخرى، قبل أن تعلن وزارة الدفاع بحكومة الوحدة في طرابلس وقفًا لإطلاق النار، ونشر قوات نظامية محايدة في نقاط التماس. هذه الهشاشة الأمنية دفعت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، إلى تشكيل "لجنة للهدنة"، بالتعاون مع المجلس الرئاسي الليبي، وذلك لرعاية وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه. الاضطراب لم يقتصر على الأوضاع الأمنية، بل امتدّ إلى الفضاء السياسي، حيث حاول البرلمان الموجود في الشرق، والذي يترأسه عقيلة صالح، التمدد صوب الغرب، حيث توجد حكومة الدبيبة المعترف بها دوليًا، حيث أعلن عن فرز ملفات مرشحين لتولي رئاسة الحكومة، وذلك بالتعاون مع المجلس الأعلى للدولة الذي يوجد في طرابلس، ويترأسه خالد المشري. كما شهدت العاصمة الليبية، مظاهرات شعبية طالبت برحيل الدبيبة، فيما أشارت تقارير صحفية إلى استقالة وزراء ونواب وزراء. هذا الاضطراب فتح الباب على مصراعيه على جميع السيناريوهات، التي يمكن أن تعصف ببلد يعاني أصلًا من الانقسام الجهوي، وتتنازعه حكومتان، إحداهما في الغرب بقيادة الدبيبة وتحظى باعتراف دولي، والثانية في الشرق برئاسة أسامة حماد، وتحظى بدعم القوات المسلحة التي يتزعمها، خليفة حفتر وأبناؤه. ونظرًا للانخراط التركي في الأزمة منذ سنوات عبر اتفاقيات، ووجود عسكري وازن، كان التساؤل عما يمكن أن تقدمه أنقرة لاحتواء الأزمة، والبدائل التي بحوزتها للحيلولة دون دخول البلاد في فوضى، تعصف بأمنها واستقرارها، وتؤثر على المصالح الإستراتيجية التركية هناك. لعبت المذكرة التي وقّعتها تركيا مع حكومة رئيس الوزراء السابق، فايز السراج، والمعروفة باسم "مذكرة التفاهم بشأن ترسيم صلاحيات المساحات البحرية" دورًا محوريًا في إعادة تموضع تركيا في البحر المتوسط، بعد عقود من العزلة الإجبارية، ومحاولة حرمانها من ثروات شرق البحر المتوسط. ففي عام 2004، نشر الأستاذان في جامعة إشبيلية الإسبانية، خوان لويس سواريز دي فيفيرو، وخوان كارلوس رودريغز ماتيوس، دراسة تحت عنوان: "أوروبا البحرية وتوسيع عضوية الاتحاد: آفاق جيوسياسية"، حوت خريطة للوضع البحري لدول كانت تريد الانضمام آنذاك للاتحاد، مثل؛ رومانيا، وبلغاريا، وكرواتيا، وتركيا. حوَت تلك الدراسة خريطة عرفت لاحقًا باسم "خريطة إشبيلية" منحت تركيا منطقة بحرية ضيقة محصورة في سواحل أنطاليا، رغم أنها صاحبة أطول ساحلٍ شرقَ المتوسط، في وقت منحت فيه لكل جزيرة يونانية منطقة اقتصادية خالصة بطول 370 كيلومترًا، ومنها جزيرة كاستيلوريزو (ميس) التي تبعد عن السواحل التركية بكيلومترين فقط، فيما يفصلها عن السواحل اليونانية نحو 580 كيلومترًا! هنا جاءت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع ليبيا، لتمنح أنقرة صكًا قويًا في المطالبة بحقوقها، خاصة في ثروات شرق المتوسط، بعد حصولها على منطقة اقتصادية خالصة تقدر بآلاف الكيلومترات وفق الاتفاق. ففي دراسة نشرتها دائرة الاتصالات برئاسة الجمهورية التركية عام 2020، بعنوان: "خطوة إستراتيجية في معادلة شرقي المتوسط"، اعتبرت أن الاتفاقية، تعد الأولى من نوعها التي توقّعها تركيا مع دولة مطلة على البحر المتوسط غير قبرص التركية، فيما يخصّ مواضيع الجرف القاري/ المناطق الاقتصادية الخالصة. كما أضافت الدراسة أن الاتفاقية حافظت على حقوق كلٍّ من تركيا، وليبيا في البحر المتوسط، ومكّنت أنقرة من إرسال رسالة بأنها "لن تسمح بالأمر الواقع في المنطقة". لكل هذا لم يكن من المنتظر أن تكتفي أنقرة بالمراقبة والمتابعة، خاصة مع احتفاظها بقوات لها في المنطقة الغربية، وفقًا لمذكرة التعاون الأمني والعسكري الموقعة عام 2019. البدائل التركية لحل الأزمة رغم أن تركيا تعد حليفًا رسميًا للحكومة الليبية في الغرب، ودعمتها عسكريًا في صد عدوان حفتر والدول الداعمة له على العاصمة طرابلس، في يونيو/ حزيران 2020، بعد أكثر من سنة من بدء الهجوم حينها، فإن أنقرة عملت في السنوات اللاحقة على التواصل مع القائد العسكري، خليفة حفتر في الشرق، ما قاد إلى زيارة نجله، صدام حفتر، العاصمة التركية أنقرة في أبريل/ نيسان الماضي، حيث استقبله وزير الدفاع التركي، يشار غولار، وقائد القوات البرية، سلجوق بيرقدارأوغلو. فيما وقّع نجله الثاني، بلقاسم خليفة حفتر، مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، عقودًا مع شركات تركية لتنفيذ مشاريع تخصّ البنية التحتية والإنشاءات. إضافة إلى ذلك، تطوُّر العلاقات التركية المصرية، بعد أن وصلت إلى حد المواجهة العسكرية في ليبيا عام 2020. لكل ما سبق فإنه من الطبيعي أن تختلف الإستراتيجية التركية المتبعة عما كانت عليه قبل نحو خمس سنوات، حيث تتّجه سياسة أنقرة إلى اتباع سياسة "إدارة الخلافات" مع الدول الصديقة، بما لا يسمح بتدهور العلاقات البينية، ويحافظ على المصالح المشتركة. ففي حوار صحفي لوزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، نشرته مجلة "جون أفريك" منتصف مايو/ أيار الجاري، أفصح فيدان عن إستراتيجية بلاده لمواجهة أزمة الانقسام، وكيفية إعادة اللحمة بين مكونات الشعب الليبي، على النحو التالي: أولًا: الاتفاق على تشكيل حكومة مرضية لكلا الجانبين، تمهّد لاستحقاق الانتخابات، معربًا عن رفضه إجراء الانتخابات دون "نضج عملية سياسية". واعتبر فيدان أن إجراء الانتخابات في ظل الأجواء الحالية قد يكون "محل تنافس بين المعسكرين الشرقي والغربي"، أي أنها ستتحول إلى تنافسية جهوية وليست بين مكونات شعب واحد، مؤكدًا أن أنقرة تعمل على التمكين لذلك الخيار. ثانيًا: اعتماد أسلوب الحوار مع القوى المؤثرة في المشهد الليبي للحيلولة دون تجدد المواجهات العسكرية مرة أخرى، حيث قال فيدان: "نتحدث بانتظام مع روسيا وشركائنا الليبيين في الشرق. كانت أولويتنا على مدى السنوات الخمس الماضية تجنب المواجهة العسكرية بين الشرق والغرب". والملاحظة المهمة هنا وصْفه القوى السياسية والعسكرية الموجودة في الشرق الليبي بـ "الشركاء"، ما يعني أن تركيا نجحت في تجسير العلاقة بعد سنوات قليلة من توقف المواجهات العسكرية، بل وأعادت تعريف القوى الفاعلة في الشرق. ما يعني أن تموضعها الحالي بين الغرب والشرق، يتيح لها القيام بدور فعال في الوساطة بين الجانبين لإنهاء الانقسام وتوحيد الجيش والأجهزة الأمنية، وهذا تقدم مهم يحسب للدبلوماسية التركية. ثالثًا: التحذير من المزيد من العسكرة، وإشارة فيدان هنا إلى القوات الروسية، التي لوحظ نقلها جزءًا من آلياتها وعتادها العسكري من سوريا إلى ليبيا، عقب سقوط نظام الأسد في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. فالإستراتيجية التركية بشكل عام تعمل على إفراغ المنطقة من القوات الأجنبية، حيث تبذل جهودًا كبيرة لإقناع واشنطن بسحب قواتها من سوريا، وهُرعت إلى تشكيل آلية أمنية مشتركة مع الأردن وسوريا، لسد فراغ القوات الأميركية عقب رحيلها، لمواجهة تنظيم الدولة ومنع تمدده مجددًا. التعاون الإقليمي على ذات النسق السوري، قد تعمل تركيا في الملف الليبي، على تخفيف أو إنهاء الوجود العسكري الروسي، وإعادة توحيد البلاد عبر آلية إقليمية تراعي المصالح الإستراتيجية لدول الجوار الليبي. وفي تقديري، فإن تركيا تحتاج هنا إلى التنسيق مع مصر، من خلال تأسيس حوار إستراتيجي معمق بشأن إنهاء الأزمة الليبية. فالعلاقات بين أنقرة والقاهرة تشهد نموًا مطردًا، بحيث تجاوزت النطاق الاقتصادي، إلى نطاقات أخرى إستراتيجية وعسكرية، حيث زار رئيس أركان الجيش المصري، أحمد فتحي خليفة، تركيا، والتقى نظيره، متين غوراك، الشهر الجاري، وعقد الطرفان الاجتماع الأول للحوار العسكري رفيع المستوى بين البلدين، والمخطط تنظيمه سنويًا على مستوى رئاسة أركان الدولتين. مثل هذه الاجتماعات يمكن تكرارها على مستوى وزارتَي الخارجية، وجهازَي الاستخبارات في البلدين، للوصول إلى رؤى مشتركة لحل أزمات المنطقة الملتهبة في ليبيا، وغزة، والسودان، وغيرها. إن الهدوء الذي تعيشه ليبيا هذه الأيام، هو هدوء هشّ، قد ينهار في أي لحظة سواء في طرابلس، أو بين الشرق والغرب، ومن الأهمية بمكان أن تتخذ تركيا -ذات التموضع المتميز داخل ليبيا- خطوات استباقية لنزع فتيل الأزمة، واتّخاذ خطوات جادّة، مع الشركاء المحليين ودول الجوار، لإعادة الوحدة للدولة الممزقة، ودمج المؤسّسات المنقسمة، والحيلولة دون تجدّد القتال.