
سامي أبو العز يكتب: إسرائيل الكبرى.. وهم نتنياهو
وبكل صلف وغرور، صدّرت وسائل الإعلام الإسرائيلية هذا الحلم المزعوم، لتسوقه على أنه قدر محتوم، بينما هو في حقيقته كابوس قديم يعاد تسويقه كلما احتاج الاحتلال جرعة من التحريض والتعبئة.
فكرة «إسرائيل الكبرى» ليست وليدة اليوم، بل هي جزء من الأساطير السياسية والدينية التي روجتها الحركة الصهيونية منذ تأسيسها، متكئة على تأويلات انتقائية من النصوص الدينية اليهودية، تزعم أن حدود «أرض الميعاد» تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات.
هذا النص لم يكن يومًا خريطة جغرافية حقيقية بقدر ما كان رمزًا دينيًا روحيًا في العهد القديم، لكن الصهيونية حوّلته إلى مشروع توسعي استعماري، يستبيح الأرض والإنسان باسم «الحق التاريخي».
تاريخيًا، لم تتحقق هذه الأسطورة في أي عهد من عهود بني إسرائيل، بل كانت مجرد دعاية لشد العصبية الدينية وتبرير الاحتلال.
حتى كبار المؤرخين اليهود المعاصرين يعترفون بأن «إسرائيل الكبرى» لم تكن كيانًا سياسيًا قائمًا، بل أداة لتعبئة الجموع.
إعلان نتنياهو عن هذا الحلم الآن ليس صدفة، فهو يواجه مأزقًا سياسيًا داخليًا خانقًا، وتحديات ميدانية في غزة تستنزف جيشه وتكشف ضعف منظومته الأمنية.
في ظل هذا الإخفاق، يلجأ إلى خطاب قومي متطرف لإعادة شحن مؤيديه، وصرف الأنظار عن الفشل الميداني والضغوط الدولية.
كما أن الخطاب يأتي متزامنًا مع محاولة فرض وقائع جديدة على الأرض، من خلال الاستيطان المكثف في الضفة الغربية، والتصعيد الوحشي في غزة، وكأنه يقول للعالم: «هذا هو مشروعنا الحقيقي، فإما أن تقبلوا به أو تواجهوا قوتنا».
ما يحدث في غزة ليس حربًا عسكرية فقط، بل جزء من استراتيجية أوسع لتهجير الفلسطينيين وإفراغ القطاع من سكانه، تمهيدًا لتغيير جغرافي وديمغرافي يخدم مشروع «إسرائيل الكبرى».
تصريحات نتنياهو ليست مجرد أحلام، بل إنذار صريح بأن الحرب على غزة هي خطوة على طريق أكبر، وأن المشروع التوسعي لا يقتصر على فلسطين التاريخية وحدها.
التصريحات فجرت موجة غضب عارمة في العالمين العربي والإسلامي، إذ اعتُبرت إهانة مباشرة لسيادة الدول وحدودها، وتأكيدًا على أن الاحتلال لا يتوقف عند حدود فلسطين.
لكنّ الغضب وحده لا يكفي، فالتاريخ علّمنا أن الصهيونية لا تتراجع أمام البيانات والشجب، بل أمام قوة سياسية وشعبية وعسكرية تواجه مشروعها على الأرض.
التاريخ لا يرحم الأوهام، من فرعون الذي قال «أنا ربكم الأعلى» إلى نابليون الذي حلم بالسيطرة على المشرق، مرورًا بكل الغزاة من التتار إلى الاستعمار البريطاني والفرنسي، كانت النتيجة واحدة: تسقط الإمبراطوريات ويبقى الشرق العربي عصيًّا على الابتلاع.
نتنياهو اليوم يعيد نفس المشهد المكرر، متخيلًا أن أوهامه قادرة على محو التاريخ والجغرافيا معًا، لكنه ينسى أن هذه الأرض لفظت كل من حاول ابتلاعها، وأن الشعوب التي أسقطت الصليبيين والمغول، لن تسمح لوهم «إسرائيل الكبرى» أن يتحول إلى واقع.
سيظل حلمه مجرد فقاعات إعلامية تنفجر عند أول مواجهة حقيقية، لأن الشمس لا تُحمل في يمين أحد، ولا القمر يُحاصر في يسار أحد، ولأن هذه الأرض تعرف كيف تكتب نهاية كل محتل.
samyalez@gmail.com
للمزيد من مقالات الكاتب
اضغط هنا

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
نافذة نتنياهو يريد صفقة شاملة في غزة ولكن بشروط "صارمة"
نافذة نتنياهو يريد صفقة شاملة في غزة ولكن بشروط "صارمة" السبت 16 أغسطس 2025 11:20 مساءً نافذة على العالم - ...but your activity and behavior on this site made us think that you are a bot. Note: A number of things could be going on here. If you are attempting to access this site using an anonymous Private/Proxy network, please disable that and try accessing site again. Due to previously detected malicious behavior which originated from the network you're using, please request unblock to site. المصدر : نافذة نتنياهو يريد صفقة شاملة في غزة ولكن بشروط "صارمة" الكلمات الدلائليه أخبار العالم العرب أخبار عربية أخبار محلية العرب اليوم نافذة على العالم


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
عاجل.. نتنياهو يريد صفقة شاملة فى غزة.. لكن بشروط صارمة
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء اليوم، أن إسرائيل مستعدة للموافقة على اتفاق، لكن بشروط محددة وصارمة. وقال البيان الصادر عن مكتب نتنياهو: "إسرائيل ستوافق على اتفاق بشرط إطلاق سراح جميع الأسرى دفعةً واحدة، وبما يتوافق مع شروطنا لإنهاء الحرب، والتي تشمل نزع سلاح حماس، ونزع سلاح قطاع غزة، والسيطرة الإسرائيلية على محيطه، وإقامة حكومة غير تابعة لحماس أو للسلطة الفلسطينية تعيش بسلام مع إسرائيل". وعلى جانب آخر، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، السبت، إن الجيش سيبدأ اعتبارًا من يوم الأحد بتزويد سكان غزة بالخيم ومعدات أخرى، تمهيدًا لنقلهم من مناطق القتال إلى مناطق وُصفت بأنها "آمنة" في جنوب القطاع. ويأتي ذلك بعد أيام من إعلان إسرائيل نيتها شنّ هجوم جديد للسيطرة على شمال مدينة غزة، أكبر المراكز الحضرية في القطاع، في خطة أثارت قلقًا دوليًا بشأن مصير الشريط المدمر الذي يقطنه نحو 2.2 مليون شخص. وأضاف أدرعي، في منشور على منصة "إكس"، أن المعدات ستُنقل عبر معبر كيرم شالوم الإسرائيلي بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة دولية أخرى، بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل موظفي وزارة الدفاع.

مصرس
منذ 2 ساعات
- مصرس
ماليزيا تدين مشروع إي 1 الاستيطاني الإسرائيلي لتقسيم الضفة
• بيان الخارجية الماليزية أدان بشدة أيضا تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى".. أدانت وزارة الخارجية الماليزية بشدة مشروع "إي 1" الإسرائيلي لبناء مستوطنات جديدة على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعلقة برؤية "إسرائيل الكبرى".وأدان بيان الخارجية الماليزية السبت، بأشد العبارات الخطة التي تتضمن إنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، والرؤية التوسعية غير القانونية تحت مسمى "إسرائيل الكبرى".والخميس، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش التصديق على مخطط استيطاني في منطقة "إي 1" من شأنه فصل القدس عن الضفة الغربية.وأكد البيان أن أفعال إسرائيل تنتهك بوضوح اتفاقيات جنيف والقانون الدولي، وذكر أن ماليزيا تدعم قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.كما لفت إلى أن اعتداءات إسرائيل على الصحفيين في قطاع غزة تنتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن حماية الصحفيين في مناطق الحرب، ودعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات لوقف أنشطة إسرائيل غير القانونية.ومساء الثلاثاء، قال نتنياهو في مقابلة مع قناة "i24" العبرية إنه "مرتبط بشدة برؤية إسرائيل الكبرى"، وذلك ردا على سؤال عما إذا كان يشعر بأنه "في مهمة نيابة عن الشعب اليهودي".