
محمد نجم : والله غالب علي آمرة
والله غالب على أمره
محمد نجم
بسم الله.. والحمد لله.. والله أكبر..
«والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون»، هذه الآية الحاكمة التى وردت فى سورة يوسف هى «مفتاح» لفهم مشيئة الله سبحانه وتعالى والتى يطلق عليها «القضاء والقدر»، وهو ما يسميه النقاد «عتبة النص» فى النصوص الأدبية.
وسوف أستعين بالآية الكريمة لفهم ومقارنة ما جرى مع النبيين الكريمين يوسف وموسى عليهما السلام، والذى يجمعهما «أصل واحد» فهما من العبرانيين أحفاد سيدنا إبراهيم عليهم جميعًا الصلاة والسلام.
فقد تشابها فى الكثير من الأحداث التى جرت لهما ومعهما، واختلفا فى الكثير من الصفات، لكنهما كانا دائمًا فى رعاية الله سبحانه وتعالى.
فهذا يوسف بن يعقوب، الذى وُصف بشطر الحسن واشتهر بالاستقامة وتفسير الأحلام، وكان له عشرة إخوة غاروا من محبة أبيهم له، وتآمروا عليه وحاولوا التخلص منه، فألقوه فى البئر، لكن مشيئة الله أنقذته (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ).
لقد توقع أبوه بما يمكن أن يحدث من إخوته وطلب منه عدم ذكر رؤياه لهم، فقد رأى فى منامه أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر له ساجدين.
ويعقوب كان نبيًا وصفه ربه (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) «الآية 68».
وهذا موسى بن عمران من سلالة يعقوب، ولد بعد مئات من الأعوام من قدوم العبرانيين إلى مصر فى زمن النبى يوسف، ووصف بالقوة والأمانة، وهو من أولى العزم وكليم الله (….وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً).
وقد حفظت مشيئة الله موسى، كما حفظت يوسف، ففى عام ولادته أمر الفرعون بقتل كل ولد جديد من بنى إسرائيل بعد رؤية رآها، فاضطرت أمه لإخفائه لمدة ثلاثة شهور، لكن الله أوحى لها (….أَنْ اقْذِفِيهِ فِى التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِى الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِى وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّى وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) «سورة طه».
وهذا يوسف تنقذه قافلة من البئر وتأخذه معها إلى مصر ويشتريه عزيزها ليتربى فى بيته وتحت رعايته (وَقَالَ الَّذِى اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِى مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) «سورة يوسف»
هنا تحقق جزء من الرؤية (….وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ)، ثم (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ) «سورة يوسف».
أما موسى فقد دخل قصر الفرعون وحظى برعاية زوجته (وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِى وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً) لكنه رفض الرضاعة من كل النسوة اللاتى كلفن بذلك، وأعاده الله لأمه لكى تطمئن بعد أن وعدها برده إليها (وَلا تَخَافِى وَلا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ).
ولأن يوسف كان وسيمًا فقد راودته زوجة العزيز عن نفسه، فاستعصى وتذكر رؤيته ونصيحة أبيه فصرف الله عنه السوء والفحشاء (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِى هُوَ فِى بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّى أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23) وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ).
وهذا موسى بعد أن أصبح شابا قويا بدأ يتردد على أمه ويتجول فى المدينة لزيارة قومه فوجد مشاجرة بين رجل من شيعته ورجل آخر، فضرب موسى الخصم فقضى عليه، وحذره رجل بأن القوم يتربصون به للانتقام منه، فخرج مسرعًا إلى أن بلغ «مدين» على الحدود الشمالية وساعد فتاتين فى سقاية غنمهما وجلس يشكو حاله لربه (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّى لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ).
وفوجئ بإحدى الفتاتين تأتى إليه استحياء وتخبره بأن أباها يدعوه ليعطيه أجر سقايته للغنم، وعندما التقيا حكى له موسى قصته، فطمأنه وعقد معه اتفاقا بأن يزوجه إحدى فتاتيه على أن يظل معه ثمانى سنوات لرعاية غنمه، فوافق موسى وزادهم إلى عشرة.
كشف التحقيق الذى أجراه العزيز عن براءة يوسف، وطلب منه نسيان ما حدث، ومن زوجته الاستغفار من ذنبها وخطأها.
لكن الخبر انتشر فى المدينة (….وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِى ضَلالٍ مُبِينٍ)، فتدبرت أمرها ودعتهن ليروا ما هى فيه، وعندما خرج عليهن يوسف قطعن أيديهن، فقد كان العقل غارقًا والبصر شاردًا، وقالوا إنه ليس ببشر إنما يشبه الملائكة (قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِى لُمْتُنَّنِى فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونَ مِنَ الصَّاغِرِينَ).
هنا لجأ يوسف لربه بالدعاء لينجيه مما يتعرض له، فاستجاب له وصرف عنه كيدهن، لكن العزيز رأى أن يضعه فى السجن بعض الوقت حتى ينسى الجميع – بعدما حدث – وتهدأ الأمور.
أما موسى فقد أراد العودة إلى مصر وأهله وجاءته البشارة والتكليف فى الطريق عندما رأى نارا وذهب ليحضر منها قبسا (إِنِّى أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِى الْمُقَدَّسِ طُوًى).
وكلف موسى بالذهاب مع أخيه هارون إلى فرعون ليطلبا منه خروج بنى إسرائيل لأرض كنعان.
وتحدث بينهما مواجهات وحوارات، تضمنتها سورة المائدة والأعراف والقصص وطه، ويتم الخروج ويتلقى موسى «التوراة» فى جبل الطور، وبعد عدة سنوات يتوفى ويدفن فى سيناء ولم يعلم أحد مكان قبره.
أما يوسف الذى استعصى على المراودة يفسر لرفقاء السجن رؤيتهما، وبعدها يرى الملك (….إِنِّى أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْب
تابعنا علي منصة جوجل الاخبارية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

مصرس
منذ 20 دقائق
- مصرس
هل يجوز الجمع بين الصلوات بسبب ظروف العمل؟.. أمين الفتوى يُجيب
أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول جمع صلاة الظهر والعصر، بسبب الظروف الدراسية أو العملية التي تمنع من أداء الصلاة في وقتها، موضحًا أن هناك تسهيلات في الشريعة الإسلامية تتيح للمسلم جمع الصلاتين في حالات الضرورة. وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، ببرنامج «فتاوى الناس»، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء: «إذا كان الشخص في موقف يتعذر عليه فيه أداء الصلاة في وقتها، مثلما يحدث في المحاضرات أو أثناء العمل، فيمكنه جمع الصلاة، وهذا الأمر مستند إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، من غير عذر مثل السفر أو المرض، وهو ما يسمى 'جمع التأخير.»وأضاف: «إذا كان الشخص في محاضرة أو في عمل مهم ويصعب عليه ترك المكان لأداء الصلاة في وقتها المحدد، فيمكنه أن ينوي جمع الصلاة في وقت لاحق، فعلى سبيل المثال، إذا كان الشخص في محاضرة طالت وكان الوقت قد اقترب من العصر، فيجوز له أن ينوي جمع الظهر مع العصر في وقت العصر، وهذه حالة من جمع التأخير.»وتابع: «النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتخفيف الحرج عن أمته، ولتيسير العبادة في الحياة اليومية، فالإسلام لا يكلف المسلم بما لا يطاق، لذلك إذا كان الشخص في حالة يصعب فيها أداء الصلاة في وقتها، يجوز له جمع الصلاتين.»وأكد أن الشخص في هذه الحالة يجب عليه أن ينوي جمع الصلاة قبل أن يخرج وقت صلاة الظهر، ويصلي الظهر والعصر معًا، ولا يكون عليه قصر للصلاة لأنها صلاة مقيم، مشيرًا إلى أن هذا من التيسير الذي شرعه الله سبحانه وتعالى للمسلمين في ظروف الحاجة.وأردف: «إذا فاجأه وقت العصر قبل أن يصلي الظهر، فيصلي الظهر والعصر معًا بدون قصر، حيث أن القصر خاص بالمريض أو المسافر فقط».


مصراوي
منذ 28 دقائق
- مصراوي
أمين الفتوى يوضح حكم ختم الصلاة الأذكار.. هل يكون جهرًا أم سرًا؟
كتب - علي شبل: أوضح الدكتور هشام ربيع، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، حكم خَتْم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل، وهل يكون جهرًا أم سرًا. يقول ربيع إن خَتْم الصلاة بالتسبيح والتحميد والتكبير والتهليل أمرٌ مشروعٌ، وقد ورد الأمر بالذِّكْر عَقِب الصلاة مطلقًا في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء 103]. وأضاف أمين الفتوى أنه لم يَرِد في الشرع ما يُخصِّص الذِّكْر بالإسرار، فمَن شاء أَسَرَّ بالذِّكْر، ومَن شاء جَهَر به، فرَفْع الصوت بالذِّكْر عَقِب الصلاة كان معهودًا زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كنتُ أَعْلَم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته"، وفي لفظٍ: "كنتُ أعرِفُ انقضاء صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالتكبير". وختم ربيع فتواه، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، قائلًا: فمَن جَهَر بالتسبيح والدعاء فقد أصاب السُّنَّة، ومَن أسَرَّ أيضًا فقد أصاب السُّنَّة؛ فالكل فَعَله النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر في ذلك واسع. اقرأ أيضاً:


الدستور
منذ 29 دقائق
- الدستور
وكيل "أوقاف الفيوم": "الانضباط والنظافة والالتزام ركائز صون أمانة المساجد"
عقد الشيخ سلامة عبد الرازق، وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الفيوم، صباح اليوم، اجتماعًا موسعًا مع مديري إدارات الأوقاف على مستوى المحافظة، وذلك بديوان عام المديرية، تنفيذًا لتوجيهات وزير الأوقاف الدكتور أسامة السيد الأزهري. حضر الاجتماع كلا من الشيخ يحيى محمد مدير إدارة الدعوة، والشيخ طه علي مسؤول المساجد، والشيخ فتحي عبد الفتاح مسؤول الإرشاد الديني. وفي مستهل اللقاء، شدد وكيل الوزارة على أن المساجد أمانة في أعناق العاملين في قطاع الأوقاف، مؤكدًا أن خدمة بيوت الله شرف ومسؤولية عظيمة، تتطلب الالتزام التام بالتعليمات الدعوية والإدارية، إلى جانب الانضباط في العمل والنظافة والقدوة الحسنة في السلوك والمظهر. كما أكد أن الإمام والداعية يُعد نموذجًا يُحتذى به في مجتمعه، وأن الوزارة بقيادة الدكتور أسامة الأزهري تولي اهتمامًا خاصًا بتحقيق الانضباط والارتقاء برسالة المسجد، مشيرًا إلى أن المتابعة الميدانية هدفها الإصلاح لا العقاب، لكنها ستكون حازمة في مواجهة أي تقصير متعمد. ودعا وكيل الوزارة مديري الإدارات إلى تفعيل الدور التوعوي للمساجد، وتوجيه الخطاب الدعوي بما يتناسب مع الواقع المجتمعي، وبما يُبرز وسطية الإسلام وسماحته، ويُعزز من ثقة الناس في رسالة المسجد. وفي سياق متصل، دعا إلى المشاركة الفاعلة في مشروع صكوك الأضاحي، موضحًا أنه مشروع وطني إنساني تنفذه وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارتي التموين والتجارة الداخلية، والتضامن الاجتماعي، وعدد من مؤسسات الدولة، بهدف توفير لحوم الأضاحي للأسر الأولى بالرعاية بعزة وكرامة، بعيدًا عن أي أهداف ربحية. وأكد في ختام الاجتماع أن مكتبه مفتوح أمام كل من يعمل بإخلاص لخدمة الدعوة، مشيرًا إلى أهمية العمل بروح الفريق والتفاني في أداء الرسالة الدعوية. 1000343071 1000343068 1000343065 1000343062