
جهود لإنهاء أزمة رواتب الأسرى الفلسطينيين
بعد مرور أكثر من أربعة أشهر على تغيير الرئيس الفلسطيني محمود عباس برامج صرف رواتب الأسرى والشهداء، واستبداله بآلية جديدة قوبلت بالرفض الشعبي والفصائلي الواسع، تتواصل المحاولات لـ"إيجاد صيغة تحافظ على حقوق تلك الشريحة، وتستجيب للمطالب الدولية".
وأحال المرسوم الرئاسي صرف المستحقات المالية للأسرى في السجون الإسرائيلية من هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى المؤسسة "الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي" وذلك بعد تحويل تلك الشريحة إلى "قضية رعاية اجتماعية، وليست لها علاقة بالبعد النضالي الوطني".
وبدأت المؤسسة قبل أشهر حملة تدعو الأسرى وعائلاتهم لتعبئة استمارة لمعرفة تفاصيل حالتهم الاجتماعية والمالية قبل تحديد حجم الدعم المالي.
وكان الأسرى المحررون وعائلات الأسرى في السجون الإسرائيلية يتلقون رواتب شهرية تعتمد على عدد سنوات سجنهم، وقد تصل تلك الرواتب إلى نحو 3 آلاف دولار.
لكن مؤسسات الأسرى رفضت تعبئة النموذج، وعدته "امتهاناً لتضحيات الأسرى ونضالهم"، وطالبت بإيجاد "آلية تضمن الحفاظ على حقوقهم المادية والمعنوية".
وكشف رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين رائد أبو الحمص عن تشكيل الرئيس عباس لجنة للتوصل إلى صيغة مقبولة من الطرفين تأخذ في الاعتبار التزامات السلطة الفلسطينية أمام المجتمع الدولي، مع محافظتها على الحق القانوني والمعنوي والمادي للأسرى.
وأشار أبو الحمص لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "اللجنة شُكّلت قبل شهر، وتضم في عضويتها هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير، ووزارة الداخلية، وجهاز المخابرات العامة، وهيئة التقاعد، ووزارة المالية، وديوان الموظفين العام، وهيئة التنظيم والإدارة".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال إن الرئيس عباس كلف اللجنة بـ"وضع دليل إجراءات للحفاظ على حقوق الأسرى المحررين".
ورجّح أبو الحمص "التوصل إلى اتفاق نهائي للقضية، لكننا حتى لم نتوصل حل متفق عليه بعد". وشدد على أن مؤسسات الأسرى "ما زالت ترفض الاستمارة التي طرحتها مؤسسة التمكين حتى بعد تعديلها، وذلك لأنها لا تستجيب لمطالبنا".
وفيما اعتبر بداية لتنفيذ المرسوم الرئاسي أوقفت وزارة المالية قبل شهرين صرف رواتب أكثر من 1600 أسير غالبيتهم الساحقة في السجون الإسرائيلية، ومعظمهم من حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
لكن رئيس مجلس أمناء المؤسسة "الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي" أحمد مجدلاني قال في تصريحات خاصة إن الهيئة "عدّلت بعض بنود الاستمارة بعد موجة الرفض ضدها"، مشيراً إلى أن "الرفض ليس ضد الاستمارة بحد ذاتها، لكن ضد المبدأ والرغبة بالاستمرار في الحالة السابقة؛ حيث كانت الأمور متداخلة بشكل غير صحيح، وكان بعض الأشخاص يتلقون رواتب من أكثر من جهة".
وبحسب مجدلاني فإن الاستمارة "مفتوحة للتعبئة لمن يرغب بأن يتلقى راتباً بعد انطباق المعايير عليه".
وعقب رفضه إلغاء القوانين والأنظمة الخاصة بالأسرى، أقال الرئيس عباس رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدورة فارس من منصبه.
واعتبر فارس أن إلغاء القانون "خطيئة كبرى، وتجاوز لتقاليد العمل الوطني والالتزام الأخلاقي الإنساني تجاه الأسرى والشهداء والجرحى".
وأوضح فارس لـ "اندبندنت عربية" أن تنفيذ الإلغاء بدأ بقطع رواتب مئات الأسرى، مشيراً إلى أن ذلك "سيطاول أكثر من 40 ألف عائلة تتلقى رواتب من خلال المنظومة، وسيؤدي إلى تجويعهم".
ورجّح فارس أن "يطاول قطع الرواتب جميع المستفيدين من المنظومة القديمة، وإن بشكل تدريجي بسبب ردود الفعل الرافضة لذلك".
واعتبر الباحث السياسي جهاد حرب أن مبدأ صرف راتب مدى الحياة لأي شخص سجن مثلاً في عمر الـ18، ثم خرج بعد خمس سنوات سيُكلف الدولة راتباً لمدى حياته".
وأوضح أن القانون الذي ألغاه الرئيس عباس بشأن تقديم مستحقات للأسرى كان "من البداية غير صحيح، وكان من الأصل يتم تقديم منحة مالية لأي أسير يخرج من السجن تساعده على التأهيل المادي، والاندماج في المجتمع".
وأشار حرب إلى أن قضية رواتب الأسرى "تحتاج إلى نقاش عميق، وإلى مكاشفة من القيادة الفلسطينية، وتقدم معلومات مفصلة بشأنها".
ويرى المحلل السياسي سليمان بشارات أن إلغاء آلية صرف المستحقات للأسرى "مرتبط في الأساس بالضغوط الخارجية على السلطة الوطنية أكثر من تنظيم الملف".
وأوضح بشارات أن "ما يجري محاولة القيادة الفلسطينية لتقديم صرف المستحقات على أنها من باب الحماية الاجتماعية وليس مكافأة على نضال الأسير وتضحياته الوطنية".
وأوضحت مؤسسة "التمكين الاقتصادي" أنها تقوم بدور "الجهة المنفذة للمرسوم الرئاسي المتعلق بالمساعدات النقدية للفئات المستحقة، وذلك ضمن الإطار الوطني لبرنامج الحماية والرعاية الاجتماعية، ووفقاً لمعايير الاستحقاق التي تضمن الشفافية والعدالة".
وأكدت أنها "لا تزال في مرحلة جمع بيانات كل الفئات المستفيدة، وحتى الانتهاء من هذه المرحلة ضمن المدة الزمنية المحددة التي أُعلنت مسبقاً، لم تحجب أو تستبعد أي اسم من قوائم المستفيدين".
وأشارت المؤسسة إلى أنه "يتم تحديد المستحقين وفقاً لمعايير استحقاق رسمية، وسيتم اعتمادها بعد استكمال جمع البيانات وتعبئة الاستبيان الإلكتروني، وذلك ضمن آلية دقيقة تضمن العدالة والإنصاف في اختيار المستفيدين".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 43 دقائق
- Independent عربية
هل تعيد الضربات الإسرائيلية لإيران سيناريو نفط الـ100 دولار؟
في مشهد جيوسياسي بالغ التوتر، تدفع التطورات العسكرية الأخيرة بين إسرائيل وإيران أسعار النفط العالمية نحو قفزات حادة، مستحضرةً شبح صدمات الطاقة التي هزت الأسواق في عقود سابقة. هذا التصعيد غير المسبوق يثير تساؤلات ملحة حول عمق تأثيره في أسواق النفط، ومسار أسعار الخام، ومستقبل "علاوة الأخطار" في المدى القصير، وهل يمكن أن تتجاوز الأسعار عتبة الـ100 دولار للبرميل؟ وفي المقابل، وفي ظل التقارير التي تؤكد عدم تضرر منشآت التكرير وتخزين النفط الإيرانية، كيف يمكن لهذا العامل أن يخفف من وطأة الصدمة على السوق النفطية العالمية؟ خلفيات الأزمة وتداعياتها على الأسواق تأتي هذه الأحداث الدراماتيكية في وقت كانت فيه الأسواق بدأت تستوعب تقرير وكالة الطاقة الدولية "مراجعة الطاقة العالمية 2025"، الذي أشار إلى تباطؤ متوقع في نمو الطلب على النفط مدفوعاً بالتحول العالمي نحو الطاقة النظيفة والمركبات الكهربائية، إلا أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت موقع "نطنز" النووي ومنشآت عسكرية أخرى في إيران، قلبت هذه التوقعات رأساً على عقب، معيدةً سيناريوهات نقص المعروض وارتفاع الأسعار إلى الواجهة بقوة. هذه الضربة التي وصفها محللون بأنها "تحويل للأزمة الإيرانية من مجرد ملف سياسي إلى صراع مباشر"، دفعت أسعار النفط اليوم لترتفع بنسب تراوح ما بين سبعة و13 في المئة، مسجلةً بذلك أكبر صعود يومي منذ مارس (آذار) 2022، ونتيجة لذلك، تجاوز سعر خام برنت مستويات 78 دولاراً للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط إلى ما فوق 73 دولاراً. تحذيرات دولية وتصريحات لافتة تتزامن هذه التطورات مع تحذيرات دولية وتصريحات لافتة للرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي كشف اليوم أن الإدارة الأميركية كانت على علم سابق بالضربات الإسرائيلية على إيران، مؤكداً في الوقت ذاته عدم تورط واشنطن المباشر. وحذر ترمب طهران من تطوير برنامجها النووي بقوله، "لن نسمح لإيران بامتلاك السلاح النووي... لكننا لا نريد حرباً جديدة في الشرق الأوسط". هذه التصريحات تزيد من تعقيد المشهد، مظهرةً أن واشنطن تتابع عن كثب، لكنها تحاول تجنب الانخراط المباشر في صراع قد تكون له تداعيات كارثية على الاقتصاد العالمي. تاريخياً، يُعد الملف الإيراني أحد أكثر الملفات تعقيداً في السياسة الدولية، إذ تتشابك فيه المخاوف النووية مع المصالح الاقتصادية والجيوسياسية. صدمة لحظية أم نزاع مفتوح؟ أجمع محللون في أسواق الطاقة والنفط، في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، على أن الضربات الإسرائيلية المفاجئة شكّلت "صدمة لحظية" للأسواق، إذ أثارت المخاوف من أن يتحول التوتر القائم إلى نزاع مفتوح في واحدة من أكثر المناطق تأثيراً في صناعة الطاقة العالمية، وأكد الخبراء أن مسار أسعار النفط في الفترة المقبلة سيتحدد بناءً على ثلاثة عوامل رئيسة: طبيعة الرد الإيراني المحتمل، وموقف القوى الدولية، ومدى استمرار العمليات العسكرية في المدى القريب والمتوسط. وأشار المحللون إلى أن القفزة الحادة في الأسعار تعكس في المقام الأول "علاوة أخطار" مرتبطة بعدم اليقين الجيوسياسي، التي قد تبقى مرتفعة ما دامت التوترات قائمة، هذه العلاوة هي ثمن يدفعه مشترو النفط للتأمين ضد اضطرابات محتملة في الإمدادات. ولفتوا إلى أنه كلما زاد الخطر الجيوسياسي، زادت علاوة الأخطار، مما يدفع الأسعار للارتفاع حتى في غياب نقص فعلي في الإمدادات. وفيما يمثل عدم تعرض منشآت التكرير وتخزين النفط الإيرانية للضرر عاملاً تخفيفياً مهماً، يرى المحللون أن الضرر المباشر للبنية التحتية النفطية الإيرانية كان سيؤدي إلى انخفاض فوري في المعروض، مما كان سيدفع الأسعار إلى مستويات أعلى بكثير وبسرعة أكبر. وأكدوا على أن هذا يعني أن الارتفاع الحالي هو رد فعل على الأخطار المستقبلية المحتملة وليس على نقص فعلي في الإمدادات حتى الآن، مما يمنح السوق بعض المرونة، بعبارة أخرى، السوق لا يتعامل حالياً مع خسارة فعلية في المعروض من النفط، بل مع احتمال حدوثها، مما يحد من حجم الارتفاع الجنوني الذي كان يمكن أن يحدث لو استهدفت المنشآت النفطية مباشرة. هجمات متبادلة يرى المتخصص في الشؤون النفطية، كامل الحرمي، أنه من الصعب التكهن بمعدل معين لسعر النفط في ظل الظروف الراهنة، مرجعاً ذلك إلى احتمالية نشوب حرب في منطقة الشرق الأوسط أو توقف إمدادات النفط الإيراني للأسواق العالمية في آسيا، وتحديداً الصين والهند واليابان. وأشار الحرمي، إلى أنه على رغم وجود فائض نفطي في الأسواق يتجاوز 5 ملايين برميل يومياً لدى منظمة أوبك، فإن سعر البرميل شهد ارتفاعاً مفاجئاً بلغ سبعة دولارات في أقل من 24 ساعة، ليصل إلى 73 دولاراً للبرميل، ولفت إلى أن هذا الارتفاع ليس إلا بداية لمزيد من الصعود، متسائلاً عما إذا كان السعر سيصل إلى 80 أو حتى 90 دولاراً للبرميل. وأضاف الحرمي، أن أي ارتفاع لسعر البرميل فوق حاجز 65 دولاراً سيكون في صالح النفط الصخري الأميركي، وسيشكل حافزاً لزيادة الاستثمار في هذا القطاع، وشدد على أن ارتفاعات أخرى وأعلى ستكون نتيجة لتوسع آثار الحرب والهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، مما قد يشمل دولاً أخرى في الخليج العربي، "لتبدأ الكارثة الفعلية". ضربة قوية للمعنويات بدوره، قال محلل السوق لدى "آي جي" توني سيكامور، إن التصعيد يمثل ضربة قوية للمعنويات في الأسواق المالية بصورة عامة، وليس فقط سوق الطاقة، متوقعاً أن نشهد خروجاً جماعياً من الأصول الخطرة في نهاية الأسبوع، وأضاف أن المستثمرين ينتظرون "رد الفعل الإيراني المحتمل"، وهو العامل الذي قد يحدد اتجاه الأسواق خلال الأيام المقبلة. مخاوف الإمدادات وأوضح المحلل الإستراتيجي في شركة الخدمات المالية بيبرستون أحمد عسيري، أن الارتفاع الحالي في الأسعار يعكس مزيجاً من المخاوف الفورية في شأن الإمدادات والتوقعات بتصاعد وتيرة التصعيد تدرجاً، على عكس جولات التوتر السابقة بين إيران وإسرائيل، التي كانت تنتهي عادة بصورة سريعة أو بضغوط دولية لاحتوائها. انتقال العدوى على الصعيد ذاته، أكدت محللة الأسواق لدى "فيليب نوفا" في سنغافورة، بريانكا ساشديفا، أن استعداد إيران لرد عسكري يزيد من الأخطار، ليس فقط على صعيد اضطرابات التوريد، لكن أيضاً لاحتمالات انتقال العدوى الجيوسياسية إلى دول منتجة للنفط في المنطقة، وهو ما قد يعيد أسعار النفط إلى مستويات لم نشهدها منذ عقد كامل. تعطل الإنتاج من جانبه، أوضح رئيس شركة "ليبو أويل أسوشيتس"، آندي ليبو، أن أسعار النفط قد تتجاوز عتبة 100 دولار للبرميل في حال تعطلت أي من منشآت إنتاج النفط في الخليج العربي، لكنه أشار إلى أن السيناريو الأساس حتى الآن يعتمد على أن القوى الكبرى ستسعى جاهدة إلى احتواء التصعيد ومنع انفلات الوضع. شكوك كبيرة ووصف الرئيس التنفيذي في "XM أستراليا"، بيتر ماكغواير، "الاحتقان الإسرائيلي-الإيراني" بأنه السبب في "الشكوك الكبيرة" المحفزة للتقلبات في السوق، ويقول إن أسعار النفط تستجيب أولاً لأخطار الإمداد القريبة أكثر من أي عوامل أخرى. واقع الستينيات وأشارت رئيسة قسم إستراتيجية السلع العالمية في "جيه بي مورغان"، ناتاشا كانيفا، إلى احتمال ذروة سعرية لحدود 120 دولاراً، لكنها تضيف توازناً بأن السوق يمكن أن ينهار إلى الـ40 دولاراً إذا ظهرت معروضات جديدة وخفض الطلب، وحسبما تشير في الوقت الراهن، تظل الجغرافيا السياسية مسيطرة. صراع واسع وسيناريو أسوأ ولفت بنك "جيه بي مورغان" في مذكرة بحثية حديثة صادرة اليوم، إلى أن السيناريو الأسوأ يتضمن احتمال توسع الصراع ليشمل تعطيل إمدادات النفط من دول مجاورة، بما فيها تهديد الملاحة في مضيق هرمز. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأوضح "جيه بي مورغان" في المذكرة أن احتمال السيناريو المتشدد يبلغ نحو سبعة في المئة، مشيراً إلى أن الأسعار قد تسجل ارتفاعات "أسية" مدفوعة بحال ذعر في الأسواق العالمية، في حال انزلاق المنطقة إلى صراع واسع النطاق. وعلى رغم هذه التحذيرات، أبقى البنك على توقعاته الأساسية لأسعار خام برنت عند الستينيات من الدولار للبرميل لبقية عام 2025، متوقعاً أن تعمل القوى الإقليمية والدولية على احتواء التصعيد، ثم نحو 60 دولاراً في 2026. سيناريوهات مستقبلية مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، تتجه أنظار الأسواق نحو سيناريوهات محتملة قد ترسم مستقبل أسعار النفط العالمية، فإذا تدخلت القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لاحتواء التوترات ومنع ردود عسكرية متبادلة بين إيران وإسرائيل، فمن المرجح أن تتراجع الأسعار تدرجاً نحو مستوياتها السابقة قبل التصعيد، وهذا السيناريو يعتمد على النجاح الدبلوماسي والاحتواء السريع للوضع، وهو ما يميل إليه بنك "جيه بي مورغان" في توقعاته الأساسية. على النقيض، إذا ردت إيران بقوة، أو اتسع نطاق الضربات ليشمل منشآت نفطية إيرانية أو ملاحة مضيق هرمز، فإن أسعار الخام قد تتجاوز 100 إلى 120 دولاراً للبرميل، وسط حال من الفوضى في أسواق الطاقة العالمية، قد يتعدى ذلك إذا وصلنا لحظر مضيق هرمز، وهو ما حذر منه "جيه بي مورغان" كسيناريو أسوأ، وأشار إليه كل من آندي ليبو وبريانكا ساشديفا كاحتمال وارد. ثلاثة عوامل رئيسة يجب مراقبتها وسط هذه التوترات، لا يبدو أن الأسواق بصدد استقرار سريع، وبخاصة أن الملف الإيراني يمثل واحداً من أعقد الملفات في السياسة الدولية منذ أكثر من عقدين، وبينما يحاول المستثمرون استيعاب تطورات الساعات الأخيرة، تبقى كلمة السر في المدى القريب هي "الاستقرار العميق" وليس الأرقام الفلكية، لذا، ينبغي مراقبة ثلاثة عوامل رئيسة لتحديد مسار الأسعار: أولاً، طبيعة رد طهران: هل سيكون رمزياً أم مؤلماً على استقرار الإمدادات؟ يرى المحللون أن طبيعة الرد الإيراني هي العامل الأهم في تحديد مسار الأسواق خلال الأيام المقبلة. ثانياً، دور القوى العظمى: هل ستنجح في تجنيب المنطقة حرباً إقليمية؟ من المفترض أن تلعب الجهود الدبلوماسية الدولية دوراً حاسماً في احتواء التصعيد ومنع انزلاقه إلى صراع أوسع. ثالثاً، مسار العقود الآجلة: هل يظهر مخطط يعبر عن "أزمة ممتدة" أم "تفلت موقت"؟ ستقدم العقود الآجلة للنفط مؤشراً قوياً على توقعات السوق للمدى الطويل، فإذا استمرت الأسعار في الارتفاع على المدى البعيد، فهذا يدل على أن السوق تتوقع أزمة ممتدة، أما إذا عادت إلى الاستقرار، فهذا يعني أنها ترى الأمر تفلتاً موقتاً. وبصفة عامة، فإنه في الأفق القريب، ستظل الجغرافيا السياسية مسيطرة على أسواق النفط، لكن إذا انهار هذا الاستقرار، فسنشهد تداعيات تتجاوز النفط إلى مؤشرات التضخم العالمي والنمو الاقتصادي، مع احتمالية عودة الأسعار إلى ثلاثة أرقام، مما قد يلقي بظلاله على الاقتصاد العالمي بأسره.


الوئام
منذ ساعة واحدة
- الوئام
ارتفاع الدولار وعملات الملاذ الآمن بعد 'ضرب إيران'
ارتفع الدولار، اليوم الجمعة، مع اندفاع المتعاملين إلى العملة الأمريكية وغيرها من أصول الملاذ الآمن، مثل سندات الخزانة الأمريكية والذهب، وذلك بعد أن شنت إسرائيل ضربات واسعة النطاق على إيران. وردت إيران على ما قالت إسرائيل، إنه استهداف لمجموعة واسعة من الأهداف العسكرية في إيران، بشن هجمات بالطائرات المسيرة. وقالت تشارو تشانانا كبيرة محللي الاستثمار في ساكسو بنك: 'يضيف التصعيد الجيوسياسي المزيد من الضبابية إلى المعنويات الهشة بالفعل'. وأضافت 'السؤال الرئيسي الآن هو ما إذا كان هذا يمثل تصعيداً قصيراً، أم بداية لصراع في المنطقة أوسع نطاقاً. وفي حال تصاعد التوتر، لا سيما مع وجود أي تهديد لإمدادات النفط، ربما تستمر حالة العزوف عن المخاطرة مما سيؤدي إلى استمرار الضغط التصاعدي على النفط الخام وأصول الملاذ الآمن'. وكان من المقرر أن يعقد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون، جولة سادسة من المحادثات في سلطنة عُمان، بعد غد الأحد، حول برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم. وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن 'تصميم الحكومة الإسرائيلية على قصف أهداف إيرانية هو قرار مستقل'. وصعد مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، 0.61%، ليصل في أحدث تداولات إلى 98.28. واستقر الين والفرنك السويسري، وكلاهما يعتبران أيضاً من عملات الملاذ الآمن، مقابل الدولار، بعد ارتفاعهما بنحو 0.5% لكل منهما في وقت سابق من اليوم. وجاءت أكبر مكاسب الدولار مقابل العملات المرتبطة بمؤشرات الخطر، ومنها الدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي اللذين تراجع كل منهما بنحو 1%. وبدد اليورو مكاسبه التي سجلها على مدى 4 أيام ليخسر 0.5% عند 1.1528 دولار. وأقبل المستثمرون أيضاً على سندات الخزانة الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، بما يصل إلى 4.7 نقطة أساس إلى أدنى مستوى له فيما يزيد على شهر واحد عند 4.31%. واقترب مؤشر الدولار من أدنى مستوى له منذ مارس 2022، والذي سجله في وقت سابق من هذا الأسبوع، ويتجه نحو تسجيل انخفاض أسبوعي بنسبة 1% تقريباً، وهو أكبر انخفاض له في أكثر من 3 أسابيع. وطالت الخسائر العملات الرقمية أيضاً اليوم الجمعة، إذ تراجعت بتكوين 1.5% إلى 104336 دولاراً، وإيثر بما يزيد على 4.7% إلى 2516 دولاراً.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
بيع الأراضي الفلسطينية لمستوطنين... بين التزوير والإغراء المادي
مع أن أساليب إسرائيل للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين متعددة، لكن شراءها تلك الأراضي من الفلسطينيين يبقى الأكثر إيلاماً للفلسطينيين على رغم أنه يعتبر أقل من ظاهرة ولا يتعلق سوى بمساحات قليلة للغاية. ومن أجل إقامة مئات المستوطنات في الضفة الغربية التي يعيش فيها أكثر من 700 ألف مستوطن، تلجأ السلطات الإسرائيلية إلى مصادرة الأراضي بعد تحويلها إلى أراضي دولة أو تخصيصها لأغراض عسكرية. إلا أن شراء الأراضي من أصحابها يثير استياء الفلسطينيين على رغم "قيام أقلية صغيرة للغاية بذلك في ظل عمليات الترغيب والترهيب للسلطة القائمة بالاحتلال"، بحسب حقوقيين. عمليات بيع سرية وبصورة سرية وغير مباشرة عبر وسطاء وشركات سمسرة، تجري عمليات البيع تلك، في ظل رفض مجتمعي وملاحقة رسمية لذلك، باعتباره "خيانة عظمى وتفريطاً في الأرض لمصلحة العدو". وتقع تلك الأراضي التي تُباع للشركات قرب المستوطنات، وفي منطقة (ج) بالضفة الغربية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، التي تشكل أكثر من ثلثي مساحتها. يتطلب هذا الإجراء إذناً من إدارة المدينة التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية (أ ف ب) ويمنع القانون الحالي المستوطنين الإسرائيليين من شراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة، إذ يتطلب هذا الإجراء إذناً من إدارة المدينة التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية. لكن اليمين الإسرائيلي الحاكم دفع قبل أسابيع بمشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي يسمح للمستوطنين بشراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة ومن دون موافقة مسبقة، وإلغاء القانون الأردني المتعلق بذلك. وتمكن المستوطنون من شراء قطع أراض في الضفة الغربية، إضافة إلى عقارات في البلدة القديمة في كل من مدينتي القدس والخليل. ويتولى جهازا الاستخبارات العامة الفلسطينية والأمن الوقائي ملاحقة "صفقات" ما تسمى "تسريب الأراضي وبيعها للشركات الإسرائيلية". إحباط عمليات بيع وبصورة متكررة يعلن الجهازان إحباط صفقات تسريب أراض فلسطينية لمصلحة الإسرائيليين. وقبل أسابيع، أعلن جهاز الاستخبارات الفلسطيني تمكنه "بعد متابعة دقيقة ومكثفة، من إحباط صفقة تسريب قطعة أرض تبلغ مساحتها نحو 7.5 دونم في قرية صفا غرب مدينة رام الله، كانت مخصصة لنقلها إلى جهات تتعامل مع الاحتلال". وبحسب الجهاز فقد "اعتقل أحد المشتبه فيهم الذي اعترف بتورطه في عملية التسريب مقابل أكثر من 200 ألف دولار أميركي، وأقر بتزوير توقيع شقيقته أثناء إجراءات البيع، مما يؤدي إلى بطلان العملية قانونياً". وفي قرية نحالين غرب بيت لحم أحبطت الاستخبارات الفلسطينية عملية بيع أكثر من 600 دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع) وهي ملاصقة لمستوطنتي "بيتارعيليت" و"دانيال". وأشار الجهاز إلى "اعتقال أربعة أشخاص مشتبه فيهم في التخطيط لتنفيذ الصفقة، ووقف جميع الإجراءات والوكالات التي كانوا بصدد إعدادها لتنفيذ العملية". لكن بعض عمليات البيع تكون سليمة وفق القانون الإسرائيلي، مثل استيلاء المستوطنين قبل أشهر على قطعتي أرض في بلدة سلوان في القدس بعد "شرائها من أصحابها". دفع اليمين الإسرائيلي الحاكم قبل أسابيع بمشروع قانون في الكنيست يسمح للمستوطنين بشراء الأراضي في الضفة الغربية بصورة مباشرة ومن دون موافقة مسبقة (أ ف ب) وقالت مصادر أمنية فلسطينية إن أكثر من 120 شركة تعمل في مجال تسريب الأراضي بالضفة الغربية. واعتبر رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" مؤيد شعبان أن "أكثر من 99 في المئة من الأراضي التي تستولي عليها إسرائيل تنقل بعد تحويلها إلى أراضي دولة بسبب القوانين الأردنية والإسرائيلية التي تتيح السيطرة عليها بسبب عدم فلاحتها". وبحسب شعبان فإن أكثر من 46 ألف دونم حولتها السلطات الإسرائيلية إلى أراضي دولة قبل مصادرتها خلال عام 2024. عمليات تزوير لكن شعبان أشار إلى أن "نسبة قليلة للغاية من الأراضي لا تتجاوز واحداً في المئة تستولي عليها تل أبيب من خلال الشراء في عمليات تشهد معظمها عمليات تزوير". ووفق شعبان، فإن تلك العمليات "تحصل نتيجة التحايل، فيما يتورط عدد محدود للغاية من الفلسطينيين من ضعاف النفوس فيها". وأوضح أن "الدائرة القانونية في 'هيئة مقاومة الجدار والاستيطان' تعمل بالتعاون مع المؤسسة الأمنية الفلسطينية على إحباط عمليات البيع التي تشهد معظمها عمليات تزوير". وكشف شعبان "نجاح إبطال المئات من قضايا تسريب الأراضي واستعادة مساحات شاسعة منها"، لكن شعبان شدد على أن "عمليات بيع الفلسطينيين للأراضي ليست بالحجم الذي يتحدث عنه عامة الفلسطينيون". وعن محاولة بيع مئات دونمات الأراضي في قرية نحالين، قال شعبان إن فلسطينياً واحداً متورطاً بذلك عبر تزوير توقيع المئات من أقاربه، مشيراً إلى أن تلك "القضية ما زالت أمام المحاكم الإسرائيلية وهي في طريقها للإفشال على رغم مضي عامين على كشفها". وبحسب شعبان فإن الفترة بين 1982 و1987 شهدت "أكثر وأوسع عمليات الاستيلاء على الأراضي والشراء". وتابع "بالعادة يجري توقيف من يبيع أرضه للمستوطنين في حال لم ينجح بالسفر إلى خارج فلسطين أو إلى إسرائيل، ويعيش حالاً من النبذ الاجتماعي". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وعن سبب لجوء المستوطنين لشراء الأراضي على رغم وجود أساليب أخرى للاستيلاء عليها، أرجع شعبان ذلك إلى أن الشراء "أفضل الطرق بالنسبة إلى الإسرائيليين تمنح هذه العملية صفة شرعية وقانونية". ويرى المتخصص في علم الاجتماع في جامعة بيرزيت نادر سعيد أن "التعامل مع المحتل ظاهرة معروفة تاريخياً في كل دول العالم التي خضعت للاحتلال الأجنبي، حيث توجد أقلية صغيرة للغاية لها وجهة نظر مختلفة عن المجتمع". وبحسب سعيد فإن ارتباط تلك الأقلية بالاحتلال الإسرائيلي يأتي "بسبب حال اليأس من انتصار القضية الفلسطينية، فكلما زاد اليأس بسبب الممارسات التهجيرية اندفع بعض الناس إلى الشعور بأنهم مضطرون إلى البيع والاستسلام". وأوضح أن تلك الأراضي التي يجري بيعها "يكون أصحابها في معظم الأحيان غير قادرين على الاستفادة منها، ويخشون من ضياع فرصة بيعها إذا لم يبيعوها للمستوطنين". واعتبر وزير العدل الفلسطيني السابق والمتخصص في القانون الدولي محمد شلالدة أن عمليات شراء "القوة القائمة بالاحتلال أراضي في الإقليم الذي تحتله باطلة وغير شرعية وفق القانون الدولي". وأضاف شلالدة "أن كل ما تقوم به إسرائيل من شراء للأراضي عبر شركات مصنفة على القائمة السوداء في الأمم المتحدة باطل وفق القانون الدولي".