
الخيارات الضرورية للعالم العربي
كما لا يختلف أحد على أن الشرق الأوسط غير مستقر وفي مرحلة إعادة تشكيل، طبيعية وجبرية، نتيجة اختلاف نسب نجاح وفشل المنظومة الوطنية بين دولة وأخرى، وطموح دول غير عربية لتشكيل المنطقة على هويتها، وعلى رأس هذه الدول إسرائيل.
وأهم العناصر المشتركة بين المسرح الدولي والإقليمي أن الاضطرابات صاحبتها أو كانت نتيجة قرارات استراتيجية للأطراف المتطلعة للهيمنة، بالخروج عن التوافق والتوازن الدولي والإقليمي، والذي يشكل نظاماً دولياً وإقليمياً مستقراً وعلى أساس التعايش البارد حتى في ظل بعض التوترات.
واستبدلت بمرحلة التعايش البارد أخرى يغلب عليها المنظور الأحادي والحلول القريبة من الصفرية لحساب بعض الأطراف، على المستوى الدولي من قبل الغرب، بالتركيز على المحاور الاقتصادية لتوجيه المحاور الاجتماعية والسياسية، وفي الشرق الأوسط من قبل إسرائيل باستخدام القوة العسكرية والسياسية الخشنة، مدعومة من الولايات المتحدة خصوصاً، فغلب قانون القوة على قوة القانون، دون مراعاة الحقوق المشروعة للغير، أو سيادة الدول، واستخدام العنف وازدواجية المعايير على الملأ.
والأوضاع الدولية والإقليمية الآن بالغة الصعوبة والخطورة، وتتواصل تداعياتها عبر البحار والقارات، مما يفرض على الدول المستقلة عامة، وفي الشرق الأوسط على الدول العربية خاصة، أخذ زمام المبادرة برؤى شاملة، وثبات انفعالي، وشجاعة وحكمة في اتخاذ القرارات وترجمة سياساتنا إلى حيز التنفيذ.
ومع أهمية اللحظة وصعوبة الموقف، لا أبالغ في القول، أو أتهاون مع الظرف، بالتنويه أن تجاوز العالم العربي هذا الإعصار بأمان، مرهون أساساً بكلمات ثلاث، ألا وهي التحدي والتطوير والبناء.
علينا كعرب تقدير حجم التحدي، بل التحديات، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، محاولة تمييع الهوية العربية في الشرق الأوسط، وفي الدول العربية ذاتها، واستبدالها خصوصاً بهوية شرق أوسطية، بنكهة إسرائيلية، أو هوية المصلحة المادية اللحظية قصيرة الأجل على حساب المصلحة الاستراتيجية الإقليمية إذا لزم ذلك، والدفع بأن المهيمن الجديد مدخل ووسيط العرب للعالم المتقدم تكنولوجياً ومالياً.
وتفتيت الهوية العربية لمصلحة الغير والسيطرة على القنوات المالية والتكنولوجية وتحجيم تمتع الدول العربية بها، فيه تهديد واضح وطويل الأجل على الأمن القومي للدول العربية، عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، وعلى مصر والسعودية والدول العربية المؤثرة وضع خطة وتصور للأمن القومي العربي لمناقشته على المستوى العربي، قبل التشاور مع دول الجوار غير العربي، باعتبار ما يجمعنا من مفاهيم ومصالح أكثر بكثير عن أي تباين في المواقف حول بعض القضايا.
وتقتضي الأمانة أيضاً المصارحة بضرورة التصدي لتحدٍ ذاتي على المستوى العربي، لإعادة الثقة واطمئنان المواطنين في صدقية الهوية العربية، بطموح واجب يستند إلى العناصر التي تجمعنا، وهي ليست قليلة، وبخاصة في المجالات الثقافية والتراثية والاقتصادية، مع التعامل بواقعية واحترام للأولويات المختلفة بين الحين والآخر وبخاصة على المستوى السياسي.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأدعو للاستفادة لأقصى درجة من تعدد التجمعات العربية على المستوى دون الإقليمي، وبتشجيعها إيجابياً، والعمل على توافق أعمالها وتكاملها في الإطار الإقليمي العربي الأوسع، باعتبارها إضافات تراكمية للعمل العربي العام.
وذاتياً يشمل التحدي تأمين وتدعيم مفهوم الدولة الوطنية في العالم العربي، مع احترام خصوصيات شعوبنا وطوائفنا المختلفة، حتى لا نترك مجالاً للتفتيت والفرقة، بخاصة واعتباراً من القرن الـ21 أو قبل ذلك بقليل، كانت الفتنة من أهم بذور عدم الاستقرار العربي والفرقة الوطنية والانشقاق، والمستغلة من قبل تيارات متعصبة منشقة أو جهات أجنبية.
ومن التحديات كذلك ضرورة التصدي لكل محاولات فرض الواقع وتشكيل النظام الإقليمي بالقوة، باعتبار أننا دول متوسطة ووسطية، ويعد القانون الدولي العمود الأساس في تغليب الحق على الباطل، وفي الحفاظ على الأمن القومي لأوطاننا وعالمنا، والضمان الآمن لاستقرار المنظومة الإقليمية العادلة، مع مراعاة الدول والشعوب كافة، وفقاً لمعايير واحدة ومشتركة للجميع. والممارسات الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة داخل غزة والضفة، وسوريا ولبنان واليمن، فضلاً عن إيران، ترجمة عملية لسياسات معلنة للمسؤولين الإسرائيليين، أنها تعيد تشكيل المنطقة وستستخدم القوة وازدواجية المعايير ضد أية جهة تقف في طريقها.
ولعل من أفضل سبل الارتفاع إلى مستوى التحدي وتوفير فرص النجاح، تبني العالم العربي وطنياً وإقليمياً منهجية التطوير المتدرج المستمر، للحفاظ على خصوصياتنا وحقوقنا وثقلها الإقليمي والدولي في المقام الأول، ولمواكبة الأحداث لأن الأوضاع الدولية والإقليمية تتغير باستمرار. لا يكفي أن يكون العالم العربي على دراية ومتابع للتطورات الدولية والإقليمية، بل من الضرورة أن نسهم في تشكيل النظام المعاصر وتوجهاته ونتائجه وبخاصة على المستوى الإقليمي الشرق أوسطي، الذي تعبث وتجول فيه أطراف دولية وإقليمية غير عربية.
ولن ننجح في توجيه التطور الإقليمي إلى بر الأمان دون أن تبنى فلسفة التطوير الذاتي المستمر على المستوى الوطني والإقليمي العربي السياسي والاقتصادي والأمني، بما في ذلك بالنسبة إلى مؤسساتنا الوطنية والإقليمية، لتمثل جميع دولنا ويتحمس لها الكل، من المغرب العربي إلى المشرق والخليج، لتكون قادرة على التفاعل الشامل والسريع مع الأحداث المستجدة والمتشابكة والمتغيرة بمعدلات سريعة، في عصر الذكاء الاصطناعي والطائرات دون قيادة والابتكار الجيني ووسائل التوجيه الذكية ووسائل الإيصال بعيدة المدى، لأن قطار التطور السريع لا يتوقف، ويستفيد منه المواكبون والمشكلون له، ويترك الآخرون في مهب الريح، وأتمنى أن يتحول العالم العربي إلى مصدر لتوليد التكنولوجيا ليس مجرد مستخدم له.
وعلينا الاستمرار في بناء الدول الوطنية الحديثة والقوية، صاحبة القرار المستقل، القادرة على تحريك الأوضاع وتحمل الضغوط والأزمات، والساعية إلى المشاركة في المنظمات الإقليمية والدولية، ويتحقق ذلك بالاستناد في قراراتنا الخارجية على مزيج من قدراتنا الوطنية، والعلاقات الإقليمية والدولية، مما يحافظ على دورنا النشط في الساحة الدولية التي لا يمكن الانعزال عنها، ويؤمن لنا استقلالية القرار وتعدد الخيارات لمصلحة شعوبنا.
والبناء السياسي والمجتمعي الإقليمي والدولي يتطلب أرضية ومنظومة اقتصادية وطنية صلبة ومنتجة، لأنها المحك الرئيس للنجاح والمستهدف الأول، ومنظومة اقتصادية غاية الكفاءة في الأداء، بصرف النظر عن كونها رأسمالية أو اشتراكية أو غير ذلك، والكفاءة تتطلب الشفافية في المعلومات ذات الصلة، والمحاسبة على الإخفاء والمكافأة على حسن الأداء، وتمكين وتشجيع الكل على المشاركة والمنافسة، سعياً لخلق منظومات ومؤسسات اقتصادية قادرة على الاستجابة لمتطلبات المجتمع والمنافسة مع الشركات الدولية محلياً ودولياً، لأن اقتصادات العالم متصلة ومتواصلة، ولم يعد هناك مجال للتنمية المستدامة للدول المتوسطة في عزلة أو استقلال عن الأسواق الدولية المنافسة.
ارتفاعنا إلى مستوى التحدي وتبني فلسفة التطوير، وعقد العزم على البناء ضرورات لمستقبل أفضل للعالم العربي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 37 دقائق
- Independent عربية
نتنياهو يفسد فرص ترمب في إحلال السلام
عقب الهجمات الإسرائيلية والأميركية على المواقع النووية الإيرانية وما تبعها من وقف لإطلاق النار بين الإيرانيين والإسرائيليين، بدا أن اتفاقاً آخر يطرق الأبواب، في غزة هذه المرة. لكن في نهاية الأسبوع الماضي، انسحبت الولايات المتحدة وإسرائيل من المفاوضات متهمتين "حماس" بعدم الاتساق في المواقف وغياب "حسن نية". ما تريده "حماس"، الحركة الإسلامية وسلطة أمر الواقع في قطاع غزة، من الولايات المتحدة هو ضمانة بأن تتحول الهدنة إلى وقف دائم لإطلاق النار، وأن تسحب إسرائيل جيشها وأن تقدم الأمم المتحدة وغيرها من الجهات المعنية بالإغاثة مساعدات إنسانية للفلسطينيين الذين يواجهون مجاعة جماعية. يعد استمرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالانصياع لإسرائيل وانسحابه من المفاوضات غلطة جسيمة، فمن دون اتفاق، لن تتحقق رغبة ترمب بقيادة سلام إقليمي شامل يتضمن تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والسعودية، فيما الحاجة ملحة لتحقيق هذا الشكل من الاتفاق الإقليمي الشامل بعد 21 شهراً من الموت والدمار في غزة والصراع المستمر بين إسرائيل ومعظم الشرق الأوسط. لكن لم تبدر أي مؤشرات من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وائتلافه القومي المتطرف الحاكم، على استعدادهما لإعطاء الأولية للسلام الدائم. حتى لو أفرجت "حماس" عن الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقد شدد نتنياهو على أنه من المستحيل إنهاء الحرب في غزة قبل نزع سلاح "حماس" بصورة تامة ونفي قادتها. وحتى ذلك الحين، ما يريده هو أن تظل السيطرة الأمنية على غزة والضفة الغربية بيد إسرائيل إلى أجل غير مسمى. وفي هذه الأثناء، فيما كان المفاوضون المصريون والقطريون والأميركيون يتنقلون بين المفاوضين الفلسطينيين والإسرائيليين، طرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس خطة لنقل سكان غزة إلى ما سماه "مدينة إنسانية" - التي يشير إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت على أنها "معسكر اعتقال" - تبنى على أنقاض مدينة رفح قرب الحدود الجنوبية للقطاع. ما يطرحه مقترح كاتس هو حشر مليوني فلسطيني أو أكثر ضمن مساحة تعادل ثلث مساحة العاصمة واشنطن، تمهيداً لإعادة توطينهم في الخارج. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفي مايو (أيار) الماضي، قال نتنياهو عن سكان غزة "نحن ندمر أعداداً متزايدة من المنازل ولن يتبقى لهم ما يعودون إليه. والنتيجة الحتمية الوحيدة ستكون رغبة الغزيين بالهجرة خارج القطاع". بالتالي، فحتى لو وافق على وقف موقت لإطلاق النار، لا يمكن أن يشكل موضوع حق الفلسطينيين بتقرير مصيرهم جزءاً من أي صفقة لأنه يعتبر مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة خطراً على إسرائيل، كما صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي نفسه خلال زيارة له إلى البيت الأبيض في 7 يوليو (تموز) الماضي. لكن الصيغة التي يطرحها نتنياهو لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط غير واقعية. فلن تقبل أي حكومة عربية بالتهجير القسري للفلسطينيين. كما أن الدول العربية أوضحت بما لا لبس فيه أنها لن تقبل بعد الآن بتعميق علاقاتها مع إسرائيل أو التطبيع معها إلى أن تقبل إسرائيل بقيام دولة فلسطينية ذات سيادة. وفي هذه الأثناء، أعلنت فرنسا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فيما تتعرض الحكومة البريطانية إلى ضغوط متزايدة في الداخل كي تبذل جهوداً تتخطى مجرد العقوبات التي فرضتها على وزراء محددين في الحكومة الإسرائيلية، وتوافق على حظر شامل لكل صادرات السلاح إلى إسرائيل وتؤيد محاكمة المحكمة الجنائية الدولية لنتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، بما فيها التجويع المتعمد لسكان غزة. إن ترك نتنياهو دون حسيب أو رقيب، فقد ينجح قريباً بالتهجير الجماعي للفلسطينيين ويعوق جهود ترمب الرامية إلى إعادة ضبط سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وتقليص الوجود الأميركي العسكري في المنطقة. بصريح العبارة، الحقيقة هي أن نتنياهو واحد من اللاعبين الإقليميين القليلين الذين لا تتماشى مصالحهم مع مصالح ترمب بصورة عامة. أما ترمب فيمتلك قدرة على المناورة أكثر من أي رئيس أميركي وصل سدة الحكم في الفترة الأخيرة. وعليه تسخير كل النفوذ الأميركي لإرغام نتنياهو على وضع نهاية لمطامعه الإقليمية والقبول بسلام يتيح الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة. هذه الطريقة الوحيدة التي تسمح لترمب بأن يكون صانع سلام حقيقي في الشرق الأوسط. عثرة ثابتة شكل نتنياهو عثرة أمام تحقيق أهداف ترمب في الشرق الأوسط منذ الولاية الأولى للرئيس الأميركي في البيت الأبيض. عندها، أمل ترمب بأن يحقق إنجازه الأهم عبر إبرام اتفاق سلام عظيم في الشرق الأوسط. لكن من خلال السماح لنتنياهو بالمشاركة في وضع خطته للسلام الإقليمي الشامل عام 2020، قضى ترمب على أي فرصة له بالنجاح في مخططه. سعت تلك الخطة إلى حل كل المشكلات العالقة بين إسرائيل والفلسطينيين بما يغلب مصلحة الإسرائيليين: دون انسحاب الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية بأي شكل ولا إفراغ للمستوطنات الإسرائيلية ولا حفظ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ليس إلى إسرائيل ولا الأراضي الفلسطينية. وكما هو متوقع، رفض الفلسطينيون القبول بإخضاعهم الدائم لنظام اعتبرته محكمة العدل الدولية عام 2024 مشابهاً لنظام الأبرتهايد (الفصل العنصري). سمحت استراتيجية نتنياهو بأن يظهر الرجل على أنه صانع سلام في وقت منع فيه ترمب من إبرام اتفاق سلام حقيقي يعالج الحقوق الفلسطينية بصورة مباشرة ويفسح المجال أمام اندماج إسرائيل في المنطقة. ربما لم يدرك ترمب إلى أي مدى أنشأ نتنياهو - وهو أطول رؤساء الوزراء حكماً في إسرائيل - هويته السياسية على منع الفلسطينيين من التمتع بهوية وطنية. ومما قاله العام الماضي "يعلم الجميع أنني أنا من عرقل إقامة دولة فلسطينية طوال عقود". لم يكن كلامه في معرض التبجح: فقد نطق كلمة حق. إذ إن الرجل لعب على مدى عقدين أو أكثر من الزمن، دوراً جوهرياً في عرقلة أي اتفاق قد يعلي حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم. استراتيجية نتنياهو تقوم على منع ترمب من إبرام اتفاق سلام حقيقي والآن، بات نتنياهو قادراً أكثر من أي وقت مضى ليس فقط على منع إقامة دولة فلسطينية، بل وضم الأراضي الفلسطينية المحتلة لإنشاء مستوطنات إسرائيلية. بعد أيام قليلة من هجوم "حماس" على إسرائيل في أكتوبر 2023، قدمت وزارة الاستخبارات الإسرائيلية خطة لنتنياهو - كانت بعض النسخ الشبيهة لها مطروحة منذ عام 2018 - تنصح فيها بإفراغ غزة من سكانها تحت ذريعة "الإجلاء الإنساني الطوعي". وبعد ذلك، مضت الحكومة الإسرائيلية في تنفيذ حملة عسكرية دمرت بصورة ممنهجة معظم مناطق القطاع وأراضيه الزراعية، وهي تنسف أي مبانٍ ما زالت قائمة فيه بصورة ممنهجة. زعم نتنياهو مرات عدة أن قتل الفلسطينيين- وقد تخطت الحصيلة 60 ألف قتيلاً - وجعل غزة مكاناً غير صالح للعيش خطوات ضرورية لتدمير "حماس". غالباً ما يرد عليه منتقدوه بأنه أطال أمد الحرب في غزة حفاظاً على منصبه، فيما يواجه المحاكمة بتهم الفساد، لكن أهدافه الكامنة أكبر من ذلك، وحتى لو لم تكن محاكمته جارية، لم تكن السياسات التي يطبقها نتنياهو في غزة لتختلف على الأرجح. فقد أنشأت حكومته مكتباً مهمته العثور على دول ثالثة مهتمة باستقبال فلسطينيين غزة. وفي الضفة الغربية - التي لا وجود فيها لأي عدو يمكن التحجج به مثل "حماس" - أطلق جيش الدفاع الإسرائيلي عملية "السور الحديدي" في يناير (كانون الثاني) وقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي كاتس بكل صراحة أن هدفها تطبيق الدروس المستفادة من إنجازات الجيش في غزة. طرد أكثر من 40 ألف فلسطيني بموجب هذه العملية من ديارهم، في أكبر عملية نزوح تشهدها المنطقة منذ حرب 1967 بين إسرائيل والعرب. ودمرت البنى التحتية الأساسية ورموز الهوية القومية الفلسطينية كما وسعت الطرقات لتسهيل مرور الدبابات الإسرائيلية في المستقبل. واستولى نتنياهو على دائرة تسجيل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لتسريع نقل الأراضي الخاصة التي يملكها فلسطينيون إلى المستوطنين الإسرائيليين. لا ينوي نتنياهو أبداً أن يحيد عن موقف حزب الليكود الذي يصرح بأنه "بين البحر ونهر الأردن ستبسط السيادة الإسرائيلية وحدها". وكما قال في ديسمبر (كانون الأول) 2022، فإن المبادئ التي تسترشد بها حكومته هي أن "الشعب اليهودي يملك حقاً حصرياً لا نزاع فيه" في استيطان كامل "يهودا والسامرة"، بما يشمل الضفة الغربية بأكملها. تحت قيادة نتنياهو، تحولت الأحزاب الصهيونية التي كانت إلى يسار توجهات الليكود نحو موقفه هو. في يوليو 2024، وافق البرلمان الإسرائيلي بالإجماع على مشروع قرار يرفض إقامة أي دولة فلسطينية تضم أراضٍ غرب نهر الأردن. والأسبوع الماضي، طالبت غالبية برلمانية أكبر بعد بضم الضفة الغربية. غالبية أخلاقية لكن لو أثبت السابع من أكتوبر 2023 وما بعده أي شيء بالنسبة إلى الدول العربية الكبرى، فهو أن الحاجة إلى السلام والأمن الإقليميين باتت ملحة، وأن السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمكن فصله عن هذا الهدف. غياب الحل بات عبئاً ثقيلاً يهدد استقرار كل دولة في الشرق الأوسط - سواء بسبب امتداد رقعة القتال منذ السابع من أكتوبر، أو بسبب خطر تدفق اللاجئين عبر الحدود أو بسبب تأثير الاضطرابات الإقليمية المتواصلة على قدرة الدول بالعمل على تطبيق أهداف تنمية وطنية ضرورية. وإن كان لدى بعض القادة العرب حتى الآن رغبة بتوطيد العلاقات مع إسرائيل، فهم مقيدون اليوم بآراء مواطنيهم السلبية بصورة عامة حول إسرائيل، كما كتب مايكل روبنز وأماني جمال في "فورين أفيرز" في يناير (الماضي). وقد كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان واضحاً: بعد "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في غزة، حسب تعبيره، لا يمكن لبلاده أن تقبل عملية تطبيع إلا إن كانت شبيهة بالمبادرة العربية للسلام التي طرحت عام 2002 واعتمدتها قمة الجامعة العربية: على إسرائيل أولاً القبول بقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، وعندها فحسب، ستطبع السعودية العلاقات معها. في مطلع يوليو الماضي، أعاد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تأكيد هذا الموقف، قائلاً إن وقف إطلاق النار في غزة يجب أن يشكل "مقدمة لإقامة دولة فلسطينية". وعلى رغم تصريحات مسؤولي إدارة ترمب في يونيو (حزيران) الماضي بأن لبنان وسوريا قد تكونان على وشك القبول بإسرائيل جارة لهما، فإن الغارات الإسرائيلية على شرق لبنان وفي قلب دمشق الشهر الماضي تجعل هذا الاحتمال بعيد المنال. لكن في هذه الأثناء، يريد أفراد بارزون من قاعدة ترمب المحلية أن يعطي الرئيس أولوية للمصالح الأميركية التي يعتقدون أنها تختلف عن رؤية نتنياهو للشرق الأوسط. إذ باتت شخصيات مثل تاكر كارلسون تشكك في الدعم المالي والعسكري والدبلوماسي المطلق الذي تمنحه الحكومة الأميركية لإسرائيل. ويتمادى البعض أكثر: في يونيو الماضي مثلاً، ندد المدون الصوتي المؤثر فان ثيو بـ"الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين خلال مقابلته مع نائب الرئيس جي دي فانس. وهؤلاء المؤثرين من حركة "ماغا" ليسوا استثناء. فهم يعكسون التغييرات الأوسع على نطاق الحزب الجمهوري والبلد. وجد استطلاع للآراء أجراه مركز "بيو" للدراسات أن 37 في المئة من الجمهوريين بصورة عامة، ونصف الجمهوريين تحت سن الـ50 أصبحت لديهم وجهة نظر سلبية عن إسرائيل. ووفقاً لاستطلاع آراء نشرته "إيبسوس" ومجلس "شيكاغو للشؤون العالمية" في مايو الماضي، باتت نسبة الأميركيين الذين يوافقون على أن إسرائيل تلعب دوراً سلبياً في "حل التحديات الأساسية في الشرق الأوسط" تتخطى 60 في المئة. مسار واضح هذا الواقع يمنح ترمب بعض الحرية للانفصال عن المقاربة التي تنتهجها واشنطن منذ عشرات السنين، والتي تنص على عدم وجود "أي اختلاف" بين السياستين الإسرائيلية والأميركية في الشرق الأوسط. على الرئيس أن ينصت إلى شعبه ويغير علاقة الحكومة الأميركية بإسرائيل بحيث تعكس تفضيلات الأميركيين بصورة أكبر، إضافة إلى رغبات معظم شركاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وما يعنيه ذلك هو منع نتنياهو من إحباط فرض وقف دائم لإطلاق النار، وتقبل استحالة محو "حماس" من المجتمع الفلسطيني على المدى القريب، والمساهمة في تعزيز المؤسسات الفلسطينية، ووضع قيام الدولة الفلسطينية في صلب أي اتفاق إقليمي. ومن الضروري أن يكون أي اتفاق سلام يقترحه ترمب أو يدعمه مختلفاً جداً عن ذلك الذي طرحه في عام 2020 حين وقف نتنياهو إلى جانبه في البيت الأبيض دون أي نظير فلسطيني. يجب أن يعمل ترمب على التوصل إلى اتفاق يحظى بدعم مجموعة كبيرة من الأطراف المعنية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي وأوروبا. سيحتاج إلى وقوف حكومات كثيرة في تلك المناطق إلى جانبه للمساهمة في تأمين مليارات الدولارات المطلوبة من أجل تمويل إعادة إعمار غزة. والعناصر الضرورية لأي اتفاق وقف لإطلاق النار من شأنه أن يؤسس لسلام إقليمي أكثر شمولاً موجودة بالفعل في وثيقتين هما: ما سمي إعلان بكين 2024 (الذي وقعته الفصائل الفلسطينية السياسية الكبرى، بما فيها "فتح" و"حماس"، العام الماضي) وخطة جامعة الدول العربية في شأن التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة وتنميته التي تدعمها 57 دولة عضواً في منظمة التعاون الإسلامي علاوة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة. وفقاً لتحقيق جيريمي سكاهيل في موقع "دروب سايت نيوز" Drop Site News، عرض مفاوضو "حماس" على إسرائيل صيغة "الكل مقابل الكل" بشرط أن تضمن الولايات المتحدة عدم استئناف إسرائيل هجماتها بعد تحرير الرهائن الإسرائيليين. ومن أجل الاستفادة من هذه الفرصة، على ترمب أن يكون مستعداً لإلزام إسرائيل بالتعهد عدم استئناف أعمالها العدائية في أي مكان من الأراضي الفلسطينية المحتلة. ثم عليه أن يجعل إسرائيل توقع اتفاقاً ينص على السماح لقوات حفظ السلام الدولية بدخول غزة وبعدها الضفة الغربية بعد ذلك، أثناء التفاوض على اتفاق سياسي أشمل. نجح انتشار القوات المصرية والأوروبية في القطاع خلال الهدنة القصيرة التي بدأت في يناير ويجب استدعاؤها مجدداً. وسيسمح وجودها للأطراف الموقعة على إعلان بكين بتطبيقه، وقد تعهدت "حماس" فيه أن تسلم الحكم والسيطرة الأمنية على غزة للسلطة الفلسطينية بقيادة "فتح"، فيما وافقت "فتح" على عقد انتخابات وبدء عملية دمج "حماس" في منظمة التحرير الفلسطينية. تبين لنا الحلول الناجحة لصراعات مستعصية أخرى مثل عقود النزاع الطائفي والأهلي في شمال إيرلندا، أن السلام الدائم ممكن فقط عندما في ظل مشاركة كافة الأطراف المعنية. وليست "حماس" المكون الوحيد الذي يسعى إلى تنفيذ الخلاصة التي حددها إعلان بكين. إذ وجد استطلاع آراء أجراه في مارس (آذار) معهد "التقدم الاجتماعي والاقتصادي"، وهو مركز أبحاث مقره في رام الله، في الضفة الغربية، أن أكثر من 60 في المئة من الفلسطينيين في غزة يؤيدون قيام حكومة وحدة وطنية لحكم القطاع بعد الحرب، فيما قال أكثر من النصف إنهم يؤيدون أيضاً حكم السلطة الفلسطينية. فقط عندما توضع غزة والضفة الغربية تحت إدارة سلطة واحدة، يمكن البدء بالمهمة الهائلة المتمثلة بتعافي غزة وإعادة بنائها. وحدها القيادة الفلسطينية الموحدة والشرعية قادرة على أن تضمن احترام بنود أي اتفاق سياسي مستقبلي مع إسرائيل. في نهاية المطاف، سيحتاج ترمب، في أي وساطة لإحلال سلام حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلى منظمة التحرير الفلسطينية، الطرف الفلسطيني المعترف به دولياً الذي يملك القدرة القانونية على توقيع اتفاق نيابة عن الفلسطينيين كافة. ومن خلال دعمه لوضع "حماس" تحت مظلة هذه المنظمة، سيقلص من احتمال تخريب الاتفاق. كسر القالب كان تحقيق هذه الأهداف يعد أمراً شبه مستحيل بالنسبة إلى معظم الرؤساء الأميركيين الذين مروا على البلاد خلال العقود الثلاثة الماضية، لكن الحرب في غزة كلفت الولايات المتحدة مبالغ خيالية. وفقاً لتقديرات معهد "واتسون للشؤون الدولية والعامة" التابع لجامعة براون، منحت الولايات المتحدة إسرائيل ما قيمته 22.7 مليار دولار في الأقل خلال 12 شهراً في بداية الحرب. وهو مبلغ يفوق بأضعاف السقف السنوي المحدد عند 3.8 مليار دولار الذي فرضته مذكرة تفاهم تمتد على 10 سنوات تنتهي عام 2028 بين الولايات المتحدة وإسرائيل. وإضافة إلى هذه المساعدة المالية، جرت الحكومة الأميركية، بالنيابة عن إسرائيل، إلى ملاحقة كل من يرفع رأسه في العالم لمنع دول مثل فرنسا أو المملكة المتحدة من فرض عقوبات على إسرائيل أو الاعتراف بدولة فلسطينية. بدل استنفاد هذه الموارد والطاقة السياسية من أجل الانتصار في حرب إسرائيل الأبدية في غزة - التي يعارضها شركاء الولايات المتحدة العرب - على إدارة ترمب أن توجه بوصلة سياسة الولايات المتحدة نحو الفوز بالسلام. أبدى ترمب استعداداً فريداً للانفصال عن إسرائيل في مواضيع عدة - مثل الصفقة التي أبرمها مع جماعة الحوثي المسلحة في اليمن وفتح قنوات الحوار الدبلوماسي مع رئيس الجمهورية العربية السورية أحمد الشرع على رغم علاقته السابقة بتنظيم "القاعدة". سيكون على ترمب أن يفصل المسار عن نتنياهو مجدداً، بغض النظر عما قد يعنيه ذلك بالنسبة إلى المستقبل السياسي للزعيم الإسرائيلي. وعليه التراجع عن تصريحاته السابقة الداعمة لإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وأن يشرح للإسرائيليين مباشرة بأن أمنهم مرتبط بأمن الفلسطينيين وباقي المنطقة. بعد ظهور نتائج استطلاع "بيو" الأخير التي أشارت إلى أن أكثر من 80 في المئة من الإسرائيليين اليهود يثقون بترمب باعتباره قائداً عالمياً، يمكنه أن يطرح بكل ثقة بأن معارضة الحق الفلسطيني بتقرير المصير تفضي إلى تقويض أمن الإسرائيلي وتعوق التطبيع مع الدول العربية واندماج إسرائيل في المنطقة. في التعامل مع إسرائيل والفلسطينيين، أبدت إدارة ترمب بالفعل مرونة حين خرجت عن أسلوب واشنطن التقليدي المعهود من أجل فتح قنوات حوار مع "حماس" سعياً إلى الإفراج عن أميركي أسير في غزة. والآن، ما يفترضه وضع المصالح الأميركية أولاً هو التوسط لإبرام وقف إطلاق نار فوري ودائم في غزة. وإن اتخذ ترمب خطوات إضافية، فقد يحقق إنجازاً يستحق نيله جائزة سلام - لكن ليس إن تضورت غزة جوعاً. زها حسن زميلة في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي مترجم عن "فورين أفيرز"، 29 يوليو (تموز) 2025


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
عطل كهربائي يلغي 17 رحلة قطار في فرنسا
ألغيت 17 رحلة يوروستار في الأقل اليوم الإثنين، ولا تزال حركة القطارات متعثرة نتيجة عطل كهربائي تسبب في تأخيرات تصل إلى ساعتين، بحسب ما أفاد به مصدر في شركة "يوروستار" لوكالة الصحافة الفرنسية. وأوضحت شبكة السكك الحديد الفرنسية أن فرقاً موجودة في الموقع "لإتمام المعاينة ومباشرة أعمال الإصلاح"، مشيرة إلى وجود "مشكلة في السلك الذي ينقل التيار الكهربائي للقطار". مسارات بديلة ووقعت الحادثة بين موسي ولونغوي في شمال فرنسا. وألغيت 17 رحلة يوروستار في الأقل بين باريس وكل من لندن وبروكسل وأمستردام، كما اضطر قطاران انطلقا صباح اليوم الإثنين من باريس إلى بروكسل وفي الاتجاه المعاكس إلى العودة لمحطاتهما الأصلية، بحسب الشركة الفرنسية -البريطانية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ووضعت فرق السكك الحديد مسارات بديلة عبر الخطوط التقليدية. ولم تتمكن شبكة السكك الحديد الفرنسية من تحديد عدد القطارات المتأخرة أو الملغاة، حتى الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش. فرق في المكان من المقرر استئناف حركة القطارات جزئياً على خط القطار العالي السرعة اعتباراً من الساعة 16:00 بتوقيت غرينتش، على مسار واحد في كلا الاتجاهين، بحسب شبكة السكك الحديد الفرنسية التي أوضحت أن "الاضطرابات ستستمر حتى آخر قطار" اليوم الإثنين. وسيجري تنفيذ أعمال إضافية خلال الليل "لاستئناف حركة القطارات على المسارين الإثنين مع انطلاق أولى الرحلات صباح الثلاثاء"، وفقاً لإدارة الشبكة. وذكرت شبكة السكك الحديد الفرنسية أن فرقاً موجودة في المحطات "لمرافقة المسافرين وتزويدهم بالمعلومات".


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
نتنياهو يقيل المدعية العامة والمحكمة العليا تعلق القرار
صوتت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع اليوم الإثنين على إقالة المدعية العامة غالي بهاراف ميارا المعروفة بانتقادها الشديد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن المحكمة العليا سرعان ما علقت القرار بعد تلقيها طعوناً. وأعلن وزير العدل ياريف ليفين قرار الحكومة الذي جرى التصويت عليه خلال جلسة لمجلس الوزراء، ووجه رسالة إلى بهاراف-ميارا حذرها فيها من "السعي إلى فرض نفسها على حكومة لا تثق بها، ولا يمكنها العمل معها بفاعلية". وتخوض المدعية العامة نزاعاً مع الحكومة على خلفية التشكيك في قانونية عدد من القرارات التي اتخذها نتنياهو، وخصوصاً محاولته في مايو (أيار) الماضي إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) رونين بار. ومنعت المدعية العامة للدولة، وهي أيضاً مستشارة قانونية للحكومة، رئيس الوزراء من إقالة بار، معتبرة أنه في وضع من "تنازع المصالح"، وخصوصاً أن بار طلب إجراء تحقيق حول مقربين من نتنياهو، يشتبه بأنهم تلقوا رشى من قطر. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وفوراً بعد قرار الحكومة إقالة المدعية العامة، قدم حزب يش عتيد المعارض ومنظمات غير حكومية طعوناً أمام المحكمة العليا لوقف تنفيذ القرار، فأصدرت أمراً قضائياً بتعليقه ومنعت الحكومة تالياً من تعيين خلف لها. وأوضحت المحكمة أنه سيجري النظر في الطعون ضمن مهلة 30 يوماً. وفي مايو الماضي، وجهت بهاراف-ميارا رسالة إلى نتنياهو أبلغته فيها بأن قراره بتعيين رئيس جديد لجهاز الشاباك غير قانوني لأنه يتعارض مع حكم قضائي سابق يشير إلى وجود تضارب في المصالح ويطلب نقل صلاحية التعيين إلى وزير آخر. آنذاك قالت بهاراف-ميارا في رسالتها، "خلصت الأحكام القضائية المتعلقة بإنهاء ولاية رئيس الشاباك... إلى أنكم في وضع تضارب مصالح، مما يمنعكم من التدخل، بشكل مباشر أو غير مباشر، في تعيين رئيس الشاباك". كان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) رونين بار، أكد في أبريل (نيسان) الماضي أن محاولة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إقالته جاءت بعد رفضه تلبية طلبات شملت التجسس على متظاهرين إسرائيليين وتعطيل محاكمة رئيس الوزراء في قضايا فساد. وفيما قال منتقدون حينها قالوا إن الحكومة تقوض مؤسسات الدولة الرئيسية وتهدد أسس الديمقراطية الإسرائيلية، اتهم حزب "الليكود" بزعامة نتنياهو بار بالعمل ضد رئيس الوزراء وتحويل أجزاء من جهاز "الشاباك" إلى "ميليشيات خاصة تابعة للدولة العميقة".