logo
نقل جثمان موسى محرق فضائياً

نقل جثمان موسى محرق فضائياً

عكاظمنذ 5 ساعات

فاض الموت هذه الأيام بسخاء.
مضت أيام وأنا ساكن بين القنوات الفضائية التي تُلقي بالموتى إلى قبورهم من غير أي طقس لتوديعهم.
المداواة على رؤية مشهد الموت يصيب المرء بالبلادة، وخلال الأيام الماضية خف ذهابي وإيابي، وأصبحت رهين القنوات الفضائية المشيعة للموتى بالجملة، موت في موت حتى أن «قراءتي» أصابها الذبول، ولم تستطع الأفلام اختطافي لكي أعيش في عوالم سينمائية موازية للحالات الإبداعية القادرة على تجسيد حياة لها منافذ عديدة، فرؤيتك لفيلم يمنحك الإدراك بماهية اللحظة، ولأن الحالة العامة للسينما المحتفية بأفلام الرعب والعنف تزيد المرء بلادة على بلادة.. ربما كانت أفلام الأبيض والأسود لها هدأة النفس فلجأت إلى عوالمها، ومع ذلك كانت الأحداث الفضائية الحارقة تصيبني بلذعة التنبه، خاصة إن رأيت من يسقط ميتاً في لحظات، ولأن القنوات الفضائية تصب الموت صباً قل الاكتراث، وتهون على نفسك الجزعة أو من تراهم موتى ليس لك بهم علاقة سوى الإنسانية المنتهكة.
كنت ساكناً في صومعتي؛ مكتبي، ومن شقوق عزلتي، تتسرب أخبار أصدقاء أو معارف تنص الأخبار رحيلهم عن هذه الدنيا، ولأني لا أحبذ التعزية، مكتفياً بالرضى، والاقتناء أن من رحل سيظل في داخلي حياً فقط فرقت بيننا الأماكن، ولكي لا أُؤكد رحيله، لا أقوم بتعزية ذويه، وهو سلوك قاس على نفسي، وعلى من يعرف علاقتي بالمتوفى.. مؤلم جداً أن تعزي فيمن كان نبضك يخالج نبضه.
البارحة ومن شقوق عزلتي تسرب إليّ موت الشاعر الصديق موسى محرق، كان خبراً عاصفاً، مرعباً، ليس لرحيل موسى، فكلنا راحلون، وإنما كان موته مهيجاً لذكرى جمعت بيننا نحن الثلاثة (حمود أبو طالب، وموسى محرق، وأنا)، ودار الحديث عن العمر، وسرعة انطوائه، معتبرين أن العمر لو امتد لمائة سنة فهو قصير، وقصير جداً، وفتحنا رغباتنا في امتداد العمر كحد يرضي أنفسنا للبقاء على وجه هذه البسيطة، وكان أمامنا مثالا دعوة نوح عليه السلام في العمر الممتد، واختار كل منا عمراً يرضيه لأن يعيش في هذه الحياة، كنت أنا وموسى قد ارتضينا أن يكون العمر الملائم يقدر بثلاثمائة سنة، وإن كانت طويلة، فلتكن مائتين وخمسين سنة، وأقنعنا حمود بهذا العمر.. كنا نتضاحك، فمع كل اختيار يتم صياغة حياتنا، وفق العمر الجديد الذي اقتنعنا به، وعندما سمعت بموت موسى، عدت إلى حساباتنا، لم يمكث موسى سوى خمسين عاماً، وقد تبقى له مائتا عام وفق رغبته التي سفكها في اجتماع تميز بالضحك ونثر الرغبات والأحلام والأماني؛ كوننا ما زلنا في بداية أعمارنا الجديدة.. رحل موسى بغتة، آآآه لقد فاض الموت هذه الأيام بسخاء، فغرق موسى مع من غرق، وقد رأيته يشيع في كل القنوات بكفن لم أميز لونه.. رحمك الله يا موسى.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تفاصيل صغيرةأحلامي التشكيلية
تفاصيل صغيرةأحلامي التشكيلية

الرياض

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياض

تفاصيل صغيرةأحلامي التشكيلية

حضرت قبل يومين افتتاح المعرض العام في دورته الـ45 في قصر الفنون بالقاهرة، وهو معرض سنوي يقيمه قطاع الفنون التشكيلية التابع لوزارة الثقافة المصرية، وهو حدث مهم يشارك فيه كبار الفنانين المصريين، كانت المشاركة في السابق تتم بناء على دعوات يوجّهها القطاع إلى الفنانين المهتمين لعرض لوحاتهم، وتغير الوضع الآن حيث يقدم الفنانون الراغبون بالمشاركة إلى لجنة تقوم باختيار اللوحات، وعلى الرغم من أنني كنت منبهرة من المستوى الرفيع للفن المعروض إلا أن أحد الفنانين أخبرني أن المعرض في السابق كان مستواه أقوى ومعروضاته أجمل، والسبب أن كثيرا من الفنانين الكبار أحجموا عن المشاركة حين توقفت الدعوات وأصبح مطلوبا منهم عرض لوحاتهم على اللجان. وأنا أتجول في المعرض، انتابتني الأحلام التي لا تنفك تراودني كلما زرت مكانا ثقافيا جميلا، أتمنى مثله في بلادي، تمنيت أن يكون هناك حدثا تشكيليا تقوم عليه وزارة الثقافة، حيث تدعو الفنانين السعوديين للمشاركة فيه، ويكون معرضا جماعيا سعوديا ضخما بمستوى متميز. ترافقه الدورات وورش العمل والأنشطة، شيء يشبه ما تقوم به مسك في أسبوع مسك للفنون، لكن الأساس فيه هو هذا المعرض الجماعي السعودي لكل الفنانين المتميزين والمعروفين، وأعتقد أن تقوم المشاركة على الطريقتين، توجيه الدعوات للفنانين المعروفين والذين حققوا حضورا واعترافا وتميزا في المشهد التشكيلي السعودي، بالإضافة إلى عرض الفنانين الذين لم توجه لهم دعوات للمشاركة عبر لجان تختار اللوحات المناسبة. والحلم الأساس الذي يسبق كل الأحلام هو وجود متحف للفنون، يضم الأعمال المهمة للفنانين عندنا، معرض يصبح مزارا لأي مهتم بالفن عندنا أو للزائر من الخارج، الحقيقة أنني أحلم بأكثر من متحف، بذات المستوى، واحد في الرياض والآخر في جدة. أحلم بوجود متحف لكل فنان راحل من الفنانين الكبار والرواد لدينا، متحف لعبدالحليم رضوي في جدة مثلا، ومتحف لمحمد السليم في الرياض، أو أكثر من متحف لكل فنان. ولأنني أعشق فن البورتريه فأنا أحلم بوجود متحف للبورتريه، أسوة بمتحف البورتريه في لندن. أحلم بمسابقة ضخمة تشرف عليها وزارة الثقافة، تقدم فيها جوائز مهمة للفنانين الرابحين. أحلم بأن يكون المستشارين لهيئة الفنون البصرية يمثلون كل أنواع الفنون، وألا يكون الاهتمام منصبا على نوع واحد أو مدرسة واحدة على حساب بقية الأنواع والمدارس. أحلم بمتاحف تمثل أكثر من نوع من الفنون. أحلم أن تقوم الجامعات التي لديها كليات فنون بعمل معارض سنوية تدعو لها عامة الناس للتعرف على فن خريجيها. أحلم أن تقوم البنوك والفنادق وكل القطاعات الخاصة بشراء أعمال فنية سعودية وعرضها بشكل أكبر، هذا هو الدعم الحقيقي الذي عن طريقه تتطور الفنون لدينا. مازال لدي الكثير من الأحلام التشكيلية لكن سأكتفي بهذا القدر هذه المرة.

البشت الحساوي هوية تتوشح الجمال
البشت الحساوي هوية تتوشح الجمال

الرياض

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياض

البشت الحساوي هوية تتوشح الجمال

في ظل التحوّل الثقافي الذي تشهده المملكة، وتزامنًا مع تخصيص عام 2025 للاحتفاء بالحِرَف اليدوية، تعود الأنظار إلى واحدة من أبرز الحِرَف التقليدية التي تجاوزت حدودها المحلية إلى حضور دولي لافت: البشت الحساوي. هذه القطعة التي تمزج بين الأصالة والفخامة، لا تُختصر في مظهرها الخارجي، بل تختزن حكاية حِرَفية دقيقة، وهُوية ثقافية متجذرة في الذاكرة السعودية، وتحمل في تفاصيلها إرثًا يمتد عبر الأجيال. اشتهرت محافظة الأحساء منذ القدم بصناعة البشوت، حتى أصبحت مرجعية في الجودة والدقة والتميز على مستوى الوطن العربي. هذه الحياكة اليدوية العريقة، لا تزال تحافظ على وهجها رغم ظهور الصناعة الآلية، وهو ما يعكس عمق الانتماء للموروث، والارتباط بالجماليات التي لا تُستنسخ بسهولة. وتبرز قيمة البشت الحساوي في مهارة تشكيله وتطريزه، لا سيما من خلال الزخارف الدقيقة المعروفة بـ"الكرمك"، والتي تُنفذ يدويًا خلال فترة تمتد لأسبوعين من العمل المتقن، بخيوط الزري المذهبة والفضية، أو الحريرية "البريسم"، قبل أن تدخل التقنيات الحديثة لتقلّص زمن هذه العملية إلى ساعات محدودة دون أن تلامس القيمة الحرفية ذاتها. تجاوز حضور البشت الحساوي المناسبات التقليدية، ليصل إلى المحافل الخليجية والعربية والدولية، بفضل فخامته وأناقة تصميمه ومكانته الرمزية. وقد أصبح خيارًا شائعًا لدى كبار الشخصيات والمسؤولين ورجال الأعمال، بوصفه رداءً يُجسّد الوقار والهوية في آن واحد. هذا الامتداد العالمي للبشت يعكس تطوّر النظرة إلى الحِرَف اليدوية بوصفها منتجات ثقافية قابلة للتداول والاحتفاء بها على المستوى الدولي، وهو ما تسعى إليه وزارة الثقافة في عام الحِرَف اليدوية، من خلال تسليط الضوء على هذه الصناعات كرافد اقتصادي وثقافي مستدام. يتميّز البشت الحساوي بتنوع خاماته التي تشمل الأقمشة الكشميرية واليابانية، والزري الألماني، ما يجعل منه منتجًا دقيقًا يتفاوت سعره حسب جودة القماش والخيوط المستخدمة. كما تختلف ألوانه بين السكري، البيج، الأبيض، العودي، الأسود، وغيرها من التدرجات التي يختارها الأفراد وفقًا للموسم أو الذوق الشخصي. في فصل الشتاء، يظهر نوع خاص من البشوت المنسوجة من وبر الإبل، وتُصنف حسب نعومتها وجودتها، ومن أبرزها: سوبر إكسترا، السوبر ديلوكس، اللوكس، فيما يُعد "القنص" الأقل جودة، إذ يحتوي على نسبة وبر أقل. أما النوع الفاخر، فهو مزيج من الحرير والوبر، ويُعرف بملمسه الناعم وثقله الدافئ. تحافظ عدد من العائلات الحِرَفية في الأحساء على سرّ صناعة البشت اليدوي، متوارثين تقنياته عبر الأجيال. ورغم توفر الآلات، لا تزال الحياكة اليدوية تحتفظ بقيمتها الرمزية، وتُعد خيارًا لمن يطلب الأصالة والندرة. ويتم تصنيع أقمشة البشوت محليًا، وأيضًا في دول مثل: سورية والأردن، بينما بدأت دول مثل الصين والهند بتصدير أقمشة شبيهة للأصلية، لكن الصنعة الحساوية تحتفظ بهويتها الفريدة. مع بقاء الحرفة نابضة في يد الحِرَفي، وبدعم من المؤسسات الثقافية الوطنية، يواصل البشت الحساوي حضوره كرمز للوقار والأناقة والانتماء. وما بين خيوط الزري وأقمشة الوبر، يتجدّد التعبير عن التراث السعودي بأسلوب عصري، يجعل من الحِرَف اليدوية مسارًا مستدامًا للتعبير الإبداعي، وجزءًا حيًا من المستقبل الثقافي الذي تنسجه المملكة برؤية واثقة وهوية لا تُنسى.

علاقات على حافة الرحيل
علاقات على حافة الرحيل

الرياض

timeمنذ 3 ساعات

  • الرياض

علاقات على حافة الرحيل

في العلاقات الإنسانية لا يطلب منا الكمال، بل يطلب منا الصدق في مشاعرنا التي نحملها تجاه بعضنا البعض، فالكمال لله وحده أما الصدق فهو ما يضفي للعلاقات قيمتها. رغم معرفة هذه الحقيقة ووضوحها إلا أن الكثيرين لا يزالون يتعاملون مع الآخرين وكأنهم في ساحة محاكمة واختبار لا بطابع إنساني، يتأملون التصرفات، يسجلون الأخطاء، ويقيمونك وفق ميزان مثالي هم بحد ذاتهم لا يعرفونه. قد تصادف أناسًا لا يدركون قيمة السر ولا المعنى الحقيقي لحفظه، يفشونه بسهولة وربما يتناقلونه دون خجل، والأسوأ من ذلك، إذا كان ممتزجًا بإضافات خارجية كما نسميها بالعامية "البهارات"، لتصبح حديث المجالس وأنت في نظرهم مشوه الصورة. إحدى العبارات التي كانت أمي تكررها على مسامعي في صغري "سرك هو أمك"، لم أكن أعي تلك الكلمات حينها، بل ظننت أنها تبالغ في حرصها عليَّ. ومع مرور السنوات، أدركت بأن ما قالته لي أمي كان صحيحًا ولم يكن حرصًا زائدًا، بل حكمة مجرّبة، وعبرة حياتية عميقة. وإلى جانب آخر، هناك من ينتظرون "زلتك الصغيرة"، تلك العثرة العابرة وسقوطك من أحد سلالم الحياة كي يدلوا بألسنتهم بكل ما تحمله من أحكام وظنون. هؤلاء أناس لا يمنحونك الحب، بل يمنحونك مهلة مؤقتة حتى لحظة سقوطك، فيرحلوا مطمئنين. يرحلون متناسين، بل جاحدين لكل اللحظات الجميلة، والضحكات وليالي العشرة، يرحلون وكأنك لم تكن شيئًا بكل بساطة ودون تردد. الحقيقة المؤلمة أن البعض لا يرى في العلاقات سوى أنها صفقة مؤقتة: ما دمت تتصرف كما يحبون، فأنت مقبول، وإن خالفت توقعاتهم، فأنت منسي. هؤلاء ليسوا أصدقاء ولا أحبة، بل مجرد عابرين، لا ينوون البقاء. من يحبك يبقى رغم كل العيوب، فالعلاقات الحقيقة تبنى على القبول لا على المراقبة، أدركت أن تلك الجملة التي رددتها أمي كانت درعًا ناعمًا لقلبي، ووصية عظيمة تحميني من قسوة الأيام. في النهاية.. كن كما أنت، لا تتصنع من أجل أن تُحَب، ولا تتخلَّ عن صدقك لترضي من لا يفهمك، اتبع إنسانيتك، واحتفظ بمن يُحبها كما هي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store