logo
أذواق المستهلكين والقواعد المحلية يهددان أحلام ترامب بفتح أسواق آسيا أمام السيارات الأميركية

أذواق المستهلكين والقواعد المحلية يهددان أحلام ترامب بفتح أسواق آسيا أمام السيارات الأميركية

جريدة الايام٢١-٠٧-٢٠٢٥
لوس أنجليس (أميركا) - د ب أ: منذ أوائل القرن الحالي، تشكو الإدارات الأميركية المتعاقبة من غزو السيارات القادمة من الدول الآسيوية وبخاصة كوريا الجنوبية واليابان للسوق الأميركية، مقابل تعثر السيارات الأميركية في أسواق تلك الدول.
وذكرت صحيفة "لوس انجليس تايمز" في تقرير، أنه في محاولة من جانب الحكومة الكورية الجنوبية لتهدئة الشكوى الأميركية، قررت في أوائل القرن شراء نحو 100 سيارة أميركية طراز "فورد تاورويز" واستخدامها في دوريات الشرطة، لكن هذه الخطوة لم تنجح في الترويج للسيارات الأميركية في السوق الكورية.
ففي حين اشترى الأميركيون حوالى 570 ألف سيارة كورية جنوبية العام 2000، لم يشترِ الكوريون الجنوبيون أكثر من 2500 سيارة أميركية الصنع.
وحتى بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين واشنطن وسيئول العام 2012 وإلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة على السيارات، لم يتغير الموقف كثيراً.
وفي العام الماضي، صدرت كوريا الجنوبية 1.5 مليون سيارة إلى الولايات المتحدة بقيمة 37.4 مليار دولار، في حين استوردت كوريا الجنوبية حوالى 47 ألف سيارة بقيمة 2.1 مليار دولار خلال الفترة نفسها.
ومنذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني الماضي، وهو يتحدث عن ضرورة علاج هذا الخلل الكبير في ميزان تجارة السيارات بين بلاده والشركاء التجاريين الآخرين، خصوصا في آسيا، ضمن استراتيجية تستهدف علاج عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة بشكل عام.
ويقول ترامب: "ربما كان أسوأ شيء هو القيود غير النقدية التي تفرضها كوريا الجنوبية واليابان والكثير من الدول الأخرى" على السيارات الأميركية، عندما أعلن فرض رسوم على السيارات المستوردة من كل دول العالم بنسبة 25% في نيسان الماضي.
لكن المحللين والمستهلكين يقدمون رواية مختلفة لهذه القضية، حيث يؤكدون باستمرار أنهم "ببساطة ليسوا مولعين بالسيارات الأميركية، ولن تغير الحملات الحكومية ولا فتح الأسواق أمامها هذا الوضع على الأرجح".
يقول ليون تشنج، خبير السيارات في شركة "وا.سي.بي" الاستشارية ومقرها سنغافورة: "المشكلة الأعمق تكمن في ملاءمة المنتج، وليس في الإجراءات الورقية"، مشيراً إلى ازدياد حجم السيارات الأميركية وارتفاع أسعارها واستهلاكها للوقود خلال العقود القليلة الماضية، وهي عوامل تقلل جاذبيتها لدى المستهلكين الآسيويين.
للوهلة الأولى، تبدو فيتنام سوقاً آسيوية واعدة للسيارات الأميركية في ظل قواعد ترامب التجارية.
فقد توصلت واشنطن وهانوي إلى اتفاق تجاري يسمح بخفض الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب على المنتجات الفيتنامية من 46% إلى 20%، مقابل منح المنتجات الأميركية بما في ذلك السيارات ذات المحركات الكبيرة معاملة تفضيلية في السوق الفيتنامية.
وقال ترامب إن السيارات الرياضية متعددة الأغراض (إس.يو.في) أميركية الصنع "والتي تحقق أداء جيداً في الولايات المتحدة، ستكون إضافة رائعة لسوق السيارات في فيتنام".
ورغم أن التفاصيل الدقيقة للاتفاق التجاري لم تحسم بعد، من المتوقع منح هذه السيارات الأميركية إعفاء كاملاً من الرسوم الجمركية في فيتنام، مقابل حوالى 70% حالياً.
لكن تشنج يشكك في إمكانية نمو مبيعات سيارات الدفع الرباعي الأميركية في بلد تزدحم فيه الطرق بالدراجات النارية، ويبلغ متوسط الدخل الشهري حوالى 300 دولار فقط.
أما في اليابان، حيث التقدم ومستويات الدخل المرتفعة، فإن السيارات الأميركية تواجه حواجز أخرى.
فرغم اتهام ترامب لليابان بممارسة أساليب غير عادلة في قطاع السيارات، فالواقع أن السيارات الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية في اليابان منذ 1978، في حين تفرض الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 2.5% على السيارات اليابانية قبل أن يرفعها ترامب إلى 25%.
لكن هناك العديد من القيود غير الجمركية مثل اختلاف معايير شحن السيارات الكهربائية التي تحد من انتشار السيارات الأميركية في اليابان.
كما أن اليابان ترفض بيع السيارات غير المزودة بنظام مكافح آلي للعمل في حالات الطوارئ.
ويقول الخبراء إن المشكلة الأعمق تكمن في أن أذواق المستهلكين اليابانيين، الذين لطالما فضلوا السيارات المدمجة المناسبة للبيئات الحضرية الأكثر كثافة سكانية، وهو ما لا يتوافر كثيراً في السيارات أميركية الصنع الأكبر حجماً.
ويقول فيليبي مونوز، المحلل في شركة أبحاث السيارات "جاتو دايناميكس": "يقول الكثيرون إن (السيارات الأميركية) لا تتناسب مع مواقف السيارات أو يصعب التعامل معها على الطرق الضيقة ... غالبا ما ينظر إلى السيارات الأميركية على أنها سيارات هواة أو "سيارات لفئة محددة من الجمهور".
الأمر نفسه يتكرر في سوق كوريا الجنوبية، رغم أن العقبات أمام السيارات الأميركية فيها أقل من تلك الموجودة في السوق اليابانية.
يقول لي هانج كو، الباحث في معهد كوريا لتكنولوجيا السيارات: "لم يتبقَ الكثير من الحواجز التجارية، سواء جمركية أو غير جمركية، للحديث عنها .. لكن شركات صناعة السيارات الأميركية لم تبذل جهداً يذكر في التسويق أو جذب المستهلكين الكوريين الجنوبيين. بل تلقي باللوم على ممارسات تجارية غير عادلة".
والحقيقة أن اتفاقية التجارة الحرة التي وقعها الرئيس السابق جورج بوش الابن مع كوريا الجنوبية في العام 2007، ودخلت حيز التنفيذ بعد خمس سنوات، أبقت السيارات معفاة من الرسوم الجمركية لكلا الجانبين منذ العام 2016.
وقد خففت عمليات إعادة التفاوض اللاحقة على تلك الاتفاقية غالبية الحواجز التنظيمية التي بقيت، مثل قواعد السلامة أو اختبار الانبعاثات.
وبموجب الشروط الأخيرة، التي أعيد التفاوض عليها خلال ولاية ترامب الأولى، يمكن استيراد ما يصل إلى 50 ألف مركبة أميركية الصنع إلى كوريا الجنوبية دون الخضوع لاختبارات سلامة محلية إضافية.
وقد تم تطبيق هذه القواعد بسخاء، حيث وافقت الهيئات التنظيمية الكورية الجنوبية على السيارات الأميركية ذات أضواء الفرامل الحمراء على الرغم من الانتقادات بأنها مربكة للسائقين المحليين المعتادين على الأضواء الكهرمانية، والسماح ببعض طرازات "تسلا" على الطرق على الرغم من أنها لا تلبي المعايير المحلية لأنظمة الهروب في حالات الطوارئ.
ورغم ذلك تواجه شركات السيارات الأميركية صعوبة في الاستفادة من هذا الإعفاء.
ففي العام الماضي، باعت حوالى 40 ألف سيارة في كوريا الجنوبية، أي حوالى 15% من إجمالي سوق السيارات الأجنبية في البلاد، وفقاً لبيانات جمعية مستوردي وموزعي السيارات الكورية.
في حين اشتكى ممثلو الشركات الأميركية من معايير الانبعاثات الأوسع نطاقاً في كوريا الجنوبية، والتي تعد أشد صرامة من تلك المعمول بها في الولايات المتحدة، ويشير لي هانج كو إلى أن هذه التنازلات ليست سهلة: فقد خلص حكم للمحكمة الدستورية العام الماضي إلى أن أهداف كوريا الجنوبية الحالية المتعلقة بالمناخ غير كافية، ما يعني أن معايير الانبعاثات ستكون على الأرجح أقل مرونة في المستقبل.
في الوقت نفسه، فإن تركيز المستهلكين الكوريين الجنوبيين على أسعار الوقود المرتفعة في البلاد، يجعل انخفاض استهلاك الوقود أحد العوامل الحاسمة في قرار شراء السيارات، حتى لو كانوا يشعرون بميل عام تجاه السيارات الأميركية.
مع ذلك، هناك بعض قصص النجاح التي قد تقدم إشارات إلى كيفية بقاء شركات صناعة السيارات الأميركية، التي خسرت معركة الاقتصاد في استهلاك الوقود أمام المنافسين المحليين وسوق السيارات الفاخرة أمام الشركات الأوروبية، في آسيا.
ففي اليابان، كان السبب هو الشعبية المتزايدة للسيارة جيب، التي أشيد بتكيفها مع المواصفات المحلية من خلال خيارات القيادة من جهة اليمين وتعديلات الحجم.
في فيتنام، سيطرت فورد رانجر على قطاع الشاحنات الخفيفة (بيك آب)، وعلى الرغم من تصنيعها في تايلاند، إلا أنها دليل على أن التصميمات الأميركية لا تزال قادرة على الوصول إلى السوق المناسبة.
في كوريا الجنوبية، حققت "فورد توروس" نجاحاً متواضعاً في أعقاب الحملة الترويجية الحكومية في أوائل القرن الحادي والعشرين. لكن لي هانج كو يشير إلى سيارة أميركية أخرى حققت نجاحاً غير متوقع في السوق الكورية وهي "بي تي كروزر" من شركة "كرايسلر"، التي سخر منها كثيرون في البداية ثم اكتسبت شعبية كبيرة غير متوقعة في كوريا الجنوية.
يقول لي هانج كو إن "بي.تي كروز" "كانت سيارة غريبة الشكل، ذات هيكل خارجي متين، لكنها كانت واسعة من الداخل، ولم يكن هناك منافس لها في كوريا الجنوبية ضمن فئتها .. بطريقة ما كانت هذه السيارة ناجحة".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الناتج الإجمالي البحري في الصين يبلغ نحو 708.3 مليار دولار أمريكي خلال النصف الأول
الناتج الإجمالي البحري في الصين يبلغ نحو 708.3 مليار دولار أمريكي خلال النصف الأول

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 2 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

الناتج الإجمالي البحري في الصين يبلغ نحو 708.3 مليار دولار أمريكي خلال النصف الأول

شفا – أفادت وزارة الموارد الطبيعية الصينية أن الاقتصاد البحري للبلاد حافظ على زخم نمو مستقر خلال النصف الأول من عام 2025، حيث بلغ الناتج الإجمالي البحري 5.1 تريليون يوان (نحو 708.3 مليار دولار أمريكي)، بزيادة سنوية قدرها 5.8 في المائة، وفقا للحسابات الأولية. وأظهرت بيانات الوزارة أن قدرة الصين على توفير عناصر الموارد البحرية تعززت بشكل مطرد خلال الفترة المذكورة، حيث تمت الموافقة على استخدام 167 ألف هكتار من الأراضي البحرية والجزرية، بزيادة 25.2 في المائة على أساس سنوي، تشمل مشروعات باستثمارات تجاوزت 500 مليار يوان. كما سجل إنتاج النفط والغاز الطبيعي من الحقول البحرية نموا بنسبة 2.3 في المائة و16.9 في المائة على التوالي، بينما زادت القدرة المضافة من طاقة الرياح البحرية المتصلة بالشبكة بنسبة 199.4 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وفي الصناعات البحرية التقليدية، حافظت صناعة بناء السفن البحرية على مكانتها الريادية عالميا، حيث شكلت الطلبيات الجديدة والطلبيات المنجزة والطلبيات قيد التنفيذ نسبا بلغت 64 في المائة و47.2 في المائة و57.6 في المائة على التوالي من إجمالي السوق العالمية. بينما سجل حجم الشحن وحجم مناولة البضائع في النقل البحري زيادة بنسبة 5.2 في المائة و6.9 في المائة، على التوالي.

انخفاض أسعار النفط بفعل مخاوف إزاء إمدادات "أوبك+"
انخفاض أسعار النفط بفعل مخاوف إزاء إمدادات "أوبك+"

معا الاخبارية

timeمنذ يوم واحد

  • معا الاخبارية

انخفاض أسعار النفط بفعل مخاوف إزاء إمدادات "أوبك+"

نيويورك- معا- انخفضت أسعار النفط بنحو دولارين للبرميل، اليوم السبت، بسبب مخاوف إزاء زيادة محتملة في إنتاج (أوبك+)، في حين جاء تقرير الوظائف الأميركية أضعف من المتوقع، ما أجج المخاوف بشأن الطلب. وبحسب وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 2.03 دولار بما يعادل 2.83% لتسجل 69.67 دولار للبرميل عند التسوية، وهبط خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.93 دولار أو 2.79% إلى 67.33 دولار عند التسوية.

الصين تسجل ارتفاعاً هائلاً في معدل ركاب رحلات السفن البحرية في النصف الأول من العام الجاري
الصين تسجل ارتفاعاً هائلاً في معدل ركاب رحلات السفن البحرية في النصف الأول من العام الجاري

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 2 أيام

  • شبكة أنباء شفا

الصين تسجل ارتفاعاً هائلاً في معدل ركاب رحلات السفن البحرية في النصف الأول من العام الجاري

شفا – مع ارتفاع رواج السياحة البحرية، شهدت الصين زيادة هائلة في عدد ركاب الرحلات البحرية خلال النصف الأول من عام 2025، حسبما ذكرت بيانات رسمية اليوم الجمعة. وارتفع إجمالي عدد ركاب الرحلات البحرية بنسبة 40.1 بالمئة على أساس سنوي خلال تلك الفترة، حسبما ذكرت وزارة الموارد الطبيعية. وعزت الوزارة هذه الزيادة إلى السياسات الداعمة وتحسُن العرض وارتفاع الطلب على السفر. وفي الفترة من يناير إلى يونيو، حقق قطاع السياحة البحرية قيمة مضافة بواقع 771.8 مليار يوان (نحو 108 مليارات دولار أمريكي)، في ارتفاع بنسبة 8 بالمئة على أساس سنوي. وأضافت الوزارة أنه بالتزامن مع ذروة موسم السفر الصيفي الجارية الآن، من المتوقع زيادة رواج الرحلات البحرية وغيرها من مجالات السياحة البحرية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store