
«العقد الاجتماعي» بين النظرية والصور
الأفكار الإنسانيّة تاريخية، ليست نصوصاً إلهيّة مقرِّرة للحقائق، ومفنّدة للباطل، بل هي منتجات بشرية فكريّة، تدخل في ملامحها طبقات من ملامح التفاعل الإنساني؛ تاريخياً، ومكانياً، واجتماعيّاً، وهو تفاعل تشكّله عدّة عوامل تقدّم صوره، بحسب تصوّرات كل تفاعل، وأصول نماذجها، وتفاعلات استعمالاتها التابعة لتلك التصورات؛ بعد أن تصبح منتجات فكريّة متداولة. ومن هذه الأفكار الإنسانيّة المهمة في تاريخ الفكر المعاصر، فكرة «العقد الاجتماعيّ»، التي تبلورت تاريخياً ومجتمعياً ومكانيّاً في الغرب، ويمتدّ أثرها وظلّها على العالم كلّه. ولئن كانت دول العالم تفتح أسواقها لمنتجات عدّة، للتداول الاقتصاديّ، فإن المنتجات الفكريّة أشدّ أهميّة لفحصها، وذلك لتربّصها حتى تنفذ إلى الوجدان. والقدرة النقديّة هي «هيئة الجمارك» التي تقوم مدى ملائمتها للسوق المجتمعيّ، ولا بدّ من معرفة (تصوّر) تسبق كل نقد.
في كتابه «تاريخ العقد الاجتماعي في الغرب» (الذي ترجمه فيصل الظفيري، عن دار العولمة، 2021م)؛ يطرح «مايكل ليشنوف» (أستاذ العلوم السياسية في جامعة غلاسكو في أسكتلندا، والمتخصص في موضوع «العقد الاجتماعيّ») إشكالية النظر إلى «العقد الاجتماعي» غربيّاً، في عصر ظهرت ملامح إجلاله له، لتغلغله في الوجدان الأوربي، وقوة تأثير استعماله؛ لثقله الاجتماعي، إذ مجرّد رفع شعاره يحدث تأثيراً، وربما تعبئة. والنظر إليه تاريخياً مع النظر لاستعمالاته الحالية المتعددة بكل ما فيها من ثغرات؛ يظهر ثغرة بين واقعه وتدريسه اللاحق بعدّه نظريّة سياسية، لتبزغ إشكالية الصلة بين النظرية واستعمالاتها. فكأنه (مايكل) يشق قنوات بين الاستعمالات والأصل؛ ممايزاً بين المصدر والمصابّ. وهذه الإشكالية تتطلّب منه تحريين، تحرٍّ تاريخيّ؛ وقد حدده بفترة «نظرية العقد الاجتماعي» نشأة فتبلوراً من القرن السادس عشر حتى الثامن عشر الميلاديين في أوروبا، ويثنّي بتحرٍّ يحلِّل الصور الحالية، للكشف عن مدى اتصالها بالنموذج الأصلي، ومقاربتها له.
ومظاهر هذه الصور المستعملة لشعار «العقد الاجتماعيّ»، دون التحقق بنظريّته (التي ظهرت -بحسبه- على المستوى النظري السياسيّ والخلقيّ، كما تجلّت فيما بعد)؛ بدت في رفع الأحزاب السياسية لشعارات تستثمر القوّة الدلالية الظاهريّة (خصوصاً القوّة الوجدانية المحرّكة للناخبين) لـ «العقد الاجتماعيّ» لتحقيق أهدافها، حتى ولو لم تكن هذه الأهداف مطابقة للدلالة النموذجية للنظريّة، وفق «حقل الفلسفة السياسيّة» الأصلي؛ مع تنوعات وتعدد هذا المفهوم فيه. وقد طرح أمثلة لذلك، منها: رفع حزب العمال البريطاني لهذا الشعار عام 1974م، في حين كانت دلالته الاستعماليّة المختلفة دلالة على «برنامج إجراء سياسيّ»، لا نظريّة تفسّر الحياة السياسية، وتقوّمها، وتظهر مشروعيتها، كما في نظريات العقد. وهذا الاستعمال الشعاريّ يكشف من جانب عن الصدى الشعبي لفكرة «العقد الاجتماعي»، بعدّها من التراث الشعبي المؤثر في الشعوب الأوروبية، ولا يكشف بالضرورة عن صوابية الاستعمال، ويكشف أيضاً عن التحركات السياسية التي تستعمله ولو استعمالاً خاطئاً.
ولا يقتصر هذا الاستعمال على برنامج سياسيّ، بل قد يكون استعمالاً في أبرز الكتب الممثلة لهذه النظرية، ككتاب جان جاك روسو «العقد الاجتماعيّ»، إذ يبرز ناحية «الإرث والتقاليد»، أكثر من تمثيله للنظريّة الفلسفيّة السياسية، مع طرحه لصيغة مبتكرة للعقد الاجتماعي تتناسب مع سياق عصره.
ولمزيد إظهار للفرق بين النظرية والصور، يظهر أن المؤلّف يميّز «العقد الاجتماعيّ» بين قياسين: قياس على «العقد القانونيّ»، وقياس على «التوكيل القانوني»، فهل إجرائية العقد الاجتماعيّ أوثق بالعقد أم التوكيل؟ وفرقه بين القياسين، فرق بين مجريين، مجرى «العقد القانوني»، الذي يجريه بعدّه صيغة لتشريع (مشروعيّة) السلطة السياسية، ومجرى «التوكيل القانوني»؛ لتحليل السلطة السياسية. وهذا كيانه الذي تبلور فيه.
وفي المقال التالي -إن شاء الله تعالى- طرح موجز لهذين القياسين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 2 أيام
- الشرق السعودية
بريطانيا تكثف جهودها لاستقطاب العلماء الفارين من الولايات المتحدة
تُكثّف المؤسسات العلمية في بريطانيا، خططها الاستثمارية، في أعقاب قيود إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الجامعات وتمويل الأبحاث، كاشفةً عن ضمانات تمويل رسمية لمدة 10 سنوات، وزمالات متاحة للعلماء والباحثين الفارين من الولايات المتحدة، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز". وستعزز المبادرات التي ستكشف عنها الحكومة البريطانية والجمعية الملكية والأكاديمية الملكية للهندسة خلال أيام، الجهود المبذولة لاستقطاب الكفاءات الدولية، وتوفير استقرار مالي إضافي للمشروعات طويلة الأجل في مجالات سريعة التطور مثل الحوسبة الكمومية ومقاومة البكتيريا. وتُمثّل هذه الإجراءات، جهداً لحماية العلوم البريطانية من سياسات ترمب، في مواجهة التخفيضات المفاجئة في التمويل والقمع الأيديولوجي للأبحاث الذي تشهده الولايات المتحدة. ومنذ تولي ترمب السلطة في يناير الماضي، سعت إدارته إلى فرض تخفيضات كبيرة على تمويل العلوم، كما أمرت بإلغاء العمل البحثي في مجالات تشمل التنوع واللقاحات وتغير المناخ. برامج زمالة لمدة 10 سنوات وستعلن الجمعية الملكية عن برنامج "زمالة فاراداي" (Faraday Fellowship) جديدة للباحثين الدوليين، بدعم يصل إلى 30 مليون جنيه إسترليني (نحو 39 مليون دولار)، إذ سيُستخدم هذا المبلغ لمنح ما يصل إلى 4 ملايين جنيه إسترليني (5 ملايين و300 ألف دولار تقريباً)، أو أكثر في الظروف الاستثنائية، لعلماء فرديين أو فرق عمل، لمدة تتراوح بين 5 و10 سنوات. وسيأتي ثلثا مبلغ الـ 30 مليون جنيه إسترليني من برنامج قائم بتمويل حكومي تديره الجمعية، يهدف إلى جذب الباحثين في منتصف مسيرتهم المهنية المهتمين بالانتقال إلى بريطانيا، أما الباقي فسيكون تمويلاً جديداً من الجمعية نفسها، وسيُركز على العلماء في مراحل مهنية أخرى. وفي الوقت نفسه، ستطلق الأكاديمية الملكية للهندسة، مساراً مُسرّعاً، لتسهيل قدوم الباحثين والمخترعين الدوليين المتميزين للعمل في لندن. وستمنح الأكاديمية الوطنية للعلوم، المتقدمين الناجحين ما يصل إلى 3 ملايين جنيه إسترليني على مدى 10 سنوات، لتطوير وتوسيع نطاق حلول مناخية رائدة، كجزء من برنامج زمالة "المستقبل الأخضر" الحالي الذي تبلغ قيمته 150 مليون جنيه إسترليني. وتُضاف هذه المبادرات إلى برنامج مماثل بقيمة 54 مليون جنيه إسترليني (71 مليون و800 ألف دولار تقريباً)، أعلنته وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا هذا الشهر، إذ ستُغطي هذه الأموال تكاليف الانتقال وتمويل مشاريع لحوالي 10 فرق بحثية في مجالات ذات أولوية حكومية، مثل علوم الحياة والذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء. ترحيب من المؤسسات العلمية وفي الإطار، قال أدريان سميث، رئيس الأكاديمية الوطنية للعلوم في بريطانيا: "يشهد العلم الدولي حالة من التقلب، حيث أصبحت بعض حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية موضع تساؤل". وأضاف: "مع تعرّض مصادر التمويل والحرية الأكاديمية للتهديد، ستبحث أفضل المواهب العلمية عن الاستقرار. ويمكن للمملكة المتحدة أن تكون في طليعة الدول التي تسعى لاستقطاب هذه المواهب". بدوره، قال اللورد باتريك فالانس، وزير العلوم والمستشار العلمي السابق للحكومة، إن المنح التي تمتد 10 سنوات قد تُمثل حوالي ملياري جنيه إسترليني من إجمالي الإنفاق الحكومي السنوي على البحث والتطوير والبالغ 20.4 مليار جنيه إسترليني. وأكد فالانس، إيمانه الراسخ بأن الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا "مسعى وطني، وليس مسعى سياسياً حزبياً"، رغم إقراره بإمكانية قيام أي إدارة مستقبلية، نظرياً، بعكس تغييرات التمويل. وأقرّ فالانس، بوجود "خطر دائم" يتمثل في إمكانية إلغاء مصادر تمويل الأبحاث طويلة الأجل القائمة من قِبَل حكومة مستقبلية ذات نهج جذري في سياسات العلوم. ويهدف التمويل الموسع إلى منح المؤسسات مزيداً من الثقة للتوظيف والتعاون الدولي، وبناء البنية التحتية اللازمة، وإقامة شراكات مع القطاع الخاص. ولاقت هذه المبادرة ترحيباً من المؤسسات العلمية، على الرغم من أن الكثيرين أعربوا أيضاً عن مخاوفهم بشأن التأثير الرادع المحتمل لارتفاع تكاليف التأشيرات على الجهود الأوسع نطاقاً للتوظيف الدولي.


الرجل
منذ 2 أيام
- الرجل
أقوى عاصفة شمسية في 2025 تضرب الأرض وتؤثر على الاتصالات عالميًّا
سجّلت الشمس يوم 14 مايو 2025 توهّجًا من الفئة X2.7، يُعد الأقوى منذ بداية العام، وذلك بحسب ما أعلنته الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية (NOAA). وقد بلغ هذا التوهج ذروته عند الساعة 08:25 صباحًا بتوقيت غرينتش، متسببًا في عاصفة شمسية قوية أثّرت على خدمات الاتصالات اللاسلكية في مناطق شاسعة من العالم. ما هو التوهج الشمسي؟ التوهج الشمسي هو انفجار هائل للطاقة يحدث في الغلاف الجوي للشمس، نتيجة إطلاق مفاجئ للطاقة المختزنة من الحقول المغناطيسية، لا سيما فوق البقع الشمسية. ويُنتج التوهج إشعاعات قوية تشمل الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية، وأشعة جاما، إلى جانب موجات راديوية قد تصل إلى الأرض وتؤثر في أنظمتها التكنولوجية. اقرأ أيضاً عاصفة شمسية لا يمكن التنبؤ بها قد تنهي العالم الآثار على الأرض: شفق قطبي واضطرابات في الاتصالات تسببت العاصفة الشمسية الأخيرة في انقطاعات مؤقتة للاتصالات عالية التردد على الجانب النهاري من الأرض، لا سيما في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط. كما انطلقت من البقعة الشمسية AR4087، والتي كانت نشطة في الأيام السابقة بعدة توهجات أخف. العواصف الشمسية تؤدي كذلك إلى ظاهرة الشفق القطبي في المناطق القطبية، نتيجة تفاعل الجسيمات الشمسية مع المجال المغناطيسي الأرضي. هل تؤثر على الإنسان؟ يؤكد العلماء أن الغلاف الجوي والمجال المغناطيسي للأرض يعملان كدرع واقٍ ضد الإشعاعات الشمسية، لذا فإن تأثير التوهجات الشمسية على البشر ضئيل جدًّا أو غير موجود. ومع ذلك، يمكن أن تؤثر على رواد الفضاء والطيارين في الرحلات القطبية، بسبب تعرضهم المباشر للإشعاع. أقوى عاصفة شمسية في 2025 تضرب الأرض وتؤثر على الاتصالات عالميًا - المصدر | shutterstock ذروة الدورة الشمسية 25 تمر الشمس حاليًا بـ"الدورة الشمسية 25" التي بدأت في ديسمبر 2019، ويُتوقّع أن تبلغ ذروتها في عام 2025. وتشهد هذه الدورة نشاطًا شمسيًا أعلى من التقديرات الأولية مقارنة بالدورة السابقة، وهو ما يفسّر ارتفاع عدد التوهجات الشمسية المسجّلة خلال الأشهر الماضية. اقرأ أيضاً علماء يحذرون من عاصفة شمسية تؤثر على صحة الدماغ والقلب لا تأثير مباشر على الطقس لا تُسبب التوهجات الشمسية تغييرات مباشرة في الطقس اليومي مثل هطول الأمطار أو ارتفاع درجات الحرارة، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى احتمال وجود تأثيرات مناخية طويلة الأمد للنشاط الشمسي، لا تزال بحاجة إلى مزيد من البحث والتوثيق العلمي. طقس الفضاء والتأهب التكنولوجي تهدف مراقبة طقس الفضاء أساسًا إلى حماية البنى التحتية التكنولوجية، إذ تؤثر التوهجات الشمسية بشكل مباشر على أداء الأقمار الصناعية، وأنظمة الملاحة، والاتصالات، وشبكات الطاقة الكهربائية. وتعمل وكالات الفضاء الدولية على تحديث أنظمة الحماية، واتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة خلال فترات النشاط الشمسي المكثف.


الاقتصادية
منذ 3 أيام
- الاقتصادية
تبريد بلا غازات.. ابتكار بريطاني قد يغيّر مستقبل المكيفات
يمهّد ابتكار هو عبارة عن عجينة ناعمة شمعية بيضاء اللون تتمتع بخصائص واعدة وتتغير حرارتها بأكثر من 50 درجة تحت الضغط، الطريق لجيل ثوري من مكيفات الهواء الخالية من الغازات المسببة للاحترار المناخي. وعلى عكس الغازات المستخدمة في الأجهزة الحالية، فإن هذه "المبردات الصلبة" لا تتسرّب. ويقول كزافييه مويا، الأستاذ في فيزياء المواد في جامعة كامبريدج البريطانية، إن هذه المواد "أكثر كفاءة في استخدام الطاقة". هناك نحو مليارَي مكيّف هواء قيد الاستخدام في مختلف أنحاء العالم، ويتزايد عددها مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب. وبين التسريبات واستهلاك الطاقة، تتزايد الانبعاثات المرتبطة بها أيضا كل عام، بحسب وكالة الطاقة الدولية. يدرس كزافييه مويا منذ 15 سنة خصائص هذه "البلورات البلاستيكية" في مختبره في الجامعة البريطانية المرموقة. على طاولة عمله آلة ضخمة بالأحمر والرمادي تعلوها أسطوانة، تختبر درجة حرارة المادة اعتمادا على الضغط. وتهدف هذه الخطوة الى تحديد أفضل المبرّدات بين هذه الفئة من المواد المستخدمة أصلا في الكيمياء والتي يسهل الحصول عليها إلى حد ما (يبقى التركيب الدقيق للجزيئات سريا). ليست هذه الظاهرة مرئية للعين المجردة، لكنّ البلورات تتكوّن من جزيئات قادرة على الدوران حول نفسها. عند الضغط عليها تتوقف حركتها وتبدد طاقتها على شكل حرارة. ومن ناحية أخرى، يؤدي إطلاقها إلى خفض درجة الحرارة المحيطة، وهو ما يسمّى بـ"تأثير الباروكالوري". مشروبات غازية باردة يقول أستاذ فيزياء البناء في جامعة "يو سي ال" في لندن كلايف إيلويل، في حديث إلى وكالة فرانس برس، إن "الطلب على تكييف الهواء سيرتفع بشكل كبير على مستوى العالم بحلول عام 2050". ويرى أنّ المواد الصلبة الباروكالورية لديها القدرة على أن تكون بنفس كفاءة الغاز، إن لم تكن أكثر كفاءة. ويضيف "مهما كانت التكنولوجيا الجديدة التي سيتم إطلاقها، يتعيّن أن تلبّي المتطلبات الأساسية"، مثل حجم الجهاز أو الضجيج الذي تصدره، إذا كانت تأمل في إيجاد طريقها إلى المنازل والسيارات. إلى جانب أبحاثه في كامبريدج، أنشأ كزافييه مويا عام 2019 شركة ناشئة تحمل اسم "باروكال" لاستخدام اكتشافات مجموعته البحثية عمليا. وتضم الشركة تسعة أشخاص وتمتلك مختبرها الخاص، هو حاليا عبارة عن مستودع متواضع في موقف للسيارات. لكن "الشركة الناشئة" تجتذب المتابعين، ففي السنوات الأخيرة جمعت نحو أربعة ملايين يورو خصوصا من مجلس الابتكار الأوروبي، وهو برنامج تابع للاتحاد الأوروبي تشارك فيه المملكة المتحدة، ومنظمة "بريكثرو إنرجي" التي أنشأها الملياردير الأميركي بيل غيتس. وتخطط الشركة لزيادة قوتها العاملة إلى 25 أو 30 شخصا هذا العام. داخل المستودع، يعادل حجم النموذج الأولي لمكيف الهواء حجم حقيبة سفر كبيرة، وبعيدا عن كونه صغيرا، يصدر صوت طنين مرتفعا عندما تزيد أو تقلل الدائرة الهيدروليكية الضغط في الأسطوانات الأربع المملوءة بالحبيبات. لكنّ هذا الجهاز يعمل. وقد ثُبّت برّاد صغير على النظام فيما تحافظ علب المشروبات الغازية الموجودة بداخله على برودة تامة. خفض الفواتير يقرّ مهندس المواد في "باروكال" محسن العبادي بأنّ هذا النموذج الأولي "لم يتم تحسينه بشكل فعلي حتى الآن، لا من حيث كتلته، ولا حجمه، ولا حتى صوته". لكنّ الأنظمة الجديدة التي تعمل الشركة على تطويرها ستكون مماثلة في الحجم لتلك التي تعمل بالغاز وصوتها منخفض مثلها. وفي حين تركّز الشركة حاليا على التبريد، من الممكن أيضا استخدام هذه التكنولوجيا لإنتاج الحرارة. تدرس فرق عدة في مختلف أنحاء العالم هذه المواد، لكنّ فريق كامبريدج هو الرائد في هذا المجال، بحسب "بريكثرو إنرجي" التي تشير إلى أن هذه الأجهزة "لديها القدرة على خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 75%" مقارنة بالأنظمة التقليدية. وتأمل شركة "باروكال" في إطلاق "أول منتج في السوق خلال ثلاث سنوات"، بحسب مدير المبيعات فلوريان شابوس. وسيكون هذا المنتج في البداية عبارة عن "وحدات تبريد لمراكز التسوق الكبيرة والمستودعات والمدارس" وحتى "مراكز البيانات". يُعتقد أن إقناع الشركات بالتكنولوجيا سيكون أسهل في البداية إذا كانت أكثر تكلفة للشراء ولكن ستساهم في خفض الفواتير. وتسعى شركة "باروكال" في نهاية المطاف للوصول إلى أسعار تعادل الأنظمة التقليدية لاستهداف الأفراد.