logo
يوسا في بغداد: «هذا ليس حسناً يا سيدي!»

يوسا في بغداد: «هذا ليس حسناً يا سيدي!»

الشرق الأوسط١٧-٠٤-٢٠٢٥

استمع يوسا على هامش جولاته عبر العراق لأشخاص ممن سُجنوا أو تعرضوا للتعذيب فترة الحكم البعثي وزار سجن «أبو غريب»
كتب الروائي الراحل ماريو فارغاس يوسا (1936-2025) وحائز نوبل للآداب 2010 بغزارة لافتة عبر مختلف الأنواع الأدبية، بما في ذلك النقد الأدبي. حلّقت أعماله الروائيّة في فضاءات السياسة والتاريخ والكوميديا، لكنه كان أيضاً سياسياً بارزاً، وأحد أهم كُتَّاب المقالات في أميركا اللاتينية باللغة الإسبانية، وتُرجمت أعماله إلى كثير من لغات العالم. إلا أنّه في كتاب نادر قصير نُشر بالإسبانيّة يبتعد للحظات عن العوالم الخياليّة التي جلبت له الشهرة، ويخطو إلى تضاريس التحقيقات الصحافية، فيسجّل لقرائه -في صحيفة «إلباييس» الإسبانيّة حينها- انطباعاته اليوميّة من زيارة قام بها إلى العراق في يونيو (حزيران) 2003 بعد أقل من شهرين من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للإطاحة بنظام حكم صدام حسين. والنتيجة كانت وثيقة ثمينة لشاهد ذي حساسيّة استثنائيّة لا يتوانى عن أن يكون مثاراً للجدل، ونظرة إنسانيّة عميقة في حياة شعب كان لا يزال يعيش لحظة الصدمة وعسف الاحتلال.
لا تتأتى قيمة «يوميّات العراق - 2003» من شمولية التحليل السياسيّ للحدث الصاعق، فتلك ليست غاية نصوصه إطلاقاً، بل في سطوع الملاحظة الشخصيّة لذهن روائيٍّ امتلك قدرة فريدة على التقاط تفاصيل عن الحياة والناس قد لا تقبض عليها العين العادية.
منذ البداية، لا يضع يوسا نفسه في موقع الخبير في سياسات الشرق الأوسط، ولكن كمراقب يسعى إلى تسجيل تأثير الديكتاتورية والحرب على الحياة اليومية للناس العاديين. ويمنح هذا التواضعُ في المنهج السردَ أصالةً تقاوم نبرة الخطابة وصيغة التنظير الشائعة في المقالات السياسية. وبينما يسير في شوارع بغداد، والنجف، والسليمانيّة، ويتحدث إلى سائقي سيارات الأجرة، والجنود، وأصحاب المتاجر، ورجال الدين، ويزور أنقاض المباني الحكومية المدمرة ومواقع السجون، يستمع يوسا أكثر مما يقول، على الرغم من أن آراءه تظهر جليّة في الخلفيّة.
تحمل نصوص اليوميّات -التي تضم مجموعة من الصور التقطتها مورغانا ابنة يوسا- توتراً أساسيّاً حول موقف الروائي الشهير من التدخل العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة في العراق. إذ انتقل مبكراً في حياته الأدبيّة من تأييد الحكومة الثورية في كوبا بقيادة فيدل كاسترو، منذ بداية السبعينات، إلى الليبرالية اليمينية ومربع العداء لليسار، وأصبح أحد أعلى الأصوات المنتقدة للاستبداد والديكتاتوريات، ولذلك كان يرى -قبل رحلته إلى بغداد- في إزاحة صدام حسين تحرراً ضرورياً للشعب العراقيّ. ومع ذلك، فإنّه بعدما لمس الأمور على الأرض وشاهدها رأي العين، يخفف من غلواء تأييده للغزو، ويُظهر وعياً عميقاً بالمخاطر والآلام والحسابات الخاطئة التي انطوى عليها. وهنا لم تعد الحكاية سجل انتصار بقدر ما هي سرد متضارب يعطي شرعيّة للمشاعر المناهضة للحرب، ويوثق الفوضى، وانعدام الأمن، وفقدان الخدمات، وكذلك الخسائر الثقافية التي أعقبت دخول قوات التحالف إلى بغداد، بما في ذلك نهب المتحف الوطني العراقي، ذلك الحدث الرمز بالنسبة إلى يوسا، والذي عنده يكشف عن الإفلاس الأخلاقي للغزو، ومع ذلك فهو لا يُغفل في تأملاته التكلفة الباهظة إنسانياً للديكتاتورية، والآمال الهشة لدى كثيرين بالديمقراطيّة الموعودة.
استمع يوسا على هامش جولاته عبر العراق لأشخاص ممن سُجنوا أو تعرضوا للتعذيب أو أُسكتوا بمحض القوة خلال حكم النظام البعثي، وزار سجن أبو غريب (الذي كان آنذاك رمزاً لقسوة صدام حسين، وقبل أن يدخل التاريخ لاحقاً بوصفه موقعاً لأبشع الانتهاكات الأميركيّة بحق المعتقلين العراقيين)، وسجل معاناة المعارضين برصانة دون زخارف أو تلوين.
يوسا، بالطبع وقبل كل شيء، روائي، وحساسيته الأدبيّة تُحرِّك السرد في «يوميات العراق»، فحتى في خضمِّ التعليقات السياسية، تجده يستحضر المشاهد بعين راوي الحكايات؛ فيلتقط إيماءات امرأة خائفة عند نقطة تفتيش، وسخرية الأطفال الذين يلعبون ببراءة وسط الأنقاض، وذلك الصمت الحزين في المقابلات مع الناجين. تُضفي هذه اللحظات على اليوميات عمقاً تفتقر إليه الصحافة السيَّارة في غالب الأحيان، وتكشف عن نظرته إلى الأدب بوصفه طريقة لرؤية العالم -ليس فقط كمرآة عاكسة، ولكن كأداة لتفسيره.
ومع ذلك، فإن اليوميات لا تخلو من بعض نقاط الضعف؛ إذ يحد إيجازها من نطاق التحليل للحظة انتقال جدّ معقدة، وقد يرى بعض القراء -لا سيّما من العارفين بالعراق وتاريخه- أن حججه إما مؤقتة للغاية وإما استفزازية للغاية. ولا شكّ أن منتقدي الحرب اليوم سيجدون في اعتقاد يوسا -في ذلك الحين- أن الغزو مهما كان معيباً فإنه كان له ما يبرره أخلاقياً، مادةً للسخريّة التاريخيّة. علاوة على ذلك، فإنّه لا يتعامل بعمق مع التاريخ الطويل والمعقد للتدخل الغربي في الشرق الأوسط، ولا يوفر مساحة كبيرة للأصوات التي تنتقد الاحتلال من داخل العراق. إنها، بعد كل شيء، مجرد انطباعات شخصية لزائر للمكان، وليست كتاباً في التحليل الجيوسياسي الشامل. ولكن ذلك ربّما هو تحديداً ما يمنح اليوميات قيمتها اليوم. إذ من خلال تجنبه تقديم نفسه على أنه خبير، ومن خلال تناقضاته الظاهرة، يقبض يوسا على ملمح أساسيّ في لحظة ما بعد الغزو: عدم اليقين، وتهافت منطق الغزو، وأرضيته الأخلاقية المتقلبة. إنه، كأجنبي، يكتب في محاولة لفهم مكان في حالة تغير عنيف، فيبحث عن الإنسانيّ وراء العناوين الرئيسية، ويقاوم النّظرة الاستشراقية المبسترة، وشيطنة العراق، أو سذاجة إضفاء الطابع الرومانسي عليه، ليصل إلى خلاصة وصل إليها عراقي -تحدث إليه يوسا بعد زيارة منزله الذي اقتحمه جنود أميركيون في اليوم السابق: «هذا ليس حسناً يا سيدي!».
لا تنتهي اليوميات بخاتمة، ولكن بتساؤلات؛ فيوسا لا يعلن نجاح الغزو، ولا يتنبأ بمستقبل العراق، لكنّه بدلاً من ذلك، يعترف بحدود فهمه، وتعقيد اللحظة، فيكتب: «لا أحد يعرف ما سيحدث تالياً، لكن ربما، في النهاية، سيتولد شيء حسن من وافر الألم». إنها ملاحظة متحفظة، مسكونة بحزن عميق، ولا تبعث على كثير من الأمل، تلخِّص النفَسَ العام لليوميات، وتكشف عن تموضع لافت لليبرالية يوسا السياسي: بعيداً عن مربع إدانة الغزو بوصفه عملاً إمبريالياً محضاً، ولكنه في الوقت نفسه لا يشتري بضاعة المحافظين الجدد عن الاستبداد والديمقراطيّة على عواهنها، ولا يتورع عن اعتبار وجود الجيش الأميركي مصدراً لمشكلات لا حل لها، مما يُكسب منظوره تميزاً.
ومع رحيل مؤلفها بعد أكثر من عقدين من الزمن على زيارته للعراق، لا تزال «يوميات» يوسا قراءة ذات صلة وحيثيّة، ليس لما تضمّه من إجابات، بقدر ما تضيء على الارتباك الأخلاقي للشعارات التي تُعرِّيها الوقائع الماديّة التي يحملها تدفق نهر التاريخ الهادر. إن «اليوميات» وعد بثراء التقاء الأدب بالصحافة، وكيف أنه في بعض الأحيان، يمكن لصوت روائي يتجول في مدينة محطمة أن يكشف عن أكثر من ألف تقرير لمراكز الأبحاث.
«إن السلطة الوحيدة ممثَّلة الآن في الدبابات والسيارات المدرعة والشاحنات وسيارات الجيب، والدوريات الراجلة للجنود الأميركيين الذين يعبرون الشوارع ويعيدون عبورها في كل مكان، مسلحين بالبنادق والمدافع الرشاشة، فيما تهتز المباني من هدير مركباتهم الحربية. الجنود يبدون، عند نظرة فاحصة، عاجزين وخائفين مثل مواطني بغداد أنفسهم.
منذ وصولي، ازدادت الهجمات ضدهم بشكل منهجي، وقد قُتل بالفعل ثلاثون جندياً منذ وصولي، وأُصيب نحو 300، ولذلك ليس مستغرباً أن يظهروا مترددين وفي حالة معنوية سيئة، وأصابعهم دائماً على الزناد بينما هم يقومون بدورياتهم في شوارع مليئة بأشخاص لا يستطيعون التواصل معهم، وسط حرارة جهنمية، والتي لا شك بالنسبة إليهم، مرتدين خوذات وسترات واقية من الرصاص وغيرها من أدوات الحرب، أسوأ مما هي للسكان المحليين العاديين. لقد حاولت في أربع مناسبات مختلفة التحدث إليهم -وكثير منهم مراهقون لم تنمُ لحاهم بعد- لكنني لم أتلقَّ سوى ردود موجزة للغاية. لقد كانوا جميعاً غارقين في العرق، ومُقَلُ عيونهم تتحرك باستمرار، مثل جنادب مذعورة».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فندق والدورف أستوريا يعلن عن تجربة جديدة في ردهة بيكوك آلي بدبي
فندق والدورف أستوريا يعلن عن تجربة جديدة في ردهة بيكوك آلي بدبي

سفاري نت

timeمنذ 16 ساعات

  • سفاري نت

فندق والدورف أستوريا يعلن عن تجربة جديدة في ردهة بيكوك آلي بدبي

سفاري نت – متابعات أعلنت ردهة بيكوك آلي في فندق والدورف أستوريا مركز دبي المالي العالمي، عن إطلاق تجربة 'ميت مي أت ذا كلوك' لشاي ما بعد الظهيرة بنسخة الأوبرا الجديدة. وتستضيف الوجهة الفعالية كل يوم سبت، وتدعو الضيوف للاستمتاع بعروض أوبرا راقية تؤديها مغنية السوبرانو بمرافقة عزف حيّ على البيانو. تجربة ميت مي أت ذا كلوك ويحظى الضيوف بفرصة مثالية للاستمتاع بهذه التجربة الفريدة كل يوم سبت من الساعة 3 عصراً حتى 6 مساءً، وسط أداءٍ مبهر تقدّمه مغنية السوبرانو الصربية الشهيرة آنا كوفاتشيفيتش، على وقع أنغام البيانو الحيّة. وتؤدي كوفاتشيفيتش باقة من أشهر المقطوعات الكلاسيكية، مثل تايم تو ساي غودباي ونيسن دورما ضمن أجواء راقية تحتضنها الردهة الفخمة. وتشتهر كوفاتشيفيتش بتألقها في الفعاليات الموسيقية والمحافل الدولية، بما فيها حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، ومراسم توزيع جائزة نوبل للسلام في عام 2011، ليضفي حضورها في قلب مركز دبي المالي العالمي لمسات فنية بطابع عالمي رفيع. تشكيلة فاخرة من المأكولات كما يتسنى للضيوف تذوق تشكيلة فاخرة من المأكولات التي تحمل توقيع الشيف التنفيذي غوركان غوزيلماز. وتتضمن القائمة مقبلات المأكولات البحرية التي تضم السلطعون الطازج والكافيار، والبطاطا المهروسة المقرمشة مع كمأة أومبريا السوداء، وشرائح البطاطس الرفيعة المحضرة يدوياً مع لفائف السلمون المدخن، وعجينة محشوة بكبد الأوز مع سابليه البارميزان وحبيبات الشمندر. وتتضمن قائمة السندويش مجموعة من الخيارات الشهية، مثل سندويش التونة مع صلصة أيولي بخبز البريوش، وطبق دجاج كورونيشن مع خبز القمح الكامل. وتخصص التجربة تشكيلة غنية من الشاي تتضمن الشاي الأخضر والأبيض والأحمر والأسود وشاي الأعشاب، بالإضافة إلى شاي البابونج كشاي ترحيبي مع شراب الفانيليا وعصير الليمون. وتلبية لشغف الضيوف بالحلويات، يقدم الشيف التنفيذي جوناثان تروين قائمة مختارة بعناية تضم مجموعة من الفطائر والحلويات، بما في ذلك كعكة الفراولة والورد، وتشيزكيك المانجو، وموس الفستق والتوت، إلى جانب تشكيلة من كعكات السكونز المقدّمة مع القشدة الكثيفة والمربى. وتنفرد هذه النسخة بتقديم كيك الأوبرا المميز، المحضّر خصيصاً لهذه المناسبة، حيث استُوحي كل صنف من أناقة الأوبرا بأدق تفاصيلها. تتوافر تجربة 'ميت مي أت ذا كلوك' التقليدية يومياً من الأحد إلى الجمعة، بدءاً من الساعة 2 عصراً حتى 6 مساءً، فيما تتوافر التجربة بنسخة الأوبرا كل يوم سبت من الساعة 3 عصراً حتى 6 مساءً.

ستارلينك تُطلق خدمات الإنترنت الفضائي في بنغلاديش
ستارلينك تُطلق خدمات الإنترنت الفضائي في بنغلاديش

الوئام

timeمنذ 2 أيام

  • الوئام

ستارلينك تُطلق خدمات الإنترنت الفضائي في بنغلاديش

أعلنت شركة ستارلينك، التابعة لرائد الأعمال إيلون ماسك عبر شركة سبيس إكس، اليوم الثلاثاء إطلاق خدمات الإنترنت الفضائي في بنغلاديش، في خطوة تهدف إلى توفير اتصال رقمي عالي السرعة وموثوق، لا يتأثر بالتقلبات السياسية التي شهدتها البلاد مؤخراً. وأفادت الشركة عبر منصة «إكس» بأن خدمات الإنترنت عالي السرعة ومنخفض الكمون أصبحت متاحة الآن في بنغلاديش، مما يمثل دفعة كبيرة للبنية التحتية الرقمية في البلاد، التي تعرضت لانقطاعات متكررة خلال الاحتجاجات العنيفة التي وقعت في يوليو الماضي. وأكد محمد يونس، الحائز على جائزة نوبل للسلام ورئيس الحكومة المؤقتة بعد فرار رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة، أن التعاون مع ستارلينك يوفر «خدمة لا يمكن تعطيلها في حال حدوث اضطرابات سياسية مستقبلية»، وفقاً لما نقلته وكالة رويترز. ويبدأ الاشتراك في باقات الخدمة بأسعار تنافسية تبدأ من 4,200 تاكا (نحو 35 دولاراً أمريكياً) شهرياً، مع دفعة أولى لتجهيز معدات الاتصال تبلغ 47 ألف تاكا، بحسب فايز أحمد طيب، مستشار رئيس الحكومة المؤقتة، الذي أشار إلى أن الخدمة تغطي كافة أنحاء بنغلاديش، بما في ذلك المناطق الريفية والحدودية التي تعاني تقليدياً من ضعف في جودة الشبكات. وتعتبر بنغلاديش أحدث دولة تنضم إلى شبكة ستارلينك العالمية التي تمتد حالياً إلى أكثر من 70 دولة، مع تركيز خاص على الأسواق الناشئة في آسيا مثل الهند وبنغلاديش، حيث تسعى الشركة إلى تعزيز الخدمات الرقمية المستقرة والفعالة. ويتوقع أن يسهم دخول ستارلينك في دفع عجلة التحول الرقمي في مجالات التعليم والصحة والخدمات الحكومية الإلكترونية، مما يقلل الاعتماد على مزودي خدمات الإنترنت التقليديين الذين تتأثر شبكاتهم في كثير من الأحيان بالعوامل السياسية والبنية التحتية الضعيفة. وفي ظل الوضع السياسي المضطرب الذي أدى إلى تشكيل حكومة مؤقتة بقيادة محمد يونس، تأتي هذه الخطوة كجزء من استراتيجية أوسع لإعادة بناء بنية تحتية رقمية مستقرة ومستدامة تضمن استمرارية الخدمات الأساسية، وتفتح الباب أمام مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع التكنولوجيا البنغلاديشي. بهذا الإطلاق، تؤكد بنغلاديش دخولها مرحلة جديدة من الاعتماد على الحلول الرقمية الفضائية لضمان التنمية والاستقرار في زمن تتزايد فيه التحديات السياسية والاقتصادية.

محمد بن سلمان...وجائزة نوبل للسلام
محمد بن سلمان...وجائزة نوبل للسلام

سعورس

timeمنذ 3 أيام

  • سعورس

محمد بن سلمان...وجائزة نوبل للسلام

وفي المشهد الدولي المعاصر، برز الأمير محمد بن سلمان، كأحد الشخصيات الأكثر تأثيرًا في تحقيق الاستقرار العالمي، من خلال دوره المحوري في تهدئة مجموعة من أخطر الأزمات الجيوسياسية المعاصرة: الأزمة بين الولايات المتحدة وروسيا، والسلام مع إيران ، وإحياء الأمل والاستقرار في منطقة مضطربة برمتها، فضلاً عن إرساء التحول الاجتماعي والإنساني والتنموي في بلاده بما جعلها نموذج تحول نادر على المستوى العالمي، وفق البنك الدولي، التابع للأمم المتحدة. وسط تصاعد التوترات بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم، الولايات المتحدة وروسيا، وما رافق ذلك من استعراضات عسكرية وتهديدات نووية متبادلة، تدخل الأمير محمد بن سلمان بحكمة وهدوء، و قاد جهود وساطة دقيقة ومعقدة ساهمت بشكل مباشر في تقريب وجهات النظر، وتهدئة المخاوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة كانت تلوح في الأفق. وقد أسهمت هذه الوساطة السعودية في دفع الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات، بعد فترة من الجمود والتصعيد، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين تحولًا محوريًا في مسار الأزمة، ونجاحًا دبلوماسيًا يُحسب للمملكة العربية السعودية ولقائدها الشاب. لم يتوقف دور الأمير محمد بن سلمان عند الوساطة بين واشنطن وموسكو، بل امتد إلى ملف سوريا ، حيث قاد مفاوضات مباشرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والسوري أحمد الشرع، أفضت إلى رفع الحظر المفروض على سوريا منذ عقدين، وهو القرار الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي نفسه، مؤكدًا أنه جاء استجابة لطلب رسمي من الأمير محمد بن سلمان. هذا الإنجاز يمثل تحولًا جذريًا في الملف السوري، ويعيد الأمل للشعب الذي عانى لأكثر من عقد من الحرب والدمار والعزلة الدولية. سبق القرار السياسي، مساعدات إنسانية غير مسبوقة قادتها المملكة إلى الشعب السوري، حيث تم تسيير جسور جوية وبرية مباشرة إلى دمشق ، محمّلة بالمواد الطبية، والغذائية، والإيوائية. وقد أشرفت على ذلك مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، في إطار دعم شامل ومستمر لتخفيف معاناة المدنيين. لم تكن تلك الجهود محصورة في الجانب المعلن فقط، بل تشير مصادر إلى أن هناك جهودًا غير معلنة بُذلت بهدوء وبعيدًا عن الأضواء، كان لها أثر بالغ في تسريع التهدئة وتحقيق الاستجابة الدولية. إن ما يقدمه الأمير محمد بن سلمان اليوم ليس مجرد أدوار تكتيكية في السياسة الدولية، بل يعكس رؤية استراتيجية تؤمن بأن السلام هو أساس التنمية والاستقرار العالمي. فجهوده لم تقتصر على المصالح الوطنية للمملكة، بل امتدت لتشمل العمل على إحلال السلم العالمي، وإنهاء النزاعات، وبناء جسور التواصل بين الأمم ، وتخفيف المعاناة الإنسانية في شتى المجالات، بما في ذلك عمليات "فصل التوائم" التي عرفت بها المملكة، والقوافل الطبية التي أعادت السمع والبصر لمئات المستفيدين حول العالم، فضلاً عن مشروع "مسام" لنزع مئات الالاف من الألغام التي زرعتها المليشيات في أنحاء اليمن، وأكثر ضحاياها من المدنيين ولا سيما النساء والأطفال. هذه الجهود مجتمعة، تعزز ترشيح الأمير محمد بن سلمان لنيل جائزة نوبل للسلام، وتضعه بين أبرز القادة العالميين الذين يستحقون هذا التكريم عن جدارة، على رغم ما يتردد عن تحيز الجائزة ضد العرب.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store