
معركة أنوال، ماذا تعرفون عنها؟
وذكرت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، أنه منذ مطلع القرن العشرين، وتحديدا منذ 1907 وإلى 1912، قاد المقاوم الشريف محمد أمزيان حركة ثورية بطولية في مواجهة الغزاة، وخاض غمار عدة معارك ضارية ضد قوات الاحتـلال الأجنبي، حقق فيها انتصارات باهرة، وظل صامدا إلى أن سقـط شهيدا في ساحة الشرف والكرامة يوم 15 ماي 1912.
وجاءت مقاومة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتعم مناطق الشمال بكاملها.
وأبرزت المندوبية أن حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية، تميزت بدقة وإحكام في التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب، وبالتخطيط المتقن، وبجودة الأداء وإصابة الأهداف، إذ كانت معركة أنوال في يوليوز سنة 1921 بمثابة الضربة القاضية للقوات الأجنبية بفضل الأسلوب المتطور في حرب العصابات واستباق الأحداث واكتساح الميدان.
فبعد مواجهات ضارية مع قوات الاحتلال، وصل قائدها العام الجنرال 'سيلفستر' الذي اشتهر بخبرته وتجربته العسكرية، على رأس قوة عسكرية لفك الحصار عن قواته، لكنه عجز واضطر إلى الانسحاب والتراجع إلى مليلية، فلاحقه المجاهدون الريفيون بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي، وتوجت هذه المعركة الكبرى التي دارت رحاها بمنطقة أنوال بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس، مما شكل ضربة موجعة للغزاة المعتدين الذين تكبدوا خسائر فادحة في الجنود والعتاد، حيث قدر عدد القتلى بالآلاف من بينهم الجنرال 'سلفستر'، بالإضافة إلى اغتنام المجاهدين لأسلحة متطورة كثيرة ومتنوعة.
وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم، التي وجدت في معركة أنوال مرجعية في استراتيجية وفنون حرب العصابات.
وأشارت المندوبية إلى أن القوات الاستعمارية منيت خلال معركة أنوال بهزيمة ثقيلة أربكت حسابات الغزاة المحتلين الذين اهتزت أركان جيوشهم الجرارة المدججة بأحدث الآليات والتجهيزات العسكرية وبقوة الحديد والنار، فاضطروا بذلك للتفاوض مع المجاهدين لحفظ ماء الوجه.
وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، حيث جرت عدة لقاءات ومحادثات مع القوتين العسكريتين، أسفرت عن قبول شرط إيقاف الحرب الريفية دون تسليم الأسلحة.
وفي هذا السياق، وبعد أن تبين للبطل الصلب محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي حقنا للدماء، وكان ذلك صبيحة يوم 26 ماي 1926.
واعتبرت المندوبية أن مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، تميز بالتحول الجديد الذي شهده مسلسل الكفاح الوطني بالانتقال إلى النضال السياسي كواجهة مواكبة ومكملة للمقاومة المسلحة، وتصدى أبناء الريف الأشاوس لما س مي بالظهير البربري الذي أصدرته سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية في 16 مايو 1930، والذي كانت تستهدف من خلاله تمزيق وحدة المغرب والتفريق بين أبنائه.
وتصاعدت بذلك وتيرة النضال الوطني بتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944 بتشاور وتناغم بين بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه وطلائع الحركة الوطنية، ثم جاءت رحلة الوحدة في 9 أبريل 1947 إلى مدينة طنجة، وخطاب جلالته التاريخي بالمناسبة، لتذكي الصراع المحتدم بين العاهل المفدى والإقامة العامة للحماية الفرنسية.
وفي هذا الصدد، اشتد الصراع في أعقاب المواقف البطولية لجلالة المغفور له محمد الخامس ومعه الحركة الوطنية في مواجهة الإقامة العامة للحماية الفرنسية التي كانت تتوهم أنها بإقدامها على فعلتها النكراء المتمثلة في نفي رمز السيادة المغربية جلالة المغفور له إلى جزيرة كورسيكا ومنها إلى جزيرة مدغشقر، يوم 20 غشت 1953، ستتمكن من إخماد جذوة المقاومة، غير أن هذه العملية الجائرة أججت وتيرة الكفاح الوطني الذي امتدت شرارته لكافة أرجاء الوطن إلى حين العودة المظفرة لبطل التحرير والاستقلال حاملا معه مشعل الحرية والاستقلال.
وأبرزت المندوبية أن أسرة المقاومة وجيش التحرير لتغتنم هذه المناسبة الغراء، لتؤكد استعدادها التام وتعبئتها المستمرة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن وحدة المملكة الترابية، وتثبيت المكاسب الوطنية.
كما تعرب عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية المسترجعة في ظل السيادة الوطنية باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية، ويحظى بدعم المنتظم الأممي، ويعتبره المراقبون والمحللون الدوليون آلية ديمقراطية لإنهاء النزاع المفتعل بالمنطقة.
واعتبرت المندوبية أن مناسبة تخليد الذكرى ال104 لمعركة أنوال المجيدة، توحي للأجيال الجديدة والمتعاقبة بواجب التأمل والتدبر واستخلاص الدروس والعبر والعظات في تقوية الروح الوطنية وشمائل المواطنة الإيجابية لمواجهة التحديات وكسب رهانات الحاضر والمستقبل تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الذي يحمل لواء بناء وإعلاء صروح المغرب الحديث وارتقائه في مدارج التقدم والازدهار، وترسيخ دولة الحق والقانون.
وبهذه المناسبة، واحتفاء بهذه الذكرى المجيدة، تنظم المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، غدا الاثنين مهرجانا خطابيا وتكريميا بمقر عمالة إقليم الدريوش، تلقى خلاله كلمات وشهادات تستحضر الدلالات الرمزية والأبعاد التاريخية لهذه المحطة الوضاءة في مسلسل الكفاح الوطني الذي خاضه الشعب المغربي دفاعا عن حمى الوطن وحياضه وثوابته.
وسيتم أيضا بذات المناسبة، تكريم صفوة من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من أفراد هذه الأسرة.
كما أعدت كافة النيابات الجهوية والإقليمية والمكاتب المحلية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ومعها شبكة فضاءات الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير وتعدادها 105 وحدة مفتوحة عبر التراب الوطني، عدة برامج أنشطة وفعاليات تربوية وثقافية وتواصلية مع الذاكرة التاريخية الوطنية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كش 24
منذ 2 ساعات
- كش 24
حرائق غابات تجتاح عدة مناطق في اليونان
تواصل فرق الإطفاء في اليونان، مدعومة بطائرات ومروحيات متخصصة، جهودها للسيطرة على حرائق غابات تجتاح مناطق عدة من البلاد، في ظل أوضاع جوية صعبة تعرقل عمليات إخماد النيران.وأفادت هيئة الأرصاد الجوية اليونانية، اليوم الأحد، بأن شمال العاصمة أثينا، وجزر إيفيا وكيثيرا وكريت، إضافة إلى شبه جزيرة بيلوبونيز، من أكثر المناطق تضررا، مشيرة إلى أن أضرارا لحقت بعدد من المنازل في شمال أثينا، حيث تواصل فرق الإطفاء التصدي للجيوب المتبقية من النيران، بعد السيطرة على الجبهات الرئيسية.ولاتزال السلطات في حالة تأهب قصوى، في وقت حذر فيه خبراء الأرصاد من ارتفاع خطر اندلاع حرائق جديدة بسبب الأجواء الحارة والجافة.وطلبت الحكومة اليونانية دعما عاجلا من آلية الحماية المدنية التابعة للاتحاد الأوروبي، إذ أفاد المتحدث باسم جهاز الإطفاء، فاسيليس فاثراكوجيانس، بأن بلاده طلبت ست طائرات، مشيرا إلى أن طائرتين من إيطاليا ستصلان في وقت لاحق اليوم.وتشهد اليونان منذ أيام موجة حر شديدة تجاوزت درجات الحرارة خلالها 40 درجة مئوية، فيما فاقمت الرياح القوية من احتمالات اندلاع حرائق واسعة النطاق. اقرأ أيضاً مسؤول برازيلي: تهديدات ترامب تدفعنا لتعزيز العلاقات مع الشركاء في 'بريكس' قال سيلسو أموريم، مساعد الرئيس البرازيلي للشؤون الدولية، إن تهديدات الرئيس دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على البرازيل دفعتها نحو تعزيز علاقاتها مع شركائها في مجموعة "بريكس". وذكر أموريم، في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية، أن تصرفات ترامب "تعزز العلاقات مع مجموعة بريكس" لأن البرازيل "تريد تنويع العلاقات وعدم الاعتماد على دولة واحدة". وأكد أموريم أن السلطات البرازيلية تنوي أيضا، التعاون بشكل أوثق مع دول أخرى في أوروبا وآسيا وأمريكا الجنوبية. وفي حديثه عن ترامب، قال المسؤول البرازيلي إن الرئيس الأمريكي "يفتقر للأصدقاء، ولا توجد لديه مصالح، بل فقط الرغبة". وأعرب أموريم عن اعتقاده بأن تصريحات ترامب بشأن محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو (2019-2022) تشكل تدخلا في الشؤون الداخلية للبلاد بروح استعمارية. وكان ترامب قد انتقد القيادة البرازيلية، بسبب مسار محاكمة الرئيس السابق بولسونارو. وأعلن ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع البرازيلية اعتبارا من الأول من أغسطس. ومن جانبه وعد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالرد بالمثل إذا لم يعيد ترامب النظر في قراره بحلول نهاية يوليو. واعتبر لولا دا سيلفا تصرفات الرئيس ترامب بمثابة تدخل في شؤون بلاده وقال: "هذا تدخل من دولة في الشؤون السيادية لدولة أخرى. هذا أمر غير مقبول". دولي إطلاق صاروخ 'فيغا-سي' الأوروبي بنجاح أعلنت وكالة الفضاء الأوروبية عن نجاح إطلاق الصاروخ الأوروبي "فيغا-سي" من مركز كورو الفضائي في غويانا الفرنسية، في موعده المحدد، حاملا خمسة أقمار صناعية إلى الفضاء. وذكرت الوكالة أن أربعة من هذه الأقمار هي من طراز "CO3D" أطلقت بهدف إنتاج خرائط ثلاثية الأبعاد عالية الدقة لكوكب الأرض، بمدة تشغيلية تمتد لنحو ثماني سنوات. أما القمر الصناعي الخامس، ويحمل اسم "ميكروكارب"، فقد صمم لرصد مصادر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ومصارفه على مستوى العالم، في خطوة تعزز الجهود الدولية لمكافحة التغير المناخي. ويعد هذا الإطلاق الثالث من نوعه من مركز كورو الفضائي خلال عام 2025، والثاني لصاروخ "فيغا-سي"، في حين من المرتقب تنفيذ إطلاق جديد باستخدام الصاروخ الأوروبي "أريان 6" في غشت المقبل. دولي بعد قطع امدادات الغاز.. نظام الكابرانات يبتز تونس كهربائيا بأسعار خيالية في تحرك جديد يكشف توترا مكتوما بين الجارتين، عمد النظام الجزائري إلى وقف ضخ الغاز نحو تونس، ما دفع الأخيرة إلى اللجوء لشراء الكهرباء من الجزائر نفسها بأسعار فلكية تفوق كلفتها بثلاثة أضعاف، في مشهد يُظهر استغلالا فجا للطاقة كسلاح ابتزاز سياسي. وحسب تقارير مسربة، ارتفع سعر الكيلوواط المستورد من الجزائر إلى 11 دولارا، في وقت تمارس فيه السلطات الجزائرية ضغطا مباشرا على تونس لدفع أكثر من 130 مليون دولار خلال أيام، ملوّحة بقطع التيار بشكل شامل في حال التأخر عن السداد. وتعكس هذه التطورات تحول ملف الطاقة إلى ورقة ضغط بدل أن يكون مجالا للتعاون الإقليمي، حيث تواجه تونس أزمة حادة في الإنتاج الكهربائي، في ظل محطات شبه متوقفة وميزانية منهكة لا تقوى على مجاراة الشروط الجزائرية المجحفة. ويرى مراقبون أن هذا التصعيد ينزع عن الجزائر صفة الشريك الإقليمي، ليضعها في خانة الدولة الضاغطة التي تسعى لفرض سياسة الأمر الواقع على جيرانها، في تناقض صارخ مع الخطاب الرسمي الجزائري عن تضامن مغاربي وتكامل اقتصادي. ويبدو أن الرسالة باتت واضحة لتونس، ضرورة كسر الارتهان الكهربائي للجزائر عبر تنويع الشركاء، وتأمين استقلالها الطاقي، لتفادي تكرار سيناريو الضغط السياسي تحت غطاء تجاري. دولي


صوت العدالة
منذ 2 ساعات
- صوت العدالة
المديرالجهوي للثقافة يمنع من دخول مهرجان الروايس بالدشيرة الجهادية
رشيد أنوار / صوت العدالة إستمرت المهازل التنظيمية لغاية اليوم الأخير من فعاليات الدورة 13 من المهرجان الوطني لمهرجان الروايس المنظم تحت الرعاية الملكية السامية، وبشراكة بين وزارة الثقافة وجماعة الدشيرة الجهادية وعمالة إنزكان أيت ملول، حيث تم منع المدير الجهوي لوزارة الثقافة رفقة مجموعة من الأسماء الساهرة على التنظيم ، حيث عاينت الجريدة المسؤول الجهوي يحاول الدخول بعدما خرج ، إلا ان عناصر القوات المساعدة التزمو بالتعليمات القاضية بعدم السماح إلا لمن يحملون الشارات . المشهد اثار موجة من السخرية ، بعدما تعاملت الجهات المنظمة ( مديرية الثقافة ) بسياسة الآذان الصماء ، حيث تم الاستغناء عن الصحافة المحلية و الوطنية ، و الاعتماد على منابر معدودة على رأس الأصابع ، في ضرب صارخ لحرية التعبير ، ناهيك عن عدم إيلاء المهرجان ما يستحقه من الدعاية و الإشهار، او ندوة صحفية تليق بمقامه و سبق ان افتتح المهرجان على إيقاع رداءة الصوت، وغياب أي هندسة سمعية احترافية. فنانات وفنانون يُغنون في فراغ صوتي، وسط صدى مزعج، وتقطعات متكررة، تعكس انعدام الحد الأدنى من التجهيز. هذا و ينتظر المتتبعون للشأن المحلي و الثقافي بالجهة ، تحرك المدير الجهوي الجديد لوضع حد لهاته المهازل التى ضربت مهرجانا ذو دلالة رمزية ، و اتخاذ اجراءات في حق المقصرين ، و فتح قنوات التواصل مع الصحافة المحلية و الوطنية ، و القطع مع ممارسات الكولسة و الابواب الموصدة التى تخفي وراءها أشياء ستفضحها الايام .


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
استطلاع: المغاربة يثقون في الجيش والأمن ولا يثقون في الحكومة
كَشَفَ استطلاع حديث أن المغرب يقود تحولا لافتا في دعم الديمقراطية ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث سجل المواطنون تأييداً غير مسبوق لهذا النظام بوصفه الأفضل للحكم. غير أن هذا التأييد تجاوز الفهم التقليدي المرتبط بإجراء الانتخابات، ليتمحور أكثر حول مطالب ملموسة تتعلق بالكرامة والعدالة والمساواة والأمن الاقتصادي، ما يعكس تحولا نوعياً في تصورات المواطنين لمفهوم الديمقراطية، الذي بات مشروطاً بتحقيق نتائج واقعية بدل الاكتفاء بالإجراءات الشكلية. وبحسب تحليل أصدره 'الباروميتر العربي'، استناداً إلى أكثر من 15 ألف مقابلة أجريت وجهاً لوجه في ثماني دول ما بين عامي 2023 و2024، فإن أغلب المواطنين في المنطقة يربطون الديمقراطية ارتباطاً وثيقاً بقدرتها على تلبية الحاجات الأساسية وحماية الحقوق وضمان العدالة، وهو ما يفسر تزايد مطلب الكرامة الشخصية كجزء لا يتجزأ من أي نظام ديمقراطي مأمول. وفي ما يتعلق بالثقة في الأجهزة الأمنية، أظهر الاستطلاع أن 8 من كل 10 مغاربة يثقون في الشرطة، بينما تبلغ نسبة الثقة في القوات المسلحة 88 بالمئة، مسجلة بذلك زيادة قدرها 12 و11 نقطة مئوية على التوالي مقارنة بعام 2022. ويبدو أن هذه المستويات المرتفعة من الثقة تنعكس في تقييم المواطنين لأداء الحكومة في هذا المجال، حيث عبّر 80 بالمئة عن رضاهم عن خدمات الأمن والنظام، بارتفاع قدره 23 نقطة مئوية مقارنة بسنة 2018، رغم بقاء النسبة دون مستوى 2016 حين بلغت 90 بالمئة. وفي مؤشر آخر على التحول الإيجابي، ارتفعت الثقة في النظام القضائي بشكل لافت، حيث قال 74 بالمئة من المغاربة إنهم يثقون بمحاكمهم ونظامهم القضائي، مقارنة بـ56 بالمئة قبل عامين، أي بزيادة بلغت 18 نقطة مئوية. وامتد هذا الاتجاه إلى المجتمع المدني، حيث أعرب 7 من كل 10 أشخاص عن ثقتهم في منظماته، وهي قفزة تُعزى جزئياً إلى جهود تلك الهيئات خلال زلزال شتنبر 2023، ما أدى إلى تسجيل ارتفاع حاد بواقع 22 نقطة مقارنة بعام 2022. أما في ما يخص الثقة في الحكومة، فلم يطرأ عليها تغيير يذكر خلال السنوات الأخيرة، إذ عبّر ثلث المغاربة فقط عن ثقتهم الكبيرة أو الكبيرة جداً في الحكومة الحالية، وهو مستوى يقل بعشر نقاط عن النسبة المسجلة في 2016، التي بلغت حينها 43 بالمئة، وكانت الأعلى في تاريخ استطلاعات الباروميتر في المغرب. وتظهر البيانات أن مستوى الثقة يتأثر بشكل واضح بالدخل والتعليم، إذ أن الأشخاص القادرين على تغطية نفقاتهم يبدون ثقة مضاعفة تقريباً مقارنة بغيرهم، كما أن الحاصلين على تعليم جامعي يثقون بالحكومة أكثر بـ13 نقطة من ذوي التعليم الثانوي أو الأدنى. وتنطبق الاتجاهات ذاتها على رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إذ أفاد 30 بالمئة من المستجوبين بأن لديهم ثقة كبيرة أو متوسطة فيه. وتُظهر الأرقام أن هذه الثقة مدفوعة بالدرجة الأولى من الشرائح ذات الدخل المرتفع والمستوى التعليمي العالي، في انعكاس واضح للفوارق الاجتماعية والاقتصادية التي باتت تلعب دوراً محورياً في تشكيل مواقف المواطنين من الأداء السياسي.