
حتى أنت يا حفتر!
من الصّور المؤلمة والمخزية التي ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات العربية وتابعها العالم كلّه هذه الأيام، تعرّض عشرات الناشطين المتضامنين مع الأطفال والنساء والشيوخ المجوّعين في غزة، للضرب والإهانات والتنكيل والاحتجاز والترحيل في سرت الليبية ومصر، لأنهم حاولوا إغاثة الفلسطينيين المجوّعين ونقل ما تيسّر لهم من مساعدات في إطار قافلة مغاربية تحمل اسم 'قافلة الصمود'!
هؤلاء الناشطون من تونس والجزائر وموريتانيا وبلدان عربية وأوروبية عديدة آلمهم ما رأوه من صور يندى لها الجبين عن أطفال تحوّلوا إلى هياكل عظمية يكسوها جلد رقيق، بفعل التجويع المنهجي المتواصل منذ أشهر في غزة، وأفجعهم ما سمعوه من أخبار موت العديد من الأطفال والكبار جوعا، فتحرّكت فيهم روح الأخوّة الإسلامية والعربية والإنسانية وقيم النخوة والشهامة والأنفة، وتداعوا إلى تشكيل قافلة تحمل غذاء وماء وأدوية ومساعدات شتّى لهؤلاء المجوّعين، ثم انتظموا في 20 حافلة و350 سيارة وشاحنة لإيصال المعونات إلى غزة برّا عن طريق تونس وليبيا ومصر، وهذا أقلّ واجب يمكن أن يقدّموه لهؤلاء المجوّعين منذ 20 شهرا من الحرب.
انطلقت القافلة من تونس وانضمّ نحو 200 جزائري إلى إخوانهم التونسيين، ومرّت بسلام في الأراضي التونسية في طريقها إلى ليبيا؛ فتونس معروفة بتضامنها الكامل مع فلسطين وترفض أيّ شكل من أشكال التطبيع الذي يسمّيه رئيسها قيس سعيّد باسمه الحقيقي وهو 'الخيانة'، ولا يمكن أن تعرقلها أو ترفض السماح لها بالمرور إلى الأراضي الليبية، وهناك قابلتها أيضا السلطات الشرعية في طرابلس بالترحاب، وانضمّ إليها الكثير من الليبيين وغيرهم، فأصبح عددهم نحو 1500 ناشط عربي وأوروبي، في حين فضّل آخرون السفر جوّا من أوروبا إلى القاهرة لانتظار القافلة والانضمام إليها في مصر، لكنّ سلطاتها شرعت في التضييق عليهم، ومصادرة جوازاتهم وهواتفهم، واحتجازهم لنحو 13 ساعة كاملة، قبل أن تهاجمهم فجأة مجموعة من 'البلطجية' وترشقهم بالحجارة والشماريخ والزجاجات الفارغة وتضربهم بالهراوات، فأصابوا العديدين بجراح وكدمات ومنهم برلمانيان من الكويت وتركيا، والتقطت كاميرات الهواتف هذه الصور المخزية وبثّتها للعالم كلّه ليرى إلى أيّ درجة انحطّت أخلاق بعض العرب الذين تجرّدوا من كلّ قيم الإسلام والعروبة وحتى الإنسانية وباتوا ظهيرا مناصرا للكيان الصهيوني الفاشي في جرائمه الحاقدة، وإلا كيف يقوم هذا الكيان البغيض بتجويع 2.3 مليون فلسطيني، ويقتل كل يوم العشرات من منتظري المساعدات أمام مراكز توزيع الغذاء بغزة، ثم يقوم هؤلاء 'البلطجية' بضرب من يتعاطف مع هؤلاء المجوّعين المستضعفين وإهانتهم على أرض الكنانة؟ أليس هذا تكاملا للأدوار وسفالة وحقارة وخيانة لا تغتفر؟
وحينما كان الناشطون العرب، ومنهم جزائريون، يهانون في مصر وهم ينتظرون وصول 'قافلة الصمود' إلى هناك، كانت القافلة قد وصلت إلى شرق ليبيا الذي يسيطر عليه المنشقّ خليفة حفتر، المدعوم من الإمارات ومصر، وهناك تعرّضت إلى ما يشبه الحصار بذريعة ضرورة الحصول على رخصة للمرور، لكنّها لم تحصل قطّ على الرخصة، بل تعرّض 15 ناشطا للاعتقال إلى حدّ الساعة، ومنعت عن البقية إمدادات الغذاء والماء والدواء، وضغط عليهم حتى أجبروا على الإعلان عن تخلّي القافلة عن هدفها بالدخول إلى مصر، ولا ريب أنّ حفتر قد تلقى 'طلبا' مصريا بمنعهم هناك وعرقلتهم، وامتثل له على الفور لأنّ القاهرة تدعّمه في صراعه مع حكومة طرابلس منذ سنوات، ولا يمكن أن يرفض لها طلبا، فضلا عن توجّهاته التطبيعية أيضا؛ فقد أرسل ابنه صدام حفتر إلى تل أبيب في الفاتح نوفمبر 2021، بوساطة من الإمارات وتشجيع منها، ليطلب دعما عسكريا وسياسيا من الصهاينة مقابل تطبيعه معهم حينما يصل إلى الرئاسة، والحمد لله أنّ الانتخابات الرئاسية المقرّرة، آنذاك، في ديسمبر 2021 لم تجر ولم يصل هذا المطبّع إلى الحكم.
إنّ ما حدث في ليبيا ومصر مع الناشطين في 'قافلة الصمود' من ضرب وإذلال وقمع ومنع من إيصال المساعدات إلى غزة، يبقى وصمة عار في جبين من قام بهذه الجرائم النكراء، كما يعبّر عن مدى الانحطاط والهوان الذي بلغه بعض العرب، ومدى تخلّيهم عن الفلسطينيين وقضيتهم العادلة وانبطاحهم المطلق للصهاينة، فالقضية قضية شعب محاصر مجوّع ومهدّد بالتهجير وليست قضية 'حماس' وحدها.. ولكنّها غزة الكاشفة التي فضحت كل الخونة والعملاء والمتصهينين وأسقطت عنهم آخر أوراق التوت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشروق
منذ 5 ساعات
- الشروق
حتى أنت يا حفتر!
من الصّور المؤلمة والمخزية التي ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات العربية وتابعها العالم كلّه هذه الأيام، تعرّض عشرات الناشطين المتضامنين مع الأطفال والنساء والشيوخ المجوّعين في غزة، للضرب والإهانات والتنكيل والاحتجاز والترحيل في سرت الليبية ومصر، لأنهم حاولوا إغاثة الفلسطينيين المجوّعين ونقل ما تيسّر لهم من مساعدات في إطار قافلة مغاربية تحمل اسم 'قافلة الصمود'! هؤلاء الناشطون من تونس والجزائر وموريتانيا وبلدان عربية وأوروبية عديدة آلمهم ما رأوه من صور يندى لها الجبين عن أطفال تحوّلوا إلى هياكل عظمية يكسوها جلد رقيق، بفعل التجويع المنهجي المتواصل منذ أشهر في غزة، وأفجعهم ما سمعوه من أخبار موت العديد من الأطفال والكبار جوعا، فتحرّكت فيهم روح الأخوّة الإسلامية والعربية والإنسانية وقيم النخوة والشهامة والأنفة، وتداعوا إلى تشكيل قافلة تحمل غذاء وماء وأدوية ومساعدات شتّى لهؤلاء المجوّعين، ثم انتظموا في 20 حافلة و350 سيارة وشاحنة لإيصال المعونات إلى غزة برّا عن طريق تونس وليبيا ومصر، وهذا أقلّ واجب يمكن أن يقدّموه لهؤلاء المجوّعين منذ 20 شهرا من الحرب. انطلقت القافلة من تونس وانضمّ نحو 200 جزائري إلى إخوانهم التونسيين، ومرّت بسلام في الأراضي التونسية في طريقها إلى ليبيا؛ فتونس معروفة بتضامنها الكامل مع فلسطين وترفض أيّ شكل من أشكال التطبيع الذي يسمّيه رئيسها قيس سعيّد باسمه الحقيقي وهو 'الخيانة'، ولا يمكن أن تعرقلها أو ترفض السماح لها بالمرور إلى الأراضي الليبية، وهناك قابلتها أيضا السلطات الشرعية في طرابلس بالترحاب، وانضمّ إليها الكثير من الليبيين وغيرهم، فأصبح عددهم نحو 1500 ناشط عربي وأوروبي، في حين فضّل آخرون السفر جوّا من أوروبا إلى القاهرة لانتظار القافلة والانضمام إليها في مصر، لكنّ سلطاتها شرعت في التضييق عليهم، ومصادرة جوازاتهم وهواتفهم، واحتجازهم لنحو 13 ساعة كاملة، قبل أن تهاجمهم فجأة مجموعة من 'البلطجية' وترشقهم بالحجارة والشماريخ والزجاجات الفارغة وتضربهم بالهراوات، فأصابوا العديدين بجراح وكدمات ومنهم برلمانيان من الكويت وتركيا، والتقطت كاميرات الهواتف هذه الصور المخزية وبثّتها للعالم كلّه ليرى إلى أيّ درجة انحطّت أخلاق بعض العرب الذين تجرّدوا من كلّ قيم الإسلام والعروبة وحتى الإنسانية وباتوا ظهيرا مناصرا للكيان الصهيوني الفاشي في جرائمه الحاقدة، وإلا كيف يقوم هذا الكيان البغيض بتجويع 2.3 مليون فلسطيني، ويقتل كل يوم العشرات من منتظري المساعدات أمام مراكز توزيع الغذاء بغزة، ثم يقوم هؤلاء 'البلطجية' بضرب من يتعاطف مع هؤلاء المجوّعين المستضعفين وإهانتهم على أرض الكنانة؟ أليس هذا تكاملا للأدوار وسفالة وحقارة وخيانة لا تغتفر؟ وحينما كان الناشطون العرب، ومنهم جزائريون، يهانون في مصر وهم ينتظرون وصول 'قافلة الصمود' إلى هناك، كانت القافلة قد وصلت إلى شرق ليبيا الذي يسيطر عليه المنشقّ خليفة حفتر، المدعوم من الإمارات ومصر، وهناك تعرّضت إلى ما يشبه الحصار بذريعة ضرورة الحصول على رخصة للمرور، لكنّها لم تحصل قطّ على الرخصة، بل تعرّض 15 ناشطا للاعتقال إلى حدّ الساعة، ومنعت عن البقية إمدادات الغذاء والماء والدواء، وضغط عليهم حتى أجبروا على الإعلان عن تخلّي القافلة عن هدفها بالدخول إلى مصر، ولا ريب أنّ حفتر قد تلقى 'طلبا' مصريا بمنعهم هناك وعرقلتهم، وامتثل له على الفور لأنّ القاهرة تدعّمه في صراعه مع حكومة طرابلس منذ سنوات، ولا يمكن أن يرفض لها طلبا، فضلا عن توجّهاته التطبيعية أيضا؛ فقد أرسل ابنه صدام حفتر إلى تل أبيب في الفاتح نوفمبر 2021، بوساطة من الإمارات وتشجيع منها، ليطلب دعما عسكريا وسياسيا من الصهاينة مقابل تطبيعه معهم حينما يصل إلى الرئاسة، والحمد لله أنّ الانتخابات الرئاسية المقرّرة، آنذاك، في ديسمبر 2021 لم تجر ولم يصل هذا المطبّع إلى الحكم. إنّ ما حدث في ليبيا ومصر مع الناشطين في 'قافلة الصمود' من ضرب وإذلال وقمع ومنع من إيصال المساعدات إلى غزة، يبقى وصمة عار في جبين من قام بهذه الجرائم النكراء، كما يعبّر عن مدى الانحطاط والهوان الذي بلغه بعض العرب، ومدى تخلّيهم عن الفلسطينيين وقضيتهم العادلة وانبطاحهم المطلق للصهاينة، فالقضية قضية شعب محاصر مجوّع ومهدّد بالتهجير وليست قضية 'حماس' وحدها.. ولكنّها غزة الكاشفة التي فضحت كل الخونة والعملاء والمتصهينين وأسقطت عنهم آخر أوراق التوت.


أخبار اليوم الجزائرية
منذ 10 ساعات
- أخبار اليوم الجزائرية
التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات
مراصد إعداد: جمال بوزيان ما يزال طوفان الأقصى كاشفا.. التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ. ///// بلا مواربة أ.د.هاشم غرايبة على مستوى أمتنا وبعد مرور عشرين شهرا على معركة طوفان الأقصى المجيدة باتت الأمور مكشوفة فمن كان قلبه عليها وغاية مراده انتصارها واستعادتها مجدها الغابر ارتفعت روحه المعنوية لشحنة الأمل الهائلة التي زودته بها حركة المقاومة الإسلامية لتثبت أن الإيمان الصادق يصنع المعجزات فيعوض التباين الهائل في القدرات العسكرية والتقنية. أما من كان في قلوبهم مرض فقد تلقوا ضربة قاسية فسكتوا بداية فلم يجرؤوا على إظهار مشاعرهم الحقيقية بل تظاهروا بتأييد المقاومين مع محاولة إنكار البعد الإسلامي الذي صنع هذه البسالة مؤملين أنفسهم أن يتم القضاء عليهم سريعا لكنهم مع مرور الأيام ومع فشل العدوان على شراسته بدت خيبة أملهم فلم يتمكنوا من كتمان ما تكنه صدورهم من حقد على متبعي منهج الله فبدت ألسنتهم تكشف ما في نفوسهم من البغضاء. هذه الفئة التي كانت تمثل معسكر المنافقين التاريخي كانت متخفية وراء شعارات زاهية فظل تمييزها عن المخلصين الحقيقيين للأمة صعبا على الكثيرين كونها تدعي أنها وباتخاذها منهجا بديلا لمنهج الله فإنها بذلك تسعى لمصلحة الأمة وتهدف لتحقيق تقدمها بمنهج حداثي أكثر نفعا وجدوى. لكنها بعد هذه المعركة الفاصلة بات من السهل تحديدها بل أصبح تمييز مكونات هذا المعسكر واضحا بيّنا. الفئة الأولى الأهم هي أنظمة سايكس-بيكو الحاكمة ورهطها وأدواتها الترويجية من مشايخ طاعة ولي الأمر وهؤلاء هم الأسطع وضوحا منذ تأسيسها قبل قرن إذ أنها ملتزمة على الدوام بإملاءات من أوجدها المستدمر الغربي والتي مهما حاولت الادعاء بأن قراراتها استجابة للمصلحة الوطنية والقومية فإنها كانت تفشل في اقناع المواطنين بأنها نابعة من قناعاتها وليست مفروضة عليها من أولى أمرها. لقد كان لعملية طوفان الأقصى وقوعا مزلزلا على هذه الفئة وربما لا تقل هولا عن الصدمة التي تلقاها المعسكر الصهيو- صليبي فقد أسقطت كل مقولاتهم عن عدم قدرة الأمة على مواجهة العدو وأنه لا مناص أمامها غير الإذعان لشروطه وتقبل هيمنته بـ التطبيع كما دحضت كل حججهم للبطش بالإسلاميين بادعاء أنهم يتاجرون بالدين. أما الفئة الأخرى من المنافقين فهم خليط متنوع من المسيسين الذين يتبعون منهجا فكريا منافسا للمعارضين الإسلاميين وكانت حجتهم أن الإسلاميين عملاء لـ الغرب فكانت عملية طوفان الأقصى ورد الغرب العنيف عليها قاصمة لادعائهم ذاك وكاشفة للسبب الحقيقي لعدائهم لهم وهو أنهم لافتقارهم للشعبية في مجتمع يعادون منهجه الإسلامي فهم يعتقدون أن فرصهم ستتعزز بالقضاء على جماعة الإخوان المسلمين أو بقمعهم على الأقل لذلك فهم يفرحون بكل ما يصب في ذلك الاتجاه ويكرهون أن ينسب فضل الى أي فئة تنتهج الإسلام. يضاف لهؤلاء المسيسين فئة غير مسيسة من الذين يستطيبون القعود ولا يحبون بذل الجهد ولا الجهاد لذلك يكرهون أن يقوم نظام سياسي يتبع منهج الله ويطبق الإسلام. ومعهم فئة أخرى من المواطنين غير المسلمين فهؤلاء لا يريدون أن تقوم للإسلام دولة حسدا من عند أنفسهم أو تخوفا منهم أنها ستغمطهم حقوقهم. لوجاهة ما سبق ذكره يلزم الوعي لأساليبهم الخبيثة التي تصب بلا شك في القضاء على الروح الجهادية التي أحيتها عملية طوفان الأقصى وإشاعة الانهزامية في الأمة وتقبلها التطبيع مع العدو وبث الإحباط في نفوس المقاومين وقاعدتهم الشعبية الحاضنة في القطاع لكسر شوكتهم والقضاء على فكرة المقاومة. في هذه الحالة يحسن بنا الاستنارة بالتجربة الأفغانية. كثيرون منا انساقوا وراء الإعلام الغربي المضلل وأذنابه بيننا فتكونت لديهم فكرة مزورة وهي أن حركة طالبان الأفغانية تتكون من أفراد متشددين جاهلين رافضين للعلم والتحضر ويمنعون تعلم الفتيات. والحقيقة عكس ذلك تماما فالحركة الأفغانية أُسِّستْ أصلا بين طلاب الجامعات وليس بين الأميين كما يزعم معادو الاسلام لذلك فقياداتهم يحملون الشهادات العلمية وليست تخصصاتهم مقتصرة على العلوم الدينية بل على العلوم التقنية والتطبيقية أيضا. بعد احتلال بلادهم حاول الغرب تحويلها الى العلمانية على يد عملائهم من الأنظمة العميلة ففشلوا بسبب صمود المقاومة الإسلامية طالبان وبعد زمن يئس المستدمر وانسحب فزال الزبد وهرب أذنابه المحليون في ساعة واحدة وتسلم المقاومون السلطة بلا قتال وبدؤوا في العمل لنهضة بلادهم. الخلاصة أنه لا يحيي العزائم غير الإيمان ولا يتحقق الصمود إلا بالتلاحم بين القاعدة الشعبية والمقاومة. ///// فقه التعامل مع قانون الأسباب والمسببات أ.د.غازي عناية إنّ التعامل مع قانون الأسباب والمسبّبات ينسجمُ مع مِعياريْ الحياتين الدُّنيا والآخرة. وتُحشرُ النفس البشريَّةَ في زاوية حادة مُصطلحها: إنَّ التمايزَ بين الأفرادِ حصريًا يكمنُ في توحيد العبودية لله وليسَ بالمالِ أو الدنيا فقط. فالسعادةُ الدُّنيويةُ لا تكمنُ في ملك المال فقط فقد أعطاهُ الله للمؤمن والكافر مثل: سليمان وذو القرنين من المسلمين. والنمرود وقارون من الكافرين. فصاحبُ المال يستطيعُ أن يشتري جامعةً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتريَ أستاذًا. وقد يشتري مستشفىً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتري صحةً. وقد يشتري صاحبُ المال فنًا ولكنه لا يستطيع أن يشتري حُبًا. وقد يستطيع أن يشتري كُتبًا عديدة ولكنه لا يستطيع أن يشتري ثقافةً. وقد يستمتع بضوء القمر ولكنَّهُ لا يستطيع أن يقتنيَهُ. وقد يشتري ماءً ولكنّه لا يستطيع أن يشتري سحابًا. فالمال دينامو الحياة الدُّنيا ويتحكمُ في حركة الحياة ولكنَّهُ ليس هو الحياةُ بحدِّ ذاتها. فالحركةُ ولود باستعمالِ المال والسكينةُ عاقِر بعدم استعمالهِ. وبعبارة أخرى: فالعبرةُ تكمنُ في الأفعال وليس في القول أو الانفعالات كما يدّعي بعض أولاد الذوات. قال تعالى: ((يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (3) )). سورة الصف الآيتان 2 – 3. ومن الحكمة القول: إن جزالة وبلاغة اللغة العربية قد تجعلُ الأشياءَ تنطق أحياناً وهي صَوامِتْ وما كلُّ ما صمتَ يَنْطِقْ. وما كلُّ صمت في هذه الحياةِ مذموم. فَصمتُكَ وقت فوزك ثقة. وصمتُك وقت غضبك قوة. وصمتُك وقت عملك إبداع. وصمتُك وقت سُخريتهم تَرَفّع. وصمتُك وقت نصيحة النّاس لك أدب. وصمتُك وقت حزنك صبرٌ واحتساب. وصمتك في صلاتك خشوع. نقولها بكلِّ ثقة: إنَّ الصّمتَ في معرضِ الجمالِ جمال. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ العدالةِ عدالة. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الكِبرياءِ كِبرياء. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الهوانِ هَوان. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الحاجةِ إلى بيان بيان. إنَّ التفاعل بين الفقهِ وبين قانون الأسباب والمسبّبات لا يتعارضُ مع مِعياري الدُّنيا والآخرة. وكِلا المِعياران يُسندانِ بعضهما. ولكن يجبُ أنْ نُذكّر أنّ الله في سُننهِ الحياتية الكونية لم يجعل من الدُّنيا مُشبِعةً كافيةً ومهما أوتيْت من مباهِجها. فالإنسانُ خُلِق في كَبَدْ. ويُحاولُ طيلة حياتهِ الظَّفر بسعادتها ولم يُفلح وفَشِلَ وما يزال ألا وهيَ الرّاحةُ النّفسية. فالمجتمعات غير الإيمانية التوحيدية حللّت كل ما هو حرام وحرمت كل ما هو حلال لِتَسْعدَ في حياتها الدُّنيا ومع ذلك لم تَسْعَدُ. وقد حللّوا جميع المأكولات والمشروبات والمُنكرات بما فيها الخِنزير والضفادع والحلزونات والخفافيش والأفاعي والحشرات والكحول والخمور بأنواعها والمخدرات وأحلّوا الانتحار والقتل الرحيم للنفس والجنس المحرّم والمِثلية وغيرها وحللوا أكل الضفادع والحلزونات والخفافيش والتي سببت لهم الكوارث الصحية كوباء كوفيد 19 وغيرها. ومع ذلك فشلوا ولم يَسْعدوا لأنهم أهملوا الجانب الإيماني التوحيدي الأخروي. ولم يفطنوا إلى أنَّهُ بذكر الله تتطمئن القلوب. إنَّ مِنَ الحماقةِ والغَباء أن يتمنّى الإنسانُ شيْئًا دونَ تعاطي السّبب للحصولِ عليه. وهذا سواء للدُّنيا او الآخرة. فمن الغباءِ أنْ يتمطّى ربُّ الأسرةِ أمام وبيْنَ زوجتهِ وأولادهِ ويتعاطى سُموم النيكوتين مُتمنيًا أن يأتيه الرِّزقُ بدون تعاطي الأسباب وهو يعلم أنَّ السّماءَ لا تمطرُ ذهبًا ولا فِضّة. وقد وصفَ الأديب المِصري مصطفى صادق الرافعي مثل هذا بالغريق الأحمق قائلاً: ((ويحهُ من غريق أحمق يرى الشاطئَ على بُعد منهُ فيمكثُ في اللّجةِ مُرتقبًا أنْ يسبحَ الشاطئُ إليه... ويَثبتُ الشاطئُ ويَدعَ الأحْمَقَ تذوبُ ملحةُ روحهِ في الماء!)). إنَ الإنسانَ مرهونٌ في حياتهِ الدُّنيويةِ والأخرويةِ بتفعيل قانون الأسباب والمُسبّبات. وقد قال التّابعي الجليل خالد بن معدان: ((ما من عبد إلا ولهُ أربعُ أعين: عيْنان في وجههِ يُبصرُ بِهما أمر الدُّنيا وعيْنان في قلبهِ يُبصرُ بِهما أمرَ الآخرة. وإذا أراد الله بعبد غير ذلك تركهُ على ما هوَ عليه ثم قرأ أم على قلوب أقفالها)). سورة محمد الآية 24. وقد أنكرَ التّابعي الجليل عبد الله بن المُبارك على المُسلمِ – وإنِّ ادّعى الإيمان – إغفالهُ عن تعاطي أسباب الرَّفاهيةِ في الدُّنيا: كالرِّزق والصِّحة والحركة.. وكذلك مُنْكِر أسباب الدّعاء لضمان العفو الرَّباني ودخول الجنّة. وبمثل هؤلاء العلماء الأجلاّء يجب أن نقتدي بهم وبعلومهم وصلاحهم وأخلاقهم.. فقد كانوا شديدي الخوف والرَّقابة لله تعالى بحيثُ يمكننا القول: إنَّ مثل هذا الخوفْ كان السّكة الرئيسة التي تكوّنت بها أخلاقهم وسارت عليها بحيثُ لم يشهدِ التّاريخُ مِثلَهُم قط.. ///// تجربتي مع مقاطعة المواد الصهيونية سلاف العنقاء إن مقاطعة البضائع الصهيونية علمتني العديد من الدروس وغيرت في نفسي الكثير.. المقاطعة جعلتني أشعر بالحيرة وتلك الحيرة لذيذة.. المقاطعة جعلتني أفكر كثيرا.. أكسبتني مشقة البحث عن البدائل وكل هذا يولد في نفسي شعور الجهاد نعم المقاطعة جهاد مصغر يطوع النفس ويروضها..!. المقاطعة جعلتني أتحرر.. وأتنفس جيدا.. حرية لم أشعر بها من قبل.. نحطم بها شيئا من هذا الحصار الاستهلاكي الغربي الذي فرضناه على أنفسنا لسنوات..!. المقاطعة تجعلك تشعر بالغربة وأنت ترى الكثيرين ممن حولك لا يمارسونها بل ربما لا يأخذونها على محمل الجد أصلا.. وهذا يجعلك تؤمن بجهادك أكثر ويؤجج روح العزم في داخلك..!. إضافة لكل هذا جعلتني المقاطعة أكتشف بدائل أخرى أفضل وألطف..!. المقاطعة جعلتني أدرك أن الحياة لا تتوقف على شيء.. ولا عند فرد.. ها قد قاطعت الكثير والكثير من المنتجات لسنتين أو أكثر وما أزال أتنفس وأعيش.. وربما أفضل من ذي قبل. أؤمن بقول الله جل وعلا: إن الله لا يضيع أجر المحسنين و ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب و والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا . رغم أني لا أراني مقاطعة بنسبة مئة بالمئة وما يزال مشوار المقاطعة طويلا وشاقا إلا أنه لا يمكنني إلا أن أقول في النهاية: المقاطعة ليست تفضلا منا وإنما هي قطرة ماء في بحر الجهاد.. أتمنى أن يسقينا الله بها زلالا يوم العطش الأكبر..!. ///// حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة


خبر للأنباء
منذ 2 أيام
- خبر للأنباء
السؤال الغبي: مع من تقف.. إيران أم إسرائيل؟
سؤال يتردد هذه الأيام، وهو سؤال غبي يعبر عن خواء أصحابه.. إذ من السفه أن يقوم الضحايا بالمفاضلة بين جلاديهم. لكنّ ما يستفز المرء هو من يلجأ للمربع الديني ويرفع عقيرة "الولاء والبراء"، معتبرا ايران (مسلم مبتدع) في مواجهة كافر صريح. وهنا يلزمنا التوقف وإطلاق الحسرة على الجهل المطبق الذي يشمل قطاعا من أبناء الأمة بعضهم حريص بالفعل على أخوّة الدين، ولا ينكر فظائع إيران في حق الأمة، لكنه ينحاز لها.. ولهؤلاء نقول: - بالمنطق العددي فإن الحاصل وفقا للأستاذ حارث الشوكاني هو أن "العدو الصهيوني الذي قتل خمسين ألف فلسطيني وهدم غزة على رؤوس ساكنيها يتقاتل مع العدو الإيراني الذي قتل مليون مسلم في العراق ومليون مسلم في سوريا ونصف مليون في اليمن وهدم عدة مدن في العراق وسوريا، وهجّر ملايين في العراق وسوريا واليمن.. ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله. (ناب كلب في راس كلب)". انتهى كلام الأستاذ حارث. - وبالمنطق الأمني الإقليمي والمحلي فإن إسرائيل كيان مزروع واضح الهوية، ومغاير الديانة، وليس لديه امتدادات عرقية أو دينية داخل الأقطار العربية، عكس إيران التي تسمي نفسها إسلامية وتهدم الإسلام من داخله، ولديها أقليات باطنية داخل مجتمعاتنا العربية. بالتالي فإن ثمة مناعة في الجسد العربي والإسلامي من أية دسائس أو تغلغلات تحمل طابع إسرائيل بينما المناعة ضعيفة تجاه الفرس الذين استخدموا رفض العرب للاحتلال الاسرائيلي باباً للتغلل وحصد الشعبية، ولقد سقط القناع الفارسي عند الغالبية، وكما يقول المثل اليمني "آخرة المحنش للحنش". - بالمنطق الديني فإن المعركة هي بين أهل الكتاب من اليهود المحتلين، وبين الذين أشركوا (نظام الملالي). ولنا أن نعود إلى مطلع سورة الروم حيث أخبر الله بأن الروم (النصارى) غُلبوا من قبل الفرس (المجوس)، وأن الروم سينتصرون مجددا في بضع سنين، منحازا إلى الكتابيين وواصفا إياهم بالإيمان (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله). لا أحد مخدوع بإسرائيل لكن من خدعته شعارات إيران ويعتبر نظام الملالي مسلما فإنه إما جاهل بنظام الملالي أو جاهل بالإسلام، أو متواطئ مع المحتل الفارسي. الخلاصة أن التعاطف مع إيران الملالي يدل على خفة في العقل ورقة في الدين، أما الحديث عن إسرائيل فليس موضع خلاف بل هو موضوع مزايدة. حتى إن الموقف العربي الرافض للاحتلال الاسرائيلي، كما أسلفنا، كان بوابة المجوس للتغلغل في مجتمعاتنا وتفكيك انظمتنا الوطنية. وخلاصة الخلاصة أن هذا التصارع بين عدوين هو رحمة من الله وحكمة.. فلا تلتفتوا لمحدودي المعرفة ولا تضيعوا على أنفسكم قطف العبرة المستحقة من هذا كله.